الأطفال يُغتصبون والآباء يتنازلون !!
اجرت اللقاء ـ ياسمين خلف:
في هذا الجزء من الحديث مع رئيس جمعية البحرين النسائية وجيهة البحارنة ونائبها د.سرور قاروني إلي جزئية مهمة تتعلق بواقع المحاكم في البحرين، والتي تفتقر لنظام صحيح حول كيفية التعامل مع الاطفال.. لقد تناولنا في الحلقة الاولي عدة محاور بدأنا بمدخل جميل وهو الحصول علي اعلي الاوسمة الدولية للجمعيات غير الحكومية وانغو ثم امتد الحديث حول مشروع حماية الاطفال من الاعتداء كن حراً ، واليوم نكمل:
المحاكم تفتقر الي نظام صحيح
ففي المحكمة يعامل الطفل كالبالغ عند الاداء بالشهادة، دون مراعاة سنه او المكان الذي يستجوب فيه او الطريقة او الشخص الذي يستجوبه، وعدد مرات الاستجواب، فالامور تسير بطريقة غير علمية في المحاكم، وهذا هو الجانب الثاني الذي نعمل عليه في مشروع كن حرا فالقوانين تحتاج الي تطوير، فالطفل يغتصب ويتنازل والده عن القضية فتسقط القضية!! فاسقاط القضية ليس من حق الأب، فهي ليست قضية شخصية بقدر ما هي قضية رأي عام، فالذي اغتصب ذلك الطفل قد يغتصب ابني في المرة الأخري، والدليل علي ذلك قضية الطفلة كريمة، في دولة الكويت الشقيقة، فالذي اغتصبها اغتصب فتاة ايرانية قبلها، وحكم عليه بالاعدام، ولأن والد الفتاة قد تنازل عن القضية، خففت العقوبة، إلي الحبس المؤبد، وبعد ثمان سنوات حصل المجرم علي عفو فخرج من السجن ليغتصب طفلة اخري ويقتلها. فالعفو عن المجرمين ليس كرما منا، والقانون يجب ان يكون صارما عليهم ليتعظ غيرهم.
لو كان هذا الشخص في بريطانيا لما استطاع العيش في منزله، حتي لو افرجت عنه الحكومة، فالناس لن تغفر له، وهذا ما كان المفروض علينا عمله، فنحن بحاجة لرفع مستوي وعي الافراد في مجتمعنا البحريني، ليدركوا خطورة هؤلاء المجرمين علي ابنائنا، فاذا رحمهم القانون علينا ألا نرحمهم، حتي نكون ورقة ضغط علي القانون ليتم تغييره بالشكل الذي يحفظ لمملكتنا الامن والامان، وقضية فاطمة احدي النماذج التي تبنتها الجمعية، فهي قضية رأي عام، وليست قضية فردية ومن خلال استبانة اعددناها تبين ان اكثر الناس يعتبرونها وللأسف قضية فردية، أي انها مشكلة أب الطفلة أو امها، وذلك خطأ، فاختفاء طفلة لمدة قاربت علي العام في جزيرة صغيرة، امر في غاية الفظاعة، والغريب ان الناس يمارسون حياتهم بشكل طبيعي، فالذي حدث لفاطمة قد يحدث لابنك أو لابنتك او لأخيك او حتي أختك، فاذا مر الموضوع بسهولة حتما ستكون آثاره وخيمة في المستقبل.
وبالفعل نجحنا في اثبات ان قضية فاطمة قضية رأي عام، وكنا نأمل ان يتفاعل الناس معنا بصورة اكبر، ولكن بعض الجهات بدا علي عملها القصور كوسائل الاعلام مثلا، فبرنامج حياكم معانا قد خصص حلقته للموضوع ذاته بناءً علي طلب جمعية البحرين النسائية، وقد ساهم في تفاعل الناس، وكما هو معروف فان الناس يتفاعلون في البداية مع كل موضوع جديد، وبعد ذلك يخفت تفاعلهم. وهناك طلب من مركز الدراسات والبحوث حول الدراسات المتعلقة بالاطفال والاساءة إليهم، وكما صرح عبدالنبي العكري ان قضية فاطمة هي ما دفع المركز لهذه الدراسة. والمطلوب الآن من الجهات ذات العلاقة والصلة التحرك!!
والمطلوب كذلك زيادة وعي الاطفال وأولياء امورهم وتثقيفهم وتوعيتهم، وتعديل القوانين المرتبطة بهم، وانشاء مركز لإرشاد الاطفال ضحايا الإهمال والاعتداء وعلي سبيل المثال : سميرة الاخت الصغري لفاطمة رأت من ألوان العذاب الكثير، فأثر ذلك سلبا علي سلوكها وحتي طريقة كلامها، وتعيش اليوم بدون تأهيل، فالامر يجب ألاَّ يترك هكذا، ألم يفكر احدهم بمستقبل هذه الطفلة، وبخاصة من الناحية النفسية؟!.
فقد اثبتت الدراسات والبحوث ان اكثر من 78% من اللصوص والمجرمين هم ضحايا الاهمال والاعتداءات، وان اكثر من 95% ممن يعملن في شبكات الدعارة هن ضحايا لاعتداءات جنسية عندما كن صغيرات، ونحو 95% من الاباء الذين يعتدون علي ابنائهم هم بالاصل ضحايا اعتداءات جنسية!! ألم نتساءل يوما لم يقوم الأب بالاعتداء علي ابنه علي الرغم من انه يعرف الألم الذي يلحقه به، باعتبار انه قد مر بـ الحدث نفسه؟.
علاج الضحايا
غ أيكون ذلك انتقاماً بالاتجاه الخطأ؟
ف الدكتورة سرور قاروني:
المسائل متداخلة مع بعضها البعض، ويحتاج الاطفال الضحايا الي علاج ليتخطوا كل المشاكل التي ستعترضهم بعد الاعتداء.
