العبودية بعد عمليات التجميل 

عندما يعمل موظف براتب أو حتى رتبة أقل مما يستحق نظير الشهادة الأكاديمية التي يحملها أو الخبرة التي يمتلكها فهو يعاني من العبودية. عندما تعمل موظفة في عمل لا يحترم ضعفها كأنثى، فهي واقعة تحت مقصلة العبودية. وعندما يضطر طفل إلى ترك مقاعد الدراسة لينضم لقائمة العمال فهو الآخر يلحق بركب العبودية! فالاستعباد يتشكل بأوجه مختلفة، وقد نكون جميعاً نستعبد آخرين، أو ربما يُمارس علينا الاستعباد بوعي منا أو من غير وعي! فعندما تجبر على القيام بأعمال إضافية غير تلك المتفق عليها في عقد العمل، أو تجبر على البقاء لساعات إضافية تصل عند البعض إلى 16 ساعة في اليوم، فقط لسد النقص في عدد الموظفين كي لا يتحمل رب العمل تكلفة توظيف موظف جديد فأنت واقع تحت أمرة سيد يتلذذ باستعباد الآخرين! وما الذي يمنعه مادام يجني الأرباح الشهرية التي تغريه يوماً بعد يوم للاستمرار في سياسة استعباد من يلهث ليسد جوعه وجوع عياله؟ وإن كنت من أولئك فأنت عبد لا محالة! 

فالعامل أو الأجير الذي يعمل في بيئة عمل لا تتوافر فيها مقومات السلامة المناسبة، وتتعرض حياته للخطر فهو يُستعبد مقابل حفنة من الريالات أو الدنانير! وتلك الخادمة أو مدبرة المنزل إن شئنا أن نطلق عليها لنُخلص أنفسنا من تأنيب الضمير والتي تعمل لساعات غير محددة من الصباح الباكر قبل أن نستيقظ وحتى نغلق نحن أعيننا فهي من الرق والعبيد ولكن بعد أن أجرينا على ألفاظنا عمليات التجميل. قائل سيقول: ومن أجبرهم على الاستمرار أو تقبل هذا الوضع المهين والمشين، فالدنيا واسعة وعليهم البحث عن عمل آخر، وأقول: لنكن صادقين مع أنفسنا، فرص العمل في العالم أجمع في تقلص، وأعداد العاطلين في زيادة مرعبة، وإن كان ذاك أوفر حظاً كونه من حملة الشهادات، فإن ذاك العامل البسيط سيتشبث بالعمل الذين بين يديه كما يتشبث الهاوي من مرتفع بأي شيء قد يمر من أمامه. وإن دعت البعض الحاجة إلى تجرع العلقم المر من الأوضاع والصبر عليها، فإن ذلك لا يعني استغلال حاجتهم للعمل وممارسة صنوف أنواع العبودية التي تهين من كرامتهم قبل أن تدمرهم جسدياً ونفسياً وحتى اجتماعياً، بل وترجعنا إلى زمن ظننا يوماً أنه قد ولى وليس له من عودة أو رجعة. 

ياسمينة: نحن نساهم في استمرار ظاهرة الرق، وإن انسلخ المفهوم من العبودية وتجمل بمسميات أخرى كموظف، أو عامل، أو حتى مدبرة منزل!
وصلة فيديو المقال 

https://www.instagram.com/p/BTwVzZ9jB-h/

عندما يعمل موظف براتب أو حتى رتبة أقل مما يستحق نظير الشهادة الأكاديمية التي يحملها أو الخبرة التي يمتلكها فهو يعاني من...

إقرأ المزيد »

أن تكون رسولا

​تفقدت حقيبتها، فجن جنونها، أين محفظتي؟ لابد أن واحدة من الطالبات قد امتدت يداها طويلاً فسرقتها، جرت نحو غرفة الإدارة شاكية الطالبات، فالمحفظة كانت في الحقيبة، وليس لها بطبيعة الحال أرجل لتخرج منها! هدأت المشرفات من روع المعلمة وبدأن بجرد ملفات الطالبات، باحثات عمن لهن سوابق، فكان لهن ما أردن، إحدى الطالبات لها سوابق! إذن هي السارقة بعينها، ولا أحد سواها!. وجهت لتلك الطالبة الاتهام، نكرت، ورفضت الاتهام جملة وتفصيلا، واقسمت بأغلظ الأيمان بأنها بريئة ولكن لا أحد منهن صدقتها. هددوها باستدعاء ولي أمرها، ولم تجد أدمعها بالتوسل بعدم ارتكابها لذاك الجُرم. مرت ساعات الدوام المدرسي ثقيلة على الطالبة المحطمة نفسياً، والمشهر بها بين الطالبات بأنها السارقة التي لم تحترم مربيتها. وعادت المعلمة للمنزل وهي حنقة على الطالبة لتفاجأ بأن المحفظة لم تبرح مكانها، وهي على طاولتها في المنزل!. هل سيفيد بعد كل ذلك اعتذار المعلمة للطالبة؟ وهل هدية ستقدمها لها مثلاً لتعبر من خلالها عن أسفها سيبرئ الجرح العميق الذي تسببته لتلك المراهقة التي وبلاشك غرقت حتى أذنيها في الخجل أمام زميلاتها ولذنب لم تقترفه أصلاً؟ وإن كانت من ذوات السوابق، فهل ذلك يعطي الحق للمعلمة اتهامها قبل التأكد التام من ارتكابها لهذه الجريمة؟ أليس من واجب المعلمة -كمربية فاضلة- أن تتأكد من جميع الأماكن التي ارتادتها لتتفقد ما ضاع منها، قبل أن توجه سيل اتهاماتها للطالبة؟

