له آثار نفسية وجسمية.. الدكتور النشيط لـ مدارات : الاختناق المروري ينغص حياة الفرد

كتبت – ياسمين خلف:

من نظرة ضيقة قد يحسب المرء ان الزحمة في الشوارع لا تتعدي كونها مشكلة مرورية، ومشكلة قد تأخذ من وقت الشخص وتهدره! ولكن من منظور اوسع، ما مدي تأثير الزحمة والاختناقات المرورية علي نفسية الشخص وهل هي سبب للامراض النفسية؟! ذلك ما حاولت مدارات معرفته من استشاري طب نفسي الدكتور فاضل النشيط – الذي اكد علي ان الكثير من الدول الاجنبية كألمانيا علي سبيل المثال تستعين بخبراء نفسانيين لدراسة القضايا المرورية وبخاصة تلك المتعلقة بالحوادث المرورية والازدحام في الشوارع، مشيرا الي ان تلك الدراسات يطلق عليها دراسة منغصات الحياة – اشارة الي ان الاختناق المروري ينغص حياة الفرد ويعكرها!
وقال الدكتور النشيط موضحا: أبسطها اذا ما بدأنا القول ان الاشارة الضوئية تسهم بدرجة كبيرة في التأثير علي نفسية الشخص بطريقة سلبية، فهي كالنار التي تشتعل في نفسية الفرد، خصوصا اذا كان مرتبطا بموعد او عمل ما! والامر يختلف من شخص لآخر تبعا للسن والجنس والثقافة والطبيعة والظروف التي تحيط بالفرد، وللاختلاف الحضاري دور لايستهان به، فالشرقيون مثلا بطبيعتهم لا يمتلكون صبرا وسريعو الغضب علي عكس الاوروبيين الاكثر صبرا وهدوءاً في الاعصاب. كما ان وجود الشخص لفترات طويلة في الشارع سواء لطبيعة عمل ما او لسبب آخر، قد يخلق لديه قدرة علي التحمل والتعود والتأقلم مع الوضع، فيزيد تقبله للازدحام المروري، علي عكس ذاك الذي يريد فقط الانتقال من مكان لاخر، وغير متأقلم مع وضع الشارع.
فللزحمة آثار وضغوط نفسية، منها ارتفاع درجة حرارة الجسم والعصبية والنرفزة نتيجة لزيادة افراز مادة الاندراللين وارتفاع ضغط الجسم وقلة التركيز والتوتر والرعشة في اليد، فالاستعداد النفسي للشارع وللزحمة التي قد تواجه الفرد، واحتساب زمن اضافي وصولا للمكان المراد التواجد فيه، دور كبير في تأثير الزحمة علي نفسية الفرد من عدمه، علي عكس حدوث الاختناق المروري فجأة بدون سابق انذار كوقوع حادث مروري يعطل سير السيارات والذي يزيد الضغط النفسي علي الفرد.
