المدرسون يؤيدون قانون منع الضرب ويقولون: نحــترم الطالــب ليحـترمــنا!!

استطلاع اجرته – ياسمين خلف:
لم يجد غير ساحة المدرسة ليضع فيها كرسيا ويجلس عليه! استغرب المدرس من ذلك المشهد غير الاعتيادي، فتوجه الي الطالب متساءلاً عن السبب؟ فيرد عليه ببرود، بأنه أحس بالتعب فقرر الجلوس في الساحة! طلب المدرس منه الدخول للفصل، الا انه رفض وبشدة، تطور الأمر من التلاسن الي التشابك بالأيدي، وانتهي الأمر بتوقيف الطالب عن الدراسة لمدة فصل دراسي واحد!
قانون منع الضرب في المدارس، قانون يجده البعض حضارياً من منطلق أن للطالب كيان له احترامه، وضربه قد يؤثر بطريقة لا ارادية علي سلوكياته اللاحقة لضربه من قبل أحد مدرسية أمام أقرانه، في حين يجده البعض انه قانون نسف احترام الطالب لمدرسيه، واضعف من هيبتهم التي كانت في يوم من الأيام مصدر قوة لهم.
ومن منطلق من أمن العقوبة أساء الأدب المدرسون لهم وجهة نظر حول قانون منع الضرب في المدارس، خصوصاً ان بعضهم اخذ يشكو من عدم وجود ثقة واحترام متبادل بين الطالب ومدرسه، والتي تصل في أحيان كثيرة الي التهديد والوعيد، بل والي الانتقام بطرق مختلفة!! في استطلاعنا هذا سنكشف بعض تلك الطرق وكثيراً من الحكايات فإلي سطورنا.

مدرس: ابني كره المدرسة!

بعد خبرة 20 عاماً في التدريس، أدلي كامل محمد صالح مدرس قسم سيارات بدلوه في الموضوع، اذ اكد علي ان احترام الطالب لمدرسه نابع من احترام المدرس له، اذ قال في ذلك: المدرس قدوة لتلاميذه، فإذا احترمهم وعاملهم بأدب سوف يعاملونه بالمثل، مهما كانوا أشقياء، فمن خلال تعاملي مع عدد كبير من الطلبة من مناطق وبيئات مختلفة، أجزم لكم بأن الطالب لن يتطاول علي مدرسه اذا كان الأخير يتعامل معه باحترام وقانون منع الضرب لم يقلل من شأن المدرس أمام طلابه.
صحيح ان المشادات الكلامية تحدث كثيراً بين الطلبة وبعض المدرسين، ولكن لو نظرنا ودققنا في نوعية المدرسين، فسنجدهم وللأسف أنهم من أولئك الذين يستخدمون الفاظاً غير لائقة لوصف الطلبة، اذ يصفونهم بأنوع مختلفة من الحيوانات، والي غيرها من الأوصاف التي يعتبرها الطالب اهانة لكرامته، فمادام المدرس قد بدأ مع الطالب بهذا الأسلوب، حتما عليه ان يتقبل لما قد يأتيه من ردة فعل متوقعة كأن يبادله الطالب بنفس الأسلوب، فلابد أن تكون علاقة المدرس بطلابه علاقة أب أو أخ كبير ينصحهم بإحترام ليتقبلوا النصح برحابة صدر.
فأنا – ولازال الكلام علي لسان كامل محمد – لا أؤيد اسلوب الضرب اطلاقاً في المدارس، وخلال مسيرتي في التدريس لم أتعرض لأي موقف اضطرني حتي للتلاسن مع طلبتي، مكملاً: حدث وان تعرض ابني وهو طالب في الصف الخامس الابتدائي الي الضرب من قبل مدرس له، والسبب هو ان الفصل كان في حالة فوضي، فقام المدرس بمعاقبة جميع الطلبة بلا استثناء بما فيهم أولئك غير المشاركين في تلك الغوغاء، وابني من بينهم علي الرغم من كونه طالبا هادئا ومجتهدا، أتدرون ما الذي حدث؟! كره ابني المدرس والمادة بل وكره المدرسة بأكملها، وكل ذلك بسبب استخدام اسلوب الضرب في غير محله عن طريق العقاب الجماعي!

