نشرت فى : سبتمبر 2016

العيب والحرام

بقلم: ياسمين خلف
لابد أن نعترف، ونكون أكثر جرأة ونقرّ بأن مجتمعاتنا العربية بل ولنقلْ الإسلامية بشكل عام، تنتشر فيها ثقافة العيب أكثر من ثقافة الحرام، فلا يخاف ربّه إن ترك صلاته، أو عدم صومه في شهر رمضان، لكنه يخاف من أن يعرف الآخرون عنه ذلك! تخلع حجابها ما أن تطأ رجلاها الطائرة، فلا تؤمن حينها أن الحجاب فرض، في الوقت الذي تجدها أكثر الملتزمات به شأنه شأن عباءتها واللذين لا تتركهما في بلدها، فتركهما عيب و”قلة أدب”!.
نحن أمام متناقضات في السلوك وحتى التفكير، بل ومفارقات في ردّات الفعل وحتى التوجيه، لا حرج من الإتيان بأي فعل ما دام يُمارس في الخفاء أو بعيداً عن أنظار من يعرفوننا من الناس – متناسين طبعاً بأن عين ربّ الناس لا تنام – في الوقت الذي تجدنا الأحرص على تحاشي كل ما قد يثير القيل والقال، باعتبار أن الناس سوف تعيب علينا فعله، وسنكون علكة تلوكها الأفواه، إذ ليس من الاحترام في شيء لو علم الناس أن فلاناً ابن فلان قام بذلك الفعل، ولكن إن أتى بالحرام فالله “ستّار”!.
مجتمع يرفع عصاه الغليظة في وجه أطفاله ويكرّر على مسامعهم بأن ما قاله، أو فعله “عيب” وعليه ألا يكرّره، والويل والثبور لهم إن أعادوا الكرّة. في الوقت الذي تجده متراخياً، وغاضاً بصره عن بعض السلوكيات التي هي في الواقع تندرج ضمن المحرمات، ولا يجد حرجاً من أن يردد على مسامعه بأنه طفل وسيتعلم بأن لا يقوم بها في المستقبل!، لينشأ على مبدأ أن العيب أكبر من الحرام.
كفتا ميزان الحرام والعيب ليستا متساويتين، فالحلال والحرام بيّن، فيما العيب تختلف مقاييسه ووجوه من مجتمع لآخر، ومن بيئة لأخرى، ومن شخص لآخر. فما تجده أمراً عادياً وطبيعياً قد يجده جارك فاحشة ومنكراً، وما تجده تقاليد وأعرافاً في بلدك قد يجده آخرون في مجتمعات أخرى سلوكيات مشينة ومعيبة ولا يليق الإتيان بها من شخص محترم.
لابد أن نكون أكثر وضوحاً مع أنفسنا، بل علينا ألا نخدع أنفسنا قبل أن نخدع غيرنا ونتظاهر أمامهم بما ليس فينا، فقط لأن العيب أصبح عندنا أكبر من الحرام.
 
ياسمينة: الخوف من العبد بات أكبر من الخوف من الربّ!.

yasmeeniat@yasmeeniat.com
وصلة فيديو المقال 
https://www.instagram.com/p/BK81u1KgiVKHm-gm0L9XkZKUi9ST_DW8WVMJMc0/

بقلم: ياسمين خلف لابد أن نعترف، ونكون أكثر جرأة ونقرّ بأن مجتمعاتنا العربية بل ولنقلْ الإسلامية بشكل عام، تنتشر فيها ثقا...

إقرأ المزيد »

