الخزان العربي الشرقي مستنزف إقليمياً.. عبدالحميد عبدالغفار:

حوار اجرته ــ ياسمين خلف
في هذا الحوار الخاص بالأيام، يسلط الباحث الاقتصادي والاخصائي عبدالحميد أحمد عبدالغفار الضوء على مشكلة المياه المتفاقمة ويقرع أكثر من جرس انذار.
يؤكد عبدالغفار على أن المأزق المائي يهدد البحرين مثلما يهدد كافة دول مجلس التعاون، وان لم تعالج هذه الازمة ستغدو مملكة البحرين في أزمة حقيقية.
ويضيف خلصت مجمل الدراسات المعنية بالمياه في البحرين إلى انها تعتبر عالية الملوحة، حيث أدى الاستنزاف المتزايد للخزان الجوفي إلى غزو مياه البحر لها، وقد نجم عن ذلك تلوث المياه الجوفية بالأملاح وارتفاع درجة ملوحتها، وهذا تسبب في إغلاق العديد من الآبار بسبب عدم صلاحيتها للاستخدام المباشر، فالهيئات الدولية تصنف الدولة ضمن نطاق خط الفقر المائي إذا قل نصيب الفرد فيها من المياه المتجددة عن ألف متر مكعب سنوياً، وحيث ان نصيب الفرد في البحرين قد بلغ حوالي ٢٧١ مترا مكعبا في عام ١٠٠٢، وانخفض إلى حوالي ٣٦١ مترا مكعبا في عام ٣٠٠٢، فهذا يتطلب استنفاراً ومعالجة استثنائية.
[ ما مدى تأثير الزراعة على المياه باعتبارها تستنزف كميات وفيرة من الماء؟
تشكل الزراعة أكبر مصادر استنزاف للمياه الجوفية في المملكة، حيث استحوذت على قرابة ٦٥٪ من جملة مصادر المياه في عام ١٠٠٢، بينما استحوذت في المتوسط على ٣٧٪ من اجمالي الطلب على المياه الجوفية في نفس العام، مقابل ٥٢٪ و٣٪ لكل من القطاعين البلدي والصناعي على التوالي.
ويضيف عبدالحميد: المقلق هنا إن اتجاه الاملاح في التربة يتغير نحو الأسوأ، حيث إن ارتفاع الطلب على المياه للأغراض الزراعية ينجم عنه ارتفاع في ملوحة المياه الجوفية.
لذا فمأزق التغير في اتجاهي ملوحة المياه والتربة تأخذ في الواقع شكلاً متصاعداً، وهذا في الواقع ما يفسر تراجع مساحة الأراضي الزراعية إلى ٢٤ كيلومترا مربعا في عام ٩٩٩١ مقارنة بحوالي ٤٦ كيلومترا مربعا في الستينات، كما تراجعت الأراضي المزروعة فعلاً إلى ١٣ كيلومترا مربعا في التسعينات مقارنة بـ ٢٣ كيلومترا مربعا في الستينيات.
[ هل يعد هذا التراجع كافياً للحكم بوجود ظاهرة تصحر وتراجع في الحزام الأخضر؟!
الأراضي المزروعة في الماضي لم تكن تشكل اي عبء لا على المخزون الجوفي من المياه، ولا على الميزانية العامة للدولة، حيث ان المياه الصالحة كانت تتدفق من تلقاء نفسها، ودون تكاليف مالية أو تأثير على البيئة، أما الآن فقد أضحت الزراعة بما تتطلبه من احتياجات مائية تشكل عبئاً على البيئة والميزانية العامة، وبمعنى آخر ان المحافظة على ما تبقى من الحزام الأخضر، أو زيادة المساحات الخضراء في الحدائق العامة أو الخاصة، تحتاج للمزيد من المياه إما من شبكة توزيع المياه أو من معالجة مياه الصرف الصحي، وكلا المصدرين ذوا كلفة كبيرة.
[ هذا يقودنا الى معرفة تكلفة مد شبكة التوزيع بالمياه الصالحة للشرب في المملكة؟!
تطرقت بالتفصيل في كتابي الاخير الذي بادر مركز البحرين للدراسات والبحوث بطباعته في سبتمبر ٣٠٠٢ حول الى هذا الموضوع.
واشرت إلى ان كلفة استعذاب متر مكعب من مياه البحر قد تصل الى ٠٠٧ فلس اذا أخذ في الحسبان التكاليف الحقيقية للطاقة في السوق الدولية، وليس التكاليف الاسمية.
[ وما هي انعكاسات تراجع الوضع المائي على الاقتصاد المحلي بوجه عام، وعلى قطاع الزراعة بوجه خاص؟!
الارتفاع المتواصل في معدلات الاملاح في المياه الجوفية والتربة ادى الى تدني الانتاجية الزراعية بشكل كبير، فوفقاً للإحصاءات الرسمية تراجعت حصة وحدة المساحة للهكتار »١٠.٠ كليومتر مربع« المزروعة بالخضروات الى ٢٤.٠١ طن في عام ٩٩٩١ مقارنة بـ ٧٥.٢١ طن عام ٠٧٩١.
