أبي.. هناك من يتحرش بي!!
كتبت – ياسمين خلف:
تم التحرش بابن السبع سنوات مرتين، من قبل نفس الشخص!! وهو بنغالي الجنسية، وبالقرب من منزلنا، وحق ابني مسلوب ولم أستطع حتي الآن استرداده!! ذلك هو ملخص معاناة مواطن ملأت صدره الحرقة علي ما حدث لابنه.
صَفَعْتهُ وأبلغتُ الأمن
يقول الأب وهو يعيد شريط الأحداث إلي ما قبل أربعة أشهر تقريبا، ان ابنه والمقيد بالصف الثالث الابتدائي قد جاءه شاكيا علي أحد البالغين القاطنين بالقرب من منزلنا، في أحد البيوت القريبة إلي ان تكون خربة، والمملوكة لأحد المواطنين، الذي أجّر المنزل للعمالة السائبة فري فيزا والذين يعاقرون الخمرة في أحيان كثيرة، يقول بعد ان اشتدت حدة لهجته: لم أتمالك نفسي عندما سمعت من فلذة كبدي بانه قد تعرض لتحرش وللمرة الثانية من ذلك البنغالي فذهبت إليه مباشرة وقمت بصفعه ، وبعدها قمت باستدعاء الأمن له، ولكن للأسف وقبل ان تأتي الشرطة إليه، جاءني صاحب المنزل البحريني ووجه لي سيلا من الإهانات والكلمات النابية، بل والطامة الكبري حدثت عندما طلبت الشرطة كفيل البنغالي وكان مسافرا وعلي الرغم من ذلك خرج من الحبس بكفالة صاحب المنزل الذي يحتل منصب …. وله نفوذ، والمضحك المبكي انني وحتي هذا اليوم في المحاكم، ولم أسترجع حق ابني المسلوب.
مكملاً حديثه: هناك أربعة بيوت، وفي كل بيت نحو 20 آسيويا، ويسببون قلقا دائما للمواطنين القاطنين بالقرب منهم، خصوصا ان ابني ليس الطفل الوحيد الذي تعرض لتحرش، فقد سبق وان تعرض عدد من الفتيات الصغيرات لتحرشات من قبلهم، والكارثة ان أهاليهن لم يبلغوا عن تلك الجرائم التي ارتكبت في حق بناتهن.
الانحرافات السلوكية في تزايد مستمر
نادر الملاح أخصائي تربوي يؤكد علي ان الاعتداءات والانحرافات السلوكية في المجتمعات عامة، وفي مجتمع البحرين خاصة في تزايد مستمر، الأمر الذي يؤدي إلي بروز حالة نفسية وتربوية واجتماعية غير صحية مبعثها الأساسي هو عدم الشعور بالأمن، فالشعور بالأمن والأمان أحد الحاجات النفسية الضرورية لأي فرد من أفراد المجتمع، بغض النظر عن سنه أو جنسيته، والافتقار لهذا الشعور يؤدي قطعا إلي حدوث حالات من الاضطراب النفسي والاجتماعي الذي يمكن ان يبرز في صور وأشكال متعددة، ويترك آثارا تربوية سلبية يمكن ان يدفع المجتمع وأفراده ثمنها باهظا.
ضحايا الاعتداءات والتحرشات الجنسية
ويحدد الملاح الأطفال الأكثر عرضة للوقوع كضحايا للاعتداءات والتحرشات الجنسية: أطفال ضحايا الاهمال الأسري بغض النظر عن دوافع ومسببات هذا الإهمال، كالانشغال الدائم من قبل الأبوين أو أحدهما، مما يترك فراغا تربويا في الجو الأسري، أو الجهل بالأساليب التربوية السليمة وعدم تحمل أحد الأبوين أو كلاهما للمسئوليات التربوية المنوطة بهما، مما يؤدي إلي افتقار الطفل الي الكثير من الخبرات والمعارف التي من المفترض ان يحصل عليها أو علي الأقل أهم أساسياتها، سواء من الوالدين أو من أحد أفراد الأسرة، فعدم وجود تلك الخبرات أو المعارف سوف يجعل منه فريسة سهلة للقوع في شرك المنحرفين وأصحاب الشذوذ السلوكي.
