ضحيــــة ظــــروف أم جانيــــة : قصة فتاة تقشعر لها الأبدان

كتبت – ياسمين خلف:
أثار خبر اعتداء قاصر علي ضابط شرطة بسكين دهشة القراء وامتعاضهم من تصرف تلك العاق، بالاضافة إلي تعديها بالضرب علي أبيها المسن، وأصدر البعض أحكاما كحد وعقاب لها، وان كان خارج أسوار المحكمة، ومن ألسن غير مشرعة لاصدار حكم علي الجاني إلا وهي تلك الطفلة التي لم تتجاوز الثالثة عشرة من عمرها!! ولكن ألم يدر بخلد القراء أسباب ودوافع جرمتها تلك؟! الأيام لم تترك هذا الحدث يمر مرور الكرام، وتوقفت عنده وزارت عائلة الطفلة ف. س. م لتكشف أسرارا قد تكون هي أقرب الي حرمة البيوت، ولكنها لم تعد كذلك خصوصا مع لوك ألسنة المحيطين بهم بأقاويل قد يصح بعضها وقد تنزوي أكثرها في قائمة الشائعات التي لم ولن ترحم هذه العائلة.
مررنا بأزقة المنامة، وطرقنا مع احدي عضوات صندوق المنامة الخيري فداء العليوات باب تلك الاسرة، وفتحته والدة الطفلة، واستقبلتنا بابتسامة لم تختلف عن ابتسامة أهل المنامة، دخلنا في ذلك المنزل الأشبه بالقبر منه إلي المسكن، وفي تلك الغرفة التي امتلأت بحاجيات سكان البيت، كان والد الطفلة واختها الكبري في انتظارنا، وكان في انتظارنا كذلك مآس بكل ما يحمله الأسي من معني، فالخبر والذي سبق نشره حمل بعض المعلومات غير الدقيقة وسنعرض في أسطرنا الآتية المعلومات الأدق كما جاءت علي لسان أهل الطفلة.
ف. س الطفلة الجانية والمقيدة في الصف الثاني الاعدادي تندرج من أسرة فقيرة جدا، بل ومعدومة وترتيبها الثاني من بين ثلاث أخوات، أكبرهن في السابعة والعشرين عاما، وأصغرهن لم تتجاوز الحادية عشرة من عمرها، ويسكنّ مع والدهن الطاعن في السن ووالدتهن الأمية في منزل بالايجار لا يتجاوز ايجاره عن 30 دينارا وعجزوا عن دفعه من أشهر، ومهددون بالطرد في أي لحظة!!

كانت مجتهدة وليتها تكون

الأخت الكبري والتي استولت علي نصيب الأسد في الحديث قالت: كانت أختي متفوقة في دراستها وكم كنت ألحظ ذكاءها ونباهتها، وتشهد علي في ذلك مدرساتها في الصفوف الثلاثة الأولي في المرحلة الابتدائية، ولكن بدأت تتغير شيئا فشيئا، عندما صاحبت رفيقات السوء في الصف الرابع الابتدائي، فالحفلات والسهرات حتي الساعات الأولي من الصباح كانت احدي هواياتها، وتعديها بالألفاظ البذيئة علي مدرساتها احدي سلوكياتها المشينة التي تشتكي مدرساتها منها، ولله أشهد ان مدرساتها بالهيئة الادارية والتعليمية فيها يحتضّن قضيتها التي شعرن أن فيها خلل لا بد من تقويمه.
فأختي وللأسف طائشة في تصرفاتها ومتمردة ومغرورة! فهي غير متقبلة للواقع الذي نعيشه، فوالدي المسن عاطل عن العمل، ويعاني من أمراض مزمنة من قلب وضغط وسكري وضيق في التنفس، وأخي الوحيد راح ضحية لتسمم غذائي وتوفي عام 1991، وأنا ورغم حصولي علي شهادة البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية أصطف في طابور العاطلين عن العمل، بمعني أدق لا مصدر لنا للدخل غير مساعدات هزيلة ممّن تجود أنفسهم علينا!! وأختي تريد أن تلبس وتخرج وتقتني الموبايل كغيرها من أقرانها الميسورات.