إن تصرفا بهذا التسرع، الفاقد للتأني، لا يتناسب مع شخصية المربي، الذي عليه ان يكون قدوة لطلبته، والذي غالباً ما يترك أثراً نفسياً عميقاً لديهم طوال أعمارهم. فطالبة مثل تلك، حتى وإن تابت والتزمت بالسلوك السوي، إن احاطتها هذه النظرة الشكاكة في تصرفاتها، وعدم تصديقها هل سنتوقع منها التوبة النصوح؟ 

إن كان المربون يرددون دوماً شطر البيت الشعري:

كاد المعلم أن يكون رسولا.. عليهم فعلاً أن يكونوا كذلك، وأن يقتدوا بالرسل بأخلاقهم والتي منها بألا يقذفوا طلبتهم ويتهموهم جزافا!، مثل هذه النماذج السلبية بين المربين حتماً لا تشمل الجميع، فهناك نماذج جميلة، تؤكد على أن بعض المربين يتحلون بخُلق عظيم، يحبب الطلبة بهم، ويحببهم بالمادة الدراسية التي يدرسونها، وكم هو جميل تعبير طلبة إحدى المدارس الإعدادية في إحدى الدول الخليجية، عندما حضروا جميعاً حفل عقد قرآن مدرسهم، بل واحتفوا به مبتهجين عندما حضر أول درس له معهم بعد قرآنه، مقدمين له الهدايا والحلوى، ومرددين له أهازيج الزواج، وكل ذلك يعكس مدى معاملته الجميلة لهم. 

ياسمينة: لا نعمم، ولكن لنذكر بأن للمعلم هيبة، ولوظيفته قدسية عليه أن يحترمها، ليُحترم.

وصلة فيديو المقال 

https://www.instagram.com/p/BTd_5XYDRPu/

​تفقدت حقيبتها، فجن جنونها، أين محفظتي؟ لابد أن واحدة من الطالبات قد امتدت يداها طويلاً فسرقتها، جرت نحو غرفة الإدارة شا...

إقرأ المزيد »

الجماد أغلى من بعض البشر 

عند الإشارة الضوئية، وحالما توقفت السيارات لضوئها الأحمر، قفز أحد الشباب من مقعده ليتفقد مقدمة سيارته، التي كما يبدو أنها تعرضت لضربة خفيفة أو ما شابه في هيكلها الخارجي أثناء قيادته لها، أخذ يتفحص، ويمسح بيده عليها مراراً وهو ينفخ عليها ليتأكد إن ما من شيء قد أصابها، تنفس الصعداء وطفق إلى مقعده مرة أخرى قبل أن ينزعج السّواق الآخرون من تأخره في تحريك سيارته. 

تصرف هذا الشاب جعلني أفكر ملياَ، ماذا لو تصرفنا جميعاً كما تصرف هذا الشاب، ليس مع سياراتنا بالطبع، ولكن مع بعضنا البعض كبشر، ماذا لو حملنا لبعضنا البعض ذات المشاعر التي نحملها لبعض مقتنياتنا من الجماد، والتي بعضها نغليها فنحافظ عليها، ونبعدها عن كل ما قد يتلفها أو حتى يحدث فيها أي خدش أو ضرر. 