الكلمة كالضرب في بعض الأحيان!

وبالمثل تؤيد سامية سلمان عبدالله مدرسة أحياء في مدرسة جدحفص الثانوية للبنات قانون منع الضرب، باعتباره اسلوبا لا يجدي مع الطلبة، بل يؤدي الي خلق مشاكل سلوكية ونفسية لديهم، مشيرة الي ان الطالب اذا ما تعرض للضرب او حتي الإهانة بالنظرات سوف يكره المدرس ومن ثم المقرر بل وحتي المدرسة بمن فيها وتقول: قد تكون خبرتي قليلة في التدريس، فهي لا تتعدي السنتين، ولكني وجدت أن الكلمة في كثير من الأحيان تكون كالضرب بل انها أقسي علي الطالب من ان لو ضربه المدرس بيده ، خصوصاً بالنسبة للطالبات اللواتي يتغير شكلهن اذا ما قامت المدرسة بإهانتهن أمام زميلاتهن.
وعن أسلوبها في التعامل قالت: لكل طالبة شخصية، وعلي المدرسة أن تعي ذلك جيداً منذ دخولها الفصل، وبحسب تلك الشخصية، يمكنها التعامل معها، ولا سيما في حالة خطأ الطالبة وحاجة المدرسة الي تبيان الخطأ والسبب من توجيه اللوم والعتاب، كي لا تكرر الخطأ نفسه، فهناك طالبة يمكنك أن تبيني لها الخطأ مباشرة وأمام زميلاتها، وهناك أخري لا يمكنك التحدث لها مباشرة وإنما من الأنسب أن تكون وحدها أو باستخدام أسلوب غير مباشر بشرط أن لا أتعرض لشخصية الطالبة بأية حال من الأحوال، تسكت برهة وتكمل: الطالبة كبيت الزجاج يؤثر فيها أي قذف من أي نوع كان، فالحساسية هي ميزة الطالبات وأي كلمة جارحة تؤثر فيهن، وعلي المدرسات مراعاة ذلك وعدم التسرع في التصرف معهن.
وفي حادثة روتها سامية قالت: سمعت ان احدي طالبات المرحلة الابتدائية بعدما قامت مدرستها بإهانتها أمام زميلاتها، أسرعت الي مدرستها وهجمت عليها وأزالت حجابها من علي رأسها، مستغلة حجم جثتها الضخم نوعاً ما، وكإجراء عقابي تم فصل الطالبة ثلاثة أيام! وقالت معلقة: من الأساس كان علي المدرسة ان تراعي احساس الطالبة، ولا تهينها بكلمات جارحة أمام زميلاتها، والتي يمكن وصفها بالكبريت اذ ما اقترب من الزيت، فالإشتعال هو الشيء الحتمي الحدوث في مثل هذه المواقف.
وعن اذا ما كان المدرس الحديث نظرا لاقتراب سنه من طلبة الثانوية العامة عاملاً في اهتزاز الاحترام بينهما قالت: بالعكس كلما كانوا قريبين في السن او الشكل، كلما كانت العلاقة أقوي كونها تقترب من الصداقة أو الأخوة، مما يفسح المجال للتعامل بينهما باحترام متبادل نافية أن يكون علم الطالب بقانون منع الضرب دافعاً له للتطاول علي مدرسيه.

