كتبت – ياسمين خلف: أين سنجد المتبرع؟! سؤال يطلقه المئات من الأهالي، وهم يرون أحباءهم طريحي الفراش، تفترسهم الآلام، وحياتهم على شفير موت محقق لا محالة »الا بمشيئة الله«، واغلبهم للأسف من الشباب او عائلي أسر، باتت مهددة بفقد عائلها الذي قد يكون الوحيد! لحظات إن وصفناها بالمرة او القاسية والعصيبة سنكون حتماً مقصرين في وصفها، فالوضع لا يعلمه حق المعرفة سوى من وقف حائراً بين طبيب وجد نفسه عاجزاً عن ايجاد مخرج للمريض الا بوجود متبرع يقدم اعضاءه ليحيي بها »إنسان«! فكرة التبرع بالأعضاء ان كانت رائجة عند نفر ليس قليل في مجتمع واع كمملكة البحرين، هل سيكون سائغاً لو طبق فعلياً وبشكل موسع؟! وهل سيمانع المواطنون من كتابة وصية تجيز الموافقة بالتبرع بأي عضو صالح، حال تعرضهم لا سمح الله للوفاة أو الموت دماغياً! ذلك ما طرحناه على طاولة النقاش مع ثلة من المواطنين، وكانت اجاباتهم تترجم روح العطاء لدى شعب البحرين، الذي جبل على حب الخير للغير كما يحبونه لأنفسهم.مستعدة للتبرع بأي عضو حال ما وجهنا لها سؤالنا، أجابتنا بتلقائية وبسرعة، نعم أنا مستعدة تماماً وفي اي وقت للتبرع بأي عضور صالح، فشعاري في الحياة »ما استحق ان يولد من عاش لنفسه فقط« بهذه الكلمات أدلت فاطمة التيتون -موظفة في القطاع الخاص بدلوها في الموضوع وتابعت وبنفس الحماس وقالت: وضعت هدفاً لي في الحياة، وهو باختصار الوصول الى قمة العطاء، ولذلك اتمنى فعلاً لو تتاح لي الفرصة للتبرع بأي عضو صالح لأي انسان بحاجة اليه، فحتى هذه اللحظات لم اعرف ولم اسمع عن مريض بحاجة لعضو ما، وان صادفته يوماً لن اتردد ولن ابخل به لنفسي. وواصلت »الفرح« وهو اللقب الذي احبت فاطمة ان تطلق به على نفسها: لا أجد اي ممانعة من الاقرار بهذا الرأي، وتدوينه كوصية او حتى الاشارة به عبر البطاقة السكانية كإقرار قانوني موثق، فأنا أنادي بالعطاء دائماً وابداً بكل اشكاله مادياً ومعنوياً، حتى وان كان ذلك العطاء كلمة، فـ »رُبَّ كلمةٍ أحيت صاحبها بعد الموت«. اشتريت »كلى« من الهند وبالمثل كان رأي علي مكي أحد المرضى، الذي احتاج قبل عشر سنوات لزراعة كلى، حيث وافق وبشدة التبرع بأي عضو سليم حال وفاته »لا قدر الله« او موته دماغياً، ومستعد ان يسجل ذلك في اوراق قانونية ورسمية، وجاء على لسانه: قبل عشر سنوات مررت بأزمة حقيقية عندما توقف علاجي بل توقفت حياتي على الحصول على متبرع، يضحي بكليته لأحيا، زوجتي كانت أول من تقدم للتبرع، ولكن لعدم مطابقة الأنسجة لم تتمكن من تقديم كليتها لأحيا، فلم أجد سبيلاً غير السفر، فتوجهت الى الهند، وهناك وجدت ضالتي، حيث حصلت على متبرع مقابل مبلغ مالي لا يقارن بحياتي. ويكمل: اليوم حالتي الصحية جيدة، فأنا مواظب على العلاج والرياضة، بالاضافة الى اهتمامي بنوعية الغذاء الذي اتناوله، يسكت برهة ليواصل: في نفس اليوم الذي اجريت فيه العملية، أجرت جارة لي عملية مماثلة الا انها لم تكن حريصة على غذائها والرياضة ففشلت العملية، يضحك ويختتم: قبل العملية لم ارزق بذرية، وبعدها مَن الله عليَّ بطفل عمره اليوم ست سنوات. لا نملك، ويمكننا التبرع وسائل الاعلام ورجال الدين لهم دور لا يمكن لأحدنا تجاهله في عملية التوعية بأهمية التبرع بالاعضاء فالكثير من المتوفَيْن دماغياً، يملكون اعضاء سليمة، ولن يضرهم شيء لو تبرعوا بها لأناس هم في حاجة أمس لها للحياة، تلك الكلمات قالها عارف عبدالقادر موظف في شركة المنيوم البحرين »ألبا«. وقال مسترسلاً: الفشل الكلوي على سبيل المثال متفشٍ بطريقة مريبة في