استطلاع أجرته – ياسمين خلف:
نعتقد ولا نظن اننا مخطئون ان ما من احد منا لم ير في احد وسائل الاعلام ذاك الفلسطيني الطفل في حجمه وسنه، والكبير في فعله ومقاومته، عندما يقذف العدو الاسرائيلي بحجرة حجمها لم يتعد حجم كفه، متحدياً دبابة مجهزة بأحدث تقنيات التدمير!
المفارقة كبيرة ما بين الحجر والدبابة وما من شك ان القوة المادية واضحة، وكذلك القوة المعنوية! ولكن رغم تلك القوة الظاهرة للأجهزة والمعدات لازالت قوة المقاومة وان كانت ضعيفة وبسيطة في صورتها، الا انها قوية في مدلولاتها ومعانيها لدي شبابنا الذي ومنذ نعومة أظافرهم يرون تلك المشاهد، التي وصفها البعض علي انها مشاهد تستحق فعلا انحناء واحتراماً وتقديراً لشعب ابي ان ينحني لمستعمر طاغ. في هذا الاستطلاع نري كيف ينظر الشباب البحريني الي هذه المفارقة في معادلة الحجر والدبابة.
مروة هاشم محمد والتي لم تتعد التاسعة عشرة من عمرها أدلت بدلوها في الموضوع وقالت: لا يختلف اثنان علي ان الدبابة اقوي من حيث الامكانات التدميرية، ولكن علي الرغم من ذلك فإن السلاح الذي آثر الفلسطينيون استخدامه أقوي، لانه يحمل ارادة شعب وضع بلاده في كفة ودمه في كفة اخري، فإما ان تكون بلاده ملكا له او انه سيدفع دمه ثمناً لاسترجاعها، ولان ارادتهم اقوي من كل شيء فإنهم لن يستسلموا أبدا للمحتل وإن لم يسترجعوا ارضهم ستبقي القضية معلقة وللأبد !
وتواصل: تلك العمليات الفدائية ليست انتحاراً وإنما شرف، تسعد الام فيه وتفخر عندما تسمع خبر استشهاد ابنها وتدفعه لنيل تلك الكرامة.. وذاك الطفل الذي وان هرب يوما من مواجهة المحتل، لا لخوف وانما لبراءته التي اغتصبت، حتماً سيواجه العدو وسيقف في وجهه وان كان داخل دبابته.
مشاركتي مادية ومعنوية
ويجد عبدالله جمعة رشدان – طالب حقوق ان وقوف طفل صغير امام دبابة لهو شجاعة وغيرة علي الارض والوطن، بل وغيرة علي الاسلام والقدس التي هي احد رموزه. وبصوت أخذ في الانخفاض في نبرته قال: اشعر بالحزن وبالاسي عندما أري تلك المقاومة علي شاشة التلفزيون، لإحساسي بالعجز وقلة الحيلة، فكل ما أملكه من مشاركة هي مشاركة معنوية ومادية فقط، ولو امكنني المشاركة والمقاومة للدفاع عن شرف العروبة لما ترددت! واكتفي عبدالله في نهاية حديثه بالتمني عندما قال: أتمني ان تحرر القدس يوماً علي يد العرب.
طفل أقوي من رجل عربي
يا قدس ياسيدتي معذرة، فليس لي يدان، وليس لي اسلحة وليس لي ميدان، كل الذي املكه لسان! بتلك الابيات المقتبسة من ابيات الشاعر احمد مطر بدأ هاني احمد النمر – 23 سنة حديثه معنا، وقال بعد تنهيدة، كلما رأيت مشاهد المقاومة الفلسطينية امام اليهود الاسرائيليين اتذكر هذه الابيات التي بالفعل تعبر عن واقعي وواقعنا جميعاً، والكلام، والحديث هو كل ما نملكه.
فالحجر الذي نراه بيد الاطفال ما هو الا بنض للرجولة، وبقايا للكرامة العربية، والدبابة تلك ما هي إلا سلاح قد نتفاخر نحن العرب بقدرتنا علي شرائه، ولكننا لا نحسن وللاسف استخدامه. فكل ما نحسنه هو التصفيق والتشجيع لهؤلاء الاطفال، الذين هم اقوي من الرجل العربي، وأضاف النمر ما يقوم به الاطفال والشباب علي الارض المحتلة نوع من انواع النضال والكفاح من اجل المحافظة علي الارض التي ورثوها عن آبائهم وليس ضرباً من ضروب الانتحار كما يدعي البعض !