الدرجات.. نقطة ضعف البنات

الضرب ليس بوسيلة حضارية لتقويم السلوك، فهناك عدة طرق قد تفي في كثير من الأحيان عن الضرب باليد او باستخدام المساطر او الخيزرانات كما يحدث في الماضي، فالنظرة باحتقار والتقليل في الدرجات أكثر تأثيراً من الضرب علي الطالبات، جاء ذلك علي لسان بدرية علي مدرسة حديثة بالمرحلة الثانوية .
وأضافت بقولها: الضرب يولد الحقد في قلوب الطلبة ويدفعهم بطريقة أو بأخري للانتقام، قد تكون أكثر عنفا لدي الطلاب ولكنها أكثر حساسية لدي الطالبات، فهن ما إن يكرهن إحدي المدرسات حتي يعمدن الي جمع معلومات شخصية عن المعلمة وافشائها بين الطالبات، وخصوصاً تلك المعلومات التي تحسبها المدرسة من أسرار حياتها.
وبدون تردد قالت: جيل اليوم ليس كالأمس، فلم يعد الضرب وسيلة لتعديل سلوكهم، ومع ذلك نجد أن أغلب قوانين وزارة التربية والتعليم تقف مع الطالب حتي وإن كان مقصراً! وعن ما اذا كان سن المدرسة او شكلها يؤثر في درجة احترام الطالبات لهن قالت مضيفة: شخصية المدرسة هو الحكم الأول والأخير، فإن كانت قوية ستثبت نفسها أمام طالباتها، وستمنعهن من التطاول عليها، وان احست الطالبات بنوع من الضعف في شخصيتها فسوف يستغللن ذلك لصالحهن.

العقاب كالثواب لا بد منهما

لم أشهد أي حالة لضرب طالب خلال فترة تدريسي التي تعدت العشرين عاماً، أو خلال فترة اشرافي التي تعدت الست سنوات، وكل ما في الأمر تدافع بالأيدي وتلاسن بالألفاظ، بذلك بدأ عبدعلي الحمالي مشرف اداري في مدرسة جدحفص الثانوية الصناعية للبنين حديثه ومكملاً بقوله: العقاب لابد منه كالثواب الذي نطالب به، فالمدرس يربي قبل أن يعلم، والعقاب لا يقتصر علي الضرب باليد، وهناك عدة طرق وأساليب تربوية يمكن للمدرس أن يلجأ اليها لثني الطالب عن الاتيان بالسلوك غير المرغوب فيه في المرات المقبلة، فالطلبة وبخاصة من هم في المرحلة الثانوية او الاعدادية طاقة مشتعلة وعلي المدرس الا يستثيرها ويحاول تهدئتها بالمعاملة الطيبة، والأسلوب الحكيم، وإن كانت معظم قوانين وزارة التربية والتعليم تقف مع الطالب، بل وتصب لصالحه.
ولتفادي التصادمات لابد ان يكون المدرس قدوة للطلبة، لا ان ينهي عن خلق ويأتي بمثله، والأمثلة عديدة! فكيف للمدرس ان يمنع الطالب من استخدام الهاتف المحمول في المدرسة وهو يري بأم عينيه ويسمع بأذنيه رنات هاتف المدرس داخل الفصل!! لا ننكر ان المدرس قد ينسي في بعض الاحيان تركه في غرفة المدرسين، ولكن هناك من يدخله الصف متعمداً ضارباً القوانين عرض الحائط، فنحن في حالة ضبط الطالب وهو يتحدث بالهاتف المحمول، نلجأ الي مصادرة الهاتف حتي نهاية الدوام المدرسي، واخطار ولي أمره، اي اننا لا نلجأ بأي حال من الأحوال الي التراشق بالألفاظ أو التطاول بالأيدي علي الطلاب.
واسترسل الحمالي وقال: في حالة تعدي الطالب علي المدرس نلجأ الي استخدام اجراءات تأديبية، وذلك بإخطار ولي الأمر بسلوك ابنه، واذا ما كرر الفعل مرات ثلاث يفصل لمدة فصل او فصلين دراسيين، حتي يتعدل سلوكه، وان كان البعض منهم يلجأ الي تهديد المدرس بإتلاف سيارته او حتي تهديده بالقتل! الا انهم يعودون بعد ذلك ويعتذرون عن سلوكهم او الفاظهم التي صدرت عنهم في لحظة غضب، وذلك ان دل فإنما يدل علي ان الاحترام لازال موجوداً.
مختتماً بقوله: الشواذ عن القاعدة موجودون ولكن الأغلبية من الطلبة يحترمون مدرسيهم، واذ ما طالبنا الطلبة باحترامنا، علينا أولاً احترامهم! ولا أخفي سرا ان بعض المدرسين قد يستخدمون الفاظاً غير لائقة لوصم الطلبة بها، وذلك ما يدفعهم الي التطاول علي المدرس بالألفاظ، والتي هي حرب كلامية قد تمتد الي التدافع بالأيدي، فإن كان الطالب في نظر المدرس بأنه ولد غير ناضج، فإن الطالب يري نفسه رجلاً بكل المقاييس!!

