نشرت فى : مايو 2010

حوامل كالفراشات وكالفيلة

ياسمينيات
حوامل كالفراشات وكالفيلة
ياسمين خلف

ياسمين خلف

المرأة العاملة في القطاع الخاص أشبه ما تكون بالـ ”سوبر وومن”، فما تحظى به من امتيازات أقل بكثير مما تحظى به المرأة العاملة في القطاع الحكومي، حتى كاد عملها يشبه بالأعمال الشاقة التي تأخذ منها أكثر مما تعطيها، فتخرج من اللعبة خسرانة وبامتياز أيضا، فمن ناحية ساعات العمل فهي تعمل لساعات أطول وفي أحايين كثيرة من دون حتى تعويض مالي بحجة طبيعية العمل، ومن ناحية أخرى فهي تعمل بنظام النوبات، وما أدراك ما النوبات حيث تقلب موازين الحياة الطبيعية رأسا على عقب، فلا يقوى صاحبها على مسايرة الحياة الطبيعية فتجد ليله نهارا، ونهاره ليلا فيفقد حياته الاجتماعية وعلاقاته الشخصية وحتى علاقته مع أهله وأبنائه، كل ذلك ينطبق كذلك على الرجل، ولكن للمرأة خصوصية تجعل منها أقل تحملا مهما كابرت ومهما قالت بأنها قادرة على أن تعطي شأنها شأن شقيقها الرجل.
كثيرا ما تثير شفقتي العاملات في المحلات التجارية من النساء الحوامل، واللواتي تجدهن كالفراشات في تنقلهن وكالفيلة في أحجامهن من اثر الحمل، فتجدهن واقفات على أرجلهن ولمدة ثماني ساعات متواصلة من دون حتى تقدير لوضعهن الحرج، فيمنعن من الجلوس شأنهن شأن العاملات الأخريات غير الحوامل، أذكر أني مرة لمحت إحدى العاملات وهي تطلب من زميلتها الحامل أن تسرع لتجلس قليلا في غرفة التبديل قبل أن يرجع المسؤول الأجنبي ويراها غير واقفة في مكانها، وهي الحامل في أشهرها الأخيرة كما يبدو واضحا من حجم بطنها الأشبه بالبالونة التي تكاد أن تنفجر، موقف قد يتكرر مرات ومرات دون أدنى تحرك بالمطالبة بحقوق هذه الفئة من العاملات، فأن كن قادرات على الوقوف لمدة 8 ساعات يوميا ولستة أيام أسبوعيا وهن فتيات أو نساء غير حوامل فإنهن عاجزات عن ذلك وهن يحملن في أحشائهن طفلاً يركل ويرفس من دون هوادة.
حتى عندما يلدن تجدهن ”العاملات في القطاع الخاص ” يحصلن على إجازة وضع أقل من حيث الأيام بل حتى ساعات الرضاعة التي هي الأخرى أقل، وكأنما طفلها هو الآخر ليس بطفل، وكأنه ولد ولا يحتاج إلى رعاية واهتمام كقرينه طفل المرأة العاملة في القطاع الحكومي، فتظلم الأم وطفلها في آن واحد.
من يقول إن المرأة هي من وضعت نفسها في هذا الموقف، فالكلام مردود عليه، فالمرأة لا تقبل لنفسها المهانة تلك ولكنها تؤثر راحة أسرتها على نفسها، فهي لم تخرج لمعركة العمل وما بها من أهوال إلا لوقفتها الشهمة مع زوجها، قلة من الأزواج اليوم من يكونون قادرين على تحمل تكاليف الحياة الآخذة في الاشتعال، وأكاد أن أجزم لو خيرت النساء ما بين العمل والجلوس في مملكتهن ” بيوتهن ” لفضلن الثانية بشرط أن تضمن حياة كريمة ومستقرة لا تزعزعها مطالب الحياة والتي هي الوحيدة التي لا تفرق بين العاملين في القاطع الحكومي من العاملين في القطاع الخاص.

العدد 807 الاربعاء 2 جمادة الأولى 1429 هـ – 7 مايو 2008

ياسمينيات حوامل كالفراشات وكالفيلة ياسمين خلف المرأة العاملة في القطاع الخاص أشبه ما تكون بالـ ''سوبر وومن''، فما تحظى ب...