الحجر.. سلاح بدائي
تبلدت مشاعري بعد كل هذه السنوات التي اري فيها صوراً لمآس عبر وسائل الاعلام المختلفة، ولم اعد اري من تلك الاحجار التي اعتبرتها قوة بيد الاطفال، شيئاً عدياً.. بهذه الكلمات اليائسة بدأت في الحديث زهراء علي سلمان – 21 سنة – طالبة فنون تربوية، وجاء علي لسانها: لا يحمل لي الحجر اي مدلول او معني! اتذكر انني في سنوات عمري الاولي كنت أنبهر من الحجر واعتبره رمزاً لأمور عديدة، ولكنني اليوم اراه جماداً لا فائدة من ورائه! ربما قد يحمل مدلولات عند ذاك الطفل الذي اعتاد ان يري اهله وهم يقذفون به العدو، فيكبر وهو لا يهاب ولا يخاف المحتل، ويقدم نفسه فداء للوطن فيري في الحجر رمزاً للكفاح والثورة، ولكنني اري ان قوة الدبابة بالمقارنة بقوة الحجر قوي غير متكافئة ولا يمكننا ان نضعهم في كفتي ميزان واحد.
شجاعة توازي قوة الدبابة
وتتفق رقية مهدي صالح 18 سنة – طالبة في الجامعة مع زهراء ، في كون ان الدبابة قوة، لا يمكن مقارنتها بقوة الحجارة التي وجدت لقلة الاسلحة او عدمها في ايدي المقاومين من الفلسطينيين، مشيرة الي ان رفع الحجارة في وجه العدو يحمل مدلولات عدة اهمها رفض الذل، والدفاع عن النفس والوطن، وعدم الاستسلام او التنازل او حتي السكوت عن الحق، بل وتعتبرها شجاعة توازي في قوتها قوة الدبابة والاسلحة اليهودية.
وتقول بصوت تسلل إليه الحزن اشعر بالالم والضيق عندما اري الاطفال، وهم في أحلي سني عمرهم يقاومون المحتل، ولكنني اشعر بالفخر اذا ما تمعنت في قوتهم واصرارهم في استرجاع هحهم وحق آبائهم وابنائهم في المستقبل.
قوة الضعيف .. وضعف القوة
السكوت والرضوخ هما قمة المأساة التي نعيشها، ووجود المقاومة والفدائيين، وسيلة لتحريك الشعوب العربية التي تفضل الاستسلام للعدو علي ان تقاومه بالدم! بهذه الانطلاقة بدأ محمد عبدالله علي 22 عاماً طالب في كلية الحقوق. والذي واصل بنفس الانطلاقة عندما قال: من حق اي شعب استخدام اي وسيلة في سبيل الدفاع عن ارضهم، واختيار الشعب الفلسطيني الحجارة كوسيلة وكسلاح، حق مشروع بل انهم وعلي الرغم من كونه سلاحا ضعيفا في ظاهره، الا انه اقوي من سلاح العدو، الدليل استمرار تلك المواجهة التي تدل علي قوة الضعيف وضعف القوي
فمشكلتنا نحن الشعوب العربية تثور دماؤنا وغيرتنا ليوم او يومين لتهدأ بعدها لشهور، الي ان تطفو علي سطح المقاومة قضية جديدة لنخرج بعدها في مسيرات تظاهرية سلمية تضامنية او اعتراضية، فذلك كل ما نملكه، فننسي كل تلك الدماء التي تراق مع تفكيرنا في مشاكلنا اليومية.
يجب ألا يقتصر استنكارنا ليوم واحد فقط، ولا بد من الاستمرار فيه كجزء من واجبنا تجاه مقدساتنا المحتلة، ما الذي تشعر به عندما تري صور المقاومة واطفالاً في مواجهة دبابات العدو؟ سألناه فسكت لبرهة وقال: بصراحة لا تقوي كلماتي عن التعبير، واكتفي بالتنهيد والزفرات!