لما لا نتفقد ذاك الأخ الذي قد سمع منا كلاماً دون قصد فأزعجه، فنتأكد أن تلك الكلمات لم تضره نفسياً أو تحبطه، لما لا نتأسف لتلك الأخت التي جُرحت مشاعرها بقصد أو حتى دون قصد، فنعتذر منها كي لا تترك تلك الكلمات ندوباتها على مشاعرها. لما لا نعتذر لذاك الزميل الذي قد فهمنا خطأ، وأثر ألا يقترب منا أكثر بعد أن أخذ موقفاً دون علمنا. تلك الزوجة والزوج وبعد سوء الفهم والخلاف والشجار لما لا تكون الكلمات الحانية أولى الكلمات التي يتقربون فيها من بعضهما البعض، بدلاً من توجيه سهام الانتقادات، والرمي باللائمة كل على الآخر، وكأن المشاعر أرخص وأقل أهمية من كل ما نقتنيه من جماد يعز علينا كسياراتنا الفارهة، أو مجوهراتنا وقطع الأثاث النادرة أو حتى ملابسنا التي نعتز بها وخصوصاً لدينا نحن الفتيات. 

ليتنا نعلم ونتعلم أن الكلمة التي تخرج وتجرح تترك ندوباتها في أنفس الكثيرين، وجرحها يكون غائراً في النفس كلما كانت تلك الكلمة من عزيز أو قريب، قد ينسى من تكلم وجرح، ولكن لن ينساها قلب من كُسر ولم يجبر. ليتنا نتعظ فكما لممتلكاتنا والجماد من حولنا عمر افتراضي فالبشر أعمارهم أقصر، وإن العمر قد لا يمهلنا لنقول عذراً لم أقصد! عاهد نفسك أن تعامل من تحب على أقل تقدير كما تعامل ذاك الجماد الذي لا يتنفس. 

ياسمينة: مهما كان نوع الجماد الذي تقدسه، قل إن عائلتي، وأهلي واصدقائي إلى نفسي أقرب. 
وصلة فيديو المقال 

https://www.instagram.com/p/BTQfw26jHPI/

عند الإشارة الضوئية، وحالما توقفت السيارات لضوئها الأحمر، قفز أحد الشباب من مقعده ليتفقد مقدمة سيارته، التي كما يبدو أنه...

إقرأ المزيد »

وانتحرت اﻹنسانية 

​بغض النظر عن الأسباب التي دعت الخادمة الأثيوبية إلى الإقدام على الانتحار في إحدى الدول الخليجية، وبعيداً عن حالتها النفسية وقواها العقلية اللذين سلباها حُسن التصرف حينها، هل أصبح هوس التصوير للتفاعل مع المتابعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي أهم بكثير من حياة البشر عندنا؟ هل اللايكات باتت أكثر متعة لدينا من مد يد العون ومساعدة الآخر، أو حتى إنقاذه من هلاك هو مقدم عليه لا محالة؟ هل تحجرت القلوب لدرجة متابعة مشاهد ما قبل الموت؟ وكأن الموت أصبح مشهداً تُقتنص لحظاته لنصوره ونشاهده ونحن مسترخون على كراسينا الوفيرة، وليكون مادة دسمة لإطلاق النكات و«المسخرة» على إنسان فقد عقله في لحظات وقرر إنهاء حياته!. 

مؤمنة بأن الإنسان المقدم على الانتحار يصل في لحظات إلى مرحلة الجنون التي تفقده عقله فلا يدرك حجم ما هو مقدم عليه من إزهاق روحه بنفسه، فسيل العواطف القوية هي التي تجرفه لا أفكاره العقلية، وبالتالي أنت تتعامل مع إنسان مريض حد الجنون، وثني مقدم على الانتحار عملية ليست بالسهلة وأشبه بمحاولة إقناع طفل بعدم التهام حلوى في قبضة يده.

لا ننكر الموقف الصعب الذي وضعت فيه صاحبة المنزل تلك «المعزبة» والتي لا تحسد عليه إطلاقاً، فليس من السهل أبداً مواجهة موقف إقدام شخص على الانتحار، فسرعة التصرف وحسنه قد لا يملكها الكثيرون منا في مثل هذه المواقف، ولكن ما يثير الاستغراب حقاً هو إنها وكما يبدو من نبرة صوتها خلال عملية التصوير إنها لم تكن مرتبكة، وهي تلتقط الثواني الأخيرة من حياة تلك الإنسانة، التي وكما يبدو إنها وبعد أن قررت أن تضع حداً لحياتها، وواجهت الموت وجهاً لوجه استرجعت عقلها وأخذت تطلب النجدة والمساعدة، وبدلاً من أن تتدارك «المعزبة» صاحبة المنزل الموقف، وتستجيب لنداء إنسانة تستغيث، وتحاول ولو لمجرد المحاولة أن تنقذ حياتها، تركتها لتصارع الموت لوحدها، لتتفرغ هي لعملية التصوير، والتعليق على المشهد! والتي كان عليها وكأضعف الإيمان أن تكسب وقت ذاك التصوير في طلب نجدة رجال الشرطة أو الدفاع المدني أو أي شخص آخر يمكن أن ينقذها. 