إقرأ المزيد »

من وسط ساحة الحرب

ياسمينيات
من وسط ساحة الحرب
ياسمين خلف

ياسمين خلف

لم يكن الطريق من الحازمية، حيث كنت وأخواتي نتوجه إلى مقر الفندق في بيروت وبالتحديد على طريق الروشة ممهداً، ولم يكن كعادته يعاني من الاختناق المروري أو كما يقول أهل لبنان بلهجتهم ”عجأه”. فالشوارع على غير عادتها خالية، والشوارع مشلولة الحركة والطرقات مقطوعة وطلقات النار ودوي الانفجارات كانت تنبئ بحرب لا هوادة فيها. كنا نسمع قرع طبولها من خلال أحاديث الناس وتصريحات السياسيين، أرجعت ذاكرتنا إلى حرب تموز مع الفارق بين الأسباب وقوتي الحرب. الظلمة كانت سيدة الموقف ووميض الطلقات النارية كانت تنير السماء للحظات لتعقبها صرخات من هنا وهناك تدعوك إلى الاختباء والاحتماء بالمباني القريبة من الرصاصات الطائشة التي لا تعرف من معها أو ضدها.
مجازفة تلك التي أقدمنا عليها للوصول إلى الفندق بعد خروجنا من المستشفى، فحتى أهل البلد اختبأوا في منازلهم بعيد خطبة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله هم ”أهل لبنان” وأدرى بشعابها، ويعرفون متى وأين يختبئون إذا ما فروا من ساحة المعركة، ويدركون تماماً ما تعنيه الحرب وما يعنيه الرصاص والقذائف والقنابل. ألم يتربوا على الحروب التي أنهكتهم نفسياً قبل أن تنهك البلد اقتصادياً؟ لم نكن نعرف الحروب إلا ما نسمع عنها أو نشاهدها عبر الشاشة الفضية، إلا أننا لم نعِ حقيقة ما تعنيه تلك الرصاصات حين تخترق جسماً أو تحول تلك القنابل الأجساد إلى أشلاء وتدك المباني وتسطحها بالأرض.
بلا استثناء كان لبنان يصغي باهتمام إلى المؤتمر الصحافي للسيد حسن نصر الله، من كان في الشارع وهم قلة كانوا ينصتون إلى المذياع أو حتى من خلال هواتفهم النقالة للمؤتمر، والأغلبية الساحقة كانت تتابعها من منازلهم، واثقون تماماً أن هذا الرجل لا يقول إلا الصدق، وأن ما قد يتفوه به من قرارات قد ترجعهم مرة أخرى إلى خيار الحرب الذي لا ثاني له. وقد أعلنها صراحة بأنها حرب ما بين الحزب والحكومة التي قررت أن تمد يدها إلى أسلحة المقاومة، مهدداً ومتوعداً إياها إذا ما تجرأت وتعدت على أسلحتها ”اليد التي تمتد إلى سلاح المقاومة ستقطع حتماً”.
وبعيداً عن السياسة وقريباً من الوضع في لبنان، فإن فتيل الأزمة السياسية الحالية بدأ من اليوم الثاني من وصولنا إلى أرض الأرَزْ، أرض لبنان، كان كل من يرانا يستغرب وجودنا في هذه الفترة المتأزمة بالذات ”شو جابكن بهي الأيام؟” كانوا يتساءلون. فالمطار الذي استقبلنا أغلق في اليوم الثاني في يوم احتجاج نقابة العمال و”شلل الحركة العمالية”، فلا محلات فتحت أبوابها ولا مطاعم قدمت أكلاتها اللبنانية المعهودة، قلة هم الموظفون من اختار طريقة للعمل في ذاك اليوم، فأصبح لبنان ومنذ الصباح حتى ”العشية” تشتعل، وطرقاته مغلقة بالإطارات المشتعلة والسيارات المحترقة، في ثورة عمالية ضد الغلاء وضد الأجور المنخفضة، تماماً كما يعاني شعبنها من موجة الغلاء التي لا يدرك حجمها إلا من يراقب التغير بالفلس الواحد للمنتجات والمواد الاستهلاكية، ووضع بعضاً مما يراه يوماً من الأساسيات في خانة الكماليات، ألم يستغنِ الكثيرون عن الفواكه لارتفاع سعرها؟
هكذا وبعد يوم من الاحتجاج العمالي اللبناني والذي تكاتف فيه الشعب كله من شيعي وسني ودرزي ومسيحي، فـ”الغلاء لا يفرق بين مذهب وطائفة”، أبدى الشعب استعداده أن يواصل احتجاجه ليومين أو أكثر إذا ما تتطلب الأمر، إلا أن التوتر والتأزم السياسي عاد ليفرض نفسه وبصورة أكثر جدية بعيد خطبة سماحة السيد حسن نصر الله ليزج لبنان في ليلة وضحاها في حرب جديدة قد تقرع طبولها فعلاً، وقد تخبو. هذا ما يترقبه الناس هنا في لبنان، بل في العالم أجمع.