غ هل هناك جانب تأهيلي في جمعية البحرين النسائية كجانب مهم بالاضافة الي دور الارشاد الذي تقمن به؟
ف هذا هو بالضبط ما نقوم به، وهو جانب إعادة تأهيل الاطفال ممن هم ضحايا الاعتداءات، وذلك سعيا منا لحل مشاكلهم وهم صغار، قبل ان يكبروا وتكون المشكلة متأصلة وصعبة في العلاج، فأهم مخلفات الاعتداء فقدان الطفل ثقته في نفسه وثقته في الآخرين، وازدياد الحس الانتقامي، فنحل المشكلة لدي الطفل حتي لا تتكرر في المستقبل ويكون هو المعتدي بعدما كان هو المعتدي عليه .
غ وماذا عن اولئك الكبار ضحايا الاعتداء الجنسي في طفولتهم ولم يحصلوا علي الجانب التأهيلي، والذين يمثلون اليوم خطرا علي أطفال اليوم؟!
ف لم نغفل هذا الجانب فالجمعية تضم قسماً آخر للكبار، فبالإضافة الي موقع كن حرا ، هناك موقع لأولياء الامور يحمل اسم اكسر الصمت وهو موقع مخصص للكبار، فمن خلاله يتكلمون عن تجاربهم بدون ان يذكروا اسماءهم، فقد اثبتت الدراسات ان اكثر من نصف المشكلة تحل عندما يتحدث الفرد عنها، وللأسف لم يأخذ الموقع حقه في وسائل الاعلام، فهذا الموقع مشابه لمواقع اوروبية، وتبعا للعادات والتقاليد من الصعب ان يتكلم الفرد عن ممارسات خاطئة مورست ضده، فلذا نحن نسعي لكسر هذا الصمت، فواحدة من القوي التي تقف مع المعتدي سكوت الضحية فما نسعي إليه هو عدم سكوت الضحية، حتي لا يتكرر الجرم مع ضحايا آخرين.
ف وعلي أي اساس يقوم مشروع المواطنة البيئية ؟!
غ وجيهة البحارنة؟:
المواطنة البيئية مشروع أو برنامج بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة اليونب ، تحت مظلة جامعة الدول العربية، فالمشروع تبنته جمعية البحرين النسائية بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة، وذلك لنشر مفهوم المواطنة البيئية، وهو مفهوم جديد، ولا زال يُعرَّف به في دول العالم العربي، فهو مفهوم يحمل في طياته الكثير من الالتزامات والمفاهيم التي يجب ان يطبقها الفرد ليكون مواطنا فعالا، فالمواطن ليس من يحمل هوية وجواز سفر، فذلك مواطن عادي جدا، فالمواطن الفعال هو من يساهم في تنمية المجتمع من جميع النواحي، والتي من اهم جوانبها البيئة ، فكيف يتعامل الفرد بطريقة صحيحة مع البيئة؟ فالمفهوم يمكن تفكيكه لعدة نشاطات وبرامج صغيرة، يستطيع الفرد من خلالها ان يكون مواطنا بيئيا وفعالا.
مبادئ برنامج ميثاق الأرض
غ وما هي الخطوات التي سرتن عليها لتحقيق هذا المفهوم؟!
ف كانت احدي هذه الخطوات هي تدشين حملة وطنية ميثاق الارض وهو برنامج متكامل يتناول اربع مبادئ رئيسة تلخص جوانب حياة الانسان الاقتصادية، الامن والسلام، والبيئة والجانب الاجتماعي وذلك من اجل تحقيق التنمية المستدامة في المجتمع، أو في العالم ككل، وهو برنامج يتعامل مع المواطن العالمي، واهمية العيش علي هذا الكوكب.
وقد انطلقنا في هذا البرنامج إلي اتجاهين، الأول:
تأسيس نادٍ بيئي في مدرسة أبو العلاء الحضرمي الابتدائية للبنين كتجربة اولي، إن نجحت قمنا بتعميمها علي مدارس البحرين، وذلك لغرس مفهوم التعامل مع البيئة في سلوكهم وليس بالشكل الروتيني المتعارف عليه وهو عدم رمي الاوساخ في الشارع، فما نريده هو ان يدركوا كيف يتعاملون ويتعايشون مع البيئة من خلال انشطة مختلفة مرتبطة بالبيئة، وكيف يستغلون البيئة في انتاج مواد يمكن استغلالها، وكيف يتعاطفون مع الكائنات الحية نباتات وطيور وحيوانات ، وكيف يستغلون مصادر الطاقة بالطرق المثلي، كل ذلك علي هيئة قصص مبسطة وصغيرة، والاتجاه الآخر ادخال وحدة بيئية باسم بيئتي في مناهج الروضة وذلك لتأسيس الاطفال علي حب البيئة، فالفرد عندما يصل الي الخمسين من عمره لن يثمر فيه الارشاد كالطفل الصغير فنحن نحاول ان نجعل الطفل يعرف منذ نعومة اظافره معني البيئة، وكيف يساهم في بنائها والحفاظ عليها.
غ اليد البيضاء مشروع آخر للجمعية.. ما هو فحواه؟!
