التصنيفات:مقالاتي في صحيفة الوقت

لا فقراء في البحرين!

ياسمين خلف كثيرا ما يتوارد على مسمعي من بعض معارفي أن البحرين لم يعد ذلك البلد الذي يعاني بعض من أهله من الفقر، متسائلين إن كان بالإمكان الحصول على بعضهم للتصدق عليهم، ولا يخفون سرا أنهم يضطرون لرمي ملابسهم ‘’الجديدة’’ وأجهزتهم الكهربائية لجهلهم بوجود من يقبلها ليتمكن من العيش، وكأنهم يعيشون في قوقعة بعيدة عن الواقع، وكأنهم لا يفتحون الصحف ولا يرون من دفعتهم الحاجة إلى الاستغناء عن ماء الوجه لسد رمق أطفال لا يفرقون بعد، بين ألم الجوع والقدرة على توفير لقمة عيش.
هناك عائلات لاتزال تنام لياليها من دون عشاء، ولا يذوقون الفواكه إلا من عيد إلى آخر، وكذلك بالنسبة إلى المكسرات التي باتت عندهم كنوع من الترف الذي لا يمكن توفيره إلا مرة أو مرتين في العام، وأطفالهم يذهبون المدارس بأحذية وحقائب رثة، وترى عباءات أمهاتهن السوداء مالت إلى الزرقة من كثرة ما غسلت، ومساكنهم قديمة وأخذت تتساقط عليهم وتتحول إلى برك ماء في الشتاء ولا حيلة لهم ولا قوة إذا كان العائل شخصا واحدا ولا يزيد راتبه عن 250 دينارا.
مشرفة اجتماعية قالت مرة إنها عندما كانت في مدرسة ابتدائية كانت الطالبات المحتاجات منهن لا يجدن حرجا من الاعتراف وببراءة بأنهن لم يتناولن العشاء ولثلاث ليال على التوالي وأنهن لا يلبسن الجديد من الثياب إلا في العيد إن استطاع أهاليهن توفيرها أيضا، فيما وجدت طالبات الثانوية يخجلن ولا يعترفن بأنهن كذلك على رغم الحاجة الماسة التي كانت واضحة عليهن، تقول إن بعض الطالبات لا يستطعن حتى توفير رسوم الحافلة للمشاركة في الرحلات فيمتنعن عن الحضور في يوم الرحلة، فيخسرن بذلك الحصص الأولى الدراسية السابقة لموعد الرحلة، أفبعد هذا نقول لا يوجد فقراء في البحرين؟
لمن لا يعرف إلى أن يذهب ليجد هؤلاء الذين غالبيتهم يتعففون ولا يقبلون المساعدة، عليه فقط أن يذهب إلى أي قرية من القرى ويسأل إن كان هناك من هو محتاج، وسيجد قائمة طويلة قد يكون أحدهم هو ذلك من سأله، كما وليعلم الجميع أن ما قد نراه لا يصلح للاستخدام فإنه بالنسبة إلى الغير نعمة كبيرة لا يمكنه توفيرها من خلال راتب زهيد.

كثيرا ما يتوارد على مسمعي من بعض معارفي أن البحرين لم يعد ذلك البلد الذي يعاني بعض من أهله من الفقر، متسائلين إن كان بال...

إقرأ المزيد »