ياسمينة: لطف الله بهذه الإنسانة فلم تلق حتفها، ولكن من بيننا من فقدوا الإنسانية والرحمة، وفقدوا أنفسهم وهم أحياء. 
وصلة فيديو المقال 

https://www.instagram.com/p/BSoHJj8DkPc/

​بغض النظر عن الأسباب التي دعت الخادمة الأثيوبية إلى الإقدام على الانتحار في إحدى الدول الخليجية، وبعيداً عن حالتها النف...

إقرأ المزيد »

لا تموت فقيراً 

مخطئ من يكرر على مسامع أطفاله جملة: أدرس كي تحصل على وظيفة جيدة في المستقبل!، فمن باب أولى بعد مرور الآباء بتجارب الحياة أن يكرروا على مسامع أطفالهم جملة «أدرس لتنهل العلم والمعرفة، ولتتعلم من أين يمكنك أن تحصل على المال كي لا تموت فقيراً»، فالوظيفة ما هي إلا مصدر للدخل، تؤمن له مصروفاته وتعيل عائلته وقد تمتعه حيناً من الزمن، ولكنها وفي نهاية المطاف وبعد الإحالة على التقاعد لن تكون إلا فتات من الأموال التي قد لا تكفي لقائمة الأدوية، ولحساب المستشفيات، وربما لراتب الخادم الذي سيحتاجه في مساعدته في تدبير أموره الحياتية، فالأجدى أن يعلم ابنه كيف لا يفني حياته في عمل أرباحه لغيره، فيموت فقيراً غير مأسوف عليه. لنعلم أطفالنا، بأن باب الرزق لا يتوقف عند مكتب، ووظيفة محددة بدوام رسمي، لنعلمهم بأن هكذا وظائف لا تنظر إلى الموظفين سوى جسراً يبلغ فيه صاحب العمل أهدافه ويراكم من خلاله أرباحه، وإن عقله سيبقى داخل الصندوق وسيحرم نفسه من الإبداع والانطلاق نحو حياة قد يتفاجأ هو من مدى جمالها لو خرج من إطار الصندوق الذي حصر نفسه بداخله. الخوف قد يكون هو السبب الرئيسي الذي يدفع الكثيرين إلى الجمود وتقبل الأمر الواقع، وهو الذي يمنع آخرين أيضاً من الإقدام على تغيير حياتهم، فيبقون في حالهم السيئ سنوات طويلة وربما حتى نهاية أعمارهم، دون أن يحاولوا ولو لمجرد محاولة أن يجدوا طريقاً آخر غير البقاء وانتظار وظيفة ما بعد التخرج من الجامعة. فالركون في زاوية والمشي بمحاذاة الحائط خوفاً من خسارة القليل الموجود، يخالف كل تجارب من نجد أسماءهم اليوم في قائمة الأغنياء أو حتى أثرياء العالم. كثيرة هي تجارب من حولنا، فمنهم من تنبه لهذا الأمر متأخراً بعض الشيء فتلاحق نفسه بالتجارة، ومنهم من فطن للأمر منذ البداية فنال ما نال من نصيبه من العلم وأسس مشروعه الخاص، وبدلاً من أن يكون موظفاً أصبح في مقتبل العمر صاحب عمل خاص! فتقدموا على أقرانهم من الموظفين بمراحل، فالحياة تحتاج منا المجازفة والمخاطرة، وألا نقيد أيدينا بأنفسنا وتبقى أعيننا تنظر للضفة الأخرى الأجمل دون أن نحاول أن نعبر الجسر حتى وإن كان مليئاً بالأشواك والعثرات. فكما يقول المؤلف روبرت تي في كتابه الأب الغني والأب الفقير، إن هناك أسرارا يعلّمها الأثرياء ولا يعلّمها الفقراء لأبنائهم عن المال، والتي منها ألا ينتظروا وظيفة ما بعد التخرج من الجامعة، بل يسعوا لخلق وظائفهم بأنفسهم. ياسمينة: قد فاز باللذات من كان جسورا.

وصلة فيديو المقال 
https://www.instagram.com/p/BSbFLSvjtb2/

مخطئ من يكرر على مسامع أطفاله جملة: أدرس كي تحصل على وظيفة جيدة في المستقبل!، فمن باب أولى بعد مرور الآباء بتجارب الحياة...

إقرأ المزيد »

هل قلتَ فاشلات ؟!