ف الدكتورة سرور قاروني:
يعاني الكثير من الناس في البحرين من الامراض الوراثية وبخاصة السكلر والثلاسيما وللأسف ان معظم هؤلاء الاطفال ممن يعانون من هذه الامراض من عوائل فقيرة!!، وهذه الفئة لها احتياجات مختلفة بدءاً من الاغذية والرعاية الصحية وانتهاء بالدراسة، اذ انهم يبقون فترات طويلة في المستشفي، مما يقتطع جزءاً من فترات دراستهم في المدرسة، نظير غيابهم المتكرر، ونتيجة لضعف مستوي أهلهم الاقتصادي لا يستطيعون أن يوفروا لهم مدرسين خصوصيين، فالاسر ذات الدخل المحدود لها بعض الصفات كتعدد أفراد الاسرة وانخفاض دخل رب الاسرة، والذي غالبا ما ينفقه علي الاحتياجات الاساسية، دون اعطاء التعليم اهمية، فكل هم رب الاسرة توفير لقمة العيش ليومهم، دون ان يكون لديه طموح للمستقبل.
ولانه مرض وراثي فان اكثر من شخص في العائلة الواحدة يعاني من المرض، وقد يصل في بعض الأحيان إلي 4 اشخاص أو اكثر بالاضافة للعم أو الخال وهلم جرا: فتري العائلة ليست مريضة جسميا فقط وانما نفسيا أيضا، فمعظم ما يحتاجونه لا يلبي وامنياتهم تبقي احلاماً لا يمكن تحقيقها.
ذلك بالنسبة لمرضي السكلر، اما عن مرضي الثلاسيما فحالهم لا يختلف كثيرا عن مرضي السكلر بل هو اسوأ، وذلك لحاجتهم المستمرة لتغيير الدم، والذي يصل في بعض الاحيان الي الحاجة الي تغييره يوميا اي مراجعة المستشفي بشكل يومي، والبقاء علي الجهاز لمدة لا تقل عن ثمان ساعات متواصلة. ولأن سعر الجهاز مرتفع لا تتحمل ميزانية وزارة الصحة توفيره لكل طفل ليستخدمه في المنزل، فيضطر الأهل لأخذ طفلهم للمستشفي يوميا لمدة ثمان ساعات لتغيير الدم وثمان ساعات آخري علي الجهاز اي بمعدل 16 ساعة يوميا.
واذا نظرنا للموضوع من زاوية اخري، فان الاب هو الذي يقوم بإيصال الام وطفلها المريض للمستشفي، وذلك لان الام في مثل هذه الاسر لا تقود سيارة وميزانية الاسرة لا تسمح بركوب سيارة الأجرة بصورة يومية.
مما يعني ان يترك الاب عمله لإيصالهم، وهي مشكلة اخري، اذ ان الأب لن يستطيع القيام بذلك يوميا، اي ان الطفل قد لا يذهب ليتلقي العلاج بصورة يومية لعدم توافر المواصلات وتصبح حياة الطفل في خطر. في بعض الاحيان توفر وزارة الصحة هذا الجهاز للأسر التي يعاني اكثر من طفل فيها من مرض الثلاسيما فتضعه الام علي طفل تلو الآخر، والامر في غاية الصعوبة حتي مع الاسر الميسورة ماديا فما بال الاسر الفقيرة، والتي هي في الاساس مدمرة نفسيا اكثر من أي شيء آخر. فمشروع اليد البيضاء يركز علي الجانب النفسي عند الاطفال ويحاول ان يجعلهم يتقبلون المرض ويتعايشون معه، ويتميزون في مجال أو جانب آخر، بمعني أن الذي يعاني من المرض فهو بالتأكيد متميز في احدي المهارات كالكتابة مثلا.
أطفال يضغطون علي أسرهم
غ وهل تلك الاسر تسعي لتحفيز الطفل علي التميز؟!
ف تلك الاسر غالبا ما تكون بسيطة ولديها من المشاكل الكثير، والطفل حينها ينتابه شعور بأنه عالة علي اهله، وهو بالفعل كذلك!! فهو يمثل ضغطاً علي الاسرة، وبالتالي يؤثر ذلك علي نفسية الطفل وأهله، مما يجعلهم متوترين وعنيفين، وما نقوم به من خلال هذا المشروع هو ان نجعل الطفل يري الجانب الايجابي فيه، مثلا: انه يرسم جيدا، او انه طليق في الخطابة او الكتابة، اي ألاَّ يجعل من مرضه عائقا لتميزه، بل وان يكون افضل كذلك من اقرانه، فهناك امثلة كثيرة لأناس تميزوا علي الرغم من الاعاقة التي يعانون منها.
غ وكيف ترشدن الأمهات في كيفية التعامل مع أطفالهن المرضي؟
ف نطلب من الأم الا تركز النظرة الدونية والاحباط لدي طفلها، بمعني ألاَّ تهتم فقط بيومه الحالي، بل تخطط لمستقبله ليكون فخرا لعائلته.
غ وماذا عن الجانب الأكاديمي لأطفال مرضي الثلاسيما ؟
ف نظرا لحاجة مرضي الثلاسيما لتغيير الدم بصورة يومية فان غالبيتهم يخرجون من مدارسهم، لكثرة غيابهم، فهم ينتقلون ما بين مجمع السلمانية الطبي ومنازلهم، قد يكون وضع مرضي السكلر افضل لوجودهم علي قائمة الطلبة، وذلك لترددهم بصورة شهرية علي المستشفي تقريبا، فنجد ان دراستهم تبقي علي كف عفريت، واحتمال رسوبهم وارد، أي انهم يعانون من مشاكل في سير عملية تعليمهم. فالتعليم حق لكل طفل طالما انه لا يعاني من مشاكل ذهنية، ومن واجب وزارة التربية والتعليم ان تعلمه، وكونه يعاني من مرض ما ، لا يعني ان يظل جاهلا طوال عمره، فمن واجب الوزارة ان تتكفل بتعليمهم بالشكل الذي يحصل عليه اقرانهم، وكما افادت وزارة الصحة ان وزارة التربية والتعليم قد أوكلت احد المدرسين للقيام بتدريس الاطفال وليس جميعهم طبعا، فمدرس واحد لن يكفي لعدد هائل من المرضي.