روب بـ 25 دينــــــاراً

ياسمين خلف في لحظات ضعف الأب وأخذ يبكي حرقة، لا لفقد عزيز ولا لخسارة في تجارة، وإنما لعدم مقدرته على دفع كلفة روب التخرج لابنته، التي أنهت قبل أيام امتحاناتها النهائية، يقول بأن مديرة المدرسة خلقت دمعة في عيون ابنته وحسرة في قلبها، والعين بصيرة واليد قصيرة، فالراتب لا يسد رمق عائلته فكيف به أن يدفع 25 دينارا لروب تخرج يلبس لمرة ويجد بعدها مكانه في الخزانة، وإن كان المبلغ زهيدا بل وتافها لدى البعض، فإنه ليس بكذلك بالنسبة لأب محدود الدخل بل وقد يعيش تحت خط الفقر بحسب بعض المقاييس العالمية.
عجبا والله كيف يطاوع قلب مديرة تلك المدرسة أن تحرم بعضاً من طالباتها من حفلة التخرج، التي هي حلم كل طالبة مهما كان مستواها التحصيلي أو الاقتصادي، وبعيدا عن العواطف وبعقلانية بحتة كم يكلف روب التخرج حتى يطلب من كل طالبة 25 دينارا؟ فلا أعتقد أن الروب من تصميم مصمم عالمي ولا قماشه من النوع الانتيك مثلا، وكما نعرف جميعا بأن كل محل خياطة بعد أن يفصل عددا من الروبات يقدم بعضها من دون مقابل مادي، من قبيل100 مثلا و4 مجانا، نقول مثلا يعني، فيمكن أن تقدم تلك الروبات المجانية للطالبات ”الفقيرات” أو اللواتي لا يسعف أهاليهن الفرصة لتوفير هذا المبلغ، المبالغ فيه نسبيا إذ ما قيست بحسبه أجور أهاليهن. كما علمت ومن بعض الطالبات من مدارس مختلفة في المملكة فإن الروب المقرر لهن لا يتعدى ثمنه الـ 10 دنانير، بل وأن الطالبة غير المقتدرة يتم استدعاؤها عند المشرفة الاجتماعية كنوع من الخصوصية، لسؤالها إذ ما كانت قادرة على دفع نصف المبلغ، على أن تدفع المدرسة من موازنتها الجزء الأخر، بل قالت إحداهن إنها تقبل حتى 3 دنانير إن كان ذلك أقصى ما يمكنها دفعه، فلماذا هذه المدرسة بالذات التي لا تقبل إلا بـ 25 دينارا ”نوط ينطح نوط” وإلا فلتجلس الطالبة في منزلها ولا تشارك في الحفلة، فلا يسمح لأي طالبة المشاركة من دون ”الروب”.
المدرسة المعنية من أكبر المدارس الثانوية التي تحصل سنويا على تبرعات كبيرة من المؤسسات والشركات الخاصة، يعني وبالعربي الفصيح أين تذهب تلك الدنانير وهي لا تصرف على الطالبات المحتاجات، فالقرطاسية وباقي المستلزمات المكتبية والمدرسية تتكفل بها على ما أعتقد وزارة التربية والتعليم، يعني أي مدخول إضافي للمدرسة يجب أن يصرف على الطالبات المحتاجات وخصوصا أن الرسائل التي تبعثها المدرسة، وأي مدرسة للجهات الخاصة والأهلية وتستجدي منهم المساعدة ودعم المدرسة تدعي أنها ستعين به لتوفير بعض احتياجات الطلاب الفقراء منهم، ويكفي أن علمنا بأن طالبات محتاجات من المدرسة يعترفن ويخجلن أنهن لم يستلمن أي معونة شتاء من المدرسة منذ ثلاث سنوات، أي منذ أن وطأت أقدامهن هذه المدرسة، وأعتقد أن المديرة تدخرها لهن ليسافرن بها خلال الإجازة الصيفية، لتتحول المعونة من شتوية إلى صيفية.
* من اسرة تحرير ”الوقت”

في لحظات ضعف الأب وأخذ يبكي حرقة، لا لفقد عزيز ولا لخسارة في تجارة، وإنما لعدم مقدرته على دفع كلفة روب التخرج لابنته، ال...

إقرأ المزيد »

التكبر «عبادة»

ياسمين خلف أعتقد أن التكبر بات من الصفات التي يعتقد الكثيرون وللأسف أنها من علامات التمدن والرقي، وأنك ولتكن ”كشخة” عليك أن لا تعر من حولك اهتماما، وتنظر إلى من حولك وكأنهم ”حشرات” هكذا كانت تقول لي إحدى زميلاتي التي صدمني تعبيرها.
حقيقة أصاب بهستيريا ضحك وأنا أرى فتيات اليوم وكل واحدة منهن تمشي كما العروس مختالة وتنظر من طرف عينيها لمن حولها، وفي أحيان كثيرة بازدراء، وكأنما تقول في نفسها ليس من بينكم من هو في مستواي، ولا يعرفن بأن تلك التصرفات تزيدهن بشاعة لا جمالاً.
منذ كنا صغارا ونحن نسمع بأن الله لا يدخل الجنة من كان في نفسه مثقال ذرة من كبر، كنا نخاف من أن نكون أحدهم، فالذرة كما تعلمنا جزء لا يرى بالعين المجردة، فتعلمنا التواضع كي ندخل الجنة، ولكن في المقابل هناك مقولة تقول إن التكبر على المتكبر عبادة، وهذا ما لمسته شخصيا من خلال تعاملي مع عدد من وجدوا أنفسهم كالطواويس وليسوا من بني البشر، فكلما تكبروا، تكبر عليهم وستجدهم بعد فترة هم من سيتعامل معك بلا تكبر و”بآدمية”، لأنك إن تواضعت له تمادى فس ضلاله وإذا تكبرت عليه تنبه.
قريبة لي قالت ذات مرة، وهي إحدى ساكني الشقق بأنها طوال تواجدها في العمارة كانت تسلم على أحد جيرانها، الذي اعتقدت في بادئ الأمر أنه خجول ولا يبدأ بالسلام ”أبدا”، بل وخالته يعاني من مرض نفسي ما، فكانت هي من تبدأ بالسلام حتى علمت من باقي الجيران بأنه شخص متكبر ومترفع ”ولا ينزل نفسه للسلام” فتوقفت هي عن ذلك، تقول بأنه وحتى اللحظة عندما يمر عليها تحس بأنه ينتظر منها السلام؛ لأنه تعود على أن الغير هم من يبدأون بالسلام عليه أولا، باعتبار أنه الأعلى منزلة هكذا يظن على ما يبدو، إلا أنها لم تعد تعيره أي اهتمام ” فكلنا أبناء تسعة ” ولا يوجد من هو أفضل من آخر كما تقول.
هي ليست دعوة للتكبر، ولكنها دعوة للرجوع إلى النفس مرة أخرى ومحاسبتها، فليس هناك من هو أفضل من الآخر إلا بأعماله، والتي لا يمكن لأي منا تقرير أفضليتها إلا سبحانه، رحم الله والدي الذي دائما ما يردد بأن ليس من حق أي من البشر تحديد ما إذا كان فلان من أصحاب الجنة أو من أصحاب النار، فالله وحده هو من يعلم عن خوافيه وبواطنه، فلم التكبر على خلق الله يا ناس؟