ياسمين خلف 
لا شيء يخجل صديقتي ويجعلها تنكمش على نفسها أكثر من سؤالها عن مهنتها أو الوظيفة التي تشغلها، فهي وبعد زواجها وأمومتها، تركت العمل مرغمة لتتفرغ لمسؤوليتها الجديدة. حاولت لفترة أن تجمع بين مسؤوليتها كزوجة وأم وبين العمل، ولكن ظروف قاهرة أجبرتها على ترك العمل لتحمل اليوم لقب ربة منزل.. إلا أنها لم تعد تحتمل كما تقول كلمات التجريح واللمز والهمز من البعض عندما تجيبهم بأنها «ربة منزل»، فتفكر ملياً في العودة للعمل لا لحاجة مادية، كما تقول وإنما لتعيد لنفسها المكانة الاجتماعية التي كانت تتمتع بها. 

مشكلة صديقتي هذه ليست من صنيع أفكارها، بل من صنيع فكر مجتمع ينظر للأسف إلى ربات البيوت نظرة لا أقول دونية، ولكن أقول بنظرة أقل مما يستحقن فعلاً، إذ تُبخس من حقها في مقابل تبجيل من تعمل، فتضع للأخيرة ألف حساب في حين لا تدير بالاً لربة المنزل، فتشعرها أنها وإن لم تكن من أولئك النساء الموظفات، فهي بلا قيمة ولا أهمية!. 

ولنقلها صراحة قد تُحترم الموظفة عند البعض أكثر من تلك ربة المنزل، حتى وإن كانت تلك الموظفة فاشلة في منزلها وفي وظيفتها كزوجة وأم.. فكثيرات لا يمكنهن التوفيق بين كفتي ميزان العمل والمنزل، وكثيرات منهن يجعلن من العمل أولوية، فيكون الزوج والأبناء الضحية، ولكن من يعلم بها وهي داخل جدرانها الأربع؟ فكل ما يعرفونه أنها موظفة ناجحة. 

من قال إن ربات البيوت نساء فاشلات؟ إن نظرنا خلفنا سنجد أن أكثر جداتنا وأمهاتنا قد قمن بمسؤوليات تعجز الكثير من الموظفات القيام بها، ومن ربط التخلف وحتى محدودية التعليم بمن وجدت من منزلها أولوية تستدعي منها التفرغ لها؟ فإن نظرنا حولنا سنجد أن بيننا ربات منازل يحملن شهادات أكاديمية عالية تصل حتى إلى الدراسات العليا، ولكنهن آثرن التفرغ لمسؤولياتهن كزوجات وأمهات، ما دام العمل لا يشكل لهن ضرورة، فيجبرن على الخروج للعمل. 

وظيفة الأم والزوجة أصعب من الكثير من الوظائف التي لا تتطلب الكثير من المجهود، فالعمل في المنزل لا يتوقف على مدار الساعة، فلا إجازات، ولا راتب، ولا مكافآت أو حوافز، ربة المنزل تدير كل الأمور مجتمعة التربوية منها والصحية، والنفسية، والاجتماعية، والغذائية، والسلوكية، والرجعي هو من ينتقص من دور ربات البيوت وليس تلك التي نذرت نفسها في بناء أمة. 

ياسمينة: لا تخجلي وأرفعي رأسك فوظيفتك مقدسة.
وصلة فيديو المقال 
https://www.instagram.com/p/BSG3FfMjoxn/

ياسمين خلف  لا شيء يخجل صديقتي ويجعلها تنكمش على نفسها أكثر من سؤالها عن مهنتها أو الوظيفة التي تشغلها، فهي وبعد زو...

إقرأ المزيد »

