” الآيلة” المأسوف على شبابه

ياسمينيات
«الآيلة» المأسوف على شبابه
ياسمين خلف

ياسمين خلف

سنوات طويلة عاشها فقراء هذا البلد في بيوتهم المتهالكة، والتي أغلبها يمكن أن نقول عنها بأنها خراب لا بيوت، يتقاسمون الغرف التي تتكدس فيها اللحوم مع الحشرات والقوارض، ولا أبالغ أبدا إذا قلت ذلك وأنا من دخل عشرات منها لأسباب صحافية، أغلب سكان تلك البيوت كانوا يتعففون ويحمدون الله بأن لهم سقفا يحميهم وإن كان مهترئا لا يصمد أمام القطرات القليلة من المطر، فينزف حتى يغرقهم، وفي الصيف تخنقهم الرطوبة والحرارة معا خصوصا مع وجود مكيف صمد سنوات وسنوات جاهدا في تبريد جدران لا ينفع معها إلا الهدم، والكثير من تلك البيوت كانت سببا في إصابة أهاليها بالأمراض ‘’ جلدية ، تنفسية وحتى النفسية لبعض منهم’’ ورغم كل ذلك بقوا في منازلهم تلك منتظرين فرجا لم يحسبوا أبدا أن يكون من الحكومة، فجاءت البشارة بمشروع ملكي لإعادة بناء البيوت الآيلة للسقوط وهو بحق مشروع يستحق الثناء والشكر، فمن كان يتوقع من أولئك الفقراء أن تتحول الجدران الرملية إلى أسمنتية ويتنفسون هواء خاليا من الرطوبة التي تشبعت بها جدرانهم فحسبوها قدرهم الذي لا مفر منه. تركوا بيوتهم فرحين غير متأسفين ومن ‘’ يعوف’’ أن يعود ويرى خرابته وقد تحولت إلى بيت لآدميين’’ ونزحوا إلى الشقق التي تعدهت الحكومة أن تدفع لهم بدل إيجارها والذي طبعا لا يزيد عن 200 دينار، إلا أنه ومع ارتفاع أسعار الإيجارات سلم الأهالي الأمر لله ، فالبدل لا يكفي وهم مضطرون ‘’وغصبا عنهم’’ أن يتحملوا فرق الإيجار وبدأوا منذ تلك اللحظات يختنقون من وضعهم الذي زاد سوءا على سوء ، فبعد أن كانوا يعيشون في بيوتهم الخاصة لا يحسبون للإيجار حسابا في ميزانياتهم، ولا يفزعهم طرق الأبواب خوفا من وجود صاحب الملك وراءها ، أخذوا يتوجسون خيفة ويحسبون لانقضاء الشهر ألف حساب ‘’ هم لاقين ياكلون عشان إجيهم هم الإيجار! ‘’ صبروا ولم ينالوا من صبرهم خيرا كما يقال وإنما نالوا الخيبة تلو الأخرى مع تقاذف مشكلة الموازنة التي لم يخططوا لها بالشكل المناسب، فانتهت قبل أن ينتهي المشروع، ولكن بعد ماذا ؟ بعد أن شردوا الناس من بيوتهم وأرهقوهم بديون الإيجارات المتأخرة .
ما نريد قوله إن المواطنين ليس عليهم تحمل تبعات وإخفاقات وفشل الجهات الرسمية، كانوا في بيوتهم أعزاء لا أذلاء كما هو حالهم اليوم، مهددون بالطرد والنوم على قارعة الشارع كل لحظة، هم في حيرة وضيق ولا مكان يؤويهم بعد أن أخلوا بيوتهم القديمة وسلموا مفاتيحها إلى الجهات الحكومية، والتي لن تصلح بعد هجرها لأشهر أو ربما سنوات للعيش فيها مرة أخرى، وأصحاب العقارات معذورون كل العذر فتلك الأملاك مصدر رزقهم ورزق عيالهم، وكما الغلاء عاصف على المستأجر فالمؤجر يذوق من المر ذاته، الوعود بانتهاء الأزمة طالت ومن المؤسف حقا أن نسمع بين الفينة والأخرى أن فلانا أو فلانة خرجت من بيتها على أمل العودة إليه وهو جديد وبدلا من أن تخرج من الشقة إليه خرجت إلى المقبرة من دون أن تتحقق أمنيتها، ولا نريد أن نسمع مرة أخرى أن امرأة بدأت تفقد صبرها وحاولت الانتحار بعد أن بلغت بأن ‘’ ملايين المشروع انتهت ‘’ وحلمها لايكاد أن يتحقق! أنسيتم امرأة المنامة ؟ من المعيب حقا أن تلوك الأيام بعضها والوضع كما هو عليه ويكفي إذلالا للمواطنين فأوجدوا المخرج لهذه المأساة بصرف الأموال في مكانها بدلا من التعذر من عدم وجود ‘’ خردة للمشروع’’.