أعتقد أن التكبر بات من الصفات التي يعتقد الكثيرون وللأسف أنها من علامات التمدن والرقي، وأنك ولتكن ''كشخة'' عليك أن لا تع...

إقرأ المزيد »

فتيات يتمرغن في الرذيلة

ياسمين خلف ترددت بدل المرة ألف في أن أخوض هكذا موضوع، ولكن ضميري أولا وواجبي المهني ثانيا يحتمان علي أن لا أسكت، فالموضوع خطير أكثر مما قد يتصوره البعض، فتيات هن في الأصل لم يزلن في عمر الطفولة وإن كن للأسف فقدنها وللأبد، يتمرغن في الرذيلة باسم الحب بعد أن أوهمهن إياه بعض الذئاب البشرية، كيف؟ هذا ما قالته لي إحدى الداعيات الإسلاميات.
هن كما أردفت خمس طفلات أي لا تتجاوز أعمارهن الحادية عشرة يقلن بأنهن واقعات في حب خمسة شبان في العشرينات من أعمارهم، ويذهبن معهم بالقرب من الشاطئ للتعبير عن هذا الحب، فيما قالت في حادثة أخرى إن طالبة في ذات العمر صارحتها بأنها لن تتمكن من الزواج في المستقبل بعد أن فقدت عذريتها على يد حبيبها الذي لا يزال يقيم معها علاقة غير مشروعة، فيما ستتمكن صديقاتها من الزواج لأنهن لم يزلن يحافظن على عذريتهن، وأن كن يقمن علاقات غير شرعية بـ 5 دنانير.
لن أستغرب إن استهجن البعض ما كتبت، ولكن هذه الحوادث بالفعل جاءت على لسان داعية إسلامية، ولا أبالغ إن قلت سردت لي عدداً من الحوادث الأخرى إلا أنني من شدة الصدمة التي أصبت بها لم أركز وهام تفكيري وفقدت القدرة على التركيز وربما نسيتها، لدرجة أنني كدت أتسبب في عدد من الحوادث المرورية في الطريق يومها، بل صدمت فعلا زميلاً لي في الصحيفة بالسيارة وأنا أفكر في وضع هؤلاء الفتيات المستدرجات، وأين أهاليهن عنهن، وكيف يجرؤن على خيانة ثقة أهاليهن، وماذا سيكون مستقبلهن؟ وسيل من الأسئلة التي حاصرتني والتي جرت الواحدة منها الأخرى.
الوضع الأخلاقي للأسف في تدهور، ولا أعتقد أن هناك من يختلف على ذلك، فكل الدلائل تعترف بذلك ومن دون خجل، ولكن على الأهالي بالدرجة الأولى الانتباه وحماية أبنائهم من السقوط في وحل الرذيلة، كما على الجهات الأمنية أن تشدد الرقابة على السواحل والأماكن التي يمكن أن تكون ستارا لمن لا يخافون الله، على أن تكون جزاءات من تسول لهم أنفسهم العبث بمستقبل وشرف البنات شديدة ورادعة ليكونوا عبرة لغيرهم.
لا أعرف ما الذي جر بذاكرتي للوراء وأنا في الثاني الإعدادي حيث صعقت وأنا في الفصل بأن إحدى زميلاتنا خطبت، وفي اليوم الثاني قيل لنا إنها تزوجت، ولا أبالغ إن قلت إنها في اليوم الثالث على التوالي سمعنا أن لها مولوداً، لم نكن نعي حقيقة كيف لزميلة لنا أن يهبها الله طفلاً ونحن لا، وإن كن طالبات اليوم لا يمثل لهن الأمر لغزا، ولكن لكيلا تتكرر حادثة هذه الطالبة لا بد من إيجاد الحلول، وأولها متابعة الأهل لبناتهن وأبنائهم، ‘’فبعد ما يفوت الفوت ما ينفع الصوت’’ كما قيل قديما.