تسرق.. وتنكر

تستطرد الأخت الكبري في الحديث وتسرد ما يمر علي خاطرها من مواقف وقصص مع اختها وتقول: اللبس الذي ترتديه أختي لا يرضينا نحن أهلها، وهي تسير علي خطي صديقاتها المنحرفات اللواتي يتبادلن العدسات اللاصقة، ويملأن وجوههن بالمساحيق من جميع الألوان، ويصبغن شعورهن ويقصصنه مع ما يتماشي مع آخر صرعات الموضة وحدث ان استدعيت في مدرستها لملاحظة مديرتها بأنها تخرج من المدرسة وهي في كامل زينتها ومكياجها، بل انها تعمد الي سرقة والدي، وعندما نواجهها تنفي وتقول انها ادخرته من مصروفها! تسأل وتجيب علي نفسها، كيف تدخر ومصروفها زهيد جدا بالكاد يكفي وجبتها المدرسية؟! فأنا والتي أحصل علي مصروف أكثر منها باعتباري أكبر سنا، لا أستطيع أن أدخر إلا بالعسر، وعندما أردت شراء جهاز كمبيوتر اتفقت مع أختي الصغري التي تعاني من فقر الدم المنجلي سكلر علي اقتسام المبلغ والادخار لشرائه، وعرضنا الأمر علي أختي ف ولكنها رفضت مشاركتنا وقالت انها ليست مسئولة عن شراء ما تحتاجه، ووالدنا مسئول عن الصرف، وهي ان أرادت شيئا سيصلها دون أن تلجأ للادخار!!
كادت أن تقتل والدنا

وأثناء وجودنا مع العائلة، لاحظنا أثر جرح كبير علي رأس الأب، وبددت فضولنا كلمات الأخت الكبري عندما قالت انظروا الي رأس والدي، انظروا الي هذا الجرح الكبير الذي لم يوقف نزيفه الحاد الا الخياطة الجراحية، أتدرون ما هي قصته؟! ومن كان السبب فيه؟! ما قصته يا تري؟! سألناها وكان الجواب سريعا وتفصيليا: خرجت مع صديقتي عند الساعة السابعة مساء وفي طريقي للمنزل مع اقتراب عقارب الساعة من الثامنة، تلقيت مكالمة من اختي الصغري، وكانت مهلوعة وتقول ان الناس قد تجمعوا أمام المنزل والشرطة والاسعاف عند منزلنا وأمي مغمي عليها في بيت الجيران، وأبي غارق في دمه!!
انطلقت كالبرق واذا بأختي ف. س تقول انها لم تتعمد قتل والدي، ولكنها وبالخطأ أصابته في رأسه وأخذت تصرخ وتقول أنا عصبية أنا عصبية! يضحك أبوها ويستلم دفة الحديث ليقول: كانت تتعمد ازعاجي فقد كانت تضرب الابواب في المنزل بقوة شديدة، أمرتها بالتوقف ولكنها لم تصغِ لي فأخذت عصي صغيرة وضربتها علي يدها ضربة خفيفة جدا خوفا مني ان أتسبب في ايذائها، ولكنها وبسرعة خاطفة أمسكت برقبتي ودفعتني للأرض، ووضعت رجلها اليسري علي طرف جسمي والأخري فوق صدري، بحركة أشبه بحركات المصارعين في مبارياتهم، ولم أفلت منها إلا وأنا في مواجهة الباب الخارجي للمنزل، ولم أع الا بضربة قوية من خلفي، دفعتني للانبوب الحديدي المواجه لباب الجيران فأصبت في رأسي ونزفت وستبقي آثاره باقية ما بقيت.

علاقاتها مشبوهة

وبتنهيدة ترجمت نفاذ صبر الوالدة وقلة حيلتها قالت: لم نستطع أن نردع تصرفاتها المشينة، والتي منها أنها تخرج مع امرأة هندية متزوجة من مسن وتسكن المحرق، بل وحدث انها باتت خارج المنزل لستة أيام عندها، وتسكت وتتمتم لا أعرف هل هو فعلا زوجها كما تدعي أم لا، فهي تارة تقول أبيها وتارة تقول زوجها والله أعلم بالحقيقة، وفي كل الحالات ما دواعي أخذها ابنتي لمنزلها؟! كما ان لابنتي علاقة مع احدهم وهو متزوج وسبق أن أرجعها المنزل الساعة السادسة صباحا.

