نشرت فى : فبراير 2010

رسالتي إليك يا خير البرية

ياسمينيات
رسالتي إليك يا خير البرية
ياسمين خلف

ياسمين خلف

سيدي يا أبا القاسم يا رسول الله، في يوم ذكرى وفاتك، أبعث إليك برسالتي هذه، لأبلغك بأن أمتك التي تعتبر ”خير أمة أخرجت للناس” للأسف شوّهت معنى الإسلام، تفسخت من الأخلاق، كفّرت غيرها، توهّمت بأنها على حق، وغيرها على باطل، بل إن بعضاً من أمتك شرّعوا لأنفسهم بأن يكونوا في مقام الرب، أدخلوا من أرادوا الجنة وزجّوا بمن يكرهون ويمقتون في النار، استصغروا غيرهم، حقّروا ضعيفهم، كبيرهم طغى وتجبّر وصغيرهم لا يحمد ولا يشكر، أكلوا مال اليتيم، جاهروا بمعاصيهم، ألسنتهم تبرأت مما يقولون من بذيء الكلام وأوضعه، ألم تقل يا سيدي إن المسلم من سلم الناس من لسانه ويده؟ ها هم مَن يُحسبون عليك سيدي يسوؤون غيرهم بلسانهم الذي لا ينفك عن الغيبة والنميمة وجلد الآخرين بكلامهم المسموم، يشتمون يلعنون ويصفون غيرهم بأقبح الصفات، حاربوا بعضهم وشمتوا أعداء الإسلام بهم، ومع ذلك يدّعون بأنهم من انتهجوا نهجك وساروا على دربك وأنت وربي بريء منهم إلى يوم يبعثون .
سيدي يا خير البشر يا من اصطفاك الله وقال في كتابه الشريف عنك ”وإنك لعلى خلق عظيم” تبدأ بالسلام وتجالس الفقراء وتبتسم في وجه من يحدثك، وعلى الرغم من حسن خلقك كنت تدعو ويلهج لسانك بالتعوذ من سوء الأخلاق ”اللهم كما حسّنت خلقي فأحسن خلقي” كما كنت دائم الدعاء ”اللهم إني أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق” هذا وأنت النبي وخاتم المرسلين، فعجبي كل العجب من أمتك التي توهمت بأنها الأحسن خُلقا وهم قد ترفعوا عن السلام ونبذوا الفقراء ولا يقابلون من يحدثهم إلا بوجه متجهِّم عبوس، تكبروا وتجبروا وفهموا الدين المحمدي بشكل مغلوط، ونسوا قولك الشريف ”إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً” وتغافلوا عن قوله تعالى ”لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً”. (سورة الأحزاب:21).
حبيبي يا رسول الله بعض التاريخ يقول إن اليوم ذكرى وفاتك، وحسبي أنك تُتوفى كل يوم وأنت ترى حال أمتك المتردي من الأخلاق، لن يقبلوا بقولي هذا سيذمونني سيلعنونني ولن أبالي إن قلت إن اليوم من المسلمين من يخجل المسلم بأنهم من طائفته، وإن هناك ممن تمسكوا بأديان مختلفة عرفوا الأخلاق النبوية وانتهجوا سيرتها فكانوا بأخلاقهم أرفع من كثير من المسلمين، فالمؤمن الحق من اتبعك سيدي في أخلاقك وآدابك لا من نادى بأعلى صوته بأنه مسلم وهو خاوٍ من الأخلاق المحمدية، قلت كثيرا في الأخلاق سيدي، ولكن من سمعك واهتدى بهديك قلت فيما قلت ”ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن؛ وإن الله يبغض الفاحش البذيء”، وقلت ألف صلاة عليك وعلى آلك وسلم ”أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، و”خياركم خياركم لأهله” وخطبت فيهم وأكدت عليهم وقلت ”إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، ومع كل ذلك سيدي أخلاقنا اليوم لا تزال غير ”محمدية”.
ختاماً سيدي ما يسعني إلا أن أقول ”ربي ارزقنا شفاعته يوم الدين”.
المحبة ”ياسمين خلف”

1454 السبت 29 صفر 1431 هـ – 13 فبراير 2010

ياسمينيات رسالتي إليك يا خير البرية ياسمين خلف سيدي يا أبا القاسم يا رسول الله، في يوم ذكرى وفاتك، أبعث إليك برسالتي هذه...

