كانت تذهب إلي المدرسة وتتسلق الشجرة واليوم يرافقها كرسي متحرك:


هدي الأسيرة.. الصغيرة

كتبت ـ ياسمين خلف:

بداية، لم نتجاوز الحدود المنطقية والتعاونية بيننا وبين وزارة الصحة الموقرة في شأن التنسيق قبل النشر فقد وصل موضوع القضية التي بين ايدينا الي الوزارة، الا ان المبرر الوحيد الذي يمكن قبوله هو حالة الانشغال!!لا احد منا يرغب في اضعاف علاقة الثقة بين الاطباء والمرضي ولسنا هنا نبحث عن صفحات جديدة لفتح ملف خاص لاخطاء الاطباء وبقصص تدمي لها القلوب، وتدمع لها العيون، خصوصا اذا كانت الضحية زهرة لتوها ترتوي لتواجه الحياة.. بل برعما صغيرا لتوه يدرك ما حوله.. لان من المهم بالنسبة لنا تقوية العلاقة ولكن المهم ايضا حصول المواطن علي حقه في التعبير عن رأية وعرض ما واجه من متاعب للوقوف علي المهمل والمسيء لوظيفته. زلة قد تكون غير مقصودة لكنها علي الارجح تقضي عليها في مهدها.. هدي صالح الحايكي طفلة عمرها لا يتجاوز التسع سنوات، باتت لا تتحرك لا تتكلم ولا تلعب كأقرانها.. تري ما سبب ذلك؟!
صالح الاب يحكي لنا تفاصيل الحادث الذي بقي وستبقي اثاره علي ابنته وفلذة كبده يقول: كانت في الرابعة من عمرها عندما سقطت علي رأسها، اثناء لعبها في المنزل.. اغمي عليها.. اخذناها للمستشفي.. وبعد اجراء الاشعة اكدوا لنا بان كل شيء علي ما يرام.. فأخذتها مرة اخري للمنزل.. بعد فترة اخذت ترتعش.. نعم ترتعش وبشدة.. حملتها مسرعا قاصدا المستشفي… وكالعادة اخذوا لها اشعة.. ولا شيء جديد.. لم يعرفوا سبب ارتعاشها.. صرفوا لها ادوية داومت عليها.. ازدادت حالتها سوءا علي سوء.. ونحن مكبلي الايدي.. لا حيلة لنا. هدي تعاني من نوعا من انواع الصرع غير معروف علاجه حتي هذا اليوم.. فهناك مادة بيضاء في رأسها المتشنج.
العلاج في الخارج
ثلاث مرات اخذتها الي المملكة الاردنية الهاشمية للعلاج، وقد اكدوا لي هناك ان علاجها متوافر في المانيا.. حاولت ان احصل علي العلاج اللازم لها عن طريق وزارة الصحة.. الا انهم رفضوا مبررين ذلك علي ان العلاج متوافر ومتاح في البحرين؟! فلم السفر للعلاج في الخارج؟!!
وقد قال لي احد المسئولين حينها باني لم اكمل مع ابنتي العلاج في البحرين، فكيف لي ان اطلب حق العلاج في الخارج؟! فأجبته: انتم من قال انه مرض غريب ولا تعرفون علاجه!!
يرد علي بقوله اللامسئول: مثلا دعنا نأخذ عينة من ماء ظهرها لنجري عليه فحوصاتنا المخبرية.. رفضت.. ولكني رضخت في النهاية.. وليتني لم افعل.
لم أفقد الأمل