أرادت طعن والدي

ش. س تقاطع والدتها وتقول أختي عاق ودائما ما تتعدي علي والدي بالضرب دون اية أسباب أو مبررات، هكذا وبدون مقدمات تندفع بقوة علي والدي وتضربه، ودائما ما تردد لا أريده، أريد له الموت، جميع أهله قد ماتوا، وهو لا يزال حيا، لما لا يموت ويريحنا .
بل وفي احدي المرات لحقت بوالدي حتي المسجد، وهي رافعة عليه سكين تريد طعنه، ولما أمسكها أحد المارة ومنعها وضربها علي وجهها، رجعت الي المنزل وهي تهدد وتتوعد ذاك الرجل، وباتت والسكين تحت مخدتها وتقول انه لن يفلت منها وستطعنه اذ ما رأته في طريقها!!
تخلق المشاكل وتفتعلها، في أي مكان ومع أي كان لدرجة انني لا أحبذ الخروج معها في الشارع، وأمنع أختي الصغري من مرافقتها لئلا تتطبع بطباعها، فمرة وأثناء ما كنا في الشارع وقفت وبصقت في وجه رجل دون سبب، وتلفظت عليه بكلمات نابية، ومرة افتعلت مشكلة مع حارس الأمن في الكورنيش، وشكا عليها في مركز الشرطة واستدعيت!
والغريب انها تتفاخر أمام مدرساتها وزميلاتها كونها تدخل مراكز الشرطة، وبلغة المتحدي دائما تردد سأخرج وسأرجع لكم وسأريكم من أنا!!
بالفعل لا أجد أختي طبيعية في تصرفاتها، فنحن في المنزل نحاول قدر المستطاع تهيئة الجو لها للدراسة، ولكن دون جدوي، ففي احدي المرات قالت اغلقوا التلفاز أريد مراجعة دروسي، فأغلقناه قالت بعدها اخرجوا من الغرفة، وكان لها ما أرادت أتعلمون ما الذي فعلته بعدها؟! وضعت كاسيت وأخذت تغني وترقص بدلا من أن تدرس!!
وحدث ان أردت أن أدفعها للدراسة باغرائي لها فادخرت مصروفي واشتريت هاتفا خلويا، وقلت لها سأهديك اياه، اذا درست ونفذت شروطي، قبلت وقالت وبطاقة الهاتف، قالت لها أمي انها ستشتريها لها، ومع ذلك أخذت تشتمنا وتصرخ علينا ولم تنفذ شروطنا.
دخلت علينا بعدها اختهن الصغري وباستحياء جلست معنا، وأخذت اختها الكبري تقول: اختي هذه مريضة بالسكلر، ولا تتحمل الضرب ولذلك لا أتركها مع اختنا ف. س فمرة غرزت قلم الرصاص في صدرها، فنخاف عليها من ان تقتلها فهي حبيبتها ان ارادت منها غرضا أو حاجة، وان لم تجد منها ما تريد شتمتها وعايرتها.

تعتبرني خادمة عندها!

وبعفوية بالغة قالت الام والمصابة بمرض القلب وتحتاج الي علاج ولضيق ذات اليد لا تتلقاه: دائما ما تناديني وتطلق علي لفظ خادمة ودائما ما تثور ثائرتها اذا منعت اختها الصغري من مرافقتها خوفا علي الاخيرة من أن تسير في طريقها، تسكت برهة وتكمل: بل انها حدث ان اتصلت بي واعطت الهاتف لمن يرافقها من الشباب للحديث معي، وتقول بتباه انا الان مع شلة شباب ونشرب معا الشيشة الحلوة! بل انها تجلس أمام والدها بملابسها الداخلية، وتسرق نقوده وتتنكر بعدها وحدث ان سرقت جميع ما يملكه والدها من نقود وصرفته علي الملابس وعزومات صديقاتها.
وعندما تصفحنا صور الغائبة الحاضرة في مقالتنا هذه، التي أودعت في الاحداث لمدة اسبوع، لم تصدق أعيننا ما تراه! طفلة علي هيئة شابة تغلب علي صورها طابع الحركات المغرية، قالت ممثلة الصندوق فداء العليوات: هذا الالبوم عرضته علي منذ اليوم الأول الذي رأتني فيه، قبل ثلاثة أسابيع وهي مدة تبني صندوق المنامة الخيري لقضية هذه الاسرة، وكانت محترمة معي في حديثها وتتباهي بهذه الصور التي عرضتها كذلك علي اساتذتها من الرجال! وعن المساعدة المادية التي يقدمها الصندوق للاسرة، قالت للاسف مجلس ادارة الصندوق جديد ونسعي حاليا لاعداد ميزانية له، ونسعي كذلك للحصول ولو علي شقة من الاسكان لايواء هذه الاسرة.

