هكذا نتعامل مع مشاكل النطق وبحة الصوت
أجرت الحوار ـ ياسمين خلف:
كثير من الامهات يواجهن مشكلة قلة حصيلة اطفالهن من الكلمات، وهذه تعتبر بالنسبة للكثير من الاسر مشكلة لا سيما إذا كان الطفل قد تجاوز السادسة من عمره ولا يزال يملك حصيلة لغوية لا تزيد عن 5 كلمات، مما يكون حجرة عثرة أمام تقدمه الدراسي فما أسباب ذلك وهل يعود ذلك إلي عدم اكتمال جهاز الطفل الكلامي؟! في هذا الحديث مع اخصائية النطق والسمع بدرية بوزبون نتناول الابعاد المختلفة للموضوع:من المفترض أن يكون جهاز الطفل الكلامي كاملا مع دخوله المدرسة، وذلك ما يساعده علي تلقي علومه، وتعلم اللغة وبخاصة لغة الأم وهي التي يجب أن تكون أقوي حتي يتعلم لغة أخري، فمن الضروري أن يتعلم الطفل لغته الأصلية كاللغة العربية مثلاً في سن مبكرة، ويجب أن تكون واضحة ليتعلم لغة أخري كاللغة الانجليزية، وحتي يعرف الكلمة وما يقابلها في اللغة الأخري، بغض النظر عن كون بعض الأطفال يجيدون أربع لغات في بعض الأحيان.
علي الطفل ان يجيد تكوين الجُمل
وما أهم الأمور التي يجب أن يتقنها الطفل؟!
غغ بدرية بوزبون:
أهمها هل يستطيع أن يكون جملاً؟ اذ أن الجمل تختلف تبعاً لسنه، وهل يستطيع ان يعبر عما يريد بطريقة وبلغة سليمة؟ وهل يستطيع وضع الكلمات في مكانها المناسب، كقوله مثلاً رأيت الطفل يشرب من أمه الحليب وذلك خطأ، وكان من المفترض أن يقول رأيت الطفل يرضع من أمه !! وهي الأخري مشكلة لغوية نقوم بعلاجها، فوضع كلمة مكان أخري بشكل خاطئ مشكلة، ويرجع ذلك إلي عدم استخدام الكلمات، فاللغة ممارسة، إذا لم نستخدمها لن نستطيع التعبير عنها بالشكل السليم، والأمر بالمثل فيما يتعلق بالقواعد اللغوية، وليس كما يفعل البعض يؤنث المذكر وبالعكس، كما لو كان أجنبيا يعكس في الكلام، ولا يجيد القواعد اللغوية.
قد تكون الخادمة وراء المشكلة
وهل درجة الفهم لها دور في ذلك؟!
غغ بدرية بوزبون:
بالطبع لها دور، فهناك لغة فهمية، ولغة نطقية، فكم حصيلة الطفل الفهمية؟ وكم ينطق ويعبر عنها؟ ومن تلك الحالات التي تعاملت معها طفل عمره سنتان ولا يتكلم بصورة طبيعية كأقرانه، هنا أنظر للأسباب التي قد تكون أهمها وجود الخادمة في المنزل، وغياب الأم في عملها، أو ذهاب الطفل لروضة تستخدم لغتين في تدريبها!!
يجب التركيز علي لغة واحدة بالنسبة لبعض الأطفال
أيعني كلامك هذا، إن إدخال الطفل روضة تستخدم اللغة العربية، باعتبارها اللغة الأم أفضل للطفل في هذه السن المبكرة!
غغ بدرية بوزبون:
ذلك يعتمد علي الطفل نفسه، قد يمثل الأمر مشكلة لبعضهم، في حين لا تشكل أي مشكلة لآخرين، فقد يوضع الطفل في روضة تستخدم لغتين وهو يعاني من تأخر في النطق، فهنا فهو إن كان يعرف كلمة باللغة العربية، قد لا يعرف ما يقابلها باللغة الانجليزية، فبالتالي ستكون حصيلته من الكلمات باللغة العربية قليلة وضعيفة وركيكة، وبالمثل بالنسبة للغة الانجليزية، فيخسر ها هنا الطفل اللغتين!! فهو لن يجيد أي لغة منها بالشكل الكامل، لإصابته بالتشتت، وإذا لم نغير البيئة المحيطة به لن تزول المشكلة، بل قد تزداد سوء اعلي سوء.
القدرة علي علاج النطق تعتمد علي فهم الطفل
هل ترتبط قدرة الطفل علي المشي والأكل بمفرده بقدرته علي الكلام؟!
غغ بدرية بوزبون:
الطفل يبدأ بالكلام بعد أن يمشي، وبعد أن يعتمد علي نفسه في الأكل، فإذا تأخر في المشي سوف يتأخر في النطق والكلام، ففي حالة الطفل المغولي قد يتأخر في الكلام، كأن يتكلم وهو في السادسة من عمره، وتكون كلماته حينها بسيطة وقليلة، شأنه في ذلك شأن الطفل الذي بدأ لتوه يتكلم، وتأخره يعتمد علي درجة تخلفه، فكلما كان تخلفه بسيط سوف يكون أسرع في الكلام، وكلما كان تخلفه كبيراً سوف يتأخر في الكلام، وقد لا يتكلم اطلاقاً، والكلام الذي أقصده ها هنا هو الكلام الذي يستطيع الطفل أن يعبر فيه عن نفسه.
فعندما يأتي طفل متأخر في النطق يساورني الشك في فهمه، فاعمد إلي تحويله لدكتور مختص لقياس درجة ذكائه، لمعرفة إذ ما كان ذكاؤه يتناسب مع سنه، فقدرتي علي علاج نطقه تعتمد علي درجة فهمه، كما أسعي لمعرفة سبب تأخر نطقه، والتي قد ترجع إلي مشاكل في سمعه، أو في مستوي فهمه، وقد يفهم بشكل عادي ولكن ليس بالمستوي الذي يؤهله لتطوير نفسه.
وهل الخادمة بذلك تؤثر علي الطفل وبخاصة المصاب بمشكلة في النطق؟!
