أطفال في فم الموت

ياسمينيات – ياسمين خلف

ياسمينيات
أطفال في فم الموت
ياسمين خلف
بيننا من الأمهات أقل ما يمكن أن نقول عنهن إنهن مستهترات ومسترخصات لحياة أطفالهن، ومتهورات بالثقة والغرور بإمكاناتهن ومهاراتهن، فيضعنَ أطفالهن في حجورهن أثناء قيادتهن للسيارة، كما لو كن يقدمن فلذات أكبادهن لقمة سائغة في فم الموت.
مشهد يكاد يكون يوميا، أمٌّ ‘’ولا أعتقدها كذلك، فهي متجردة من أحساس الأمومة المسؤول’’ تقود السيارة بيد، واليد الأخرى تحاول أن تمنع يد طفلها من العبث بالمقود وهو في حضنها. لا أنكر أن الأطفال مولعون بالجلوس في المقاعد الأمامية وبخاصة ذاك المقعد الخاص بالسائق، يصرخون ويبكون ويضربون بأرجلهم وأيديهم، إلا أن كل ذلك لا يبرر السماح لهم بالجلوس في حضن السائق، ‘’ولا نبرئ بعض الآباء من الجرم ذاته’’، فأي موقف مفاجئ يتطلب سرعة التصرف حتما سيعوقها وجود الطفل الذي – وبلا شك – سيكون أول الضحايا، وستكون الفاجعة أكبر إن لم يمت وعاش حياته معاقا، مشلولا أو مصابا بتلف في الدماغ، إذ إن أول ما يتضرر في جسم الطفل رأسه باعتباره الجزء الأكبر والأثقل من بقية أجزاء جسده، ‘’واسألوا الأطباء في ذلك إن كنتم تشكُّون في المعلومة’’، حينها لن يفيد العويل والبكاء، فالله جل وعلا قال: ‘’وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ’’. البقرة: .195
المشكلة أن لا أحد من أولئك المخالفين يقبل النصيحة في ذلك، ويعتبرونه أمرا شخصيا، وعن ذلك قال لي أحدهم إنه حدث وأن فتح نافذة سيارته عندما توقفت الإشارة الضوئية بالقرب من إحدى الأمهات، وكانت تضع طفلها في حجرها ولما نصحها ردَّتْ عليه وبكل جرأة ووقاحة ‘’وش أخصك’’، أي أنه أمر لا يعنيه.. أليس ذلك تخلفاً؟
بعض الدول الأجنبية لا تسمح للآباء بأخذ أطفالهم من المستشفى بعد الولادة إلا بعد أن تتأكد من وجود كرسي خاص للطفل في المقاعد الخلفية من السيارة، وإلا سيبقى الطفل في رعاية المستشفى، ويحرم الأبوان من طفلهما الجديد، وهي ‘’حركة’’ جميلة جدا، ونحلم في دولنا العربية تطبيق القانون ذاته، ولكن الذي نرجوه من الهيئة العامة لإدارة المرور أن تتربص بأولئك الآباء المخالفين لقواعد المرور، وتنزل عليهم أشد أنواع الغرامات ليرتدعوا عن تلك التصرفات غير المسؤولة، فتلك بحق مخالفة لا تقلُّ عن ذاك المسرع أو المتجاوز للإشارة الحمراء، بل هي في نظري أشد فظاعة وخطورة وضررا، ولا أعتقد أن سعر الكرسي الخاص بالطفل في السيارة أغلى من حياة الطفل نفسه. أليس كذلك أم أني مخطِئة؟