العدد 1209 السبت 19 جمادة الثاني 1430 هـ – 13 يونيو 2009

ياسمينيات
«الآيلة» المأسوف على شبابه
ياسمين خلف

ياسمين خلف

سنوات طويلة عاشها فقراء هذا البلد في بيوتهم المتهالكة، والتي أغلبها يمكن أن نقول عنها بأنها خراب لا بيوت، يتقاسمون الغرف التي تتكدس فيها اللحوم مع الحشرات والقوارض، ولا أبالغ أبدا إذا قلت ذلك وأنا من دخل عشرات منها لأسباب صحافية، أغلب سكان تلك البيوت كانوا يتعففون ويحمدون الله بأن لهم سقفا يحميهم وإن كان مهترئا لا يصمد أمام القطرات القليلة من المطر، فينزف حتى يغرقهم، وفي الصيف تخنقهم الرطوبة والحرارة معا خصوصا مع وجود مكيف صمد سنوات وسنوات جاهدا في تبريد جدران لا ينفع معها إلا الهدم، والكثير من تلك البيوت كانت سببا في إصابة أهاليها بالأمراض ‘’ جلدية ، تنفسية وحتى النفسية لبعض منهم’’ ورغم كل ذلك بقوا في منازلهم تلك منتظرين فرجا لم يحسبوا أبدا أن يكون من الحكومة، فجاءت البشارة بمشروع ملكي لإعادة بناء البيوت الآيلة للسقوط وهو بحق مشروع يستحق الثناء والشكر، فمن كان يتوقع من أولئك الفقراء أن تتحول الجدران الرملية إلى أسمنتية ويتنفسون هواء خاليا من الرطوبة التي تشبعت بها جدرانهم فحسبوها قدرهم الذي لا مفر منه. تركوا بيوتهم فرحين غير متأسفين ومن ‘’ يعوف’’ أن يعود ويرى خرابته وقد تحولت إلى بيت لآدميين’’ ونزحوا إلى الشقق التي تعدهت الحكومة أن تدفع لهم بدل إيجارها والذي طبعا لا يزيد عن 200 دينار، إلا أنه ومع ارتفاع أسعار الإيجارات سلم الأهالي الأمر لله ، فالبدل لا يكفي وهم مضطرون ‘’وغصبا عنهم’’ أن يتحملوا فرق الإيجار وبدأوا منذ تلك اللحظات يختنقون من وضعهم الذي زاد سوءا على سوء ، فبعد أن كانوا يعيشون في بيوتهم الخاصة لا يحسبون للإيجار حسابا في ميزانياتهم، ولا يفزعهم طرق الأبواب خوفا من وجود صاحب الملك وراءها ، أخذوا يتوجسون خيفة ويحسبون لانقضاء الشهر ألف حساب ‘’ هم لاقين ياكلون عشان إجيهم هم الإيجار! ‘’ صبروا ولم ينالوا من صبرهم خيرا كما يقال وإنما نالوا الخيبة تلو الأخرى مع تقاذف مشكلة الموازنة التي لم يخططوا لها بالشكل المناسب، فانتهت قبل أن ينتهي المشروع، ولكن بعد ماذا ؟ بعد أن شردوا الناس من بيوتهم وأرهقوهم بديون الإيجارات المتأخرة .
ما نريد قوله إن المواطنين ليس عليهم تحمل تبعات وإخفاقات وفشل الجهات الرسمية، كانوا في بيوتهم أعزاء لا أذلاء كما هو حالهم اليوم، مهددون بالطرد والنوم على قارعة الشارع كل لحظة، هم في حيرة وضيق ولا مكان يؤويهم بعد أن أخلوا بيوتهم القديمة وسلموا مفاتيحها إلى الجهات الحكومية، والتي لن تصلح بعد هجرها لأشهر أو ربما سنوات للعيش فيها مرة أخرى، وأصحاب العقارات معذورون كل العذر فتلك الأملاك مصدر رزقهم ورزق عيالهم، وكما الغلاء عاصف على المستأجر فالمؤجر يذوق من المر ذاته، الوعود بانتهاء الأزمة طالت ومن المؤسف حقا أن نسمع بين الفينة والأخرى أن فلانا أو فلانة خرجت من بيتها على أمل العودة إليه وهو جديد وبدلا من أن تخرج من الشقة إليه خرجت إلى المقبرة من دون أن تتحقق أمنيتها، ولا نريد أن نسمع مرة أخرى أن امرأة بدأت تفقد صبرها وحاولت الانتحار بعد أن بلغت بأن ‘’ ملايين المشروع انتهت ‘’ وحلمها لايكاد أن يتحقق! أنسيتم امرأة المنامة ؟ من المعيب حقا أن تلوك الأيام بعضها والوضع كما هو عليه ويكفي إذلالا للمواطنين فأوجدوا المخرج لهذه المأساة بصرف الأموال في مكانها بدلا من التعذر من عدم وجود ‘’ خردة للمشروع’’.