الأجيال السابقة أكثر احتراماً!!

أمينة أبو رحمة مدرسة تربية رياضية منذ أكثر من 36 سنة، وبعد ان عركت مهنة التدريس، ومرت عليها آلاف الطالبات تقول: أنا مع قانون منع الضرب قلباً وقالباً، فليس من المعقول ان ارفع يدي علي طالبة، وأطلب منها عدم الرد علي بالمثل فإذا صدر مني هذا السلوك علي أن أتقبل ما قد يأتيني منهن!!
وتكمل: من الأساس علي المدرسة أن تبني علاقة صداقة بينها وبين طالباتها، وأن لا تسمح بأي حال من الأحوال أن يهنها أو يقللن من شأنها أمام زملائهن، ومهما كانت الطالبة شقية، علي المدرسة ان تتعامل معها بطريقة تجعلها في النهاية تعود الي رشدها، وبعد صمت لبرهة قالت متابعة: في كثير من الأحيان اسمع الطالبات وهن يتوعدن مدرسات أخريات، ويقسمن بالانتقام منهن، فيأتي دوري هاهنا، لتهدئتهن من ثورتهن، وارشادهن بطريقة ودودة، وأبين لهن بأنه حتي لو كان الحق معهن، بسلوكهن الطائش سيقلبن الموضوع عليهن ويصبحن مذنبات بدلاً من كونهن ضحيات.
وتقول بأسي: للأسف الأجيال الجديدة أقل احتراماً للمدرسات من الأجيال الماضية التي تحترم وتقدر المعلمات، قد تكون الفضائيات ساس البلاء ولكن لا ننفي الدور عن الأسرة التي عليها مسئولية لا يستهان بها، وأعترف انه وخلال وجودي في مدرسة المنامة الثانوية للبنات لم اتعرض لأي موقف او حادثة اعتداء طالبة علي مدرسة، مشيرة في ختام حديثها الي ان نوعية الطالبات يختلفن من جيل لآخر، ومن مدرسة لأخري بل ومن منطقة لمنطقة غيرها.

ولكم حكاية

وقبل أن نضع النقطة الأخيرة في أسطرنا سنستعرض احدي حوادث الضرب في المدارس، والحادثة تقول ان مدرساً حديثاً في المهنة في إحدي المدارس الاعدادية رجع بعد دوامه الي منزله، واذا بأخته تنبهه بأن هناك بقعة حبر كبيرة علي ثوبه بالقرب من جيبه، ظن بأن الأمر لا يعدو كونه حادثة ناتجة عن غفلة! ولكن الأمر تكرر ولليوم الثاني، عندما نبهه زميل له في المدرسة بأن هناك بقعة حبر تلطخ ثوبه وفي نفس المكان، حينها فقط ادرك ان وراء الأمر مقلباً، ومن أحد الصفوف التي يدرسها والمعروف عن طلبتها بقلة ….. !
اندفع وبشدة نحو اثنين من طلابه، بعدما شك بهما، وعندما سأل أحدهما واعترف بجرمه وبشريكه فيها، قام المدرس بضربه بطريقة جنونية، وعندما انتهي منه اندفع الي الآخر وما ان قام بضربه حتي تشنج الطالب وبدأ اللعاب يسيل من فمه، فأحس المدرس حينها بالارتباك وعدم القدرة علي التصرف، فنقل الطالب للمستشفي، ورفع أهله شكوي في النيابة العامة، وكاد المدرس ان يدخل في دوامة، لولا أن أهل الطالب تنازلوا عن القضية، وأخرجوا المدرس من مأزق حتمي. والذي لم نذكره هو ان المدرس كان من الشخصيات الهادئة المتزنة، غير المفتعلة للمشاكل، الا ان الغضب قد تملكه ولم يهدأ الا باستخدامه للضرب!!

