البحث عن قرية جد الحاج 1 من 2

البحث عن قرية جد الحاج 1 من 2
استطلاع اجرته – ياسمين خلف:
قد تسوقك الحاجة يوماً ما، للمرور علي شارع البديع، قاصداً اي جهة لحاجة في نفسك.. او لعمل.. وربما لزيارة صديق، او حتي الذهاب الي منزلك القابع في احدي المناطق القريبة من ذلك الشارع، فتقع عيناك علي لافتة خضراء تحمل اسم جد الحاج وقد لا تعيرها اي اهتمام!! فهي قرية كبقية القري الموجودة علي طول الشارع ذاته، ولكن هل دفعك الفضول يوماً للولوج داخلها والتعرف عليها عن كثب؟! ذلك ما احسسنا به فلم نتوانا دقيقة.. فكانت لنا هذه الزيارة.ساحل مقتول

شارع طويل، يصل الي كيلومترين من الشارع حتي الوصول الي القرية، وجانباه حفته النخيل والخضرة التي طالما افتقدها اهل المدن، بيوت من طين، وطريق ذو اتجاه واحد، علي ارض وعرة غير مسفلتة، اهلها الطيبون استقبلونا بحفاوة وترحيب، ابتسامتهم ناقصة، وفرحتهم لن تكتمل الا اذا ازيلت بعض همومهم، في قريتهم جد الحاج مررنا في الطرقات، وعيوننا تتنقل قبل كاميرتنا علي البيوت والساحل المقتول .. زفرات هنا وهناك وكانت اولها من محمد نجيب – 37 عاماً، فقال: لا يوجد غير شارعين رئيسيين مرصوفين، هما شارع 1427 وشارع 1438، ولقرب القرية من البحر، فالأرض مشبعة بالمياه، لدرجة اننا لو قمنا بحفر الأرض متراً واحداً لارتفعت المياه الي سطح الأرض!! ناهيك عن المستنقعات التي تتكون هنا وهناك وامام البيوت بعد تساقط الأمطار، حتي لو كانت أمطاراً شحيحة، كما ان مشكلة المجاري مشكلة يعاني منها اهالي القرية فالبلاعات تطفح فتلوث البيئة وتعرض ابناءنا الصغار للمشاكل الصحية، مكملاً.. انابيب صرف المياه معدومة في القرية، مما تسبب مستنقعات تحاصر بيوتنا لعدة ايام بل لعدة اسابيع، والطامة الكبري ان البلدية حركتها كحركة السلحفاة في شفط تلك المستنقعات مما يجعل المنطقة مليئة بالحشرات!!..
مسجد يتيم

عطية اسماعيل التقط خيط الحديث وقال بعدما اصر علي الذهاب بنا للمسجد لرؤيته.. لا يوجد غير مسجد صغير (يتيم) في القرية، ومساحته 35 X 34 متراً ولا يتسع للمصلين، كما انه يفتقر للمرافق، فهناك حمامان صغيران جداً والحمام يتسع لشخص واحد دون ان يلتفت يمنة او يسرة ولصغر مساحة المسجد، يصلي أهل القرية في شارع خارج المسجد بعدما يغلقون منفذ القرية.. متسائلاً: لم لا توفر لنا الاوقاف الجعفرية ارضاً لبناء مسجد يتسع للمصلين؟! بالاضافة الي ذلك لا يوجد مأتم للنساء، وان كان هناك اخر للرجال فهو صغير جداً ويغطي الحصير أرضه، وفي اغلب الاحيان يتركونه للنساء ليقمن فيه افراحهن واتراحهن، علي ان يتدبر الرجال امرهم في احد العرشان جمع عريش !!
ويعود عطية الي مسألة المنفذ الوحيد للقرية فيعلق.. تصوروا لو جاءت وزارة الاشغال وأرادت تعبيد الشارع او اجراء اي حفريات لأي غرض ما في المنطقة ماذا سيكون مصيرنا؟! فالمنفذ الوحيد للقرية سيغلق، ولن يخرج ولن يدخل احد للقرية، فلم لا يتم فتح منافذ اخري في شرق وغرب القرية ما دام ذلك ممكناً؟!
العناكب غزت البيوت

اقتربنا في هذه الاثناء للساحل، فأشار محمد نجيب باصبعه للبيوت القريبة منه، والتي كانت افضل حالاً بكثير من البيوت الداخلية، فقال وهو يشير لاحدها انظروا لهذا البيت الذي سكنه اهله قبل اشهر قليلة فقط، انظروا الي حاله اليوم، العناكب غزت جدرانه، والطلاء تدهور، ومصابيح المنزل اقتلعها الهواء، وهذا الساحل – لا زال الكلام علي لسان محمد نجيب – يفتقر لأدني مستويات النظافة والاهتمام، فالحشرات والبعوض والفئران تملأ البيوت القريبة منه، كما ان الصيادين من أهل المنطقة يطالبون بمرفأ لتسهيل عملهم، كما ونطالب بتسوير الساحل حماية لأطفالنا من أي حادث لا قدر الله .

