محامون: القانون ينصف المرأة لكن المجتمع..

كتبت – ياسمين خلف:

خاضت المرأة البحرينية، وبكل جدارة معترك الحياة السياسية، واثبتت لأخيها الرجل انها قادرة علي أن تأخذ مكانها بينه، وأرادت ان تفعل كل ذلك بخطوات أملت أن يكون لها مكان واقعي يحسب لها من بين النساء الخليجيات في المنطقة، الا ان هزالة الدفع والمساندة النسوية خانتها وجعلتها تبتعد عن مواقع اصدار القرار، ولكنها وكما هو جلي مازالت المرأة البحرينية تسهم بشكل أو بآخر في الحياة السياسية، فما اسباب عدم تفعيل حقوق المرأة السياسية؟! وما مدي قصور الدعم المجتمعي في استفادة المرأة من حقوقها السياسية، وما دور المجلس الأعلي للمرأة في دعم تلك الحقوق؟! وما مدي تأثير جائزة الشيخة سبيكة بنت ابراهيم في دعم وتعزيز مكانة المرأة؟! ذلك ما اردنا معرفته من المحاميين ضيفي مدارات هنا.
وباسترسال قال المحامي محمد المطوع: عانت المرأة في العالم الثالث عامة وفي الشرق الاوسط خاصة من مجموعة قوانين كبلتها وحرمتها حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، الا القليل منهن في العقود الأربعة الأخيرة، وبعد انتهاء المد الثوري وتحرر معظم المستعمرات نهج الثوار أبان ثوراتهم وبعدها نهج اشراك المرأة وتقريبها من مراكز صنع القرار، ونهجت الدول الآسيوية ودول أمريكا اللاتينية علي اشراك المرأة في الشأن العام، حتي وصلت في الفلبين الي رئاسة الجمهورية وفي الهند وبنجلاديش وسيلان الي رئاسة الحكومة.
أما الوطن العربي بشكل عام ودول الخليج العربي بشكل خاص فبقيت فيه المرأة بعيدة عن مراكز صنع القرار الي زمن قريب.
وقد تميزت البحرين دون دول الخليج بإشراك المرأة في الشأن العام، ويضرب المطوع مثلاً ويقول: فقد شاركت المرأة البحرينية في الانتخابات البلدية في الخمسينيات الا ان تلك المسيرة لم يكتب لها النجاح، رغم تحقيق شعب البحرين مكسباً هاماً في قيام المجلس التأسيسي، الذي جاء في دستور دولة البحرين، ومن ثم المجلس الوطني دون مشاركة المرأة، الا ان مساحة الحرية ضاقت كثيراً بعد حل البرلمان، وتعليق بعض مواد الدستور واصدار قانون أمن الدولة، واستمر الوضع العام علي سوئه منذ عام 1975 حتي مجيء المشروع الاصلاحي لجلالة الملك والذي بشر به ميثاق العمل الوطني، والذي بدوره مهد لمشاركة المرأة البحرينية في العمل السياسي العام.
وفي الدستور…

وبلغة القوانين قال مكملاً: في البند ه من المادة الأولي، في الباب الأول من دستور البحرين الصادر في عام 2002 المواطنون -رجالاً ونساء- لهم حق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق الانتخاب والترشيح وفقاً لهذا الدستور وبالشروط والأوضاع التي بينها القانون ولا يجوز ان يحرم أحد من المواطنين من حق الانتخاب أو الترشيح الا وفقاً للقانون .
كما نصت المادة 18 من الدستور في الباب الثالث علي ان الناس سواسية في الكرامة الانسانية ويتساوي المواطنون لدي القانون في الحقوق والواجبات العامة ورغم أن الدستور يؤكد علي عدم جواز أن ينال اي قانون من جوهر الحق أو الحرية في الدستور الا ان الكثير من القوانين المتعلقة بالحقوق والحريات نالت من تلك الحقوق في شكلها وجوهرها مثل قانون الحقوق السياسية الصادر بمرسوم رقم 14 لسنة 2002، وقانون السلطة القضائية وقانون المرافعات الجنائية وقانون العقوبات ومقترخ قانون الصحافة وقانون 56 كل هذه القوانين علي سبيل المثال لا الحصر قلصت من مساحة الحرية والحقوق وأوجدت لدينا مجلساً وطنياً يحلو للبعض ان يطلق عليه اسم الظاهرة الصوتية ، أما المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية فقد جاء فيه بنص المادة الأولي من الفصل الأول علي يتمتع المواطنون- رجالاً ونساء-، بمباشرة الحقوق السياسية الآتية أ- ابداء الرأي في كل استفتاء يجري طبقاً لأحكام الدستور، ب- انتخاب اعضاء مجلس النواب .
وتؤكد المادة علي ان المواطنين يباشرون تلك الحقوق السياسية بأنفسهم لا عبر جمعياتهم أو احزابهم مما يعني قصر العمل السياسي في اضيق حدوده ويحرم علي المواطنين رجالاً ونساءً تشكيل الأحزاب أو الجمعيات السياسية، كما يحرمهم من تشكيل حكومة الأغلبية الي انتخاب الحكومة في نظم الممالك الدستورية، أما في الشأن البلدي فقد نصت المادة 7 من المرسوم 35 لسنة 2001 من قانون البلديات علي تشترط فيمن يرشح نفسه عضواً بالمجلس البلدي ذكراً كان او أنثي ما يلي: أي ان القانون اعطي المرأة الحق في المشاركة في الانتخابات البلدية.