Catedu
2004-04-26

استطلاع اجرته – ياسمين خلف:
لم يجد غير ساحة المدرسة ليضع فيها كرسيا ويجلس عليه! استغرب المدرس من ذلك المشهد غير الاعتيادي، فتوجه الي الطالب متساءلاً عن السبب؟ فيرد عليه ببرود، بأنه أحس بالتعب فقرر الجلوس في الساحة! طلب المدرس منه الدخول للفصل، الا انه رفض وبشدة، تطور الأمر من التلاسن الي التشابك بالأيدي، وانتهي الأمر بتوقيف الطالب عن الدراسة لمدة فصل دراسي واحد!
قانون منع الضرب في المدارس، قانون يجده البعض حضارياً من منطلق أن للطالب كيان له احترامه، وضربه قد يؤثر بطريقة لا ارادية علي سلوكياته اللاحقة لضربه من قبل أحد مدرسية أمام أقرانه، في حين يجده البعض انه قانون نسف احترام الطالب لمدرسيه، واضعف من هيبتهم التي كانت في يوم من الأيام مصدر قوة لهم.
ومن منطلق من أمن العقوبة أساء الأدب المدرسون لهم وجهة نظر حول قانون منع الضرب في المدارس، خصوصاً ان بعضهم اخذ يشكو من عدم وجود ثقة واحترام متبادل بين الطالب ومدرسه، والتي تصل في أحيان كثيرة الي التهديد والوعيد، بل والي الانتقام بطرق مختلفة!! في استطلاعنا هذا سنكشف بعض تلك الطرق وكثيراً من الحكايات فإلي سطورنا.

مدرس: ابني كره المدرسة!

بعد خبرة 20 عاماً في التدريس، أدلي كامل محمد صالح مدرس قسم سيارات بدلوه في الموضوع، اذ اكد علي ان احترام الطالب لمدرسه نابع من احترام المدرس له، اذ قال في ذلك: المدرس قدوة لتلاميذه، فإذا احترمهم وعاملهم بأدب سوف يعاملونه بالمثل، مهما كانوا أشقياء، فمن خلال تعاملي مع عدد كبير من الطلبة من مناطق وبيئات مختلفة، أجزم لكم بأن الطالب لن يتطاول علي مدرسه اذا كان الأخير يتعامل معه باحترام وقانون منع الضرب لم يقلل من شأن المدرس أمام طلابه.
صحيح ان المشادات الكلامية تحدث كثيراً بين الطلبة وبعض المدرسين، ولكن لو نظرنا ودققنا في نوعية المدرسين، فسنجدهم وللأسف أنهم من أولئك الذين يستخدمون الفاظاً غير لائقة لوصف الطلبة، اذ يصفونهم بأنوع مختلفة من الحيوانات، والي غيرها من الأوصاف التي يعتبرها الطالب اهانة لكرامته، فمادام المدرس قد بدأ مع الطالب بهذا الأسلوب، حتما عليه ان يتقبل لما قد يأتيه من ردة فعل متوقعة كأن يبادله الطالب بنفس الأسلوب، فلابد أن تكون علاقة المدرس بطلابه علاقة أب أو أخ كبير ينصحهم بإحترام ليتقبلوا النصح برحابة صدر.
فأنا – ولازال الكلام علي لسان كامل محمد – لا أؤيد اسلوب الضرب اطلاقاً في المدارس، وخلال مسيرتي في التدريس لم أتعرض لأي موقف اضطرني حتي للتلاسن مع طلبتي، مكملاً: حدث وان تعرض ابني وهو طالب في الصف الخامس الابتدائي الي الضرب من قبل مدرس له، والسبب هو ان الفصل كان في حالة فوضي، فقام المدرس بمعاقبة جميع الطلبة بلا استثناء بما فيهم أولئك غير المشاركين في تلك الغوغاء، وابني من بينهم علي الرغم من كونه طالبا هادئا ومجتهدا، أتدرون ما الذي حدث؟! كره ابني المدرس والمادة بل وكره المدرسة بأكملها، وكل ذلك بسبب استخدام اسلوب الضرب في غير محله عن طريق العقاب الجماعي!