ويقع في المرصاد كذلك ضحايا التفكك الأسري طلاق، هجر، انفصال عاطفي بين الزوجين ، مما يترك آثارا نفسية وتربوية سلبية في نفس الطفل، فيلجأ لتعويض تلك السلوكيات الشاذة له بالمرصاد!!
وأبناء الأسر التي يضعف فيها الوازع الديني أيضا علي قائمة الضحايا فقد ثبت من خلال الدراسات والاحصاءات التي أجريت مؤخرا من قبل بعض المختصين في مملكة البحرين، ان الاعتداءات أو التحرش الجنسي الصادر من الأقارب يعود أهم أسبابه إلي ضعف الوازع الديني في الأسر، مما يقلل من الحشمة في المنزل، وينشر الأفكار التحررية ذات الأبعاد والمضامين المحركة للغريزة الجنسية في نفوس الأطفال والمراهقين، مما يجعل أمر الانحراف أو الوقوع ضحية للاعتداء أو التحرش أمرا سهلا وواردا!!
ويضيف الملاح : ولا أستثني أطفال الأسر التي تعاني من ضعف الوعي الاجتماعي والتربوي لإنتاجهم أسالب خاطئة في التربوية كالتدليل أو القسوة المفرطة أو التسلط الزائد أو ما شابه ذلك من أساليب تربية تدفع بالطفل للهروب من جو المنزل ولتتلقفه الأيدي النهمة، وقد تدفع الحاجة الماسة والفقر المدقع إلي ان يكون الطفل ضحية لمثل هذه السلوكيات الشاذة، لاستغلال حاجته للمال فهذه الفئات هي الأكثر عرضة للاعتداءات وان كانت هناك فئات أخري معرضة للاعتداء.
الأسرة.. ما المطلوب منها؟!
ومن أهم الإجراءات الوقائية والعلاجية التي للأسر دور كبير فيها: التعرف علي الاحتياجات الجسمية والنفسية الأساسية للطفل والمراهق واشباعها بالشكل السليم، والالتزام العملي للوالدين بالدين وتعزيز الوازع الديني في الأبناء ففاقد الشيء لا يعطيه ، ومن الضروري متابعة تصرفات الأبناء وسلوكياتهم داخل وخارج المنزل، مع عدم المساس بالحرية الشخصية التي يجب ان يتمتع بها الفرد، حتي يتسني للوالدين التنبه لأي بوادر شذوذ أو انحراف لدي الابن أو الابنة، فالاكتشاف المبكر يسهم بشكل إيجابي في علاج الحالة، مع عدم التردد في استشارة المختصين وأهل الخبرة، وعدم التواري وراء ستار العار أو الخجل المعززة للسلوك المنحرف والتي يطبع الطفل بطابع الانحراف والشذوذ، أو تدفع الأسرة لأن تجتهد في اتباع أساليب علاجية قد تكون خاطئة في الكم والكيف أو حتي التوقيت فتكون عواقبها وخيمة.
معتدي عليه.. كيف تعرف ذلك؟!
وجاء علي لسان الملاح هناك مجموعة من الأعراض الأولية التي يمكن للأسرة ان تتبين تعرض الطفل للاعتداء الجنسي لا سيما إذا كان الأمر قد وقع بالإكراه:
1- حدوث التغيرات السلوكية لدي الطفل بشكل عام بما يلفت النظر، وجود خلل أو تصرف غير معتاد من قبل الطفل.
2- ميل الطفل إلي العنف والعصبية والتوتر والهيجان لأبسط الأسباب علي غير عادته.
3- قد يلجأ الطفل لا شعوريا للبكاء دون وجود سبب ظاهر يستدعي بكاءه.
