التصنيفات:مقالات صحيفة الوطن القطرية

أغفر لهما 

 
حقيقة، ليس كل الآباء صالحين، فمنهم من يعاقر الخمر، ويتعاطى المخدرات، والزاني، والسارق، وهاتك الأعراض، ومنهم من لا يكفي الناس شره، ويذيق أهل بيته المر والعار ويُبقي رؤوسهم مطأطئة خجلاً مما يقترفه من أعمال، فيُدنس سمعتهم، ويؤثر على علاقاتهم مع الناس. 

الأبناء في صغرهم قد يتوارون عن أنظار أقرانهم من فرط ما يشعرون به من نقص إن هم ما قارنوا أباهم مع آباء أصدقائهم، فتتأثر شخصياتهم سلباً، فينطوون على أنفسهم، ويتقوقعون في دائرة منازلهم، ويفقدون الثقة بأنفسهم وبمن حولهم، فتهتز شخصياتهم، وقد يكونون نسخة من والدهم إن هم كبروا، كمن ينتقم من نفسه ومن المجتمع، إن لم تكن الأم الدرع التي تحميهم من شرور والدهم وتصد عنهم هرج ومرج الناس من حولهم. وعلى النقيض إن كانت الأم ذات شخصية قوية قادرة على احتواء أبنائها، وقادرة على مواجهة فساد أبيهم بحسن تربيتها، فيشب الأبناء على الأخلاق الحسنة حتى يكاد لا يربطهم بأبيهم شيء غير الاسم. 

وبالمثل، ليست كل الأمهات صالحات، فيعاني ما يعاني منه الأبناء من هذا الجو الأسري غير السوي. حينها إما أن يجاور الأبناء والديهما في الدنيا معروفاً كما يأمرهم الله، وإما أن ينفروا منهما، وقد تصل الأمور إلى حد الصراع بين الآباء والأبناء، وتستمر الخلافات إلى أن تصل إلى حد القطيعة بينهم، ويتمادى بعضهم فيعزف الأبناء حتى على دفنهما إن هما ماتا. لكن، بين هؤلاء الآباء من يعود إلى رشده، ويتوب توبة نصوحا، فلا يعود إلى سابق عهده من الضلال، فيتقرب إلى الله، ومن بعده إلى أبنائه الذين فقدوا الثقة فيه، وتلاشت كل محبة كانت له يوماً في أنفسهم، وحل محلها الكره والحقد، لحد التبرؤ من كونه أباهم أو أمهم. إلا أنه لا يجد منهم حينها غير العقوق والهجر واللوم الذي لن يغير من الماضي شيئاً. ليس من السهل أن يُبنى ما تم هدمه من علاقة في ليلة وضحاها، وليس من السهل أن يحل الحب قلباً ملء كرهاً وحقداً لسنوات طوال، لكن التائب كما الضائع الذي لم يجد طريقه إلا بمشقة، ويحتاج يداً تشده، لا يداً تدفعه إلى الهاوية التي خرج منها، وإذا كان الأب فاسقاً أو الأم فاجرة قد تابا فعلاً، فهذا يعني إن الله قد فتح لهما باب رحمته ومغفرته.. فمن نحن لنغلق عليهما تلك الأبواب! ياسمينة: الله جل وعلا يغفر ويرحم، فما بالكم

 لا تغفروا لآبائكم، وإن لم يكن، تذكروا قوله تعالى: (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) سورة لقمان- 15.

  حقيقة، ليس كل الآباء صالحين، فمنهم من يعاقر الخمر، ويتعاطى المخدرات، والزاني، والسارق، وهاتك الأعراض، ومنهم من لا...

إقرأ المزيد »

أبنائي وأبناؤك

«أبو العّيال مب داري بعياله، تاركهم عليّ وأنا بالصراحة مب قادرة عليهم، وعلى مشاكلهم»، حديث يكاد يتكرر في كل لقاء بين الأمهات، حتى تكاد تيقن بأن جميع الآباء من صنف واحد، صنف يرى بأن مسؤوليته كأب هو توفير ما يحتاجه الأبناء من مأكل ومشرب وملبس وغيرها من الأمور المالية والمعيشية، وكأن أمر تربيتهم ومتابعة شؤونهم الدراسية أو حتى النفسية ليست من اختصاصه، كونها تندرج -كما يعتقد- ضمن مسؤوليات الأم. 