العدد 815 الخميس 10 جمادة الأولى 1429 هـ – 15 مايو 2008

ياسمينيات من وسط ساحة الحرب ياسمين خلف لم يكن الطريق من الحازمية، حيث كنت وأخواتي نتوجه إلى مقر الفندق في بيروت وبالتحدي...

إقرأ المزيد »

الرصاص عندما يمتزج بالرعد

ياسمينيات
الرصاص عندما يمتزج بالرعد
ياسمين خلف

ياسمين خلف

كانت ليلة مخيفة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، أمطار ورياح شديدة أقرب ما تكون إلى العاصفة منها إلى الرياح، البحر هائج وكأنما هو ثائر على الوضع المتأزم في لبنان، كانت أصوات البرق والرعد تمتزج مع أصوات الانفجارات وطلقات الرصاص، كان ذلك في الثالثة فجرا من يوم الجمعة التاسع من شهر مايو/ آيار الجاري، الوضع الأمني كان حتى تلك الساعات متأججا في بيروت خاصة، وبوادر الانفراج كانت خجولة، النوم كان صعبا رغم المحاولات المستميتة التي لا تخلو من الدعاء وطلب المغفرة والعودة إلى الوطن بالسلامة، الوضع كان أشبه بالحصار، حتى موظفو الفندق لم يجدوا مفرا من البقاء ومواصلة العمل ليومين دون توقف، كيف لا وزملاؤهم قطع بهم الطريق ولا مجال لهم للوصول إلى مقار عملهم لسد الطرقات من جهة، وخوفا على سلامتهم من جهة أخرى، كما أنهم ”موظفو الفندق” مجبرون على البقاء بعد أن أصبح أمر وصولهم لمنازلهم صعبا، وان كان غير ذلك فهي مجازفة قد يدفعون ثمنها باهظا، تتساوى فيها مع أعمارهم. كثيرون آثروا الابتعاد عن ساحة الحرب المحتملة، حاولوا رغم سد الطرق المؤدية إلى الحدود السورية ولو لمجرد المحاولة للخروج من لبنان الجريح بعدما أخفقوا من الفرار جوا بعد إغلاق مطار الشهيد رفيق الحريري، ولا سيما رعايا الدول العربية المستثمرون والسياح منهم أو طلاب الجامعات، حتى أبناء لبنان حاولوا الخروج، منهم من تمكن لحسن حظه رغم تكبد عناء حمل الشنط لمسافة تتجاوز الخمسمئة كيلومتر للوصول إلى السيارات التي تنتظرهم في الضفة الأخرى من الحدود السورية وبعضهم من عاد أدراجه يجر ذيول الخيبة وهو يصفق يداً بيد خوفا من مستقبل قد يعيد ذكرى الحرب الأخيرة، ولا يعلم غير الله ان كان سيكون من عداد الموتى والشهداء أو من الأحياء.
هم ”أبناء لبنان” أو كما نقول نحن معشر الصحافيين الشارع اللبناني لم يعد يملك النفس الطويل الذي كانوا عليه، الحروب السابقة أنهكتهم وسلبتهم الأمن والأمان وحرمتهم من أعز أقربائهم وأبنائهم، خسروا الكثير، وان كانوا قد نالوا الكرامة والعزة ”ألم ينتصر السيد حسن نصر الله لهم وللبنان وللأمة العربية جمعاء عندما انتصر انتصارا ساحقا على إسرائيل في حرب تموز؟ لم يعد أهل لبنان يهتمون لمن الغلبة والانتصار اليوم، يريدون العيش بسلام، برخاء، وبأمان، يجدون أن الوضع بات صراعا بين رؤوس كثيرة، وأن الوضع الطبيعي وان طال الزمان ينصر رأسا واحد ليدير دفة الأمور، أحدهم قال ساخرا على مصير البلد الذي بات على شفير حفرة لا يعي عمقها غير السياسيين المحنكين قال ”هُمه وعدونا أن بعد مية سنة راح تتعدل الأمور منو مشكلة راح ننتظر” فهل حقا سيطول انتظار هذا الوعد لتبقى لبنان جريحة طوال أعمارنا القصيرة.