ترددت بدل المرة ألف في أن أخوض هكذا موضوع، ولكن ضميري أولا وواجبي المهني ثانيا يحتمان علي أن لا أسكت، فالموضوع خطير أكثر...

إقرأ المزيد »

أطباء «بلا مشاعر»

ياسمين خلف فليتخيل كل منا نفسه محل بطلة هذه الحادثة عافاكم الله، التي قصدت أحد الأطباء بعد أن عانت لفترة ليست بالقصيرة من آلام المعدة، حيث لم يتوان ”الطبيب” من إخبارها وبأسلوب هزلي بأنها تعاني من السرطان، وطلب منها أن تسرع لإجراء عملية لاستئصال الورم من القولون، مؤكدا لها أنه ليس بأي مرض وإنما ”الخبيث”.
المرأة وهي أم ومتواضعة الثقافة انتفضت فرائصها، وأصيبت بحالة نفسية سيئة جدا، فقدت فيها أكثر من ثلاثين كيلوجراما من وزنها، تقول إن المرض الذي أتعبها لم يوهن قواها بقدر كلام الطبيب، الذي لم يراع حالتها النفسية السيئة أصلا من المرض، وكيف بها إذا ما علمت أنها مصابة بأحد الأمراض القاتلة، زوجها وإخوانها وأبناؤها نالهم من الهم ذاته وانتكست حالتهم الصحية وبدأوا يبكونها ليل نهار.
المضحك المبكي أنها عندما استفسرت منه عن العملية وبالتحديد عن مكان الجراحة وحجمها، أجابها بأن العملية تشبه بالضبط عملية ”فتح البطيخة” بل وقال بالحرف الواحد إنه سيفتح بطنها ويخرج أحشاءها ويستأصل ما يريد منه وأن الجرح سيكون من الرقبة وحتى البطن ”يا له من تشبيه، والأقرب إلى أفلام الرعب”.
المريضة هزتها الكلمات كما هزت أهلها الذين قرروا على وجه السرعة الاقتراض والسفر للعلاج في الخارج، فمن لا يراعي مشاعر المرضى لا يؤمن عنده الجسد، أجرت العملية في إحدى الدول العربية التي باتت مقصدا للبحرينيين، وعلى رغم الكلفة الباهظة والتي وصلت إلى 50 ألف دينار بحريني، إلا أنها راضية تمام الرضا ”الفلوس تروح وتجي لكن الصحة لا تعوض بثمن” تقول إن معاملة الطبيب العربي كانت مختلفة تماما، حيث طمأنها بأن العملية بسيطة ولا تحتاج منها كل هذا القلق، على رغم يقينها التام بأنه كان يخفي عنها الحقيقة، فهي تعلم أنه ورم خبيث، ولكن كانت تحتاج إلى من يدعمها نفسيا لا أن يقتلها نفسيا ويتسبب في انهيار أعصابها، فهي أم وإن لم تكن حياتها تهمها، فإنها حتما لا تتمنى اليتم لأبنائها.
للأسف على شاكلة هذا الطبيب الكثيرون ممن لا يراعون مشاعر المرضى، الذين هم في أمس الحاجة إلى الدعم النفسي من قبل الطبيب أكثر ربما من الأهل، فيجعل من المرض بسيطا وهينا في نظر المريض وإن كان الأخير يعلم حق اليقين بأنها قاتلة لا محالة، كما حدث لتلك المريضة.
ربما كثرة تعامل الأطباء مع مثل هذه الحالات، تلبد من مشاعرهم وتقسي قلوبهم، ولكن عليهم أن يعلموا أن الجزء الأكبر من علاج المرض يكمن في العلاج النفسي، وأن التسرع في تبليغ المرضى بحقيقة دائهم قد لا تنفع بقدر ما تضر، ألا يمكن التدرج في توضيح طبيعة المرض، وسبل التكيف والتعامل معه؟ كما من الأجدى أن يبلغ الأهل قبل المريض بنوع المرض خصوصا القاتل منه، فهم أدرى بالطرق الأسهل في إخباره بالمرض، فلربما فضلوا إخفاء اسم المرض، حفاظا على نفسية المريض، الذي سيخضع حتما للعلاج، تماما كما فعلت صديقتي مع والدتها المرحومة التي عانت من السرطان إلا أنها لم تبلغ بنوع المرض ولا اسمه كي لا تنهار ما تبقى لها من صحة.

