ألا يستحق هؤلاء التفاتة ؟!

ياسمينيات
ألا يستحق هؤلاء التفاتة؟!
ياسمين خلف

ياسمين خلف

لحظة، لا تقل إنها قضية أشبعت مطالبات ونداءات أشبه ما تكون بالصرخات الصادرة من صدور أنهكت من المرض والتعب، فلم تجد من يتفاعل أو حتى يتعاطف معها على أقل تقدير، وعلينا الكف عن نبشها بحجة أنه ”لا حياة لمن تنادي”، كما يقال، فالغبن الناتج عن عدم الإحساس المجتمعي بمدى نخر مرضي السكلر والثلاسيما بأجساد أبت أن تستسلم، قضية لها أبعاد وأبعاد، ما إن تلتفت لأحدها حتى تجد ثانيها يربت على كتفيك ويستدعيك للجهر به.
ها هم جميع الطلبة من جميع المراحل الدراسية قد أنهوا امتحاناتهم النهائية، لكن هل فكر أحدكم بمرضى السكلر والثلاسيما ومدى معاناتهم أثناء تأديتهم لتلك الامتحانات، التي وأن شبّهناها قلنا بأنها حرب ضروس دخلوا فيها ويعلمون بأنهم قد لا يرجعون منها منتصرين، فيفترسهم المرض قبل أن ينهوا الامتحانات! فإن كانت فترة الامتحانات فترة عصيبة على الأسوياء الأصحاء فما بالها على من يكون القلق النفسي سببا في إصابتهم بالنوبات المرضية التي تدخل عددا منهم إلى العناية المركزة، وتترك آخرين يتلوّون ألما على أسرّتهم، لا أبالغ أبدا في ذلك وأسالوا الأطباء؟ وهل فكرتم بهؤلاء الذين يقضون أياما وأياما على الأسرّة البيضاء في المستشفيات طوال العام الدراسي، وكيف يتمكنون من اللحاق بأقرانهم ومتابعة دروسهم ليتحصنوا للامتحانات؟ خصوصا أن بعض المدرسين لا يأبهون ولا يكترثون بإعادة الشرح لمن فاتهم الدرس، لا تهاوناً أو ”عيارة” من الطلاب وإنما لمرض لا يعرف للرحمة مكانا؟ وهل تعلمون بأن هذا المرض يسبب النسيان؟ نعم لا تستغربوا، هي معضلة لا يعرفها كثيرون فيلومون من يصاب بها، وذلك يعني للأسف بأن مرضى السكلر معرضين دون غيرهم من الطلبة لكثرة النسيان، والذي بلا شك سيؤثر سلبا على نتائج الامتحانات، أليست الأجوبة تعتمد على الحفظ أكثر من الفهم في مناهجنا وامتحاناتنا؟!
لا أقول لوزارة التربية والتعليم تغاضي عن درجات مرضى السكلر والثلاسيما ورفِّعيهم إلى مستويات أعلى دون وجه حق، فهذا لا يرضينا نحن ولا حتى المرضى أنفسهم، ولكن ما نطلبه هو مراعاتهم في فترة الامتحانات وخلال عملية التصحيح، بل وتذكرهم في خطة البعثات، فما أعرفه بأن رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة أمر في العام الماضي بتخصيص بعثات للمعاقين، فلِمَ لا يضمُّ إليهم مرضى السكلر والثلاسيما؟ ليس في ذلك حسدا ولا طمعا في كعك الغير، وإنما إحقاق للحق، فالمعاق إن كان قادرا على الاستمرار في الحضور طوال أيام الدراسة إلا فيما ندر، فإن مرضى السكلر أكثر تعرضا لنوبات أشبه بحالات النزاع مع الموت، مما يجعلهم مضطرين إلى التغيب والذي يدفعون ثمنه باهضا بتراكم الدروس والمحاضرات، بل وتراكم الامتحانات حتى ليضطروا إلى تقديم أكثر من امتحانين في اليوم الواحد للحاق بأقرانهم، وحصولهم على درجات جيدة في ظل قهرهم للمرض يعني التفوق وبامتياز مع مرتبة الشرف، أفبعد كل ذلك ألا يستحقون جزءاً من البعثات؟
نعم انتهت الامتحانات، ولكن لا يعني ذلك أبدا ألا نلفت انتباه المعنيين لتصحيح الأمر للسنوات الدراسية المقبلة فيما يخص اللجان الخاصة أثناء عملية تأدية الامتحانات في المدارس، أسمها ”لجان خاصة” ولابد أن تكون كذلك، فالمفروض أن تضم إليها مرضى السكلر والثلاسيما لكي يحظوا بوقت إضافي باعتبارهم من الفئات الخاصة والحالات الاستثنائية. لا نقول أعطوهم الإجابة ولكن هم بحاجة إلى توضيح وشرح للمطلوب من السؤال أكثر من الطلبة الأسوياء لكثرة تغيبهم وعدم انتظامهم الدراسي الذي بلا شك سيربكهم في تحديد المطلوب بالضبط من الأسئلة، هم ليسوا بحاجة إلى التفضل عليهم بما لا يستحقون، لكنهم بحاجة إلى الشعور بالاهتمام، هل ذلك كثير عليهم؟

