الأطباء يؤكدون تعرض الأهالي للأورام.. والمصانع في إزدياد .. المعامير.. جنة يغتالها التلوث (1 ـ 2)

الأطباء يؤكدون تعرض الأهالي للأورام.. والمصانع في إزدياد .. المعامير.. جنة يغتالها التلوث (1 ـ 2)تحقيق ـ ياسمين خلف:

اهالي قرية المعامير مهددون ومحاصرون، ذلك الاسر لا يمكن ان يفك بين ليلة وضحاها! فليس من خيار للاربعة آلاف نسمة الذين يسكنون تلك القرية سوي الجأر والشكوي خصوصا انهم باتوا تحت تهديد الامراض التي اخذت تفتك بأحبائهم واحدا تلو الاخر، ولربما اقترب الخطر منهم كذلك، ولكنه فضل ان يباغتهم فجأة!
فحسب آخر الاحصائيات التي اعدتها وزارة الصحة، وكانت في عام 2001، تبين ان هناك نحو 7380 حالة ورم، منها 172 حالة في قرية المعامير وحدها! ناهيك عن الامراض الاخري التي استشرت في القرية كأمراض القلب والجهاز التنفسي، بل وحتي الامراض العقلية التي كان للكثيرين نصيب منها، لدرجة ان البعض اخذ يوصم تلك القرية، بقرية المتخلفين عقليا !!
ليس ذلك سوي غيض من فيض مما يعاني منه اهالي تلك القرية، الذين اخذوا يضربون كفا بكف وهم ينظرون الي احبائهم وهم يحتضرون، موجهين اصابع الاتهام الي المصانع التي احاطت بهم من كل جانب، وكما لو كانت عقابا ابديا انزل عليهم.. حكاية قرية المعامير مع تلك المصانع طويلة علنا نوجز في هذه السطور بعض فصولها، ولاسيما الفصل النهائي من تلك الحكاية التي لم تختم بعد، الا ان بوادرها واضحة.
اعتقدنا ويعتقد الكثيرون غيرنا حتي اليوم، ان قرية المعامير التي هي واحدة من قري جزيرة سترة، لازالت اسيرة للبساطة والبدائية، ان جاز لنا التعبير عن نظرتنا السالفة، انها قرية يعيش ابناؤها في بيوت لاتزال جدرانها تتشبع برائحة الماضي، رغم وجود المصانع الكبري التي تحيطها من كل جانب… الا ان المفاجأة التي كانت في انتظارنا حالما وصلنا لتلك القرية غيرت من نظرتنا تلك مائة وثمانين درجة! فالبيوت قد اخذت طرازا حديثا والشوارع واسعة رغم تعرجاتها وعدم سفلتتها، وباختصار فهي قرية نموذجية لولا المنغصات التي حالت دون شهرتها بهذا الوصف!!
مدخل القرية لم يطرأ عليه اي تغيير منذ ثلاثين عاما ذلك ما قاله جاسم العصفور – الموظف بقسم الجوازات – والرئيس السابق لنادي المعامير خلال جولتنا معه في القرية، واسترسل في حديثه: للقرية منفذ واحد فقط، ولو اردنا الوصول الي قرية النويدرات وهي الاخري في جزيرة سترة، فعلينا سلك الشارع المؤدي الي الرفاع، وهو شارع بعيد بعض الشيء، فنضطر مرغمين لاختراق شارع المنطقة الصناعية لنصل في فترة زمنية اقل لقرية المعامير، علي الرغم من انه بقي لفترة طويلة بدون اضاءة وتجوبه الكلاب الضالة! ويعلق بأسي: انظري الي سيارتي هذه، فهي جديدة الا انها ومن كثرة استهلاكها علي هذا الشارع غير المسفلت اخذت تتدهور، وهو حالي وحال الكثيرين غيري!!