* من أسرة تحرير الوقت

فليتخيل كل منا نفسه محل بطلة هذه الحادثة عافاكم الله، التي قصدت أحد الأطباء بعد أن عانت لفترة ليست بالقصيرة من آلام المع...

إقرأ المزيد »

الآسيويون بشر

ياسمين خلف
بدأ الجو في البحرين في سباقه المحموم في تسجيل أعلى درجات الحرارة، وبدأ اللاهوب ‘’يصلخ’’ جلودنا ويرهقنا، أسأل من يتطلب عمله الخروج للشارع ساعات الظهيرة ‘’الحارقة’’، فلا مكيف سيارة ينفع ولا الملابس القطنية تجدي، وحده التأفف من يشهد على فداحة الوضع الذي قد يأخذنا للحلم في وضع البحرين بالكامل في إطار زجاجي عازل للحرارة ‘’ومكيف بعد’’ والله يعيننا على شهر أغسطس/ آب حيث تسجل أعلى درجات الحرارة والرطوبة في المملكة.
لن يتغير الوضع طبعا فقدرنا أن يكون موقعنا الجغرافي قريب من أشعة الشمس، ولكن ‘’أرحم ترحم’’ فالآسيويون ممن يعملون في المنشآت والطرقات أكثر كما أعتقد من يذوق طعم تلك الحرارة والرطوبة، فمواد البناء والإسفلت وغيرها من المواد التي أجهلها تزيد من هذا الشعور، ومن واجب المقاولين القائمين على تلك المشروعات أن يوفروا على الأقل أدنى مواصفات الحماية لهؤلاء العمال من أشعة الشمس، إذ إن الإحصائيات المحلية تؤكد أن الغالبية العظمى من المصابين بضربات الشمس هم من الآسيويين. مشهد رأيته بأم عيني ولا أظنني سأنساه، حيث لم يجد عمال آسيويون مكاناً لأخذ قسط من الراحة غير حفرة في الأرض انتهوا لتوهم من حفرها، غطوا في سبات أشبه بالموت لا النوم، بعد أن غطوا وجوههم بخرقة بالية، متناسين الحرارة والرطوبة والغبار هنا وهناك، أليس بالإمكان مثلا توفير خيمة صغيرة لهؤلاء يتفيأون فيها ويأخذون قيلولة أو حتى يأكلون فيها غذاءهم، هل ستكلف تلك الخيمة المقاولين شيئا؟ ولم لا توفر لهم قبعات وملابس تتوافر فيها مواصفات السلامة، ولم لا توفر لهم السوائل الباردة التي تعوضهم عما يفقدونه في ساعات عملهم تلك.
هؤلاء العمال المغتربون لحفنة من الدنانير ‘’بشر’’ ولابد من النظر في وضعهم، فيومهم يبدأ مع مغادرة الطيور لأعشاشها، ولا يعودون إلى غرفهم الأشبه بعلب السردين حيث يتراصون فيها إلا مع انهيار قواهم، حيث إن أغلبهم يكابد ليضاعف أجره ويسترزق من هنا وهناك، ليتمكن من إرسال دنانير متواضعة إلى أهله، وكم واحد منهم فضل الموت باختياره وانتحر، على أن يواصل حياته بالوتيرة ذاتها.
مع ساعات المغرب تأتي الشاحنات لتقلهم إلى حيث مساكنهم، وهو مشهد آخر لابد من وضع حد له، عشرات يتراصون في خلفية الشاحنة المكشوفة، بعضهم لم يقاوم النوم من التعب فاستسلم له، فتجدهم يترنحون يمنة ويسرة، كلما دعس السائق الكابح، ماذا سيحدث لو تعرضت الحافلة لحادث أليس من المحتمل أن تسجل كارثة؟ كثيرا ما كنت أقرأ الكلام في عيونهم عندما أكون بالسيارة خلفهم ‘’وغالبا ما كنت أحاول أن أبتعد لأتحاشى المنظر’’ وكأنما يلعنون الدنيا التي جعلت منهم عمالاً بسطاء يستقلون الحافلة يوميا بعد أن تعصرهم الشمس وتستنفد ما بقي منهم من طاقة، ولنتذكر دوما بأننا جميعا مساءلون.