معارفي المسيحيون

بقلم : ياسمين خلف
يعمل كسائق للطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أنه لا يكتفي بنقلهم من وإلى منازلهم، بل يقوم بحملهم من على السلالم إن كانوا يسكنون في شقق لا مصعد في عماراتها، ويوصلهم إلى صفوفهم الدراسية، بل -أجلكم الله- يعين الذكور منهم على دخول دورات المياه، وكل ذلك ليس ضمن وظيفته بل يقوم بكل ذلك لوجه لله، لا يتقاضى من ورائه أي أجر مالي إضافي من جهة عمله. زملاؤه عابوا عليه فكيف له أن يحمل المقعدات وهن يحرمن عليه!. فقال: “هل أترك أمهاتهن يحملنهن من ثلاثة طوابق وهن الضعيفات الكبيرات في السن؟ يتساءل باستغراب واستهجان ويجيبهم، أغلبهن يتيمات أو من أمهات مطلقات، هل أتركهن يصارعن عجزهن وهن اللواتي لا حول لهن ولا قوة؟ فكان رد زملائه، ليتصرفوا فأنت غير محرم لهن!.
يقول هذا السائق: هؤلاء زملائي مسلمون للأسف يعيبونني ويشجعونني على عدم مساعدة هؤلاء الطلبة طالما أن الأمر لا أجر ماديا وراءه، وطالما إن الفتيات منهم من غير محارمي، وفي المقابل أتلقى الشكر من زملائي المسيحيين على ما أقوم به، بل وتجدهم مبادرين لتقديم ما يمكن لهم تقديمه، فمنهم من يطلب لهم يوميًا وجبات الإفطار، ومنهم من يأتي بين الفينة والأخرى بالهدايا والعطايا المالية، وآخر رغم تقاعده منذ سنوات وسفره إلى موطنه الأم، لم ينقطع عن عادته بإدخال مبلغ مالي وبصورة شهرية في حسابي، تقديراً لجهودي مع الطلبة المعوقين، بل كان يوزع على الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة مبلغا ماليا شهريا دون انقطاع، وهو ما لم أجده للأسف من أحد من المسلمين.
لا أحتاج إلى تفسير أكثر، وبيان البون الشاسع في المعاملة الإنسانية، فهناك من يضع العراقيل والعثرات حتى في العمل الإنساني، والذي يبيحه ويحلله متى ما كان وراءه أجر مالي يستفيد منه، وهناك من يقدم على فعل الخير كجزء أساس في الحياة لا يختلف عن حاجته للأوكسجين للعيش.
الحرام قد يكون حلالاً متى ما كانت النية خالصة في مساعدة المحتاج الضعيف، والحلال قد يكون حرامًا إن أضمر النية لفعل فاحش، فحمله للفتيات المقعدات لنقلهن من منازلهن لطلب العلم لا حرمة فيه، بل يصبح فعلا واجبا، والحرام أن تترك محتاجًا ليذل نفسه لقضاء حوائجه، لستُ مفتية ولكن هكذا هو ديننا إن ما فهمناه جيدًا كما أعتقد شخصيًا.
ياسمينة: لا أربط أبداً بين فعل الخير ودين، أو طائفة، أو عرق محدد، ولكن علينا كمسلمين أن نراجع أنفسنا، أن نكون فعلاً ذوي أخلاق محمدية.
 
yasmeeniat@yasmeeniat.com
وصلة فيديو المقال 

https://www.instagram.com/p/BKpyOW0A6FhhvyBIcU3xsIUQivZQjyAzsna2aQ0/

بقلم : ياسمين خلف يعمل كسائق للطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أنه لا يكتفي بنقلهم من وإلى منازلهم، بل يقوم بحملهم من...

إقرأ المزيد »

قللوا من الواجبات المنزلية

بقلم : ياسمين خلف
حان الوقت لأن تراجع مدارسنا سياستها في كمية الواجبات المنزلية المفروضة على الطلبة والتي ترهقهم وترهق أهاليهم، وتسرق من الأطفال أهمّ سني عمرهم وتبذرها في واجبات أغلبها مملة وتجهد الطالب أكثر مما تنفعه. الساعات الطويلة التي يقضيها على كرسيه في الصفوف الدراسية، وأخرى بين يدي والدته لإنجاز تلك الواجبات كفيلة أن تسبب له ردة فعل عكسية تجعله يكره الذهاب للمدرسة بل ويكره الدراسة بأكملها، بعد أن يجد نفسه محاصراً بالكتب ولا يصل للألعاب التي تجذبه فِطرياً.
تجربة فلندا قد تكون تجربة مجنونة عند البعض، ولكن النتائج التي توصلت إليها في تقييم طلبتها على مستوى الدول الغربية باحتلالها المركز الأوّل في التقييم، يستحقّ الذكر لمن يعتبر.
فبعد أن كانت في ذيل القائمة مع النمسا في مستوى التحصيل الدراسي للطلبة راجعت سياستها، وقرّرت أن تخوض تجربة جديدة بأفكار مختلفة، وبشجاعة قرّرت أن تلغي الواجبات المنزلية!. ليعيش الأطفال طفولتهم التي وجدوا بأنها سنوات قصيرة، وأن من الواجب أن نساعدهم على أن يستمتعوا بالحياة لا أن تكون لنا يد في تعاستهم.
فطلبة المدرسة الابتدائية يقضون من ثلاث إلى أربع ساعات فقط في الصفوف الدراسية بينها ساعة للراحة، ولا تتجاوز ساعات الدراسة العشرين في الأسبوع الواحد! فالعقل وبحسب الدراسات يحتاج إلى وقت للاستراحة بين الحين والآخر، وإن العمل أو الدراسة بشكل مستمر يرهق المخ فلا يستوعب بعدها شيئاً، وبالتالي لا فائدة من أية معلومات تقدم إليه. كما يقضي الطلبة من عشر إلى عشرين دقيقة فقط في إنجاز فروضهم المدرسية بحسب شهادة الطلبة أنفسهم.
فالأطفال ليسوا بحاجة فقط إلى اكتساب المعلومات والمعارف، بل بحاجة إلى تعلم الطبخ، والفنون وغيرها، والمدارس ليست مشروعاً تجارياً لدر الأموال، بل مشروعاً لبناء أجيال تعرف كيف أن تكون سعيدة، وكيف تعيش يومها وطفولتها لتصل إلى سن الشباب والنضج بنفسيات قوية قادرة على أن تحترم نفسها وتحترم غيرها.
مدير المدرسة يقرّ بأن مصطلح “الواجب المنزلي” قد عفا عليه الدهر وشرب، ومدرس المادة الأكثر رعباً لدى الطلبة “الرياضيات” يؤكد أن هدفه كيف يعلم الأطفال أن يكونوا سعداء. حتى عندما جاءوا ليصمموا الملاعب في المدارس طلبوا من المهندسين التحدث للأطفال لمعرفة ما يحبون توافره في مدارسهم، وحققوا بالفعل رغاباتهم.
فعندما يكون للأطفال وقت للعب، ويتواصلون اجتماعياً مع أصدقائهم، ويكبرون كبشر سوف يدركون أن في الحياة ما هو أهمّ من المدرسة!. لست أنا من يُفتي ويقول ذلك، بل مدير مدرسة فلندية، والتي تعتبر صاحبة أقصر يوم دراسي، وأقصر عام دراسي وحققت المركز الأول في تقييم مستوى طلبتها. فهل نعتبر؟.
ياسمينة: المدرسة هي المكان الذي يفترض أن تجد فيه سعادتك، وتكتشف فيها سبل الوصول إلى الأشياء التي تسعدك.
yasmeeniat@yasmeeniat.com
وصلة المقال في البايو 
https://www.instagram.com/p/BKX45ySABlvaNefKxZMmipcSd1VS2aPcKABlkQ0/

