سيارة الإسعاف يقودها حاسوب .. و سيكل !


بدأت بـ
JEEP منزوع الكراسي عام 1932

كتبت – ياسمين خلف:
تسلم سائق الاسعاف بطوارئ السلمانية عبدالله عباس بلاغاً وانطلق فيما كان صوت صفارات الانذار تنطلق قبله قاصداً قرية عالي .. بحث لبضع دقائق عن عنوان المنزل الذي لا يعرفه أحد!! استعان بجهاز الكمبيوتر الخاص بالخريطة الجغرافية للكشف عن موقع المنزل، وبعد محاولات فاشلة، تحدث هاتفياً مع ابنة المريض التي ارسلت شقيقها راكباً دراجة هوائية ليقود سيارة الاسعاف إلي المنزل.
ويبدو أن هذه القصة، مواتية تماماً لتصوير وضعية قسم خدمات الاسعاف بدائرة الطوارئ والحوادث بمجمع السلمانية الطبي، فهي تراوح بين تطور تكنولوجي متواصل، وشكاوي حول التقصير، ومواقف تتمازج فيها الغرابة بالفوضي وبرغم ذلك تؤدي الاسعاف خدماتها في كل الأحوال. تاريخياً، بدأت الخدمات الطبية في دولة البحرين 1900 في مستشفي فكتوريا وفي عام 1902، افتتح مستشفي الارسالية، وقامت شركة بابكو نفط البحرين بتحويل سيارة جيب بعد ازالة الكراسي الخلفية إلي سيارة اسعاف وكان ذلك في العام 1932، كما تم توفير سيارة في مستشفي العوالي قبيل الحرب العالمية الثانية وقدم الجيش البريطاني في العام 1950 سيارة اسعاف مجهزة لكن مع حلول عام 1958 توافرت خدمة طوارئ طبية شاملة في مملكة البحرين.

يومان بكل تفاصيلهما في سيارة الاسعاف 1ـ 2
اليوم الأول..فاصل بين الحياة والموت

تحقيق – ياسمين خلف:

بسرعة تشابه في وصفها الصاروخ، تنطلق سيارة الإسعاف قاصدة تلبية نداء من طلب الغوث مستجداً برجالها لإنقاذ من هو علي شفا حفرة من الموت، او هو اقرب!! وهم ـ اي رجال الاسعاف ـ في قمة المروءة.. شعور يملأ من يشاهدهم يعملون لمساعدة المصابين والمحتاجين، لا سيما اذا كانوا من الاقرباء والاعزاء.. والله سبحانه وتعالي قال في محكم كتابه الكريم : ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعاً المائدة 32.
هكذا هي الصورة، وذلك هو الشعور، لكن ما هي الصورة الحقيقية وما هو التطابق الحقيقي علي ارض الواقع؟
رجال الاسعاف، ينطلقون لمساعدة كل من وجه النداء لهم طالباً المساعدة، ولهم كل الشكر والعرفان والتقدير ولهم من الله الثواب يضاف الي ميزان حسناتهم بإنقاذهم حياة الناس لا سيما اذا تعلق الامر برب عائلة او أم ينتظر الابناء عودتهم اسالمين لأنهما هم السند، وكذلك الحال بالنسبة لكل من ينبض قلبه بالحياة، ففي حال وقع مكروه، لا قدر الله، فإن رحمة الله الواسعة تشملنا جميعاً.
وليست لخدمات الاسعاف صورة واحدة جميلة، فهناك من يستغل هذه الخدمة لأغراض لا تتعلق بطبيعة الحالات، ويشكلون عبئاً وعائقاً يحول دون تقديم خدمة متكاملة، وهنا لابد من التأكيد علي تعاون الجميع لتحقيق المصلحة.
هناك من يوجه اللوم للمسعفين، ويصفهم بأنهم يتأخرون دائماً في الوصول الي موقع الحدث، وكأنما يتوجب علي سيارة الاسعاف التواجد مكان الحادث في خلال ثوان!!
بين ايدينا حلقتان من تحقيق ميداني حول خدمات الاسعاف، تواجدنا لحظة بلحظة مع رجال الاسعاف وآثرنا ان نعيش معهم، ونشاطرهم متاعب مهنتهم، بدءا من غرفة استلام البلاغات قسم المراقبة وحتي استلام المرضي من موقع الحادث، واخذهم للعناية الطبية في المراكز الصحية او قسم الحوادث والطوارئ. ويكفي ان نعلم ان في عام 2002 استلم قسم الاسعاف 22625 نداء، 54% منها طوارئ والباقي تاكسي فما قصة التاكسي؟!
ذلك ما سنكشفه من خلال تحقيقنا التالي:

لمحة تاريخية

بدأت الخدمات الطبية في البحرين عام 1900 في مستشفي فكتوريا، وفي عام 1902 افتتح مستشفي الارسالية الامريكية، وقامت شركة بابكو نفط البحرين بتحويل سيارة جيب بعد ازالة الكراسي الخلفية الي سيارة اسعاف عام 1932. كما تواجدت لدي مستشفي عوالي سيارة اسعاف عام 1937م اي قبيل الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1950م قدم الجيش البريطاني لحكومة البحرين سيارة اسعاف مجهزة، ومع حلول عام 1958م توافرت خدمة طوارئ طبية شاملة في مملكة البحرين.

اسرع من البرق

في قسم المراقبة غرفة استلام النداءات والبلاغات يجلس موظف لاسلكي الاسعاف لتلقي النداءات من خلال ثلاث خطوط طوارئ 999، وخط ساخن لجميع المراكز الصحية وآخر للطيران المدني والمستشفي العسكري واخر للدفاع المدني، والتي تتصل جميعها بجهاز الحاسوب لتسجيل المكالمات ومدتها وساعة الاتصال.. ومن هنا يقوم الموظف بسؤال المتصل عن اسم المريض وحالته واسم المبلغ ورقم هاتفه، والعنوان الذي يتواجد فيه او اقرب منطقة معروفة لتصل له خدمات الاسعاف في اسرع من البرق.
وفي حديث مع محمد عبدالرحيم مراقب خدمات الاسعاف اشار الي ان القسم زود مؤخرا بجهاز جديد يربط القسم بوزارات الدولة واقسام الطوارئ فيها من شرطة ومطافئ الجهاز لازال تحت التجربة وعن موظفي قسم المراقبة قال: هناك موظف واحد فقط يقوم باستلام النداءات ويملأ الاستمارات ويوزعها علي رجال الاسعاف للانطلاق في مهمتهم.. ناهيك عن ارشاد المتصل في الكيفية التي يمكنه من خلالها اسعاف المريض.
ويقول: يصل عدد موظفي قسم الاسعاف الي 85 موظفا مع نهاية العام الجاري، يعملون من خلال خمس عشرة سيارة اسعاف مجهزة طبيا، في الخدمات التي نقدمها علي مدار الساعة. فالسيارات تتنوع وتختلف احجامها، فمنها لخدمات الطوارئ السريعة والقصوي، ومنها للعناية المتنقلة، ومنها للخدمات المعتدلة، ففي كل سيارة، يخرج مسعفان احدهما سائق للاسعاف والاخر فني الطوارئ الطبية مسعف طبي وهو مؤهل لعلاج المرضي وصرف الادوية لهم في حالة الحوادث البليغة، وما قد يصحبها من نزيف شديد، او في حالة امراض القلب والتنفس وحالات الولادة.
ويضيف بقوله: اما في حالة الخدمات المعتدلة والتي نقصد منها ها هنا الامراض المزمنة كأمراض الصدر والظهر والرأس او حتي امراض الشيخوخة وكبر السن، فتخرج سيارة اسعاف بسائقها والمسعف والاخير غير مخول لصرف الادوية، بل يقدم علاجا مبدئيا، والذي يختلف عن العلاج الثانوي الذي يقدمه المسئول الطبي.