بدأ الجو في البحرين في سباقه المحموم في تسجيل أعلى درجات الحرارة، وبدأ اللاهوب ‘’يصلخ’’ جلودنا ويرهقنا، أسأل من يتطلب عم...

إقرأ المزيد »

تضرب بوحشية وأمام المديرة

ياسمين خلف حادثة طالبة الإعدادي اليتيمة التي تعرضت إلى ضرب مبرح على يد خالها في حرم المدرسة وداخل غرفة المديرة، قضية بل وجريمة لابد من الوقوف عندها، على رغم تبرير وزارة التربية والتعليم تصرف الخال – ولي أمر الطالبة – على أنه طبيعي لاستياء الخال من مستواها الدراسي كونها من الطالبات المهملات في الدراسة.
أولا وقبل كل شيء، الطالبة ما أن تدخل المدرسة فهي في عهدة وأمانة وزارة التربية ممثلة في المديرة أولا والمدرسات ثانياً، وعليهن حمايتها من كل ما قد تتعرض له، إلى أن تخرج من أسوار تلك المدرسة، ولا يحق لأي كان التعرض لسلامة الطالبة حتى وإن كانا والديها، إذا كان وجودهم يهدد حياتها أو سلامتها، ثانيا مهما كان حجم المشكلة التي قد قامت بها الطالبة، فإنه لا يبرر أن يقوم ولي أمرها بضربها ورطم رأسها بالجدار والباب وركلها، من يعلم فلربما كانت نهاية تلك الطالبة على يده، أو حتى على أقل تقدير إصابتها بعاهات مستديمة أو ارتجاج في المخ ناهيك عن الأثر النفسي السلبي الذي ستعاني منه طيلة حياتها وستفرغه فيمن حولها.
لا أخفي سرا أنني عندما تلقيت الخبر وأردت التحقق منه خمنت أن تكون المشكلة التي دفعت ‘’بالخال’’ لضرب ابنة أخته ‘’بوحشية’’ وهي اليتيمة مرتبطة بقضايا الشرف، وصعقت عندما علمت أنها مشكلة مرتبطة بتدني مستواها الدراسي، حري بالمديرة أو المشرفة الاجتماعية دراسة حالة الطالبة، على أقل تقدير بعد حادثة الضرب التي تعرضت لها، فالطالبة مراهقة في الصف الثاني الإعدادي أي لا يتجاوز عمرها الرابعة عشرة، وفقيرة ويتيمة وتعيش في كنف خالها الذي يبدو أنه يتعامل بلغة الضرب لا الكلام، وطبيعي أنها تمر بظروف تحتم عليها ربما التقصير في واجباتها المدرسية، والأجدى التعامل مع قضيتها بمهنية تربوية والأخذ بيدها لتتعدى الأزمة لا أن تفصل من المدرسة كما ورد إلينا ونفته وزارة التربية والتعليم.
كما أن إدارة المدرسة على ما أعتقد تأخرت كثيرا في لفت انتباه الأهل لمستوى ابنتهم الدراسي، فالامتحانات النهائية على الأبواب، ومن المفترض أن يلفتوا انتباههم قبل فترة مناسبة لسد الثغرات التي تعاني منها الطالبة، أو حتى مساعدتها عبر إدخالها في صفوف للتقوية، لا أن يأتوا بعد ما فات الفوت كما نقول بالعامية، ويريدوا منها أن تدرس المنهج بالكامل، كما علينا أن ندرك أن الناس قدرات ومن الظلم أن نطلب من جميع الطلبة أن يكونوا متفوقين.
من أسرة تحرير الوقت

حادثة طالبة الإعدادي اليتيمة التي تعرضت إلى ضرب مبرح على يد خالها في حرم المدرسة وداخل غرفة المديرة، قضية بل وجريمة لابد...

إقرأ المزيد »

الدين المعاملة يا «جماعة»