ليلة الحادثة

والكلام للأخت الكبري.. دائما ما تفتعل اختي المشاكل مع اقتراب الليل، وخاصة ليلة الجمعة من كل اسبوع! وفي يوم الحادثة التي نشر خبرها في صحيفتكم كنت أراجع لها مادة الاجتماعيات، وهي المادة الاخيرة لها في جدول امتحاناتها النهائية، وكانت قد جهزت شنطة سفرها، بعدما خططت للسفر لدولة الكويت او المملكة العربية السعودية كما قالت، وطلبت جواز سفرها من والدي الذي رفض تسليمها اياه لصغر سنها، وكانت تهدد وتتوعد بحرق المنزل والانتحار اذا لم يسلمها جواز سفرها! فقالت وبصوت مرتفع ترتج معه الابواب أكلمك بالطيب اعطني جواز سفري والا تعاملت معك بشكل مختلف.
حركاتها وتصرفاتها تلك بدأت عند ساعات الظهر وازدادت في المساء، اذ أخذت تضرب الابواب وتكسر حاجيات المنزل وتبعثرها، واثناء ثورتها كسرت الصحون ومنها ارادت الانتحار سبق وان هددت بالانتحار عدة مرات وأخذت تجرح نفسها بقطعة متكسرة من الصحون، فقمت باستدعاء الشرطة، واثناء ما كان الشرطي يريد منعها من ايذاء نفسها جرحت يده، وليس كما ذكر في الخبر والذي سبق نشره انها حاولت الاعتداء علي الشرطي.
وبغرور كانت تقول انها سترجع وستخرج بكفالة وستعود وتلقنهم درسا آخر، وهي غالبا ما تقول أنا أسب وأشتم لا ضرر ولكن لا أحد يسبني فأنا لا أغلط أبدا!!
وبكلمات أخيرة قالت الاخت الكبري بصوت مهدج، نحن جميعا نعاني من الفقر والحرمان، فأنا كذلك أتحسر علي حالي اذ ما زرت صديقاتي وقارنت حياتي بحياتهن وكذلك اختي الصغري التي ترجع وهي تبكي متمنية ان تكون لها حجرة صغيرة بها ألعاب ودمي ولكن اختي ف. س تختلف عنا ولا تقبل بهذا الوضع وترفضه، فأنا كلما ضاقت الدنيا بي وضعت همي في الدراسة وها أنا ذا أحمل الشهادة الجامعية، ولكنها كلما أحست بنقص زاد عنفها وتحطيمها لحياتها وحياتنا، وها هي قد حطمتنا جميعا وأولهم نفسها التي ضاعت..
وللمحررة كلمة

في الوقت الذي يتلقي الطلبة الطالبات هذه الايام التهاني بالنجاح، تقبع تلك الطفلة بين جدران الاحداث وقد مزجت منه بالأمس! قضيتها ليست صغيرة، وأكبر مما نتوقع، فهي بحاجة الي يد تنتشلها مما هي فيه، وتحتاج الي اخصائي نفسي يعالجها فهي مريضة كما لاحظنا من تصرفاتها ضرب أبيها مثلا وكلماتها التي تستخدمها، واسرتها وللأسف لن تستطيع لوحدها معالجة تلك المصيبة ، فهي والتي لا زالت في الثالثة من عمرها بعد العشر سنوات تقوم بتصرفات بعيدة عن الخط المستقيم، فكيف لنا أن نتوقع منها في المستقبل أن يكون لها حال أفضل مما هي عليه الآن.
بل ان اسرتها بحاجة لمساعدة لانقاذ البقية المتبقية منهم، فأختها الكبري رغم انها جامعية عاطلة وبحاجة لوظيفة لتتكفل بإعالة اسرتها، التي لا عائل لها مع وجود أب طاعن في السن وأم أمية هم بحاجة أيضاً الي مأوي صحي ولفتة صغيرة من وزارة الاشغال والاسكان فالأب كما أسلفنا الذكر يعاني من أمراض الشيخوخة من قلب وسكري وضغط وضيق في التنفس، والام تعاني من مرض القلب، ناهيك عن تلك الطفلة التي لم تتجاوز الحادية عشرة من عمرها وتعاني من السكلر .. لم نرد من وراء هذا النشر التشويه ونشر غسيل خلق الله، بل نطلب تبني قضية هذه الاسرة التي لا حول ولا قوة لها.