بعد ان اخذوا ذلك الماء من ظهرها.. تعبت وازدادت حالتها سوءا… والكرسي المتحرك هو آخر ما كان ينتظرها، فلم تعد تتحرك او تمشي كما السابق، لم افقد الامل.. دمعة متحجرة تلألأت في عينيه وهو يواصل حديثه: حاولت ان اوسط شخصا لاحصل علي حق ابنتي من العلاج في الخارج.. واكد لي احد المسئولين ان الامر متوقف علي تقرير احصل عليه من الطبيبة المعالجة، عرجت لمكتب الطبيبة وببرود قاتل ترشقني بكلماتها: لا يوجد لها علاج!! كيف لا يوجد؟! يتساءل الاب ويجيب علي نفسه: لقد بعثت بأوراقها للمستشفيات في ألمانيا وافادوا في تقاريرهم بان العلاج ممكن ونسبة الشفاء المحتملة من 60 الي 90% !! رجوت الطبيبة دون فائدة..
ظللت اذهب اليها واراجع احد المسئولين في وزارة الصحة بما يقارب عشر زيارات دون فائدة او اي بريق امل.
انا لا اقول انهم لم يبذلوا قصاري جهدهم، لكن من الممكن الآن ارسالها للعلاج في الخارج خصوصا ان ذلك ممكن!! بعد شد وجذب مع الطبيبة اعطتني تقارير لم تختلف عن تلك التي كانت في حوزتي، رجعت للمسئول بعدما يأست من تلك الطبيبة ، وانتظرته طويلا، وعندما رجع الي مكتبه عاملني بجفاء وكلمني بأسلوب حاد وقال لي وبالحرف: انهم لا يستطيعون علاج ابنتك!!.
وان اردت الشكوي اذهب وقدم شكواك، لن يفيدك في ذلك شيء البته!!
طلبت منه ورقة رسمية تفيد قوله.. فرفض !!
الموضوع ملغي!!
لجأت الي العلاقات العامة الذين قالوا لي بأن مكتب الوزير مفتوح للجميع، ولم اتوان عن ذلك فذهبت.. وكان مكتبه مغلقا!!
وقال لي السكريتر بانه لا توجد اي مواعيد مع الوزير لا للفترة الحالية ولا للفترة المقبلة!! ولكنه سيحاول الحصول علي موعد لي.
وكان ذلك قبل عيد الاضحي.. فسافرت.. وخلال سفرتي كنت اتابع الموضوع مع مكتب الوزير.. وكان الرد لاشيء جديد بعد.. وبعدها قال لي: ما دام الوزير لم يعلق علي الموضوع فاعتبر الموضوع ملغيا!!
أحمل الوزارة المسئولية
ابنتي هدي اليوم لا تقوي علي الحركة وهي اسيرة الكرسي المتحرك.. ولا تقوي حتي علي قضاء حاجتها.. ولا تستطيع الاكل بمفردها ولا حتي الكلام.. فهي كالطفل الذي ينتظر من غيره قضاء اموره بأكملها والا فلن يقضيها.. تذهب هدي اليوم إلي ادارة الرعاية والتأهيل الاجتماعي.. قلوبنا تتفطر ونحن نري ابنتنا ضحية تترقب ساعة الصفر.. يتساءل الاب وبحرقة: هل كتب علي المريض انتظار الموت؟! ألسنا بحرينيين من حقنا الحصول علي العلاج المناسب وان لم يكن متوافرا هنا في مستشفياتنا، أليس من حقنا الحصول علي العلاج في الخارج؟!
اي مضاعفات اخري ستصيب ابنتي سأحمل وزارة الصحة المسئولية.. فذهب الكثير من صحة ابنتي وتجرعت الالم والحسرة طويلا، ولن اغفر للوزارة هذا الذنب مهما حييت.