العدد 1090 السبت 19 صفر 1430 هـ – 14 فبراير 2009

ياسمينيات – ياسمين خلف

ياسمينيات
أطفال في فم الموت
ياسمين خلف
بيننا من الأمهات أقل ما يمكن أن نقول عنهن إنهن مستهترات ومسترخصات لحياة أطفالهن، ومتهورات بالثقة والغرور بإمكاناتهن ومهاراتهن، فيضعنَ أطفالهن في حجورهن أثناء قيادتهن للسيارة، كما لو كن يقدمن فلذات أكبادهن لقمة سائغة في فم الموت.
مشهد يكاد يكون يوميا، أمٌّ ‘’ولا أعتقدها كذلك، فهي متجردة من أحساس الأمومة المسؤول’’ تقود السيارة بيد، واليد الأخرى تحاول أن تمنع يد طفلها من العبث بالمقود وهو في حضنها. لا أنكر أن الأطفال مولعون بالجلوس في المقاعد الأمامية وبخاصة ذاك المقعد الخاص بالسائق، يصرخون ويبكون ويضربون بأرجلهم وأيديهم، إلا أن كل ذلك لا يبرر السماح لهم بالجلوس في حضن السائق، ‘’ولا نبرئ بعض الآباء من الجرم ذاته’’، فأي موقف مفاجئ يتطلب سرعة التصرف حتما سيعوقها وجود الطفل الذي – وبلا شك – سيكون أول الضحايا، وستكون الفاجعة أكبر إن لم يمت وعاش حياته معاقا، مشلولا أو مصابا بتلف في الدماغ، إذ إن أول ما يتضرر في جسم الطفل رأسه باعتباره الجزء الأكبر والأثقل من بقية أجزاء جسده، ‘’واسألوا الأطباء في ذلك إن كنتم تشكُّون في المعلومة’’، حينها لن يفيد العويل والبكاء، فالله جل وعلا قال: ‘’وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ’’. البقرة: .195
المشكلة أن لا أحد من أولئك المخالفين يقبل النصيحة في ذلك، ويعتبرونه أمرا شخصيا، وعن ذلك قال لي أحدهم إنه حدث وأن فتح نافذة سيارته عندما توقفت الإشارة الضوئية بالقرب من إحدى الأمهات، وكانت تضع طفلها في حجرها ولما نصحها ردَّتْ عليه وبكل جرأة ووقاحة ‘’وش أخصك’’، أي أنه أمر لا يعنيه.. أليس ذلك تخلفاً؟
بعض الدول الأجنبية لا تسمح للآباء بأخذ أطفالهم من المستشفى بعد الولادة إلا بعد أن تتأكد من وجود كرسي خاص للطفل في المقاعد الخلفية من السيارة، وإلا سيبقى الطفل في رعاية المستشفى، ويحرم الأبوان من طفلهما الجديد، وهي ‘’حركة’’ جميلة جدا، ونحلم في دولنا العربية تطبيق القانون ذاته، ولكن الذي نرجوه من الهيئة العامة لإدارة المرور أن تتربص بأولئك الآباء المخالفين لقواعد المرور، وتنزل عليهم أشد أنواع الغرامات ليرتدعوا عن تلك التصرفات غير المسؤولة، فتلك بحق مخالفة لا تقلُّ عن ذاك المسرع أو المتجاوز للإشارة الحمراء، بل هي في نظري أشد فظاعة وخطورة وضررا، ولا أعتقد أن سعر الكرسي الخاص بالطفل في السيارة أغلى من حياة الطفل نفسه. أليس كذلك أم أني مخطِئة؟

العدد 1090 السبت 19 صفر 1430 هـ – 14 فبراير 2009

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

One Comment on “أطفال في فم الموت

  1. تعليق #1
    صباح الخير أستاذة ياسمين
    10 دنانير فقط هي عقوبة جلوس الأطفال في المقاعد الأمامية للسيارة ، هكذا هي حياة الأطفال رخيصة في هذا البلد لتساوي سللامتهم مثل هذا المبلغ .. الكرسي الخاص بالأطفال ضروري جدا في السيارة بالإضافة لتلك العلامة التي ترمز إلى وجود طفل في السيارة .. ولا ننسى بأن للأبوين دورا في إقناع الأطفال مهما كان سنهم صغيرا بالجلوس في المقعد الخاص بهم ..
    أبو زينب السبت 14 فبراير 2009
    تعليق #2
    السلام عليكم
    اتفق معك في كلمة ذكرتيها وياريت ادارة المرور تكثف حملاتها على هالنوع من المخالفات…

    شكرا على المقال
    الهاشمي السبت 14 فبراير 2009
    تعليق #3
    مو يا بوزينب إذا زادوا العقوبه أكثر قلتوا الحكومه تاخذ فلوسنا تعطينا الفلوس من صوب وتاخذ الفلوس من صوب ثاني. أنتوا يا شعب البحرين لا تنقلوون ولا تنشوون بس تذمر وقعقعه على الفاضي. الله يعين الحكومه عليكم.
    بحريني بس شكل ثاني السبت 14 فبراير 2009
    تعليق #4
    أحسنتِ كلاماً أستاذه ياسمين .. للأسف الشديد سلامة الطفل في المركبة اصبحت الجملة الأخيرة في جدول الأمن و السلامة في البحرين …..

    كوني انا طالب بعثة ثقافية في الولايات المتحدة الأمريكية, أرى بعيني تطبيق قوانين الأمن و السلامة للطفل في المركبة .. حيث ان على الوالدين وضع كرسي السلامة للطفل في السيارة حتى السنة السابعة من عمر الطفل . و العقوبة لنقل الطفل بالسيارة دون الكرسي تكون (الاعتقال) و المحاكمة !!
    مجتبى كريمي الأحد 15 فبراير 2009

    رد

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.