4- في بعض الحالات، يميل الطفل الضحية إلي العزلة والسكوت وعدم الرغبة في الاختلاط بالآخرين.
5- قد يلجأ بعض الأطفال إلي الهروب من المنزل لأكبر وقت ممكن كأن يقضي معظم يومه في الشارع أو مع أصحابه تحاشيا للالتقاء بأفراد الأسرة.
6- في بعض الحالات قد تظهر أعراض مرضية جسمية دون وجود خلل عضوي كالاضطرابات المعوية أو الصداع أو التعرق الشديد أو ما شابه ذلك وهي ما يعرف علميا باسم سيكوسوماتيك ديسيز وذلك نتيجة الكبت النفسي.
7- زيادة حالة القلق وعدم القدرة علي التركيز والتبول المستمر في الفراش علي غير عادة أي بمعني ان الطفل لم يكن يعاني بالأساس من مشكلة التبول في الفراش، وإنما تظهر هذه الحالة بصورة مفاجئة، هذا بالإضافة إلي اضطراب النوم.
وللمحامية فاطمة الحواج رأي، فهي تري ان تشديد العقوبة وحدها غير رادع، بل يجب ان تضييق حالة اسقاط العقوبة أو وقف تنفيذها أو اسقاط الحق العام فيها، ولا سيما ان قانون الإجراءات الجنائية الجديد، والذي سيعمل به في الأول من فبراير من العام الجاري 2003 أجاز فيه تنازل المجني عليه عن الجريمة، في حين ان قانون أصول المحاكمات الحالي يعتبره حق عام لا يجوز التنازل عنها. أما قانون المحاكمات الجزائية لعام 1966 فقد قررت المادة (125) من القانون المذكور مبدأ عدم جواز الأخذ بشهادة الطفل المجني عليه إلا إذا أيدت ببينة مستقلة مسترسلة بقولها: لقد نحي المشروع بعدم الاعتداد بشهادة الطفل الحدث منحي متشددا ما لم تتأيد ببينة مستقلة أخري، وهو أمر بلا شك يعيق إصدار أحكام بالإدانة ضد كثير من الجناة الذين لا تتوافر ضدهم أدلة أخري غير شهادة المجني عليه، معتبرين الشهادة في القانون بأنها مضمون الإدراك الحسي للشاهد بالنسبة للواقعة التي يشهد عليها، ومن هنا قد تكون شهادة مرئية أو سمعية أو ذوقية أو شمية، تبعا لإدراك الشاهد، فنحن لا ندرك فقط بحواسنا، ولكن هناك بعض العوامل التي تتداخل وتشارك الإدراك للحصول علي الصورة السليمة أو المهزوزة، فحالتا الإرهاق أو تقبل المزاج لهما نصيب كبير في الحصول علي الصورة الملاحظة، فيجب عند سماع الشهادة مراعاة سن المجني عليه، وكذا فان استعمال حاسة ما تخضع من جهة أخري للصحة العامة للفرد ولصحة العضو الحاس ذاته.
الاعتقاد الخاطيء
وتضيف المحامية فاطمة الحواج : ومن الاعتقادات الخاطئة ان الحقيقة تخرج من فم الأطفال، وذلك صحيح إذا ما كانوا يتحدثون عما يحدث في الحياة اليومية العائلية بقصد التسلية ولفت الأنظار إليهم، ولكن عندما يتعلق الأمر بالشهادة فان ذلك يختلف تماما إذ يجب ان نحترس من أقوالهم، إذ ان حصيلة اطلاعات الطفل في حياته الأولي تكون لا تقدم له سوي صورة خادعة وهمية لعالم غير حقيقي، خصوصا ان ذاكرته تختلط بالخيال، فلذا فهو لا يكذب بقصد الكذب، وإنما يخطئ، لذا فان لخبرة وتجارب الأطفال دور هام في الشهادة، كما ان للبينة تأثير في تكوين الطفل.
فالسيئ منها له نتائج علي كثير من النواحي الأخلاقية والصحية والنفسية.