في وزارة التربية والتعليم
غ وهل كان للجمعية دور في اقناع وزارة التربية والتعليم في توفير مدرسين لهؤلاء الاطفال؟
ف قمنا بزيارة الوكيل المساعد لوزارة التربية والتعليم وشرحنا له الوضع بالكامل، وقد تجاوب معنا وأبدي استعداده، ولكنه وجد ان توظيف مدرسين لهذه الفئة سيكون عبئا علي الوزارة وعلي ميزانية وزارة المالية، فما نطلبه فقط مدرسين، اما المساعدات الأخري كالتشجيع المعنوي، فجهات اخري تستطيع توفيره، فهؤلاء المرضي الفئة المحرومة هم كذلك مواطنون، ومن حقهم ان يتعلموا، فهم غير متسيبين او مهملين ولكن ظروفهم الصحية القاهرة هي التي ارغمتهم علي هذا الوضع، وإعاقة مسيرة دراستهم، وهم كذلك افضل من اقرانهم الأسوياء المتسربين .
غ وجيهة البحارنة:
فكم يكلف الوزارة تعيين مدرسين لهذه الفئة المحرومة؟! خصوصا اذا ما قسنا عليها مدي الآثار التي يخلفها إهمالهم، فهم الي جانب الاثر النفسي السيئ الذي يعانون منه سيكونون عالة علي المجتمع بعد سنوات قليلة، فالآن هم قادرون علي تعويض ما سيفوتهم من تعليم، ولكن اذا اهملوا سوف تجري السنوات امامهم ولن يستطيعوا تعويضها، وبذلك علينا ألا نلومهم إذا ما جنحوا للسرقة او للاعتداء علي الغير، لأن اساس المشكلة كانت مطروحة وهؤلاء الاطفال بقوا فترات طويلة في المستشفي ولم يفكر احد بتقديم يد المساعدة إليهم.
فارسال الهدايا والالعاب للأطفال لن يخدمهم في المستقبل، وتقديم الورود والشوكولاته في العيد ما هي إلا جرعات مخدرة فقط ووقتية، وينتهي اثرها بسرعة، فنحن نريد ان نقدم لهم علاجاً جذرياً يرفع من معنوياتهم ونؤهلهم نفسيا، ونعلمهم كيف يتعايشون مع المرض بطرق صحية، وان يروا الجوانب الايجابية في حياتهم، لا ان يقفلوا الابواب علي انفسهم، فان كان مريضاً فهو قادر علي المشي واستخدام عقله بما هو مفيد، حتي حالته الصحية سوف تتحسن، واستجابته للعلاج ستكون اكبر وافضل، فكل ذلك يمكن ان يتحقق وليس بالامر المستحيل اذا ما تظافرت الجهود.
غ الدكتورة سرور قاروني:
التعامل بعقلانية مع هؤلاء الاطفال المرضي سوف يوفر علي الدولة الكثير في المستقبل، فالمرض وراثي سكلر – ثلاسيما واحتمال نقله إلي الابناء في المستقبل امر حتمي، فاذا كان هذا الطفل قوياً نفسيا، وقادراً علي التعامل مع المرض بايجابية فسوف ينقل تلك الخبرة لأطفاله في المستقبل فبالتالي لن تكون لدينا حاجة للمساعدات الخارجية، كما هو الحال الآن، ولن تكون لديهم حاجة لـ اليد البيضاء لمساعدتهم في التأقلم والتعامل مع المرض.
غ وجيهة البحارنة:
المسئولية لا تقف عند باب جمعيتنا فقط، فحبذا لو يكون هناك اهتمام رسمي لهذه المشاكل الجوهرية والمهمة، ومن ثم من القطاع الخاص، فقضية مثل قضية فاطمة ليست شخصية بقدر ما هي قضية رأي عام تهم جميع المواطنين، فنحن كجهة اهلية ومنظمة غير حكومية ومواردها وامكانياتها محدودة، بل يمكن ان نقول ان موردنا الاساسي هو المورد البشري وهي طاقات العضوات ووقتهن الثمين الذي ينفقنه في هذه المشاريع، فنتمني ان يكون هناك دعم لهذه المشاريع حتي نتمكن من مواصلة عملنا.
سباق.. مهرجان غنائي!!
وما يحز في النفس ان الكثير من الجهات في القطاع الخاص تنفق مبالغ كبيرة لفعاليات مؤقتة مثل اقامة سباق او مهرجان غنائي، نحن لا نقول انها فعاليات لا دور لها، ولكنها فعاليات تتبخر وهي التي يصرف عليها آلاف الدنانير، أليس من الأولي صرفها علي المشاريع الاجتماعية والبشرية، فالثروة الحقيقية للبلد ليست النفط أو المصادر الطبيعية، الثروة الحقيقية هي المواطنون انفسهم، فالدول لا ترتقي إلا بسواعد ابنائها.
غ الدكتورة سرور قاروني:
وأؤكد علي دور الاعلام، والذي ظهر جليا وواضحا في قضية فاطمة وما زاد من فعالية هذا الموضوع البرنامج الاذاعي سوالف ضحي والذي استمر ليومين متتالين نظرا لتفاعل الناس مع الموضوع، وعندما انتهي البرنامج، خفت التفاعل، وعاد مرة اخري مع برنامج حياكم معانا التلفزيوني، وازداد مع تركيز جريدة الأيام علي القضية في الأول من شهر اكتوبر الماضي وذلك للاحتفال بيوم الطفل العالمي، ويجب ان يكون دور الاعلام أكثر فعالية مما هو عليه الآن.
catsoci
2003-1-4
الأطفال يُغتصبون والآباء يتنازلون !!
