“أصنام” يتنفسون

ياسمينيات
«أصنام» يتنفسون
ياسمين خلف

ياسمين خلف

تجده عند الناس أفضلهم أخلاقا وأحسنهم طبعا وأكثرهم مرونة، يدخل الفرح في قلوب من حوله ”ينكت” وينثرات الضحكات هنا وهناك، حتى لتحسد أهله الذين يعيشون معه، وتصعق أن ما واجهت الحقيقة بأن ذاك المرح الفرح دائما، ما هو إلا ”صنم” في منزله، وكأن البسمة وحلو الحديث تطلقانه ما أن تطأ رجله عتبة منزله، بل أن منهم من يكون وحشا كاسرا بين أهله والمقربين إليه، لا يعرف إلا الضرب والصراخ كحوار، رغم أنه أشبه بالنعجة المريضة بين الناس.
هذا التناقض الغريب وإن كان متطرفا بعض الشيء لدى القلة ”كما أتمنى” يثير الشك بأنه شخص مريض يعاني من فصام في الشخصية – يخلق جوا مكهربا على الدوام بين المقربين إليه وبالذات الزوجات اللواتي قد يكن أكثرهن تأثرا من هذا التناقض ” لماذا معنا نحن بالذات لا يضحك لا يتكلم ويكون في أحسن مزاجه مع الغرباء؟ ” ولا أبالغ أن قلت بأن بعض الزيجات لتفشل بسبب هذه المشكلة، وإنصافا فأن بعض الأزواج يشكون بنفس القدر من ذات الظاهرة مع زوجاتهم وأن كانت الكفة لتنخفض ثقلا بين الأزواج ولنقل بين الرجال عموما، فكثيرون منهم عزاب ويعانون من نفس الداء ويعاني أهلهم معهم بنفس الطريقة، ولا يعلمون بأن من علامة حسن الأخلاق أن يكون المرء في بيته أفضلهم وأحسنهم أخلاقا، وهذا لا يمنع أبدا أن يكون حسن الخلق مع عباد الله.
شخصيا أعتقد أن بعضهم قد يستهلك كل طاقته في الحديث والضحك بل والإيضحاك حتى لتجده ”مستهلك” أو كما يحلو لي أن أطلق عليهم” بطارية فارغة” عندما يصلون إلى منازلهم، والضحية دائما هم من ينتظرونه في المنزل – الزوجة الأطفال أو حتى الأم بالنسبة للأعزب – فدائما هم من يكونوا في وجه المدفع رغم أنهم الوحيدون الذين يحبونه دون انتظار مقابل، كما أن البعض منهم قد يتجمل ولا أقول يكذب فيحاول أن يبعد عن نفسه تهمة أنه سيء الخلق فيعود إلى الشخصية التي يرتاح إليها حال وصوله إلى منزله فيخلع ذاك الإنسان ”الغريب عنه أصلا” كما يخلع ثوبه عند وصوله للمنزل.
حتى أسطورة الضحك الممثل سمير غانم تعاني زوجته من إصابته بذات الداء، حيث صرحت ذات مرة بأن زوجها الذي ينتزع الضحكات من الملايين يتجمد كما الصنم في المنزل ويبدو إنسان آخر لا يمكن لأحد أن يتصوره!
التوازن مطلوب في كل شيء وفي هذا الأمر ربما يكون أكثر المطالب إلحاحا حفاظا على سلامة العلاقات الداخلية والأسرية بالتحديد، فلكل منا طاقة احتمال تنفذ يوما من الأيام، حينها – عند نفاذ الصبر- قد تكون ردود الأفعال مضاعفة وفي كثير منها في غير محلها مما تسبب النزاعات التي هي كالجروح التي لا تندمل وتزداد قيحا مع الأدوية غير المفيدة، حينها سيتحول الحب إلى ضغينة ولن يفيده الضحك مع الغير والعبوس في وجه أقرب الناس إليه.