إقرأ المزيد »

أتقارن زوجتك بـ «عاهرة»!

ياسمينيات
أتقارن زوجتك بـ «عاهرة»!
ياسمين خلف

ياسمين خلف

كانت في حالة انهيار تام، لم تنتصر على دموعها التي جرت غصبا عنها، تمنت له الموت من صميم قلبها، وهل دون الموت ما يبعده عنها؟، سألتني وكأنها تريد إجابة لتجد من يطبطب عليها مؤازراً، يحنو عليها بكلمة بعد أن شعرت بأنها في لحظة فقدت أنوثتها، جرّدت من كل أسلحتها، وإن كنت لا استبعد أنها- بحيلة عقلية لا شعورية- تريد ربما أن تبرر له موقفه لتجد له عذراً، وإن كان على حساب نفسها! فعِشرة الخمسة عشر سنة من الزواج لا تهون عليها، وهي بنت الأصل والحسب والنسب، هل يفضح شيء؟ هل قصرت معه؟ قالت وهي تجهش بالبكاء المرير ‘’لم أعد أحتمله أكثر، نفَسُه كما النار يحرقني بها عندما ينام بجواري، كيف يطلب مني أن أكون زوجته كما كنت قبل أن يفتضح الله أمره أمامي صدفة!، بل وكيف تسوِّل له نفسه ضربي وعلى مرأى من أطفالي دفاعا عن عاهرة.
هي ليست الوحيدة التي طعنت بخنجر في الوريد، هناك كثيرات غيرها، وبالمثل هناك من الرجال من طعنوا بذات الخنجر من زوجاتهن، وقد يكون خنجراً من صنعهم، فالمرأة أو الرجل قد يمهدا السبيل لخيانتهما متى ما أوقعهما حظهما بشريك لا يضع الله أمامه، ولا يهمه غير متعته الشخصية، وكلمة حق يراد بها باطل قد تكون ملائمة لوضع كثير من البيوت، فالرجل متى ما تعرت حقيقة أفعاله قال ‘’هي من دفعتني لهذا الطريق، لم تعد تلك المرأة التي تزوجتها، لا تهتم بنفسها ولا بمظهرها كما كانت’’، وكأنه طفل يغار من طفل آخر، خصوصا إذا ما وضع نفسه في مقارنة ساذجة مع أبنائه ‘’هي تحبهم وتعتني بهم أكثر مني’’ وكأنه يطلب من زوجته التفرغ التام له كوصيفة لا همّ لها غير إسعاده والوقوف على طلباته ومتطلباته، متناسيا أنها بشر قبل كل شيء وأنها تحمل على ظهرها مسؤوليات لا يدركها إلا الأرمل الذي يصرخ من أعماقه بأنه لم يعد يقوى على تربية أطفاله وتلبية احتياجاتهم وحده، وأنه بحاجة إلى زوجة وأم، علها تقوم بتلبية احتياجات أبنائه، فالمرأة اليوم أقرب إلى المرأة الآلية الحديدة، تبدأ يومها وتختمه في حركة متواصلة ورغم ذلك تحاول جاهدة التوفيق بين جميع أدوارها – وأعني هنا الحالات السوية، وأظنها لأغلبية النساء – قد نلومها إن هي أهملت نفسها حد النسيان، ولكن علينا أن نكون منصفين ولا نطلب منها أن تكون خارقة في كل أدوارها، وعلى الزوج تقبل عثراتها بين الحين والآخر، فمن الظلم أن نقارنها بحالها وهي زوجة جديدة لا زال بياض فستان زفافها باقياً في الذاكرة لم يشبْهُ غبار الزمن، وبين وضعها كأم لعدد من الأبناء وموظفة، بل ‘’حرام’’ على الرجل أن يقارن أم أطفاله بـ ‘’عاهرة’’ اتخذت من إمتاع الرجل مهنة فتكابد على التميز والتفنن فيها.
هذا موقف الزوج الخائن، وللزوجة الخائنة مبرراتها التي لا تقل قباحةً عن فعلها وأكثرها تداولاً بأنه ‘’زوجها’’ لاهٍ عنها بالعمل، لا يرجع إلى المنزل إلا وهو منهك، متناسية هي الأخرى بأنه لا يفني عمره هكذا في العمل إلا لسعيه لحياة أفضل وأكثر رفاهية لها ولأبنائهما، فتهدم بيديها بيتها وسعادتها – التي لا تلتفت إليها إلا بعد فوات الأوان.
الخيانة في كل أمور حياتنا غير مبررة في قاموسي ومؤلمة، وتصل إلى حد الوجع عندما تكون من المقربين إلينا، خصوصا إن كانت صادرة ممن وصفهم الله بــ ‘’هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ’’ (البقرة: 187)

1452 الخميس 27 صفر 1431 هـ – 11 فبراير 2010

ياسمينيات أتقارن زوجتك بـ «عاهرة»! ياسمين خلف كانت في حالة انهيار تام، لم تنتصر على دموعها التي جرت غصبا عنها، تمنت له ا...