اجرت اللقاء ـ ياسمين خلف:
في هذا الجزء من الحديث مع رئيس جمعية البحرين النسائية وجيهة البحارنة ونائبها د.سرور قاروني إلي جزئية مهمة تتعلق بواقع المحاكم في البحرين، والتي تفتقر لنظام صحيح حول كيفية التعامل مع الاطفال.. لقد تناولنا في الحلقة الاولي عدة محاور بدأنا بمدخل جميل وهو الحصول علي اعلي الاوسمة الدولية للجمعيات غير الحكومية وانغو ثم امتد الحديث حول مشروع حماية الاطفال من الاعتداء كن حراً ، واليوم نكمل:
المحاكم تفتقر الي نظام صحيح
ففي المحكمة يعامل الطفل كالبالغ عند الاداء بالشهادة، دون مراعاة سنه او المكان الذي يستجوب فيه او الطريقة او الشخص الذي يستجوبه، وعدد مرات الاستجواب، فالامور تسير بطريقة غير علمية في المحاكم، وهذا هو الجانب الثاني الذي نعمل عليه في مشروع كن حرا فالقوانين تحتاج الي تطوير، فالطفل يغتصب ويتنازل والده عن القضية فتسقط القضية!! فاسقاط القضية ليس من حق الأب، فهي ليست قضية شخصية بقدر ما هي قضية رأي عام، فالذي اغتصب ذلك الطفل قد يغتصب ابني في المرة الأخري، والدليل علي ذلك قضية الطفلة كريمة، في دولة الكويت الشقيقة، فالذي اغتصبها اغتصب فتاة ايرانية قبلها، وحكم عليه بالاعدام، ولأن والد الفتاة قد تنازل عن القضية، خففت العقوبة، إلي الحبس المؤبد، وبعد ثمان سنوات حصل المجرم علي عفو فخرج من السجن ليغتصب طفلة اخري ويقتلها. فالعفو عن المجرمين ليس كرما منا، والقانون يجب ان يكون صارما عليهم ليتعظ غيرهم.
لو كان هذا الشخص في بريطانيا لما استطاع العيش في منزله، حتي لو افرجت عنه الحكومة، فالناس لن تغفر له، وهذا ما كان المفروض علينا عمله، فنحن بحاجة لرفع مستوي وعي الافراد في مجتمعنا البحريني، ليدركوا خطورة هؤلاء المجرمين علي ابنائنا، فاذا رحمهم القانون علينا ألا نرحمهم، حتي نكون ورقة ضغط علي القانون ليتم تغييره بالشكل الذي يحفظ لمملكتنا الامن والامان، وقضية فاطمة احدي النماذج التي تبنتها الجمعية، فهي قضية رأي عام، وليست قضية فردية ومن خلال استبانة اعددناها تبين ان اكثر الناس يعتبرونها وللأسف قضية فردية، أي انها مشكلة أب الطفلة أو امها، وذلك خطأ، فاختفاء طفلة لمدة قاربت علي العام في جزيرة صغيرة، امر في غاية الفظاعة، والغريب ان الناس يمارسون حياتهم بشكل طبيعي، فالذي حدث لفاطمة قد يحدث لابنك أو لابنتك او لأخيك او حتي أختك، فاذا مر الموضوع بسهولة حتما ستكون آثاره وخيمة في المستقبل.
وبالفعل نجحنا في اثبات ان قضية فاطمة قضية رأي عام، وكنا نأمل ان يتفاعل الناس معنا بصورة اكبر، ولكن بعض الجهات بدا علي عملها القصور كوسائل الاعلام مثلا، فبرنامج حياكم معانا قد خصص حلقته للموضوع ذاته بناءً علي طلب جمعية البحرين النسائية، وقد ساهم في تفاعل الناس، وكما هو معروف فان الناس يتفاعلون في البداية مع كل موضوع جديد، وبعد ذلك يخفت تفاعلهم. وهناك طلب من مركز الدراسات والبحوث حول الدراسات المتعلقة بالاطفال والاساءة إليهم، وكما صرح عبدالنبي العكري ان قضية فاطمة هي ما دفع المركز لهذه الدراسة. والمطلوب الآن من الجهات ذات العلاقة والصلة التحرك!!
والمطلوب كذلك زيادة وعي الاطفال وأولياء امورهم وتثقيفهم وتوعيتهم، وتعديل القوانين المرتبطة بهم، وانشاء مركز لإرشاد الاطفال ضحايا الإهمال والاعتداء وعلي سبيل المثال : سميرة الاخت الصغري لفاطمة رأت من ألوان العذاب الكثير، فأثر ذلك سلبا علي سلوكها وحتي طريقة كلامها، وتعيش اليوم بدون تأهيل، فالامر يجب ألاَّ يترك هكذا، ألم يفكر احدهم بمستقبل هذه الطفلة، وبخاصة من الناحية النفسية؟!.
فقد اثبتت الدراسات والبحوث ان اكثر من 78% من اللصوص والمجرمين هم ضحايا الاهمال والاعتداءات، وان اكثر من 95% ممن يعملن في شبكات الدعارة هن ضحايا لاعتداءات جنسية عندما كن صغيرات، ونحو 95% من الاباء الذين يعتدون علي ابنائهم هم بالاصل ضحايا اعتداءات جنسية!! ألم نتساءل يوما لم يقوم الأب بالاعتداء علي ابنه علي الرغم من انه يعرف الألم الذي يلحقه به، باعتبار انه قد مر بـ الحدث نفسه؟.
علاج الضحايا
غ أيكون ذلك انتقاماً بالاتجاه الخطأ؟
ف الدكتورة سرور قاروني:
المسائل متداخلة مع بعضها البعض، ويحتاج الاطفال الضحايا الي علاج ليتخطوا كل المشاكل التي ستعترضهم بعد الاعتداء.