ويواصل بقوله: اخلاق السواق كذلك لا يمكن التغاضي عنها، فعند تجاوز احدهم مساره ودخوله علي مسار غيره، او قطعه للاشارة الضوئية، يزيد من ضيق وضجر السواق الاخرين، وخاصة شديدي الالتزام بالانظمة والقوانين، ولابواق السيارات والضوضاء التي تخلقها وسط الزحام المروري اثر كبير ايضا علي نفسية الفرد. ناهيك عن الاستنزاف المادي نظير الانحشار في الزحمة واحتراق الوقود، قد يبدو الامر عاديا بالنسبة الي اولئك المقتدرين ماديا ولكن البعض ومن هم من ذوي الدخل المتوسط او الضعيف يحسبون للامر الف حساب فيزيدهم هماً علي همومهم في الشارع، حتي الوقت الذي يهدر خلال الانتظار في الزحمة يقاس ماديا علي انه استنزاف في الموارد الاقتصادية ويؤثر كذلك علي الاستثمار في الدولة.
ويكمل الدكتور النشيط بقوله: المشكلة ان الاغلبية الساحقة من الناس لا يحسبون وقتا اضافيا للوصول الي المكان الذي يريدونه، اذ يفتقدون الي التخطيط للوقت، ولذلك تجدهم بالاضافة الي الازدحام يسرعون في سياقة السيارة، والتي هي الاخري تزيد من عصبيتهم ونرفزتهم فيقل تركيزهم ويقل هدوء اعصابهم، وتزداد تلك الاعراض تأثيرا علي اولئك الناس المصابين بأمراض مزمنة، كمرضي السكري مثلا، مما يعرضهم للحوادث المرورية نتيجة لضعف القدرة علي الابصار وقلة القدرة علي التركيز. وكذلك الامر بالنسبة لكبار السن، والذين قد يصابون بارتباكات عضوية ومشاكل صحية اخري نتيجة لعدم القدرة علي التحمل، وان كانوا اكثر صبرا واكثر حكمة في التصرف، خصوصا اذا ما قورنوا بفئة الشباب والذين يمتازون بارتفاع نسبة الاندرالين، والتهور والعصبية في التصرف ان صح التعبير، ومع وقوعهم في زحمة الشارع فانهم يزدادون نرفزة وعصبية فتجدهم ما ان تضيء الاشارة الضوئية باللون الاخضر معلنة عن القدرة علي السير، حتي تجدهم يسرعون كالصواريخ وكل ذلك يلقي بظلاله علي نفسية الشخص.
ويعرض الدكتور فاضل النشيط في ختام حديثه تجربة ألمانيا في سعيها للتخفيف من الزحمة المرورية اذ قال: السيارات هناك تحمل بعضها ارقاماً فردية واخري ارقاماً زوجية، وتحدد لهم ايام من الاسبوع للنزول في الشارع، ووجود رقم فردي في يوم الرقم الزوجي يعرض السائق للمساءلة القانونية ودفع غرامة مالية.