إقرأ المزيد »

هذه هي كربلاء

ياسمينيات
هذه هي كربلاء
ياسمين خلف

ياسمين خلف

لست أدري لم كلما جاء اسم الإمام الحسين بن علي ”ع” جالت في خاطري فكرة، بها عبرة، أعجز عن الكتابة عنها، ليس قصرا في ألفاظي ومعاني الكلمات في فهرسي، بل لأني موقنة بأني لن أوفي هذا الإمام حق قدره، فتشاغبني حينها العبرة، كيف لا وهو الشهيد العطشان الغريب بكربلاء، وهو المظلوم ابن بنت رسول لله. من قال عن ملحمة كربلاء إنها مدرسة لم يبالغ، فالشواهد تنطق بذلك، والسعيد منا من اتخذ منها قدوة، خذ مثلا على ذلك في رقي العلاقات الأسرية والإنسانية لأبطالها، فستجد أن التاريخ يحكي عن أناس قدسوا علاقة الأخوة وفي ذلك يضرب لنا أبو الفضل العباس مثالا صارخا على ذلك، عندما كان كالظهر لأخيه الأمام الحسين، حتى قال الأخير عندما قتل أخوه العباس ”الآن أنكسر ظهري وشمت بي عدوي” ليس ذلك فحسب فحتى على مستوى الألفاظ المستخدمة فستجد أن العباس لم ينادِ أخاه الأمام الحسين قط باسمه، احتراما لمكانته ولسنه، فيما عدا مرة واحدة طوال حياته عندما رفع الأمام الحسين رأسه على حجره في واقعة الطف فقال له ”أخي حسين، أدركني يا ابن والدي، عليك مني السلام يا أبا عبدالله”.
وهاهما الأمام الحسين وأخوه قمر بني هاشم – العباس- قد علموا من أراد أن يتعلم كيف هي علاقة الأخ بأخته، كيف هي المحبة والتقدير والاحترام الذي يجب أن يكون، فوقرا أختهما السيدة زينب – عليهم أجمعين السلام- وذادوا عنها وحرصوا على مشاعرها كأنثى، ولم ينكر التاريخ مواقف أخيهم الأمام الحسن ”ع” مع أخته العقيلة – ألم يخبئ الطست الذي تقيأ فيه دما وفلذة من كبده بعد أن دست إليه زوجته جعيدة بنت الأشعث السم في طعامه حتى لا تحزن عليه أخته زينب وتموت كمدا؟”
وإن ذكرنا أم المصائب زينب ”ع” وأخاها من أبيها العباس سنذكر كم هو جميل أن يكون للمرء منا عمة مثلها أو عم مثله، ألم تتكفل العقيلة بأيتام أخيها الحسين وتكون لهم اليد الحنون؟ ألم يستحِ أبو الفضل العباس أن يرجع لابنة أخيه ”سكينة” وهي الطفلة دون أن يلبي طلبها ويعود بالماء إليها بعد أن جفت حلوقهم ويبست ألسنتهم من شدة العطش؟ أونسينا حبيب بن مظاهر صاحب الرسول الأعظم ورفيق الأمام علي بن أبي طالب والذي جاوز عمره الخمسة والسبعين في واقعة كربلاء فأبى ألا يترك حفيد الرسول وحده في بوغاء الحرب فنصره حتى استشهد! ألم يضرب في ذلك مثلا لمعنى الصداقة والوفاء لمن نحب؟
وهاهو علي الأكبر ابن الحسين عليهما السلام قد ضرب مثلا للشاب البار المطيع لوالده، حيث أنه لم يدخل ساحة المعركة إلا بعد أن استأذن والده، في إشارة إلى أهمية طاعة الوالدين.
لواقعة الطف عبر ودروس لا تتوقف عند إحقاق الحق ونصرة الدين، فلها من الأبعاد ما هي أعمق وأدل، وإن كانت جميعها تعترف بأن الحسين رسالة يمكن أن تقرأ بطرق مختلفة وتفهم معانيها ورموزها بأشكال متعددة، فعظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب أهل البيت، عليهم جميعا منا سلام الله.