غ هل هناك جانب تأهيلي في جمعية البحرين النسائية كجانب مهم بالاضافة الي دور الارشاد الذي تقمن به؟
ف هذا هو بالضبط ما نقوم به، وهو جانب إعادة تأهيل الاطفال ممن هم ضحايا الاعتداءات، وذلك سعيا منا لحل مشاكلهم وهم صغار، قبل ان يكبروا وتكون المشكلة متأصلة وصعبة في العلاج، فأهم مخلفات الاعتداء فقدان الطفل ثقته في نفسه وثقته في الآخرين، وازدياد الحس الانتقامي، فنحل المشكلة لدي الطفل حتي لا تتكرر في المستقبل ويكون هو المعتدي بعدما كان هو المعتدي عليه .
غ وماذا عن اولئك الكبار ضحايا الاعتداء الجنسي في طفولتهم ولم يحصلوا علي الجانب التأهيلي، والذين يمثلون اليوم خطرا علي أطفال اليوم؟!
ف لم نغفل هذا الجانب فالجمعية تضم قسماً آخر للكبار، فبالإضافة الي موقع كن حرا ، هناك موقع لأولياء الامور يحمل اسم اكسر الصمت وهو موقع مخصص للكبار، فمن خلاله يتكلمون عن تجاربهم بدون ان يذكروا اسماءهم، فقد اثبتت الدراسات ان اكثر من نصف المشكلة تحل عندما يتحدث الفرد عنها، وللأسف لم يأخذ الموقع حقه في وسائل الاعلام، فهذا الموقع مشابه لمواقع اوروبية، وتبعا للعادات والتقاليد من الصعب ان يتكلم الفرد عن ممارسات خاطئة مورست ضده، فلذا نحن نسعي لكسر هذا الصمت، فواحدة من القوي التي تقف مع المعتدي سكوت الضحية فما نسعي إليه هو عدم سكوت الضحية، حتي لا يتكرر الجرم مع ضحايا آخرين.
ف وعلي أي اساس يقوم مشروع المواطنة البيئية ؟!
غ وجيهة البحارنة؟:
المواطنة البيئية مشروع أو برنامج بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة اليونب ، تحت مظلة جامعة الدول العربية، فالمشروع تبنته جمعية البحرين النسائية بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة، وذلك لنشر مفهوم المواطنة البيئية، وهو مفهوم جديد، ولا زال يُعرَّف به في دول العالم العربي، فهو مفهوم يحمل في طياته الكثير من الالتزامات والمفاهيم التي يجب ان يطبقها الفرد ليكون مواطنا فعالا، فالمواطن ليس من يحمل هوية وجواز سفر، فذلك مواطن عادي جدا، فالمواطن الفعال هو من يساهم في تنمية المجتمع من جميع النواحي، والتي من اهم جوانبها البيئة ، فكيف يتعامل الفرد بطريقة صحيحة مع البيئة؟ فالمفهوم يمكن تفكيكه لعدة نشاطات وبرامج صغيرة، يستطيع الفرد من خلالها ان يكون مواطنا بيئيا وفعالا.
مبادئ برنامج ميثاق الأرض
غ وما هي الخطوات التي سرتن عليها لتحقيق هذا المفهوم؟!
ف كانت احدي هذه الخطوات هي تدشين حملة وطنية ميثاق الارض وهو برنامج متكامل يتناول اربع مبادئ رئيسة تلخص جوانب حياة الانسان الاقتصادية، الامن والسلام، والبيئة والجانب الاجتماعي وذلك من اجل تحقيق التنمية المستدامة في المجتمع، أو في العالم ككل، وهو برنامج يتعامل مع المواطن العالمي، واهمية العيش علي هذا الكوكب.
وقد انطلقنا في هذا البرنامج إلي اتجاهين، الأول:
تأسيس نادٍ بيئي في مدرسة أبو العلاء الحضرمي الابتدائية للبنين كتجربة اولي، إن نجحت قمنا بتعميمها علي مدارس البحرين، وذلك لغرس مفهوم التعامل مع البيئة في سلوكهم وليس بالشكل الروتيني المتعارف عليه وهو عدم رمي الاوساخ في الشارع، فما نريده هو ان يدركوا كيف يتعاملون ويتعايشون مع البيئة من خلال انشطة مختلفة مرتبطة بالبيئة، وكيف يستغلون البيئة في انتاج مواد يمكن استغلالها، وكيف يتعاطفون مع الكائنات الحية نباتات وطيور وحيوانات ، وكيف يستغلون مصادر الطاقة بالطرق المثلي، كل ذلك علي هيئة قصص مبسطة وصغيرة، والاتجاه الآخر ادخال وحدة بيئية باسم بيئتي في مناهج الروضة وذلك لتأسيس الاطفال علي حب البيئة، فالفرد عندما يصل الي الخمسين من عمره لن يثمر فيه الارشاد كالطفل الصغير فنحن نحاول ان نجعل الطفل يعرف منذ نعومة اظافره معني البيئة، وكيف يساهم في بنائها والحفاظ عليها.
غ اليد البيضاء مشروع آخر للجمعية.. ما هو فحواه؟!