غغ بدرية بوزبون:
بشكل عام الطفل الذي يتربي في حضن الخادمة لن يتكلم اللغة العربية بشكل صحيح، وإنما الركيك منها، فهو معها طوال اليوم، والأم لاهية في عملها، واخوانه وإن كانوا معه فهم مشغولون في اهتماماتهم الكمبيوترية، فلا يجد الطفل غير تلك الخادمة التي يلازمها طوال ساعات يومه، بل قد لا تأخذ وتعطي معه، إذ أن أغلبيتهن يقدمن للطفل كل ما يريد، ويلبون حاجاته حتي دونما يطلبها!! فهي لديها جدول وتمشي عليه، وتعرف بالضبط ما يريده الطفل، حتي أنها لا تجعله يشعر بالجوع لمبادرتها بالطعام قبل أوانه، هنا لن يجد الطفل فرصة ليطور من لغته، ناهيك عن إصابته بالاتكالية، فاللغة استخدام، وإذا لم تكن هناك حاجة لاستخدامها لن نستخدمها ولن تتطور.
أطفال مصابون بالخرف
وماذا عن تلك الحالات المحولة من قسم الأمراض الباطنية؟
غغ بدرية بوزبون:
هي تلك المتعلقة بالمرضي المصابين بالجلطات الدماغية، والتي تؤثر علي مراكز النطق والتعبير، فتؤدي إلي عدم قدرة المريض علي التحدث بسهولة كما كان في السابق، أو أنها قد تؤدي إلي أن يستخدم كلمات وجمل لا تتناسب مع السؤال أو الحديث الدائر بين الجماعة، كما لو كان مصاباً بالخرف !! فإذا حولت علينا حالة من قبل طبيب الباطنية أتأكد من وجود اللغة عنده أو عدمها ودرجة سلامتها، فالبعض منهم يجد صعوبة في النطق، أو أنه قد ينوي علي قول كلمة ولكنه يفشل في اخراجها، وهو ما نطلق عليه بالحبسة الكلامية ، فهو لا يقوي علي التحدث والكلام، ولكنه يستطيع التعبير عما يريد بالكتابة، وعلي الجانب الآخر قد يتكلم بطلاقة كبيرة ولكن دون أن يكون للكلام اي معني، فهو يصف الكلمات بطريقة سليمة قواعدياً، ولكن ليس لهذه الكلمات صلة بالسؤال الذي قد نوجه إليه، فتفقد الجمل معناها كلياً.
وقد يفهم كلام المتحدث ولا يستطيع أن يرد عليه، ويجيب علي السؤال بإجابة لا تمت للسؤال بصلة، وإن كانت هذه المشكلة تكثر لدي كبار السن، إلا أنها موجودة لدي الشباب المصابين نتيجة حوادث مرورية أثرت علي مراكز الفهم لديهم، والتي قد تؤثر علي ذاكرتهم وقدرتهم علي الكتابة، فهو وإن كان يستطيع الكتابة إلا أنها بشكل سُلم، شأنه في ذلك شأن الطفل الذي بدأ لتوه يتعلم الكتابة، فهم فقدوا القدرة علي الكتابة بسبب الجلطة التي تعرضوا إليها.
نتوءات الأحبال الصوتية ما لها وما عليها
ومع التدريب هل يرجع الفرد إلي حالته الطبيعة؟
غغ بدرية بوزبون:
في الحقيقة هو ليس تدريبا وإنما تأهيلا، لا يمكن بصراحة ارجاعه إلي سابق عهده، فالتلف قد حدث لخلايا الدماغ ومراكز الكلام عنده، ونحاول نحن تعويضه عنها بالتدريب، فإن لم يقوي علي الكلام يمكنه استخدام الكتابة، وللأهل هنا دور فعال في تأهيل الفرد نفسياً.
بحة الصوت أحد أمراض الصوت الذي يعاني منها الكبار والصغار علي حد سواء، ما سببها؟! ومن هم أكثر الأفراد تعرضاً لها؟!
غغ بدرية بوزبون:
سببه ظهور نتوءات علي الاحبال الصوتية، فيؤدي إلي عدم خروج الصوت بصورة طبيعية، فيخرج مبحوحاً، وهو ناتج عن كثرة الصراخ والشرح مثلاً لدي المدرسين والمدرسات، أي استخدام الصوت بطريقة خاطئة، ويتعرض لها كذلك بالإضافة إلي المدرسين والمغنيين والمذيعيين ومرتلي القرآن الكريم.
وكيف يتلافي هؤلاء هذه البحة الصوتية؟!
غغ بدرية بوزبون:
لابد لهؤلاء أخذ كورسات في النطق، حول كيفية تقوية النفس، والطريقة الصحيحة في الكلام، وهي موجودة في البحرين، ونقدمها كورش عمل في المدارس ومراكز تحفيظ القرآن، باعتبارهم أكثر فئة معرضة للبحة، وهم يطلبون الدورات التدريبية بشكل مستمر.
ولذلك نجد إن المغنيين لا يبدأون بالغناء إلا بعد سلسلة من التدريبات علي الصوت، وكيفية استخدام الاحبال الصوتية، وتقوية النفس والحنجرة، حتي يتمكنوا من الغناء من غير أن تصيبهم مشاكل في الاحبال الصوتية علي اختلاف أنواعها.
علاج البحة يتطلب الراحة
وهل تقومون بعرض مثل هذه المحاضرات والورش علي المدارس؟!
غغ بدرية بوزبون:
نحن لا نذهب لهم، بل هم من يطلبها منا، فنقدمها للمدرسات والمدرسين لينقلوها بدورهم للطلبة، إذ أن أكثر روادنا من المدرسين، لا بسبب رغبتهم في العلاج، وإنما للحصول علي تقرير يفيد اصابتهم بمشاكل في الصوت، وذلك لتخفيف عدد الحصص الموكلة إليهم، لذا فهم يراجعون العيادة وما أن يحصلوا علي التقرير حتي يتوقفوا عن العلاج، إذ أنهم يدعون ان لا فائدة من العلاج ما داموا مستمرين في التدريس والصراخ والكلام المتواصل في الفصول الدراسية، وذلك صحيح إلي حد ما، فالعلاج يتطلب راحة، والتي يمكنهم الحصول عليها في الاجازة الصيفية، لذا فإن استجابة ربات البيوت المصابات بهذه البحة أكثر، وذلك تبعاً للظروف التي يعيشونها، والتي تمكنهم من الراحة وضبط النفس عند الصراخ علي أطفالهن.