وظفت المرأة ضد المرأة

ويواصل المطوع كل ما ذكرته آنفاً شكل معوقاً عاماً وفيصلاً لممارسة العمل السياسي، فما ينسحب علي الرجل ينسحب علي المرأة فهما مواطنان متساويان في الحقوق والواجبات، الا ان الاعراف السائدة في المجتمع العربي والاسلامي، بتاريخهما وتراثهما، حال وبشكل قوي دون أن تلعب المرأة دوراً فاعلاً في الحياة العامة، فبرغم وجود نص دستوري وتشريع يعطي الحق للمرأة في المشاركة السياسية، الا ان الأعراق المجتمعية بالاضافة الي فعل بعض التيارات الأصولية الاسلامية المتشددة تجاه حقوق المرأة حالت دون ان تلعب دورها مع أخيها الرجل، وقد برهنت الانتخابات البلدية البرلمانية كيف وظفت التيارات المرأة لخدمة الرجل علي حساب أخته المرأة.
لقد حاولت بعض الجمعيات السياسية الليبرالية دفع المرأة للعمل السياسي من خلال الترشيح الي المجالس البلدية، ومجلس النواب الا ان ضآلة حجم الكتلة الانتخابية لتلك الجمعيات حالت دون وصول أي امرأة، أما الجميعات المحسوبة علي التيار الديني فقد عملت هي الأخري علي اقناع المرأة علي دعم الرجل علي حسابها، وقد ساعد علي ذلك الأساس التربوي والتراثي، انطلاقاً من ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة .
أما المستقبل المنظور، والذي قد يكون صورة من الأمس القريب، فلن يتغير كثيراً، اذ ان الوعي العام في البحرين ينحصر في فئة مثقفة يغلب عليها العنصر الرجولي في العمل السياسي، وبالتالي يتطلب الأمر للتغلب علي هذه المشكلة تفعيل دور المجلس الأعلي للمرأة كجهة رسمية وكرافعة اجتماعية للدفع في الحد الأدني بإقناع القيادة السياسية علي قبول مشروع الكوتا النسوية في البرلمان والمجالس البلدية لدفع المرأة للتصويت لبنت جنسها الي ان ترتقي بالمرأة سياسياً، كما ان منظمات المجتمع المدني وعلي رأسهم الاتحاد النسائي تحت التأسيس يدفع وبشكل ايجابي بتقديم مشروع بقانون لتدريس مادة الحقوق السياسية في المناهج التعليمية للمرحلتين الاعدادية والثانوية والجامعة بجانب مادة حقوق الانسان خصوصاً وان الدولة تطالعنا بين الحين والآخر بنيتها التصديق علي العهدين الدوليين للحقوق وأهمه الحقوق السياسية والاجتماعية.

المرأة تتساوي في الأحكام

أما عن اذا ما كانت هناك قوانين مجحفة في حق المرأة وأخري منصفة قال المطوع : بالتأكيد هناك ولكن ليست في قانون مباشرة الحقوق السياسية او الوظائف العامة، فالمرأة تتساوي مع أخيها الرجل في أحكام هذه القوانين وفي مساحة الحرية الممنوحة، الا ان التقاليد والأعراف تحول دون تولي المرأة بعض الوظائف العامة حتي الآن، وأهمها القضاء رغم وجود عناصر نسوية جيدة تشغل هذا المنصب علي الأقل في القضاء المدني والجنائي، أما القوانين التي تميز بها الرجل علي حساب المرأة فهي الحدود الشرعية وقانون العقوبات الجنائية، مختتماً بإشادته بخطوة المجلس الأعلي للمرأة في وضع جائزة تقديرية لدعم الناشطات في حقوق المرأة، باعتبارها ستحفز بعض النسوة علي الوفاء مؤكداً علي ضرورة ان تكون هناك آلية لمنح الجائزة لمستحقاتها فعلاً.