وقلبه عليّ حجر

بكم من الريالات والدنانير يمكن أن نعوض الأم منذ ظهور أعراض الحمل عليها من غثيان، ودوخة، وحالة من التعب والإرهاق وربما الاكتئاب، إلى مرورها بالأشهر التسعة من الحمل وما يصاحبه من ألم في حزام الحوض ومشاكل صحية كارتفاع ضغط الدم، والإصابة بسكر الحمل، أو فقر الدم، وتمزق الجلد وتمدده بل وترهله بعد الولادة، والتعرض لهشاشة العظام؟ ما هي التعويضات التي يمكن أن تُطالب بها أي أم أبنائها على رضاعتها إياهم حولين كاملين، وعلى سهرها الليالي الطوال على راحتهم، وتربيتهم، وتدريسهم، ووو…، حتى ليعجز الواحد منا عن حصر ما تقوم به الأمهات لأبنائهن إلى أن يشتد عودهم ويستقلوا بحياتهم، وإن كان الأغلبية العظمى منهم لا يستغنون عن خدمات أمهاتهم حتى بعد زواجهم وقيامهم بأدوار الأمهات والآباء. ليست بمزحة، ولا هي شطحة من شطحات الخيال، فعلاً. ما هي حجم التعويضات التي يمكن أن نقدرها للأم على تضحياتها، وتعبها، وخدماتها اللامحدودة؟ بالله عليكم هل حفنة من الريالات أو الدنانير يمكن أن تعوض أي أم على ما تبذله في سبيل أبنائها؟ سؤال على قدر سذاجته وغير واقعيته إلا أنه يفرض نفسه بقوة عندما نسمع إن أحدهم – في دولة خليجية – رغم تعديه الخمسين من عمره قد طالب أمه السبعينية أمام المحكمة بأن تعوضه بمبلغ مالي نتيجة الأضرار النفسية التي تعرض لها هو وزوجته وأطفاله بعدما زُج به بالسجن لمدة شهر واحد بعد توقيفه على ذمة قضية. والقضية إن هذا الرجل -إن كان فعلاً يمكننا أن نطلق عليه هذا اللفظ أصلاً- قد دفع أمه التي توجهت إليه لمعانقته فأوقعها أرضاً مما أدى لإصابتها بإصابات طفيفة! يا الله، أمه تريد معانقته فيدفعها ويوقعها أرضاً ويسبب لها بعض الإصابات! غضب باقي أبنائها «إخوته» فدفعوها للبلاغ ضده في مركز الشرطة، والتي بدورها رفعت القضية للنيابة العامة باعتبارها تهمة اعتداء على سلامة جسم الغير، فأوقف على ذمة التحقيق، إلا أن قلب الأم لم يرتض له ذلك فعادت لتبرئ ابنها، وتدعي أنها هي من سقطت من تلقاء نفسها، وأن ابنها لم يدفعها أرضا. وبعد براءة الابن جاء لينتقم من أمه فطالبها بتعويض مالي أمام القاضي الذي باغته بسؤاله: وإن عجزت عن دفعه، هل ستطالب بحبسها؟ رغم إجابته بالنفي، إلا أن الطعنة التي وجهها إلى قلب أمه وإن لم تنزف منها دماً، قد قتلها بها، ليكتب اسمه من العاقين، الذين لم يثمر فيهم خيرا، فبكم يعوض الأبناء أمهاتهم؟. 

ياسمينة: الأم أمان، وفقدانها حرمان، لن يعرف الأبناء معنى ذلك إلا بعد أن يتبع اسمها برحمها الله. 
وصلة فيديو المقال 

https://www.instagram.com/p/BRz0kq9jp1NC0f306EPWq0I8tA2w8RKNnnhSyY0/

بكم من الريالات والدنانير يمكن أن نعوض الأم منذ ظهور أعراض الحمل عليها من غثيان، ودوخة، وحالة من التعب والإرهاق وربما ال...

إقرأ المزيد »

!سؤال محظور ومستفز 

​من أكثر الأسئلة إحراجاً للنساء عموماً وممن تخطين حاجز الثلاثين عاماً خصوصاً سؤالهن عن أعمارهن، فتجدهن يراوغن إن لم يتهربن من الإجابة عن هذا السؤال الأكثر مقتاً لديهن. وإن لم يكن بُداً من الإجابة، فهن غالباً ما يكذبن، متحملات وزر كذبهن على أن يعترفن بأعمارهن الحقيقية؛ فالمرأة بطبيعتها تتمنى أن تبقى طيلة سنوات حياتها صغيرة في السن لما يقترن صُغر السن بالجمال والنضارة والقوة. فتراهن يتشبثن بالشباب محاولات قدر استطاعتهن أن يبدين يافعات صغيرات مهما بدت عليهن علامات التقدم في السن، ويتوجسن خيفة من مرحلة الشيخوخة التي ترعبهن وتقضي على مضاجعهن. 

أكثر ما قد يفرح المرأة أن يتوقع الآخرون بأنها أصغر بكثير من عمرها الحقيقي، وكم تحنق على ذاك الذي يُخمن بأنها أكبر من عمرها البيولوجي، فتعتبرها إهانة إن لم تعتبره سباً وذماً لا تغتفر ذنبه. 

وليس من المستغرب ابداً أن تجد من تجاوزت الستين من عمرها، تؤكد وبإصرار على أنها لم تصل إلى الأربعين من عمرها! أليس من بيننا نساء يؤكدن بأنهن في الخامسة والثلاثون منذ عشر سنوات وأكثر! هي حقيقة لا تُخفى على أحد، فتلك طبيعة أغلب النساء، وان لا ننفي الشواذ منهن ممن لا يجدن أي غضاضة أو حرج من الاعتراف وبكل صدق عن أعمارهن.