هكذا يمكن تجنب وجود بحة في الصوت
وما هو اقتراحك بالنسبة للمدرسات واللاتي عملهن يحول دون علاجهن؟!
غغ بدرية بوزبون:
التدريس بالنسبة إليهن أعمال شاقة مؤبدة، والمشكلة ليست في ظروف العمل وإنما في وزارة التربية والتعليم، والتي كان من المفترض منها إعطاء المدرسات والمدرسين وهم طلبه في الجامعة تدريبات علي استخدام الاحبال الصوتية، أي قبل أن يصابوا بالبحة ، أي اعطاؤهم مادة أساسية في التدريب قبيل التخرج من الجامعة.
ماذا عن المذيعيين والمذيعات؟!
غغ بدرية بوزبون:
قد يلحظ الجميع إن مذيعي ومذيعات القنوات الفضائية يتحدثون وهم يحركون شفاههم بطريقة واضحة، مما يتيح للحروف الخروج بصورة واضحة، فالضغط علي الاحبال الصوتية يسبب ظهور نتوءات علي الاحبال الصوتية نتيجة لكثرة الاحتكاك، فالقنوات الفضائية بالدول الاجنبية تقدم دورات تدريبية لمذيعيها حتي يتفادوا المشاكل في الاحبال الصوتية، حتي لا يتقدم المذيعون بطلب تعويض عن تلك الاصابة باعتبارها اصابة عمل.
ماذا عن الأطفال هل هم كذلك عرضة للإصابة بالنتوءات علي الاحبال الصوتية؟
غغ بدرية بوزبون:
فئة قليلة منهم تقدر بـ 10% فقط، إذ يصابون به نتيجة لصراخه الدائم، حينها لا يمكن علاج الطفل إلا مع القضاء علي الأمور التي تثيره وتجعله يصرخ، وقد يكون سبب صراخه تعوده علي هذا الاسلوب باعتبار إن والدته هي قدوته تصرخ باستمرار، وقد يكون السبب في سمع الطفل، فعندما يعاني من ضعف في السمع سوف يصرخ لا شعورياً، أما 90% النسبة الباقية فيصاب بها البالغون من مدرسين وأمهات وأئمة مساجد ومرتلي القرآن كما أسلفنا الذكر. وغالباً ما يكون علاج أئمة المساجد عبر الهاتف والنتيجة أقل نجاحاً بالطبع.
لهذا يحجم الذكور عن هذا التخصص
ألا يوجد لهم أخصائي نطق من الذكور؟!
غغ بدرية بوزبون:
عملنا يحتاج إلي صبر وقوة احتمال، والمرأة أكثر قدرة علي تحمله من الرجل، كما ان أكثر المرضي من الأطفال وكطبيعة المرأة تستطيع التعامل معهم بسهولة أكبر، وذلك ليس فقط في البحرين، حتي بالدول الغربية، فعندما كنت طالبة في بريطانيا كنا نحو 30 طالبة وطالبا واحدا فقط!!، فإن كان الذكور قادرين علي الحصول علي مراكز عالية، إلا أن الأمر يختلف عندما يصل الأمر للتخصص في النطق.
في حالات كثيرة نسمع عن إصابة البعض بالسرطان في الحنجرة، مما يستلزم إزالتها بالكامل فينقطع صوتهم، فكيف لكم كأخصائيين في النطق التعامل مع هذه الحالات؟!
غغ بدرية بوزبون:
تردنا بالفعل هذه الحالات، فنلجأ إلي تدريبهم حول كيفية استخدام المرئ لإصدار الأصوات، وهي طريقة صعبة جداً.
مرضي التوحد.. هم الأصعب
ماذا عن أكثر الحالات التي تقومين بعلاجها؟!
غغ بدرية بوزبون:
الأطفال من مرضي التوحد، وتعتبر من أصعب الحالات إذ أن 80% منهم يعانون من تخلف عقلي، والباقين يكون مستوي ذكائهم عادي أو ضعيف، أو حتي أولئك الذين يعانون من صفات التوحد، والذي لا يستخدم جهازه النطقي، وتصرفاته أقل من سنه، ففي بعض الأحيان أعتقد في بداية العلاج إن الطفل مثلاً يتمتع بفهم عادي وبعد ذلك أجده متخلفاً عقلياً، وذلك ألحظه خلال تدريبه، إذ أنه يحتاج لتعلم الشيء الذي يتعلمه الطفل الطبيعي 20 مرة، وقد يكون خمس مرات، إذ أن ذلك يختلف تبعاً لدرجة الذكاء، وهناك متوحدون يتمتعون بذكاء خارق.
علاج المتوحد في البداية اسهل
وماذا عن السلوك العدائي للطفل المتوحد؟!
غغ بدرية بوزبون:
ليس جميعهم يتمتعون بسلوك عدائي، فأنا لا أعالج المتوحدين المتخلفين عقلياً، وأخطأت مرة وأخذت حالة كانت تعاني من تخلف عقلي، فعملي لا يتضمن تقييم حالة الطفل، فأنا أأخذه بعد أن يتم تحويله للعياده، أي أن الطفل قد تجاوز اختبارات الذكاء. إلا في حالة الأطفال الصغار جداً، والذي يصعب اختبار مستوي ذكائهم، نظراً لسرحانهم وحركتهم الزائدة، فهو يحول إلينا لاكتشافهم لصفات التوحد التي يحملها، وإن كانت هناك مراكز لتأهيل المتوحدين إلا أنه لا يعالجهم، فالتوحد مرض لا علاج له.
إذن كيف تتعاملين معهم؟!
غغ بدرية بوزبون:
أأخذ الأطفال دون سن الثامنة، إذ أنه كلما كبر الطفل المتوحد كبرت معه مشاكله الناتجة عن صفات التوحد، وتزيد عنده الحركة والعداء وخاصة إذ ما كان ولداً، فقد حصل وأن قبلت علاج طفل في الثالثة عشرة من عمره، والذي حصل أنه تهجم علي وأدخل أداة حادة في فمي، لذا فإن التعامل مع الأطفال أسهل، كما أن البنية الجسمية تلعب دوراً مهماً، وفي حقيقة الأمر تخصصي علاج الأطفال وليس الكبار الذي يختلف علاجهم، وهو وغير موجود للأسف في البحرين، فأنا الأخصائية الوحيدة في الوطن العربي التي تحمل شهادات كأخصائية نطق وفي الوقت ذاته أخصائية توحد.