أؤيد المقاومة بأي وسيلة كانت وبأي سلاح وان كان سلاحا ضعيفا كالحجارة، التي تحمل من المعاني الشيء الكثير، صحيح ان قوة السلاح والدبابة لا تقارنان بقوة الحجارة، باعتبارهما قوتين غير متكافئتين، الا انهما اسلوبان من اساليب المواجهة، ولا اظن ان تلك المقاومة ستخفت او تتوقف، حتي وان ازداد العدو قوة وعدة وعتاداً وجبروتاً، والديل علي ذلك استمرار المواجهة وتكرار مشاهد الاستشهاد، وسقوط العشرات جرحي، كل ذلك فخر وعز لحامل الحجر، بل هو وسام شرف يعلقه علي صدره، وعن نفسي احترم المقاومين وان كان الحزن يخالجني لوقوفي مكتوفة الايدي، في قضية تعتبر قضية عربية اكثر من كونها قضية شعب او وطن واحد.. كانت تلك كلمات أمل حسين سرحان – 18 سنة طالبة تكنولوجيا التعليم والمعلومات.
مقاومة تثلج الصدر
الضعف والجبن اهم خصال العدو، العزيمة وقوة الايمان، اهم صفات اصحاب الحق، وقد ذكر الله في كتابه العزيز، ان الاعداء لا يحاربون الا من وراء الحصون..، كانت هذه مقولة علي ميزرا محمد 24 عاما طالب هندسة مدنية – واسترسل بقوله: بالطبع القوة غير متكافئة ما بين الحجارة وما بين الدبابة، ولاسيما من الناحية التكنولوجية، ولكن هذا السلاح سبيل المقاومين لتحرير وطنهم، وان كان الثمن دفع ارواحهم واستشهادهم.
صحيح ان رؤية طفل في مواجهة دبابة امر مروع، خصوصا عندما ننظر الي طفولته المحرومة حتي من اللعب كأقرانه ممن هم في سنه، ولكن يثلج الصدر عندما نترجم الصورة علي انها رفض للاستسلام، وانتقام لدم الاهل الذي سفك بيد اليهود.
احترام تلك الأيدي الغضة
وبالمصادفة واثناء ما كنا نوجه اسئلتنا لزينب سلمان عيسي 22 سنة كانت تتصفح صور المقاومة الفلسطينية عبر الانترنت، وقالت بعد زفرات أطلقتها: بصراحة احس بألم في قلبي وانا اري مثل هذه الصور، خصوصا انها لعرب ومسلمين، ودفاعهم عن وطنهم واستشهادهم في سبيله، والأكبر منها مواجهة المحتل بحجارة صغيرة في حجمها، وحقيرة في شكلها، إلا أنها عظيمة في معانيها، والمثير للضحك والأسي في ذات الوقت، إن الأطفال وبأسلحتهم الحجارة يرهبون العدو الاسرائيلي المتحصن داخل ودبابته أو بخوذته وسترته الواقية.. قليل من التأمل في ذلك يجعلنا نحترم تلك الأيدي الغضة التي لم تمسك الألعاب كغيرهم من الأطفال.
وبنظرة مختلفة عن سابقيه قال أحمد عبدالحسن الصفار ـ 23 عاما وهو طالب في قسم الاعلام والعلاقات العامة ـ عندما أشاهد المقاومة الفلسطينية، أتذكر ثورة الإمام الحسين (ع)، وكيف انتصر الدم علي السيف… فالحجر وان كان ضعيفاً وصغيراً سوف ينتصر يوماً علي الدبابة، فتلك المقاومة ما هي إلا انتقام للشرف المهدور، وموقف يستحق منا احناء الرأس تكريماً للضحايا والشهداء.
واتذكر ولا أظنني سأنسي لقطة تلفزيونية، كانت لجندي يلاحق طفلاً لم يتعد العشر سنوات من عمره، وبلحظة التفت الطفل إليه وحمل حجرة، وإذا بالعدو يخاف منه ويفر هارباً، وأضاف الصفار بنبرة تحمل من الأسي الكثير: للأسف الجيوش العربية تفوق جيوش إسرائيل بل وتفوق عدد الاسرائيليين جميعا، إلا أنهم لم يتخذوا موقفاً موحداً لمواجهته، بل اننا نملك من القوة المادية لشراء الأسلحة، والتي بعضها بالفعل موجود ويصدأ لعدم استخدامه، ولكن لم يفكروا يوماً في المساهمة به لمواجهة قوة العدو الاسرائيلي.
ويستدل الصفار في ختام حديثه بمقولة للإمام علي بن أبي طالب (ع) حيث قال: الساكت عن حقه شيطان أخرس .. واختتم بقوله.. السعي للدفاع عن الحق أمر لابد منه، ولابد من استرداد الكرامة التي صدرت، والاستشهاد في سبيل الوطن قضية ترجمها الاستشهاديون… ومنهم محمد الدرة الطفل الذي زرعت صورته في ذاكرتنا جميعا.