تلازم التشريعي بالفكري

وبصوت نسوي قالت المحامية وفاء الحلو: منذ أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات وفي عز الفكر والمطالبات الثورية، اقتحمت المرأة البحرينية معترك الحياة السياسية بكل جرأة وثبات، فقد شاركت في المظاهرات والحركات السرية، وكان لتعليم الفتيات البحرينيات وابتعاثهن للدراسة في الخارج أثره الكبير في نضوج التجرية السياسية للمرأة البحرينية، وزيادة طموحها السياسي.
واذا انتقلنا من الماضي الي الحاضر نجد ان الدستور في بعض مواده أكد علي أن للمواطنين -رجالاً ونساء- حق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق الانتخاب والترشيح ولا يجوز ان يحرم أحد المواطنين من حق الانتخاب او الترشيح، الا وفقاً للقانون ، وكذا الأمر بالنسبة للحقوق السياسية.
وبعد الانفتاح السياسي شهدت المملكة حركة تشريعية متطورة، ولكن ليس بالضرورة ان يتلازم التطور التشريعي مع التطور الفكري والاجتماعي السائد في المجتمع.

الاستفادة من التطور التشريعي

وتستدل المحامية الحلو بما حدث في الانتخابات النيابية رغم وجود قوانين تجيز للمرأة المشاركة في الشأن العام، وتقول ان الفكر الذكوري السائد في المجتمع حال دون وصول اي امرأة الي المجلس النيابي، فقد وصل الفكر عند بعض الناخبين الي التصويت لرجل غير كفؤ لكونه ذكراً، وبالمقابل اسقاط المرأة الكفؤة لمجرد انها انثي.
وتقول مكملة: انني علي يقين انه سيأتي اليوم الذي تلعب المرأة فيه دوراً قيادياً علي الصعيد السياسي ولكن لابد للمرأة ان تحدد الذين يريدون تقليص دورها، ومن الأهمية بمكان استغلال التطور التشريعي الذي يعترف بالمرأة انها كاملة الأهلية ومساوية للرجل في جميع الحقوق والواجبات، والأهم من ذلك ان تنظر المرأة الي نفسها بإيجابية كبيرة.
وعودة للقوانين قالت: انشاء المجلس الأعلي للمرأة بأمر أميري رقم 44 لسنة 2001، يختص بناء علي المادة الثالثة منه بما يلي: اقتراح السياسة العامة في مجال التنمية وتطوير المرأة، وإدماجها في برامج التنمية الشاملة، وتفعيل المواد الواردة في ميثاق العمل الوطني، وتقديم الاقتراحات بالتعديلات، أو ابداء الرأي في مشروعات القوانين، وتمثيل المرأة البحرينية في المحافل الدولية وغيرها من الاختصاصات التي تصب في المصلحة العامة للوطن.
فالمجلس جهاز رسمي تترأسه الشيخة سبيكة بنت ابراهيم آل خليفة، ويتبع المجلس لصاحب الجلالة، وهذا يعطي المجلس امكانيات هائلة في التحرك السريع والايجابي في كل ما يخص شئون المرأة في الجانب السياسي او القانوني او الثقافي او غيرها من الجوانب الأخري، والأمل معقود في خروج المجلس الأعلي من البيروقراطية التي تعاني منها الجهات التي تعمل في حقول المرأة، فجميع الامكانيات متاحة أمام المجلس لدعم المرأة البحرينية في كافة المجالات.

Catwomen
2004-12-11

كتبت – ياسمين خلف:

خاضت المرأة البحرينية، وبكل جدارة معترك الحياة السياسية، واثبتت لأخيها الرجل انها قادرة علي أن تأخذ مكانها بينه، وأرادت ان تفعل كل ذلك بخطوات أملت أن يكون لها مكان واقعي يحسب لها من بين النساء الخليجيات في المنطقة، الا ان هزالة الدفع والمساندة النسوية خانتها وجعلتها تبتعد عن مواقع اصدار القرار، ولكنها وكما هو جلي مازالت المرأة البحرينية تسهم بشكل أو بآخر في الحياة السياسية، فما اسباب عدم تفعيل حقوق المرأة السياسية؟! وما مدي قصور الدعم المجتمعي في استفادة المرأة من حقوقها السياسية، وما دور المجلس الأعلي للمرأة في دعم تلك الحقوق؟! وما مدي تأثير جائزة الشيخة سبيكة بنت ابراهيم في دعم وتعزيز مكانة المرأة؟! ذلك ما اردنا معرفته من المحاميين ضيفي مدارات هنا.
وباسترسال قال المحامي محمد المطوع: عانت المرأة في العالم الثالث عامة وفي الشرق الاوسط خاصة من مجموعة قوانين كبلتها وحرمتها حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، الا القليل منهن في العقود الأربعة الأخيرة، وبعد انتهاء المد الثوري وتحرر معظم المستعمرات نهج الثوار أبان ثوراتهم وبعدها نهج اشراك المرأة وتقريبها من مراكز صنع القرار، ونهجت الدول الآسيوية ودول أمريكا اللاتينية علي اشراك المرأة في الشأن العام، حتي وصلت في الفلبين الي رئاسة الجمهورية وفي الهند وبنجلاديش وسيلان الي رئاسة الحكومة.
أما الوطن العربي بشكل عام ودول الخليج العربي بشكل خاص فبقيت فيه المرأة بعيدة عن مراكز صنع القرار الي زمن قريب.
وقد تميزت البحرين دون دول الخليج بإشراك المرأة في الشأن العام، ويضرب المطوع مثلاً ويقول: فقد شاركت المرأة البحرينية في الانتخابات البلدية في الخمسينيات الا ان تلك المسيرة لم يكتب لها النجاح، رغم تحقيق شعب البحرين مكسباً هاماً في قيام المجلس التأسيسي، الذي جاء في دستور دولة البحرين، ومن ثم المجلس الوطني دون مشاركة المرأة، الا ان مساحة الحرية ضاقت كثيراً بعد حل البرلمان، وتعليق بعض مواد الدستور واصدار قانون أمن الدولة، واستمر الوضع العام علي سوئه منذ عام 1975 حتي مجيء المشروع الاصلاحي لجلالة الملك والذي بشر به ميثاق العمل الوطني، والذي بدوره مهد لمشاركة المرأة البحرينية في العمل السياسي العام.
وفي الدستور…

وبلغة القوانين قال مكملاً: في البند ه من المادة الأولي، في الباب الأول من دستور البحرين الصادر في عام 2002 المواطنون -رجالاً ونساء- لهم حق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق الانتخاب والترشيح وفقاً لهذا الدستور وبالشروط والأوضاع التي بينها القانون ولا يجوز ان يحرم أحد من المواطنين من حق الانتخاب أو الترشيح الا وفقاً للقانون .
كما نصت المادة 18 من الدستور في الباب الثالث علي ان الناس سواسية في الكرامة الانسانية ويتساوي المواطنون لدي القانون في الحقوق والواجبات العامة ورغم أن الدستور يؤكد علي عدم جواز أن ينال اي قانون من جوهر الحق أو الحرية في الدستور الا ان الكثير من القوانين المتعلقة بالحقوق والحريات نالت من تلك الحقوق في شكلها وجوهرها مثل قانون الحقوق السياسية الصادر بمرسوم رقم 14 لسنة 2002، وقانون السلطة القضائية وقانون المرافعات الجنائية وقانون العقوبات ومقترخ قانون الصحافة وقانون 56 كل هذه القوانين علي سبيل المثال لا الحصر قلصت من مساحة الحرية والحقوق وأوجدت لدينا مجلساً وطنياً يحلو للبعض ان يطلق عليه اسم الظاهرة الصوتية ، أما المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية فقد جاء فيه بنص المادة الأولي من الفصل الأول علي يتمتع المواطنون- رجالاً ونساء-، بمباشرة الحقوق السياسية الآتية أ- ابداء الرأي في كل استفتاء يجري طبقاً لأحكام الدستور، ب- انتخاب اعضاء مجلس النواب .
وتؤكد المادة علي ان المواطنين يباشرون تلك الحقوق السياسية بأنفسهم لا عبر جمعياتهم أو احزابهم مما يعني قصر العمل السياسي في اضيق حدوده ويحرم علي المواطنين رجالاً ونساءً تشكيل الأحزاب أو الجمعيات السياسية، كما يحرمهم من تشكيل حكومة الأغلبية الي انتخاب الحكومة في نظم الممالك الدستورية، أما في الشأن البلدي فقد نصت المادة 7 من المرسوم 35 لسنة 2001 من قانون البلديات علي تشترط فيمن يرشح نفسه عضواً بالمجلس البلدي ذكراً كان او أنثي ما يلي: أي ان القانون اعطي المرأة الحق في المشاركة في الانتخابات البلدية.