والأم وإن كانت قادرة على إدارة أمور أبنائها لفترة، إلا أنها قد تصل إلى مرحلة تحتاج فيها إلى أبيهم لمساندتها بل ولإعانتها على حل مشاكلهم وخصوصاً تلك المتعلقة بالأبناء الذكور، وبالأخص كذلك إن كان أولئك الذكور من الأبناء من ذوي السلوكيات غير المقبولة أو ممن يتسمون بأطباع تحتاج إلى ضبط أو حتى تغيير، سواء كانوا من فئة الأطفال العنيدين أو من فئة المراهقين المتمردين. 

أهمية وجود الأب وتدخله في تربية الأبناء لا يقل أبداً عن أهمية ودور الأم في التربية. فما يكتسبه الطفل ويتعلمه ويقتدي به من والده يختلف عن ذاك الذي يتعلمه ويتشربه من والدته، فليس من المعقول أن يكون الأب مصرفاً بنكياً فقط، ووجوده من عدمه سواء، حتى يكاد بعض الأبناء لا يرون والدهم إلا لساعة أو ساعتين في اليوم على الأغلب، أو عند البعض مرة كل نهاية أسبوع، وكأنهم أيتام وأبوهم حي يرزق. 

تقول إحدى الأمهات: عندما يتفوق أبنائي في المدرسة فهو أول من يقول للقاصي والداني «أبنائي» متفوقون، وعندما يبذر منهم أي سلوك لا يعجبه يقول: «أبنائك» غير متربين. في دليل على أنه وحتى على مستوى الألفاظ تجد الأب يجرهم إلى تبعيته متى ما وجد أن سيرتهم سترفع رأسه، وسيدعوهم لأمهم متى ما بذر منهم تصرف طائش وغير مقبول اجتماعياً. 

فمشروع طفل لا يمكن أن ينجح دون تعاون الشريكين «الزوجين» بكل ما يمتلكانه من خبرة وعلم في التربية، والطفل لا ينقصه الذكاء ليفطن -دون كلام- بأن غياب أحد الوالدين يعني أن هناك خللا ما، فإما أن يتأثر به سلباً فينطوي على نفسه، أو يلجأ إلى رفاق السوء، أو يستغل ذاك الغياب في ممارسة كل ممنوع. 
ياسمينة: مسؤولية الأبناء مسؤولية مشتركة، وتخاذل أحد الأبوين عنها غالباً ما تجر بعدها الندم ولكن بعد فوات الأوان
وصلة فيديو المقال 
https://www.instagram.com/p/BUrLBWKDowR/

«أبو العّيال مب داري بعياله، تاركهم عليّ وأنا بالصراحة مب قادرة عليهم، وعلى مشاكلهم»، حديث يكاد يتكرر في كل لقاء بين الأ...

إقرأ المزيد »

ليتنا من كوكب اليابان

بلا أي مبالغة، هناك موظفون وموظفات يشعرونك كأنهم جثث تمشي على الأرض، وهم يجرون أقدامهم جراً للدخول إلى مقار أعمالهم ومكاتبهم، فلا يتوقفون عن التأفف والتذمر من العمل، ولا يجدون أي غضاضة في أن تلتهم متابعاتهم لوسائل التواصل الاجتماعي جل وقتهم الوظيفي، وينتظرون منذ بدء الدوام، الدقيقة الأخيرة التي يقفون فيها على جهاز البصمة، لتنبت لهم أجنحة طائرين إلى حيث وجهتهم، المهم بعيداً عن وظائفهم التي يجدون فيها فقط مصدراً للدخل ولا شيء غير الدخل. 

أين الخطأ والخلل؟ هل من الموظف أم من جهة عمله؟ لما نجد اليابانيين مثلاً يتسابقون على وظائفهم، ويرفضون أخذ إجازاتهم السنوية، وينكبون على أعمالهم انكباباً، لنجد أن في ربع الشركات اليابانية هناك من يقضي 80 ساعة عمل إضافية شهرياً، ويتصاعد الرقم إلى 100 ساعة في 12 % منها، ليصبح «الكاروشي»- وهو المصطلح الأكثر إثارة صحياً في اليابان- كابوساً يؤرق اليابانيين، والذي يعني «الموت من شدة العمل»، خصوصاً أنه وبحسب بعض الإحصاءات يتسبب في موت أو انتحار 22 ألف حالة سنوياً، لدرجة أن الحكومة اليابانية تقدمت بمشروع قانون يقر بفرض إجازة إجبارية مدفوعة الأجر للموظفين. 

لا نريد أن نصل إلى ما وصل إليه الموظفون اليابانيون فنتساقط موتى من شدة العمل، ولكننا نريد على الأقل إنتاجية مُرضية، وإخلاصاً في أداء العمل، لا أن يعمل الموظف ساعة واحدة فقط خلال ساعات دوامه الثماني يومياً، بحسب إحصائية أجريت على موظفي إحدى دول الخليج. 