Catsocaff
2004-06-13

كتبت – ياسمين خلف:
أثار خبر اعتداء قاصر علي ضابط شرطة بسكين دهشة القراء وامتعاضهم من تصرف تلك العاق، بالاضافة إلي تعديها بالضرب علي أبيها المسن، وأصدر البعض أحكاما كحد وعقاب لها، وان كان خارج أسوار المحكمة، ومن ألسن غير مشرعة لاصدار حكم علي الجاني إلا وهي تلك الطفلة التي لم تتجاوز الثالثة عشرة من عمرها!! ولكن ألم يدر بخلد القراء أسباب ودوافع جرمتها تلك؟! الأيام لم تترك هذا الحدث يمر مرور الكرام، وتوقفت عنده وزارت عائلة الطفلة ف. س. م لتكشف أسرارا قد تكون هي أقرب الي حرمة البيوت، ولكنها لم تعد كذلك خصوصا مع لوك ألسنة المحيطين بهم بأقاويل قد يصح بعضها وقد تنزوي أكثرها في قائمة الشائعات التي لم ولن ترحم هذه العائلة.
مررنا بأزقة المنامة، وطرقنا مع احدي عضوات صندوق المنامة الخيري فداء العليوات باب تلك الاسرة، وفتحته والدة الطفلة، واستقبلتنا بابتسامة لم تختلف عن ابتسامة أهل المنامة، دخلنا في ذلك المنزل الأشبه بالقبر منه إلي المسكن، وفي تلك الغرفة التي امتلأت بحاجيات سكان البيت، كان والد الطفلة واختها الكبري في انتظارنا، وكان في انتظارنا كذلك مآس بكل ما يحمله الأسي من معني، فالخبر والذي سبق نشره حمل بعض المعلومات غير الدقيقة وسنعرض في أسطرنا الآتية المعلومات الأدق كما جاءت علي لسان أهل الطفلة.
ف. س الطفلة الجانية والمقيدة في الصف الثاني الاعدادي تندرج من أسرة فقيرة جدا، بل ومعدومة وترتيبها الثاني من بين ثلاث أخوات، أكبرهن في السابعة والعشرين عاما، وأصغرهن لم تتجاوز الحادية عشرة من عمرها، ويسكنّ مع والدهن الطاعن في السن ووالدتهن الأمية في منزل بالايجار لا يتجاوز ايجاره عن 30 دينارا وعجزوا عن دفعه من أشهر، ومهددون بالطرد في أي لحظة!!

كانت مجتهدة وليتها تكون

الأخت الكبري والتي استولت علي نصيب الأسد في الحديث قالت: كانت أختي متفوقة في دراستها وكم كنت ألحظ ذكاءها ونباهتها، وتشهد علي في ذلك مدرساتها في الصفوف الثلاثة الأولي في المرحلة الابتدائية، ولكن بدأت تتغير شيئا فشيئا، عندما صاحبت رفيقات السوء في الصف الرابع الابتدائي، فالحفلات والسهرات حتي الساعات الأولي من الصباح كانت احدي هواياتها، وتعديها بالألفاظ البذيئة علي مدرساتها احدي سلوكياتها المشينة التي تشتكي مدرساتها منها، ولله أشهد ان مدرساتها بالهيئة الادارية والتعليمية فيها يحتضّن قضيتها التي شعرن أن فيها خلل لا بد من تقويمه.
فأختي وللأسف طائشة في تصرفاتها ومتمردة ومغرورة! فهي غير متقبلة للواقع الذي نعيشه، فوالدي المسن عاطل عن العمل، ويعاني من أمراض مزمنة من قلب وضغط وسكري وضيق في التنفس، وأخي الوحيد راح ضحية لتسمم غذائي وتوفي عام 1991، وأنا ورغم حصولي علي شهادة البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية أصطف في طابور العاطلين عن العمل، بمعني أدق لا مصدر لنا للدخل غير مساعدات هزيلة ممّن تجود أنفسهم علينا!! وأختي تريد أن تلبس وتخرج وتقتني الموبايل كغيرها من أقرانها الميسورات.