العدد 1096 الجمعة 25 صفر 1430 هـ – 20 فبراير 2009

ياسمينيات
«أصنام» يتنفسون
ياسمين خلف

ياسمين خلف

تجده عند الناس أفضلهم أخلاقا وأحسنهم طبعا وأكثرهم مرونة، يدخل الفرح في قلوب من حوله ”ينكت” وينثرات الضحكات هنا وهناك، حتى لتحسد أهله الذين يعيشون معه، وتصعق أن ما واجهت الحقيقة بأن ذاك المرح الفرح دائما، ما هو إلا ”صنم” في منزله، وكأن البسمة وحلو الحديث تطلقانه ما أن تطأ رجله عتبة منزله، بل أن منهم من يكون وحشا كاسرا بين أهله والمقربين إليه، لا يعرف إلا الضرب والصراخ كحوار، رغم أنه أشبه بالنعجة المريضة بين الناس.
هذا التناقض الغريب وإن كان متطرفا بعض الشيء لدى القلة ”كما أتمنى” يثير الشك بأنه شخص مريض يعاني من فصام في الشخصية – يخلق جوا مكهربا على الدوام بين المقربين إليه وبالذات الزوجات اللواتي قد يكن أكثرهن تأثرا من هذا التناقض ” لماذا معنا نحن بالذات لا يضحك لا يتكلم ويكون في أحسن مزاجه مع الغرباء؟ ” ولا أبالغ أن قلت بأن بعض الزيجات لتفشل بسبب هذه المشكلة، وإنصافا فأن بعض الأزواج يشكون بنفس القدر من ذات الظاهرة مع زوجاتهم وأن كانت الكفة لتنخفض ثقلا بين الأزواج ولنقل بين الرجال عموما، فكثيرون منهم عزاب ويعانون من نفس الداء ويعاني أهلهم معهم بنفس الطريقة، ولا يعلمون بأن من علامة حسن الأخلاق أن يكون المرء في بيته أفضلهم وأحسنهم أخلاقا، وهذا لا يمنع أبدا أن يكون حسن الخلق مع عباد الله.
شخصيا أعتقد أن بعضهم قد يستهلك كل طاقته في الحديث والضحك بل والإيضحاك حتى لتجده ”مستهلك” أو كما يحلو لي أن أطلق عليهم” بطارية فارغة” عندما يصلون إلى منازلهم، والضحية دائما هم من ينتظرونه في المنزل – الزوجة الأطفال أو حتى الأم بالنسبة للأعزب – فدائما هم من يكونوا في وجه المدفع رغم أنهم الوحيدون الذين يحبونه دون انتظار مقابل، كما أن البعض منهم قد يتجمل ولا أقول يكذب فيحاول أن يبعد عن نفسه تهمة أنه سيء الخلق فيعود إلى الشخصية التي يرتاح إليها حال وصوله إلى منزله فيخلع ذاك الإنسان ”الغريب عنه أصلا” كما يخلع ثوبه عند وصوله للمنزل.
حتى أسطورة الضحك الممثل سمير غانم تعاني زوجته من إصابته بذات الداء، حيث صرحت ذات مرة بأن زوجها الذي ينتزع الضحكات من الملايين يتجمد كما الصنم في المنزل ويبدو إنسان آخر لا يمكن لأحد أن يتصوره!
التوازن مطلوب في كل شيء وفي هذا الأمر ربما يكون أكثر المطالب إلحاحا حفاظا على سلامة العلاقات الداخلية والأسرية بالتحديد، فلكل منا طاقة احتمال تنفذ يوما من الأيام، حينها – عند نفاذ الصبر- قد تكون ردود الأفعال مضاعفة وفي كثير منها في غير محلها مما تسبب النزاعات التي هي كالجروح التي لا تندمل وتزداد قيحا مع الأدوية غير المفيدة، حينها سيتحول الحب إلى ضغينة ولن يفيده الضحك مع الغير والعبوس في وجه أقرب الناس إليه.

العدد 1096 الجمعة 25 صفر 1430 هـ – 20 فبراير 2009

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

One Comment on ““أصنام” يتنفسون

  1. تعليق #1
    معاك حق فى كثير من كلامك
    بس برضوه فيه زوجات ما يحمسون الواحد انه يكون مرح
    يمكن هى طبعها كذا تحب تكون رسميه فى البيت
    وبينى وبينك الواحد صار يتصنع يكون صنم علشان ما يجيه احد يقوله نبي نروح السوق او نبي نطلع او نبي نتعشاء برى
    لانه خلقه منهد حيله بالدوام