وإن كنا نطالب الموظف بهذه الواجبات «ليحلل معاشه» كما نقول، فعلى جهات العمل في المقابل أن توفر بيئة العمل المناسبة للموظفين، وتُقدر أعمالهم، وتشجعهم من خلال المكافآت والحوافز على العمل بجدية وابتكار، لا أن تُطالبهم بواجباتهم وتنسى أن عليها هي الأخرى واجبات والتزامات اتجاه الموظف لتحقيق التوازن بين كفتي الميزان. 

فالموظف متى ما تسلل إحساس الظلم في حقوقه كموظف، قلت إنتاجيته لا شعورياً، وانخفضت جودة عمله، وسيجد ألف طريقة وطريقة ليتهرب من مسؤولياته طالما جهة عمله تبخس من حقه الوظيفي. 

لا تنقص موظفينا الأهلية للعمل بكفاءة عالية، ولن يتوانوا أبداً عن العمل وبساعات إضافية إن تطلب منهم الأمر ذلك، ولكنهم يعانون في أغلب الأحيان بخساً في حقوقهم، وعدم تقدير لجهودهم، وعدم توافر بيئة محفزة على الإنتاجية. 

ياسمينة

ليلتفت أرباب العمل لموظفيهم، وليشعروهم بمدى أهميتهم ليكون عطاؤهم أكبر.
وصلة فيديو المقال 

https://www.instagram.com/p/BUUih8EDs5H/

بلا أي مبالغة، هناك موظفون وموظفات يشعرونك كأنهم جثث تمشي على الأرض، وهم يجرون أقدامهم جراً للدخول إلى مقار أعمالهم ومكا...

إقرأ المزيد »

هل تقبل بها زوجة؟

قبل أشهر حدث جدل واسع النطاق في إحدى الدول الخليجية بعدما حُرمت أم مطلقة من حضانة أطفالها، بسبب تدخين الشيشة «الأرجيلة» في المقاهي العامة؛ إذ رأت المحكمة أن «تدخين الشيشة بالنسبة للأم الحاضنة يعتبر سُلوكاً مشيناً، وغير لائق اجتماعياً، ويُسقط الحضانة، لأن الأبناء لن يكونوا في مأمن معها». البعض وجده حكماً ذكورياً، وظلماً للأم، فهي كما الزوج أو الأب مسؤولة عن تصرفاتها الشخصية، ولها الحرية الكاملة في التدخين من عدمه. والبعض وجده حكماً صائباً، فمن تسهر ليلها حتى فجرها في المقاهي لتدخن، حتماً لا يمكن أن تؤتمن على أطفال يرون أمهم قدوة ويحاولون أن يكونوا نسخة منها، فإذا كانت تلك القدوة «مدخنة» فهل ستملك ما ستُقنع به أبناءها بأن التدخين مُضر بالصحة وأسلوب حياة يقودهم إلى الهلاك لا محالة؟ قبل سنوات، في دولنا الخليجية كان تدخين الفتاة للشيشة في المقاهي من السلوكيات التي ينظر إليها المجتمع بنصف عين، ولا أبالغ إن قلت بنظرة فيها من الازدراء أو حتى الاحتقار، فكيف ببنت أو امرأة أن تتجرأ وتسلك مسلك الرجال فتضع رجلاً على أخرى في مكان عام وتنفث الدخان؟ أما اليوم فلا يجد الأخ غضاضة، ولا الزوج حرجاً ولا حتى الأب نقيصة أن جاورتهم محارمهم ليتقاسموا أوقاتهم في تدخين الشيشة، بل يجد البعض أن من الرجعية أن ترفض المرأة مجاراة الأخريات في ارتياد تلك المقاهي وتدخين الشيشة! ولا أكذب، إن قلت إن أحد الشباب عندما تقدم لإحداهن اشترط عليها عدم التدخين، كونه غير مدخن، ولا يحبذ أن تكون شريكة حياته من المدخنات، ووافقت على شرطه، واليوم هي قاب قوسين أو أدنى من الطلاق بعدما نكثت عهدها، وأخذت تتأخر وبشكل شبه يومي في المقاهي بداعي التدخين، حتى ساعات الليل الأولى، ضاربة مسؤوليتها كأم وزوجة عرض الحائط، بحجة أنها عجزت عن الانقطاع عن التدخين! قبل أن تكون الأحكام القانونية هي الرادع لبعض الزوجات والأمهات لترك التدخين، وقبل أن تكون نظرة المجتمع الدونية للأنثى المدخنة، عليها أن تتذكر جيداً أنها قدوة غير مشرفة لأبنائها، وإن كان كل ذلك لا يعنيها أو يهمها فلتلتفت إلى الأضرار التي مللنا جميعاً من تكرارها والتي منها أثرها السلبي على جمالها وأنوثتها. فصوتها سيتغير، وستزحف التجاعيد مبكراً إلى بشرتها، وستفقد رائحتها العطرة وستلازمها رائحة الدخان، وستصفر أسنانها هذا غير الأمراض الصدرية والسرطانات، والأهم أنها قد تكون سبباً في يُتم أطفالها مبكراً. 