بقلم : ياسمين خلف حان الوقت لأن تراجع مدارسنا سياستها في كمية الواجبات المنزلية المفروضة على الطلبة والتي ترهقهم وترهق أ...

إقرأ المزيد »

المدارس والعيد

​آلاف من الطلبة قد انتظموا فعلياً في مدارسهم في عامهم الدراسي الجديد منذ أسبوع أو أكثر، فيما آلاف آخرون – وهم الأكثر حظاً حقيقة – سيبدأون عامهم الدراسي بعد إجازة عيد الأضحى المبارك، مما أعطاهم وأسرهم الفرصة لترتيب أمورهم بصورة أكبر، خصوصاً أن فئة غير قليلة يقضون إجازاتهم الصيفية خارج البلاد، ووقوع العام الدراسي بين إجازتين يفسد الكثير من الخطط.
لإجازة عيد الأضحى بعض الخصوصية وكان على القائمين على التعليم أن يراعوا تلك الخصوصية، فهناك أهالي طلاب قد حظوا هذا العام بنعمة أن يكونوا ضيوف الرحمن، وعملية بدء الدراسة قبيل العيد تعني إرباكاً لتلك الأسر بالذات، التي عليها أن ترتب أمور حجها إلى بيت الله الحرام، وأن ترتب أمور أبنائها للمدارس، وتوكل مهام تسيير أمورهم خلال تلك الأيام لأقربائهم، فمنهم طلبة مستجدون بالصف الأول الابتدائي ومنهم ما دون ذلك في الروضات، فالأيام الأولى من بدء الدراسة هي الأصعب على الطلبة وبالذات بعد إجازة صيفية طويلة، مما يجعل حِمل مسؤوليتهم أكبر على أولئك الأقرباء ممن سيتبرعون ويتولون مسؤوليتهم إلى أن يرجع آباؤهم من رحلتهم إلى الله.
ما ضير لو تم تنسيق جداول الطلبة بما يتناسب مع هذه الإجازة التي تفصل بينها وبين العام الدراسي الجديد أسبوع واحد؟ كتأخير الإجازة الصيفية أسبوعاً كي لا تقل عدد ساعات التمدرس حسب خطط المدارس واستراتيجياتها؟. حتى وإن ما قسنا الموضوع من الناحية النفسية، فبدء الدراسة وانقطاعها لإجازة أخرى يربك الطالب ويشتت تركيزه على عكس ما إذا بدأت المرحلة الدراسة الجديدة بشكل جدي ومسترسل.
أغلب الأسر والتي ستبدأ مدارس أبنائها قبيل العيد بأيام أعلنت ومنذ فترة أنها لن تكبد نفسها، ولا أبناءها عناء البدء في الدراسة ليومين أو ثلاثة لينقطعوا بعدها لأيام تصل إلى أكثر من أسبوع لعطلة عيد الأضحى، وإنهم لن يمنعوا أبناءهم من الغياب في تلك الأيام، بل سيؤازرونهم في ذلك “لن ينالوا شهادة الدكتوراه في هذين اليومين” بحسب تعبير إحدى الأمهات.
هي ليست دعوة للتكاسل ولا التخاذل في التحصيل الدراسي منذ الأيام الأولى من العام الدراسي الجديد، وإنما هي دعوة تراعي خصوصيات المجتمع في عيده الأكبر.
 