مشكلة الإسكان
.. المشكلة الأم

وبصوت يحمل من التذمر الكثير قال حسن جاسم حمزة ، لم تصلنا اي مكرمات ولا اي خدمات كما وصلت غيرنا من أهل القري والمدن، فما هو السبب؟! فشوارع القرية تحتاج الي تعبيد، وهناك شارعان فقط معبدان، ومع ذلك فقد جار عليهما الزمن، وعفا عليهما الدهر وشرب، فقد رصفا منذ اكثر من 25 عاماً وهما بحاجة الي اعادة تعبيد، فتصوروا نحن نقوم بدفن الأرض وتبليطها من أموالنا الخاصة!!
وكانت لـ أمير حميد مداخلة اكد من خلالها علي ان مشكلة الاسكان هي المشكلة الأم لاهالي القرية، وباتت – وكما قال – تؤرق الكثيرين، فمعظم اهالي القرية من ذوي الدخل المحدود، ويعيشون تحت خط الحياة الكريمة، فالمنازل قديمة وآيلة للسقوط وضيقة وغير صالحة للسكن لافتقارها لأبسط مواصفات السلامة، ورغم كل ذلك فبعض البيوت تعود ملكيتها للآباء او مستأجرة، مختتماً كلامه.. هناك اكثر من 60 طلبا بين قسائم ووحدات سكنية، مضي علي بعضها اكثر من 12 سنة.. مؤكداً علي ان هناك منطقة مردومة شمال القرية بالقرب من الساحل، وقد وعد صاحب السمو ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة خلال زيارته للقرية انها ستكون للأهالي، ولكن للأسف لم تترجم تلك الوعود علي أرض الواقع بعد!! .

المنطقة مظلمة.. مخيفة

الانارة قليلة وان وجدت فهي موضوعة بطريقة عشوائية، بعيدة عن الدراسة والتخطيط السليم.. ذلك ما بدأ به سعيد محسن مكملاً: لتأتوا للمنطقة ليلاً لتروا بأم اعينكم مجمع 514 المظلم وشارع 1432 المعدوم الانارة، فالمنطقة هناك مخيفة فهي حالكة الظلمة.. كما تفتقر القرية للمرتفعات التي تحد من السرعة الجنونية لبعض الشباب المتهور، والذين يشكلون خطراً علي حياة الاطفال واهالي المنطقة علي حد سواء.. واقل ما يمكن قوله ان عمك اصمخ فكلما طالبنا بعمل مرتفعات في المنطقة، يكون الرد التجاهل وعدم النظر للموضوع بجدية.
بشهادة معمِّر..
الأرض لأهل القرية

حبيب عيسي هو الآخر تنهد تنهيدة اخرجت عناء السنوات الطويلة التي عاشها في القرية، والتي تصل الي 30 عاما ، فقال: بيتي قريب من المنطقة الزراعية، لذا فهو لم يسلم من غزو الفئران والحشرات التي ملأت المنزل، وعرضت حياة اطفالي للخطر، فبين الحين والآخر يصاب أبنائي بحساسية في اجسامهم، فيظلون يهرشون حتي يخرج الدم من اجسامهم الغضة.. ويعلق بقوله: نحن لسنا علي خارطة الخدمات، فقد شبعنا وعودا، والتي لا تسمن ولا تغني من جوع، فطريق 1438 مثلاً بعدما مللنا كثرة وعودهم لنا بتبليطه قاموا برصف جزء بسيط من الأرض لا يكفي مرور سيارة!! كما ان هناك منفذا واحدا للقرية، بعد ان ادعي احدهم ان المنفذ الاخر ملكه فتم اغلاقه.. يقول بعدما تجعدت ملامح وجهه من شدة الغضب: لقد اخذوا المنطقة بالقوة وادعوا انها لاجدادهم من غير وجه حق!!، فالأرض لأهالي القرية، وذلك بشهادة احد كبار السن في القرية، والذي وصل عمره قبل ان يتوفي 120 عاماً ، وأكد قبل موته بأن الأرض كانت تجمع فوق تربتها مقبرة وجامعا وبيوتا لأهالي القرية!!


