ياسمينيات
هذه هي كربلاء
ياسمين خلف
لست أدري لم كلما جاء اسم الإمام الحسين بن علي ”ع” جالت في خاطري فكرة، بها عبرة، أعجز عن الكتابة عنها، ليس قصرا في ألفاظي ومعاني الكلمات في فهرسي، بل لأني موقنة بأني لن أوفي هذا الإمام حق قدره، فتشاغبني حينها العبرة، كيف لا وهو الشهيد العطشان الغريب بكربلاء، وهو المظلوم ابن بنت رسول لله. من قال عن ملحمة كربلاء إنها مدرسة لم يبالغ، فالشواهد تنطق بذلك، والسعيد منا من اتخذ منها قدوة، خذ مثلا على ذلك في رقي العلاقات الأسرية والإنسانية لأبطالها، فستجد أن التاريخ يحكي عن أناس قدسوا علاقة الأخوة وفي ذلك يضرب لنا أبو الفضل العباس مثالا صارخا على ذلك، عندما كان كالظهر لأخيه الأمام الحسين، حتى قال الأخير عندما قتل أخوه العباس ”الآن أنكسر ظهري وشمت بي عدوي” ليس ذلك فحسب فحتى على مستوى الألفاظ المستخدمة فستجد أن العباس لم ينادِ أخاه الأمام الحسين قط باسمه، احتراما لمكانته ولسنه، فيما عدا مرة واحدة طوال حياته عندما رفع الأمام الحسين رأسه على حجره في واقعة الطف فقال له ”أخي حسين، أدركني يا ابن والدي، عليك مني السلام يا أبا عبدالله”.
وهاهما الأمام الحسين وأخوه قمر بني هاشم – العباس- قد علموا من أراد أن يتعلم كيف هي علاقة الأخ بأخته، كيف هي المحبة والتقدير والاحترام الذي يجب أن يكون، فوقرا أختهما السيدة زينب – عليهم أجمعين السلام- وذادوا عنها وحرصوا على مشاعرها كأنثى، ولم ينكر التاريخ مواقف أخيهم الأمام الحسن ”ع” مع أخته العقيلة – ألم يخبئ الطست الذي تقيأ فيه دما وفلذة من كبده بعد أن دست إليه زوجته جعيدة بنت الأشعث السم في طعامه حتى لا تحزن عليه أخته زينب وتموت كمدا؟”
وإن ذكرنا أم المصائب زينب ”ع” وأخاها من أبيها العباس سنذكر كم هو جميل أن يكون للمرء منا عمة مثلها أو عم مثله، ألم تتكفل العقيلة بأيتام أخيها الحسين وتكون لهم اليد الحنون؟ ألم يستحِ أبو الفضل العباس أن يرجع لابنة أخيه ”سكينة” وهي الطفلة دون أن يلبي طلبها ويعود بالماء إليها بعد أن جفت حلوقهم ويبست ألسنتهم من شدة العطش؟ أونسينا حبيب بن مظاهر صاحب الرسول الأعظم ورفيق الأمام علي بن أبي طالب والذي جاوز عمره الخمسة والسبعين في واقعة كربلاء فأبى ألا يترك حفيد الرسول وحده في بوغاء الحرب فنصره حتى استشهد! ألم يضرب في ذلك مثلا لمعنى الصداقة والوفاء لمن نحب؟
وهاهو علي الأكبر ابن الحسين عليهما السلام قد ضرب مثلا للشاب البار المطيع لوالده، حيث أنه لم يدخل ساحة المعركة إلا بعد أن استأذن والده، في إشارة إلى أهمية طاعة الوالدين.
لواقعة الطف عبر ودروس لا تتوقف عند إحقاق الحق ونصرة الدين، فلها من الأبعاد ما هي أعمق وأدل، وإن كانت جميعها تعترف بأن الحسين رسالة يمكن أن تقرأ بطرق مختلفة وتفهم معانيها ورموزها بأشكال متعددة، فعظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب أهل البيت، عليهم جميعا منا سلام الله.
1446 الجمعة 21 صفر 1431 هـ – 5 فبراير 2010
ياسمينيات هذه هي كربلاء ياسمين خلف لست أدري لم كلما جاء اسم الإمام الحسين بن علي ''ع'' جالت في خاطري فكرة، بها عبرة، أعج...
أحدث التعليقات