نريد أن نتنفس
القرية بكل جهاتها محاصرة بالمصانع، بل اخترقتها واغتصبت هواءها النقي، وعرضت الكثيرين من قاطنيها للامراض السرطانية، التي فتكت بالعديد منهم ولا تزال تفتك بالبقية الباقية منهم، وابنائي انا شخصيا اثنان منهم يعانيان من ضيق في التنفس! ففي الوقت الذي يزداد فيه الكوس الهواء في المنطقة تزداد ازمتنا لدرجة اننا لا نستطيع حتي التنفس بشكل طبيعي، ويمكن ان اصف لكم الرائحة بانها اشبه برائحة غاز المطبخ ! مانطلبه هو ان تتنفس بشكل طبيعي كغيرنا من البشر، لا ان نستنشق هواء ملوثا مشبعا بالغازات المحترقة، ناهيك عن الروائح المنبعثة من حظائر المواشي.

طرقنا أبواب المسئولين ولكن
ابسط واضعف الايمان هو تشجير المنطقة للحد من تلك الملوثات التي زادتها تلك الكراجات والمستنقعات سوءا علي سوئها.. والكلام للعصفور فاين اعضاء المجلس البلدي من هذه المشكلة؟ أليست بأيديهم صلاحيات تمكنهم من تشجير وتبليط الاراضي؟! نعم.. هناك رصيفان تم بناؤهما، ولكن حتي هذه اللحظات لم يتم تشجيرهما؟! ومن جهة اخري أليست هناك قوانين تحد من تداخل المناطق الصناعية مع المناطق السكنية، بالتأكيد الجواب ايجابي ولكن اين تفعيلها يا تري؟! نحن لا نريد كلاما مهندما بل فعلا مطبقا!
زرنا معظم الوزراء في المملكة، وتجاوب القلة منهم مع مشكلتنا، ومنهم وزير الكهرباء والماء الذي امر بإمداد المنطقة بالانارة خصوصا في تلك المناطق التي اطبق عليها الظلام الدامس، وغذي المنطقة بالمياه بعد انقطاعها عنها، تلك خطوات نشكرهم عليها، ولكننا نحتاج ايضا الي سفلتة الشوارع، وقوانين تمنع مرور الشاحنات داخل قريتنا، التي لم تسلم حتي من مياه الصرف الصحي التي اخذت تأتيها من المنطقة الصناعية لافتقار الاخيرة للمجاري.. وشبعنا نحن كقاطنين للمنطقة من الوعود التي اطلقتها وزارة الاشغال والتي منتنا بتبليط الاراضي، ولاسيما احد مهندسيها الذي وعدنا مرات كثيرة بالنظر لمشكلتنا بعد ان يزور المنطقة، ولم نجد اي تبرير يذكر لعدم زيارته، ولا ننسي كذلك جهود وزير البلديات والزراعة الدكتور محمد بن علي الشيخ الستري الذي اهتم بشكل خاص بقضايا سترة وفتح موضوعها للنقاش.