الأطفال يختارون ضحيتهم بالصدفة
ونتيجة لوجود الأطفال تحت تأثير المحيطين بهم والرأي العام الموجه ضد شخص معين، نتيجة للاستجابات العديدة التي لم يراعِ فيها المحقق اختيار دقة أسئلته وحالة الطفل النفسية، فان ذلك قد يؤدي إلي ان يختار الطفل ضحيته بالصدفة التي يبنونها علي ما سمعوه منهم. إلا ان ذكاء القاضي، وفطنته وإلمامه بقواعد علم النفس فيه ضمانة كبري كي يستطيع ان يميز بين الشهادة الصحيحة والكاذبة، وبين الشهادة الطبيعية والملفقة التي يدلي بها الأطفال أمام المحقق. إلا انه وإنصافا للحق فان هذا لا يعني ان الطفل لا يستطيع ان يدلي بشهادة علي جانب كبير من الدقة لهذا من الضروري الاستعانة بالأخصائي النفساني للشهادة، لفحص أقواله في ضوء معايير الحقيقة.
وتؤكد المحامية الحواج إلي ان ظاهرة إساءة معاملة الأطفال وعلي الأخص الاعتداء الجنسي ظاهرة ليست حديثة في المجتمعات، بل كانت موجودة منذ القدم، إلا ان الحرية العامة الموجودة في الدولة بُعيد الإصلاحات جعلت ما هو ممنوع مباحا، كما وان الصحافة لعبت ولا زالت تلعب دورا في إظهاراها علي السطح.
ومن المؤسف عدم وجود دراسة تعطي معلومات أو مؤشرات عن حجم المشكلة، ولكن العاملين في مجال الطب النفسي وطب الأطفال وأقسام الحوادث ومراكز الشرطة والقضاء والقانونيين يلتمسون حجم المشكلة من خلال الحالات المحمولة إليهم. وقد حاولت لا يزال الكلام علي لسان المحامية فاطمة الحواج : حصر عدد القضايا المقيدة لدي وزارة العدل فوجدتها لا تمثل ظاهرة في عددها ولا في أحكامها بالإدانة، بل هناك العديد من القضايا التي أخذت أحكام البراءة وهذا يترتب عليه استبعادها من قضايا الاعتداء الجنسي تطبيقا لمبدأ المتهم بريء حتي تثبت إدانته وحتي نصل إلي أرقام حقيقية يتطلب تكاتف جهود كل المؤسسات الحكومية والمؤسسات غير الحكومية حتي يتم حصرها حصرا دقيقا، علما بان هناك العديد من القضايا التي لا تصل إلي الجهات المعنية لخوف الأهل من الفضيحة وكل ذلك يرجع لغياب وعي الأسرة.
الأولاد الأكثر تعرضا للاعتداءات
نعم.. الأولاد أكثر تعرضا للاعتداءات والتحرشات فهذه الجرائم منتشرة وبشكل مخيف في المدارس الحكومية لغياب الرقابة الحقيقية عليهم، كما ان خلط مدارس الأطفال الابتدائية مع الإعدادية سبب هام لانتشار هذه الجريمة فيما بينهم، إلي جانب العوامل الأساسية كالتفكك الأسري وصحبة السوء، والكارثة الأكبر ان أكثر الاعتداءات تكون من أقرباء الأطفال والذين من المفترض ان يكون الأطفال في مأمن معهم. لذلك شدد المشرع العقاب عليهم.
إلي متي؟
نعم إلي متي نسمع عن هذه القصص التي تقشعر لها الأبدان؟! إلي متي يتقمص الكثيرون وضع النعامة ليخبئوا وجوههم في الرمل ويدعون ان هذه الجرائم قليلة ولا تستدعي كل هذا اللغط؟! نريده فعلا تظافر الجهود للحد من هذه الجرائم، حتي لا يكون أحد أبنائنا لا سمح الله ضحية!!، حينها لن ينفع الصوت ما دام الفأس قد وقع علي الرأس!!
catfeat
2003-01-20
أبي.. هناك من يتحرش بي!!