ياسمينة: لا تلوثي أنوثتك بالدخان. 

قبل أشهر حدث جدل واسع النطاق في إحدى الدول الخليجية بعدما حُرمت أم مطلقة من حضانة أطفالها، بسبب تدخين الشيشة «الأرجيلة»...

إقرأ المزيد »

العبودية بعد عمليات التجميل 

عندما يعمل موظف براتب أو حتى رتبة أقل مما يستحق نظير الشهادة الأكاديمية التي يحملها أو الخبرة التي يمتلكها فهو يعاني من العبودية. عندما تعمل موظفة في عمل لا يحترم ضعفها كأنثى، فهي واقعة تحت مقصلة العبودية. وعندما يضطر طفل إلى ترك مقاعد الدراسة لينضم لقائمة العمال فهو الآخر يلحق بركب العبودية! فالاستعباد يتشكل بأوجه مختلفة، وقد نكون جميعاً نستعبد آخرين، أو ربما يُمارس علينا الاستعباد بوعي منا أو من غير وعي! فعندما تجبر على القيام بأعمال إضافية غير تلك المتفق عليها في عقد العمل، أو تجبر على البقاء لساعات إضافية تصل عند البعض إلى 16 ساعة في اليوم، فقط لسد النقص في عدد الموظفين كي لا يتحمل رب العمل تكلفة توظيف موظف جديد فأنت واقع تحت أمرة سيد يتلذذ باستعباد الآخرين! وما الذي يمنعه مادام يجني الأرباح الشهرية التي تغريه يوماً بعد يوم للاستمرار في سياسة استعباد من يلهث ليسد جوعه وجوع عياله؟ وإن كنت من أولئك فأنت عبد لا محالة! 

فالعامل أو الأجير الذي يعمل في بيئة عمل لا تتوافر فيها مقومات السلامة المناسبة، وتتعرض حياته للخطر فهو يُستعبد مقابل حفنة من الريالات أو الدنانير! وتلك الخادمة أو مدبرة المنزل إن شئنا أن نطلق عليها لنُخلص أنفسنا من تأنيب الضمير والتي تعمل لساعات غير محددة من الصباح الباكر قبل أن نستيقظ وحتى نغلق نحن أعيننا فهي من الرق والعبيد ولكن بعد أن أجرينا على ألفاظنا عمليات التجميل. قائل سيقول: ومن أجبرهم على الاستمرار أو تقبل هذا الوضع المهين والمشين، فالدنيا واسعة وعليهم البحث عن عمل آخر، وأقول: لنكن صادقين مع أنفسنا، فرص العمل في العالم أجمع في تقلص، وأعداد العاطلين في زيادة مرعبة، وإن كان ذاك أوفر حظاً كونه من حملة الشهادات، فإن ذاك العامل البسيط سيتشبث بالعمل الذين بين يديه كما يتشبث الهاوي من مرتفع بأي شيء قد يمر من أمامه. وإن دعت البعض الحاجة إلى تجرع العلقم المر من الأوضاع والصبر عليها، فإن ذلك لا يعني استغلال حاجتهم للعمل وممارسة صنوف أنواع العبودية التي تهين من كرامتهم قبل أن تدمرهم جسدياً ونفسياً وحتى اجتماعياً، بل وترجعنا إلى زمن ظننا يوماً أنه قد ولى وليس له من عودة أو رجعة. 

ياسمينة: نحن نساهم في استمرار ظاهرة الرق، وإن انسلخ المفهوم من العبودية وتجمل بمسميات أخرى كموظف، أو عامل، أو حتى مدبرة منزل!
وصلة فيديو المقال 

https://www.instagram.com/p/BTwVzZ9jB-h/

عندما يعمل موظف براتب أو حتى رتبة أقل مما يستحق نظير الشهادة الأكاديمية التي يحملها أو الخبرة التي يمتلكها فهو يعاني من...