المستودعات الآثار

اثناء جولتنا التي اثارت في انفسنا نوعا من الحزن علي حال تلك القرية وحال قاطنيها، مررنا علي اكوام من مخلفات البناء والقاذورات التي لم تزلها شركة التنظيف، واذا بالعصفور يقطع دهشتنا بقوله: انظروا لتلك المستودعات التي هجرت منذ فترة، وبقيت كالاثار في القرية، لماذا لا يستفاد من تلك الاراضي لما هو في مصلحة قاطنيها، خصوصا ان تلك الخطوة ستحد من استشراء المصانع التي هي اساس مشكلتنا، والتي لن يمكن وضع حد لها الا بوقف اصدار الرخص الصناعية.. يتنفس الصعداء ويكمل: الرقابة الصحية شبه مفقودة، ولا بد من تدارك حال القرية قبل ان نبكي علي اطلالها، فكلنا مسئولون عن هذه البقعة الخضراء التي تحولت الي بقعة سوداء جراء المصانع التي احاطتها من كل حدب وصوب، فلا بد ان تقدم المصانع الدعم للحد من تلك الملوثات، خصوصا ان المنطقة السكنية باتت اصغر من حيث المساحة من المنطقة الصناعية.
وعودة للوعود الضبابية حمل العصفور اعضاء المجلس البلدي جزءا من المسئولية، عندما قال: المنطقة كانت افضل قبل تشريع المجلس البلدي، فاعضاؤه لم يقوموا باي عمل ملموس للمشكلة التي نحن بصددها! وان قاموا بدورهم فقد كان ذلك في مجال اقل اولوية، ومثال علي ذلك انهم اهتموا بالملاعب الشعبية الصغيرة، واهملوا وتناسوا الملعب الرئيسي لنادي المعامير والذي لا يمكننا ان نطلق عليه اسم ملعب لافتقاره لابسط المعايير، كما انهم قطعوا علي انفسهم عهودا بالمطالبة بحقوق ابناء القرية من تلك الشركات الكبري، التي لم تحترم صحتهم ، وبأقل الايمان ولو كان بالمطالبة ببناء حديقة او انشاء مظلات للطالبات في محطات وقوف الباصات، او انشاء نادي للمنطقة، وكل ذلك ذرته الرياح مع تسلمهم المناصب التي حلموا بها!!
أمراض غريبة
فاضل عباس حسين – طفل عمره لم يتجاوز الاثني عشر عاما، يعاني من مرض نادر، وحسب تشخيص الاطباء فقد اكدوا انه مرض ناتج عن التلوث بملوثات هوائية، يقول والده بعدما دخلنا الي غرفة ابنه وهو مستلق علي سريره وبيده جهاز واضعا اياه في رقبته.. هذا هو حال ابني كما ترون، لا يستطيع النوم من غير هذا الجهاز، فالمرض الذي يعاني منه نادر فهو يحدث لواحد من بين عشرين الف ولادة، ولولا الرعاية الفائقة التي توليه اياها والدته، لكان حاله اسوأ بكثير بحسب افادة الاطباء. قاطعنا الطفل فاضل بقوله: اريد ان اخرج من هذا المنزل لاخر بعيدا عن هنا، اريد ان اتنفس هواء عليلا خاليا من هذه الغازات .
خرجنا من غرفة هذا الطفل، ولا يزال عباس وهو اخصائي مدفوعات في وزارة المالية يقول: اخي هو الاخر احد ضحايا هذه المنطقة، فهو وعلي الرغم من كونه شخصا لايتعاطي المخدرات او المسكرات الا انه يعيش الساعات الاخيرة من عمره، كما اكد الاطباء، والسبب انه يعاني من تليف رئوي!!
وكأن قاطني هذه القرية يدفعون ضريبة استمرارية بقائهم وعيشهم فيها، فالشركات والمصانع اهم جيرانهم فجدران المصانع تقابل جدران بيوتهم مباشرة احدهم والذي رفع شكواه لصاحب احد المصانع رد عليه الاخير بقوله انه يملك ضمانات ووثائق تؤكد له ان مصنعه بعيد عن المنطقة السكنية، واخر اشتكي مرارا وتكرارا من وجود محطة مجاري ملاحقة تماما لجدار بيته والتي هي مصدر تلوث هوائي نتيجة للروائح النتنة المنبعثة منها فالاصوات المزعجة الصادرة منها، والتي تمثل قلقا كبيرا لهم، وخصوصا اثناء الفترة المسائية التي يطلبون فيها راحة بعد عناء يوم طويل في العمل.
وكانت المفاجأة من نصيبنا عندما صعدنا لسطح احد المنازل لرؤية المنظر العلوي للمنطقة، فالمصانع تحيطها سحابة سوداء، وتلال صفراء كبريت تبصرها العين من بعيد، والمصنع يمارس دوره كاملا دون اكتراث بالكبريت الذي قد يتطاير بفعل الهواء في الجو. سؤال: كيف هي صحة افراد هذه العائة التي هي اسيرة هذه المصانع كغيرها من الاسر؟؟
الامر لا يحتاج الي اجابة كما نظن.. ولكن هذا الحديث نستكمله في الجزء التالي من هذا التحقيق.