الكلمة كالضرب في بعض الأحيان!

وبالمثل تؤيد سامية سلمان عبدالله مدرسة أحياء في مدرسة جدحفص الثانوية للبنات قانون منع الضرب، باعتباره اسلوبا لا يجدي مع الطلبة، بل يؤدي الي خلق مشاكل سلوكية ونفسية لديهم، مشيرة الي ان الطالب اذا ما تعرض للضرب او حتي الإهانة بالنظرات سوف يكره المدرس ومن ثم المقرر بل وحتي المدرسة بمن فيها وتقول: قد تكون خبرتي قليلة في التدريس، فهي لا تتعدي السنتين، ولكني وجدت أن الكلمة في كثير من الأحيان تكون كالضرب بل انها أقسي علي الطالب من ان لو ضربه المدرس بيده ، خصوصاً بالنسبة للطالبات اللواتي يتغير شكلهن اذا ما قامت المدرسة بإهانتهن أمام زميلاتهن.
وعن أسلوبها في التعامل قالت: لكل طالبة شخصية، وعلي المدرسة أن تعي ذلك جيداً منذ دخولها الفصل، وبحسب تلك الشخصية، يمكنها التعامل معها، ولا سيما في حالة خطأ الطالبة وحاجة المدرسة الي تبيان الخطأ والسبب من توجيه اللوم والعتاب، كي لا تكرر الخطأ نفسه، فهناك طالبة يمكنك أن تبيني لها الخطأ مباشرة وأمام زميلاتها، وهناك أخري لا يمكنك التحدث لها مباشرة وإنما من الأنسب أن تكون وحدها أو باستخدام أسلوب غير مباشر بشرط أن لا أتعرض لشخصية الطالبة بأية حال من الأحوال، تسكت برهة وتكمل: الطالبة كبيت الزجاج يؤثر فيها أي قذف من أي نوع كان، فالحساسية هي ميزة الطالبات وأي كلمة جارحة تؤثر فيهن، وعلي المدرسات مراعاة ذلك وعدم التسرع في التصرف معهن.
وفي حادثة روتها سامية قالت: سمعت ان احدي طالبات المرحلة الابتدائية بعدما قامت مدرستها بإهانتها أمام زميلاتها، أسرعت الي مدرستها وهجمت عليها وأزالت حجابها من علي رأسها، مستغلة حجم جثتها الضخم نوعاً ما، وكإجراء عقابي تم فصل الطالبة ثلاثة أيام! وقالت معلقة: من الأساس كان علي المدرسة ان تراعي احساس الطالبة، ولا تهينها بكلمات جارحة أمام زميلاتها، والتي يمكن وصفها بالكبريت اذ ما اقترب من الزيت، فالإشتعال هو الشيء الحتمي الحدوث في مثل هذه المواقف.
وعن اذا ما كان المدرس الحديث نظرا لاقتراب سنه من طلبة الثانوية العامة عاملاً في اهتزاز الاحترام بينهما قالت: بالعكس كلما كانوا قريبين في السن او الشكل، كلما كانت العلاقة أقوي كونها تقترب من الصداقة أو الأخوة، مما يفسح المجال للتعامل بينهما باحترام متبادل نافية أن يكون علم الطالب بقانون منع الضرب دافعاً له للتطاول علي مدرسيه.