إقرأ المزيد »

أن تكون رسولا

​تفقدت حقيبتها، فجن جنونها، أين محفظتي؟ لابد أن واحدة من الطالبات قد امتدت يداها طويلاً فسرقتها، جرت نحو غرفة الإدارة شاكية الطالبات، فالمحفظة كانت في الحقيبة، وليس لها بطبيعة الحال أرجل لتخرج منها! هدأت المشرفات من روع المعلمة وبدأن بجرد ملفات الطالبات، باحثات عمن لهن سوابق، فكان لهن ما أردن، إحدى الطالبات لها سوابق! إذن هي السارقة بعينها، ولا أحد سواها!. وجهت لتلك الطالبة الاتهام، نكرت، ورفضت الاتهام جملة وتفصيلا، واقسمت بأغلظ الأيمان بأنها بريئة ولكن لا أحد منهن صدقتها. هددوها باستدعاء ولي أمرها، ولم تجد أدمعها بالتوسل بعدم ارتكابها لذاك الجُرم. مرت ساعات الدوام المدرسي ثقيلة على الطالبة المحطمة نفسياً، والمشهر بها بين الطالبات بأنها السارقة التي لم تحترم مربيتها. وعادت المعلمة للمنزل وهي حنقة على الطالبة لتفاجأ بأن المحفظة لم تبرح مكانها، وهي على طاولتها في المنزل!. هل سيفيد بعد كل ذلك اعتذار المعلمة للطالبة؟ وهل هدية ستقدمها لها مثلاً لتعبر من خلالها عن أسفها سيبرئ الجرح العميق الذي تسببته لتلك المراهقة التي وبلاشك غرقت حتى أذنيها في الخجل أمام زميلاتها ولذنب لم تقترفه أصلاً؟ وإن كانت من ذوات السوابق، فهل ذلك يعطي الحق للمعلمة اتهامها قبل التأكد التام من ارتكابها لهذه الجريمة؟ أليس من واجب المعلمة -كمربية فاضلة- أن تتأكد من جميع الأماكن التي ارتادتها لتتفقد ما ضاع منها، قبل أن توجه سيل اتهاماتها للطالبة؟

إن تصرفا بهذا التسرع، الفاقد للتأني، لا يتناسب مع شخصية المربي، الذي عليه ان يكون قدوة لطلبته، والذي غالباً ما يترك أثراً نفسياً عميقاً لديهم طوال أعمارهم. فطالبة مثل تلك، حتى وإن تابت والتزمت بالسلوك السوي، إن احاطتها هذه النظرة الشكاكة في تصرفاتها، وعدم تصديقها هل سنتوقع منها التوبة النصوح؟ 

إن كان المربون يرددون دوماً شطر البيت الشعري:

كاد المعلم أن يكون رسولا.. عليهم فعلاً أن يكونوا كذلك، وأن يقتدوا بالرسل بأخلاقهم والتي منها بألا يقذفوا طلبتهم ويتهموهم جزافا!، مثل هذه النماذج السلبية بين المربين حتماً لا تشمل الجميع، فهناك نماذج جميلة، تؤكد على أن بعض المربين يتحلون بخُلق عظيم، يحبب الطلبة بهم، ويحببهم بالمادة الدراسية التي يدرسونها، وكم هو جميل تعبير طلبة إحدى المدارس الإعدادية في إحدى الدول الخليجية، عندما حضروا جميعاً حفل عقد قرآن مدرسهم، بل واحتفوا به مبتهجين عندما حضر أول درس له معهم بعد قرآنه، مقدمين له الهدايا والحلوى، ومرددين له أهازيج الزواج، وكل ذلك يعكس مدى معاملته الجميلة لهم. 

ياسمينة: لا نعمم، ولكن لنذكر بأن للمعلم هيبة، ولوظيفته قدسية عليه أن يحترمها، ليُحترم.

وصلة فيديو المقال 

https://www.instagram.com/p/BTd_5XYDRPu/

​تفقدت حقيبتها، فجن جنونها، أين محفظتي؟ لابد أن واحدة من الطالبات قد امتدت يداها طويلاً فسرقتها، جرت نحو غرفة الإدارة شا...

إقرأ المزيد »

الجماد أغلى من بعض البشر 

عند الإشارة الضوئية، وحالما توقفت السيارات لضوئها الأحمر، قفز أحد الشباب من مقعده ليتفقد مقدمة سيارته، التي كما يبدو أنها تعرضت لضربة خفيفة أو ما شابه في هيكلها الخارجي أثناء قيادته لها، أخذ يتفحص، ويمسح بيده عليها مراراً وهو ينفخ عليها ليتأكد إن ما من شيء قد أصابها، تنفس الصعداء وطفق إلى مقعده مرة أخرى قبل أن ينزعج السّواق الآخرون من تأخره في تحريك سيارته. 