ولأننا جميعاً ندرك هذه الحقيقة لما لا نحترم خصوصية المرأة ونراعي مشاعرها، فليس من الذوق ولا من الأدب أن يسأل رجل امرأة عن عمرها إن لم يكن السؤال ضرورياً لإجراءات رسمية. وإن يكن، فحتى مع الحاجة إلى الرقم الشخصي أو ضرورة الحصول على تلك المعلومة لإنهاء بعض المعاملات الرسمية لما لا يُطلب من المرأة كتابة الرقم على ورقة لتسلمها للموظف المعني بالأمر بدلاً من الإعلان وبصوت مرتفع يسمعه القاصي والداني عن عمرها الذي تتكتم عليه وتخفيه، فتُحرج المرأة وتضطر مرغمة على كشف شأن خاص بها، تعتبره سراً لا تود إطلاع الآخرين عليه. 

ومع ذلك ولنعترف جميعاً، لم تعد النساء وحدهن يعتبرن أعمارهن سراً يجب عدم البوح به، أو السؤال عنه، فالرجال اليوم يحرصون كل الحرص على عدم الإفصاح عن أعمارهم شأنهم بذلك شأن النسوة، فالأمر بات اليوم سيان. فلنحفظ تلك الخصوصية التي لن تكلفنا شيئاً بل ستزيدنا وداً واحترام. 

ياسمينة: الأعمار عند النساء تحسب بطرح السنين لا بجمعها، كما يقول أحد الفلاسفة.
وصلة فيديو المقال 

https://www.instagram.com/p/BRiO8xvjwGfU1zllBwx2OXL4_qOuprrzZIArRA0/

​من أكثر الأسئلة إحراجاً للنساء عموماً وممن تخطين حاجز الثلاثين عاماً خصوصاً سؤالهن عن أعمارهن، فتجدهن يراوغن إن لم يتهر...

إقرأ المزيد »

ما الداعي للدروس الخصوصية؟

بقلم: ياسمين خلف

سوف آخذ ابني «للتوشن» بعد تناوله وجبة الغذاء مباشرة. عند أي معلمة تأخذين ابنتك للمراجعة عصراً؟ أتعرفين أحداً يراجع للطلبة؟ وأسئلة من هذا القبيل تجدها حاضرة منذ الأسابيع الأولى من بدء الدراسة، ليدخل الطالب وأهله في دوامة من الواجبات المنزلية، والدروس الإضافية والمشاريع الطلابية، حتى لا يكاد لهم جميعاً تنفس الصعداء، إلا وقد حل الليل وأرخى سدوله ليستعدوا للنوم، وليستعدوا ليوم حافل يبدأ وينتهي بالدراسة والواجبات التي لا تنتهي، وكأن الحياة فقط دراسة ولا شيء آخر غير الدراسة. 
بالله عليكم، ألم تعد الدروس الخصوصية جزءًا لا يتجزأ من حياة أغلب إن لم يكن السواد الأعظم من الطلبة؟ ألا يدل ذلك على قصور في المدارس ومدرسيها؟ إن كان المدرس يقوم بواجبه في تعليم الطلبة بأمانة فهل سيحتاج الطلبة إلى دروس خاصة عصراً؟ لا خلاف هناك طلبة مستوياتهم الدراسية أقل من أقرانهم وبحاجة إلى تقوية، وهم وحدهم من يحتاج إلى دروس خصوصية إن تطلب الأمر، لا أن يكون الأمر سواء بالنسبة لجميع الطلبة على اختلاف مستوياتهم الدراسية، فحتى الشاطر منهم تجده بحاجة إلى تلك الدروس لتأدية ما يصعب عليه من فروض، فأين إذن دور المدرس في المدرسة؟ أليست تلك وظيفته؟ حتى أولئك المتدنون دراسياً من واجب المدرسة أن تخصص لهم حصصاً للتقوية لا أن تدفع بهم إلى أخذ دروس خاصة عصراً، مرهقة للطالب أكثر مما قد تنفعه، وترهق أهله مادياً. 
قائل سيقول وأين الأم إذن؟ فعليها مهمة تدريس ابنائها، وأقول ليس تلك وظيفتها، فليست كل أم ملمة بالمناهج الجديدة، وليست كل أم متقنة للغة الإنجليزية التي هي اللغة المستخدمة في مدارس اليوم، كما أنها لم تكن يوماً معلمة لتجيد عملية تدريس الأطفال كما هو الوضع بالنسبة للمدرسين الذين قضوا سنوات في الدراسة الجامعية للتأهل لعملية التعليم، ويتقاضون اليوم أجراً على مهمتهم تلك، ناهيك عن أن الأم وخصوصاً من لها عدة أبناء وفي صفوف ومراحل دراسية مختلفة- بطبيعة الحال- كيف لها أن تتفرغ لتدريس جميع المواد لجميع أولئك الأبناء؟ والطامة الكبرى إن كان لدى كل واحد منهم امتحان أو اثنان في يوم واحد. فليقم كل بدوره ليرتاح الجميع. 



