تحقيق – ياسمين خلف:
لم يخطر علي بال حنان محمد علي وافراد اسرتها ولا علي بال فاطمة ام المرحومين سامح ووصال ، ان يهرب المقاول الذي بني لهم بيت الاحلام في السراب حاملا معه بما يزيد عن المليوني دينار، بعدما نصب واحتال عليهم وعلي غيرهم من الاسر البحرينية، التي ما زالت تجوب اروقة المحاكم بحثا عن حق ودعهم! فأمل الحصول عليه، كأمل الميت في الرجعة إلي الحياة!! قضايا النصب والاحتمال كثيرة، واساليبها غريبة عجيبة، ولا تخطر علي بال احد، الا ذوي العقلية الشيطانية، او الحذرة جدا.
المدعو (…..) بحريني الجنسية، له موظفون ومكتب عقارات، يستقطب داخله ضحايا املهم الوحيد العيش في منزل كريم، يربون بين جدرانه ابناءهم! سلموه ما اقترضوه وما يملكون من اموال واراض، فكشر انيابه وسال لعابه لتلك الدنانير الحمر ، واستولي علي ما ليس له حق فيه، وجمع ابناءه وطار معهم إلي دولة الكويت الشقيقة ومنها إلي استراليا كما يعتقد الكثيرون وان لم توجد معلومات حقيقة عن ذلك! حاملا معه احلام الغير التي تحولت إلي كابوس يهددهم منذ ما يقارب الثلاث سنوات! كيف احتال هذا النصاب علي خلق الله؟ وما رأي رجال القانون في هذه القضية التي ما زال ضحاياها يملكون الأمل في وضع نهاية سعيدة تنسيهم ما لاقوه من عذاب نفسي وارهاق مالي بسبب ذلك المحتال!!
لسانه الحلو سبب المشكلة
اما عن قصة ام المرحومين سامح ووصال فاطمة تسردها لنا، والتي بدت كأنها مسرحية هزلية اضطرت مرغمة علي ان تكون احدي ممثلاتها، حين اخذت تقول: لقد ضحك عليّ بلسانه الحلو وبعد تنهيده تهدج صوتها لتذكرها مصيبتها وواصلت: املك ارضا وراء السفارة العراقية عند خليج توبلي، وبين فترة لاخري امر عليها لاتأكد من وجود بيوت تبني بالقرب منها من عدمه، وفي احدي المرات لفت انتباهي اعلان عن بناءفلل….. تقع علي يمين ارضي، وبالصدفة كنت ابحث في تلك الفترة عن مقاول لابني بيتي! ولاترك منزلي القديم الذي لم اعد احتمل البقاء فيه اكثر، لانه يحمل بين جدرانه ذكري ورائحة ابني المرحومين سامح ووصال ، فوجدتها فرصة علي اغتنامها قبل ان ترحل من يدي، فالمقاول سيبني نحو 24 – إلي 26 فلة بالقرب من ارضي، واوراقي جاهزة والمخطط الهندسي جاهز، ولم يبق غير المقاول فقلت في نفسي هذا هو من ابحث عنه!!
فرحت كثيرا بموافقته
بذلت قصاري جهدي في جمع المال اللازم للبناء، حيث استلمت نحو عشرة آلاف من حقوقي التقاعدية، واشتركت في احدي الجمعيات المالية حتي امتلكت مبلغا ماليا يخولني للبدء في البناء.. اسرعت الخطي إلي مكتب هذا المقاول، وكلّي امل في ترك منزلي القديم، وقابلته واكد لي بأنه لا يبني بيوتا منفردة بل بالجملة! فحاولت اقناعه بأن ارضي مجاورة لبيوته واراضيه! سألني عن قسيمة الارض والمخطط الهندسي، فاخبرته بان كل شيء جاهز، ولم يبق غير البناء فوافق في النهاية علي ان يكون مقاولي ففرحت كثيرا.