العدد 818 الأحد 13 جمادة الأولى 1429 هـ – 18 مايو 2008

ياسمينيات الرصاص عندما يمتزج بالرعد ياسمين خلف كانت ليلة مخيفة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، أمطار ورياح شديدة أقرب ما تك...

إقرأ المزيد »

وباقي الناس كلهم “تراب”

ياسمينيات
وباقي الناس كلهم «تراب»
ياسمين خلف

ياسمين خلف

طالما وقفت مشدوهة في طفولتي أمام والدي رحمه الله وهو يسرد لنا نحن أبناؤه بطولات الإمام علي بن أبي طالب ”ع”، فتباغته دموعه وتمنعه في أحايين كثيرة من إكمال تلك البطولات، وطالما طلبت منه التمهل في سرد الأشعار التي قيلت عنه حتى من ألد أعدائه، ليتسنى لي كتابتها لأحفظها عن ظهر قلب، حتى حفرت في ذاكرتي حفرا، وهل أنسى صوته وهو يقول ” علي الدُر والذهب المصفى، وباقي الناس كلهم ترابُ، علي البكاء في المحراب ليلا، علي الضحاك إذ اشتد الحرابُ”، فعشقت علي ”ع” عشقا حتى الثمالة وهل ألام في حب من ولد في بطن الكعبة؟ وتربى في حجر الرسول الأعظم، وزوج بنت النبي الأكرم ووالد ريحانتي الجنة؟
الحديث عن هذا الإمام ليس بالأمر السهل الهين،
الحديث عنه يعني محاولة تفسيره،الإلمام بمناقبه ومواهبه وأقواله وسيرته وحياته وهو ما لا يستطيع أحد منا أن يلم به بشكل تام،فهو كالبحر بل كالمحيط في عمقه وأسراره، ما أن تكتشف شيئا جديدا حتى تتبين لك أشياء وأشياء، فهل ينكر أحدنا قول الرسول الكريم ”أنا مدينة العلم وعلي بابها”؟ لذا أجد نفسي تائهة كلما حاولت أن أكتب عن إمامي أبي سيدي شباب أهل الجنة الإمامين الحسن والحسين، تشاغبني فكرة وتباغتني أخرى ويدعوني الفخر به إلى التحدي والكتابة عنه ولو بالشيء اليسير الذي حقا لن يوفيه قدره ولن يعطيه حقه.
نعم لست الوحيدة التي تحب الإمام علي ”ع” فحبه أمتد لقرون وسيمتد ”إلى أن يبعثون” وسر هذا الحب الذي غالى فيه البعض لدرجة سهلت على مبغضيه الرمي بسهامهم إلى محبيه ليكفرونهم أنه لم يعرف التاريخ من بعد الرسول أشجع منه قلبا ولا أثمن عقلا ولا أنور خلقا ولا أكثر إنسانية وزهدا ولا أعمق معرفة وعلما، يجهلون أو لنقل يتجاهلون مكانة هذا الإمام الذي قال عنه النبي الكريم ”ما عرف الله إلا أنا وأنت، وما عرفني إلا الله وأنت، وما عرفك إلا الله وأنا” ألم يقل الإمام علي ”ع” إن الناس أعداء ما جهلوا!”
فيا إمامي يا وريث الرسول وزوج ابنته البتول، ماذا بعد كل الذي قيل فيك نقول ؟ فعظم الله أجوركم يا مسلمين بوفاة أمير المؤمنين.