2003-02-19

البحث عن قرية جد الحاج 1 من 2
استطلاع اجرته – ياسمين خلف:
قد تسوقك الحاجة يوماً ما، للمرور علي شارع البديع، قاصداً اي جهة لحاجة في نفسك.. او لعمل.. وربما لزيارة صديق، او حتي الذهاب الي منزلك القابع في احدي المناطق القريبة من ذلك الشارع، فتقع عيناك علي لافتة خضراء تحمل اسم جد الحاج وقد لا تعيرها اي اهتمام!! فهي قرية كبقية القري الموجودة علي طول الشارع ذاته، ولكن هل دفعك الفضول يوماً للولوج داخلها والتعرف عليها عن كثب؟! ذلك ما احسسنا به فلم نتوانا دقيقة.. فكانت لنا هذه الزيارة.ساحل مقتول

شارع طويل، يصل الي كيلومترين من الشارع حتي الوصول الي القرية، وجانباه حفته النخيل والخضرة التي طالما افتقدها اهل المدن، بيوت من طين، وطريق ذو اتجاه واحد، علي ارض وعرة غير مسفلتة، اهلها الطيبون استقبلونا بحفاوة وترحيب، ابتسامتهم ناقصة، وفرحتهم لن تكتمل الا اذا ازيلت بعض همومهم، في قريتهم جد الحاج مررنا في الطرقات، وعيوننا تتنقل قبل كاميرتنا علي البيوت والساحل المقتول .. زفرات هنا وهناك وكانت اولها من محمد نجيب – 37 عاماً، فقال: لا يوجد غير شارعين رئيسيين مرصوفين، هما شارع 1427 وشارع 1438، ولقرب القرية من البحر، فالأرض مشبعة بالمياه، لدرجة اننا لو قمنا بحفر الأرض متراً واحداً لارتفعت المياه الي سطح الأرض!! ناهيك عن المستنقعات التي تتكون هنا وهناك وامام البيوت بعد تساقط الأمطار، حتي لو كانت أمطاراً شحيحة، كما ان مشكلة المجاري مشكلة يعاني منها اهالي القرية فالبلاعات تطفح فتلوث البيئة وتعرض ابناءنا الصغار للمشاكل الصحية، مكملاً.. انابيب صرف المياه معدومة في القرية، مما تسبب مستنقعات تحاصر بيوتنا لعدة ايام بل لعدة اسابيع، والطامة الكبري ان البلدية حركتها كحركة السلحفاة في شفط تلك المستنقعات مما يجعل المنطقة مليئة بالحشرات!!..
مسجد يتيم

عطية اسماعيل التقط خيط الحديث وقال بعدما اصر علي الذهاب بنا للمسجد لرؤيته.. لا يوجد غير مسجد صغير (يتيم) في القرية، ومساحته 35 X 34 متراً ولا يتسع للمصلين، كما انه يفتقر للمرافق، فهناك حمامان صغيران جداً والحمام يتسع لشخص واحد دون ان يلتفت يمنة او يسرة ولصغر مساحة المسجد، يصلي أهل القرية في شارع خارج المسجد بعدما يغلقون منفذ القرية.. متسائلاً: لم لا توفر لنا الاوقاف الجعفرية ارضاً لبناء مسجد يتسع للمصلين؟! بالاضافة الي ذلك لا يوجد مأتم للنساء، وان كان هناك اخر للرجال فهو صغير جداً ويغطي الحصير أرضه، وفي اغلب الاحيان يتركونه للنساء ليقمن فيه افراحهن واتراحهن، علي ان يتدبر الرجال امرهم في احد العرشان جمع عريش !!
ويعود عطية الي مسألة المنفذ الوحيد للقرية فيعلق.. تصوروا لو جاءت وزارة الاشغال وأرادت تعبيد الشارع او اجراء اي حفريات لأي غرض ما في المنطقة ماذا سيكون مصيرنا؟! فالمنفذ الوحيد للقرية سيغلق، ولن يخرج ولن يدخل احد للقرية، فلم لا يتم فتح منافذ اخري في شرق وغرب القرية ما دام ذلك ممكناً؟!
العناكب غزت البيوت

اقتربنا في هذه الاثناء للساحل، فأشار محمد نجيب باصبعه للبيوت القريبة منه، والتي كانت افضل حالاً بكثير من البيوت الداخلية، فقال وهو يشير لاحدها انظروا لهذا البيت الذي سكنه اهله قبل اشهر قليلة فقط، انظروا الي حاله اليوم، العناكب غزت جدرانه، والطلاء تدهور، ومصابيح المنزل اقتلعها الهواء، وهذا الساحل – لا زال الكلام علي لسان محمد نجيب – يفتقر لأدني مستويات النظافة والاهتمام، فالحشرات والبعوض والفئران تملأ البيوت القريبة منه، كما ان الصيادين من أهل المنطقة يطالبون بمرفأ لتسهيل عملهم، كما ونطالب بتسوير الساحل حماية لأطفالنا من أي حادث لا قدر الله .