تصرف هذا الشاب جعلني أفكر ملياَ، ماذا لو تصرفنا جميعاً كما تصرف هذا الشاب، ليس مع سياراتنا بالطبع، ولكن مع بعضنا البعض كبشر، ماذا لو حملنا لبعضنا البعض ذات المشاعر التي نحملها لبعض مقتنياتنا من الجماد، والتي بعضها نغليها فنحافظ عليها، ونبعدها عن كل ما قد يتلفها أو حتى يحدث فيها أي خدش أو ضرر. 

لما لا نتفقد ذاك الأخ الذي قد سمع منا كلاماً دون قصد فأزعجه، فنتأكد أن تلك الكلمات لم تضره نفسياً أو تحبطه، لما لا نتأسف لتلك الأخت التي جُرحت مشاعرها بقصد أو حتى دون قصد، فنعتذر منها كي لا تترك تلك الكلمات ندوباتها على مشاعرها. لما لا نعتذر لذاك الزميل الذي قد فهمنا خطأ، وأثر ألا يقترب منا أكثر بعد أن أخذ موقفاً دون علمنا. تلك الزوجة والزوج وبعد سوء الفهم والخلاف والشجار لما لا تكون الكلمات الحانية أولى الكلمات التي يتقربون فيها من بعضهما البعض، بدلاً من توجيه سهام الانتقادات، والرمي باللائمة كل على الآخر، وكأن المشاعر أرخص وأقل أهمية من كل ما نقتنيه من جماد يعز علينا كسياراتنا الفارهة، أو مجوهراتنا وقطع الأثاث النادرة أو حتى ملابسنا التي نعتز بها وخصوصاً لدينا نحن الفتيات. 

ليتنا نعلم ونتعلم أن الكلمة التي تخرج وتجرح تترك ندوباتها في أنفس الكثيرين، وجرحها يكون غائراً في النفس كلما كانت تلك الكلمة من عزيز أو قريب، قد ينسى من تكلم وجرح، ولكن لن ينساها قلب من كُسر ولم يجبر. ليتنا نتعظ فكما لممتلكاتنا والجماد من حولنا عمر افتراضي فالبشر أعمارهم أقصر، وإن العمر قد لا يمهلنا لنقول عذراً لم أقصد! عاهد نفسك أن تعامل من تحب على أقل تقدير كما تعامل ذاك الجماد الذي لا يتنفس. 

ياسمينة: مهما كان نوع الجماد الذي تقدسه، قل إن عائلتي، وأهلي واصدقائي إلى نفسي أقرب. 
وصلة فيديو المقال 

https://www.instagram.com/p/BTQfw26jHPI/

عند الإشارة الضوئية، وحالما توقفت السيارات لضوئها الأحمر، قفز أحد الشباب من مقعده ليتفقد مقدمة سيارته، التي كما يبدو أنه...

إقرأ المزيد »

وانتحرت اﻹنسانية 

​بغض النظر عن الأسباب التي دعت الخادمة الأثيوبية إلى الإقدام على الانتحار في إحدى الدول الخليجية، وبعيداً عن حالتها النفسية وقواها العقلية اللذين سلباها حُسن التصرف حينها، هل أصبح هوس التصوير للتفاعل مع المتابعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي أهم بكثير من حياة البشر عندنا؟ هل اللايكات باتت أكثر متعة لدينا من مد يد العون ومساعدة الآخر، أو حتى إنقاذه من هلاك هو مقدم عليه لا محالة؟ هل تحجرت القلوب لدرجة متابعة مشاهد ما قبل الموت؟ وكأن الموت أصبح مشهداً تُقتنص لحظاته لنصوره ونشاهده ونحن مسترخون على كراسينا الوفيرة، وليكون مادة دسمة لإطلاق النكات و«المسخرة» على إنسان فقد عقله في لحظات وقرر إنهاء حياته!. 

مؤمنة بأن الإنسان المقدم على الانتحار يصل في لحظات إلى مرحلة الجنون التي تفقده عقله فلا يدرك حجم ما هو مقدم عليه من إزهاق روحه بنفسه، فسيل العواطف القوية هي التي تجرفه لا أفكاره العقلية، وبالتالي أنت تتعامل مع إنسان مريض حد الجنون، وثني مقدم على الانتحار عملية ليست بالسهلة وأشبه بمحاولة إقناع طفل بعدم التهام حلوى في قبضة يده.