العدد 1201 الجمعة 11 جمادة الثاني 1430 هـ – 5 يونيو 2009

ياسمينيات
ألا يستحق هؤلاء التفاتة؟!
ياسمين خلف

ياسمين خلف

لحظة، لا تقل إنها قضية أشبعت مطالبات ونداءات أشبه ما تكون بالصرخات الصادرة من صدور أنهكت من المرض والتعب، فلم تجد من يتفاعل أو حتى يتعاطف معها على أقل تقدير، وعلينا الكف عن نبشها بحجة أنه ”لا حياة لمن تنادي”، كما يقال، فالغبن الناتج عن عدم الإحساس المجتمعي بمدى نخر مرضي السكلر والثلاسيما بأجساد أبت أن تستسلم، قضية لها أبعاد وأبعاد، ما إن تلتفت لأحدها حتى تجد ثانيها يربت على كتفيك ويستدعيك للجهر به.
ها هم جميع الطلبة من جميع المراحل الدراسية قد أنهوا امتحاناتهم النهائية، لكن هل فكر أحدكم بمرضى السكلر والثلاسيما ومدى معاناتهم أثناء تأديتهم لتلك الامتحانات، التي وأن شبّهناها قلنا بأنها حرب ضروس دخلوا فيها ويعلمون بأنهم قد لا يرجعون منها منتصرين، فيفترسهم المرض قبل أن ينهوا الامتحانات! فإن كانت فترة الامتحانات فترة عصيبة على الأسوياء الأصحاء فما بالها على من يكون القلق النفسي سببا في إصابتهم بالنوبات المرضية التي تدخل عددا منهم إلى العناية المركزة، وتترك آخرين يتلوّون ألما على أسرّتهم، لا أبالغ أبدا في ذلك وأسالوا الأطباء؟ وهل فكرتم بهؤلاء الذين يقضون أياما وأياما على الأسرّة البيضاء في المستشفيات طوال العام الدراسي، وكيف يتمكنون من اللحاق بأقرانهم ومتابعة دروسهم ليتحصنوا للامتحانات؟ خصوصا أن بعض المدرسين لا يأبهون ولا يكترثون بإعادة الشرح لمن فاتهم الدرس، لا تهاوناً أو ”عيارة” من الطلاب وإنما لمرض لا يعرف للرحمة مكانا؟ وهل تعلمون بأن هذا المرض يسبب النسيان؟ نعم لا تستغربوا، هي معضلة لا يعرفها كثيرون فيلومون من يصاب بها، وذلك يعني للأسف بأن مرضى السكلر معرضين دون غيرهم من الطلبة لكثرة النسيان، والذي بلا شك سيؤثر سلبا على نتائج الامتحانات، أليست الأجوبة تعتمد على الحفظ أكثر من الفهم في مناهجنا وامتحاناتنا؟!
لا أقول لوزارة التربية والتعليم تغاضي عن درجات مرضى السكلر والثلاسيما ورفِّعيهم إلى مستويات أعلى دون وجه حق، فهذا لا يرضينا نحن ولا حتى المرضى أنفسهم، ولكن ما نطلبه هو مراعاتهم في فترة الامتحانات وخلال عملية التصحيح، بل وتذكرهم في خطة البعثات، فما أعرفه بأن رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة أمر في العام الماضي بتخصيص بعثات للمعاقين، فلِمَ لا يضمُّ إليهم مرضى السكلر والثلاسيما؟ ليس في ذلك حسدا ولا طمعا في كعك الغير، وإنما إحقاق للحق، فالمعاق إن كان قادرا على الاستمرار في الحضور طوال أيام الدراسة إلا فيما ندر، فإن مرضى السكلر أكثر تعرضا لنوبات أشبه بحالات النزاع مع الموت، مما يجعلهم مضطرين إلى التغيب والذي يدفعون ثمنه باهضا بتراكم الدروس والمحاضرات، بل وتراكم الامتحانات حتى ليضطروا إلى تقديم أكثر من امتحانين في اليوم الواحد للحاق بأقرانهم، وحصولهم على درجات جيدة في ظل قهرهم للمرض يعني التفوق وبامتياز مع مرتبة الشرف، أفبعد كل ذلك ألا يستحقون جزءاً من البعثات؟
نعم انتهت الامتحانات، ولكن لا يعني ذلك أبدا ألا نلفت انتباه المعنيين لتصحيح الأمر للسنوات الدراسية المقبلة فيما يخص اللجان الخاصة أثناء عملية تأدية الامتحانات في المدارس، أسمها ”لجان خاصة” ولابد أن تكون كذلك، فالمفروض أن تضم إليها مرضى السكلر والثلاسيما لكي يحظوا بوقت إضافي باعتبارهم من الفئات الخاصة والحالات الاستثنائية. لا نقول أعطوهم الإجابة ولكن هم بحاجة إلى توضيح وشرح للمطلوب من السؤال أكثر من الطلبة الأسوياء لكثرة تغيبهم وعدم انتظامهم الدراسي الذي بلا شك سيربكهم في تحديد المطلوب بالضبط من الأسئلة، هم ليسوا بحاجة إلى التفضل عليهم بما لا يستحقون، لكنهم بحاجة إلى الشعور بالاهتمام، هل ذلك كثير عليهم؟

