ياسمينيات
مخابرات.. و«ببلاش»
ياسمين خلف
احترس.. هناك من يتربص بك، من يراقبك بعين الحاقد الحاسد، وربما بجشع وصولي يسعى إلى الترقي السريع على أكتافك، يحور، يضيف إلى كلامك، ويقولك ما لم تقله ولا حتى يخطر على بالك، هم كما يحلو لي أن أطلق عليهم «مخابرات وببلاش» يعينون أنفسهم كمراقبين لرؤسائهم تارة، وفي تارات أخرى يعينهم بعض الرؤساء على باقي الموظفين ليكونوا أعينهم التي تراقب في الخفاء في غيابهم «من دون أجر شهري طبعاً».
فمن المضحك فعلاً أن تجد رئيسك كما لو كان معك في المكتب عندما علقت عليه ولو عن طريق المزحة، أو أنه يعلم أنك لست على مكتبك وهو في دولة أخرى! حتى لتكاد تتلفت يمنة ويسرة إنْ كان واقفاً بجانبك ولا تعلم، أو تبحث عن كاميرا مخفية في مكتبك لربما من خلالها يراقبك في غيابه، بل الذي لا تعلمه أن أقرب المقربين إليك قد يكون الجاسوس الذي يلهث وراء الحصول على ترقية ولو على أكتاف آخرين هم زملاء له في العمل! وإنْ كان بعض آخر يسعى إلى التودد لرؤسائه فقط ليكون هو الأقرب إليه من دون غيره ضارباً عرض الحائط القيم الأخلاقية التي تدفع المسلم إلى إيجاد سبل تقريب الآخرين من بعضهم، لا أن تنفرهم من بعض وتخلق الضغائن في نفوسهم. وهنا الطامة الكبرى عندما يحاول هؤلاء إثارة الحقد والضغينة في نفس المدير ضد أحد الموظفين كأن «يقوّلونه» كلاماً أو ينسبون إليه أفعالاً لم يقم بها «ويا غافلين لكم الله»، ولا يدرون أنّ «من يحفر حفرة لأخيه يقع فيها» دائماً وإنْ طال الزمان، وأنّ عمر الظلم لقصير.
وعلى الكفة الأخرى، قد يعين الرئيس عيناً لتراقب موظفيه ويشعر ذاك الموظف «المخبر» بأنه الأقرب إليه من دون باقي الموظفين ومحل ثقته، ولذلك اختاره لهذه المهمة «الصعبة»، ولا يعلم ذاك المخبر أن هناك آخر يعمل على مراقبته، فالمديرون لا أقول «أخبث»، بل أقول «أذكى» من تلك الحركات.
لا علاج طبعاً لهذه الظاهرة التي لم تبدأ اليوم طبعاً، وإنما هي موجودة في كل زمان ومكان، فالمسألة تحكمها الأخلاق والمبادئ التي وإنْ لوثت لن يضير صاحبها القيام بأي فعل، خصوصاً عندما تغريه المناصب التي لا ينالها عن كفاءة واقتدار، وإنما بالإذلال والتنازل عن الأخلاق.
العدد 1089 الجمعة 18 صفر 1430 هـ – 13 فبراير 2009
ياسمينيات مخابرات.. و«ببلاش» ياسمين خلف احترس.. هناك من يتربص بك، من يراقبك بعين الحاقد الحاسد، وربما بجشع وصولي يسعى إل...
أحدث التعليقات