اغسطس.. سيبدأ في البناء
زرته في مكتبه مرة اخري، وبينما انا انتظره فاذا بالسكرتيرة تتطلع وتتفحص شكلي، وبادرتني بالسؤال: هل انت ام وصال ؟ فكان جوابي ايجابيا، فقالت: الا تتذكريني! فقلت لها: لا ! فقالت انا صديقة ابنتك المرحومة، وقد حضرت حفلة عيد ميلادها الاخير! ووعدتني بالتوسط لي عند هذا المقاول باعتباره رئيسها، فدخلت الطمأنينة قلبي، وسلمت الخيط والمخيط ، فالسكرتيرة صديقة ابنتي المرحومة وقد ابدت لي مساعدتها.. ووقّعت الاتفاقية وكتبت للمقاول رصيد بعشرة آلاف دينار كل ما املك واعطيته توكيل يخوله بالتصرف في الارض وكان ذلك عام 2000م.
تسكت وتواصل: نبهني الكاتب في المحكمة ولم افهم قصده، فقد استغرب من موقفي بقيامي بتوقيع توكيل للمقاول! وسألني باستغراب جم: هل عندك ثقة فيه لهذه الدرجة، بحيث تعطينه توكيل علي ارضك؟! فأجبته بأني لا املك المزاج الكافي للذهاب والاياب لبناء المنزل فأردف يقول: الامر يرجع لك في النهاية! اخبرتني السكرتيرة بان البدء في البناء سيكون في شهر اغسطس.. انقضي شهر اغسطس، بل وانقضت سنة 2000م ولم يبدأ في البناء، وعندما استفسرت قالت لي السكرتيرة بان ظروف المقاول في تلك الفترة ليست علي ما يرام، فأمهلتني حتي شهر ابريل وكلما استفسرت اجد التماطل في الكلام، علي الرغم بانه يعرف ظروفي ويعرف اني لا احتمل البقاء اكثر في بيتي.
سافر وأغلق مكتبه!
وبعد شهر ابريل علمت انه قد رهن ارضي بـ 16 الف دينار، وعلمت بعدها انه سافر، ورغم ذلك كان الامل يعدني بانه سيرجع، وعجلة الزمن تركض دون جدوي، وفجأة رأيت ان المكتب قد اغلقت ابوابه، وقالت لي سكرتيرته: حلك الوحيد ان تقاضينه في المحكمة، وعلمت من كلامها هذا انه حيال ونصاب، فضاعت بذلك ارضي التي رهنها وامالي التي اخذها معه، وجلست صفر اليدين، حملت قضيتي هذه للمحامي، ونقلت معاناتي للبنك الذي ساعدني كثيرا من القبيل الانساني.
وها انا ذا ابني بيت آخر، وقريبا سأنتهي منه، بعدما قصمت ظهري القروض، قرض تلو الآخر، بل حتي ابنتي اقترضت لننتهي من البناء، ونترك منزلنا الحالي.
لكل مشكلة حل عنده…
حال حنان واخواتها نسيمة وكوثر واخيهم نادر افضل بكثير من حال فاطمة باعتبار ان فاطمة بالاضافة إلي اموالها التي ذهبت مع الرياح، رهنت ارضها وخسرتها، اما حنان فقد خسرت نحو 14 الف ومائتين وستة وخمسين دينارا، فما قصتها؟! سألناها فاجابت بحسرة: كنا نريد ان نخرج من بيتنا إلي آخر اكبر ذو غرف اوسع، فحملنا القدر التعيس إلي هذا المقاول الذي اوهمنا بان لديه ارض اخيرة وتخطيطها جاهز، وانه سيكون لنا وسيط لدي البنك لكثرة نفوده لنحصل علي قرض عقار ، علي الرغم من انني قلت له بان البنوك لم تعد تعطي قروض عقار وان اردنا فبامكاننا اخذ قروض شخصية لكل واحد منا، نحن الاخوة! قال لنا والثقة تملئه من رأسه حتي اخمص قدميه: ابعدوا الهم عنكم، وتوكلوا عليّ من بعد توكلكم علي الله، وسوف ايسر لكم الامور عن طريق معارفي!
باع ارضنا علي عائلة اخري!
