ياسمينيات
شئنا.. أم أبينا
ياسمين خلف
أن يرفض أو يعترض الرجل على إعطاء المرأة الحاضنة ساعتي رضاعة من ساعات العمل، أمر وارد ومقبول، بحكم أنه لم يجرب آلام الحمل والولادة ولا التربية وإنما يسمع عنها، وقد يكون سماعاً عن «بعد» أيضاً، بل أمر متوقع ومتوقع جداً، خصوصاً إذا ما كان رب عمل ومصلحته الربحية فوق كل اعتبار، ولكن أن يأتي الاعتراض والرفض من المرأة لبنات جنسها أمر مرفوض، ويستحق الاستهجان، بل مداعاة للاستغراب فعلاً، فإن لم تشعر حواء بما تعاني منه أختها بعد الولادة من إرباك في حياتها وحاجتها للتفرغ نسبياً لرعاية طفلها فعلى الدنيا السلام.
المرأة هي المرأة، سواء العاملة في القطاع الخاص أو العام، فإنْ كانت العاملة في القطاع العام تستحق تلك الساعات، وأهداها القانون ذلك، فبلا أدنى شك زميلتها العاملة في القطاع الخاص تحتاجها هي الأخرى. لم أصبح بعد أمًّا، ولكن أعي تماماً المسؤولية الملقاة على كاهل المرأة العاملة بعد ولادتها، ويكفي أن طفلها بحاجة إلى رضاعة طبيعية. ألم توصِ منظمة الصحة العالمية بأهمية الرضاعة الطبيعية للطفل بما لا يقل عن 8 أشهر بحسب آخر التوصيات؟ وقبل المنظمة، هل نسينا قوله تعالى «والوالدات يرضعن أولدهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرَّضاعة»؟ فإن تذرّع البعض بأن أغلب نساء اليوم لا يرضعن أبناءهن ويستعضن عن ذلك بالرضاعة الصناعية، فإن الأمر لا يعني أنها لا ترعاه ولا تقف على حاجاته، ولا ننسى كذلك أنها تترك طفلها في أيدي الغير لساعات طويلة، ومن يدري ربما تكون أيدي غير أمينة – وقصص عنف الخدم تقشعر لها الأبدان – أو تغافلنا بأنها وحتى قبل ولادتها لا تذوق للنوم طعماً، فما بالكم برضيع لا يهدأ إلا لسويعات وغالباً لا تكون في أوقات الليل! وأن بقاءها في العمل بساعاته الثماني يعني تراكم التعب على التعب، وبالتالي لا إنتاجية ولا نفسية منفتحة على العمل ولا هم يحزنون. ساعتا الرضاعة تلك هي في الحقيقة ساعة واحدة، بعد أن تهدر تلك الدقائق الستين في الشارع المخنوق من السيارات، وربما هي أقل أيضاً من ساعة إذا ما احتسبت المشاوير التي تقضيها من منزلها وإليه بعد أن تأخذ رضيعها من الحاضنة التي تولت رعايته أثناء غيابها في العمل.
أتساءل هل رب العمل يبحث عن المرأة فقط عندما تكون عزباء بلا مسؤولية أسرية ومتى ما كونت عائلتها لفظها و«عافها»؟ ونسي كل ما قدمته من إخلاص في العمل!
شوريتنا المعترضة على الاقتراح هي قبل أن تكون شورية كانت وزيرة للصحة وطبيبة، وتدرك أبعاد ترك الطفل لساعات لوحده، وقبل أن تكون وزيرة وطبيبة هي أم وتعلم ما تكون عليه الأم من وضع بعد الولادة ومتطلبات الرضاعة والتربية.
شئنا أم أبينا، فإن إقرار قانون يجيز للمرأة العاملة في القطاع الخاص الحصول على ساعتي رضاعة، هو انتصار للطفل أولاً، وللرجل والأسرة ثانياً، وللمرأة ثالثاً، والتي هي الأم والأخت والابنة، والتي هي أصل استمرارية الحياة.. فأعيدوا النظر رجاءً في قانون بناتكن وحفيداتكن في المستقبل والآتي سيُحرقن بناره إن لم يقر لصالحهن.
1443 الثلثاء 18 صفر 1431 هـ – 2 فبراير 2010
ياسمينيات شئنا.. أم أبينا ياسمين خلف أن يرفض أو يعترض الرجل على إعطاء المرأة الحاضنة ساعتي رضاعة من ساعات العمل، أمر وار...
أحدث التعليقات