انتظروا لاكمل طبخ الارز

في هذه الاثناء رن الهاتف وكان لامرأة تبلغ عن زوجها المريض في المنزل والذي يعاني من الآلام في الظهر.. انطلقنا في سيارة الاسعاف قاصدين فيها قرية عالي، من غير ان يطلق السائق صفارة الانذار لكون الحالة غير طارئة. وكانت المشكلة الاولي التي صادفتنا هي عدم اعطاء المرأة عنوان منزلها بالشكل الصحيح عبدالله عباس سائق اسعاف – اخذ يبحث عن المنزل بمساعدة موظف قسم اللاسلكي الذي اخذ يرشده.. المنزل غير موجود!! سألنا بدورنا اهل المنطقة.. والنتيجة المنزل لا يعرفه احد، ولا حتي اسم المريض الذي توجهنا اليه، لجأ عبدالله الي استخدام جهاز الكمبيوتر الخاص بالخريطة الجغرافية للكشف عن موقع المنزل. وبعد محاولات فاشلة هاتفنا ابنة المريض التي ارسلت اخاها علي دراجته الهوائية ليدلنا علي موقع المنزل الذي بدا حديث السكني.. دخلنا علي المريض الذي كان يعاني من الآلام في الظهر.. حمله المسعفون.. واذا بالزوجة تطلب منهما الانتظار ليتسني لها مرافقتهما بعد ان تجهز طبخ الارز.. لان ابنتها تجهل فن الطبخ!! انتظرها المسعفون ونقلوهما هي وزوجه المريض عبر سيارة الاسعاف الي المستشفي العسكري، كونه المستشفي الذي يتعالجون فيه.
عبدالله عباس، عمل سبع سنوات من عمره في هذه المهنة التي احبها حتي النخاع. يقول واصفا شعوره في بداية عمله قبل سنوات بانه احساس بالضيق والألم جراء ما يراه من حالات مؤسفة، خصوصا تلك المتعلقة بحوادث الاطفال المميتة او تلك التي يذهب فيها شباب في عمر الزهور ضحايا حوادث مرورية او حتي وفاتهم بطرق طبيعية . فتح لنا عبدالله ملف الاسعاف، مستعرضا فيه اهم المشاكل التي يواجهها المسعفون، والمواقف التي يمرون بها والتسهيلات التي يلاقونها.. تحاونا معه فسألناه اولاً:
خطورة الحالة تستلزم الانذار

غ الايام: متي يحق لسائق الاسعاف استخدام جهاز الانذار؟!

– عبدالله عباس: نستخدمه في الحالات الطارئة، او بناء علي طلب المراكز الصحية التي تطلب منا نقل الحالة في اقصي سرعة ممكنة لخطورتها

غ الايام: ما هي المواقف التي مررت بها خلال عملك ولازالت قابعة في مخيلتك؟!
– عبدالله عباس: اقساها وامرها ذلك الحادث المؤلم للطائرة المنكوبة، والتي رأينا فيها نحن كمسعفين اشلاء وليست أجساد بشر، بل حدث وان كان اخي وزوجته قد حجزا علي نفس الطائرة للعودة للبحرين بعد قضائهما شهر العسل في جمهورية مصر العربية، ولم اتذكر ذلك الا وانا وسط الاشلاء، فكلما اردت ان ازيل بعضها ابعد عيناي لكيلا اري اخي او زوجته من بينهم، ولكن رحمة الله نزلت مع اتصال اخي الاكبر بي ليبلغني بانهما اخي وزوجته قد الغيا حجزهما بآخر لحظة، ولكن حقيقة رأينا ما لا يتصوره عقل بشر!!

غ الايام: ماذا عن المضحك المبكي من المواقف؟!