مجتمع البحرين، وكم واحد منهم لجأ للخارج والى دول الغرب للحصول على من يتبرع لهم وان كان ذلك مقابل مبلغ من المال، قد يكون توفيره صعباً لدى أسر كثيرة خصوصاً تلك المعوزة التي تلجأ للقروض والاستدانة بل يلجئون الى الايادي البيضاء لمساعدتهم! فالقضية تتوقف كما أعتقد على درجة التوعية لدى المواطنين، ولوسائل الاعلام والمشايخ دور كبير، لتأثيرهم الكبير على الآراء، فلن يأخذ الأمر جهداً غير التوعية عبر الشاشة الفضية او عبر صفحات الجرائد، او الوقوف على المنابر الحسينية والمساجد عبر خطب الجمعة لبيان الأجر الكبير الذي يجنيه الفرد حال تبرعه لأخيه المسلم، فأنا من أشد المؤيدين لفكرة التبرع بالاعضاء، ومستعد للتبرع والوصية بذلك، فأعضاء الانسان ليست بملكه ولا يجوز له بيعها، فالله هو مالكها ويمكنه التبرع بها دون مقابلٍ مادي. واقترح عارف ان يكون هناك فحص طبي كامل للموظفين في القطاعين الخاص والحكومي، لاكتشاف اي مرض قبل استفحاله، لتسهيل عملية العلاج، مشيراً الى ان شركة »ألبا« توفره للموظفين بصورة دورية كل سنة أو سنتين، تبعاً لسن الموظف.تبرع بكبده لوالده أحمد ذو التسعة عشر ربيعاً، تبرع لوالده محمد سلمان الحواج المصاب بتليف في الكبد بـ ٥٦٪ من كبده، دون ان يبالي بعواقب ذلك على نفسه، فبعد عناء مع المرض، وبعد ان راجع عدة مستشفيات في مملكة البحرين وخارجها لم يجد الحواج ذو الخمسين عاماً سوى ابنه أحمد الذي تبرع بكبده، وبحسب المعلومات الطبية فإن الكبد هو العضو الوحيد في الجسم الذي يعود للنمو تلقائياً بعد اسبوعين فقط من اجراء العملية. واليوم الأب والابن في صحة جيدة بعد مرورهما بأزمة حقيقية، أمام مرض لا يعرف الرحمة ولا الرأفة ولكنه يخلق رجالا يتحدون الصعاب بقوة الإيمان. |
كتبت – ياسمين خلف: أين سنجد المتبرع؟! سؤال يطلقه المئات من الأهالي، وهم يرون أحباءهم طريحي الفراش، تفترسهم الآلام، وحياتهم على شفير موت محقق لا محالة »الا بمشيئة الله«، واغلبهم للأسف من الشباب او عائلي أسر، باتت مهددة بفقد عائلها الذي قد يكون الوحيد! لحظات إن وصفناها بالمرة او القاسية والعصيبة سنكون حتماً مقصرين في وصفها، فالوضع لا يعلمه حق المعرفة سوى من وقف حائراً بين طبيب وجد نفسه عاجزاً عن ايجاد مخرج للمريض الا بوجود متبرع يقدم اعضاءه ليحيي بها »إنسان«! فكرة التبرع بالأعضاء ان كانت رائجة عند نفر ليس قليل في مجتمع واع كمملكة البحرين، هل سيكون سائغاً لو طبق فعلياً وبشكل موسع؟! وهل سيمانع المواطنون من كتابة وصية تجيز الموافقة بالتبرع بأي عضو صالح، حال تعرضهم لا سمح الله للوفاة أو الموت دماغياً! ذلك ما طرحناه على طاولة النقاش مع ثلة من المواطنين، وكانت اجاباتهم تترجم روح العطاء لدى شعب البحرين، الذي جبل على حب الخير للغير كما يحبونه لأنفسهم.مستعدة للتبرع بأي عضو حال ما وجهنا لها سؤالنا، أجابتنا بتلقائية وبسرعة، نعم أنا مستعدة تماماً وفي اي وقت للتبرع بأي عضور صالح، فشعاري في الحياة »ما استحق ان يولد من عاش لنفسه فقط« بهذه الكلمات أدلت فاطمة التيتون -موظفة في القطاع الخاص بدلوها في الموضوع وتابعت وبنفس الحماس وقالت: وضعت هدفاً لي في الحياة، وهو باختصار الوصول الى قمة العطاء، ولذلك اتمنى فعلاً لو تتاح لي الفرصة للتبرع بأي عضو صالح لأي انسان بحاجة اليه، فحتى هذه اللحظات لم اعرف ولم اسمع عن مريض بحاجة لعضو ما، وان صادفته يوماً لن اتردد ولن ابخل به لنفسي. وواصلت »الفرح« وهو اللقب الذي احبت فاطمة ان تطلق به على نفسها: لا أجد اي ممانعة من الاقرار بهذا