Cattraf
2004-10-16
page14.pdf

كتبت – ياسمين خلف:

من نظرة ضيقة قد يحسب المرء ان الزحمة في الشوارع لا تتعدي كونها مشكلة مرورية، ومشكلة قد تأخذ من وقت الشخص وتهدره! ولكن من منظور اوسع، ما مدي تأثير الزحمة والاختناقات المرورية علي نفسية الشخص وهل هي سبب للامراض النفسية؟! ذلك ما حاولت مدارات معرفته من استشاري طب نفسي الدكتور فاضل النشيط – الذي اكد علي ان الكثير من الدول الاجنبية كألمانيا علي سبيل المثال تستعين بخبراء نفسانيين لدراسة القضايا المرورية وبخاصة تلك المتعلقة بالحوادث المرورية والازدحام في الشوارع، مشيرا الي ان تلك الدراسات يطلق عليها دراسة منغصات الحياة – اشارة الي ان الاختناق المروري ينغص حياة الفرد ويعكرها!
وقال الدكتور النشيط موضحا: أبسطها اذا ما بدأنا القول ان الاشارة الضوئية تسهم بدرجة كبيرة في التأثير علي نفسية الشخص بطريقة سلبية، فهي كالنار التي تشتعل في نفسية الفرد، خصوصا اذا كان مرتبطا بموعد او عمل ما! والامر يختلف من شخص لآخر تبعا للسن والجنس والثقافة والطبيعة والظروف التي تحيط بالفرد، وللاختلاف الحضاري دور لايستهان به، فالشرقيون مثلا بطبيعتهم لا يمتلكون صبرا وسريعو الغضب علي عكس الاوروبيين الاكثر صبرا وهدوءاً في الاعصاب. كما ان وجود الشخص لفترات طويلة في الشارع سواء لطبيعة عمل ما او لسبب آخر، قد يخلق لديه قدرة علي التحمل والتعود والتأقلم مع الوضع، فيزيد تقبله للازدحام المروري، علي عكس ذاك الذي يريد فقط الانتقال من مكان لاخر، وغير متأقلم مع وضع الشارع.
فللزحمة آثار وضغوط نفسية، منها ارتفاع درجة حرارة الجسم والعصبية والنرفزة نتيجة لزيادة افراز مادة الاندراللين وارتفاع ضغط الجسم وقلة التركيز والتوتر والرعشة في اليد، فالاستعداد النفسي للشارع وللزحمة التي قد تواجه الفرد، واحتساب زمن اضافي وصولا للمكان المراد التواجد فيه، دور كبير في تأثير الزحمة علي نفسية الفرد من عدمه، علي عكس حدوث الاختناق المروري فجأة بدون سابق انذار كوقوع حادث مروري يعطل سير السيارات والذي يزيد الضغط النفسي علي الفرد.
ويواصل بقوله: اخلاق السواق كذلك لا يمكن التغاضي عنها، فعند تجاوز احدهم مساره ودخوله علي مسار غيره، او قطعه للاشارة الضوئية، يزيد من ضيق وضجر السواق الاخرين، وخاصة شديدي الالتزام بالانظمة والقوانين، ولابواق السيارات والضوضاء التي تخلقها وسط الزحام المروري اثر كبير ايضا علي نفسية الفرد. ناهيك عن الاستنزاف المادي نظير الانحشار في الزحمة واحتراق الوقود، قد يبدو الامر عاديا بالنسبة الي اولئك المقتدرين ماديا ولكن البعض ومن هم من ذوي الدخل المتوسط او الضعيف يحسبون للامر الف حساب فيزيدهم هماً علي همومهم في الشارع، حتي الوقت الذي يهدر خلال الانتظار في الزحمة يقاس ماديا علي انه استنزاف في الموارد الاقتصادية ويؤثر كذلك علي الاستثمار في الدولة.
ويكمل الدكتور النشيط بقوله: المشكلة ان الاغلبية الساحقة من الناس لا يحسبون وقتا اضافيا للوصول الي المكان الذي يريدونه، اذ يفتقدون الي التخطيط للوقت، ولذلك تجدهم بالاضافة الي الازدحام يسرعون في سياقة السيارة، والتي هي الاخري تزيد من عصبيتهم ونرفزتهم فيقل تركيزهم ويقل هدوء اعصابهم، وتزداد تلك الاعراض تأثيرا علي اولئك الناس المصابين بأمراض مزمنة، كمرضي السكري مثلا، مما يعرضهم للحوادث المرورية نتيجة لضعف القدرة علي الابصار وقلة القدرة علي التركيز. وكذلك الامر بالنسبة لكبار السن، والذين قد يصابون بارتباكات عضوية ومشاكل صحية اخري نتيجة لعدم القدرة علي التحمل، وان كانوا اكثر صبرا واكثر حكمة في التصرف، خصوصا اذا ما قورنوا بفئة الشباب والذين يمتازون بارتفاع نسبة الاندرالين، والتهور والعصبية في التصرف ان صح التعبير، ومع وقوعهم في زحمة الشارع فانهم يزدادون نرفزة وعصبية فتجدهم ما ان تضيء الاشارة الضوئية باللون الاخضر معلنة عن القدرة علي السير، حتي تجدهم يسرعون كالصواريخ وكل ذلك يلقي بظلاله علي نفسية الشخص.
ويعرض الدكتور فاضل النشيط في ختام حديثه تجربة ألمانيا في سعيها للتخفيف من الزحمة المرورية اذ قال: السيارات هناك تحمل بعضها ارقاماً فردية واخري ارقاماً زوجية، وتحدد لهم ايام من الاسبوع للنزول في الشارع، ووجود رقم فردي في يوم الرقم الزوجي يعرض السائق للمساءلة القانونية ودفع غرامة مالية.

Cattraf
2004-10-16
page14.pdf

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.