وفي أي سن يمكننا معرفة ما إذا كان الطفل يعاني من التوحد؟!
غغ بدرية بوزبون:
يمكن اكتشافه منذ الولادة، ولكن لا يمكنك أن تخبري أهله بهذا الخبر المزعج، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال أشرطة الفيديو الخاصة بالطفل والفرق في حالته بين عيد ميلاده الأول والثاني وكيف ساءت حالته، وقد نتنبأ باصابة الطفل لمعاناة اخوانه الأكبر سناً من المرض نفسه.
كثرة البكاء والضحك.. علامة سلبية
هل هدوء الطفل غير العادي دليل علي اصابته بالمرض؟!
غغ بدرية بوزبون:
بل علي العكس قد يكون بكاؤه وضحكة أكثر من الأطفال الطبيعيين، وفي بعض الأحيان من غير سبب، والأم التي لديها طفل متوحد تعيش في قلق وشك في كون جنينها مصاب كذلك بذات المرض، فاضطر أن أقول لها إني متأكدة بأنه غير مصاب لأهدأ من روعها.
هل التوحد وراثي؟!
غغ بدرية بوزبون:
نعم قد يورث، فهناك امرأة لديها 12 طفلاً، ثلاثة منهم يعانون من التوحد، وهم الآن في العشرينيات من أعمارهن إلا أنهن لا يزالون كالأطفال الذين يعتمدون علي غيرهم في قضاء احتياجاتهم. وليس بالضرورة وراثة التوحد، وإنما صفات التوحد، كالتخلف العقلي والتأتأة، لذا علي الأم مراقبة أطفالها جيداً.
هكذا نعالج هذه الحالات
ما هو العلاج المتبع في عيادتك؟!
غغ بدرية بوزبون:
في السابق كان علاجنا مختلفا، حيث نعتمد علي تعديل السلوك، فهناك مرحلة ما قبل النطق ومرحلة ما بعد النطق، فالمرحلة الأخيرة تعتمد علي التواصل البصري والتركيز والانتباه، فهناك أطفال لديهم مشاكل في النطق ترجع إلي عدم تركيزهم وعدم تواصلهم بصرياً، مما يؤثر علي قدرتهم علي النطق.
وبعد حصولي علي درجة الماجستير اتبعت طريقة أخري، في العلاج تعتمد علي التبادل في الصور، فكل طفل لديه فايل خاص به يأخذه معه للمنزل، به صور للأشياء التي يحتاجها، ففي السابق إذا ما أراد مثلاً شوكولاته يأخذ يد أمه ويضعها علي الشوكولاته كدليل علي رغبته فيها، فالحاجة أم الاختراع، وحاجته لأمر ما يدفعه للنطق والكلام، فمع هذه الطريقة الجديدة يأخذ الطفل الصورة ويقدمها للأم التي تبدأ بالحديث معه وتقول له مثلاً أنا أريد شوكولاته مع عدم ذكر اسمه إذ أنه سيكرر الجملة كما هي دون أن يحذف اسمه، فالمتوحد لا يفرق بين الضمائر ويحب التكرار، فطريقة الصور تفيد حتي مع أولئك المتخلفين عقلياً، ولا أعلمه كل الكلمات وإنما قط تلك التي يجتاجها، فاللغة استخدام سيتحدث بما يريد، ونحاول أن نهيئ الطفل للمدرسة بتعليمة بعض الأرقام والأشكال والألوان، ومع التدريب والتكرار تجد الطفل المتوحد يكرر الجملة ويخرج الصورة المناسبة للشيء الذي تريده.
اكتشفت مرضه قبل 3 أسابيع
** وفي هذه الأثناء دخل طفل متوحد سعودي يأتي له أهله يومياً من المملكة العربية السعودية ليتدرب علي النطق، بدا عنيداً ما أن يري والدته يتدلك عليها ويرفض التجاوب، وقد أكدت بدرية بوزبون ـ أنه أفضل في حالة عدم تواجد الأم، بدأ بالتحرك وبعد دقائق أصدر أصواتاً تنم عن انزعاجه الشديد ـ والذي وكما أشارت الاخصائية أنه كطفل متوحد لديه احساس قوي لأي صوت، فهو عندما يسمع صوت يبعد مسافة مترات سوف يكون احساسه كما لو كانت اذناه ستنفجران!!!
أم الطفل ذي السنتين والنصف بدت متعاونة جداً ومتفهمة لمرض ابنها إذ قالت: قبل ثلاثة أسابيع اكتشفت أن ما يعاني منه طفلي هو مرض التوحد ، وبعد العلاج أخذ ينتبه ويركز أكثر، وأصبحت حركته أكثر طبيعية، حتي إحساسه بالضيق من الأصوات أخذ يقل عنده تدريجياً، أخته التي تكبره والتي كانت لا تندمج معه في اللعب أخذت تندمج معه، وكذلك الحال مع الأطفال الآخرين، بل أنه أخذ يمسك بالقصص بعد ما كان يبدي امتعاضاً ومللاً منها.
تقول بعد برهة من الصمت: كنت قبل عام من الآن متضايقة من كون ابني لا يندمج مع أخته عندما أقرأ لهم القصص، وبأنه لا يرد علي ندائي له!!، إلا أنه اليوم بات أهدأ من السابق، ويتعامل مع العلاج بايجابية، وذلك ما لاحظته بعد ما أخذ يستخدم أسلوب الصور ليعبر عما يريد.