الرأي، وتدوينه كوصية او حتى الاشارة به عبر البطاقة السكانية كإقرار قانوني موثق، فأنا أنادي بالعطاء دائماً وابداً بكل اشكاله مادياً ومعنوياً، حتى وان كان ذلك العطاء كلمة، فـ »رُبَّ كلمةٍ أحيت صاحبها بعد الموت«. اشتريت »كلى« من الهند وبالمثل كان رأي علي مكي أحد المرضى، الذي احتاج قبل عشر سنوات لزراعة كلى، حيث وافق وبشدة التبرع بأي عضو سليم حال وفاته »لا قدر الله« او موته دماغياً، ومستعد ان يسجل ذلك في اوراق قانونية ورسمية، وجاء على لسانه: قبل عشر سنوات مررت بأزمة حقيقية عندما توقف علاجي بل توقفت حياتي على الحصول على متبرع، يضحي بكليته لأحيا، زوجتي كانت أول من تقدم للتبرع، ولكن لعدم مطابقة الأنسجة لم تتمكن من تقديم كليتها لأحيا، فلم أجد سبيلاً غير السفر، فتوجهت الى الهند، وهناك وجدت ضالتي، حيث حصلت على متبرع مقابل مبلغ مالي لا يقارن بحياتي. ويكمل: اليوم حالتي الصحية جيدة، فأنا مواظب على العلاج والرياضة، بالاضافة الى اهتمامي بنوعية الغذاء الذي اتناوله، يسكت برهة ليواصل: في نفس اليوم الذي اجريت فيه العملية، أجرت جارة لي عملية مماثلة الا انها لم تكن حريصة على غذائها والرياضة ففشلت العملية، يضحك ويختتم: قبل العملية لم ارزق بذرية، وبعدها مَن الله عليَّ بطفل عمره اليوم ست سنوات. لا نملك، ويمكننا التبرع وسائل الاعلام ورجال الدين لهم دور لا يمكن لأحدنا تجاهله في عملية التوعية بأهمية التبرع بالاعضاء فالكثير من المتوفَيْن دماغياً، يملكون اعضاء سليمة، ولن يضرهم شيء لو تبرعوا بها لأناس هم في حاجة أمس لها للحياة، تلك الكلمات قالها عارف عبدالقادر موظف في شركة المنيوم البحرين »ألبا«. وقال مسترسلاً: الفشل الكلوي على سبيل المثال متفشٍ بطريقة مريبة في مجتمع البحرين، وكم واحد منهم لجأ للخارج والى دول الغرب للحصول على من يتبرع لهم وان كان ذلك مقابل مبلغ من المال، قد يكون توفيره صعباً لدى أسر كثيرة خصوصاً تلك المعوزة التي تلجأ للقروض والاستدانة بل يلجئون الى الايادي البيضاء لمساعدتهم! فالقضية تتوقف كما أعتقد على درجة التوعية لدى المواطنين، ولوسائل الاعلام والمشايخ دور كبير، لتأثيرهم الكبير على الآراء، فلن يأخذ الأمر جهداً غير التوعية عبر الشاشة الفضية او عبر صفحات الجرائد، او الوقوف على المنابر الحسينية والمساجد عبر خطب الجمعة لبيان الأجر الكبير الذي يجنيه الفرد حال تبرعه لأخيه المسلم، فأنا من أشد المؤيدين لفكرة التبرع بالاعضاء، ومستعد للتبرع والوصية بذلك، فأعضاء الانسان ليست بملكه ولا يجوز له بيعها، فالله هو مالكها ويمكنه التبرع بها دون مقابلٍ مادي. واقترح عارف ان يكون هناك فحص طبي كامل للموظفين في القطاعين الخاص والحكومي، لاكتشاف اي مرض قبل استفحاله، لتسهيل عملية العلاج، مشيراً الى ان شركة »ألبا« توفره للموظفين بصورة دورية كل سنة أو سنتين، تبعاً لسن الموظف.تبرع بكبده لوالده أحمد ذو التسعة عشر ربيعاً، تبرع لوالده محمد سلمان الحواج المصاب بتليف في الكبد بـ ٥٦٪ من كبده، دون ان يبالي بعواقب ذلك على نفسه، فبعد عناء مع المرض، وبعد ان راجع عدة مستشفيات في مملكة البحرين وخارجها لم يجد الحواج ذو الخمسين عاماً سوى ابنه أحمد الذي تبرع بكبده، وبحسب المعلومات الطبية فإن الكبد هو العضو الوحيد في الجسم الذي يعود للنمو تلقائياً بعد اسبوعين فقط من اجراء العملية. واليوم الأب والابن في صحة جيدة بعد مرورهما بأزمة حقيقية، أمام مرض لا يعرف الرحمة ولا الرأفة ولكنه يخلق رجالا يتحدون الصعاب بقوة الإيمان. |
أحدث التعليقات