تسرق.. وتنكر

تستطرد الأخت الكبري في الحديث وتسرد ما يمر علي خاطرها من مواقف وقصص مع اختها وتقول: اللبس الذي ترتديه أختي لا يرضينا نحن أهلها، وهي تسير علي خطي صديقاتها المنحرفات اللواتي يتبادلن العدسات اللاصقة، ويملأن وجوههن بالمساحيق من جميع الألوان، ويصبغن شعورهن ويقصصنه مع ما يتماشي مع آخر صرعات الموضة وحدث ان استدعيت في مدرستها لملاحظة مديرتها بأنها تخرج من المدرسة وهي في كامل زينتها ومكياجها، بل انها تعمد الي سرقة والدي، وعندما نواجهها تنفي وتقول انها ادخرته من مصروفها! تسأل وتجيب علي نفسها، كيف تدخر ومصروفها زهيد جدا بالكاد يكفي وجبتها المدرسية؟! فأنا والتي أحصل علي مصروف أكثر منها باعتباري أكبر سنا، لا أستطيع أن أدخر إلا بالعسر، وعندما أردت شراء جهاز كمبيوتر اتفقت مع أختي الصغري التي تعاني من فقر الدم المنجلي سكلر علي اقتسام المبلغ والادخار لشرائه، وعرضنا الأمر علي أختي ف ولكنها رفضت مشاركتنا وقالت انها ليست مسئولة عن شراء ما تحتاجه، ووالدنا مسئول عن الصرف، وهي ان أرادت شيئا سيصلها دون أن تلجأ للادخار!!
كادت أن تقتل والدنا

وأثناء وجودنا مع العائلة، لاحظنا أثر جرح كبير علي رأس الأب، وبددت فضولنا كلمات الأخت الكبري عندما قالت انظروا الي رأس والدي، انظروا الي هذا الجرح الكبير الذي لم يوقف نزيفه الحاد الا الخياطة الجراحية، أتدرون ما هي قصته؟! ومن كان السبب فيه؟! ما قصته يا تري؟! سألناها وكان الجواب سريعا وتفصيليا: خرجت مع صديقتي عند الساعة السابعة مساء وفي طريقي للمنزل مع اقتراب عقارب الساعة من الثامنة، تلقيت مكالمة من اختي الصغري، وكانت مهلوعة وتقول ان الناس قد تجمعوا أمام المنزل والشرطة والاسعاف عند منزلنا وأمي مغمي عليها في بيت الجيران، وأبي غارق في دمه!!
انطلقت كالبرق واذا بأختي ف. س تقول انها لم تتعمد قتل والدي، ولكنها وبالخطأ أصابته في رأسه وأخذت تصرخ وتقول أنا عصبية أنا عصبية! يضحك أبوها ويستلم دفة الحديث ليقول: كانت تتعمد ازعاجي فقد كانت تضرب الابواب في المنزل بقوة شديدة، أمرتها بالتوقف ولكنها لم تصغِ لي فأخذت عصي صغيرة وضربتها علي يدها ضربة خفيفة جدا خوفا مني ان أتسبب في ايذائها، ولكنها وبسرعة خاطفة أمسكت برقبتي ودفعتني للأرض، ووضعت رجلها اليسري علي طرف جسمي والأخري فوق صدري، بحركة أشبه بحركات المصارعين في مبارياتهم، ولم أفلت منها إلا وأنا في مواجهة الباب الخارجي للمنزل، ولم أع الا بضربة قوية من خلفي، دفعتني للانبوب الحديدي المواجه لباب الجيران فأصبت في رأسي ونزفت وستبقي آثاره باقية ما بقيت.

علاقاتها مشبوهة

وبتنهيدة ترجمت نفاذ صبر الوالدة وقلة حيلتها قالت: لم نستطع أن نردع تصرفاتها المشينة، والتي منها أنها تخرج مع امرأة هندية متزوجة من مسن وتسكن المحرق، بل وحدث انها باتت خارج المنزل لستة أيام عندها، وتسكت وتتمتم لا أعرف هل هو فعلا زوجها كما تدعي أم لا، فهي تارة تقول أبيها وتارة تقول زوجها والله أعلم بالحقيقة، وفي كل الحالات ما دواعي أخذها ابنتي لمنزلها؟! كما ان لابنتي علاقة مع احدهم وهو متزوج وسبق أن أرجعها المنزل الساعة السادسة صباحا.