2004-04-08

الأطباء يؤكدون تعرض الأهالي للأورام.. والمصانع في إزدياد .. المعامير.. جنة يغتالها التلوث (1 ـ 2)تحقيق ـ ياسمين خلف:

اهالي قرية المعامير مهددون ومحاصرون، ذلك الاسر لا يمكن ان يفك بين ليلة وضحاها! فليس من خيار للاربعة آلاف نسمة الذين يسكنون تلك القرية سوي الجأر والشكوي خصوصا انهم باتوا تحت تهديد الامراض التي اخذت تفتك بأحبائهم واحدا تلو الاخر، ولربما اقترب الخطر منهم كذلك، ولكنه فضل ان يباغتهم فجأة!
فحسب آخر الاحصائيات التي اعدتها وزارة الصحة، وكانت في عام 2001، تبين ان هناك نحو 7380 حالة ورم، منها 172 حالة في قرية المعامير وحدها! ناهيك عن الامراض الاخري التي استشرت في القرية كأمراض القلب والجهاز التنفسي، بل وحتي الامراض العقلية التي كان للكثيرين نصيب منها، لدرجة ان البعض اخذ يوصم تلك القرية، بقرية المتخلفين عقليا !!
ليس ذلك سوي غيض من فيض مما يعاني منه اهالي تلك القرية، الذين اخذوا يضربون كفا بكف وهم ينظرون الي احبائهم وهم يحتضرون، موجهين اصابع الاتهام الي المصانع التي احاطت بهم من كل جانب، وكما لو كانت عقابا ابديا انزل عليهم.. حكاية قرية المعامير مع تلك المصانع طويلة علنا نوجز في هذه السطور بعض فصولها، ولاسيما الفصل النهائي من تلك الحكاية التي لم تختم بعد، الا ان بوادرها واضحة.
اعتقدنا ويعتقد الكثيرون غيرنا حتي اليوم، ان قرية المعامير التي هي واحدة من قري جزيرة سترة، لازالت اسيرة للبساطة والبدائية، ان جاز لنا التعبير عن نظرتنا السالفة، انها قرية يعيش ابناؤها في بيوت لاتزال جدرانها تتشبع برائحة الماضي، رغم وجود المصانع الكبري التي تحيطها من كل جانب… الا ان المفاجأة التي كانت في انتظارنا حالما وصلنا لتلك القرية غيرت من نظرتنا تلك مائة وثمانين درجة! فالبيوت قد اخذت طرازا حديثا والشوارع واسعة رغم تعرجاتها وعدم سفلتتها، وباختصار فهي قرية نموذجية لولا المنغصات التي حالت دون شهرتها بهذا الوصف!!
مدخل القرية لم يطرأ عليه اي تغيير منذ ثلاثين عاما ذلك ما قاله جاسم العصفور – الموظف بقسم الجوازات – والرئيس السابق لنادي المعامير خلال جولتنا معه في القرية، واسترسل في حديثه: للقرية منفذ واحد فقط، ولو اردنا الوصول الي قرية النويدرات وهي الاخري في جزيرة سترة، فعلينا سلك الشارع المؤدي الي الرفاع، وهو شارع بعيد بعض الشيء، فنضطر مرغمين لاختراق شارع المنطقة الصناعية لنصل في فترة زمنية اقل لقرية المعامير، علي الرغم من انه بقي لفترة طويلة بدون اضاءة وتجوبه الكلاب الضالة! ويعلق بأسي: انظري الي سيارتي هذه، فهي جديدة الا انها ومن كثرة استهلاكها علي هذا الشارع غير المسفلت اخذت تتدهور، وهو حالي وحال الكثيرين غيري!!