ولم يحقق ما ادعي، فاضطررنا انا واخوتي ان نأخذ قروضا شخصية، صافي مبلغها نحو 14256 دينار، وسلمناه المبلغ بالكامل، كسعر للارض التي علمنا بعد ذلك انه قد باعها لعائلة اخري! والطامة الكبري انه اوهمنا بان تلك الاموال التي دفعناها، ومن قبيل التيسير الذي سيقدمه لاجلنا، سوف يعتبرها دفعة اولي للبناء! وبعد عام نأخذ قرضا آخر من البنك كقرض بناء ! حاورته وقلت له ان القروض التي اخذناها فترة تسديدها تمتد إلي ست سنوات، فكيف سيسمح لنا البنك بأخذ قرض آخر، ونحن لم نسدد القرض القديم! واخذنا بكلامه الذي لا يخرج بنتيجة، وطلبنا قرض بناء من بنكين مختلفين دون فائدة، فقد رفضوا الطلب، هنا وصلت بنا الامور إلي نهايتها، وطلبنا منه فض العقد وارجاع اموالنا! وافق، الا انه طلب منّا مهلة لاربعة اشهر، ومن بعدها لم نجد له اثر في البحرين، وعلمنا انه هاجر مع عائلته، حاملا معه نحو مليونين وسبعة وثلاثين الف دينار!! وإلي الآن اموالنا في عالم الغيب وقضيتنا فوق طاولة المحامي.
محدودية السوق.. وازمة السكن
وعبر المحامي فريد غازي عن اسفه لتعرض مواطنين لمثل هذا النصب والاحتيال، ويؤكد علي ان هذا المقاول وما يشاع عن هجرته إلي استراليا لا يحمل معلومات دقيقة، ويرجع سبب استغلال هذا المقاول إلي محدودية السوق في المملكة، وازمة السكن التي يعاني منها البعض، والتي تجرهم للقروض والرهن علي اراضيهم وفقدانهم لمدخراتهم التي سعوا خلال سنوات من عمرهم لجمعها، في سبيل شراء وحدة سكنية او بناء عقار!
وجاء علي لسان المحامي فريد غازي: عندما نتحدث عن النصابين من المقاولين فنحن نتكلم عن حالات فردية ومحددة بذاتها، ولا يمكن اعتبارها ظاهرة عامة، وسبيلنا في ذلك ردع التجاوزات التي تحدث لاستغلال حاجة الناس للسكن والمأوي.
وهل توجد حالة من هذه الحالات اليوم؟! يجيبنا: نعم توجد حالة من الحالات التي تعذرت فيها اوضاع احد تجّار العقارات المالية، وحاول بطريقة وبأخري ان يأخذ بغير حق مذخرات المواطنين، والخطورة التي يجب ان تعالج وبشكل عام ظاهرة رهن الاراضي للتاجر، الذي يريد ان يبني الوحدة السكنية للمواطن، فهنا الامر يتطلب وعي المواطنين والمشرع لحماية المواطن من اي احتمال لتعسر اوضاع التاجر او اهتزاز وضعه المالي مما قد يعرض الارض للرهن من قبل جهة التحويل المخولة في التصرف في الارض، لكيلا يخسر المواطن مع الارض مذخراته.
ليكن التعامل
مباشرة مع جهة التمويل
ويطلب المحامي من المواطنين توخي الحذر عند رهن الارض لأي تاجر عقار من اجل الحصول علي تمويل لبناء المنزل ويقول في ذلك: علي المواطنين ان امكن التوجه إلي جهة التمويل مباشرة، دون ادخال وسيط بينهما لحفظ حقوقه، وحتي لا يصبح كغيره ضحية، وللاسف الشديد هناك بعض المواطنين من تهدد ملكه، واصبحت فرصة ضياعها كبيرة والسبب التوكيل الذي يعطيه الزبون او المواطن لتاجر العقار، الذي يقوم بدوره برهن الارض لجهة التمويل ليستفيد منها، ويردف بقوله: من المؤسف ان هناك بعض المشبوهين يتعاملون في العقار، وانتهاجهم طرق ملتوية في التجارة يهدد سمعة التجار الشرفاء، ويهدد مستقبلهم الوظيفي.
