تفقدت حقيبتها، فجن جنونها، أين محفظتي؟ لابد أن واحدة من الطالبات قد امتدت يداها طويلاً فسرقتها، جرت نحو غرفة الإدارة شاكية الطالبات، فالمحفظة كانت في الحقيبة، وليس لها بطبيعة الحال أرجل لتخرج منها! هدأت المشرفات من روع المعلمة وبدأن بجرد ملفات الطالبات، باحثات عمن لهن سوابق، فكان لهن ما أردن، إحدى الطالبات لها سوابق! إذن هي السارقة بعينها، ولا أحد سواها!. وجهت لتلك الطالبة الاتهام، نكرت، ورفضت الاتهام جملة وتفصيلا، واقسمت بأغلظ الأيمان بأنها بريئة ولكن لا أحد منهن صدقتها. هددوها باستدعاء ولي أمرها، ولم تجد أدمعها بالتوسل بعدم ارتكابها لذاك الجُرم. مرت ساعات الدوام المدرسي ثقيلة على الطالبة المحطمة نفسياً، والمشهر بها بين الطالبات بأنها السارقة التي لم تحترم مربيتها. وعادت المعلمة للمنزل وهي حنقة على الطالبة لتفاجأ بأن المحفظة لم تبرح مكانها، وهي على طاولتها في المنزل!. هل سيفيد بعد كل ذلك اعتذار المعلمة للطالبة؟ وهل هدية ستقدمها لها مثلاً لتعبر من خلالها عن أسفها سيبرئ الجرح العميق الذي تسببته لتلك المراهقة التي وبلاشك غرقت حتى أذنيها في الخجل أمام زميلاتها ولذنب لم تقترفه أصلاً؟ وإن كانت من ذوات السوابق، فهل ذلك يعطي الحق للمعلمة اتهامها قبل التأكد التام من ارتكابها لهذه الجريمة؟ أليس من واجب المعلمة -كمربية فاضلة- أن تتأكد من جميع الأماكن التي ارتادتها لتتفقد ما ضاع منها، قبل أن توجه سيل اتهاماتها للطالبة؟
إن تصرفا بهذا التسرع، الفاقد للتأني، لا يتناسب مع شخصية المربي، الذي عليه ان يكون قدوة لطلبته، والذي غالباً ما يترك أثراً نفسياً عميقاً لديهم طوال أعمارهم. فطالبة مثل تلك، حتى وإن تابت والتزمت بالسلوك السوي، إن احاطتها هذه النظرة الشكاكة في تصرفاتها، وعدم تصديقها هل سنتوقع منها التوبة النصوح؟
إن كان المربون يرددون دوماً شطر البيت الشعري:
كاد المعلم أن يكون رسولا.. عليهم فعلاً أن يكونوا كذلك، وأن يقتدوا بالرسل بأخلاقهم والتي منها بألا يقذفوا طلبتهم ويتهموهم جزافا!، مثل هذه النماذج السلبية بين المربين حتماً لا تشمل الجميع، فهناك نماذج جميلة، تؤكد على أن بعض المربين يتحلون بخُلق عظيم، يحبب الطلبة بهم، ويحببهم بالمادة الدراسية التي يدرسونها، وكم هو جميل تعبير طلبة إحدى المدارس الإعدادية في إحدى الدول الخليجية، عندما حضروا جميعاً حفل عقد قرآن مدرسهم، بل واحتفوا به مبتهجين عندما حضر أول درس له معهم بعد قرآنه، مقدمين له الهدايا والحلوى، ومرددين له أهازيج الزواج، وكل ذلك يعكس مدى معاملته الجميلة لهم.
ياسمينة: لا نعمم، ولكن لنذكر بأن للمعلم هيبة، ولوظيفته قدسية عليه أن يحترمها، ليُحترم.
وصلة فيديو المقال
تفقدت حقيبتها، فجن جنونها، أين محفظتي؟ لابد أن واحدة من الطالبات قد امتدت يداها طويلاً فسرقتها، جرت نحو غرفة الإدارة شاكية الطالبات، فالمحفظة كانت في الحقيبة، وليس لها بطبيعة الحال أرجل لتخرج منها! هدأت المشرفات من روع المعلمة وبدأن بجرد ملفات الطالبات، باحثات عمن لهن سوابق، فكان لهن ما أردن، إحدى الطالبات لها سوابق! إذن هي السارقة بعينها، ولا أحد سواها!. وجهت لتلك الطالبة الاتهام، نكرت، ورفضت الاتهام جملة وتفصيلا، واقسمت بأغلظ الأيمان بأنها بريئة ولكن لا أحد منهن صدقتها. هددوها باستدعاء ولي أمرها، ولم تجد أدمعها بالتوسل بعدم ارتكابها لذاك الجُرم. مرت ساعات الدوام المدرسي ثقيلة على الطالبة المحطمة نفسياً، والمشهر بها بين الطالبات بأنها السارقة التي لم تحترم مربيتها. وعادت المعلمة للمنزل وهي حنقة على الطالبة لتفاجأ بأن المحفظة لم تبرح مكانها، وهي على طاولتها في المنزل!. هل سيفيد بعد كل ذلك اعتذار المعلمة للطالبة؟ وهل هدية ستقدمها لها مثلاً لتعبر من خلالها عن أسفها سيبرئ الجرح العميق الذي تسببته لتلك المراهقة التي وبلاشك غرقت حتى أذنيها في الخجل أمام زميلاتها ولذنب لم تقترفه أصلاً؟ وإن كانت من ذوات السوابق، فهل ذلك يعطي الحق للمعلمة اتهامها قبل التأكد التام من ارتكابها لهذه الجريمة؟ أليس من واجب المعلمة -كمربية فاضلة- أن تتأكد من جميع الأماكن التي ارتادتها لتتفقد ما ضاع منها، قبل أن توجه سيل اتهاماتها للطالبة؟
إن تصرفا بهذا التسرع، الفاقد للتأني، لا يتناسب مع شخصية المربي، الذي عليه ان يكون قدوة لطلبته، والذي غالباً ما يترك أثراً نفسياً عميقاً لديهم طوال أعمارهم. فطالبة مثل تلك، حتى وإن تابت والتزمت بالسلوك السوي، إن احاطتها هذه النظرة الشكاكة في تصرفاتها، وعدم تصديقها هل سنتوقع منها التوبة النصوح؟
إن كان المربون يرددون دوماً شطر البيت الشعري:
كاد المعلم أن يكون رسولا.. عليهم فعلاً أن يكونوا كذلك، وأن يقتدوا بالرسل بأخلاقهم والتي منها بألا يقذفوا طلبتهم ويتهموهم جزافا!، مثل هذه النماذج السلبية بين المربين حتماً لا تشمل الجميع، فهناك نماذج جميلة، تؤكد على أن بعض المربين يتحلون بخُلق عظيم، يحبب الطلبة بهم، ويحببهم بالمادة الدراسية التي يدرسونها، وكم هو جميل تعبير طلبة إحدى المدارس الإعدادية في إحدى الدول الخليجية، عندما حضروا جميعاً حفل عقد قرآن مدرسهم، بل واحتفوا به مبتهجين عندما حضر أول درس له معهم بعد قرآنه، مقدمين له الهدايا والحلوى، ومرددين له أهازيج الزواج، وكل ذلك يعكس مدى معاملته الجميلة لهم.
ياسمينة: لا نعمم، ولكن لنذكر بأن للمعلم هيبة، ولوظيفته قدسية عليه أن يحترمها، ليُحترم.
وصلة فيديو المقال
أحدث التعليقات