Catarab
2004-04-17
استطلاع أجرته – ياسمين خلف:
نعتقد ولا نظن اننا مخطئون ان ما من احد منا لم ير في احد وسائل الاعلام ذاك الفلسطيني الطفل في حجمه وسنه، والكبير في فعله ومقاومته، عندما يقذف العدو الاسرائيلي بحجرة حجمها لم يتعد حجم كفه، متحدياً دبابة مجهزة بأحدث تقنيات التدمير!
المفارقة كبيرة ما بين الحجر والدبابة وما من شك ان القوة المادية واضحة، وكذلك القوة المعنوية! ولكن رغم تلك القوة الظاهرة للأجهزة والمعدات لازالت قوة المقاومة وان كانت ضعيفة وبسيطة في صورتها، الا انها قوية في مدلولاتها ومعانيها لدي شبابنا الذي ومنذ نعومة أظافرهم يرون تلك المشاهد، التي وصفها البعض علي انها مشاهد تستحق فعلا انحناء واحتراماً وتقديراً لشعب ابي ان ينحني لمستعمر طاغ. في هذا الاستطلاع نري كيف ينظر الشباب البحريني الي هذه المفارقة في معادلة الحجر والدبابة.
مروة هاشم محمد والتي لم تتعد التاسعة عشرة من عمرها أدلت بدلوها في الموضوع وقالت: لا يختلف اثنان علي ان الدبابة اقوي من حيث الامكانات التدميرية، ولكن علي الرغم من ذلك فإن السلاح الذي آثر الفلسطينيون استخدامه أقوي، لانه يحمل ارادة شعب وضع بلاده في كفة ودمه في كفة اخري، فإما ان تكون بلاده ملكا له او انه سيدفع دمه ثمناً لاسترجاعها، ولان ارادتهم اقوي من كل شيء فإنهم لن يستسلموا أبدا للمحتل وإن لم يسترجعوا ارضهم ستبقي القضية معلقة وللأبد !
وتواصل: تلك العمليات الفدائية ليست انتحاراً وإنما شرف، تسعد الام فيه وتفخر عندما تسمع خبر استشهاد ابنها وتدفعه لنيل تلك الكرامة.. وذاك الطفل الذي وان هرب يوما من مواجهة المحتل، لا لخوف وانما لبراءته التي اغتصبت، حتماً سيواجه العدو وسيقف في وجهه وان كان داخل دبابته.
مشاركتي مادية ومعنوية
ويجد عبدالله جمعة رشدان – طالب حقوق ان وقوف طفل صغير امام دبابة لهو شجاعة وغيرة علي الارض والوطن، بل وغيرة علي الاسلام والقدس التي هي احد رموزه. وبصوت أخذ في الانخفاض في نبرته قال: اشعر بالحزن وبالاسي عندما أري تلك المقاومة علي شاشة التلفزيون، لإحساسي بالعجز وقلة الحيلة، فكل ما أملكه من مشاركة هي مشاركة معنوية ومادية فقط، ولو امكنني المشاركة والمقاومة للدفاع عن شرف العروبة لما ترددت! واكتفي عبدالله في نهاية حديثه بالتمني عندما قال: أتمني ان تحرر القدس يوماً علي يد العرب.
طفل أقوي من رجل عربي
يا قدس ياسيدتي معذرة، فليس لي يدان، وليس لي اسلحة وليس لي ميدان، كل الذي املكه لسان! بتلك الابيات المقتبسة من ابيات الشاعر احمد مطر بدأ هاني احمد النمر – 23 سنة حديثه معنا، وقال بعد تنهيدة، كلما رأيت مشاهد المقاومة الفلسطينية امام اليهود الاسرائيليين اتذكر هذه الابيات التي بالفعل تعبر عن واقعي وواقعنا جميعاً، والكلام، والحديث هو كل ما نملكه.
فالحجر الذي نراه بيد الاطفال ما هو الا بنض للرجولة، وبقايا للكرامة العربية، والدبابة تلك ما هي إلا سلاح قد نتفاخر نحن العرب بقدرتنا علي شرائه، ولكننا لا نحسن وللاسف استخدامه. فكل ما نحسنه هو التصفيق والتشجيع لهؤلاء الاطفال، الذين هم اقوي من الرجل العربي، وأضاف النمر ما يقوم به الاطفال والشباب علي الارض المحتلة نوع من انواع النضال والكفاح من اجل المحافظة علي الارض التي ورثوها عن آبائهم وليس ضرباً من ضروب الانتحار كما يدعي البعض !