    تحياتي
    بدر القحطاني الجمعة 20 فبراير 2009
    تعليق #2
    لو عرفوا حلاوة هرجته ما عيروني بعرجته
    د حداد الجمعة 20 فبراير 2009
    تعليق #3
    صباح الخيرات…
    بصراحة اصبتي في مقالك اليوم .. حيث تتطرقتي الى ان هناك اناس كثر بشوشين مع الاهل و الجيران .. وحال ان يرجع الى المنزل و يكون في سيارته مع زوجتهم ينقلب 180 درجة .. فتصبر الزوجة الى ان تنفجر و تصرخ بأعلى صوت لماذا معي أنا لا تبتسم .. مع اني اكثر انسانة تقوم بواجباتها اتجاهك ..وتقف بجانبك .. وتتمنى ولو ابتسامة بسيطة .. فالمسكينة تشك بنفسها بأنها حساسة او أنها تبالغ بالأمر لكن هذ الحقيقة و الواقع .. حتى الابناء عندما يصبحون في ريعان شبابهم .. تراهم مع اصحابهم لهم حلو الحديث ومع امه ..لها فتات وبقابا الكلام والتي غالبا تكون بصوت خفيف و عالطاير..ويرجع لكي يتجمد بغرفته او امام التلفزيون ..
    الله يهدي الجميع انشالله ويكون هذا المقال عبرة لمن هكذا
    ميرسي كتيير الك يا ياسمين
    جنا الجمعة 20 فبراير 2009
    تعليق #4
    إنفصام الشخصية هذا تجدينه أيضاً لدى بعض الحكام في الجمهوريات البعيدة عنا في أقصى شمال آسيا و افريقية. فأولئك الحكام تجدينهم آخر لباقة وحسن استماع و أدب الحوار ومنتهى الكرم و الإغداق وحتى الإبتسامات العريضة لا يبخلون بها في الخارج أو مع ضيوفهم الأجانب . أما مع شعوبهم فـ ” جب ياحمار ” وآخر مرمطة في المعيشة والحقوق .
    ( إذا أحد يعرف شلون يخلي 3 نقط تحت الجيم يخبرني لأني نسيت ، و شكراً.
    بهلول الجمعة 20 فبراير 2009
    تعليق #5
    صدقتى يأخت ياسمين
    أنا أعاني من نفس المشكلة مع زوج لايرحمنا داخل البيت من الصراخ والضرب والتكشير والبخل أيضا وفي الخارج أنسان آخر
    sun الجمعة 20 فبراير 2009
    تعليق #6
    انا اكون في الخارج مرحا أكثر وفي البيت ساكت .. السبب اني اجد سعادتي خارج المنزل … مااتوقع اني مصاب بانفصام او اي مرض آخر .. كل الحكايه اني اجد من يفهمني خارج المنزل … لست صنم اتنفس .. بل شخص وجد من يفهمه ويستمع اليه ويبادله نفس الشعور في الخارج … اذا كنتم لاتريدون اصنام يتنفسون فأصلحوا انفسكم واستمعوا وقدروا الذي اسميتموه صنم يتنفس !!! على اقل تقدير استقبلوه بأبتسامه بدل التكشيره .. وسامحونا ..
    كارلوس الجمعة 20 فبراير 2009
    تعليق #7
    بارك الله فيك كلام ” طيب ومؤثر وصحيح وجدير بكل أب أو رب أسرة أوعضوفيها أن يضع كلامك هذا على باب بيته إذا لم يكن يعلم بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم عند دخول المنزل والأولى للمسلم حفظ أدعية الدخول والخروج للمنزل ليرى الفرق بنفسه في تعامله مع أسرته وتعاملهم معه وشكرا لك0
    صلا الدين الجمعة 20 فبراير 2009
    تعليق #8
    صباح الخير ياسمين
    جمعة مباركة باذن الله
    شعرت عندما قرأت مقالك ” اصنام يتنفسون” بانك تتحدثين عني انا ، وتساءلت بيني وبين نفسي اذا كنتي تعرفيني شخصيا حتى تشخصي حالتي بمثل هذا التشبيه البليغ
    انا اعاني بالفعل من هذه المشكلة ، ومن الصعب علي ان اكون صنما في بيتي بالرغم من انني قد امتلك اسبابا لذلك ، لكن مهما كانت تلك الاسباب فانني احاول جاهدا التغلب عليها حتى اكسر الصنم ،
    مقالتك لامست وترا حساسا عندي واجزم عند الكثير من الاصنام الذين يعيشون حالة من الانفصام مابين روح وثابة ومنطلقة خارج البيوت ، وحياة ثقيلة داخلها ،
    اتمنى ان تكون مقالتك بمثابة جرس انذار لكل الاصنام ( وانا احدهم) حتى يتداركوا ما فاتهم ويتخلصون من ” الشيزوفرينيا ” المتعبة !

    مع خالص التحية

    نضال
    نضال الأثنين 23 فبراير 2009
    تعليق #9
    شكرا اختي اصبتي لاكن في اعتقادي شخصيا ربما تكون المشكله في الزوجه لانه يحتاج الي تجديد ومل من الروتين اليومي في المنزل لان بعض الزوجات يتعاملون مع الزوج مثل الآله او السائق وينسون واجباتهم كزوجات والزوجه الشاطره هي التي تستطيع ان تجعل من زوجها شخصه واحده فقط مرح
    فضولي الثلاثاء 24 فبراير 2009

    رد

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.