ومن الوجهة الاقتصادية، فإن واردات البحرين الزراعية بلغت ٧.٣٦ مليون دينار في عام ٢٠٠٢، بينما بلغ النمو السنوي ٤.٤٪ كمتوسط للفترة ٨٩٩١-٢٠٠٢ أما نصيب الفرد السنوي من الخضار فقد ارتفع من ٢.٥٧ دينار في عام ٨٩٩١ الى ٤.٥٩ دينار في عام ٢٠٠٢.
من جهة أخرى يتبين تراجع نصيب الفرد من الناتج الزراعي بشكل كبير مقارنة بدول عربية أخرى، حيث لم يتجاوز ٤٨ دولاراً في البحرين مقارنة بـ ٨٠٥ دولارات، في السعودية و٩٦٣ دولاراً في الامارات و٨٢١ دولاراً في قطر في عام ٣٩٩١ وفقاً لإحصاءات المنطقة العربية للتنمية الزراعية.
[ وما أبرز التحديات لمعالجة الوضع المائي؟!
بجانب الطلب الكبير على المياه والذي يتمثل في قطاع الزراعة، يعتبر الاستهلاك البشري »عدد السكان« أحد ابرز مسببات الازمة المائية نظراً لما يترتب عليه من متطلبات متنامية في مجال الخدمات والتجهيزات العامة، فقد تضاعف عدد السكان خلال ٦ عقود فقط ٢.٧ مرة، حيث ارتفع من ٠٧٩.٩٨ الف نسمة عام ١٤٩١ الى ٠٥٦،٤٠٦ نسمة عام ١٠٠٢ الأمر الذي ينطوي على تحديات مستقبلية كبرى وعلى الأخص في ظل غياب سياسة سكانية واضحة.
ويختتم عبدالحميد عبدالغفار حديثه بالقول:
الجانب الآخر هو البعد الاقليمي، فخزان الدمام الذي يوفر ٥٨٪ من المياه المنتجة في البحرين، ويحتوي على افضل نوعية للمياه الجوفية هو خزان »مشترك« حيث يمثل جزءاً صغيراً من الخزان الجوفي المسمى بالخزان العربي الشرقي، وعليه فبالرغم من كون خزان الدمام الأهم للبحرين من حيث النوع والكم، فإنه عرضة للاستنزاف الاقليمي اذ لا يمكن لدولة التحكم فيه منفردة.

حوار اجرته ــ ياسمين خلف
في هذا الحوار الخاص بالأيام، يسلط الباحث الاقتصادي والاخصائي عبدالحميد أحمد عبدالغفار الضوء على مشكلة المياه المتفاقمة ويقرع أكثر من جرس انذار.
يؤكد عبدالغفار على أن المأزق المائي يهدد البحرين مثلما يهدد كافة دول مجلس التعاون، وان لم تعالج هذه الازمة ستغدو مملكة البحرين في أزمة حقيقية.
ويضيف خلصت مجمل الدراسات المعنية بالمياه في البحرين إلى انها تعتبر عالية الملوحة، حيث أدى الاستنزاف المتزايد للخزان الجوفي إلى غزو مياه البحر لها، وقد نجم عن ذلك تلوث المياه الجوفية بالأملاح وارتفاع درجة ملوحتها، وهذا تسبب في إغلاق العديد من الآبار بسبب عدم صلاحيتها للاستخدام المباشر، فالهيئات الدولية تصنف الدولة ضمن نطاق خط الفقر المائي إذا قل نصيب الفرد فيها من المياه المتجددة عن ألف متر مكعب سنوياً، وحيث ان نصيب الفرد في البحرين قد بلغ حوالي ٢٧١ مترا مكعبا في عام ١٠٠٢، وانخفض إلى حوالي ٣٦١ مترا مكعبا في عام ٣٠٠٢، فهذا يتطلب استنفاراً ومعالجة استثنائية.
[ ما مدى تأثير الزراعة على المياه باعتبارها تستنزف كميات وفيرة من الماء؟
تشكل الزراعة أكبر مصادر استنزاف للمياه الجوفية في المملكة، حيث استحوذت على قرابة ٦٥٪ من جملة مصادر المياه في عام ١٠٠٢، بينما استحوذت في المتوسط على ٣٧٪ من اجمالي الطلب على المياه الجوفية في نفس العام، مقابل ٥٢٪ و٣٪ لكل من القطاعين البلدي والصناعي على التوالي.
ويضيف عبدالحميد: المقلق هنا إن اتجاه الاملاح في التربة يتغير نحو الأسوأ، حيث إن ارتفاع الطلب على المياه للأغراض الزراعية ينجم عنه ارتفاع في ملوحة المياه الجوفية.