الحجر.. سلاح بدائي
تبلدت مشاعري بعد كل هذه السنوات التي اري فيها صوراً لمآس عبر وسائل الاعلام المختلفة، ولم اعد اري من تلك الاحجار التي اعتبرتها قوة بيد الاطفال، شيئاً عدياً.. بهذه الكلمات اليائسة بدأت في الحديث زهراء علي سلمان – 21 سنة – طالبة فنون تربوية، وجاء علي لسانها: لا يحمل لي الحجر اي مدلول او معني! اتذكر انني في سنوات عمري الاولي كنت أنبهر من الحجر واعتبره رمزاً لأمور عديدة، ولكنني اليوم اراه جماداً لا فائدة من ورائه! ربما قد يحمل مدلولات عند ذاك الطفل الذي اعتاد ان يري اهله وهم يقذفون به العدو، فيكبر وهو لا يهاب ولا يخاف المحتل، ويقدم نفسه فداء للوطن فيري في الحجر رمزاً للكفاح والثورة، ولكنني اري ان قوة الدبابة بالمقارنة بقوة الحجر قوي غير متكافئة ولا يمكننا ان نضعهم في كفتي ميزان واحد.
شجاعة توازي قوة الدبابة
وتتفق رقية مهدي صالح 18 سنة – طالبة في الجامعة مع زهراء ، في كون ان الدبابة قوة، لا يمكن مقارنتها بقوة الحجارة التي وجدت لقلة الاسلحة او عدمها في ايدي المقاومين من الفلسطينيين، مشيرة الي ان رفع الحجارة في وجه العدو يحمل مدلولات عدة اهمها رفض الذل، والدفاع عن النفس والوطن، وعدم الاستسلام او التنازل او حتي السكوت عن الحق، بل وتعتبرها شجاعة توازي في قوتها قوة الدبابة والاسلحة اليهودية.
وتقول بصوت تسلل إليه الحزن اشعر بالالم والضيق عندما اري الاطفال، وهم في أحلي سني عمرهم يقاومون المحتل، ولكنني اشعر بالفخر اذا ما تمعنت في قوتهم واصرارهم في استرجاع هحهم وحق آبائهم وابنائهم في المستقبل.
قوة الضعيف .. وضعف القوة
السكوت والرضوخ هما قمة المأساة التي نعيشها، ووجود المقاومة والفدائيين، وسيلة لتحريك الشعوب العربية التي تفضل الاستسلام للعدو علي ان تقاومه بالدم! بهذه الانطلاقة بدأ محمد عبدالله علي 22 عاماً طالب في كلية الحقوق. والذي واصل بنفس الانطلاقة عندما قال: من حق اي شعب استخدام اي وسيلة في سبيل الدفاع عن ارضهم، واختيار الشعب الفلسطيني الحجارة كوسيلة وكسلاح، حق مشروع بل انهم وعلي الرغم من كونه سلاحا ضعيفا في ظاهره، الا انه اقوي من سلاح العدو، الدليل استمرار تلك المواجهة التي تدل علي قوة الضعيف وضعف القوي
فمشكلتنا نحن الشعوب العربية تثور دماؤنا وغيرتنا ليوم او يومين لتهدأ بعدها لشهور، الي ان تطفو علي سطح المقاومة قضية جديدة لنخرج بعدها في مسيرات تظاهرية سلمية تضامنية او اعتراضية، فذلك كل ما نملكه، فننسي كل تلك الدماء التي تراق مع تفكيرنا في مشاكلنا اليومية.
يجب ألا يقتصر استنكارنا ليوم واحد فقط، ولا بد من الاستمرار فيه كجزء من واجبنا تجاه مقدساتنا المحتلة، ما الذي تشعر به عندما تري صور المقاومة واطفالاً في مواجهة دبابات العدو؟ سألناه فسكت لبرهة وقال: بصراحة لا تقوي كلماتي عن التعبير، واكتفي بالتنهيد والزفرات!
أؤيد المقاومة بأي وسيلة كانت وبأي سلاح وان كان سلاحا ضعيفا كالحجارة، التي تحمل من المعاني الشيء الكثير، صحيح ان قوة السلاح والدبابة لا تقارنان بقوة الحجارة، باعتبارهما قوتين غير متكافئتين، الا انهما اسلوبان من اساليب المواجهة، ولا اظن ان تلك المقاومة ستخفت او تتوقف، حتي وان ازداد العدو قوة وعدة وعتاداً وجبروتاً، والديل علي ذلك استمرار المواجهة وتكرار مشاهد الاستشهاد، وسقوط العشرات جرحي، كل ذلك فخر وعز لحامل الحجر، بل هو وسام شرف يعلقه علي صدره، وعن نفسي احترم المقاومين وان كان الحزن يخالجني لوقوفي مكتوفة الايدي، في قضية تعتبر قضية عربية اكثر من كونها قضية شعب او وطن واحد.. كانت تلك كلمات أمل حسين سرحان – 18 سنة طالبة تكنولوجيا التعليم والمعلومات.