أرادت طعن والدي

ش. س تقاطع والدتها وتقول أختي عاق ودائما ما تتعدي علي والدي بالضرب دون اية أسباب أو مبررات، هكذا وبدون مقدمات تندفع بقوة علي والدي وتضربه، ودائما ما تردد لا أريده، أريد له الموت، جميع أهله قد ماتوا، وهو لا يزال حيا، لما لا يموت ويريحنا .
بل وفي احدي المرات لحقت بوالدي حتي المسجد، وهي رافعة عليه سكين تريد طعنه، ولما أمسكها أحد المارة ومنعها وضربها علي وجهها، رجعت الي المنزل وهي تهدد وتتوعد ذاك الرجل، وباتت والسكين تحت مخدتها وتقول انه لن يفلت منها وستطعنه اذ ما رأته في طريقها!!
تخلق المشاكل وتفتعلها، في أي مكان ومع أي كان لدرجة انني لا أحبذ الخروج معها في الشارع، وأمنع أختي الصغري من مرافقتها لئلا تتطبع بطباعها، فمرة وأثناء ما كنا في الشارع وقفت وبصقت في وجه رجل دون سبب، وتلفظت عليه بكلمات نابية، ومرة افتعلت مشكلة مع حارس الأمن في الكورنيش، وشكا عليها في مركز الشرطة واستدعيت!
والغريب انها تتفاخر أمام مدرساتها وزميلاتها كونها تدخل مراكز الشرطة، وبلغة المتحدي دائما تردد سأخرج وسأرجع لكم وسأريكم من أنا!!
بالفعل لا أجد أختي طبيعية في تصرفاتها، فنحن في المنزل نحاول قدر المستطاع تهيئة الجو لها للدراسة، ولكن دون جدوي، ففي احدي المرات قالت اغلقوا التلفاز أريد مراجعة دروسي، فأغلقناه قالت بعدها اخرجوا من الغرفة، وكان لها ما أرادت أتعلمون ما الذي فعلته بعدها؟! وضعت كاسيت وأخذت تغني وترقص بدلا من أن تدرس!!
وحدث ان أردت أن أدفعها للدراسة باغرائي لها فادخرت مصروفي واشتريت هاتفا خلويا، وقلت لها سأهديك اياه، اذا درست ونفذت شروطي، قبلت وقالت وبطاقة الهاتف، قالت لها أمي انها ستشتريها لها، ومع ذلك أخذت تشتمنا وتصرخ علينا ولم تنفذ شروطنا.
دخلت علينا بعدها اختهن الصغري وباستحياء جلست معنا، وأخذت اختها الكبري تقول: اختي هذه مريضة بالسكلر، ولا تتحمل الضرب ولذلك لا أتركها مع اختنا ف. س فمرة غرزت قلم الرصاص في صدرها، فنخاف عليها من ان تقتلها فهي حبيبتها ان ارادت منها غرضا أو حاجة، وان لم تجد منها ما تريد شتمتها وعايرتها.

تعتبرني خادمة عندها!

وبعفوية بالغة قالت الام والمصابة بمرض القلب وتحتاج الي علاج ولضيق ذات اليد لا تتلقاه: دائما ما تناديني وتطلق علي لفظ خادمة ودائما ما تثور ثائرتها اذا منعت اختها الصغري من مرافقتها خوفا علي الاخيرة من أن تسير في طريقها، تسكت برهة وتكمل: بل انها حدث ان اتصلت بي واعطت الهاتف لمن يرافقها من الشباب للحديث معي، وتقول بتباه انا الان مع شلة شباب ونشرب معا الشيشة الحلوة! بل انها تجلس أمام والدها بملابسها الداخلية، وتسرق نقوده وتتنكر بعدها وحدث ان سرقت جميع ما يملكه والدها من نقود وصرفته علي الملابس وعزومات صديقاتها.
وعندما تصفحنا صور الغائبة الحاضرة في مقالتنا هذه، التي أودعت في الاحداث لمدة اسبوع، لم تصدق أعيننا ما تراه! طفلة علي هيئة شابة تغلب علي صورها طابع الحركات المغرية، قالت ممثلة الصندوق فداء العليوات: هذا الالبوم عرضته علي منذ اليوم الأول الذي رأتني فيه، قبل ثلاثة أسابيع وهي مدة تبني صندوق المنامة الخيري لقضية هذه الاسرة، وكانت محترمة معي في حديثها وتتباهي بهذه الصور التي عرضتها كذلك علي اساتذتها من الرجال! وعن المساعدة المادية التي يقدمها الصندوق للاسرة، قالت للاسف مجلس ادارة الصندوق جديد ونسعي حاليا لاعداد ميزانية له، ونسعي كذلك للحصول ولو علي شقة من الاسكان لايواء هذه الاسرة.