catfeat
2003-03-01


هدي الأسيرة.. الصغيرة

كتبت ـ ياسمين خلف:

بداية، لم نتجاوز الحدود المنطقية والتعاونية بيننا وبين وزارة الصحة الموقرة في شأن التنسيق قبل النشر فقد وصل موضوع القضية التي بين ايدينا الي الوزارة، الا ان المبرر الوحيد الذي يمكن قبوله هو حالة الانشغال!!لا احد منا يرغب في اضعاف علاقة الثقة بين الاطباء والمرضي ولسنا هنا نبحث عن صفحات جديدة لفتح ملف خاص لاخطاء الاطباء وبقصص تدمي لها القلوب، وتدمع لها العيون، خصوصا اذا كانت الضحية زهرة لتوها ترتوي لتواجه الحياة.. بل برعما صغيرا لتوه يدرك ما حوله.. لان من المهم بالنسبة لنا تقوية العلاقة ولكن المهم ايضا حصول المواطن علي حقه في التعبير عن رأية وعرض ما واجه من متاعب للوقوف علي المهمل والمسيء لوظيفته. زلة قد تكون غير مقصودة لكنها علي الارجح تقضي عليها في مهدها.. هدي صالح الحايكي طفلة عمرها لا يتجاوز التسع سنوات، باتت لا تتحرك لا تتكلم ولا تلعب كأقرانها.. تري ما سبب ذلك؟!
صالح الاب يحكي لنا تفاصيل الحادث الذي بقي وستبقي اثاره علي ابنته وفلذة كبده يقول: كانت في الرابعة من عمرها عندما سقطت علي رأسها، اثناء لعبها في المنزل.. اغمي عليها.. اخذناها للمستشفي.. وبعد اجراء الاشعة اكدوا لنا بان كل شيء علي ما يرام.. فأخذتها مرة اخري للمنزل.. بعد فترة اخذت ترتعش.. نعم ترتعش وبشدة.. حملتها مسرعا قاصدا المستشفي… وكالعادة اخذوا لها اشعة.. ولا شيء جديد.. لم يعرفوا سبب ارتعاشها.. صرفوا لها ادوية داومت عليها.. ازدادت حالتها سوءا علي سوء.. ونحن مكبلي الايدي.. لا حيلة لنا. هدي تعاني من نوعا من انواع الصرع غير معروف علاجه حتي هذا اليوم.. فهناك مادة بيضاء في رأسها المتشنج.
العلاج في الخارج
ثلاث مرات اخذتها الي المملكة الاردنية الهاشمية للعلاج، وقد اكدوا لي هناك ان علاجها متوافر في المانيا.. حاولت ان احصل علي العلاج اللازم لها عن طريق وزارة الصحة.. الا انهم رفضوا مبررين ذلك علي ان العلاج متوافر ومتاح في البحرين؟! فلم السفر للعلاج في الخارج؟!!
وقد قال لي احد المسئولين حينها باني لم اكمل مع ابنتي العلاج في البحرين، فكيف لي ان اطلب حق العلاج في الخارج؟! فأجبته: انتم من قال انه مرض غريب ولا تعرفون علاجه!!
يرد علي بقوله اللامسئول: مثلا دعنا نأخذ عينة من ماء ظهرها لنجري عليه فحوصاتنا المخبرية.. رفضت.. ولكني رضخت في النهاية.. وليتني لم افعل.
لم أفقد الأمل
بعد ان اخذوا ذلك الماء من ظهرها.. تعبت وازدادت حالتها سوءا… والكرسي المتحرك هو آخر ما كان ينتظرها، فلم تعد تتحرك او تمشي كما السابق، لم افقد الامل.. دمعة متحجرة تلألأت في عينيه وهو يواصل حديثه: حاولت ان اوسط شخصا لاحصل علي حق ابنتي من العلاج في الخارج.. واكد لي احد المسئولين ان الامر متوقف علي تقرير احصل عليه من الطبيبة المعالجة، عرجت لمكتب الطبيبة وببرود قاتل ترشقني بكلماتها: لا يوجد لها علاج!! كيف لا يوجد؟! يتساءل الاب ويجيب علي نفسه: لقد بعثت بأوراقها للمستشفيات في ألمانيا وافادوا في تقاريرهم بان العلاج ممكن ونسبة الشفاء المحتملة من 60 الي 90% !! رجوت الطبيبة دون فائدة..
ظللت اذهب اليها واراجع احد المسئولين في وزارة الصحة بما يقارب عشر زيارات دون فائدة او اي بريق امل.
انا لا اقول انهم لم يبذلوا قصاري جهدهم، لكن من الممكن الآن ارسالها للعلاج في الخارج خصوصا ان ذلك ممكن!! بعد شد وجذب مع الطبيبة اعطتني تقارير لم تختلف عن تلك التي كانت في حوزتي، رجعت للمسئول بعدما يأست من تلك الطبيبة ، وانتظرته طويلا، وعندما رجع الي مكتبه عاملني بجفاء وكلمني بأسلوب حاد وقال لي وبالحرف: انهم لا يستطيعون علاج ابنتك!!.
وان اردت الشكوي اذهب وقدم شكواك، لن يفيدك في ذلك شيء البته!!
طلبت منه ورقة رسمية تفيد قوله.. فرفض !!
الموضوع ملغي!!
لجأت الي العلاقات العامة الذين قالوا لي بأن مكتب الوزير مفتوح للجميع، ولم اتوان عن ذلك فذهبت.. وكان مكتبه مغلقا!!
وقال لي السكريتر بانه لا توجد اي مواعيد مع الوزير لا للفترة الحالية ولا للفترة المقبلة!! ولكنه سيحاول الحصول علي موعد لي.
وكان ذلك قبل عيد الاضحي.. فسافرت.. وخلال سفرتي كنت اتابع الموضوع مع مكتب الوزير.. وكان الرد لاشيء جديد بعد.. وبعدها قال لي: ما دام الوزير لم يعلق علي الموضوع فاعتبر الموضوع ملغيا!!
أحمل الوزارة المسئولية
ابنتي هدي اليوم لا تقوي علي الحركة وهي اسيرة الكرسي المتحرك.. ولا تقوي حتي علي قضاء حاجتها.. ولا تستطيع الاكل بمفردها ولا حتي الكلام.. فهي كالطفل الذي ينتظر من غيره قضاء اموره بأكملها والا فلن يقضيها.. تذهب هدي اليوم إلي ادارة الرعاية والتأهيل الاجتماعي.. قلوبنا تتفطر ونحن نري ابنتنا ضحية تترقب ساعة الصفر.. يتساءل الاب وبحرقة: هل كتب علي المريض انتظار الموت؟! ألسنا بحرينيين من حقنا الحصول علي العلاج المناسب وان لم يكن متوافرا هنا في مستشفياتنا، أليس من حقنا الحصول علي العلاج في الخارج؟!
اي مضاعفات اخري ستصيب ابنتي سأحمل وزارة الصحة المسئولية.. فذهب الكثير من صحة ابنتي وتجرعت الالم والحسرة طويلا، ولن اغفر للوزارة هذا الذنب مهما حييت.

catfeat
2003-03-01

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.