لابد من تفعيل الادوات القانونية
وردا علي سؤال الايام حول امكانية اشهار احد التجار افلاسه مثلا من قبيل التلاعب والتهرب من سداد الديون اجاب مسترسلا: بالنسبة للتجار المتلاعبين الذين ياخذون الافلاس سبيلا للتهرب من ديون المواطنين ويقصدون وبلاشك بطريقتهم تلك الاضرار بالمواطن، وان كان هناك بالفعل من يعلن افلاسه حقا. فهناك اليات في التشريع، وخصوصا في قانون الافلاس، والتي يجب ان تفعل من اجل ضمان سداد حقوق المواطنين اثناء التفليسة وبعد قفل التفليسة لعدم كفاية الاموال، بالاضافة إلي تفعيل الادوات القانونية التي من شأنها ان ترجع ما يظهر للتاجر من اموال بعد ذلك، وملاحقته دونما اي تقادم لاحقاق الحق، فليس من المعقول ان يخسر المواطن مذخراته ليخرج بها التاجر بعد عقد او عقدين من الزمان ليتاجر بها مرة اخري ويوقع مزيدا من الضحايا.
بعض الدول
لاتتعاون مع مملكة البحرين
وهل يتم ابلاغ البوليس الدولي عن هؤلاء المجرمين المحتالين من المقاولين؟! كان هذا سؤالنا الذي اختتمنا به حديثنا، وكان لنا الجواب الشافي من المحامي فريد غازي عندما اخذ يقول: هناك تعاون من قبل البوليس الدولي في الدول الموقعة علي اتفاقية تبادل المجرمين مع مملكة البحرين.. وما نطلبه هو تفعيل سرعة جلب هؤلاء المجرمين عندما يعتزمون الهرب إلي الدول المختلفة، رغم فهمنا العميق لحكم الاختصاص عند بعض الدول الغير ملتزمة بهذه الاتفاقية تبادل المجرمين مع مملكة البحرين، ومن سخرية الامر ان هؤلاء المحتالين خير من يعلم بالدول التي لا تتعاون مع مملكة البحرين فيلجأون إليها، وكلهم امن وامان بان القانون لن يطالهم.
Catsocaff
2004-02-09
تحقيق – ياسمين خلف:
لم يخطر علي بال حنان محمد علي وافراد اسرتها ولا علي بال فاطمة ام المرحومين سامح ووصال ، ان يهرب المقاول الذي بني لهم بيت الاحلام في السراب حاملا معه بما يزيد عن المليوني دينار، بعدما نصب واحتال عليهم وعلي غيرهم من الاسر البحرينية، التي ما زالت تجوب اروقة المحاكم بحثا عن حق ودعهم! فأمل الحصول عليه، كأمل الميت في الرجعة إلي الحياة!! قضايا النصب والاحتمال كثيرة، واساليبها غريبة عجيبة، ولا تخطر علي بال احد، الا ذوي العقلية الشيطانية، او الحذرة جدا.
المدعو (…..) بحريني الجنسية، له موظفون ومكتب عقارات، يستقطب داخله ضحايا املهم الوحيد العيش في منزل كريم، يربون بين جدرانه ابناءهم! سلموه ما اقترضوه وما يملكون من اموال واراض، فكشر انيابه وسال لعابه لتلك الدنانير الحمر ، واستولي علي ما ليس له حق فيه، وجمع ابناءه وطار معهم إلي دولة الكويت الشقيقة ومنها إلي استراليا كما يعتقد الكثيرون وان لم توجد معلومات حقيقة عن ذلك! حاملا معه احلام الغير التي تحولت إلي كابوس يهددهم منذ ما يقارب الثلاث سنوات! كيف احتال هذا النصاب علي خلق الله؟ وما رأي رجال القانون في هذه القضية التي ما زال ضحاياها يملكون الأمل في وضع نهاية سعيدة تنسيهم ما لاقوه من عذاب نفسي وارهاق مالي بسبب ذلك المحتال!!