لا ننكر الموقف الصعب الذي وضعت فيه صاحبة المنزل تلك «المعزبة» والتي لا تحسد عليه إطلاقاً، فليس من السهل أبداً مواجهة موقف إقدام شخص على الانتحار، فسرعة التصرف وحسنه قد لا يملكها الكثيرون منا في مثل هذه المواقف، ولكن ما يثير الاستغراب حقاً هو إنها وكما يبدو من نبرة صوتها خلال عملية التصوير إنها لم تكن مرتبكة، وهي تلتقط الثواني الأخيرة من حياة تلك الإنسانة، التي وكما يبدو إنها وبعد أن قررت أن تضع حداً لحياتها، وواجهت الموت وجهاً لوجه استرجعت عقلها وأخذت تطلب النجدة والمساعدة، وبدلاً من أن تتدارك «المعزبة» صاحبة المنزل الموقف، وتستجيب لنداء إنسانة تستغيث، وتحاول ولو لمجرد المحاولة أن تنقذ حياتها، تركتها لتصارع الموت لوحدها، لتتفرغ هي لعملية التصوير، والتعليق على المشهد! والتي كان عليها وكأضعف الإيمان أن تكسب وقت ذاك التصوير في طلب نجدة رجال الشرطة أو الدفاع المدني أو أي شخص آخر يمكن أن ينقذها. 

ياسمينة: لطف الله بهذه الإنسانة فلم تلق حتفها، ولكن من بيننا من فقدوا الإنسانية والرحمة، وفقدوا أنفسهم وهم أحياء. 
وصلة فيديو المقال 

https://www.instagram.com/p/BSoHJj8DkPc/

​بغض النظر عن الأسباب التي دعت الخادمة الأثيوبية إلى الإقدام على الانتحار في إحدى الدول الخليجية، وبعيداً عن حالتها النف...

إقرأ المزيد »

لا تموت فقيراً 

مخطئ من يكرر على مسامع أطفاله جملة: أدرس كي تحصل على وظيفة جيدة في المستقبل!، فمن باب أولى بعد مرور الآباء بتجارب الحياة أن يكرروا على مسامع أطفالهم جملة «أدرس لتنهل العلم والمعرفة، ولتتعلم من أين يمكنك أن تحصل على المال كي لا تموت فقيراً»، فالوظيفة ما هي إلا مصدر للدخل، تؤمن له مصروفاته وتعيل عائلته وقد تمتعه حيناً من الزمن، ولكنها وفي نهاية المطاف وبعد الإحالة على التقاعد لن تكون إلا فتات من الأموال التي قد لا تكفي لقائمة الأدوية، ولحساب المستشفيات، وربما لراتب الخادم الذي سيحتاجه في مساعدته في تدبير أموره الحياتية، فالأجدى أن يعلم ابنه كيف لا يفني حياته في عمل أرباحه لغيره، فيموت فقيراً غير مأسوف عليه. لنعلم أطفالنا، بأن باب الرزق لا يتوقف عند مكتب، ووظيفة محددة بدوام رسمي، لنعلمهم بأن هكذا وظائف لا تنظر إلى الموظفين سوى جسراً يبلغ فيه صاحب العمل أهدافه ويراكم من خلاله أرباحه، وإن عقله سيبقى داخل الصندوق وسيحرم نفسه من الإبداع والانطلاق نحو حياة قد يتفاجأ هو من مدى جمالها لو خرج من إطار الصندوق الذي حصر نفسه بداخله. الخوف قد يكون هو السبب الرئيسي الذي يدفع الكثيرين إلى الجمود وتقبل الأمر الواقع، وهو الذي يمنع آخرين أيضاً من الإقدام على تغيير حياتهم، فيبقون في حالهم السيئ سنوات طويلة وربما حتى نهاية أعمارهم، دون أن يحاولوا ولو لمجرد محاولة أن يجدوا طريقاً آخر غير البقاء وانتظار وظيفة ما بعد التخرج من الجامعة. فالركون في زاوية والمشي بمحاذاة الحائط خوفاً من خسارة القليل الموجود، يخالف كل تجارب من نجد أسماءهم اليوم في قائمة الأغنياء أو حتى أثرياء العالم. كثيرة هي تجارب من حولنا، فمنهم من تنبه لهذا الأمر متأخراً بعض الشيء فتلاحق نفسه بالتجارة، ومنهم من فطن للأمر منذ البداية فنال ما نال من نصيبه من العلم وأسس مشروعه الخاص، وبدلاً من أن يكون موظفاً أصبح في مقتبل العمر صاحب عمل خاص! فتقدموا على أقرانهم من الموظفين بمراحل، فالحياة تحتاج منا المجازفة والمخاطرة، وألا نقيد أيدينا بأنفسنا وتبقى أعيننا تنظر للضفة الأخرى الأجمل دون أن نحاول أن نعبر الجسر حتى وإن كان مليئاً بالأشواك والعثرات. فكما يقول المؤلف روبرت تي في كتابه الأب الغني والأب الفقير، إن هناك أسرارا يعلّمها الأثرياء ولا يعلّمها الفقراء لأبنائهم عن المال، والتي منها ألا ينتظروا وظيفة ما بعد التخرج من الجامعة، بل يسعوا لخلق وظائفهم بأنفسهم. ياسمينة: قد فاز باللذات من كان جسورا.