ليلة الحادثة

والكلام للأخت الكبري.. دائما ما تفتعل اختي المشاكل مع اقتراب الليل، وخاصة ليلة الجمعة من كل اسبوع! وفي يوم الحادثة التي نشر خبرها في صحيفتكم كنت أراجع لها مادة الاجتماعيات، وهي المادة الاخيرة لها في جدول امتحاناتها النهائية، وكانت قد جهزت شنطة سفرها، بعدما خططت للسفر لدولة الكويت او المملكة العربية السعودية كما قالت، وطلبت جواز سفرها من والدي الذي رفض تسليمها اياه لصغر سنها، وكانت تهدد وتتوعد بحرق المنزل والانتحار اذا لم يسلمها جواز سفرها! فقالت وبصوت مرتفع ترتج معه الابواب أكلمك بالطيب اعطني جواز سفري والا تعاملت معك بشكل مختلف.
حركاتها وتصرفاتها تلك بدأت عند ساعات الظهر وازدادت في المساء، اذ أخذت تضرب الابواب وتكسر حاجيات المنزل وتبعثرها، واثناء ثورتها كسرت الصحون ومنها ارادت الانتحار سبق وان هددت بالانتحار عدة مرات وأخذت تجرح نفسها بقطعة متكسرة من الصحون، فقمت باستدعاء الشرطة، واثناء ما كان الشرطي يريد منعها من ايذاء نفسها جرحت يده، وليس كما ذكر في الخبر والذي سبق نشره انها حاولت الاعتداء علي الشرطي.
وبغرور كانت تقول انها سترجع وستخرج بكفالة وستعود وتلقنهم درسا آخر، وهي غالبا ما تقول أنا أسب وأشتم لا ضرر ولكن لا أحد يسبني فأنا لا أغلط أبدا!!
وبكلمات أخيرة قالت الاخت الكبري بصوت مهدج، نحن جميعا نعاني من الفقر والحرمان، فأنا كذلك أتحسر علي حالي اذ ما زرت صديقاتي وقارنت حياتي بحياتهن وكذلك اختي الصغري التي ترجع وهي تبكي متمنية ان تكون لها حجرة صغيرة بها ألعاب ودمي ولكن اختي ف. س تختلف عنا ولا تقبل بهذا الوضع وترفضه، فأنا كلما ضاقت الدنيا بي وضعت همي في الدراسة وها أنا ذا أحمل الشهادة الجامعية، ولكنها كلما أحست بنقص زاد عنفها وتحطيمها لحياتها وحياتنا، وها هي قد حطمتنا جميعا وأولهم نفسها التي ضاعت..
وللمحررة كلمة

في الوقت الذي يتلقي الطلبة الطالبات هذه الايام التهاني بالنجاح، تقبع تلك الطفلة بين جدران الاحداث وقد مزجت منه بالأمس! قضيتها ليست صغيرة، وأكبر مما نتوقع، فهي بحاجة الي يد تنتشلها مما هي فيه، وتحتاج الي اخصائي نفسي يعالجها فهي مريضة كما لاحظنا من تصرفاتها ضرب أبيها مثلا وكلماتها التي تستخدمها، واسرتها وللأسف لن تستطيع لوحدها معالجة تلك المصيبة ، فهي والتي لا زالت في الثالثة من عمرها بعد العشر سنوات تقوم بتصرفات بعيدة عن الخط المستقيم، فكيف لنا أن نتوقع منها في المستقبل أن يكون لها حال أفضل مما هي عليه الآن.
بل ان اسرتها بحاجة لمساعدة لانقاذ البقية المتبقية منهم، فأختها الكبري رغم انها جامعية عاطلة وبحاجة لوظيفة لتتكفل بإعالة اسرتها، التي لا عائل لها مع وجود أب طاعن في السن وأم أمية هم بحاجة أيضاً الي مأوي صحي ولفتة صغيرة من وزارة الاشغال والاسكان فالأب كما أسلفنا الذكر يعاني من أمراض الشيخوخة من قلب وسكري وضغط وضيق في التنفس، والام تعاني من مرض القلب، ناهيك عن تلك الطفلة التي لم تتجاوز الحادية عشرة من عمرها وتعاني من السكلر .. لم نرد من وراء هذا النشر التشويه ونشر غسيل خلق الله، بل نطلب تبني قضية هذه الاسرة التي لا حول ولا قوة لها.

Catsocaff
2004-06-13

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.