الدرجات.. نقطة ضعف البنات

الضرب ليس بوسيلة حضارية لتقويم السلوك، فهناك عدة طرق قد تفي في كثير من الأحيان عن الضرب باليد او باستخدام المساطر او الخيزرانات كما يحدث في الماضي، فالنظرة باحتقار والتقليل في الدرجات أكثر تأثيراً من الضرب علي الطالبات، جاء ذلك علي لسان بدرية علي مدرسة حديثة بالمرحلة الثانوية .
وأضافت بقولها: الضرب يولد الحقد في قلوب الطلبة ويدفعهم بطريقة أو بأخري للانتقام، قد تكون أكثر عنفا لدي الطلاب ولكنها أكثر حساسية لدي الطالبات، فهن ما إن يكرهن إحدي المدرسات حتي يعمدن الي جمع معلومات شخصية عن المعلمة وافشائها بين الطالبات، وخصوصاً تلك المعلومات التي تحسبها المدرسة من أسرار حياتها.
وبدون تردد قالت: جيل اليوم ليس كالأمس، فلم يعد الضرب وسيلة لتعديل سلوكهم، ومع ذلك نجد أن أغلب قوانين وزارة التربية والتعليم تقف مع الطالب حتي وإن كان مقصراً! وعن ما اذا كان سن المدرسة او شكلها يؤثر في درجة احترام الطالبات لهن قالت مضيفة: شخصية المدرسة هو الحكم الأول والأخير، فإن كانت قوية ستثبت نفسها أمام طالباتها، وستمنعهن من التطاول عليها، وان احست الطالبات بنوع من الضعف في شخصيتها فسوف يستغللن ذلك لصالحهن.

العقاب كالثواب لا بد منهما

لم أشهد أي حالة لضرب طالب خلال فترة تدريسي التي تعدت العشرين عاماً، أو خلال فترة اشرافي التي تعدت الست سنوات، وكل ما في الأمر تدافع بالأيدي وتلاسن بالألفاظ، بذلك بدأ عبدعلي الحمالي مشرف اداري في مدرسة جدحفص الثانوية الصناعية للبنين حديثه ومكملاً بقوله: العقاب لابد منه كالثواب الذي نطالب به، فالمدرس يربي قبل أن يعلم، والعقاب لا يقتصر علي الضرب باليد، وهناك عدة طرق وأساليب تربوية يمكن للمدرس أن يلجأ اليها لثني الطالب عن الاتيان بالسلوك غير المرغوب فيه في المرات المقبلة، فالطلبة وبخاصة من هم في المرحلة الثانوية او الاعدادية طاقة مشتعلة وعلي المدرس الا يستثيرها ويحاول تهدئتها بالمعاملة الطيبة، والأسلوب الحكيم، وإن كانت معظم قوانين وزارة التربية والتعليم تقف مع الطالب، بل وتصب لصالحه.
ولتفادي التصادمات لابد ان يكون المدرس قدوة للطلبة، لا ان ينهي عن خلق ويأتي بمثله، والأمثلة عديدة! فكيف للمدرس ان يمنع الطالب من استخدام الهاتف المحمول في المدرسة وهو يري بأم عينيه ويسمع بأذنيه رنات هاتف المدرس داخل الفصل!! لا ننكر ان المدرس قد ينسي في بعض الاحيان تركه في غرفة المدرسين، ولكن هناك من يدخله الصف متعمداً ضارباً القوانين عرض الحائط، فنحن في حالة ضبط الطالب وهو يتحدث بالهاتف المحمول، نلجأ الي مصادرة الهاتف حتي نهاية الدوام المدرسي، واخطار ولي أمره، اي اننا لا نلجأ بأي حال من الأحوال الي التراشق بالألفاظ أو التطاول بالأيدي علي الطلاب.
واسترسل الحمالي وقال: في حالة تعدي الطالب علي المدرس نلجأ الي استخدام اجراءات تأديبية، وذلك بإخطار ولي الأمر بسلوك ابنه، واذا ما كرر الفعل مرات ثلاث يفصل لمدة فصل او فصلين دراسيين، حتي يتعدل سلوكه، وان كان البعض منهم يلجأ الي تهديد المدرس بإتلاف سيارته او حتي تهديده بالقتل! الا انهم يعودون بعد ذلك ويعتذرون عن سلوكهم او الفاظهم التي صدرت عنهم في لحظة غضب، وذلك ان دل فإنما يدل علي ان الاحترام لازال موجوداً.
مختتماً بقوله: الشواذ عن القاعدة موجودون ولكن الأغلبية من الطلبة يحترمون مدرسيهم، واذ ما طالبنا الطلبة باحترامنا، علينا أولاً احترامهم! ولا أخفي سرا ان بعض المدرسين قد يستخدمون الفاظاً غير لائقة لوصم الطلبة بها، وذلك ما يدفعهم الي التطاول علي المدرس بالألفاظ، والتي هي حرب كلامية قد تمتد الي التدافع بالأيدي، فإن كان الطالب في نظر المدرس بأنه ولد غير ناضج، فإن الطالب يري نفسه رجلاً بكل المقاييس!!