كتبت – ياسمين خلف:
تم التحرش بابن السبع سنوات مرتين، من قبل نفس الشخص!! وهو بنغالي الجنسية، وبالقرب من منزلنا، وحق ابني مسلوب ولم أستطع حتي الآن استرداده!! ذلك هو ملخص معاناة مواطن ملأت صدره الحرقة علي ما حدث لابنه.
صَفَعْتهُ وأبلغتُ الأمن
يقول الأب وهو يعيد شريط الأحداث إلي ما قبل أربعة أشهر تقريبا، ان ابنه والمقيد بالصف الثالث الابتدائي قد جاءه شاكيا علي أحد البالغين القاطنين بالقرب من منزلنا، في أحد البيوت القريبة إلي ان تكون خربة، والمملوكة لأحد المواطنين، الذي أجّر المنزل للعمالة السائبة فري فيزا والذين يعاقرون الخمرة في أحيان كثيرة، يقول بعد ان اشتدت حدة لهجته: لم أتمالك نفسي عندما سمعت من فلذة كبدي بانه قد تعرض لتحرش وللمرة الثانية من ذلك البنغالي فذهبت إليه مباشرة وقمت بصفعه ، وبعدها قمت باستدعاء الأمن له، ولكن للأسف وقبل ان تأتي الشرطة إليه، جاءني صاحب المنزل البحريني ووجه لي سيلا من الإهانات والكلمات النابية، بل والطامة الكبري حدثت عندما طلبت الشرطة كفيل البنغالي وكان مسافرا وعلي الرغم من ذلك خرج من الحبس بكفالة صاحب المنزل الذي يحتل منصب …. وله نفوذ، والمضحك المبكي انني وحتي هذا اليوم في المحاكم، ولم أسترجع حق ابني المسلوب.
مكملاً حديثه: هناك أربعة بيوت، وفي كل بيت نحو 20 آسيويا، ويسببون قلقا دائما للمواطنين القاطنين بالقرب منهم، خصوصا ان ابني ليس الطفل الوحيد الذي تعرض لتحرش، فقد سبق وان تعرض عدد من الفتيات الصغيرات لتحرشات من قبلهم، والكارثة ان أهاليهن لم يبلغوا عن تلك الجرائم التي ارتكبت في حق بناتهن.
الانحرافات السلوكية في تزايد مستمر
نادر الملاح أخصائي تربوي يؤكد علي ان الاعتداءات والانحرافات السلوكية في المجتمعات عامة، وفي مجتمع البحرين خاصة في تزايد مستمر، الأمر الذي يؤدي إلي بروز حالة نفسية وتربوية واجتماعية غير صحية مبعثها الأساسي هو عدم الشعور بالأمن، فالشعور بالأمن والأمان أحد الحاجات النفسية الضرورية لأي فرد من أفراد المجتمع، بغض النظر عن سنه أو جنسيته، والافتقار لهذا الشعور يؤدي قطعا إلي حدوث حالات من الاضطراب النفسي والاجتماعي الذي يمكن ان يبرز في صور وأشكال متعددة، ويترك آثارا تربوية سلبية يمكن ان يدفع المجتمع وأفراده ثمنها باهظا.
ضحايا الاعتداءات والتحرشات الجنسية
ويحدد الملاح الأطفال الأكثر عرضة للوقوع كضحايا للاعتداءات والتحرشات الجنسية: أطفال ضحايا الاهمال الأسري بغض النظر عن دوافع ومسببات هذا الإهمال، كالانشغال الدائم من قبل الأبوين أو أحدهما، مما يترك فراغا تربويا في الجو الأسري، أو الجهل بالأساليب التربوية السليمة وعدم تحمل أحد الأبوين أو كلاهما للمسئوليات التربوية المنوطة بهما، مما يؤدي إلي افتقار الطفل الي الكثير من الخبرات والمعارف التي من المفترض ان يحصل عليها أو علي الأقل أهم أساسياتها، سواء من الوالدين أو من أحد أفراد الأسرة، فعدم وجود تلك الخبرات أو المعارف سوف يجعل منه فريسة سهلة للقوع في شرك المنحرفين وأصحاب الشذوذ السلوكي.