تعود بدرية بوزبون ـ لتقول: ومن الحالات التي عالجتها أيضاً حالة طفل كانت أمه تقول لي خذي المجنون وقلت لها تذكري كلامك هذا بعد أن يتأهل ويبهرك بذكائه، وها هو اليوم يحرز المركز الأول في المدرسة!! ولكن ما أحب أن أؤكد عليه هو أن ما قد ينجح من علاج في بريطانيا قد لا ينجح معنا هنا في البحرين وبالعكس، والذي يرجع سببه إلي اختلاف البيئة وقدرة المدربات علي التدريب، وقابلية الطفل للعلاج، ومدي تعاون أهله!!!
catfeat
2003-04-17
هكذا نتعامل مع مشاكل النطق وبحة الصوت
أجرت الحوار ـ ياسمين خلف:
كثير من الامهات يواجهن مشكلة قلة حصيلة اطفالهن من الكلمات، وهذه تعتبر بالنسبة للكثير من الاسر مشكلة لا سيما إذا كان الطفل قد تجاوز السادسة من عمره ولا يزال يملك حصيلة لغوية لا تزيد عن 5 كلمات، مما يكون حجرة عثرة أمام تقدمه الدراسي فما أسباب ذلك وهل يعود ذلك إلي عدم اكتمال جهاز الطفل الكلامي؟! في هذا الحديث مع اخصائية النطق والسمع بدرية بوزبون نتناول الابعاد المختلفة للموضوع:من المفترض أن يكون جهاز الطفل الكلامي كاملا مع دخوله المدرسة، وذلك ما يساعده علي تلقي علومه، وتعلم اللغة وبخاصة لغة الأم وهي التي يجب أن تكون أقوي حتي يتعلم لغة أخري، فمن الضروري أن يتعلم الطفل لغته الأصلية كاللغة العربية مثلاً في سن مبكرة، ويجب أن تكون واضحة ليتعلم لغة أخري كاللغة الانجليزية، وحتي يعرف الكلمة وما يقابلها في اللغة الأخري، بغض النظر عن كون بعض الأطفال يجيدون أربع لغات في بعض الأحيان.
علي الطفل ان يجيد تكوين الجُمل
وما أهم الأمور التي يجب أن يتقنها الطفل؟!
غغ بدرية بوزبون:
أهمها هل يستطيع أن يكون جملاً؟ اذ أن الجمل تختلف تبعاً لسنه، وهل يستطيع ان يعبر عما يريد بطريقة وبلغة سليمة؟ وهل يستطيع وضع الكلمات في مكانها المناسب، كقوله مثلاً رأيت الطفل يشرب من أمه الحليب وذلك خطأ، وكان من المفترض أن يقول رأيت الطفل يرضع من أمه !! وهي الأخري مشكلة لغوية نقوم بعلاجها، فوضع كلمة مكان أخري بشكل خاطئ مشكلة، ويرجع ذلك إلي عدم استخدام الكلمات، فاللغة ممارسة، إذا لم نستخدمها لن نستطيع التعبير عنها بالشكل السليم، والأمر بالمثل فيما يتعلق بالقواعد اللغوية، وليس كما يفعل البعض يؤنث المذكر وبالعكس، كما لو كان أجنبيا يعكس في الكلام، ولا يجيد القواعد اللغوية.
قد تكون الخادمة وراء المشكلة
وهل درجة الفهم لها دور في ذلك؟!
غغ بدرية بوزبون:
بالطبع لها دور، فهناك لغة فهمية، ولغة نطقية، فكم حصيلة الطفل الفهمية؟ وكم ينطق ويعبر عنها؟ ومن تلك الحالات التي تعاملت معها طفل عمره سنتان ولا يتكلم بصورة طبيعية كأقرانه، هنا أنظر للأسباب التي قد تكون أهمها وجود الخادمة في المنزل، وغياب الأم في عملها، أو ذهاب الطفل لروضة تستخدم لغتين في تدريبها!!
يجب التركيز علي لغة واحدة بالنسبة لبعض الأطفال
أيعني كلامك هذا، إن إدخال الطفل روضة تستخدم اللغة العربية، باعتبارها اللغة الأم أفضل للطفل في هذه السن المبكرة!
غغ بدرية بوزبون:
ذلك يعتمد علي الطفل نفسه، قد يمثل الأمر مشكلة لبعضهم، في حين لا تشكل أي مشكلة لآخرين، فقد يوضع الطفل في روضة تستخدم لغتين وهو يعاني من تأخر في النطق، فهنا فهو إن كان يعرف كلمة باللغة العربية، قد لا يعرف ما يقابلها باللغة الانجليزية، فبالتالي ستكون حصيلته من الكلمات باللغة العربية قليلة وضعيفة وركيكة، وبالمثل بالنسبة للغة الانجليزية، فيخسر ها هنا الطفل اللغتين!! فهو لن يجيد أي لغة منها بالشكل الكامل، لإصابته بالتشتت، وإذا لم نغير البيئة المحيطة به لن تزول المشكلة، بل قد تزداد سوء اعلي سوء.
القدرة علي علاج النطق تعتمد علي فهم الطفل
هل ترتبط قدرة الطفل علي المشي والأكل بمفرده بقدرته علي الكلام؟!
غغ بدرية بوزبون:
الطفل يبدأ بالكلام بعد أن يمشي، وبعد أن يعتمد علي نفسه في الأكل، فإذا تأخر في المشي سوف يتأخر في النطق والكلام، ففي حالة الطفل المغولي قد يتأخر في الكلام، كأن يتكلم وهو في السادسة من عمره، وتكون كلماته حينها بسيطة وقليلة، شأنه في ذلك شأن الطفل الذي بدأ لتوه يتكلم، وتأخره يعتمد علي درجة تخلفه، فكلما كان تخلفه بسيط سوف يكون أسرع في الكلام، وكلما كان تخلفه كبيراً سوف يتأخر في الكلام، وقد لا يتكلم اطلاقاً، والكلام الذي أقصده ها هنا هو الكلام الذي يستطيع الطفل أن يعبر فيه عن نفسه.
فعندما يأتي طفل متأخر في النطق يساورني الشك في فهمه، فاعمد إلي تحويله لدكتور مختص لقياس درجة ذكائه، لمعرفة إذ ما كان ذكاؤه يتناسب مع سنه، فقدرتي علي علاج نطقه تعتمد علي درجة فهمه، كما أسعي لمعرفة سبب تأخر نطقه، والتي قد ترجع إلي مشاكل في سمعه، أو في مستوي فهمه، وقد يفهم بشكل عادي ولكن ليس بالمستوي الذي يؤهله لتطوير نفسه.
وهل الخادمة بذلك تؤثر علي الطفل وبخاصة المصاب بمشكلة في النطق؟!