العدد 944 الأحد 21 رمضان 1429 هـ – 21 سبتمبر 2008

ياسمينيات وباقي الناس كلهم «تراب» ياسمين خلف طالما وقفت مشدوهة في طفولتي أمام والدي رحمه الله وهو يسرد لنا نحن أبناؤه بط...

إقرأ المزيد »

ارجع يا زمان…!

ياسمينيات
ارجع يا زمان…!
ياسمين خلف

ياسمين خلف

أين الوجوه التي أعرفها، بحثت عنها طويلا فلم أجدها!، ربما تأخروا وسيأتون، هكذا اعتقدت فانتظرت، ولكنهم لم يأتوا، ألم يدفعهم الحنين بعد للمشاركة في حفل إعادة الذكريات الجامعية؟، أم أنهم – أننا – من جيل لا يقدِّر الذكريات!، أتراها زحمة الحياة التي اعتصرتهم ولم يعودوا يكترثون بلقاء من جمعتهم الغربة وفرقتهم أرض الوطن؟!، أم أنهم لا يملكون حتى الفضول في التعرف على من يحملون ذكريات ربما تتلاقى في جوانب عدة رغم تباعد السنين؟، تهت بين أسئلتي وشكوكي رغم عدم جدواها بعدما خلت القاعة إلا من طلبة الدفعات الأولى للكويت ‘’جيل السبعينات’’.
عن نفسي كـ ‘’ياسمين’’ تحمست كثيرا للمشاركة في الحفل الأول للطلبة البحرينيين الدارسين في جامعة الكويت، رغم علمي المتأخر به لتأخر الإعلان عنه أصلا ورغم ارتباطاتي الأسرية كل يوم جمعة، فلأيام الجامعية طعم بحلاوة السكر رغم مرارة الغربة والبعد عن الأحبة، كنت قد أحسست بالحنين إلى الجامعة و’’سكن الطالبات’’ حتى قبل أن أودع ديار الكويت الحبيبة، فليس من السهل أبدا أن نفصل روحنا اليوم عن أرض احتضنتنا أربع سنوات، وكان لها الفضل في تعليمنا بمنحها الدراسية التي تغدق بها البحرينيين كل عام، ويعرف تماما كل من درس في الكويت ما للكويت من أثر على نفوسنا، ويكفي أن أسمها يتبعه شهيق وآهة تعبر عن حبها الذي لا يقل عن حب بحريننا الحبيبة، ففيها اشتد عودنا وتفتقت فيها مداركنا.
بحق المبادرة التي عمل عليها عدد من خريجي الجامعة في السبعينات للم شمل كل من درس على أرض الكويت مبادرة يشكرون عليها، وللأسف لم يقدر جيلي ثقل مثل هذا التجمع فغابوا عنه وغابت وجوههم- ربما للأبد – عنا، وبقوا يتوسطون الذاكرة وبعضا من الصور التذكارية، أحببت جيل الأمس أكثر من جيلي، رأيت فيهم روح الشباب وتقديرهم للأيام وفهمهم الصح – كما أعتقد – للحياة، وجدتهم يحنون لأيامهم الدراسية وكأني بهم أسمع كلا منهم يقول بحنين ‘’ارجع يا زمان’’، نعم كانت أيامهم الدراسية زاخرة ونشاطاتهم باهرة، وبون كبير بيننا وبينهم فجيلنا ربما كان أكثر خمولا وأكثر ‘’كآبة’’، وربما أكثر توهانا بين الالتزام والتشدد في التدين، ولكن كل ذلك ليس مبررا لعدم المشاركة وتنشيط الذاكرة التي لم يمر عليها سوى سنوات قد لا تتجاوز عند الكثيرين عدد أصابع اليد الواحدة، تساءلت بيني وبين نفسي هل جيلنا أقل حظا في كل شيء، حتى في متعة الإستئناس بالذكريات أم أننا حملنا أنفسنا هموم أنستنا وتنسينا بأن يومنا هذا لن يعود وبعد فواته حتما سنندم عليه، فرب يوم بكيت منه ولما صرت إلى غيره بكيت عليه كما قال الإمام علي عليه السلام.

1485 الثلثاء 30 ربيع الأول 1431 هـ – 16 مارس 2010

ياسمينيات ارجع يا زمان...! ياسمين خلف أين الوجوه التي أعرفها، بحثت عنها طويلا فلم أجدها!، ربما تأخروا وسيأتون، هكذا اعتق...