ياسمين خلف سلمان موظف بأحد المقاهي، ولو كانت لي السلطة لجعلت منه مدرسا لفنون التعامل مع الزبائن، أنموذجا حيا للشباب المكافح يعمل مساء ويدرس صباحا في الجامعة، ما لفت انتباهي منذ أن رأيته في المقهى حيث أكتب تقاريري الصحافية عادة، هو مدى شعبيته ومدى لطفه مع الزبائن ناهيك عن ابتسامته الدائمة، على عكس شريحة كبيرة من الموظفين في قطاعات واسعة تتطلب الاحتكاك بالزبائن.
وعلى النقيض من ذلك فقبل أيام فقط ‘’وهو مشهد طالما رأيته’’، كنت بأحد المجمعات التجارية، وكانت إحدى الزبونات ‘’مشتطة’’ وهائجة على البائعة، وكان واضحا من المشادة التي علا فيها الصوت أن البائعة لم تعر الزبونة أي اهتمام وبدلا من أن تجيبها على تساؤلها هزت رأسها بإيماءة دون حتى أدنى التفاتة، مما جعل الزبونة تشتط غضبا، وتقول لها ‘’ نفتخر أنكن يا بحرينيات تعملن في مثل هذه الوظائف ولكن للأسف لا تحترمن الزبون’’. مشهدان يعكسان النقيض في التعامل مع الزبائن، لا ينكر أحد أن الوظائف التي تتطلب احتكاكاً مع الناس هي من أصعب المهن، كما لا ننكر أن لكل منا مشاكله وهمومه التي قد تعكر صفو تفكيره وتمنع الابتسامة من الوصول إلى وجه، ولكن حري بهؤلاء الموظفين أن يعاملوا الزبون بطريقة أكثر احتراما، لا أن يكشروا في وجه الزبون وكأنه أحد الخصوم، أو يجيبوه على أي سؤال بفوقية وكأن ‘’يا أرض انهدي ما عليك أدي’’ كما يقول إخواننا المصريون. قد يكون بعض الموظفين حديثي العهد مع الوظيفة، متواضعي الخبرة في فنون التعامل مع الزبائن، فحبذا لو يتم إعداد دورات تكسبهم تلك اللياقة التي تمكنهم من كسب الناس كزبائن بل وكأصدقاء لا أن تنفرهم وتبعدهم عن المحل، على رغم أن ديننا الإسلامي يحث على ذلك دون الحاجة إلى دروس ووعظ، فالدين معاملة كما يقول نبينا محمد (ص)، ومع ذلك هناك المئات أمثال ‘’سلمان’’ ولكن أيضا علينا ألا ننكر أن هناك المئات أمثال تلك البائعة والذين هم بحاجة ماسة إلي أن يدركوا أهمية المعاملة اللطيفة مع الزبائن.

* من أسرة تحرير «الوقت»

سلمان موظف بأحد المقاهي، ولو كانت لي السلطة لجعلت منه مدرسا لفنون التعامل مع الزبائن، أنموذجا حيا للشباب المكافح يعمل مس...

إقرأ المزيد »

قروض صحية يا «بنوك»

ياسمين خلف أبو محمد وأمثاله كثيرون ضاقت به الوسيعة عندما علم أن زوجته وأم عياله تعاني من ورم في رقبتها، لم يعترض على قضاء الله وقدره ولكنه أراد أن يطمئنها بأخذها إلى إحدى العيادات الخاصة، ولو من قبيل زيادة الاطمئنان بعد فحوصات مجمع السلمانية الطبي، ولكن ظروفه المادية القاهرة جعلته ينكس رأسه خجلا وهو يطلب العون ولو بخمسين دينارا لفتح الملف والدخول على الطبيب وما سيتبعه من صرف للأدوية. المئات من ذوي المرضى يلجؤون إلى الصحف، وقصصهم تنشر على صفحات الصحف يوميا، أكثرهم يطلب العون المادي للعلاج في الخارج، والذي تصل مبالغه إلى الألوف، حتى يكاد الصحافي يفقد بصيص الأمل في الحصول على المتبرعين، وما أقلهم حقيقة في ظل تجاهل المؤسسات الكبيرة لنداءات المرضى الذين أنهكهم المرض ولا يجدون غير التشبث بالأمل وان كان ضئيلا.
حري بالبنوك أن تضيف إلى قائمة امتيازاتها أن تخصص قروضاً ‘’صحية’’ إن جاز لنا الإطلاق عليها، تتيح لذوي المرض الاقتراض لتوفير مبالغ للعلاج، على أن تكون بسيطة الفوائد، وذات أمد طويل، مراعاة لظروف المرضى وأهاليهم، قد ترى البنوك بأنه مشروع يهدد فوائدها وأرباحها، ولكن أكاد أجزم بأنها فكرة قد تدر على البنوك فوائد وتكسب لائحة جديدة من المتعاملين معها.
فالكثير من المواطنين تجدهم يتخبطون يمنة ويسرى يستلفون من هذا وذاك، ويطرقون أبواباً لولا الحاجة لما طرقوها، ويتقبلون الإهانات في أحيان أخرى، فقط ليشفوا قريبهم من المرض ويخففوا من معاناته وآلامه، أسألوا من مر بظروف كهذه، حتما ستجدون أن الحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى لمثل هذه القروض، شأنها شأن القروض الشخصية وتلك الخاصة بالبناء مثلا. وللعلم فقط هناك من يؤخر علاج فلذة كبده أو أحد والديه وعزيز له، لا تخاذلا وإنما فقط ليجمع من هذا وذاك بعض الدنانير، منهم (….. ) الذي تصارع ابنته الموت وهي التي لا تملك مريئاً ولا فتحة شرج وأجريت لها عدة عمليات في البحرين من دون جدوى، وعلاجها في الخارج كما أكد له الأطباء ها هنا.