ويقع في المرصاد كذلك ضحايا التفكك الأسري طلاق، هجر، انفصال عاطفي بين الزوجين ، مما يترك آثارا نفسية وتربوية سلبية في نفس الطفل، فيلجأ لتعويض تلك السلوكيات الشاذة له بالمرصاد!!
وأبناء الأسر التي يضعف فيها الوازع الديني أيضا علي قائمة الضحايا فقد ثبت من خلال الدراسات والاحصاءات التي أجريت مؤخرا من قبل بعض المختصين في مملكة البحرين، ان الاعتداءات أو التحرش الجنسي الصادر من الأقارب يعود أهم أسبابه إلي ضعف الوازع الديني في الأسر، مما يقلل من الحشمة في المنزل، وينشر الأفكار التحررية ذات الأبعاد والمضامين المحركة للغريزة الجنسية في نفوس الأطفال والمراهقين، مما يجعل أمر الانحراف أو الوقوع ضحية للاعتداء أو التحرش أمرا سهلا وواردا!!
ويضيف الملاح : ولا أستثني أطفال الأسر التي تعاني من ضعف الوعي الاجتماعي والتربوي لإنتاجهم أسالب خاطئة في التربوية كالتدليل أو القسوة المفرطة أو التسلط الزائد أو ما شابه ذلك من أساليب تربية تدفع بالطفل للهروب من جو المنزل ولتتلقفه الأيدي النهمة، وقد تدفع الحاجة الماسة والفقر المدقع إلي ان يكون الطفل ضحية لمثل هذه السلوكيات الشاذة، لاستغلال حاجته للمال فهذه الفئات هي الأكثر عرضة للاعتداءات وان كانت هناك فئات أخري معرضة للاعتداء.
الأسرة.. ما المطلوب منها؟!
ومن أهم الإجراءات الوقائية والعلاجية التي للأسر دور كبير فيها: التعرف علي الاحتياجات الجسمية والنفسية الأساسية للطفل والمراهق واشباعها بالشكل السليم، والالتزام العملي للوالدين بالدين وتعزيز الوازع الديني في الأبناء ففاقد الشيء لا يعطيه ، ومن الضروري متابعة تصرفات الأبناء وسلوكياتهم داخل وخارج المنزل، مع عدم المساس بالحرية الشخصية التي يجب ان يتمتع بها الفرد، حتي يتسني للوالدين التنبه لأي بوادر شذوذ أو انحراف لدي الابن أو الابنة، فالاكتشاف المبكر يسهم بشكل إيجابي في علاج الحالة، مع عدم التردد في استشارة المختصين وأهل الخبرة، وعدم التواري وراء ستار العار أو الخجل المعززة للسلوك المنحرف والتي يطبع الطفل بطابع الانحراف والشذوذ، أو تدفع الأسرة لأن تجتهد في اتباع أساليب علاجية قد تكون خاطئة في الكم والكيف أو حتي التوقيت فتكون عواقبها وخيمة.
معتدي عليه.. كيف تعرف ذلك؟!
وجاء علي لسان الملاح هناك مجموعة من الأعراض الأولية التي يمكن للأسرة ان تتبين تعرض الطفل للاعتداء الجنسي لا سيما إذا كان الأمر قد وقع بالإكراه:
1- حدوث التغيرات السلوكية لدي الطفل بشكل عام بما يلفت النظر، وجود خلل أو تصرف غير معتاد من قبل الطفل.
2- ميل الطفل إلي العنف والعصبية والتوتر والهيجان لأبسط الأسباب علي غير عادته.
3- قد يلجأ الطفل لا شعوريا للبكاء دون وجود سبب ظاهر يستدعي بكاءه.
4- في بعض الحالات، يميل الطفل الضحية إلي العزلة والسكوت وعدم الرغبة في الاختلاط بالآخرين.
