لغرض في نفس يعقوب: هل ارتمت السياسة في أحضان حقوق الانسان؟!

استطلاعياسمين خلف:
يوجه البعض أصابع الاتهام للمنظمات السياسية والسياسيين كونهم أداة تسيطر علي حقوق الانسان، أو تحاول جاهدة رمي نفسها في أحضانها بغية تحقيق مآرب سياسية باسم المدافعة والمطالبة بالحفاظ علي حقوق الانسان! ما مدي توافق هذه الرؤية مع الواقع المعاش؟! والي أي مدي يمكن أن تفرض السياسة صبغتها الأيدولوجية علي الأنشطة الحقوقية؟! وهل السياسة وحقوق الانسان كيان واحد لا ينفصلان، وإن اتخذا أسماء ومصطلحات مختلفة؟! أم إن لكل منهما كيان له ما يميزه، دون وجود نقطة للالتقاء؟! ذلك ما حاولت مدارات الخوض فيه باستطلاع آراء ووجهات نظر ناشطات في جمعيات نسائية، وكانت أولي المشاركات فاطمة نور – عضوة إدارية في الجمعية النسائية الدولية وعضوة في جمعية مدينة حمد والتي تري بأن لكل من السياسة وحقوق الانسان وجه مختلف ولا علاقة بينهما أو صلة، وإن كان بعض السياسيين يلجأون الي استغلال حقوق الانسان لتحقيق بعض الأغراض السياسية أو يتسترون باسمها! وقالت: أعتقد إن السياسيين قد يلجأون ولتحقيق غرض في نفس يعقوب الي المطالبة وبكل حماس بحقوق الانسان، ولكني لا أجد مبرراً للحقوقيين أو المنادين بحقوق الانسان الي اللجوء للسياسة كأداة، ومن منظوري الشخصي أجد أنه لابد أن تفصل السياسة عن حقوق الانسان اذا حاول ربطهم ببعض.
حقوق الانسان حق أعطاه الخالق للإنسان قبل أن يعطيه الإنسان للإنسان بتلك الإنطلاقة بدأت الحديث معنا الدكتورة سرور قاروني نائبة رئيس جمعية البحرين النسائية مديرة برنامج كن حراً واستشارية أولي في تطوير الطاقات الانسانية وواصلت: لم تكن هناك حاجة لاتفاقيات حقوق الانسان الا لبعد الناس عن الفطرة الانسانية التي فطر الله الناس عليها، والتي تشمل حقوق أكثر بكثير مما تنص عليه إتفاقيات حقوق الانسان، ولأنها حق فطري وأساسي فإن رجوع الانسان لإنسانيته هو هدف سام بحد ذاته، وليس من العدل استغلاله للوصول الي غايات أخري، وينطبق ذلك علي تسييس حقوق الانسان وزجها في المناسبات لغرض استغلالها لتحقيق أهدافٍ معينة.
وتقول: نحن شاهدون علي تطبيق هذا الاسلوب بشكل يومي علي الصعيد الدولي، وتضرب الدكتورة القاروني مثلاً بالولايات المتحدة الأمريكية وانتهاكها لحقوق الانسان في العراق وغيرها باسم حقوق الانسان، كما تفعل منظمات أخري قامت أساسا من أجل الدفاع عن حرية الانسان وحقوقه وتبرر الانتهاك وتصيغ له أعذاراً، فمع أن حقوق الانسان كانت ولا زالت منتهكة من قبل الكثير من الحكومات والأفراد إلاّ أن هناك حداً أدني لمعايير ما كان يعبر عنه بحقوق الانسان ظاهرياً علي الأقل ولكن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وانفراد الولايات المتحدة بحق تعريف الارهاب وطرق محاربته، إلي أن صيغت معايير مختلفة لتعريف الانسان وحقوقه، وبالتالي من تطبق عليه حقوق الانسان ومن المستثني منها.
وتعود الدكتورة قاروني في ضرب مثل آخر بقولها: وتقف سجون جوانتنامو شاهدة علي ذلك، والتي تفتقر الي أدني مقومات الحياة والكرامة الإنسانية، ومع ذلك فهي مشروعة ومبررة، وذلك الي تخلخل مقاييس ومعاني مصطلح حقوق الانسان، علي مختلف المستويات والمناطق سواء كان ذلك علي المستوي الدولي، أو علي مستوي المنظمات الحكومية أو غير الحكومية، وكأي تغير يحدث سيؤثر ذلك وبشكل قاطع علي المستويات الأقل تعقيداً كالمستوي الأسري والفردي.
فعلينا أن نكون أكثر وعياً وتفهماً للشعارات التي ترفع باسم حقوق الانسان، وندرك مغزاها والغاية منها، فهل هي فعلاً للإنسان وحقوقه، أم خدمة مصالح سياسية لا تمت لحقوق الانسان بصلة؟