* من أسرة تحرير الوقت

أبو محمد وأمثاله كثيرون ضاقت به الوسيعة عندما علم أن زوجته وأم عياله تعاني من ورم في رقبتها، لم يعترض على قضاء الله وقدر...

إقرأ المزيد »

لندخن إذا..!

ياسمين خلف

ياسمين خلف تراهنت مع زميل لي أن المدخن السلبي ‘’ المخالط للمدخنين ‘’ يتضرر أكثر من ذاك المدخن، إلا أنه أصر بأن المدخن هو من يتضرر كونه ممارساً لعادة التدخين ويدخل في جوفه الدخان لا ذاك المجاور له، ولم يقتنع إلا مع تأكيد نائب رئيس جمعية مكافحة التدخين البحرينية كاظم الحلواجي الذي قال إن المدخن يأخذ 15% من الدخان، فيما ينثف الدخان المحترق بنسبة 85 % للمجاورين له، وعليه فإن المدخن السلبي يتضرر أكثر من المدخن ذاته.
أي إن المدخنين يرتكبون جريمة في حق غيرهم دون أن يكون هناك قانون يجرم فعلتهم، بل أنهم يتمادون ويفرضون حقهم ‘’ في التدخين ‘’ على من حولهم، ضاربين بعرض الحائط كل توسلات غير المدخنين بالتوقف عن ذلك السلوك أمامهم، ولاسيما المرضى منهم، ممن يعانون من حساسية في الصدر أو العين مثلا، والأدهى والأمر أن آباء وأمهات للأسف يدخنون في حضور أبنائهم دون خوف على صحتهم أو حتى على الأقل الخوف من ممارستهم لنفس العادة في سنوات عمرهم الصغيرة ويبتلون بعادة يعرفون هم جيدا بأنها من أسواء العادات وأن أنكر بعضهم ذلك.
من منا لم ير أباً يدخن في السيارة وبجواره زوجته وأبناؤه والنوافذ مغلقة، ومن منا لم ير زوجاً مع زوجته في أحد المطاعم وهو ينثف الدخان في وجه زوجته وكأنه نسي أبسط أنواع الاحترام لمن شاركته حياته.
لا مجال للشك في أن هذه العادة لن أتمكن لا أنا ولا غيري من إيقافها، ولكن من أراد أن يرمي نفسه إلي التهلكة عليه ألا يجر من حوله إلي مستنقع الأمراض، فأنواع السرطانات المختلفة من سرطان الفم والبلعوم والرئة وتصلب الشرايين والسكتات الدماغية والقلبية ليست بالأمراض الهينة وأن كان كثرة تداول هذه المصطلحات جعلت منها مصطلحات عادية عند البعض، بل جعلت المدخنين يستهزئون بها ومن يحذرهم منها، بل كثير منهم يتحدى ويقول أهلا بالأمراض ولا للتوقف عن التدخين، وحري بهم أن يروا أولئك المبتلين بها وهم أسرى للشراشف البيضاء ينتظرون خاتمة أعمارهم في حسرة على ما جنته أيديهم.
بحق أعجبني قرار إحدى المؤسسات الصحافية الزميلة في فرض غرامة تصل إلى 20 ديناراً لمن يخالف الأنظمة ويدخن في الجريدة، فيما عدا الشرفات المطلة على الهواء الطلق، وكم أتمنى أن تفرض مثل هذه الغرامات في جميع الدوائر الحكومية والمؤسسات الأخرى كنوع من احترام حقوق الغير، أليست الحرية تنتهي عندما تصل إلى حرية الآخرين؟ كلنا نوافق على ذلك وعندما يأتي الأمر إلى التدخين تجد أنصاره يحاربون وبضراوة للوقوف دفاعا عن قاتلهم، زميل لي عندما عجزت عن نصحه وترجيه بالتوقف عن التدخين بحضوري قال هازئا ‘’ دخني يبه وفكينا ‘’ وأعتقد بأنه محق فالمدخن السلبي هو من يعاني أكثر من ذاك المدخن، فلندخن إذ لا رغبة فيه ولكن للتقليل من ضرره رغماً عنه.

ياسمين خلف تراهنت مع زميل لي أن المدخن السلبي ‘’ المخالط للمدخنين ‘’ يتضرر أكثر من ذاك المدخن، إلا أنه أصر بأن المدخن هو...

إقرأ المزيد »