مقاومة تثلج الصدر
الضعف والجبن اهم خصال العدو، العزيمة وقوة الايمان، اهم صفات اصحاب الحق، وقد ذكر الله في كتابه العزيز، ان الاعداء لا يحاربون الا من وراء الحصون..، كانت هذه مقولة علي ميزرا محمد 24 عاما طالب هندسة مدنية – واسترسل بقوله: بالطبع القوة غير متكافئة ما بين الحجارة وما بين الدبابة، ولاسيما من الناحية التكنولوجية، ولكن هذا السلاح سبيل المقاومين لتحرير وطنهم، وان كان الثمن دفع ارواحهم واستشهادهم.
صحيح ان رؤية طفل في مواجهة دبابة امر مروع، خصوصا عندما ننظر الي طفولته المحرومة حتي من اللعب كأقرانه ممن هم في سنه، ولكن يثلج الصدر عندما نترجم الصورة علي انها رفض للاستسلام، وانتقام لدم الاهل الذي سفك بيد اليهود.
احترام تلك الأيدي الغضة
وبالمصادفة واثناء ما كنا نوجه اسئلتنا لزينب سلمان عيسي 22 سنة كانت تتصفح صور المقاومة الفلسطينية عبر الانترنت، وقالت بعد زفرات أطلقتها: بصراحة احس بألم في قلبي وانا اري مثل هذه الصور، خصوصا انها لعرب ومسلمين، ودفاعهم عن وطنهم واستشهادهم في سبيله، والأكبر منها مواجهة المحتل بحجارة صغيرة في حجمها، وحقيرة في شكلها، إلا أنها عظيمة في معانيها، والمثير للضحك والأسي في ذات الوقت، إن الأطفال وبأسلحتهم الحجارة يرهبون العدو الاسرائيلي المتحصن داخل ودبابته أو بخوذته وسترته الواقية.. قليل من التأمل في ذلك يجعلنا نحترم تلك الأيدي الغضة التي لم تمسك الألعاب كغيرهم من الأطفال.
وبنظرة مختلفة عن سابقيه قال أحمد عبدالحسن الصفار ـ 23 عاما وهو طالب في قسم الاعلام والعلاقات العامة ـ عندما أشاهد المقاومة الفلسطينية، أتذكر ثورة الإمام الحسين (ع)، وكيف انتصر الدم علي السيف… فالحجر وان كان ضعيفاً وصغيراً سوف ينتصر يوماً علي الدبابة، فتلك المقاومة ما هي إلا انتقام للشرف المهدور، وموقف يستحق منا احناء الرأس تكريماً للضحايا والشهداء.
واتذكر ولا أظنني سأنسي لقطة تلفزيونية، كانت لجندي يلاحق طفلاً لم يتعد العشر سنوات من عمره، وبلحظة التفت الطفل إليه وحمل حجرة، وإذا بالعدو يخاف منه ويفر هارباً، وأضاف الصفار بنبرة تحمل من الأسي الكثير: للأسف الجيوش العربية تفوق جيوش إسرائيل بل وتفوق عدد الاسرائيليين جميعا، إلا أنهم لم يتخذوا موقفاً موحداً لمواجهته، بل اننا نملك من القوة المادية لشراء الأسلحة، والتي بعضها بالفعل موجود ويصدأ لعدم استخدامه، ولكن لم يفكروا يوماً في المساهمة به لمواجهة قوة العدو الاسرائيلي.
ويستدل الصفار في ختام حديثه بمقولة للإمام علي بن أبي طالب (ع) حيث قال: الساكت عن حقه شيطان أخرس .. واختتم بقوله.. السعي للدفاع عن الحق أمر لابد منه، ولابد من استرداد الكرامة التي صدرت، والاستشهاد في سبيل الوطن قضية ترجمها الاستشهاديون… ومنهم محمد الدرة الطفل الذي زرعت صورته في ذاكرتنا جميعا.
Catarab
2004-04-17
أحدث التعليقات