لذا فمأزق التغير في اتجاهي ملوحة المياه والتربة تأخذ في الواقع شكلاً متصاعداً، وهذا في الواقع ما يفسر تراجع مساحة الأراضي الزراعية إلى ٢٤ كيلومترا مربعا في عام ٩٩٩١ مقارنة بحوالي ٤٦ كيلومترا مربعا في الستينات، كما تراجعت الأراضي المزروعة فعلاً إلى ١٣ كيلومترا مربعا في التسعينات مقارنة بـ ٢٣ كيلومترا مربعا في الستينيات.
[ هل يعد هذا التراجع كافياً للحكم بوجود ظاهرة تصحر وتراجع في الحزام الأخضر؟!
الأراضي المزروعة في الماضي لم تكن تشكل اي عبء لا على المخزون الجوفي من المياه، ولا على الميزانية العامة للدولة، حيث ان المياه الصالحة كانت تتدفق من تلقاء نفسها، ودون تكاليف مالية أو تأثير على البيئة، أما الآن فقد أضحت الزراعة بما تتطلبه من احتياجات مائية تشكل عبئاً على البيئة والميزانية العامة، وبمعنى آخر ان المحافظة على ما تبقى من الحزام الأخضر، أو زيادة المساحات الخضراء في الحدائق العامة أو الخاصة، تحتاج للمزيد من المياه إما من شبكة توزيع المياه أو من معالجة مياه الصرف الصحي، وكلا المصدرين ذوا كلفة كبيرة.
[ هذا يقودنا الى معرفة تكلفة مد شبكة التوزيع بالمياه الصالحة للشرب في المملكة؟!
تطرقت بالتفصيل في كتابي الاخير الذي بادر مركز البحرين للدراسات والبحوث بطباعته في سبتمبر ٣٠٠٢ حول الى هذا الموضوع.
واشرت إلى ان كلفة استعذاب متر مكعب من مياه البحر قد تصل الى ٠٠٧ فلس اذا أخذ في الحسبان التكاليف الحقيقية للطاقة في السوق الدولية، وليس التكاليف الاسمية.
[ وما هي انعكاسات تراجع الوضع المائي على الاقتصاد المحلي بوجه عام، وعلى قطاع الزراعة بوجه خاص؟!
الارتفاع المتواصل في معدلات الاملاح في المياه الجوفية والتربة ادى الى تدني الانتاجية الزراعية بشكل كبير، فوفقاً للإحصاءات الرسمية تراجعت حصة وحدة المساحة للهكتار »١٠.٠ كليومتر مربع« المزروعة بالخضروات الى ٢٤.٠١ طن في عام ٩٩٩١ مقارنة بـ ٧٥.٢١ طن عام ٠٧٩١.
ومن الوجهة الاقتصادية، فإن واردات البحرين الزراعية بلغت ٧.٣٦ مليون دينار في عام ٢٠٠٢، بينما بلغ النمو السنوي ٤.٤٪ كمتوسط للفترة ٨٩٩١-٢٠٠٢ أما نصيب الفرد السنوي من الخضار فقد ارتفع من ٢.٥٧ دينار في عام ٨٩٩١ الى ٤.٥٩ دينار في عام ٢٠٠٢.
من جهة أخرى يتبين تراجع نصيب الفرد من الناتج الزراعي بشكل كبير مقارنة بدول عربية أخرى، حيث لم يتجاوز ٤٨ دولاراً في البحرين مقارنة بـ ٨٠٥ دولارات، في السعودية و٩٦٣ دولاراً في الامارات و٨٢١ دولاراً في قطر في عام ٣٩٩١ وفقاً لإحصاءات المنطقة العربية للتنمية الزراعية.
[ وما أبرز التحديات لمعالجة الوضع المائي؟!
بجانب الطلب الكبير على المياه والذي يتمثل في قطاع الزراعة، يعتبر الاستهلاك البشري »عدد السكان« أحد ابرز مسببات الازمة المائية نظراً لما يترتب عليه من متطلبات متنامية في مجال الخدمات والتجهيزات العامة، فقد تضاعف عدد السكان خلال ٦ عقود فقط ٢.٧ مرة، حيث ارتفع من ٠٧٩.٩٨ الف نسمة عام ١٤٩١ الى ٠٥٦،٤٠٦ نسمة عام ١٠٠٢ الأمر الذي ينطوي على تحديات مستقبلية كبرى وعلى الأخص في ظل غياب سياسة سكانية واضحة.
ويختتم عبدالحميد عبدالغفار حديثه بالقول:
الجانب الآخر هو البعد الاقليمي، فخزان الدمام الذي يوفر ٥٨٪ من المياه المنتجة في البحرين، ويحتوي على افضل نوعية للمياه الجوفية هو خزان »مشترك« حيث يمثل جزءاً صغيراً من الخزان الجوفي المسمى بالخزان العربي الشرقي، وعليه فبالرغم من كون خزان الدمام الأهم للبحرين من حيث النوع والكم، فإنه عرضة للاستنزاف الاقليمي اذ لا يمكن لدولة التحكم فيه منفردة.

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.