أم المليون «……» عرفتوها؟!

ياسمينيات
أم المليون «……» عرفتوها؟!
ياسمين خلف

ياسمين خلف

كان كما قال وبدا جليا من نبرة صوته ‘’حزينا’’، لا لأنه فقد عزيزا لا سمح الله، ولا لأنه في خطب ومشكلة أبعد الله عنه المشاكل وإنما لإحساسه بأن المحرق مدينته قد فقدت هويتها بعد أن غزا الأجانب أحياءها ونزح سكانها الأصليون إلى مناطق ومدن أخرى، فبدت الأحياء غير الأحياء والسكان غير السكان وتغيرت اللهجة وتغيرت السنح ودفنت العادات والتقاليد إلى غير رجعة!
المحرق ليست الوحيدة التي تئن من هذه المشكلة، فقبلها المنامة بضواحيها المختلفة وتتبعها على التوالي جميع مدن البحرين التي لم تعد البحرين التي نعرفها، تغيرت، أصبحت ممسوخة رغم جمالها وفتنتها، أصبحت تعاني من التخمة رغم قدها الممشوق كما تعلمنا رسمها في حصص الجغرافيا في المدرسة، ورغم نضارتها تعاني اليوم من جفاف لبعد المياه عنها.
قبل أشهر كنت في زيارة لإحدى ضواحي المنامة مع زميل لي بهدف مهمة صحافية، فوجئت بالوضع الذي لا يمكن أن يوصف، كأنني وفجأة نزلت لا من سيارة وإنما من طائرة نقلتني لبلد أجنبي لا يعرف من البحرين شيئا، كادت رقبتي تصاب بتشنج وأنا أتلفت يمنة ويسرى أبحث عن من يشبهني في هويتي ويعرف لهجتي، ما هذا الذي أراه يا ربي جنسيات متعددة، ألسن مختلفة بعضها يحاول جاهدا أن يتلفظ باللهجة البحرينية المكسرة، وذاك لبس الثوب وتلك ارتدت العباءة والشيلة ليندمجوا ويتقمصوا الشخصية، أقسم بالله بأني لو لم يكن زميلي معي لما تجرأت وخرجت من السيارة لأحوم بين الأزقة التي أخذت تعبق برائحة الفلفل والبهار الهندي.
الوضع لا يبشر بالخير ولا المستقبل كذلك، فـالتعداد السكاني الأخير والذي أفجعنا بأن نسبة المواطنين أقل من الأجانب، وأننا تجاوزنا المليون نسمة، يطل بوجهه القبيح ليقول لنا بصوت ناشز بأن النسبة مرشحة للزيادة بل وإنها قادرة من خلال ‘’الوثب الطويل’’ أن تكون خلال سنوات قليلة مليون أجنبي مع توالدهم وتكاثرهم واستقدام بقيتهم الباقية من بلدانهم. وإن كنا نعاني من ضيق في الرزق فلا وظائف ولا رواتب مجزية، ولا صحة ولا تعليم مرضياً، ولا بيوت تأوي العوائل وشوارع مختنقة، فإن القادم أسوء، حينها فقط ليتذكر القابلون بالوضع أي جرم ارتكبوا في حق أبنائهم قبل أبناء غيرهم، وليغنوا بعدها بنفس اللحن مع تغيير كلمة نخلة بكلمة أخرى أخذت تشتهر بها البحرين أم المليون ( …… ) عرفتوها؟!

1471 الثلثاء 16 ربيع الأول 1431 هـ – 2 مارس 2010

ياسمينيات
أم المليون «……» عرفتوها؟!
ياسمين خلف

ياسمين خلف

كان كما قال وبدا جليا من نبرة صوته ‘’حزينا’’، لا لأنه فقد عزيزا لا سمح الله، ولا لأنه في خطب ومشكلة أبعد الله عنه المشاكل وإنما لإحساسه بأن المحرق مدينته قد فقدت هويتها بعد أن غزا الأجانب أحياءها ونزح سكانها الأصليون إلى مناطق ومدن أخرى، فبدت الأحياء غير الأحياء والسكان غير السكان وتغيرت اللهجة وتغيرت السنح ودفنت العادات والتقاليد إلى غير رجعة!
المحرق ليست الوحيدة التي تئن من هذه المشكلة، فقبلها المنامة بضواحيها المختلفة وتتبعها على التوالي جميع مدن البحرين التي لم تعد البحرين التي نعرفها، تغيرت، أصبحت ممسوخة رغم جمالها وفتنتها، أصبحت تعاني من التخمة رغم قدها الممشوق كما تعلمنا رسمها في حصص الجغرافيا في المدرسة، ورغم نضارتها تعاني اليوم من جفاف لبعد المياه عنها.
قبل أشهر كنت في زيارة لإحدى ضواحي المنامة مع زميل لي بهدف مهمة صحافية، فوجئت بالوضع الذي لا يمكن أن يوصف، كأنني وفجأة نزلت لا من سيارة وإنما من طائرة نقلتني لبلد أجنبي لا يعرف من البحرين شيئا، كادت رقبتي تصاب بتشنج وأنا أتلفت يمنة ويسرى أبحث عن من يشبهني في هويتي ويعرف لهجتي، ما هذا الذي أراه يا ربي جنسيات متعددة، ألسن مختلفة بعضها يحاول جاهدا أن يتلفظ باللهجة البحرينية المكسرة، وذاك لبس الثوب وتلك ارتدت العباءة والشيلة ليندمجوا ويتقمصوا الشخصية، أقسم بالله بأني لو لم يكن زميلي معي لما تجرأت وخرجت من السيارة لأحوم بين الأزقة التي أخذت تعبق برائحة الفلفل والبهار الهندي.
الوضع لا يبشر بالخير ولا المستقبل كذلك، فـالتعداد السكاني الأخير والذي أفجعنا بأن نسبة المواطنين أقل من الأجانب، وأننا تجاوزنا المليون نسمة، يطل بوجهه القبيح ليقول لنا بصوت ناشز بأن النسبة مرشحة للزيادة بل وإنها قادرة من خلال ‘’الوثب الطويل’’ أن تكون خلال سنوات قليلة مليون أجنبي مع توالدهم وتكاثرهم واستقدام بقيتهم الباقية من بلدانهم. وإن كنا نعاني من ضيق في الرزق فلا وظائف ولا رواتب مجزية، ولا صحة ولا تعليم مرضياً، ولا بيوت تأوي العوائل وشوارع مختنقة، فإن القادم أسوء، حينها فقط ليتذكر القابلون بالوضع أي جرم ارتكبوا في حق أبنائهم قبل أبناء غيرهم، وليغنوا بعدها بنفس اللحن مع تغيير كلمة نخلة بكلمة أخرى أخذت تشتهر بها البحرين أم المليون ( …… ) عرفتوها؟!

1471 الثلثاء 16 ربيع الأول 1431 هـ – 2 مارس 2010

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.