العدد 1201 الجمعة 11 جمادة الثاني 1430 هـ – 5 يونيو 2009

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

One Comment on “ألا يستحق هؤلاء التفاتة ؟!

  1. نعم اختي الكريمة

    يعاونون مرضى السكلر الامرين

    المرض من جهة والخوف من تاخرهم الدراسي من جهة

    وصدقيني اختي الكريمة حوادث وقعت لدينا ومع ذلك هناك من يتفهم من المدرسات للحالة اللي عندنا والبعض يتذمر من تاخير تسليم درجاتها للادارة بداعي ان هذه المريضة لم تكمل متطلبات التقويم .. عجبي

    لابد من استثناءات

    شكرا اختي الكريمة
    المالكي الجمعة 5 يونيو 2009
    تعليق #2
    عزيزتي الكاتبة ياسمين خلف ، تحية سلام ومحبة وبعد

    في الحقيقة لقد بكيت عندما قرأت عمودك اليوم حول معاناة مرضى السكلر والثلاسيميا فترة الامتحانات وعدم المراعاة التي يلاقونها من المدارس والمجتمع بصفة عامة ، لانك لامست آلالام في قلبي فأنا أم لمريضة سكلر وأشعر بكل كلمة أشرت لها في المقال المذكور وأنا أتقدم لك بتحية تقدير خاصة وشكر من قلبي لأنك طرحت موضوع حول هذه الفئة المعذبة والتي تشكل نسبة كبيرة في المجتمع ، وأنا أتسآل هل غابت الرحمة من القلوب الى هذه الدرجة ؟ أي دور المجتمع في التكافل مع بعضه البعض ؟ أي دور وضمير رجال الأعمال في تبني هولاء ومساعدتهم في مواصلة دراستهم الجامعية التي تحتاج الى عناية خاصة ؟ أين الصحافة عنهم ستنشر هذه الأيام صور المتفوقين من الطلبة والطالبات من غير مراعاة أنه هناك مرضى سكلر قدموا الامتحان وهم تحت تأثير الأدوية والمسكنات يصارعون الألم من ناحية والضغوط التي يعانون منها من قصور بعض القدرات عن باقي أقرانهم

    لازلت أبكي وأنا أكتب اليك لانك فعلا تحدث عن أشخاص تآمر عليهم المرض والمجتمع وغابوا عن أذهان الكثيرين ممن هم في موضع المسئولية ، فلا رحمة ولامراعاة ولا تخصيص منح دراسية خاصة لهم تأخذ في الاعتبار حالتهم الصحية والنفسية

    رحلة طويلة من الألم طوال المراحل الدراسية مررت بها ابنتي وغيرها ممن هم يعانون مما تعاني وسأرفق لك مثال على أسلوب التعامل معهم في المدارس ومن قبل المربين والمربيات الفاضلات

    أكرر شكري وأرجو منك الكتابة مرة أخرى لعلم هناك من يستفيق من سبات الضمير

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    رباب الشهابي الأحد

    رد

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.