المرأة وحقوق الانسان والسياسة

فيما لا تجد نجاة الموسوي نائبة رئيس جمعية فتاة الريف أي مبرر من منع المرأة بالذات من المساهمة في الجمعيات السياسية والجمعيات النسائية أو المجلس الأعلي للمرأة وتقول في ذلك: من وجهة نظري يجب علي المرأة أن تساهم في الطرفين كالرجل الذي قد يساهم في السياسية وفي حقوق الانسان والنقابات، إلاّ أن المرأة مبعدة عن كل ما جاء به الفكر الانساني من ثقافة وسياسة وحقوق الانسان، والدليل علي ذلك عدم اعطاء أو إفساح المجال للمرأة لأن تأخذ حقها في الانتخابات التشريعية والبلدية، واستخدمت فقد للتصويت للرجل! وعادت الي المنزل مهزومة خالية الوفاض.
وأضافت: من هنا تأتي أهمية ادخال المرأة في المجال السياسي والحقوقي، ولا تعتبر مشاركتها فيهما معاً مخلاً بالقوانين والتشريعات أو عرقة للجانب الحقوقي وتسييس لحقوق المرأة فنحن لا نأخذ المسائل بقوالبها الجامدة، فالتواصل بين الجانبين الحقوقي والسياسي بالنسبة للمرأة في هذه المرحلة بالذات ضرورية ونحن نفتقر للعنصر النسائي الذي يستمتع بوعي وتفكير سياسي، بل لابد أن نلتفت الي نقطة في غاية الأهمية الكلام لا يزال علي لسان الموسوي ألا وهي فضل السياسة علي المرأة كبير إذ علمتها حقوقها، عندما شاركت بالمظاهرات السياسية والتنظيمات الطلابية والحزبية، ولكن علي المرأة ألا تخلق من جمعيتها النسائية تنظيماً حزبياً، لأن هذا سيضر بالمرأة نفسها، مما ستحدث التمايز البغيض. فأنا شخصياً أفضل أن تستقل قضية المرأة، وأن تكون السياسة دافعاً للمطالبة بالحقوق وليس العكس، وأن يسعي السياسيون في مملكة البحرين لدفع قضية المرأة الي الأمام، لا أن يكونوا سبباً في تصادم النساء داخل الجمعيات، بغض النظر عن كونها إسلامية قومية أو سياسية أصولية أو حكومية.
فأنا أري أن الجمعيات النسائية في البحرين جميعها جمعيات سياسية مصغرة للجمعيات الست أو السبع، وبلاشك فان ذلك ظاهرة تضر بالمرأة وقضيتها، ولا يوجد عمل نسائي مشترك ولهذا فمن المستحيل قيام اتحاد نسائي والذي بدوره قد يميز بين النساء وستعمل كل جمعية علي حدة لتبعيتها السياسية.
مؤكدة الموسوي علي انه لا يوجد خط فاصل بين حقوق الانسان والسياسة، وإنه وفي عهد الميثاق والجمعيات السياسة التي أخذت تصرخ وتطالب بحقوق العمال مثلاً بقت النقابات في حالة يرثي لها من الصمت والسلبية علي الرغم من إن العكس هو ما يجب أن يكون، باعتبار أن الجمعيات الأهلية والنقابات عليها مسئولية المطالبة بحقوق العمال الذين يعانون من مشاكل عدة منذ 500 عام وينتظرون الفرج. لا أن تطالب بحقوقهم الجمعيات السياسية مثلاً كما هو حاصل في الوقت الحاضر.