– عبدالله عباس: كثيرة هي المواقف ومنها بلاغ من احدهم والذي قال فيه ان احدا من افراد اسرته لا يتحرك ويعتقد بانه قد فارق الحياة!! ذهبنا مسرعين وما ان لمسناه حتي استيقظ من نومه فزعا ومستغربا من وجودنا في منزله!!
ولمن: له هو! الذي يتمتع بصحة جيدة الا انه كان نائما!! بل في بعض الاحيان يطلب منا احد الابناء نقل ابائهم من المنزل الي المستشفي لاحساسهم بالآلام في الظهر، وما ان نصل الي المنزل يرفضون الركوب معنا في سيارة الاسعاف، وندخل معهم في نقاش عقيم لا نخرج مهنه بشيء سوي الرجوع مرة اخري الي حيث اتينا!!
حوادث الطريق.. كيف تتصرفون؟

غ الايام: في حالة ذهابكم لاحد النداءات وحدث وان رأيتم حادثا في الطريق كيف تتصرفون، وايهما يكون في اولوية الاسعاف؟!

– عبدالله عباس: يعتمد ذلك علي نوع الحادث ودرجة خطورة البلاغ.. فاذا كان البلاغ لحالة مستعجلة والحادث المروري الذي صادفنا بسيط او معتدل بالطبع سنذهب للحالة الاكثر خطورة، وبالمثل نتعامل مع البلاغات التي تحدث في ذات المنطقة.

غ الايام: من خلال عملك كسائق اسعاف متي باعتقادك تزداد الحوادث المرورية؟!

– عبدالله عباس: تكثر اعدادها في الفترة الصباحية لازدحام الشوارع بفعل الدوام، ولكنها اكثر خطورة في الفترة الليلية، وكمثال علي ذلك مرت علينا ثلاثة حوادث مرورية خلال اربع ساعات.

غ الايام: وهل يتعاون الناس معكم ويفسحون الطريق لمرور سيارة الاسعاف؟!
– عبدالله عباس: بصراحة اجدهم متعاونين جدا ولابعد حدود، وما نلاقيه من مشاكل في الشارع ترجع الي بعض السواق حديثي السياقة، او من اولئك الشباب الذين يمكننا ان نصنفهم ضمن الطائشين، وفي الحالة الاخيرة نأخذ ارقام سياراتهم ونقدمها لادارة المرور التي تقوم بدورها كاملا ازائهم.

Cathealth
2003-08-05


بدأت بـ
JEEP منزوع الكراسي عام 1932

كتبت – ياسمين خلف:
تسلم سائق الاسعاف بطوارئ السلمانية عبدالله عباس بلاغاً وانطلق فيما كان صوت صفارات الانذار تنطلق قبله قاصداً قرية عالي .. بحث لبضع دقائق عن عنوان المنزل الذي لا يعرفه أحد!! استعان بجهاز الكمبيوتر الخاص بالخريطة الجغرافية للكشف عن موقع المنزل، وبعد محاولات فاشلة، تحدث هاتفياً مع ابنة المريض التي ارسلت شقيقها راكباً دراجة هوائية ليقود سيارة الاسعاف إلي المنزل.
ويبدو أن هذه القصة، مواتية تماماً لتصوير وضعية قسم خدمات الاسعاف بدائرة الطوارئ والحوادث بمجمع السلمانية الطبي، فهي تراوح بين تطور تكنولوجي متواصل، وشكاوي حول التقصير، ومواقف تتمازج فيها الغرابة بالفوضي وبرغم ذلك تؤدي الاسعاف خدماتها في كل الأحوال. تاريخياً، بدأت الخدمات الطبية في دولة البحرين 1900 في مستشفي فكتوريا وفي عام 1902، افتتح مستشفي الارسالية، وقامت شركة بابكو نفط البحرين بتحويل سيارة جيب بعد ازالة الكراسي الخلفية إلي سيارة اسعاف وكان ذلك في العام 1932، كما تم توفير سيارة في مستشفي العوالي قبيل الحرب العالمية الثانية وقدم الجيش البريطاني في العام 1950 سيارة اسعاف مجهزة لكن مع حلول عام 1958 توافرت خدمة طوارئ طبية شاملة في مملكة البحرين.