لسانه الحلو سبب المشكلة
اما عن قصة ام المرحومين سامح ووصال فاطمة تسردها لنا، والتي بدت كأنها مسرحية هزلية اضطرت مرغمة علي ان تكون احدي ممثلاتها، حين اخذت تقول: لقد ضحك عليّ بلسانه الحلو وبعد تنهيده تهدج صوتها لتذكرها مصيبتها وواصلت: املك ارضا وراء السفارة العراقية عند خليج توبلي، وبين فترة لاخري امر عليها لاتأكد من وجود بيوت تبني بالقرب منها من عدمه، وفي احدي المرات لفت انتباهي اعلان عن بناءفلل….. تقع علي يمين ارضي، وبالصدفة كنت ابحث في تلك الفترة عن مقاول لابني بيتي! ولاترك منزلي القديم الذي لم اعد احتمل البقاء فيه اكثر، لانه يحمل بين جدرانه ذكري ورائحة ابني المرحومين سامح ووصال ، فوجدتها فرصة علي اغتنامها قبل ان ترحل من يدي، فالمقاول سيبني نحو 24 – إلي 26 فلة بالقرب من ارضي، واوراقي جاهزة والمخطط الهندسي جاهز، ولم يبق غير المقاول فقلت في نفسي هذا هو من ابحث عنه!!
فرحت كثيرا بموافقته
بذلت قصاري جهدي في جمع المال اللازم للبناء، حيث استلمت نحو عشرة آلاف من حقوقي التقاعدية، واشتركت في احدي الجمعيات المالية حتي امتلكت مبلغا ماليا يخولني للبدء في البناء.. اسرعت الخطي إلي مكتب هذا المقاول، وكلّي امل في ترك منزلي القديم، وقابلته واكد لي بأنه لا يبني بيوتا منفردة بل بالجملة! فحاولت اقناعه بأن ارضي مجاورة لبيوته واراضيه! سألني عن قسيمة الارض والمخطط الهندسي، فاخبرته بان كل شيء جاهز، ولم يبق غير البناء فوافق في النهاية علي ان يكون مقاولي ففرحت كثيرا.
اغسطس.. سيبدأ في البناء
زرته في مكتبه مرة اخري، وبينما انا انتظره فاذا بالسكرتيرة تتطلع وتتفحص شكلي، وبادرتني بالسؤال: هل انت ام وصال ؟ فكان جوابي ايجابيا، فقالت: الا تتذكريني! فقلت لها: لا ! فقالت انا صديقة ابنتك المرحومة، وقد حضرت حفلة عيد ميلادها الاخير! ووعدتني بالتوسط لي عند هذا المقاول باعتباره رئيسها، فدخلت الطمأنينة قلبي، وسلمت الخيط والمخيط ، فالسكرتيرة صديقة ابنتي المرحومة وقد ابدت لي مساعدتها.. ووقّعت الاتفاقية وكتبت للمقاول رصيد بعشرة آلاف دينار كل ما املك واعطيته توكيل يخوله بالتصرف في الارض وكان ذلك عام 2000م.
تسكت وتواصل: نبهني الكاتب في المحكمة ولم افهم قصده، فقد استغرب من موقفي بقيامي بتوقيع توكيل للمقاول! وسألني باستغراب جم: هل عندك ثقة فيه لهذه الدرجة، بحيث تعطينه توكيل علي ارضك؟! فأجبته بأني لا املك المزاج الكافي للذهاب والاياب لبناء المنزل فأردف يقول: الامر يرجع لك في النهاية! اخبرتني السكرتيرة بان البدء في البناء سيكون في شهر اغسطس.. انقضي شهر اغسطس، بل وانقضت سنة 2000م ولم يبدأ في البناء، وعندما استفسرت قالت لي السكرتيرة بان ظروف المقاول في تلك الفترة ليست علي ما يرام، فأمهلتني حتي شهر ابريل وكلما استفسرت اجد التماطل في الكلام، علي الرغم بانه يعرف ظروفي ويعرف اني لا احتمل البقاء اكثر في بيتي.
سافر وأغلق مكتبه!
وبعد شهر ابريل علمت انه قد رهن ارضي بـ 16 الف دينار، وعلمت بعدها انه سافر، ورغم ذلك كان الامل يعدني بانه سيرجع، وعجلة الزمن تركض دون جدوي، وفجأة رأيت ان المكتب قد اغلقت ابوابه، وقالت لي سكرتيرته: حلك الوحيد ان تقاضينه في المحكمة، وعلمت من كلامها هذا انه حيال ونصاب، فضاعت بذلك ارضي التي رهنها وامالي التي اخذها معه، وجلست صفر اليدين، حملت قضيتي هذه للمحامي، ونقلت معاناتي للبنك الذي ساعدني كثيرا من القبيل الانساني.