العدد 1209 السبت 19 جمادة الثاني 1430 هـ – 13 يونيو 2009

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

One Comment on “” الآيلة” المأسوف على شبابه

  1. تعليق #1
    لن يكون هذا المشروع أفضل من غيره من المشاريع التي فشلت ، كمشروع توظيف العاطلين في عام 2001 الذي رصدت له ميزانية وقدرها 25 مليون دينار والمشروع الوطني للتدريب والتوظيف الذي رصدت له ميزانية وقدرها 30 مليون دينار ولم تحل مشكلة الجهل والبطالة .. ومشروع علاوة الغلاء الذي تتلكأ الأجهزة الرسمية فيه بينما الناس تعاني من ضنك العيش وارتفاع الأسعار ، هانحن قد وصلنا إلى منتصف العام ولم تصرف هذه الإعانة ..
    أبو زينب السبت 13 يونيو 2009
    تعليق #2
    أختي العزيزة السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة:
    نقراء فقط في الجرايد أنه سيقام مشروع للمواطنين ولكننا لانلمس شىء قي الواقع . لوكل الذي كتب في الجرايد نفذ لأصبحنا بخير # ولاكن لاحياة لمن تنادي.
    وشكرا لك
    أبوابراهيم السبت 13 يونيو 2009
    تعليق #3
    تحياتي

    عائلة خرجت من بيتها مع بداية عام 2006 ويدفع لها مائة دينار بدل ايجار وهي تدفع الباقي من جيبها علها تجد منزلها الذي هجرتة وهو في حال غير ذلك الحال ولكن الذي لم يكن في الحسبان انهم يجدوا ذلك المنزل وقد مضى عليه شهرا فقط منذ أن سكنوه بحاجة الى صيانة عاجلة، لك أن تتصوري سيدتي منزل جديد يسقط من حمامات ذلك المنزل من الطابق الاعلى الى الأسفل وكثرة الرطوبة البادية على جدرانة فهل بيت تم بنائه حديثا بحاجة الى صيانة عاجلة لولا أن يكون هناك تلاعب من قبل البعض من المقاولين مع وجود مهندسين يشرفون على تلك المباني …..أين الخلل ياترى.
    جعفر أبوادريس السبت 13 يونيو 2009
    تعليق #4
    مشروع البيوت الآيلة للسقوط من أنجح المشاريع وأثمنها للمواطنين البحرينيين وعلى من يشكك في هذا المشروع اللجوء لمن يملكون احصائيات لعدد المنازل التي تم هدمها واعادة بنائها …… كلامي هذا ليس دفاعا طرف معين ولكن الحقيقة تقال واذا قالوا بأن هذه من أبسط الحقوق فكلامهم صحيح لكن عدم الاعتراف بأن المشروع ناجح غير مقبول لكن تواصل المشروع يتطلب ضغط من جميع الأطراف بما فيها الصحف المحلية.
    الصفوي السبت 13 يونيو 2009
    تعليق #5
    يقولون احد الحكماء من سعادة المرء المسكن الواسع والزوجه الصالحه والعيش الهنئ فأذا هذه العوامل التى تجعل الشعوب تعيش فى رغدا وهناء فتكون الاجيال على موعد من الازدهار والابداع فى اوطانهم ولكن كما هو الحال الذى نعيشه فى ظل الواقع المرير وليس هناك مستحيلا فى التغيير ولكن يحتاج الى برلمان قوى مساند لمطالب الاسر المحتاجه فى التغيير فى التخطيط السكانى والعمرانى للمدن والقرى ولا بد من تخطيط شامل كسائر الدول التى سبقتنا فى هذا المجال
    يوسف بن خليفة آل بن على السبت 13 يونيو 2009
    تعليق #6
    طبيعي وشيئ متوقع وفوق المتوقع أن لاينجح في البحرين أي مشروع لحل المشاكل الإقتصادية والإجتماعية في البحرين ماذام هناك فئات تعمل على تزكية الفئوية والتمييز في هذه المشاريع وغياب التخطيط الطويل الأمد الذي عن طريقة تسد مقولة خلصة الميزاتية”الخردة”.
    بطبيعة الوضع الفساد الإداري المتفشي بقطاعات الدولة لايسمح لأي مشروع بالنجاح مع غياب دور هيئة الرقابة الإدارية والمالية.
    نشره على من يعني ولامن الديرة صارة تدار على البركة ومن سبق لبق ونطر يالفقير لما يجيك (الفرج) يعني الدور وبعدين يجيك الخب الحلوووووو خلصة الخردة أنتظروووو الفرج الجاي
    ويبقى الفقير يطرق الأبواب… يريد حلا والدولة لاحياة لمن تنادي -الجواب نفسه نفسة.
    شنو يسوي الفقير من القهر…يحقد حتى على نفسه.
    بعدين تسألون ليش يعتصمون على أبواب الوزارات ويحرقون التايرات ويأدون خلق الله بالشوارع.
    في النهاية هناك مشكلات تحتاج إلى وقفة صريحة من قبل جميع القوى الممثلة لأطياف الشعب وأن تترك جميع خلافاتها جانباً لتقول لا للتمييز والمحسوبة التي لازلنا نعاني منها تى يومنا هذا.
    أنا لا أدعو إلى المدينة الفاضلة لأفلاطون ولكننا ننشد أبسط مبادئها

    مع تحياتي القلبية للكاتبة
    ياسمين خلف بالتوفيق
    سند الأحد 14 يونيو 2009

    رد

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.