Cathr
2004-09-19
page08.pdf

استطلاعياسمين خلف:
يوجه البعض أصابع الاتهام للمنظمات السياسية والسياسيين كونهم أداة تسيطر علي حقوق الانسان، أو تحاول جاهدة رمي نفسها في أحضانها بغية تحقيق مآرب سياسية باسم المدافعة والمطالبة بالحفاظ علي حقوق الانسان! ما مدي توافق هذه الرؤية مع الواقع المعاش؟! والي أي مدي يمكن أن تفرض السياسة صبغتها الأيدولوجية علي الأنشطة الحقوقية؟! وهل السياسة وحقوق الانسان كيان واحد لا ينفصلان، وإن اتخذا أسماء ومصطلحات مختلفة؟! أم إن لكل منهما كيان له ما يميزه، دون وجود نقطة للالتقاء؟! ذلك ما حاولت مدارات الخوض فيه باستطلاع آراء ووجهات نظر ناشطات في جمعيات نسائية، وكانت أولي المشاركات فاطمة نور – عضوة إدارية في الجمعية النسائية الدولية وعضوة في جمعية مدينة حمد والتي تري بأن لكل من السياسة وحقوق الانسان وجه مختلف ولا علاقة بينهما أو صلة، وإن كان بعض السياسيين يلجأون الي استغلال حقوق الانسان لتحقيق بعض الأغراض السياسية أو يتسترون باسمها! وقالت: أعتقد إن السياسيين قد يلجأون ولتحقيق غرض في نفس يعقوب الي المطالبة وبكل حماس بحقوق الانسان، ولكني لا أجد مبرراً للحقوقيين أو المنادين بحقوق الانسان الي اللجوء للسياسة كأداة، ومن منظوري الشخصي أجد أنه لابد أن تفصل السياسة عن حقوق الانسان اذا حاول ربطهم ببعض.
حقوق الانسان حق أعطاه الخالق للإنسان قبل أن يعطيه الإنسان للإنسان بتلك الإنطلاقة بدأت الحديث معنا الدكتورة سرور قاروني نائبة رئيس جمعية البحرين النسائية مديرة برنامج كن حراً واستشارية أولي في تطوير الطاقات الانسانية وواصلت: لم تكن هناك حاجة لاتفاقيات حقوق الانسان الا لبعد الناس عن الفطرة الانسانية التي فطر الله الناس عليها، والتي تشمل حقوق أكثر بكثير مما تنص عليه إتفاقيات حقوق الانسان، ولأنها حق فطري وأساسي فإن رجوع الانسان لإنسانيته هو هدف سام بحد ذاته، وليس من العدل استغلاله للوصول الي غايات أخري، وينطبق ذلك علي تسييس حقوق الانسان وزجها في المناسبات لغرض استغلالها لتحقيق أهدافٍ معينة.
وتقول: نحن شاهدون علي تطبيق هذا الاسلوب بشكل يومي علي الصعيد الدولي، وتضرب الدكتورة القاروني مثلاً بالولايات المتحدة الأمريكية وانتهاكها لحقوق الانسان في العراق وغيرها باسم حقوق الانسان، كما تفعل منظمات أخري قامت أساسا من أجل الدفاع عن حرية الانسان وحقوقه وتبرر الانتهاك وتصيغ له أعذاراً، فمع أن حقوق الانسان كانت ولا زالت منتهكة من قبل الكثير من الحكومات والأفراد إلاّ أن هناك حداً أدني لمعايير ما كان يعبر عنه بحقوق الانسان ظاهرياً علي الأقل ولكن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وانفراد الولايات المتحدة بحق تعريف الارهاب وطرق محاربته، إلي أن صيغت معايير مختلفة لتعريف الانسان وحقوقه، وبالتالي من تطبق عليه حقوق الانسان ومن المستثني منها.
وتعود الدكتورة قاروني في ضرب مثل آخر بقولها: وتقف سجون جوانتنامو شاهدة علي ذلك، والتي تفتقر الي أدني مقومات الحياة والكرامة الإنسانية، ومع ذلك فهي مشروعة ومبررة، وذلك الي تخلخل مقاييس ومعاني مصطلح حقوق الانسان، علي مختلف المستويات والمناطق سواء كان ذلك علي المستوي الدولي، أو علي مستوي المنظمات الحكومية أو غير الحكومية، وكأي تغير يحدث سيؤثر ذلك وبشكل قاطع علي المستويات الأقل تعقيداً كالمستوي الأسري والفردي.
فعلينا أن نكون أكثر وعياً وتفهماً للشعارات التي ترفع باسم حقوق الانسان، وندرك مغزاها والغاية منها، فهل هي فعلاً للإنسان وحقوقه، أم خدمة مصالح سياسية لا تمت لحقوق الانسان بصلة؟