غغ بدرية بوزبون:
بشكل عام الطفل الذي يتربي في حضن الخادمة لن يتكلم اللغة العربية بشكل صحيح، وإنما الركيك منها، فهو معها طوال اليوم، والأم لاهية في عملها، واخوانه وإن كانوا معه فهم مشغولون في اهتماماتهم الكمبيوترية، فلا يجد الطفل غير تلك الخادمة التي يلازمها طوال ساعات يومه، بل قد لا تأخذ وتعطي معه، إذ أن أغلبيتهن يقدمن للطفل كل ما يريد، ويلبون حاجاته حتي دونما يطلبها!! فهي لديها جدول وتمشي عليه، وتعرف بالضبط ما يريده الطفل، حتي أنها لا تجعله يشعر بالجوع لمبادرتها بالطعام قبل أوانه، هنا لن يجد الطفل فرصة ليطور من لغته، ناهيك عن إصابته بالاتكالية، فاللغة استخدام، وإذا لم تكن هناك حاجة لاستخدامها لن نستخدمها ولن تتطور.
أطفال مصابون بالخرف
وماذا عن تلك الحالات المحولة من قسم الأمراض الباطنية؟
غغ بدرية بوزبون:
هي تلك المتعلقة بالمرضي المصابين بالجلطات الدماغية، والتي تؤثر علي مراكز النطق والتعبير، فتؤدي إلي عدم قدرة المريض علي التحدث بسهولة كما كان في السابق، أو أنها قد تؤدي إلي أن يستخدم كلمات وجمل لا تتناسب مع السؤال أو الحديث الدائر بين الجماعة، كما لو كان مصاباً بالخرف !! فإذا حولت علينا حالة من قبل طبيب الباطنية أتأكد من وجود اللغة عنده أو عدمها ودرجة سلامتها، فالبعض منهم يجد صعوبة في النطق، أو أنه قد ينوي علي قول كلمة ولكنه يفشل في اخراجها، وهو ما نطلق عليه بالحبسة الكلامية ، فهو لا يقوي علي التحدث والكلام، ولكنه يستطيع التعبير عما يريد بالكتابة، وعلي الجانب الآخر قد يتكلم بطلاقة كبيرة ولكن دون أن يكون للكلام اي معني، فهو يصف الكلمات بطريقة سليمة قواعدياً، ولكن ليس لهذه الكلمات صلة بالسؤال الذي قد نوجه إليه، فتفقد الجمل معناها كلياً.
وقد يفهم كلام المتحدث ولا يستطيع أن يرد عليه، ويجيب علي السؤال بإجابة لا تمت للسؤال بصلة، وإن كانت هذه المشكلة تكثر لدي كبار السن، إلا أنها موجودة لدي الشباب المصابين نتيجة حوادث مرورية أثرت علي مراكز الفهم لديهم، والتي قد تؤثر علي ذاكرتهم وقدرتهم علي الكتابة، فهو وإن كان يستطيع الكتابة إلا أنها بشكل سُلم، شأنه في ذلك شأن الطفل الذي بدأ لتوه يتعلم الكتابة، فهم فقدوا القدرة علي الكتابة بسبب الجلطة التي تعرضوا إليها.
نتوءات الأحبال الصوتية ما لها وما عليها
ومع التدريب هل يرجع الفرد إلي حالته الطبيعة؟
غغ بدرية بوزبون:
في الحقيقة هو ليس تدريبا وإنما تأهيلا، لا يمكن بصراحة ارجاعه إلي سابق عهده، فالتلف قد حدث لخلايا الدماغ ومراكز الكلام عنده، ونحاول نحن تعويضه عنها بالتدريب، فإن لم يقوي علي الكلام يمكنه استخدام الكتابة، وللأهل هنا دور فعال في تأهيل الفرد نفسياً.
بحة الصوت أحد أمراض الصوت الذي يعاني منها الكبار والصغار علي حد سواء، ما سببها؟! ومن هم أكثر الأفراد تعرضاً لها؟!
غغ بدرية بوزبون:
سببه ظهور نتوءات علي الاحبال الصوتية، فيؤدي إلي عدم خروج الصوت بصورة طبيعية، فيخرج مبحوحاً، وهو ناتج عن كثرة الصراخ والشرح مثلاً لدي المدرسين والمدرسات، أي استخدام الصوت بطريقة خاطئة، ويتعرض لها كذلك بالإضافة إلي المدرسين والمغنيين والمذيعيين ومرتلي القرآن الكريم.
وكيف يتلافي هؤلاء هذه البحة الصوتية؟!
غغ بدرية بوزبون:
لابد لهؤلاء أخذ كورسات في النطق، حول كيفية تقوية النفس، والطريقة الصحيحة في الكلام، وهي موجودة في البحرين، ونقدمها كورش عمل في المدارس ومراكز تحفيظ القرآن، باعتبارهم أكثر فئة معرضة للبحة، وهم يطلبون الدورات التدريبية بشكل مستمر.
ولذلك نجد إن المغنيين لا يبدأون بالغناء إلا بعد سلسلة من التدريبات علي الصوت، وكيفية استخدام الاحبال الصوتية، وتقوية النفس والحنجرة، حتي يتمكنوا من الغناء من غير أن تصيبهم مشاكل في الاحبال الصوتية علي اختلاف أنواعها.
علاج البحة يتطلب الراحة
وهل تقومون بعرض مثل هذه المحاضرات والورش علي المدارس؟!
غغ بدرية بوزبون:
نحن لا نذهب لهم، بل هم من يطلبها منا، فنقدمها للمدرسات والمدرسين لينقلوها بدورهم للطلبة، إذ أن أكثر روادنا من المدرسين، لا بسبب رغبتهم في العلاج، وإنما للحصول علي تقرير يفيد اصابتهم بمشاكل في الصوت، وذلك لتخفيف عدد الحصص الموكلة إليهم، لذا فهم يراجعون العيادة وما أن يحصلوا علي التقرير حتي يتوقفوا عن العلاج، إذ أنهم يدعون ان لا فائدة من العلاج ما داموا مستمرين في التدريس والصراخ والكلام المتواصل في الفصول الدراسية، وذلك صحيح إلي حد ما، فالعلاج يتطلب راحة، والتي يمكنهم الحصول عليها في الاجازة الصيفية، لذا فإن استجابة ربات البيوت المصابات بهذه البحة أكثر، وذلك تبعاً للظروف التي يعيشونها، والتي تمكنهم من الراحة وضبط النفس عند الصراخ علي أطفالهن.