5- قد يلجأ بعض الأطفال إلي الهروب من المنزل لأكبر وقت ممكن كأن يقضي معظم يومه في الشارع أو مع أصحابه تحاشيا للالتقاء بأفراد الأسرة.
6- في بعض الحالات قد تظهر أعراض مرضية جسمية دون وجود خلل عضوي كالاضطرابات المعوية أو الصداع أو التعرق الشديد أو ما شابه ذلك وهي ما يعرف علميا باسم سيكوسوماتيك ديسيز وذلك نتيجة الكبت النفسي.
7- زيادة حالة القلق وعدم القدرة علي التركيز والتبول المستمر في الفراش علي غير عادة أي بمعني ان الطفل لم يكن يعاني بالأساس من مشكلة التبول في الفراش، وإنما تظهر هذه الحالة بصورة مفاجئة، هذا بالإضافة إلي اضطراب النوم.
وللمحامية فاطمة الحواج رأي، فهي تري ان تشديد العقوبة وحدها غير رادع، بل يجب ان تضييق حالة اسقاط العقوبة أو وقف تنفيذها أو اسقاط الحق العام فيها، ولا سيما ان قانون الإجراءات الجنائية الجديد، والذي سيعمل به في الأول من فبراير من العام الجاري 2003 أجاز فيه تنازل المجني عليه عن الجريمة، في حين ان قانون أصول المحاكمات الحالي يعتبره حق عام لا يجوز التنازل عنها. أما قانون المحاكمات الجزائية لعام 1966 فقد قررت المادة (125) من القانون المذكور مبدأ عدم جواز الأخذ بشهادة الطفل المجني عليه إلا إذا أيدت ببينة مستقلة مسترسلة بقولها: لقد نحي المشروع بعدم الاعتداد بشهادة الطفل الحدث منحي متشددا ما لم تتأيد ببينة مستقلة أخري، وهو أمر بلا شك يعيق إصدار أحكام بالإدانة ضد كثير من الجناة الذين لا تتوافر ضدهم أدلة أخري غير شهادة المجني عليه، معتبرين الشهادة في القانون بأنها مضمون الإدراك الحسي للشاهد بالنسبة للواقعة التي يشهد عليها، ومن هنا قد تكون شهادة مرئية أو سمعية أو ذوقية أو شمية، تبعا لإدراك الشاهد، فنحن لا ندرك فقط بحواسنا، ولكن هناك بعض العوامل التي تتداخل وتشارك الإدراك للحصول علي الصورة السليمة أو المهزوزة، فحالتا الإرهاق أو تقبل المزاج لهما نصيب كبير في الحصول علي الصورة الملاحظة، فيجب عند سماع الشهادة مراعاة سن المجني عليه، وكذا فان استعمال حاسة ما تخضع من جهة أخري للصحة العامة للفرد ولصحة العضو الحاس ذاته.
الاعتقاد الخاطيء
وتضيف المحامية فاطمة الحواج : ومن الاعتقادات الخاطئة ان الحقيقة تخرج من فم الأطفال، وذلك صحيح إذا ما كانوا يتحدثون عما يحدث في الحياة اليومية العائلية بقصد التسلية ولفت الأنظار إليهم، ولكن عندما يتعلق الأمر بالشهادة فان ذلك يختلف تماما إذ يجب ان نحترس من أقوالهم، إذ ان حصيلة اطلاعات الطفل في حياته الأولي تكون لا تقدم له سوي صورة خادعة وهمية لعالم غير حقيقي، خصوصا ان ذاكرته تختلط بالخيال، فلذا فهو لا يكذب بقصد الكذب، وإنما يخطئ، لذا فان لخبرة وتجارب الأطفال دور هام في الشهادة، كما ان للبينة تأثير في تكوين الطفل.
فالسيئ منها له نتائج علي كثير من النواحي الأخلاقية والصحية والنفسية.