ياسمينة: كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد الأضحى المبارك، وحياة دراسية موفقة لجميع الطلبة.
yasmeeniat@yasmeeniat.com

​آلاف من الطلبة قد انتظموا فعلياً في مدارسهم في عامهم الدراسي الجديد منذ أسبوع أو أكثر، فيما آلاف آخرون - وهم الأكثر حظا...

إقرأ المزيد »

الباص الذكي

بقلم : ياسمين خلف
حوادث موت أطفال الروضات والمدارس في الباصات حوادث تكاد تكون متكررة في عددٍ من البلدان، حوادث تُدمي القلب حقيقة، خصوصاً إذا ما تخيلنا وضع الطفل قبل أن يستسلم للموت، وهو في حالة ذعر وخوف، وبكاءً هستيري طالباً النجدة، مستصرخاً، منادياً أمه وأباه لينجدانه فلا يجدهما، فتصهر الشمس رأسه، وتخنقه الحرارة داخل الباص لينتهي به الأمر جثة لا يلتفت إليها إلا بعد ساعات لتكون الفاجعة لأهله ولجميع من يسمع عن الخبر.
الحياة الدراسية بدأت عند آلاف الطلبة، وينتظرها قريباً آلاف آخرون، ونتمنى أن تمر أيامها بخير وسلام على جميع الطلبة، ولا نريد أبداً أن ينغص علينا فيها خبر فقدان طفل أو طفلة بسبب نسيانه في الباص نائماً، فإن لم يمت من ارتفاع درجة الحرارة داخل الباص المُحكم الإغلاق، سيموت فزعاً مرعوباً من بقائه وحيداً يسمع صُراخه يتردد صداه داخل الباص ولا من مجيب.
رغم التحذيرات السنوية من ضرورة التأكد من خلو الباصات من الأطفال قبل إغلاقها، ورغم الحوادث المتكررة، ورغم العقوبات التي تُوقع على المدارس وأصحاب الروضات أو العاملات المرافقات للأطفال في الباص والسواق إلا أن المشكلة لا تزال تؤرق الكثيرين، ومنهم الشاب المهندس ريان عبدالشكور الذي تمكن من أن يبتكر نظاماً إلكترونياً يوضع في مقصورة الباص، يحول الباصات تلك إلى باصات ذكية، تتمكن من بعد إغلاق أبواب الباص من استشعار أي حركة داخل الباص، أو أي ذبذبات للتنفس، عبر مجسات خاصة، لتُطلق إنذاراً تحذيرياً متكرراً عبر الاتصال للجهات الإدارية في المدرسة للتنبيه إلى وجود طفل منسي في الباص، كما تُطلق منبهات ضوئية وسمعية لتلفت انتباه المارة كإشارة لوجود طفل وحيد منحشر داخل الباص.
جهاز يستحق القائم عليه الشكر، لما له من دور بالغ الأهمية في حفظ أرواح أطفال أبرياء غشيهم النوم فاستسلموا له، ولم تلتفت إليهم أعين الكبار ممن يفترض أنهم مؤتمنون – عليهم ولم يحرصوا حقيقة على المحافظة على تلك الأمانة – مثل هذه الطاقات الشبابية بحاجة إلى الدعم، ومثل هذا الجهاز أو النظام الإلكتروني يجب أن يعمم في جميع باصات المدارس والروضات، فالعاملون وكذلك السائقون في النهاية بشر قد يغفلون وقد يخطئون، فلا نريد حينها أن نضرب كفاً بكف ونلومهم، نريد أن نأخذ احتياطاتنا وبعدها إن حدث ما حدث حينها لن نقول إلا قدر الله وما شاء فعل.
ياسمينة: أطفالنا أمانة، فلنحفظ أرواحهم.
yasmeeniat@yasmeeniat.com

وصلة فيديو المقال
https://www.instagram.com/p/BJzhUM2grSLHfmtTeK25z1N6PJGLsIfszkvhrQ0/

بقلم : ياسمين خلف حوادث موت أطفال الروضات والمدارس في الباصات حوادث تكاد تكون متكررة في عددٍ من البلدان، حوادث تُدمي الق...

إقرأ المزيد »