نريد أن نتنفس
القرية بكل جهاتها محاصرة بالمصانع، بل اخترقتها واغتصبت هواءها النقي، وعرضت الكثيرين من قاطنيها للامراض السرطانية، التي فتكت بالعديد منهم ولا تزال تفتك بالبقية الباقية منهم، وابنائي انا شخصيا اثنان منهم يعانيان من ضيق في التنفس! ففي الوقت الذي يزداد فيه الكوس الهواء في المنطقة تزداد ازمتنا لدرجة اننا لا نستطيع حتي التنفس بشكل طبيعي، ويمكن ان اصف لكم الرائحة بانها اشبه برائحة غاز المطبخ ! مانطلبه هو ان تتنفس بشكل طبيعي كغيرنا من البشر، لا ان نستنشق هواء ملوثا مشبعا بالغازات المحترقة، ناهيك عن الروائح المنبعثة من حظائر المواشي.

طرقنا أبواب المسئولين ولكن
ابسط واضعف الايمان هو تشجير المنطقة للحد من تلك الملوثات التي زادتها تلك الكراجات والمستنقعات سوءا علي سوئها.. والكلام للعصفور فاين اعضاء المجلس البلدي من هذه المشكلة؟ أليست بأيديهم صلاحيات تمكنهم من تشجير وتبليط الاراضي؟! نعم.. هناك رصيفان تم بناؤهما، ولكن حتي هذه اللحظات لم يتم تشجيرهما؟! ومن جهة اخري أليست هناك قوانين تحد من تداخل المناطق الصناعية مع المناطق السكنية، بالتأكيد الجواب ايجابي ولكن اين تفعيلها يا تري؟! نحن لا نريد كلاما مهندما بل فعلا مطبقا!
زرنا معظم الوزراء في المملكة، وتجاوب القلة منهم مع مشكلتنا، ومنهم وزير الكهرباء والماء الذي امر بإمداد المنطقة بالانارة خصوصا في تلك المناطق التي اطبق عليها الظلام الدامس، وغذي المنطقة بالمياه بعد انقطاعها عنها، تلك خطوات نشكرهم عليها، ولكننا نحتاج ايضا الي سفلتة الشوارع، وقوانين تمنع مرور الشاحنات داخل قريتنا، التي لم تسلم حتي من مياه الصرف الصحي التي اخذت تأتيها من المنطقة الصناعية لافتقار الاخيرة للمجاري.. وشبعنا نحن كقاطنين للمنطقة من الوعود التي اطلقتها وزارة الاشغال والتي منتنا بتبليط الاراضي، ولاسيما احد مهندسيها الذي وعدنا مرات كثيرة بالنظر لمشكلتنا بعد ان يزور المنطقة، ولم نجد اي تبرير يذكر لعدم زيارته، ولا ننسي كذلك جهود وزير البلديات والزراعة الدكتور محمد بن علي الشيخ الستري الذي اهتم بشكل خاص بقضايا سترة وفتح موضوعها للنقاش.