الأطفال يختارون ضحيتهم بالصدفة
ونتيجة لوجود الأطفال تحت تأثير المحيطين بهم والرأي العام الموجه ضد شخص معين، نتيجة للاستجابات العديدة التي لم يراعِ فيها المحقق اختيار دقة أسئلته وحالة الطفل النفسية، فان ذلك قد يؤدي إلي ان يختار الطفل ضحيته بالصدفة التي يبنونها علي ما سمعوه منهم. إلا ان ذكاء القاضي، وفطنته وإلمامه بقواعد علم النفس فيه ضمانة كبري كي يستطيع ان يميز بين الشهادة الصحيحة والكاذبة، وبين الشهادة الطبيعية والملفقة التي يدلي بها الأطفال أمام المحقق. إلا انه وإنصافا للحق فان هذا لا يعني ان الطفل لا يستطيع ان يدلي بشهادة علي جانب كبير من الدقة لهذا من الضروري الاستعانة بالأخصائي النفساني للشهادة، لفحص أقواله في ضوء معايير الحقيقة.
وتؤكد المحامية الحواج إلي ان ظاهرة إساءة معاملة الأطفال وعلي الأخص الاعتداء الجنسي ظاهرة ليست حديثة في المجتمعات، بل كانت موجودة منذ القدم، إلا ان الحرية العامة الموجودة في الدولة بُعيد الإصلاحات جعلت ما هو ممنوع مباحا، كما وان الصحافة لعبت ولا زالت تلعب دورا في إظهاراها علي السطح.
ومن المؤسف عدم وجود دراسة تعطي معلومات أو مؤشرات عن حجم المشكلة، ولكن العاملين في مجال الطب النفسي وطب الأطفال وأقسام الحوادث ومراكز الشرطة والقضاء والقانونيين يلتمسون حجم المشكلة من خلال الحالات المحمولة إليهم. وقد حاولت لا يزال الكلام علي لسان المحامية فاطمة الحواج : حصر عدد القضايا المقيدة لدي وزارة العدل فوجدتها لا تمثل ظاهرة في عددها ولا في أحكامها بالإدانة، بل هناك العديد من القضايا التي أخذت أحكام البراءة وهذا يترتب عليه استبعادها من قضايا الاعتداء الجنسي تطبيقا لمبدأ المتهم بريء حتي تثبت إدانته وحتي نصل إلي أرقام حقيقية يتطلب تكاتف جهود كل المؤسسات الحكومية والمؤسسات غير الحكومية حتي يتم حصرها حصرا دقيقا، علما بان هناك العديد من القضايا التي لا تصل إلي الجهات المعنية لخوف الأهل من الفضيحة وكل ذلك يرجع لغياب وعي الأسرة.
الأولاد الأكثر تعرضا للاعتداءات
نعم.. الأولاد أكثر تعرضا للاعتداءات والتحرشات فهذه الجرائم منتشرة وبشكل مخيف في المدارس الحكومية لغياب الرقابة الحقيقية عليهم، كما ان خلط مدارس الأطفال الابتدائية مع الإعدادية سبب هام لانتشار هذه الجريمة فيما بينهم، إلي جانب العوامل الأساسية كالتفكك الأسري وصحبة السوء، والكارثة الأكبر ان أكثر الاعتداءات تكون من أقرباء الأطفال والذين من المفترض ان يكون الأطفال في مأمن معهم. لذلك شدد المشرع العقاب عليهم.
إلي متي؟
نعم إلي متي نسمع عن هذه القصص التي تقشعر لها الأبدان؟! إلي متي يتقمص الكثيرون وضع النعامة ليخبئوا وجوههم في الرمل ويدعون ان هذه الجرائم قليلة ولا تستدعي كل هذا اللغط؟! نريده فعلا تظافر الجهود للحد من هذه الجرائم، حتي لا يكون أحد أبنائنا لا سمح الله ضحية!!، حينها لن ينفع الصوت ما دام الفأس قد وقع علي الرأس!!
catfeat
2003-01-20
أحدث التعليقات