ف الدكتورة سرور قاروني:
يعاني الكثير من الناس في البحرين من الامراض الوراثية وبخاصة السكلر والثلاسيما وللأسف ان معظم هؤلاء الاطفال ممن يعانون من هذه الامراض من عوائل فقيرة!!، وهذه الفئة لها احتياجات مختلفة بدءاً من الاغذية والرعاية الصحية وانتهاء بالدراسة، اذ انهم يبقون فترات طويلة في المستشفي، مما يقتطع جزءاً من فترات دراستهم في المدرسة، نظير غيابهم المتكرر، ونتيجة لضعف مستوي أهلهم الاقتصادي لا يستطيعون أن يوفروا لهم مدرسين خصوصيين، فالاسر ذات الدخل المحدود لها بعض الصفات كتعدد أفراد الاسرة وانخفاض دخل رب الاسرة، والذي غالبا ما ينفقه علي الاحتياجات الاساسية، دون اعطاء التعليم اهمية، فكل هم رب الاسرة توفير لقمة العيش ليومهم، دون ان يكون لديه طموح للمستقبل.
ولانه مرض وراثي فان اكثر من شخص في العائلة الواحدة يعاني من المرض، وقد يصل في بعض الأحيان إلي 4 اشخاص أو اكثر بالاضافة للعم أو الخال وهلم جرا: فتري العائلة ليست مريضة جسميا فقط وانما نفسيا أيضا، فمعظم ما يحتاجونه لا يلبي وامنياتهم تبقي احلاماً لا يمكن تحقيقها.
ذلك بالنسبة لمرضي السكلر، اما عن مرضي الثلاسيما فحالهم لا يختلف كثيرا عن مرضي السكلر بل هو اسوأ، وذلك لحاجتهم المستمرة لتغيير الدم، والذي يصل في بعض الاحيان الي الحاجة الي تغييره يوميا اي مراجعة المستشفي بشكل يومي، والبقاء علي الجهاز لمدة لا تقل عن ثمان ساعات متواصلة. ولأن سعر الجهاز مرتفع لا تتحمل ميزانية وزارة الصحة توفيره لكل طفل ليستخدمه في المنزل، فيضطر الأهل لأخذ طفلهم للمستشفي يوميا لمدة ثمان ساعات لتغيير الدم وثمان ساعات آخري علي الجهاز اي بمعدل 16 ساعة يوميا.
واذا نظرنا للموضوع من زاوية اخري، فان الاب هو الذي يقوم بإيصال الام وطفلها المريض للمستشفي، وذلك لان الام في مثل هذه الاسر لا تقود سيارة وميزانية الاسرة لا تسمح بركوب سيارة الأجرة بصورة يومية.
مما يعني ان يترك الاب عمله لإيصالهم، وهي مشكلة اخري، اذ ان الأب لن يستطيع القيام بذلك يوميا، اي ان الطفل قد لا يذهب ليتلقي العلاج بصورة يومية لعدم توافر المواصلات وتصبح حياة الطفل في خطر. في بعض الاحيان توفر وزارة الصحة هذا الجهاز للأسر التي يعاني اكثر من طفل فيها من مرض الثلاسيما فتضعه الام علي طفل تلو الآخر، والامر في غاية الصعوبة حتي مع الاسر الميسورة ماديا فما بال الاسر الفقيرة، والتي هي في الاساس مدمرة نفسيا اكثر من أي شيء آخر. فمشروع اليد البيضاء يركز علي الجانب النفسي عند الاطفال ويحاول ان يجعلهم يتقبلون المرض ويتعايشون معه، ويتميزون في مجال أو جانب آخر، بمعني أن الذي يعاني من المرض فهو بالتأكيد متميز في احدي المهارات كالكتابة مثلا.
أطفال يضغطون علي أسرهم
غ وهل تلك الاسر تسعي لتحفيز الطفل علي التميز؟!
ف تلك الاسر غالبا ما تكون بسيطة ولديها من المشاكل الكثير، والطفل حينها ينتابه شعور بأنه عالة علي اهله، وهو بالفعل كذلك!! فهو يمثل ضغطاً علي الاسرة، وبالتالي يؤثر ذلك علي نفسية الطفل وأهله، مما يجعلهم متوترين وعنيفين، وما نقوم به من خلال هذا المشروع هو ان نجعل الطفل يري الجانب الايجابي فيه، مثلا: انه يرسم جيدا، او انه طليق في الخطابة او الكتابة، اي ألاَّ يجعل من مرضه عائقا لتميزه، بل وان يكون افضل كذلك من اقرانه، فهناك امثلة كثيرة لأناس تميزوا علي الرغم من الاعاقة التي يعانون منها.
غ وكيف ترشدن الأمهات في كيفية التعامل مع أطفالهن المرضي؟
ف نطلب من الأم الا تركز النظرة الدونية والاحباط لدي طفلها، بمعني ألاَّ تهتم فقط بيومه الحالي، بل تخطط لمستقبله ليكون فخرا لعائلته.
غ وماذا عن الجانب الأكاديمي لأطفال مرضي الثلاسيما ؟
ف نظرا لحاجة مرضي الثلاسيما لتغيير الدم بصورة يومية فان غالبيتهم يخرجون من مدارسهم، لكثرة غيابهم، فهم ينتقلون ما بين مجمع السلمانية الطبي ومنازلهم، قد يكون وضع مرضي السكلر افضل لوجودهم علي قائمة الطلبة، وذلك لترددهم بصورة شهرية علي المستشفي تقريبا، فنجد ان دراستهم تبقي علي كف عفريت، واحتمال رسوبهم وارد، أي انهم يعانون من مشاكل في سير عملية تعليمهم. فالتعليم حق لكل طفل طالما انه لا يعاني من مشاكل ذهنية، ومن واجب وزارة التربية والتعليم ان تعلمه، وكونه يعاني من مرض ما ، لا يعني ان يظل جاهلا طوال عمره، فمن واجب الوزارة ان تتكفل بتعليمهم بالشكل الذي يحصل عليه اقرانهم، وكما افادت وزارة الصحة ان وزارة التربية والتعليم قد أوكلت احد المدرسين للقيام بتدريس الاطفال وليس جميعهم طبعا، فمدرس واحد لن يكفي لعدد هائل من المرضي.