يومان بكل تفاصيلهما في سيارة الاسعاف 1ـ 2
اليوم الأول..فاصل بين الحياة والموت

تحقيق – ياسمين خلف:

بسرعة تشابه في وصفها الصاروخ، تنطلق سيارة الإسعاف قاصدة تلبية نداء من طلب الغوث مستجداً برجالها لإنقاذ من هو علي شفا حفرة من الموت، او هو اقرب!! وهم ـ اي رجال الاسعاف ـ في قمة المروءة.. شعور يملأ من يشاهدهم يعملون لمساعدة المصابين والمحتاجين، لا سيما اذا كانوا من الاقرباء والاعزاء.. والله سبحانه وتعالي قال في محكم كتابه الكريم : ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعاً المائدة 32.
هكذا هي الصورة، وذلك هو الشعور، لكن ما هي الصورة الحقيقية وما هو التطابق الحقيقي علي ارض الواقع؟
رجال الاسعاف، ينطلقون لمساعدة كل من وجه النداء لهم طالباً المساعدة، ولهم كل الشكر والعرفان والتقدير ولهم من الله الثواب يضاف الي ميزان حسناتهم بإنقاذهم حياة الناس لا سيما اذا تعلق الامر برب عائلة او أم ينتظر الابناء عودتهم اسالمين لأنهما هم السند، وكذلك الحال بالنسبة لكل من ينبض قلبه بالحياة، ففي حال وقع مكروه، لا قدر الله، فإن رحمة الله الواسعة تشملنا جميعاً.
وليست لخدمات الاسعاف صورة واحدة جميلة، فهناك من يستغل هذه الخدمة لأغراض لا تتعلق بطبيعة الحالات، ويشكلون عبئاً وعائقاً يحول دون تقديم خدمة متكاملة، وهنا لابد من التأكيد علي تعاون الجميع لتحقيق المصلحة.
هناك من يوجه اللوم للمسعفين، ويصفهم بأنهم يتأخرون دائماً في الوصول الي موقع الحدث، وكأنما يتوجب علي سيارة الاسعاف التواجد مكان الحادث في خلال ثوان!!
بين ايدينا حلقتان من تحقيق ميداني حول خدمات الاسعاف، تواجدنا لحظة بلحظة مع رجال الاسعاف وآثرنا ان نعيش معهم، ونشاطرهم متاعب مهنتهم، بدءا من غرفة استلام البلاغات قسم المراقبة وحتي استلام المرضي من موقع الحادث، واخذهم للعناية الطبية في المراكز الصحية او قسم الحوادث والطوارئ. ويكفي ان نعلم ان في عام 2002 استلم قسم الاسعاف 22625 نداء، 54% منها طوارئ والباقي تاكسي فما قصة التاكسي؟!
ذلك ما سنكشفه من خلال تحقيقنا التالي:

لمحة تاريخية

بدأت الخدمات الطبية في البحرين عام 1900 في مستشفي فكتوريا، وفي عام 1902 افتتح مستشفي الارسالية الامريكية، وقامت شركة بابكو نفط البحرين بتحويل سيارة جيب بعد ازالة الكراسي الخلفية الي سيارة اسعاف عام 1932. كما تواجدت لدي مستشفي عوالي سيارة اسعاف عام 1937م اي قبيل الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1950م قدم الجيش البريطاني لحكومة البحرين سيارة اسعاف مجهزة، ومع حلول عام 1958م توافرت خدمة طوارئ طبية شاملة في مملكة البحرين.