1446 الجمعة 21 صفر 1431 هـ – 5 فبراير 2010

ياسمينيات هذه هي كربلاء ياسمين خلف لست أدري لم كلما جاء اسم الإمام الحسين بن علي ''ع'' جالت في خاطري فكرة، بها عبرة، أعج...

إقرأ المزيد »

شئنا.. أم أبينا

ياسمينيات
شئنا.. أم أبينا
ياسمين خلف

ياسمين خلف

أن يرفض أو يعترض الرجل على إعطاء المرأة الحاضنة ساعتي رضاعة من ساعات العمل، أمر وارد ومقبول، بحكم أنه لم يجرب آلام الحمل والولادة ولا التربية وإنما يسمع عنها، وقد يكون سماعاً عن «بعد» أيضاً، بل أمر متوقع ومتوقع جداً، خصوصاً إذا ما كان رب عمل ومصلحته الربحية فوق كل اعتبار، ولكن أن يأتي الاعتراض والرفض من المرأة لبنات جنسها أمر مرفوض، ويستحق الاستهجان، بل مداعاة للاستغراب فعلاً، فإن لم تشعر حواء بما تعاني منه أختها بعد الولادة من إرباك في حياتها وحاجتها للتفرغ نسبياً لرعاية طفلها فعلى الدنيا السلام.
المرأة هي المرأة، سواء العاملة في القطاع الخاص أو العام، فإنْ كانت العاملة في القطاع العام تستحق تلك الساعات، وأهداها القانون ذلك، فبلا أدنى شك زميلتها العاملة في القطاع الخاص تحتاجها هي الأخرى. لم أصبح بعد أمًّا، ولكن أعي تماماً المسؤولية الملقاة على كاهل المرأة العاملة بعد ولادتها، ويكفي أن طفلها بحاجة إلى رضاعة طبيعية. ألم توصِ منظمة الصحة العالمية بأهمية الرضاعة الطبيعية للطفل بما لا يقل عن 8 أشهر بحسب آخر التوصيات؟ وقبل المنظمة، هل نسينا قوله تعالى «والوالدات يرضعن أولدهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرَّضاعة»؟ فإن تذرّع البعض بأن أغلب نساء اليوم لا يرضعن أبناءهن ويستعضن عن ذلك بالرضاعة الصناعية، فإن الأمر لا يعني أنها لا ترعاه ولا تقف على حاجاته، ولا ننسى كذلك أنها تترك طفلها في أيدي الغير لساعات طويلة، ومن يدري ربما تكون أيدي غير أمينة – وقصص عنف الخدم تقشعر لها الأبدان – أو تغافلنا بأنها وحتى قبل ولادتها لا تذوق للنوم طعماً، فما بالكم برضيع لا يهدأ إلا لسويعات وغالباً لا تكون في أوقات الليل! وأن بقاءها في العمل بساعاته الثماني يعني تراكم التعب على التعب، وبالتالي لا إنتاجية ولا نفسية منفتحة على العمل ولا هم يحزنون. ساعتا الرضاعة تلك هي في الحقيقة ساعة واحدة، بعد أن تهدر تلك الدقائق الستين في الشارع المخنوق من السيارات، وربما هي أقل أيضاً من ساعة إذا ما احتسبت المشاوير التي تقضيها من منزلها وإليه بعد أن تأخذ رضيعها من الحاضنة التي تولت رعايته أثناء غيابها في العمل.
أتساءل هل رب العمل يبحث عن المرأة فقط عندما تكون عزباء بلا مسؤولية أسرية ومتى ما كونت عائلتها لفظها و«عافها»؟ ونسي كل ما قدمته من إخلاص في العمل!
شوريتنا المعترضة على الاقتراح هي قبل أن تكون شورية كانت وزيرة للصحة وطبيبة، وتدرك أبعاد ترك الطفل لساعات لوحده، وقبل أن تكون وزيرة وطبيبة هي أم وتعلم ما تكون عليه الأم من وضع بعد الولادة ومتطلبات الرضاعة والتربية.
شئنا أم أبينا، فإن إقرار قانون يجيز للمرأة العاملة في القطاع الخاص الحصول على ساعتي رضاعة، هو انتصار للطفل أولاً، وللرجل والأسرة ثانياً، وللمرأة ثالثاً، والتي هي الأم والأخت والابنة، والتي هي أصل استمرارية الحياة.. فأعيدوا النظر رجاءً في قانون بناتكن وحفيداتكن في المستقبل والآتي سيُحرقن بناره إن لم يقر لصالحهن.