في وزارة التربية والتعليم
غ وهل كان للجمعية دور في اقناع وزارة التربية والتعليم في توفير مدرسين لهؤلاء الاطفال؟
ف قمنا بزيارة الوكيل المساعد لوزارة التربية والتعليم وشرحنا له الوضع بالكامل، وقد تجاوب معنا وأبدي استعداده، ولكنه وجد ان توظيف مدرسين لهذه الفئة سيكون عبئا علي الوزارة وعلي ميزانية وزارة المالية، فما نطلبه فقط مدرسين، اما المساعدات الأخري كالتشجيع المعنوي، فجهات اخري تستطيع توفيره، فهؤلاء المرضي الفئة المحرومة هم كذلك مواطنون، ومن حقهم ان يتعلموا، فهم غير متسيبين او مهملين ولكن ظروفهم الصحية القاهرة هي التي ارغمتهم علي هذا الوضع، وإعاقة مسيرة دراستهم، وهم كذلك افضل من اقرانهم الأسوياء المتسربين .
غ وجيهة البحارنة:
فكم يكلف الوزارة تعيين مدرسين لهذه الفئة المحرومة؟! خصوصا اذا ما قسنا عليها مدي الآثار التي يخلفها إهمالهم، فهم الي جانب الاثر النفسي السيئ الذي يعانون منه سيكونون عالة علي المجتمع بعد سنوات قليلة، فالآن هم قادرون علي تعويض ما سيفوتهم من تعليم، ولكن اذا اهملوا سوف تجري السنوات امامهم ولن يستطيعوا تعويضها، وبذلك علينا ألا نلومهم إذا ما جنحوا للسرقة او للاعتداء علي الغير، لأن اساس المشكلة كانت مطروحة وهؤلاء الاطفال بقوا فترات طويلة في المستشفي ولم يفكر احد بتقديم يد المساعدة إليهم.
فارسال الهدايا والالعاب للأطفال لن يخدمهم في المستقبل، وتقديم الورود والشوكولاته في العيد ما هي إلا جرعات مخدرة فقط ووقتية، وينتهي اثرها بسرعة، فنحن نريد ان نقدم لهم علاجاً جذرياً يرفع من معنوياتهم ونؤهلهم نفسيا، ونعلمهم كيف يتعايشون مع المرض بطرق صحية، وان يروا الجوانب الايجابية في حياتهم، لا ان يقفلوا الابواب علي انفسهم، فان كان مريضاً فهو قادر علي المشي واستخدام عقله بما هو مفيد، حتي حالته الصحية سوف تتحسن، واستجابته للعلاج ستكون اكبر وافضل، فكل ذلك يمكن ان يتحقق وليس بالامر المستحيل اذا ما تظافرت الجهود.
غ الدكتورة سرور قاروني:
التعامل بعقلانية مع هؤلاء الاطفال المرضي سوف يوفر علي الدولة الكثير في المستقبل، فالمرض وراثي سكلر – ثلاسيما واحتمال نقله إلي الابناء في المستقبل امر حتمي، فاذا كان هذا الطفل قوياً نفسيا، وقادراً علي التعامل مع المرض بايجابية فسوف ينقل تلك الخبرة لأطفاله في المستقبل فبالتالي لن تكون لدينا حاجة للمساعدات الخارجية، كما هو الحال الآن، ولن تكون لديهم حاجة لـ اليد البيضاء لمساعدتهم في التأقلم والتعامل مع المرض.
غ وجيهة البحارنة:
المسئولية لا تقف عند باب جمعيتنا فقط، فحبذا لو يكون هناك اهتمام رسمي لهذه المشاكل الجوهرية والمهمة، ومن ثم من القطاع الخاص، فقضية مثل قضية فاطمة ليست شخصية بقدر ما هي قضية رأي عام تهم جميع المواطنين، فنحن كجهة اهلية ومنظمة غير حكومية ومواردها وامكانياتها محدودة، بل يمكن ان نقول ان موردنا الاساسي هو المورد البشري وهي طاقات العضوات ووقتهن الثمين الذي ينفقنه في هذه المشاريع، فنتمني ان يكون هناك دعم لهذه المشاريع حتي نتمكن من مواصلة عملنا.
سباق.. مهرجان غنائي!!
وما يحز في النفس ان الكثير من الجهات في القطاع الخاص تنفق مبالغ كبيرة لفعاليات مؤقتة مثل اقامة سباق او مهرجان غنائي، نحن لا نقول انها فعاليات لا دور لها، ولكنها فعاليات تتبخر وهي التي يصرف عليها آلاف الدنانير، أليس من الأولي صرفها علي المشاريع الاجتماعية والبشرية، فالثروة الحقيقية للبلد ليست النفط أو المصادر الطبيعية، الثروة الحقيقية هي المواطنون انفسهم، فالدول لا ترتقي إلا بسواعد ابنائها.
غ الدكتورة سرور قاروني:
وأؤكد علي دور الاعلام، والذي ظهر جليا وواضحا في قضية فاطمة وما زاد من فعالية هذا الموضوع البرنامج الاذاعي سوالف ضحي والذي استمر ليومين متتالين نظرا لتفاعل الناس مع الموضوع، وعندما انتهي البرنامج، خفت التفاعل، وعاد مرة اخري مع برنامج حياكم معانا التلفزيوني، وازداد مع تركيز جريدة الأيام علي القضية في الأول من شهر اكتوبر الماضي وذلك للاحتفال بيوم الطفل العالمي، ويجب ان يكون دور الاعلام أكثر فعالية مما هو عليه الآن.
catsoci
2003-1-4
أحدث التعليقات