المرأة وحقوق الانسان والسياسة

فيما لا تجد نجاة الموسوي نائبة رئيس جمعية فتاة الريف أي مبرر من منع المرأة بالذات من المساهمة في الجمعيات السياسية والجمعيات النسائية أو المجلس الأعلي للمرأة وتقول في ذلك: من وجهة نظري يجب علي المرأة أن تساهم في الطرفين كالرجل الذي قد يساهم في السياسية وفي حقوق الانسان والنقابات، إلاّ أن المرأة مبعدة عن كل ما جاء به الفكر الانساني من ثقافة وسياسة وحقوق الانسان، والدليل علي ذلك عدم اعطاء أو إفساح المجال للمرأة لأن تأخذ حقها في الانتخابات التشريعية والبلدية، واستخدمت فقد للتصويت للرجل! وعادت الي المنزل مهزومة خالية الوفاض.
وأضافت: من هنا تأتي أهمية ادخال المرأة في المجال السياسي والحقوقي، ولا تعتبر مشاركتها فيهما معاً مخلاً بالقوانين والتشريعات أو عرقة للجانب الحقوقي وتسييس لحقوق المرأة فنحن لا نأخذ المسائل بقوالبها الجامدة، فالتواصل بين الجانبين الحقوقي والسياسي بالنسبة للمرأة في هذه المرحلة بالذات ضرورية ونحن نفتقر للعنصر النسائي الذي يستمتع بوعي وتفكير سياسي، بل لابد أن نلتفت الي نقطة في غاية الأهمية الكلام لا يزال علي لسان الموسوي ألا وهي فضل السياسة علي المرأة كبير إذ علمتها حقوقها، عندما شاركت بالمظاهرات السياسية والتنظيمات الطلابية والحزبية، ولكن علي المرأة ألا تخلق من جمعيتها النسائية تنظيماً حزبياً، لأن هذا سيضر بالمرأة نفسها، مما ستحدث التمايز البغيض. فأنا شخصياً أفضل أن تستقل قضية المرأة، وأن تكون السياسة دافعاً للمطالبة بالحقوق وليس العكس، وأن يسعي السياسيون في مملكة البحرين لدفع قضية المرأة الي الأمام، لا أن يكونوا سبباً في تصادم النساء داخل الجمعيات، بغض النظر عن كونها إسلامية قومية أو سياسية أصولية أو حكومية.
فأنا أري أن الجمعيات النسائية في البحرين جميعها جمعيات سياسية مصغرة للجمعيات الست أو السبع، وبلاشك فان ذلك ظاهرة تضر بالمرأة وقضيتها، ولا يوجد عمل نسائي مشترك ولهذا فمن المستحيل قيام اتحاد نسائي والذي بدوره قد يميز بين النساء وستعمل كل جمعية علي حدة لتبعيتها السياسية.
مؤكدة الموسوي علي انه لا يوجد خط فاصل بين حقوق الانسان والسياسة، وإنه وفي عهد الميثاق والجمعيات السياسة التي أخذت تصرخ وتطالب بحقوق العمال مثلاً بقت النقابات في حالة يرثي لها من الصمت والسلبية علي الرغم من إن العكس هو ما يجب أن يكون، باعتبار أن الجمعيات الأهلية والنقابات عليها مسئولية المطالبة بحقوق العمال الذين يعانون من مشاكل عدة منذ 500 عام وينتظرون الفرج. لا أن تطالب بحقوقهم الجمعيات السياسية مثلاً كما هو حاصل في الوقت الحاضر.

Cathr
2004-09-19
page08.pdf

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.