ياسمينيات
هي من ظلمت نفسها
ياسمين خلف
تظلم المرأة نفسها إذا ما هي اعتمدت على ذاتها بشكل كامل في تسيير أمور حياتها وحياة من معها، بعضهن وهن الغالبية يقمن بذلك ليس حباً في حمل ثقل المسؤولية التي في بعض منها يتملص بعض الرجال من القيام بها، وإنما بسبب ظروف حياتهن التي تدفعهن إلى ذلك دفعاً، وقد تقوم بذلك جهلاً فتعض أناملها قهراً وندماً بعد أن تكتشف أن «من يعطي كثيراً يندم كثيراً».
فقط تلفتوا في حياتكم ألم تروا بأن هناك من تقوم بجميع مسؤوليات منزلها، فهي مَن تربّي وتعلّم وتطبخ وتكنس وتقلّ أبنائها للمدارس وإلى أصدقائهم، وهي من تباشر العمال وتشرف على تصليحات المنزل، وهي من تدفع فواتير الكهرباء، وهي من تأخذ السيارة إلى المرور، وهي من تنهي إجراءات الخادمة، وهي وهي وهي حتى تكاد أن تنسى «هي» بأنها أنثى ومن حقها أن تعيش بهدوء قليلاً، وأن تحصل على من يرعاها لا أن تكون هي من يرعى دائماً، لتنسى في نهاية المطاف وبدلاً من الشكر تواجه باللوم «أنت من قبلت بذلك، وهذا هو جزائك».
ولنكن منصفين، بعضهن مجبرات غير مخيرات، لا عائل لهن، بل هن المعيل، وبعضهن يقمن بذلك على مضض، فوجود الرجل غير المسؤول في منزلها يعني وجوده من عدمه، فتضطر كذلك إلى أن تدفع بدفة حياتها إلى الأمام، فهي لا تقبل أبداً أن يتضرر أبناؤها مثلاً من جراء تهاون زوجها من مسؤولياته، حينها لا نقول إلا «أعانهن الله»، ولكن هناك فئة مخطئة، «كيف»؟ قد يتساءل سائل، نساء ومن حبهن، بل لنقل شغفهن بأزواجهن يجعلهن يقمن بكل شيء طلباً في ود أزواجهن وحباً فيهم «من دون أدنى مبالغة هناك من أعرفهن ارتكبن ذات الجرم في حق أنفسهن» ليتعود الزوج يوماً بعد آخر وعاماً تلو آخر بأنه «السلطان» الذي عليه أن يأكل وينام، ويشاهد التلفاز وأي شيء آخر طبعاً ليس من اختصاصه! لتكتشف المرأة في النهاية «الحقيقة» بأنها تعطي وتعطي ولا تقدَّر، وإن وجدت التقدير فإنها لن تجد الراحة أبداً.
هناك من الرجال من تمنعهم كرامتهم من أن تقوم المرأة ببعض المسؤوليات التي يجدها العرف الاجتماعي أنها من اختصاص «آدم» لا حواء، ولكن لا ننكر أبداً أن هناك رجالاً هم في الحقيقة أشباه الرجال في نظري من لا يجدون أية غضاضة في أن تقوم المرأة بالمسؤوليات كافة، بل يرفضون حتى الخوض في المناقشة التي هي عقيمة حتى قبل أن تبدأ.
قد يصف البعض أولئك النسوة بأنهن مسترجلات، وهي حقيقة أثبتتها البحوث العلمية للأسف، فاستمرار قيام المرأة بواجبات الرجال – حتى وإن كانت كارهة لذلك – تسهم في رفع مستوى هرمون الذكورة عندها تكتسب بعض صفات الرجولة، فحباً فيك يا حواء لا تتعودي على القيام بمهمات الرجال إن لم تكن ظروفك تدفعك إليها دفعاً كي لا تظلمي نفسك ولا تظلمي أنوثتك.
العدد 1083 السبت 12 صفر 1430 هـ – 7 فبراير 2009
ياسمينيات هي من ظلمت نفسها ياسمين خلف تظلم المرأة نفسها إذا ما هي اعتمدت على ذاتها بشكل كامل في تسيير أمور حياتها وحياة...
أحدث التعليقات