ارجع يا زمان…!

ياسمينيات
ارجع يا زمان…!
ياسمين خلف

ياسمين خلف

أين الوجوه التي أعرفها، بحثت عنها طويلا فلم أجدها!، ربما تأخروا وسيأتون، هكذا اعتقدت فانتظرت، ولكنهم لم يأتوا، ألم يدفعهم الحنين بعد للمشاركة في حفل إعادة الذكريات الجامعية؟، أم أنهم – أننا – من جيل لا يقدِّر الذكريات!، أتراها زحمة الحياة التي اعتصرتهم ولم يعودوا يكترثون بلقاء من جمعتهم الغربة وفرقتهم أرض الوطن؟!، أم أنهم لا يملكون حتى الفضول في التعرف على من يحملون ذكريات ربما تتلاقى في جوانب عدة رغم تباعد السنين؟، تهت بين أسئلتي وشكوكي رغم عدم جدواها بعدما خلت القاعة إلا من طلبة الدفعات الأولى للكويت ‘’جيل السبعينات’’.
عن نفسي كـ ‘’ياسمين’’ تحمست كثيرا للمشاركة في الحفل الأول للطلبة البحرينيين الدارسين في جامعة الكويت، رغم علمي المتأخر به لتأخر الإعلان عنه أصلا ورغم ارتباطاتي الأسرية كل يوم جمعة، فلأيام الجامعية طعم بحلاوة السكر رغم مرارة الغربة والبعد عن الأحبة، كنت قد أحسست بالحنين إلى الجامعة و’’سكن الطالبات’’ حتى قبل أن أودع ديار الكويت الحبيبة، فليس من السهل أبدا أن نفصل روحنا اليوم عن أرض احتضنتنا أربع سنوات، وكان لها الفضل في تعليمنا بمنحها الدراسية التي تغدق بها البحرينيين كل عام، ويعرف تماما كل من درس في الكويت ما للكويت من أثر على نفوسنا، ويكفي أن أسمها يتبعه شهيق وآهة تعبر عن حبها الذي لا يقل عن حب بحريننا الحبيبة، ففيها اشتد عودنا وتفتقت فيها مداركنا.
بحق المبادرة التي عمل عليها عدد من خريجي الجامعة في السبعينات للم شمل كل من درس على أرض الكويت مبادرة يشكرون عليها، وللأسف لم يقدر جيلي ثقل مثل هذا التجمع فغابوا عنه وغابت وجوههم- ربما للأبد – عنا، وبقوا يتوسطون الذاكرة وبعضا من الصور التذكارية، أحببت جيل الأمس أكثر من جيلي، رأيت فيهم روح الشباب وتقديرهم للأيام وفهمهم الصح – كما أعتقد – للحياة، وجدتهم يحنون لأيامهم الدراسية وكأني بهم أسمع كلا منهم يقول بحنين ‘’ارجع يا زمان’’، نعم كانت أيامهم الدراسية زاخرة ونشاطاتهم باهرة، وبون كبير بيننا وبينهم فجيلنا ربما كان أكثر خمولا وأكثر ‘’كآبة’’، وربما أكثر توهانا بين الالتزام والتشدد في التدين، ولكن كل ذلك ليس مبررا لعدم المشاركة وتنشيط الذاكرة التي لم يمر عليها سوى سنوات قد لا تتجاوز عند الكثيرين عدد أصابع اليد الواحدة، تساءلت بيني وبين نفسي هل جيلنا أقل حظا في كل شيء، حتى في متعة الإستئناس بالذكريات أم أننا حملنا أنفسنا هموم أنستنا وتنسينا بأن يومنا هذا لن يعود وبعد فواته حتما سنندم عليه، فرب يوم بكيت منه ولما صرت إلى غيره بكيت عليه كما قال الإمام علي عليه السلام.

