ياسمينيات
مهند والجمال «اليوسفي»
ياسمين خلف
عندما اتصلت بي صديقتي وأنا في طريقي للمطار قبل شهرين من الآن تقريبا، لم أعط كلامها الجدية التي تستحقها حينذاك، ضحكتُ منها وعليها وعلى صديقاتها اللواتي يتابعن مسلسلا كما قالت لي لمجرد وسامة البطل وجماله، أخذت تصف لي لون بشرته وشعره و”شفتيه وخدوده”، ونصحتني بمتابعة المسلسل لرؤية الجمال اليوسفي الذي يتمتع به هذا الممثل التركي، سافرت ونسيت ما قالته لي تلك الصديقة، رجعت لأفاجأ أن صديقتي وصديقاتها لسن الوحيدات اللواتي تسمرن عند الشاشة، بل إن العالم العربي بأسره تسمر لرؤيته، البعض لا يجد حرجا من البوح بمتابعة المسلسل لمجرد الهيام في جمال ”مهند”، والبعض الآخر يستحي من ذلك ويبرر متابعته أن الحبكة الدرامية رومانسية لحد تعوض المشاهدين عن النقص الذي يعيشونه من هذا الجانب مع أزواجهم. لست من هواة متابعة المسلسلات المدبلجة، ولا أملك الوقت الكافي لأضيعه عليها، ولا يمكنني أن أفتي في مسلسل ”نور” هذا لهذه الأسباب، ولكن ما يثير قلقي واستغرابي أن الهوس الذي خلقه هذا المسلسل لم يقتصر على المراهقات تحديدا والمراهقين عموما، بل تعداه إلى الأطفال و”الشياب بعد”، فهل يصدق أحدكم أن طفلا في الرابعة من عمره يستلقي على الأرض لمتابعة المسلسل مع أهله وبهدوء تام، تاركا وراءه اللعب لمجرد أن مهند سيظهر في الشاشة ”طبعا هو لا يعرف ما القصة” لا يعرف لماذا نور تبكي أو لماذا مهند يضحك، ولا يعرف كيف أتوا الأطفال بالحرام! والقلق يزداد عندما أرى قريبة لي في الحادية عشرة من عمرها تتابع المسلسل لست مرات يوميا! نعم لست مرات ولا تأوي لفراشها إلا في الساعة العاشرة والنصف ”صباحا”، وتقول إنها لو تستطيع لتابعته لـ 24 ساعة ”إيش فايدة النوم يعني” هكذا بررت فعلتها لوالدتها عندما وبختها! وألهذه الدرجة الناس سذج لتجدهم يتهافتون على تركيا هذا الصيف حتى انتهت العملة من الأسواق؟!، لا أجد شخصيا مبررا لذلك، هل سيستقبلهم مهند في المطار أم سيستضيفهم في منزله مثلا؟ أم أن المسألة ”العوض ولا الحريمة” كما نقول بالعامية، فيمرون على الأطلال التي مر فيها الأبطال ليوهموا أنفسهم أنهم إما مهند وإما نور؟ شخصيا أرى أن حمى المشاهدة وصلت للناس بالعدوى، فأغلب من يتابعه لمجرد المتابعة ”وحشر مع الناس عيد” فليس من المعقول أن جميع من حولهم يتبادلون أطراف الحديث حول المسلسل وأحداثه وهم ”ضايعين في الطوشة”. المضحك في الأمر أن النساء أخيرا وجدن الشخص الذي من خلاله ينتقمن من أزواجهن به، فعدد ليس بقليل بررن الهيام العلني بمهند ليشعر الأزواج بمدى الجرح النفسي الذي يصبن به عندما يتغزلون بنانسي أو هيفا أو بأي من المغنيات على الشاشة دون أدنى احترام لهن أو الإحساس بشعورهن، وأنا أؤيدهن في ذلك، فلا يحس بالنار إلا من يكتوي بها، ربما هذه الميزة الوحيدة التي تركها هذا المسلسل! أقول ”ربما”.
العدد 885 الخميس 20 رجب 1429 هـ – 24 يوليو 2008
ياسمينيات مهند والجمال «اليوسفي» ياسمين خلف عندما اتصلت بي صديقتي وأنا في طريقي للمطار قبل شهرين من الآن تقريبا، لم أعط...
أحدث التعليقات