المستودعات الآثار

اثناء جولتنا التي اثارت في انفسنا نوعا من الحزن علي حال تلك القرية وحال قاطنيها، مررنا علي اكوام من مخلفات البناء والقاذورات التي لم تزلها شركة التنظيف، واذا بالعصفور يقطع دهشتنا بقوله: انظروا لتلك المستودعات التي هجرت منذ فترة، وبقيت كالاثار في القرية، لماذا لا يستفاد من تلك الاراضي لما هو في مصلحة قاطنيها، خصوصا ان تلك الخطوة ستحد من استشراء المصانع التي هي اساس مشكلتنا، والتي لن يمكن وضع حد لها الا بوقف اصدار الرخص الصناعية.. يتنفس الصعداء ويكمل: الرقابة الصحية شبه مفقودة، ولا بد من تدارك حال القرية قبل ان نبكي علي اطلالها، فكلنا مسئولون عن هذه البقعة الخضراء التي تحولت الي بقعة سوداء جراء المصانع التي احاطتها من كل حدب وصوب، فلا بد ان تقدم المصانع الدعم للحد من تلك الملوثات، خصوصا ان المنطقة السكنية باتت اصغر من حيث المساحة من المنطقة الصناعية.
وعودة للوعود الضبابية حمل العصفور اعضاء المجلس البلدي جزءا من المسئولية، عندما قال: المنطقة كانت افضل قبل تشريع المجلس البلدي، فاعضاؤه لم يقوموا باي عمل ملموس للمشكلة التي نحن بصددها! وان قاموا بدورهم فقد كان ذلك في مجال اقل اولوية، ومثال علي ذلك انهم اهتموا بالملاعب الشعبية الصغيرة، واهملوا وتناسوا الملعب الرئيسي لنادي المعامير والذي لا يمكننا ان نطلق عليه اسم ملعب لافتقاره لابسط المعايير، كما انهم قطعوا علي انفسهم عهودا بالمطالبة بحقوق ابناء القرية من تلك الشركات الكبري، التي لم تحترم صحتهم ، وبأقل الايمان ولو كان بالمطالبة ببناء حديقة او انشاء مظلات للطالبات في محطات وقوف الباصات، او انشاء نادي للمنطقة، وكل ذلك ذرته الرياح مع تسلمهم المناصب التي حلموا بها!!
أمراض غريبة
فاضل عباس حسين – طفل عمره لم يتجاوز الاثني عشر عاما، يعاني من مرض نادر، وحسب تشخيص الاطباء فقد اكدوا انه مرض ناتج عن التلوث بملوثات هوائية، يقول والده بعدما دخلنا الي غرفة ابنه وهو مستلق علي سريره وبيده جهاز واضعا اياه في رقبته.. هذا هو حال ابني كما ترون، لا يستطيع النوم من غير هذا الجهاز، فالمرض الذي يعاني منه نادر فهو يحدث لواحد من بين عشرين الف ولادة، ولولا الرعاية الفائقة التي توليه اياها والدته، لكان حاله اسوأ بكثير بحسب افادة الاطباء. قاطعنا الطفل فاضل بقوله: اريد ان اخرج من هذا المنزل لاخر بعيدا عن هنا، اريد ان اتنفس هواء عليلا خاليا من هذه الغازات .
خرجنا من غرفة هذا الطفل، ولا يزال عباس وهو اخصائي مدفوعات في وزارة المالية يقول: اخي هو الاخر احد ضحايا هذه المنطقة، فهو وعلي الرغم من كونه شخصا لايتعاطي المخدرات او المسكرات الا انه يعيش الساعات الاخيرة من عمره، كما اكد الاطباء، والسبب انه يعاني من تليف رئوي!!
وكأن قاطني هذه القرية يدفعون ضريبة استمرارية بقائهم وعيشهم فيها، فالشركات والمصانع اهم جيرانهم فجدران المصانع تقابل جدران بيوتهم مباشرة احدهم والذي رفع شكواه لصاحب احد المصانع رد عليه الاخير بقوله انه يملك ضمانات ووثائق تؤكد له ان مصنعه بعيد عن المنطقة السكنية، واخر اشتكي مرارا وتكرارا من وجود محطة مجاري ملاحقة تماما لجدار بيته والتي هي مصدر تلوث هوائي نتيجة للروائح النتنة المنبعثة منها فالاصوات المزعجة الصادرة منها، والتي تمثل قلقا كبيرا لهم، وخصوصا اثناء الفترة المسائية التي يطلبون فيها راحة بعد عناء يوم طويل في العمل.
وكانت المفاجأة من نصيبنا عندما صعدنا لسطح احد المنازل لرؤية المنظر العلوي للمنطقة، فالمصانع تحيطها سحابة سوداء، وتلال صفراء كبريت تبصرها العين من بعيد، والمصنع يمارس دوره كاملا دون اكتراث بالكبريت الذي قد يتطاير بفعل الهواء في الجو. سؤال: كيف هي صحة افراد هذه العائة التي هي اسيرة هذه المصانع كغيرها من الاسر؟؟
الامر لا يحتاج الي اجابة كما نظن.. ولكن هذا الحديث نستكمله في الجزء التالي من هذا التحقيق.

2004-04-08

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.