هكذا يمكن تجنب وجود بحة في الصوت
وما هو اقتراحك بالنسبة للمدرسات واللاتي عملهن يحول دون علاجهن؟!
غغ بدرية بوزبون:
التدريس بالنسبة إليهن أعمال شاقة مؤبدة، والمشكلة ليست في ظروف العمل وإنما في وزارة التربية والتعليم، والتي كان من المفترض منها إعطاء المدرسات والمدرسين وهم طلبه في الجامعة تدريبات علي استخدام الاحبال الصوتية، أي قبل أن يصابوا بالبحة ، أي اعطاؤهم مادة أساسية في التدريب قبيل التخرج من الجامعة.
ماذا عن المذيعيين والمذيعات؟!
غغ بدرية بوزبون:
قد يلحظ الجميع إن مذيعي ومذيعات القنوات الفضائية يتحدثون وهم يحركون شفاههم بطريقة واضحة، مما يتيح للحروف الخروج بصورة واضحة، فالضغط علي الاحبال الصوتية يسبب ظهور نتوءات علي الاحبال الصوتية نتيجة لكثرة الاحتكاك، فالقنوات الفضائية بالدول الاجنبية تقدم دورات تدريبية لمذيعيها حتي يتفادوا المشاكل في الاحبال الصوتية، حتي لا يتقدم المذيعون بطلب تعويض عن تلك الاصابة باعتبارها اصابة عمل.
ماذا عن الأطفال هل هم كذلك عرضة للإصابة بالنتوءات علي الاحبال الصوتية؟
غغ بدرية بوزبون:
فئة قليلة منهم تقدر بـ 10% فقط، إذ يصابون به نتيجة لصراخه الدائم، حينها لا يمكن علاج الطفل إلا مع القضاء علي الأمور التي تثيره وتجعله يصرخ، وقد يكون سبب صراخه تعوده علي هذا الاسلوب باعتبار إن والدته هي قدوته تصرخ باستمرار، وقد يكون السبب في سمع الطفل، فعندما يعاني من ضعف في السمع سوف يصرخ لا شعورياً، أما 90% النسبة الباقية فيصاب بها البالغون من مدرسين وأمهات وأئمة مساجد ومرتلي القرآن كما أسلفنا الذكر. وغالباً ما يكون علاج أئمة المساجد عبر الهاتف والنتيجة أقل نجاحاً بالطبع.
لهذا يحجم الذكور عن هذا التخصص
ألا يوجد لهم أخصائي نطق من الذكور؟!
غغ بدرية بوزبون:
عملنا يحتاج إلي صبر وقوة احتمال، والمرأة أكثر قدرة علي تحمله من الرجل، كما ان أكثر المرضي من الأطفال وكطبيعة المرأة تستطيع التعامل معهم بسهولة أكبر، وذلك ليس فقط في البحرين، حتي بالدول الغربية، فعندما كنت طالبة في بريطانيا كنا نحو 30 طالبة وطالبا واحدا فقط!!، فإن كان الذكور قادرين علي الحصول علي مراكز عالية، إلا أن الأمر يختلف عندما يصل الأمر للتخصص في النطق.
في حالات كثيرة نسمع عن إصابة البعض بالسرطان في الحنجرة، مما يستلزم إزالتها بالكامل فينقطع صوتهم، فكيف لكم كأخصائيين في النطق التعامل مع هذه الحالات؟!
غغ بدرية بوزبون:
تردنا بالفعل هذه الحالات، فنلجأ إلي تدريبهم حول كيفية استخدام المرئ لإصدار الأصوات، وهي طريقة صعبة جداً.
مرضي التوحد.. هم الأصعب
ماذا عن أكثر الحالات التي تقومين بعلاجها؟!
غغ بدرية بوزبون:
الأطفال من مرضي التوحد، وتعتبر من أصعب الحالات إذ أن 80% منهم يعانون من تخلف عقلي، والباقين يكون مستوي ذكائهم عادي أو ضعيف، أو حتي أولئك الذين يعانون من صفات التوحد، والذي لا يستخدم جهازه النطقي، وتصرفاته أقل من سنه، ففي بعض الأحيان أعتقد في بداية العلاج إن الطفل مثلاً يتمتع بفهم عادي وبعد ذلك أجده متخلفاً عقلياً، وذلك ألحظه خلال تدريبه، إذ أنه يحتاج لتعلم الشيء الذي يتعلمه الطفل الطبيعي 20 مرة، وقد يكون خمس مرات، إذ أن ذلك يختلف تبعاً لدرجة الذكاء، وهناك متوحدون يتمتعون بذكاء خارق.
علاج المتوحد في البداية اسهل
وماذا عن السلوك العدائي للطفل المتوحد؟!
غغ بدرية بوزبون:
ليس جميعهم يتمتعون بسلوك عدائي، فأنا لا أعالج المتوحدين المتخلفين عقلياً، وأخطأت مرة وأخذت حالة كانت تعاني من تخلف عقلي، فعملي لا يتضمن تقييم حالة الطفل، فأنا أأخذه بعد أن يتم تحويله للعياده، أي أن الطفل قد تجاوز اختبارات الذكاء. إلا في حالة الأطفال الصغار جداً، والذي يصعب اختبار مستوي ذكائهم، نظراً لسرحانهم وحركتهم الزائدة، فهو يحول إلينا لاكتشافهم لصفات التوحد التي يحملها، وإن كانت هناك مراكز لتأهيل المتوحدين إلا أنه لا يعالجهم، فالتوحد مرض لا علاج له.
إذن كيف تتعاملين معهم؟!
غغ بدرية بوزبون:
أأخذ الأطفال دون سن الثامنة، إذ أنه كلما كبر الطفل المتوحد كبرت معه مشاكله الناتجة عن صفات التوحد، وتزيد عنده الحركة والعداء وخاصة إذ ما كان ولداً، فقد حصل وأن قبلت علاج طفل في الثالثة عشرة من عمره، والذي حصل أنه تهجم علي وأدخل أداة حادة في فمي، لذا فإن التعامل مع الأطفال أسهل، كما أن البنية الجسمية تلعب دوراً مهماً، وفي حقيقة الأمر تخصصي علاج الأطفال وليس الكبار الذي يختلف علاجهم، وهو وغير موجود للأسف في البحرين، فأنا الأخصائية الوحيدة في الوطن العربي التي تحمل شهادات كأخصائية نطق وفي الوقت ذاته أخصائية توحد.
