نشرت فى : سبتمبر 2008

كباب أمي

ياسمينيات
كباب أمي
ياسمين خلف

ياسمين خلف ليس لرمضان طعم إن ما فقدت الأم، ورمضان بالنسبة لي كسائر الأشهر بعد وفاة والدتي رحمة الله عليها، ذهبت وذهب معها كل ما يميز شهر رمضان من أجواء وطبخات ويكفي أنها »هي« لذة كل الأشهر.
فبعد عينها لم أذق حتى اللحظة كبابا كالذي تصنعه أمي، حتى شككت بقدرات جميع النسوة غيرها. لكبابها طعم مختلف، ربما هي نفسها »المختلف« فحرصها على أن يكون بالشكل والسمك الذي يروق لنا نحن ابناؤها يجعلها تبكي ولا أبالغ إذ ما قلت إنها تبكي إن هي أخفقت في الخلطة بسبب تعب الصيام وقللت من الملح أو الفلفل الذي نعشقه، فكنا نضحك من بكائها. فهل يستحق الأمر دموعها؟ وكانت »تعوف« حتى الإفطار بسبب ذلك لتعاود الكرة مرة أخرى لتقدم لنا »كبابها« الذي يسحر حتى أقاربنا ويشهدون بأنه مختلف عن باقي »الكباب«.
دوري في المطبخ في شهر رمضان لا يختلف كثيراً عن باقي الأشهر، لأنه باختصار لا يجذبني، بل أجد نفسي مرغمة على دخوله لمساعدة والدتي رحمها الله في الأيام التي تقرر فيها توزيع الأطباق على القاصي والداني من الأهل والجيران، وكان دوري لا يتعدى وضع الطبخات في الأطباق وتغليفها. عفوا نسيت أنني أتطفل على كباب أمي وأحاول أن أرمي بعض الكرات في الزيت لقليها، وكم حرقت الكثير منها لدرجة أن والدتي تترجاني تركها لتتولى هي المسئولية »كاملة« حتى يباغتها آذان المغرب لأكون أول من يلتهم كبابها الساخن و»الحار«، وأول من يقف على قدورها ليغرف منها. واليوم لا طعم ولا لون لرمضان من دون والدتي رحمها الله. آه.. أحن إليها وأحن إلى كبابها.

العدد 945 الاثنين 22 رمضان 1429 هـ – 22 سبتمبر 2008

ياسمينيات كباب أمي ياسمين خلف ليس لرمضان طعم إن ما فقدت الأم، ورمضان بالنسبة لي كسائر الأشهر بعد وفاة والدتي رحمة الله ع...

إقرأ المزيد »

ليتهم يعلمون

ياسمينيات
ليتهم يعلمون
ياسمين خلف

ياسمين خلف أكثر ما يقززني في شهر رمضان أن يجاهر ”البعض” بالفطر وعدم الصيام، وكأنه فعل يفاخر به المرء أو كدليل على التمدن والتحضر، وليتهم يعلمون أنهم يكابرون، وعلى من؟ على خالقهم، لست بواعظة ولا أدعي التدين على أحد! ولكنني حقا أستغرب من تصرفات أولئك، الذين لا يجدون أي غضاضة من الأكل والشرب وعلى الملأ، لا أتكلم من فراغ، فمر علي عدد من تلك النماذج التي تصر على أنها هي من تستخدم عقلها في التدبر والتفكر و”الجميع” متخلفون ويسيرون كالقطيع وراء الموروثات وكأنهم لم يقرؤوا القرآن يوما، ولم يكونوا في يوم مسلمين،كيف نشأ أولئك وكيف كانت تربيتهم يا ترى، الله أعلم؟ رغم أني أيقن حق اليقين أن أهلهم حتى براء منهم.
دعونا من أولئك، ولنعد إلى فئة هي كثيرة بيننا ولا داعي لنكرانها، قد تكون أنت منهم، وقد تكونين أنتِ كذلك ولا تعترفين؟ ولكن علينا جميعا الوقوف وقفة صدق مع أنفسنا،هل الصيام فقط ينحصر في المفهوم الضيق من الامتناع عن الشرب والأكل؟ أم هو صيام عن المنكرات وكف أذى اللسان عن خلق الله؟ بل وكف الأذى بكل أنواعه عن الناس والتي منها طبعا كف بطش اليد على المستضعفين في الأرض، أقول ذلك وأنا أستحضر موقفا حز في نفسي كثيرا في شهر رمضان الماضي، إذ لم يكتف أحد المواطنين بسيل الشتائم التي خرجت من فمه وهو صائم والآذان قد اقترب وقته، بل ترجل من سيارته وهم بالصعود إلى شاحنة كانت تقل الآسيويين وأخذ يضرب السائق بلا هوادة بحذائه، لم أعرف السبب الذي دفع بهذا المواطن للقيام بمثل هذا التصرف فهول الموقف قد أخذ مني مأخذا وكذلك تعب الصيام، ولكن مهما كانت الأسباب، للتعامل مع المشاكل طرق يجب ألا تخرج عن الاحترام والذوق وإن لم يكن، فاحتراما للشهر الفضيل، ولا يقل عنه مثلاً مواطن آخر، ثار حانقا على سائق نبهه ”بالهرن”- بوق السيارة، فما كان منه إلا أن لحقه بصورة أشبه بالمسلسلات البوليسية ليبصق أمام سيارته حنقا عندما وقفا عند الإشارة الضوئية ليعبر وبطريقته عن غضبه! وليتهما وأمثالهما يعلمون كم أنهم يشوهون صورة الإسلام والمسلمين.
بعيدا عن ذلك أتساءل لم لا تكون حمى المسلسلات الخليجية والعربية في أشهر غير شهر رمضان، ليتفرغ الناس للعبادة وإكثار الاستغفار في الأسحار؟ لنعتمد شهرا آخر كربيع الأول مثلا ليكون موسما للمسلسلات والمسابقات فنحن من نخلق عاداتنا وليس للأشهر دخل فيها.
نعم لم تمر إلا أيام معدودات من شهر رمضان الكريم،أعاده الله علينا وعليكم بالخير والبركة، ويكذب من يقول إنه كشهر تغير مقارنة بالسنوات الماضية، نحن من تغير ونحن من يرسم صورته في المخيلة ليترك ذكرى، فلا تشوهوا أنتم الشهر حتى لا نعود في سنوات مقبلة لنقول ”رمضان أول غير” وكل عام وأنتم بألف خير.

العدد 937 الأحد14 رمضان 1429 هـ – 14 سبتمبر 2008

ياسمينيات ليتهم يعلمون ياسمين خلف أكثر ما يقززني في شهر رمضان أن يجاهر ''البعض'' بالفطر وعدم الصيام، وكأنه فعل يفاخر به...

إقرأ المزيد »