مشكلة الإسكان
.. المشكلة الأم

وبصوت يحمل من التذمر الكثير قال حسن جاسم حمزة ، لم تصلنا اي مكرمات ولا اي خدمات كما وصلت غيرنا من أهل القري والمدن، فما هو السبب؟! فشوارع القرية تحتاج الي تعبيد، وهناك شارعان فقط معبدان، ومع ذلك فقد جار عليهما الزمن، وعفا عليهما الدهر وشرب، فقد رصفا منذ اكثر من 25 عاماً وهما بحاجة الي اعادة تعبيد، فتصوروا نحن نقوم بدفن الأرض وتبليطها من أموالنا الخاصة!!
وكانت لـ أمير حميد مداخلة اكد من خلالها علي ان مشكلة الاسكان هي المشكلة الأم لاهالي القرية، وباتت – وكما قال – تؤرق الكثيرين، فمعظم اهالي القرية من ذوي الدخل المحدود، ويعيشون تحت خط الحياة الكريمة، فالمنازل قديمة وآيلة للسقوط وضيقة وغير صالحة للسكن لافتقارها لأبسط مواصفات السلامة، ورغم كل ذلك فبعض البيوت تعود ملكيتها للآباء او مستأجرة، مختتماً كلامه.. هناك اكثر من 60 طلبا بين قسائم ووحدات سكنية، مضي علي بعضها اكثر من 12 سنة.. مؤكداً علي ان هناك منطقة مردومة شمال القرية بالقرب من الساحل، وقد وعد صاحب السمو ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة خلال زيارته للقرية انها ستكون للأهالي، ولكن للأسف لم تترجم تلك الوعود علي أرض الواقع بعد!! .

المنطقة مظلمة.. مخيفة

الانارة قليلة وان وجدت فهي موضوعة بطريقة عشوائية، بعيدة عن الدراسة والتخطيط السليم.. ذلك ما بدأ به سعيد محسن مكملاً: لتأتوا للمنطقة ليلاً لتروا بأم اعينكم مجمع 514 المظلم وشارع 1432 المعدوم الانارة، فالمنطقة هناك مخيفة فهي حالكة الظلمة.. كما تفتقر القرية للمرتفعات التي تحد من السرعة الجنونية لبعض الشباب المتهور، والذين يشكلون خطراً علي حياة الاطفال واهالي المنطقة علي حد سواء.. واقل ما يمكن قوله ان عمك اصمخ فكلما طالبنا بعمل مرتفعات في المنطقة، يكون الرد التجاهل وعدم النظر للموضوع بجدية.
بشهادة معمِّر..
الأرض لأهل القرية

حبيب عيسي هو الآخر تنهد تنهيدة اخرجت عناء السنوات الطويلة التي عاشها في القرية، والتي تصل الي 30 عاما ، فقال: بيتي قريب من المنطقة الزراعية، لذا فهو لم يسلم من غزو الفئران والحشرات التي ملأت المنزل، وعرضت حياة اطفالي للخطر، فبين الحين والآخر يصاب أبنائي بحساسية في اجسامهم، فيظلون يهرشون حتي يخرج الدم من اجسامهم الغضة.. ويعلق بقوله: نحن لسنا علي خارطة الخدمات، فقد شبعنا وعودا، والتي لا تسمن ولا تغني من جوع، فطريق 1438 مثلاً بعدما مللنا كثرة وعودهم لنا بتبليطه قاموا برصف جزء بسيط من الأرض لا يكفي مرور سيارة!! كما ان هناك منفذا واحدا للقرية، بعد ان ادعي احدهم ان المنفذ الاخر ملكه فتم اغلاقه.. يقول بعدما تجعدت ملامح وجهه من شدة الغضب: لقد اخذوا المنطقة بالقوة وادعوا انها لاجدادهم من غير وجه حق!!، فالأرض لأهالي القرية، وذلك بشهادة احد كبار السن في القرية، والذي وصل عمره قبل ان يتوفي 120 عاماً ، وأكد قبل موته بأن الأرض كانت تجمع فوق تربتها مقبرة وجامعا وبيوتا لأهالي القرية!!


2003-02-19

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.