اسرع من البرق

في قسم المراقبة غرفة استلام النداءات والبلاغات يجلس موظف لاسلكي الاسعاف لتلقي النداءات من خلال ثلاث خطوط طوارئ 999، وخط ساخن لجميع المراكز الصحية وآخر للطيران المدني والمستشفي العسكري واخر للدفاع المدني، والتي تتصل جميعها بجهاز الحاسوب لتسجيل المكالمات ومدتها وساعة الاتصال.. ومن هنا يقوم الموظف بسؤال المتصل عن اسم المريض وحالته واسم المبلغ ورقم هاتفه، والعنوان الذي يتواجد فيه او اقرب منطقة معروفة لتصل له خدمات الاسعاف في اسرع من البرق.
وفي حديث مع محمد عبدالرحيم مراقب خدمات الاسعاف اشار الي ان القسم زود مؤخرا بجهاز جديد يربط القسم بوزارات الدولة واقسام الطوارئ فيها من شرطة ومطافئ الجهاز لازال تحت التجربة وعن موظفي قسم المراقبة قال: هناك موظف واحد فقط يقوم باستلام النداءات ويملأ الاستمارات ويوزعها علي رجال الاسعاف للانطلاق في مهمتهم.. ناهيك عن ارشاد المتصل في الكيفية التي يمكنه من خلالها اسعاف المريض.
ويقول: يصل عدد موظفي قسم الاسعاف الي 85 موظفا مع نهاية العام الجاري، يعملون من خلال خمس عشرة سيارة اسعاف مجهزة طبيا، في الخدمات التي نقدمها علي مدار الساعة. فالسيارات تتنوع وتختلف احجامها، فمنها لخدمات الطوارئ السريعة والقصوي، ومنها للعناية المتنقلة، ومنها للخدمات المعتدلة، ففي كل سيارة، يخرج مسعفان احدهما سائق للاسعاف والاخر فني الطوارئ الطبية مسعف طبي وهو مؤهل لعلاج المرضي وصرف الادوية لهم في حالة الحوادث البليغة، وما قد يصحبها من نزيف شديد، او في حالة امراض القلب والتنفس وحالات الولادة.
ويضيف بقوله: اما في حالة الخدمات المعتدلة والتي نقصد منها ها هنا الامراض المزمنة كأمراض الصدر والظهر والرأس او حتي امراض الشيخوخة وكبر السن، فتخرج سيارة اسعاف بسائقها والمسعف والاخير غير مخول لصرف الادوية، بل يقدم علاجا مبدئيا، والذي يختلف عن العلاج الثانوي الذي يقدمه المسئول الطبي.

انتظروا لاكمل طبخ الارز

في هذه الاثناء رن الهاتف وكان لامرأة تبلغ عن زوجها المريض في المنزل والذي يعاني من الآلام في الظهر.. انطلقنا في سيارة الاسعاف قاصدين فيها قرية عالي، من غير ان يطلق السائق صفارة الانذار لكون الحالة غير طارئة. وكانت المشكلة الاولي التي صادفتنا هي عدم اعطاء المرأة عنوان منزلها بالشكل الصحيح عبدالله عباس سائق اسعاف – اخذ يبحث عن المنزل بمساعدة موظف قسم اللاسلكي الذي اخذ يرشده.. المنزل غير موجود!! سألنا بدورنا اهل المنطقة.. والنتيجة المنزل لا يعرفه احد، ولا حتي اسم المريض الذي توجهنا اليه، لجأ عبدالله الي استخدام جهاز الكمبيوتر الخاص بالخريطة الجغرافية للكشف عن موقع المنزل. وبعد محاولات فاشلة هاتفنا ابنة المريض التي ارسلت اخاها علي دراجته الهوائية ليدلنا علي موقع المنزل الذي بدا حديث السكني.. دخلنا علي المريض الذي كان يعاني من الآلام في الظهر.. حمله المسعفون.. واذا بالزوجة تطلب منهما الانتظار ليتسني لها مرافقتهما بعد ان تجهز طبخ الارز.. لان ابنتها تجهل فن الطبخ!! انتظرها المسعفون ونقلوهما هي وزوجه المريض عبر سيارة الاسعاف الي المستشفي العسكري، كونه المستشفي الذي يتعالجون فيه.
عبدالله عباس، عمل سبع سنوات من عمره في هذه المهنة التي احبها حتي النخاع. يقول واصفا شعوره في بداية عمله قبل سنوات بانه احساس بالضيق والألم جراء ما يراه من حالات مؤسفة، خصوصا تلك المتعلقة بحوادث الاطفال المميتة او تلك التي يذهب فيها شباب في عمر الزهور ضحايا حوادث مرورية او حتي وفاتهم بطرق طبيعية . فتح لنا عبدالله ملف الاسعاف، مستعرضا فيه اهم المشاكل التي يواجهها المسعفون، والمواقف التي يمرون بها والتسهيلات التي يلاقونها.. تحاونا معه فسألناه اولاً:
خطورة الحالة تستلزم الانذار

غ الايام: متي يحق لسائق الاسعاف استخدام جهاز الانذار؟!