1443 الثلثاء 18 صفر 1431 هـ – 2 فبراير 2010

ياسمينيات شئنا.. أم أبينا ياسمين خلف أن يرفض أو يعترض الرجل على إعطاء المرأة الحاضنة ساعتي رضاعة من ساعات العمل، أمر وار...

إقرأ المزيد »

مدينة الظلام

ياسمينيات
مدينة الظلام
ياسمين خلف

ياسمين خلف

ما إنْ تغيب الشمس ويلبس الليل عباءته حتى تجد المحافظة الشمالية وبالتحديد شارع البديع قد تحول من دون غيره من الشوارع في المملكة إلى مدينة مظلمة موحشة مريبة، خصوصاً إذا ما خلا من السيارات إلا قليلاً، وانتشرت قوات مكافحة الشغب في الساحات المجاورة، واغتصبت مسيلات الدموع المنازل، وعاث الرصاص المطاطي ساحات البيوت واستهدف النوافذ والأبواب والسيارات، والتهبت الشوارع بالنيران والغازات والأدخنة، حتى ليندم المرء من سكنه في منطقة لا تهدأ يوماً ولا يعرف فيها معنى الأمن والاستقرار.
ربما تأقلم سكان هذه المنطقة الملتهبة مع الأوضاع والمناوشات التي إنْ فترت أو هدأت يوماً أو بضع يوم فكأن شيئاً غريباً وغير معتاد قد حدث، وكأن الهدوء لم يعد من سمات هذه المنطقة، ولكن لا أحد منهم طبعاً سيتأقلم مع الكربون المتصاعد من ألسنة النيران المشتعلة يومياً ورائحة مسيلات الدموع الخانقة للصدور والمحرقة للجفون، فأثرها ليس وقتياً فقط، بل أخطر وأمرّ مع تراكمه اليومي والمستمر، والذي قد يكون سبباً لأمراض سرطانية مستقبلاً أو أمراض صدرية مزمنة أقلها ضيق التنفس، أو سبباً لأمراض العيون والجلد، ولا أستبعد أن يكون تأثيرها كبيراً حتى على صحة الشعر كأن يكون سبباً في تساقطه أو زيادة الصلع عند الرجال والنساء على حد سواء.
لست طبيبة لأفتي، ولكن أجزم بأن تلك السموم التي نستنشقها يومياً لن تتركنا نقضي بقية أيام حياتنا بسلام، ومن له شك في ذلك فليزر تلك المنطقة ويسكن بيوتها يوماً ليعيش ساعات لن ينساها، وليرى الضرر والتلف الذي يتجاوز الصحة إلى الضرر الذي يطال حتى أثاث منزله ونظافته.
هل يتصور أحدكم أن المنازل هناك تحتاج يومياً إلى تنظيف شاق لإزالة الكربون الملتصق على جدرانها وأرضياتها؟ هذا ما تفعله بالأثاث فماذا تتصورن أن يحدث داخل أجسام البشر هناك؟
كما قلنا مرراً.. إن هناك من يعاقب على جرم لم يقترفه، وقد يتضرر ربما أكثر من أولئك الذين لهم يد في القضية، هناك مرضى وكبار في السن وأطفال يكون الضرر عليهم مضاعفاً، رغم أنهم لم يشاركوا في مسيرات ولم يشعلوا النيران في الطرقات، والذي لا أعرف له تفسير حقاً، هو داعي إطلاق الغازات المسيلة للدموع في ساعات الفجر الأولى رغم استقرار الوضع الأمني واستغراق القائمين على الشغب في «نوم عميق».. بصراحة أموت وأعرف.

1440 السبت 15 صفر 1431 هـ – 30 يناير 2010

ياسمينيات مدينة الظلام ياسمين خلف ما إنْ تغيب الشمس ويلبس الليل عباءته حتى تجد المحافظة الشمالية وبالتحديد شارع البديع ق...

إقرأ المزيد »