1485 الثلثاء 30 ربيع الأول 1431 هـ – 16 مارس 2010

ياسمينيات
ارجع يا زمان…!
ياسمين خلف

ياسمين خلف

أين الوجوه التي أعرفها، بحثت عنها طويلا فلم أجدها!، ربما تأخروا وسيأتون، هكذا اعتقدت فانتظرت، ولكنهم لم يأتوا، ألم يدفعهم الحنين بعد للمشاركة في حفل إعادة الذكريات الجامعية؟، أم أنهم – أننا – من جيل لا يقدِّر الذكريات!، أتراها زحمة الحياة التي اعتصرتهم ولم يعودوا يكترثون بلقاء من جمعتهم الغربة وفرقتهم أرض الوطن؟!، أم أنهم لا يملكون حتى الفضول في التعرف على من يحملون ذكريات ربما تتلاقى في جوانب عدة رغم تباعد السنين؟، تهت بين أسئلتي وشكوكي رغم عدم جدواها بعدما خلت القاعة إلا من طلبة الدفعات الأولى للكويت ‘’جيل السبعينات’’.
عن نفسي كـ ‘’ياسمين’’ تحمست كثيرا للمشاركة في الحفل الأول للطلبة البحرينيين الدارسين في جامعة الكويت، رغم علمي المتأخر به لتأخر الإعلان عنه أصلا ورغم ارتباطاتي الأسرية كل يوم جمعة، فلأيام الجامعية طعم بحلاوة السكر رغم مرارة الغربة والبعد عن الأحبة، كنت قد أحسست بالحنين إلى الجامعة و’’سكن الطالبات’’ حتى قبل أن أودع ديار الكويت الحبيبة، فليس من السهل أبدا أن نفصل روحنا اليوم عن أرض احتضنتنا أربع سنوات، وكان لها الفضل في تعليمنا بمنحها الدراسية التي تغدق بها البحرينيين كل عام، ويعرف تماما كل من درس في الكويت ما للكويت من أثر على نفوسنا، ويكفي أن أسمها يتبعه شهيق وآهة تعبر عن حبها الذي لا يقل عن حب بحريننا الحبيبة، ففيها اشتد عودنا وتفتقت فيها مداركنا.
بحق المبادرة التي عمل عليها عدد من خريجي الجامعة في السبعينات للم شمل كل من درس على أرض الكويت مبادرة يشكرون عليها، وللأسف لم يقدر جيلي ثقل مثل هذا التجمع فغابوا عنه وغابت وجوههم- ربما للأبد – عنا، وبقوا يتوسطون الذاكرة وبعضا من الصور التذكارية، أحببت جيل الأمس أكثر من جيلي، رأيت فيهم روح الشباب وتقديرهم للأيام وفهمهم الصح – كما أعتقد – للحياة، وجدتهم يحنون لأيامهم الدراسية وكأني بهم أسمع كلا منهم يقول بحنين ‘’ارجع يا زمان’’، نعم كانت أيامهم الدراسية زاخرة ونشاطاتهم باهرة، وبون كبير بيننا وبينهم فجيلنا ربما كان أكثر خمولا وأكثر ‘’كآبة’’، وربما أكثر توهانا بين الالتزام والتشدد في التدين، ولكن كل ذلك ليس مبررا لعدم المشاركة وتنشيط الذاكرة التي لم يمر عليها سوى سنوات قد لا تتجاوز عند الكثيرين عدد أصابع اليد الواحدة، تساءلت بيني وبين نفسي هل جيلنا أقل حظا في كل شيء، حتى في متعة الإستئناس بالذكريات أم أننا حملنا أنفسنا هموم أنستنا وتنسينا بأن يومنا هذا لن يعود وبعد فواته حتما سنندم عليه، فرب يوم بكيت منه ولما صرت إلى غيره بكيت عليه كما قال الإمام علي عليه السلام.

1485 الثلثاء 30 ربيع الأول 1431 هـ – 16 مارس 2010

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.