ياسمينيات
لا ناقة لهم ولا جمل
ياسمين خلف
المواجهات الثنائية بين مثيري الشغب وقوات مكافحتها أمر بات معتاداً في الكثير من القرى، وبعيداً عن أسبابها، وقريباً من آثارها، فإنه من غير المعقول أبداً أن يتضرر من ليس له ناقة فيها ولا جمل، فمسيلات الدموع لا تفرق بين هذا الذي قد خرج للتظاهر وبين ذاك الذي رماه قدره للعبور على ذات الشارع، فكم منهم كبار في السن لا يسعفهم سنهم ولا أرجلهم للهرب فيقعوا ضحية للاختناق، وهم الذين لا يخلون طبعاً من أمراض الشيخوخة، وبالمثل النساء والأطفال فمن منا ينسى تلك الطفلة التي دخلت في غيبوبة إثر استنشاقها مسيلات الدموع؟
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فتلك الغازات الخانقة لا تحوم فقط في الشوارع باعتبارها موقعاً للأحداث، بل في المنازل أيضاً فعدد منها تحرق أرضياتها وتخنق من بداخلها، أحد المواطنين أصيب بحالة اختناق في اليوم الذي تلى وصوله لداره من بيت الله الحرام بعد أن وصلت منزله 4 عبوات خانقة، احداها اختبأت داخل كيس سرعان ما انفجرت بعد أن حركه، بل إن عدداً من العبوات وصلت إلى سطح منزله.
هذه مسألة والسيارات المتوقفة في الشارع مسألة أخرى، إذ تنال ما تناله من التلف والخراب فشظايا المناوشات تتلاعب على سطوحها وهياكلها، من سيعوضهم عن تلك التلفيات؟ هل عليهم ترك بيوتهم والهجرة إلى أماكن أكثر هدوءاً مثلاً ؟ أم عليهم ملازمة منازلهم بل وفي غرف محكمة الإغلاق والمنافذ كي لا تصلهم تلك الغازات؟
حتى أرزاق الناس هددت بل وحرقت، فما حدث ”لفرشات” التجار في سوق جدحفص أمر لا يقبل به دين ولا عرف، من سيعوض هؤلاء التجار عن الخسائر الفادحة التي لحقت بهم؟ هل كانوا مشاركين في أعمال الشغب؟ هم كغيرهم كثيرون صاروا يخرجون من بيوتهم وهم يتوقعون أن يرجعوا بخسائر لا بأرباح، وبالمثل من يخرج من منزله ولا يعلم إن كان سيتمكن من العودة له أم يفاجأ بإغلاق الشوارع المؤدية إليه ليبقى ولساعات طوال هائما على وجهه في الشوارع لا يعلم متى سيتمكن من الدخول إلى أرض باتت تشتعل أكثر فأكثر يوما بعد يوم.
لست أناقش الأسباب، ولست أنا ألوم طرفاً على حساب طرف، ولكنني أنقل فقط معاناة الناس الذين لا ناقة لهم ولا جمل.
العدد 1034 السبت 22 ذو الحجة 1429 هـ – 20 ديسمبر 2008
ياسمينيات لا ناقة لهم ولا جمل ياسمين خلف المواجهات الثنائية بين مثيري الشغب وقوات مكافحتها أمر بات معتاداً في الكثير من...
أحدث التعليقات