– عبدالله عباس: نستخدمه في الحالات الطارئة، او بناء علي طلب المراكز الصحية التي تطلب منا نقل الحالة في اقصي سرعة ممكنة لخطورتها

غ الايام: ما هي المواقف التي مررت بها خلال عملك ولازالت قابعة في مخيلتك؟!
– عبدالله عباس: اقساها وامرها ذلك الحادث المؤلم للطائرة المنكوبة، والتي رأينا فيها نحن كمسعفين اشلاء وليست أجساد بشر، بل حدث وان كان اخي وزوجته قد حجزا علي نفس الطائرة للعودة للبحرين بعد قضائهما شهر العسل في جمهورية مصر العربية، ولم اتذكر ذلك الا وانا وسط الاشلاء، فكلما اردت ان ازيل بعضها ابعد عيناي لكيلا اري اخي او زوجته من بينهم، ولكن رحمة الله نزلت مع اتصال اخي الاكبر بي ليبلغني بانهما اخي وزوجته قد الغيا حجزهما بآخر لحظة، ولكن حقيقة رأينا ما لا يتصوره عقل بشر!!

غ الايام: ماذا عن المضحك المبكي من المواقف؟!

– عبدالله عباس: كثيرة هي المواقف ومنها بلاغ من احدهم والذي قال فيه ان احدا من افراد اسرته لا يتحرك ويعتقد بانه قد فارق الحياة!! ذهبنا مسرعين وما ان لمسناه حتي استيقظ من نومه فزعا ومستغربا من وجودنا في منزله!!
ولمن: له هو! الذي يتمتع بصحة جيدة الا انه كان نائما!! بل في بعض الاحيان يطلب منا احد الابناء نقل ابائهم من المنزل الي المستشفي لاحساسهم بالآلام في الظهر، وما ان نصل الي المنزل يرفضون الركوب معنا في سيارة الاسعاف، وندخل معهم في نقاش عقيم لا نخرج مهنه بشيء سوي الرجوع مرة اخري الي حيث اتينا!!
حوادث الطريق.. كيف تتصرفون؟

غ الايام: في حالة ذهابكم لاحد النداءات وحدث وان رأيتم حادثا في الطريق كيف تتصرفون، وايهما يكون في اولوية الاسعاف؟!

– عبدالله عباس: يعتمد ذلك علي نوع الحادث ودرجة خطورة البلاغ.. فاذا كان البلاغ لحالة مستعجلة والحادث المروري الذي صادفنا بسيط او معتدل بالطبع سنذهب للحالة الاكثر خطورة، وبالمثل نتعامل مع البلاغات التي تحدث في ذات المنطقة.

غ الايام: من خلال عملك كسائق اسعاف متي باعتقادك تزداد الحوادث المرورية؟!

– عبدالله عباس: تكثر اعدادها في الفترة الصباحية لازدحام الشوارع بفعل الدوام، ولكنها اكثر خطورة في الفترة الليلية، وكمثال علي ذلك مرت علينا ثلاثة حوادث مرورية خلال اربع ساعات.

غ الايام: وهل يتعاون الناس معكم ويفسحون الطريق لمرور سيارة الاسعاف؟!
– عبدالله عباس: بصراحة اجدهم متعاونين جدا ولابعد حدود، وما نلاقيه من مشاكل في الشارع ترجع الي بعض السواق حديثي السياقة، او من اولئك الشباب الذين يمكننا ان نصنفهم ضمن الطائشين، وفي الحالة الاخيرة نأخذ ارقام سياراتهم ونقدمها لادارة المرور التي تقوم بدورها كاملا ازائهم.

Cathealth
2003-08-05

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.