إقرأ المزيد »

أم المليون «……» عرفتوها؟!

ياسمينيات
أم المليون «……» عرفتوها؟!
ياسمين خلف

ياسمين خلف

كان كما قال وبدا جليا من نبرة صوته ‘’حزينا’’، لا لأنه فقد عزيزا لا سمح الله، ولا لأنه في خطب ومشكلة أبعد الله عنه المشاكل وإنما لإحساسه بأن المحرق مدينته قد فقدت هويتها بعد أن غزا الأجانب أحياءها ونزح سكانها الأصليون إلى مناطق ومدن أخرى، فبدت الأحياء غير الأحياء والسكان غير السكان وتغيرت اللهجة وتغيرت السنح ودفنت العادات والتقاليد إلى غير رجعة!
المحرق ليست الوحيدة التي تئن من هذه المشكلة، فقبلها المنامة بضواحيها المختلفة وتتبعها على التوالي جميع مدن البحرين التي لم تعد البحرين التي نعرفها، تغيرت، أصبحت ممسوخة رغم جمالها وفتنتها، أصبحت تعاني من التخمة رغم قدها الممشوق كما تعلمنا رسمها في حصص الجغرافيا في المدرسة، ورغم نضارتها تعاني اليوم من جفاف لبعد المياه عنها.
قبل أشهر كنت في زيارة لإحدى ضواحي المنامة مع زميل لي بهدف مهمة صحافية، فوجئت بالوضع الذي لا يمكن أن يوصف، كأنني وفجأة نزلت لا من سيارة وإنما من طائرة نقلتني لبلد أجنبي لا يعرف من البحرين شيئا، كادت رقبتي تصاب بتشنج وأنا أتلفت يمنة ويسرى أبحث عن من يشبهني في هويتي ويعرف لهجتي، ما هذا الذي أراه يا ربي جنسيات متعددة، ألسن مختلفة بعضها يحاول جاهدا أن يتلفظ باللهجة البحرينية المكسرة، وذاك لبس الثوب وتلك ارتدت العباءة والشيلة ليندمجوا ويتقمصوا الشخصية، أقسم بالله بأني لو لم يكن زميلي معي لما تجرأت وخرجت من السيارة لأحوم بين الأزقة التي أخذت تعبق برائحة الفلفل والبهار الهندي.
الوضع لا يبشر بالخير ولا المستقبل كذلك، فـالتعداد السكاني الأخير والذي أفجعنا بأن نسبة المواطنين أقل من الأجانب، وأننا تجاوزنا المليون نسمة، يطل بوجهه القبيح ليقول لنا بصوت ناشز بأن النسبة مرشحة للزيادة بل وإنها قادرة من خلال ‘’الوثب الطويل’’ أن تكون خلال سنوات قليلة مليون أجنبي مع توالدهم وتكاثرهم واستقدام بقيتهم الباقية من بلدانهم. وإن كنا نعاني من ضيق في الرزق فلا وظائف ولا رواتب مجزية، ولا صحة ولا تعليم مرضياً، ولا بيوت تأوي العوائل وشوارع مختنقة، فإن القادم أسوء، حينها فقط ليتذكر القابلون بالوضع أي جرم ارتكبوا في حق أبنائهم قبل أبناء غيرهم، وليغنوا بعدها بنفس اللحن مع تغيير كلمة نخلة بكلمة أخرى أخذت تشتهر بها البحرين أم المليون ( …… ) عرفتوها؟!

1471 الثلثاء 16 ربيع الأول 1431 هـ – 2 مارس 2010

ياسمينيات أم المليون «......» عرفتوها؟! ياسمين خلف كان كما قال وبدا جليا من نبرة صوته ‘’حزينا’’، لا لأنه فقد عزيزا لا سم...

إقرأ المزيد »

بس إحنا ما نقبل!