وفي أي سن يمكننا معرفة ما إذا كان الطفل يعاني من التوحد؟!
غغ بدرية بوزبون:
يمكن اكتشافه منذ الولادة، ولكن لا يمكنك أن تخبري أهله بهذا الخبر المزعج، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال أشرطة الفيديو الخاصة بالطفل والفرق في حالته بين عيد ميلاده الأول والثاني وكيف ساءت حالته، وقد نتنبأ باصابة الطفل لمعاناة اخوانه الأكبر سناً من المرض نفسه.
كثرة البكاء والضحك.. علامة سلبية
هل هدوء الطفل غير العادي دليل علي اصابته بالمرض؟!
غغ بدرية بوزبون:
بل علي العكس قد يكون بكاؤه وضحكة أكثر من الأطفال الطبيعيين، وفي بعض الأحيان من غير سبب، والأم التي لديها طفل متوحد تعيش في قلق وشك في كون جنينها مصاب كذلك بذات المرض، فاضطر أن أقول لها إني متأكدة بأنه غير مصاب لأهدأ من روعها.
هل التوحد وراثي؟!
غغ بدرية بوزبون:
نعم قد يورث، فهناك امرأة لديها 12 طفلاً، ثلاثة منهم يعانون من التوحد، وهم الآن في العشرينيات من أعمارهن إلا أنهن لا يزالون كالأطفال الذين يعتمدون علي غيرهم في قضاء احتياجاتهم. وليس بالضرورة وراثة التوحد، وإنما صفات التوحد، كالتخلف العقلي والتأتأة، لذا علي الأم مراقبة أطفالها جيداً.
هكذا نعالج هذه الحالات
ما هو العلاج المتبع في عيادتك؟!
غغ بدرية بوزبون:
في السابق كان علاجنا مختلفا، حيث نعتمد علي تعديل السلوك، فهناك مرحلة ما قبل النطق ومرحلة ما بعد النطق، فالمرحلة الأخيرة تعتمد علي التواصل البصري والتركيز والانتباه، فهناك أطفال لديهم مشاكل في النطق ترجع إلي عدم تركيزهم وعدم تواصلهم بصرياً، مما يؤثر علي قدرتهم علي النطق.
وبعد حصولي علي درجة الماجستير اتبعت طريقة أخري، في العلاج تعتمد علي التبادل في الصور، فكل طفل لديه فايل خاص به يأخذه معه للمنزل، به صور للأشياء التي يحتاجها، ففي السابق إذا ما أراد مثلاً شوكولاته يأخذ يد أمه ويضعها علي الشوكولاته كدليل علي رغبته فيها، فالحاجة أم الاختراع، وحاجته لأمر ما يدفعه للنطق والكلام، فمع هذه الطريقة الجديدة يأخذ الطفل الصورة ويقدمها للأم التي تبدأ بالحديث معه وتقول له مثلاً أنا أريد شوكولاته مع عدم ذكر اسمه إذ أنه سيكرر الجملة كما هي دون أن يحذف اسمه، فالمتوحد لا يفرق بين الضمائر ويحب التكرار، فطريقة الصور تفيد حتي مع أولئك المتخلفين عقلياً، ولا أعلمه كل الكلمات وإنما قط تلك التي يجتاجها، فاللغة استخدام سيتحدث بما يريد، ونحاول أن نهيئ الطفل للمدرسة بتعليمة بعض الأرقام والأشكال والألوان، ومع التدريب والتكرار تجد الطفل المتوحد يكرر الجملة ويخرج الصورة المناسبة للشيء الذي تريده.
اكتشفت مرضه قبل 3 أسابيع
** وفي هذه الأثناء دخل طفل متوحد سعودي يأتي له أهله يومياً من المملكة العربية السعودية ليتدرب علي النطق، بدا عنيداً ما أن يري والدته يتدلك عليها ويرفض التجاوب، وقد أكدت بدرية بوزبون ـ أنه أفضل في حالة عدم تواجد الأم، بدأ بالتحرك وبعد دقائق أصدر أصواتاً تنم عن انزعاجه الشديد ـ والذي وكما أشارت الاخصائية أنه كطفل متوحد لديه احساس قوي لأي صوت، فهو عندما يسمع صوت يبعد مسافة مترات سوف يكون احساسه كما لو كانت اذناه ستنفجران!!!
أم الطفل ذي السنتين والنصف بدت متعاونة جداً ومتفهمة لمرض ابنها إذ قالت: قبل ثلاثة أسابيع اكتشفت أن ما يعاني منه طفلي هو مرض التوحد ، وبعد العلاج أخذ ينتبه ويركز أكثر، وأصبحت حركته أكثر طبيعية، حتي إحساسه بالضيق من الأصوات أخذ يقل عنده تدريجياً، أخته التي تكبره والتي كانت لا تندمج معه في اللعب أخذت تندمج معه، وكذلك الحال مع الأطفال الآخرين، بل أنه أخذ يمسك بالقصص بعد ما كان يبدي امتعاضاً ومللاً منها.
تقول بعد برهة من الصمت: كنت قبل عام من الآن متضايقة من كون ابني لا يندمج مع أخته عندما أقرأ لهم القصص، وبأنه لا يرد علي ندائي له!!، إلا أنه اليوم بات أهدأ من السابق، ويتعامل مع العلاج بايجابية، وذلك ما لاحظته بعد ما أخذ يستخدم أسلوب الصور ليعبر عما يريد.
تعود بدرية بوزبون ـ لتقول: ومن الحالات التي عالجتها أيضاً حالة طفل كانت أمه تقول لي خذي المجنون وقلت لها تذكري كلامك هذا بعد أن يتأهل ويبهرك بذكائه، وها هو اليوم يحرز المركز الأول في المدرسة!! ولكن ما أحب أن أؤكد عليه هو أن ما قد ينجح من علاج في بريطانيا قد لا ينجح معنا هنا في البحرين وبالعكس، والذي يرجع سببه إلي اختلاف البيئة وقدرة المدربات علي التدريب، وقابلية الطفل للعلاج، ومدي تعاون أهله!!!
catfeat
2003-04-17
أحدث التعليقات