وصلة فيديو المقال 
https://www.instagram.com/p/BSbFLSvjtb2/

مخطئ من يكرر على مسامع أطفاله جملة: أدرس كي تحصل على وظيفة جيدة في المستقبل!، فمن باب أولى بعد مرور الآباء بتجارب الحياة...

إقرأ المزيد »

هل قلتَ فاشلات ؟!

ياسمين خلف 
لا شيء يخجل صديقتي ويجعلها تنكمش على نفسها أكثر من سؤالها عن مهنتها أو الوظيفة التي تشغلها، فهي وبعد زواجها وأمومتها، تركت العمل مرغمة لتتفرغ لمسؤوليتها الجديدة. حاولت لفترة أن تجمع بين مسؤوليتها كزوجة وأم وبين العمل، ولكن ظروف قاهرة أجبرتها على ترك العمل لتحمل اليوم لقب ربة منزل.. إلا أنها لم تعد تحتمل كما تقول كلمات التجريح واللمز والهمز من البعض عندما تجيبهم بأنها «ربة منزل»، فتفكر ملياً في العودة للعمل لا لحاجة مادية، كما تقول وإنما لتعيد لنفسها المكانة الاجتماعية التي كانت تتمتع بها. 

مشكلة صديقتي هذه ليست من صنيع أفكارها، بل من صنيع فكر مجتمع ينظر للأسف إلى ربات البيوت نظرة لا أقول دونية، ولكن أقول بنظرة أقل مما يستحقن فعلاً، إذ تُبخس من حقها في مقابل تبجيل من تعمل، فتضع للأخيرة ألف حساب في حين لا تدير بالاً لربة المنزل، فتشعرها أنها وإن لم تكن من أولئك النساء الموظفات، فهي بلا قيمة ولا أهمية!. 

ولنقلها صراحة قد تُحترم الموظفة عند البعض أكثر من تلك ربة المنزل، حتى وإن كانت تلك الموظفة فاشلة في منزلها وفي وظيفتها كزوجة وأم.. فكثيرات لا يمكنهن التوفيق بين كفتي ميزان العمل والمنزل، وكثيرات منهن يجعلن من العمل أولوية، فيكون الزوج والأبناء الضحية، ولكن من يعلم بها وهي داخل جدرانها الأربع؟ فكل ما يعرفونه أنها موظفة ناجحة. 

من قال إن ربات البيوت نساء فاشلات؟ إن نظرنا خلفنا سنجد أن أكثر جداتنا وأمهاتنا قد قمن بمسؤوليات تعجز الكثير من الموظفات القيام بها، ومن ربط التخلف وحتى محدودية التعليم بمن وجدت من منزلها أولوية تستدعي منها التفرغ لها؟ فإن نظرنا حولنا سنجد أن بيننا ربات منازل يحملن شهادات أكاديمية عالية تصل حتى إلى الدراسات العليا، ولكنهن آثرن التفرغ لمسؤولياتهن كزوجات وأمهات، ما دام العمل لا يشكل لهن ضرورة، فيجبرن على الخروج للعمل. 

وظيفة الأم والزوجة أصعب من الكثير من الوظائف التي لا تتطلب الكثير من المجهود، فالعمل في المنزل لا يتوقف على مدار الساعة، فلا إجازات، ولا راتب، ولا مكافآت أو حوافز، ربة المنزل تدير كل الأمور مجتمعة التربوية منها والصحية، والنفسية، والاجتماعية، والغذائية، والسلوكية، والرجعي هو من ينتقص من دور ربات البيوت وليس تلك التي نذرت نفسها في بناء أمة. 

ياسمينة: لا تخجلي وأرفعي رأسك فوظيفتك مقدسة.
وصلة فيديو المقال 
https://www.instagram.com/p/BSG3FfMjoxn/

ياسمين خلف  لا شيء يخجل صديقتي ويجعلها تنكمش على نفسها أكثر من سؤالها عن مهنتها أو الوظيفة التي تشغلها، فهي وبعد زو...

إقرأ المزيد »