وها انا ذا ابني بيت آخر، وقريبا سأنتهي منه، بعدما قصمت ظهري القروض، قرض تلو الآخر، بل حتي ابنتي اقترضت لننتهي من البناء، ونترك منزلنا الحالي.
لكل مشكلة حل عنده…
حال حنان واخواتها نسيمة وكوثر واخيهم نادر افضل بكثير من حال فاطمة باعتبار ان فاطمة بالاضافة إلي اموالها التي ذهبت مع الرياح، رهنت ارضها وخسرتها، اما حنان فقد خسرت نحو 14 الف ومائتين وستة وخمسين دينارا، فما قصتها؟! سألناها فاجابت بحسرة: كنا نريد ان نخرج من بيتنا إلي آخر اكبر ذو غرف اوسع، فحملنا القدر التعيس إلي هذا المقاول الذي اوهمنا بان لديه ارض اخيرة وتخطيطها جاهز، وانه سيكون لنا وسيط لدي البنك لكثرة نفوده لنحصل علي قرض عقار ، علي الرغم من انني قلت له بان البنوك لم تعد تعطي قروض عقار وان اردنا فبامكاننا اخذ قروض شخصية لكل واحد منا، نحن الاخوة! قال لنا والثقة تملئه من رأسه حتي اخمص قدميه: ابعدوا الهم عنكم، وتوكلوا عليّ من بعد توكلكم علي الله، وسوف ايسر لكم الامور عن طريق معارفي!
باع ارضنا علي عائلة اخري!
ولم يحقق ما ادعي، فاضطررنا انا واخوتي ان نأخذ قروضا شخصية، صافي مبلغها نحو 14256 دينار، وسلمناه المبلغ بالكامل، كسعر للارض التي علمنا بعد ذلك انه قد باعها لعائلة اخري! والطامة الكبري انه اوهمنا بان تلك الاموال التي دفعناها، ومن قبيل التيسير الذي سيقدمه لاجلنا، سوف يعتبرها دفعة اولي للبناء! وبعد عام نأخذ قرضا آخر من البنك كقرض بناء ! حاورته وقلت له ان القروض التي اخذناها فترة تسديدها تمتد إلي ست سنوات، فكيف سيسمح لنا البنك بأخذ قرض آخر، ونحن لم نسدد القرض القديم! واخذنا بكلامه الذي لا يخرج بنتيجة، وطلبنا قرض بناء من بنكين مختلفين دون فائدة، فقد رفضوا الطلب، هنا وصلت بنا الامور إلي نهايتها، وطلبنا منه فض العقد وارجاع اموالنا! وافق، الا انه طلب منّا مهلة لاربعة اشهر، ومن بعدها لم نجد له اثر في البحرين، وعلمنا انه هاجر مع عائلته، حاملا معه نحو مليونين وسبعة وثلاثين الف دينار!! وإلي الآن اموالنا في عالم الغيب وقضيتنا فوق طاولة المحامي.
محدودية السوق.. وازمة السكن
وعبر المحامي فريد غازي عن اسفه لتعرض مواطنين لمثل هذا النصب والاحتيال، ويؤكد علي ان هذا المقاول وما يشاع عن هجرته إلي استراليا لا يحمل معلومات دقيقة، ويرجع سبب استغلال هذا المقاول إلي محدودية السوق في المملكة، وازمة السكن التي يعاني منها البعض، والتي تجرهم للقروض والرهن علي اراضيهم وفقدانهم لمدخراتهم التي سعوا خلال سنوات من عمرهم لجمعها، في سبيل شراء وحدة سكنية او بناء عقار!
وجاء علي لسان المحامي فريد غازي: عندما نتحدث عن النصابين من المقاولين فنحن نتكلم عن حالات فردية ومحددة بذاتها، ولا يمكن اعتبارها ظاهرة عامة، وسبيلنا في ذلك ردع التجاوزات التي تحدث لاستغلال حاجة الناس للسكن والمأوي.