الأجيال السابقة أكثر احتراماً!!

أمينة أبو رحمة مدرسة تربية رياضية منذ أكثر من 36 سنة، وبعد ان عركت مهنة التدريس، ومرت عليها آلاف الطالبات تقول: أنا مع قانون منع الضرب قلباً وقالباً، فليس من المعقول ان ارفع يدي علي طالبة، وأطلب منها عدم الرد علي بالمثل فإذا صدر مني هذا السلوك علي أن أتقبل ما قد يأتيني منهن!!
وتكمل: من الأساس علي المدرسة أن تبني علاقة صداقة بينها وبين طالباتها، وأن لا تسمح بأي حال من الأحوال أن يهنها أو يقللن من شأنها أمام زملائهن، ومهما كانت الطالبة شقية، علي المدرسة ان تتعامل معها بطريقة تجعلها في النهاية تعود الي رشدها، وبعد صمت لبرهة قالت متابعة: في كثير من الأحيان اسمع الطالبات وهن يتوعدن مدرسات أخريات، ويقسمن بالانتقام منهن، فيأتي دوري هاهنا، لتهدئتهن من ثورتهن، وارشادهن بطريقة ودودة، وأبين لهن بأنه حتي لو كان الحق معهن، بسلوكهن الطائش سيقلبن الموضوع عليهن ويصبحن مذنبات بدلاً من كونهن ضحيات.
وتقول بأسي: للأسف الأجيال الجديدة أقل احتراماً للمدرسات من الأجيال الماضية التي تحترم وتقدر المعلمات، قد تكون الفضائيات ساس البلاء ولكن لا ننفي الدور عن الأسرة التي عليها مسئولية لا يستهان بها، وأعترف انه وخلال وجودي في مدرسة المنامة الثانوية للبنات لم اتعرض لأي موقف او حادثة اعتداء طالبة علي مدرسة، مشيرة في ختام حديثها الي ان نوعية الطالبات يختلفن من جيل لآخر، ومن مدرسة لأخري بل ومن منطقة لمنطقة غيرها.

ولكم حكاية

وقبل أن نضع النقطة الأخيرة في أسطرنا سنستعرض احدي حوادث الضرب في المدارس، والحادثة تقول ان مدرساً حديثاً في المهنة في إحدي المدارس الاعدادية رجع بعد دوامه الي منزله، واذا بأخته تنبهه بأن هناك بقعة حبر كبيرة علي ثوبه بالقرب من جيبه، ظن بأن الأمر لا يعدو كونه حادثة ناتجة عن غفلة! ولكن الأمر تكرر ولليوم الثاني، عندما نبهه زميل له في المدرسة بأن هناك بقعة حبر تلطخ ثوبه وفي نفس المكان، حينها فقط ادرك ان وراء الأمر مقلباً، ومن أحد الصفوف التي يدرسها والمعروف عن طلبتها بقلة ….. !
اندفع وبشدة نحو اثنين من طلابه، بعدما شك بهما، وعندما سأل أحدهما واعترف بجرمه وبشريكه فيها، قام المدرس بضربه بطريقة جنونية، وعندما انتهي منه اندفع الي الآخر وما ان قام بضربه حتي تشنج الطالب وبدأ اللعاب يسيل من فمه، فأحس المدرس حينها بالارتباك وعدم القدرة علي التصرف، فنقل الطالب للمستشفي، ورفع أهله شكوي في النيابة العامة، وكاد المدرس ان يدخل في دوامة، لولا أن أهل الطالب تنازلوا عن القضية، وأخرجوا المدرس من مأزق حتمي. والذي لم نذكره هو ان المدرس كان من الشخصيات الهادئة المتزنة، غير المفتعلة للمشاكل، الا ان الغضب قد تملكه ولم يهدأ الا باستخدامه للضرب!!

Catedu
2004-04-26

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.