ياسمينيات
بس إحنا ما نقبل!
ياسمين خلف

ياسمين خلف

أريد إجابة لا دبلوماسية فيها ولا مجاملة، هل تقبل أن تزوج ابنك / ابنتك / أختك/ أخاك لمن له أقارب ذوي سوابق أو سمعة سيئة، شارب خمر، مدمن مخدرات أو حرامي أو حتى زانٍ مثلا؟ قبل الإجابة، الشريك المقترح (العروس/ المعرس) ممن يشهد له القاصي والداني بأنه ذو أخلاق حميدة …..
أجبت نعم أو لا، فإن المنصف سيتذكر قوله تعالى ”ولا تزر وازرة وزر أخرى” (سورة الزمر 7) وبعضا من الحكم تقول ”المرء منا لا يختار أباه ولا أمه فمن الظلم أن نحاسبه على قريب له”!
المشكلة أننا في مجتمعنا هذا قد نقول كلاما وعندما نكون في الموقف ”حزّة الحزّة” يتغير كل شيء ولسان الحال يقول ”جايز أصير بس احنا ما نقبل” وحسبي أن و”بس” كلمة ستتكرر في مواضع كثيرة في من يحاول ”فركشة” تلك الزيجة والحكم عليها بالإعدام.
شاب محترم أخلاقه عالية إن لم تكن عالية جداً تقدم أكثر من مرة لأكثر من فتاة وفي كل مرة يلاقي الرفض من أهل العروس، وإن هي قبلت رفضوا هم وهددوا بالقطيعة إن تم الزواج، وتوعّدوها بالغضب إلى يوم الدين، وذنبه الوحيد أنه ابن رجل شارب للخمر في شبابه! فمن يكون في مثل حاله ماذا يعمل وكيف يتصرف؟! أيبقى عازباً طوال عمره أم يبحث عن زوجة أجنبية لا تسأل هي ولا أهلها عن أخلاق ”طوايف طوايفه” أم يلجأ للحرام والعياذ بالله؟! وأخرى كلما تقدم لها شاب ينتابها الخوف من عدم اكتمال فرحتها وهو ما يحصل فعلاً، والسبب أن أخاها سبق وأن تعرض لتهمة حيازة وتعاطي المخدرات وخرج منها بريئاً، نعم بريئاً، إلا أن براءته تلك لم تشفع له ولا لأهله الذين وُصمت سمعتهم بالعار وتسببت في تأخر بناتها عن الزواج، واليوم ولله الحمد هنّ أمهات وأبناؤهن من المتفوقين المشهود لهم بالأخلاق!
الرفض مقبول ولا جدال فيه إن كان ”المعرس” ذا أخلاق سيئة، فمن منا يقبل أن تكون ابنته أو أخته أو حتى ”العروس” ذاتها، ضحية شارب للخمر لا يصبح ولا يمسي إلا بكأس نتنة ولا يعرف ربه ولا دينه، فمثله لا يؤتمن على بنات خلق الله، وبالمثل إن كان نصّاباً أو حرامياً أو مدمناً للمخدرات، ولكن أن يكون ”شريفاً” لا غبار على سمعته، ويعرف ربه ويريد أن يعيش عيشة الأسوياء ويكمل نصف دينه، ويقع ضحية لسلوكيات غيره فهو الأمر الذي علينا أن نعيد النظر فيه، ونضع الله أمام أعيننا الذي يحاسب المرء على أفعاله لا أفعال أهله، فلكل منا قبرٌ لن يدخله سواه ولن يعاقب على جريرته أحد، مهما كان ومهما كانت صلة القرابة التي تربطهما به.
الحال ذاته بالنسبة للفتاة، فإن كانت لعوباً وسمعتها ممرغة في وحل الخطيئة لن نقول اقبلْ بها كزوجة لابنك أو أخيك أو اقبلها زوجةً لك، وإن كان الله توّاباً يغفر، وقد تتوب وتهتدي بزواجها – وهي قضية أخرى- ولكن أن تكون فتاة مهذبة وشريفة وتجلد كل يوم بسوط مسموم جراء كونها أخت أو ابنة مدمن للكحول أو المخدرات فهو الظلم بعينه، وإن كان ذلك هو واقعنا، وبصراحة مجتمعنا… ظالم ظالم ظالم.

1463 الاثنين 8 ربيع الأول 1431 هـ – 22 فبراير 2010

ياسمينيات بس إحنا ما نقبل! ياسمين خلف أريد إجابة لا دبلوماسية فيها ولا مجاملة، هل تقبل أن تزوج ابنك / ابنتك / أختك/ أخاك...

إقرأ المزيد »