وهل توجد حالة من هذه الحالات اليوم؟! يجيبنا: نعم توجد حالة من الحالات التي تعذرت فيها اوضاع احد تجّار العقارات المالية، وحاول بطريقة وبأخري ان يأخذ بغير حق مذخرات المواطنين، والخطورة التي يجب ان تعالج وبشكل عام ظاهرة رهن الاراضي للتاجر، الذي يريد ان يبني الوحدة السكنية للمواطن، فهنا الامر يتطلب وعي المواطنين والمشرع لحماية المواطن من اي احتمال لتعسر اوضاع التاجر او اهتزاز وضعه المالي مما قد يعرض الارض للرهن من قبل جهة التحويل المخولة في التصرف في الارض، لكيلا يخسر المواطن مع الارض مذخراته.
ليكن التعامل
مباشرة مع جهة التمويل
ويطلب المحامي من المواطنين توخي الحذر عند رهن الارض لأي تاجر عقار من اجل الحصول علي تمويل لبناء المنزل ويقول في ذلك: علي المواطنين ان امكن التوجه إلي جهة التمويل مباشرة، دون ادخال وسيط بينهما لحفظ حقوقه، وحتي لا يصبح كغيره ضحية، وللاسف الشديد هناك بعض المواطنين من تهدد ملكه، واصبحت فرصة ضياعها كبيرة والسبب التوكيل الذي يعطيه الزبون او المواطن لتاجر العقار، الذي يقوم بدوره برهن الارض لجهة التمويل ليستفيد منها، ويردف بقوله: من المؤسف ان هناك بعض المشبوهين يتعاملون في العقار، وانتهاجهم طرق ملتوية في التجارة يهدد سمعة التجار الشرفاء، ويهدد مستقبلهم الوظيفي.
لابد من تفعيل الادوات القانونية
وردا علي سؤال الايام حول امكانية اشهار احد التجار افلاسه مثلا من قبيل التلاعب والتهرب من سداد الديون اجاب مسترسلا: بالنسبة للتجار المتلاعبين الذين ياخذون الافلاس سبيلا للتهرب من ديون المواطنين ويقصدون وبلاشك بطريقتهم تلك الاضرار بالمواطن، وان كان هناك بالفعل من يعلن افلاسه حقا. فهناك اليات في التشريع، وخصوصا في قانون الافلاس، والتي يجب ان تفعل من اجل ضمان سداد حقوق المواطنين اثناء التفليسة وبعد قفل التفليسة لعدم كفاية الاموال، بالاضافة إلي تفعيل الادوات القانونية التي من شأنها ان ترجع ما يظهر للتاجر من اموال بعد ذلك، وملاحقته دونما اي تقادم لاحقاق الحق، فليس من المعقول ان يخسر المواطن مذخراته ليخرج بها التاجر بعد عقد او عقدين من الزمان ليتاجر بها مرة اخري ويوقع مزيدا من الضحايا.
بعض الدول
لاتتعاون مع مملكة البحرين
وهل يتم ابلاغ البوليس الدولي عن هؤلاء المجرمين المحتالين من المقاولين؟! كان هذا سؤالنا الذي اختتمنا به حديثنا، وكان لنا الجواب الشافي من المحامي فريد غازي عندما اخذ يقول: هناك تعاون من قبل البوليس الدولي في الدول الموقعة علي اتفاقية تبادل المجرمين مع مملكة البحرين.. وما نطلبه هو تفعيل سرعة جلب هؤلاء المجرمين عندما يعتزمون الهرب إلي الدول المختلفة، رغم فهمنا العميق لحكم الاختصاص عند بعض الدول الغير ملتزمة بهذه الاتفاقية تبادل المجرمين مع مملكة البحرين، ومن سخرية الامر ان هؤلاء المحتالين خير من يعلم بالدول التي لا تتعاون مع مملكة البحرين فيلجأون إليها، وكلهم امن وامان بان القانون لن يطالهم.
Catsocaff
2004-02-09
أحدث التعليقات