ياسمينة: لو قام كل مدرس بوظيفته كما ينبغي لما اضطر الأهالي إلى اللجوء للدروس الخصوصية. 


وصلة فيديو المقال 


https://www.instagram.com/p/BRQQb1sDrUzdKlZ1OcefizZ_i0X5w0RC-IhktI0/

​بقلم: ياسمين خلف سوف آخذ ابني «للتوشن» بعد تناوله وجبة الغذاء مباشرة. عند أي معلمة تأخذين ابنتك للمراجعة عصراً؟ أتعرفين...

إقرأ المزيد »

ارحموا اعصابنا 

بقلم: ياسمين خلف

بقصد أو دون قصد، قد يقوم الواحد منا بأفعال أو يقول أخبارا تضر أطرافا أكثر مما تنفعهم، فبعض الكلمات لها وقع السيوف فتقتل. فإن هي صدرت عن جاهل فسنعذره، ولكن أن تصدر من أناس من المفترض أنهم في مواقع مسؤولية فلا عذر لهم ولا مبرر، ولابد من توجيههم للالتفات إلى ما قد سهوا عنه، ومعاقبتهم إن لزم الأمر إذا تجاهلوا تلك الممارسات وأصروا عليها مستكبرين. 
المرضى، وخصوصاً أولئك الذين لزموا أسرتهم البيضاء لفترة لمعاناتهم من الأمراض المزمنة أو الميؤوس منها فأقعدتهم في المشافي أكثر مما أبقتهم في منازلهم، مرضى بالإضافة إلى معاناتهم الجسدية يعانون من هشاشة نفسياتهم التي غدت أقل قدرة على احتمال أية أخبار أو قصص مؤلمة، فما قد يحتمله الإنسان الطبيعي لا يحتمله ذاك المريض أسير السرير، المحصور بين جدران أربعة تفترسه الآلام كل حين. ودور الأطباء ممن يشرفون على علاجهم، والممرضين ممن يتابعون أدويتهم كبير في رفع معنوياتهم ومساعدتهم لأن يفكروا بإيجابية لمقاومة المرض والتغلب عليه، لا أن يكون دورهم عكسيا يزيد من إحباطهم ويبث اليأس في نفوسهم. 
فما الداعي أو المبرر الذي يدفع بممرض أن ينقل لمريض خبر موت زميل له يعاني من ذات المرض؟ وما الذي سيجنيه هذا الطبيب إن أخبر مريضة أن تلك التي تجاورها الغرفة أصيبت بانتكاسة مفاجئة أدخلتها العناية القصوى وأن حالتها ميؤوس منها وأن الموت أقرب إليها من العودة للحياة، أمثل هذه الأخبار تُنقل لمريض يصارع المرض أو ربما الموت؟ أمثل تلك الأخبار تتداول أمام مريض الأجهزة من حوله والإبر تغرز في كل أنحاء جسمه؟ ما الرسالة التي يريد ذاك الطبيب أو الممرض أن يرسلها للمريض؟ أن دوره قد اقترب، وأن مصيره كمصير زميله الذي يعاني مثله من المرض، والموت ينتظره أمام الباب؟ أهذا الذي يريدون إيصاله لهم؟ حتى وإن لم تكن تلك الرسالة التي يقصدون أن يوصلوها، فذلك ما سيصل المريض أو ذاك ما سيفهمه المريض تلقائياً فستسوء حالته الصحية وستتأخر استجابته للعلاج وسيقبع في دائرة من اليأس والكآبة. 
إن لم تكن قوانين المستشفى تلزم العاملين فيها من أطباء وممرضين بضرورة مراعاة نوع الأحاديث المتداولة أمام المرضى، فعلى المرء مهما كان دوره في المستشفى حتى وإن كان زائراً للمريض أن يحفظ لسانه، ويزن أقواله ويكون عوناً للمريض وسنداً له، لا سبباً في تدهور حالته النفسية. 



ياسمينة: الإحساس بالغير نعمة وجزء من الذوق والتربية الحسنة.


وصلة فيديو المقال 


https://www.instagram.com/p/BQ9_t1zjPEA3dyeQGPE6uOUtjYLLldtdml1qv40/

​بقلم: ياسمين خلف بقصد أو دون قصد، قد يقوم الواحد منا بأفعال أو يقول أخبارا تضر أطرافا أكثر مما تنفعهم، فبعض الكلمات لها...

إقرأ المزيد »