وظفت المرأة ضد المرأة

ويواصل المطوع كل ما ذكرته آنفاً شكل معوقاً عاماً وفيصلاً لممارسة العمل السياسي، فما ينسحب علي الرجل ينسحب علي المرأة فهما مواطنان متساويان في الحقوق والواجبات، الا ان الاعراف السائدة في المجتمع العربي والاسلامي، بتاريخهما وتراثهما، حال وبشكل قوي دون أن تلعب المرأة دوراً فاعلاً في الحياة العامة، فبرغم وجود نص دستوري وتشريع يعطي الحق للمرأة في المشاركة السياسية، الا ان الأعراق المجتمعية بالاضافة الي فعل بعض التيارات الأصولية الاسلامية المتشددة تجاه حقوق المرأة حالت دون ان تلعب دورها مع أخيها الرجل، وقد برهنت الانتخابات البلدية البرلمانية كيف وظفت التيارات المرأة لخدمة الرجل علي حساب أخته المرأة.
لقد حاولت بعض الجمعيات السياسية الليبرالية دفع المرأة للعمل السياسي من خلال الترشيح الي المجالس البلدية، ومجلس النواب الا ان ضآلة حجم الكتلة الانتخابية لتلك الجمعيات حالت دون وصول أي امرأة، أما الجميعات المحسوبة علي التيار الديني فقد عملت هي الأخري علي اقناع المرأة علي دعم الرجل علي حسابها، وقد ساعد علي ذلك الأساس التربوي والتراثي، انطلاقاً من ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة .
أما المستقبل المنظور، والذي قد يكون صورة من الأمس القريب، فلن يتغير كثيراً، اذ ان الوعي العام في البحرين ينحصر في فئة مثقفة يغلب عليها العنصر الرجولي في العمل السياسي، وبالتالي يتطلب الأمر للتغلب علي هذه المشكلة تفعيل دور المجلس الأعلي للمرأة كجهة رسمية وكرافعة اجتماعية للدفع في الحد الأدني بإقناع القيادة السياسية علي قبول مشروع الكوتا النسوية في البرلمان والمجالس البلدية لدفع المرأة للتصويت لبنت جنسها الي ان ترتقي بالمرأة سياسياً، كما ان منظمات المجتمع المدني وعلي رأسهم الاتحاد النسائي تحت التأسيس يدفع وبشكل ايجابي بتقديم مشروع بقانون لتدريس مادة الحقوق السياسية في المناهج التعليمية للمرحلتين الاعدادية والثانوية والجامعة بجانب مادة حقوق الانسان خصوصاً وان الدولة تطالعنا بين الحين والآخر بنيتها التصديق علي العهدين الدوليين للحقوق وأهمه الحقوق السياسية والاجتماعية.

المرأة تتساوي في الأحكام

أما عن اذا ما كانت هناك قوانين مجحفة في حق المرأة وأخري منصفة قال المطوع : بالتأكيد هناك ولكن ليست في قانون مباشرة الحقوق السياسية او الوظائف العامة، فالمرأة تتساوي مع أخيها الرجل في أحكام هذه القوانين وفي مساحة الحرية الممنوحة، الا ان التقاليد والأعراف تحول دون تولي المرأة بعض الوظائف العامة حتي الآن، وأهمها القضاء رغم وجود عناصر نسوية جيدة تشغل هذا المنصب علي الأقل في القضاء المدني والجنائي، أما القوانين التي تميز بها الرجل علي حساب المرأة فهي الحدود الشرعية وقانون العقوبات الجنائية، مختتماً بإشادته بخطوة المجلس الأعلي للمرأة في وضع جائزة تقديرية لدعم الناشطات في حقوق المرأة، باعتبارها ستحفز بعض النسوة علي الوفاء مؤكداً علي ضرورة ان تكون هناك آلية لمنح الجائزة لمستحقاتها فعلاً.

تلازم التشريعي بالفكري

وبصوت نسوي قالت المحامية وفاء الحلو: منذ أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات وفي عز الفكر والمطالبات الثورية، اقتحمت المرأة البحرينية معترك الحياة السياسية بكل جرأة وثبات، فقد شاركت في المظاهرات والحركات السرية، وكان لتعليم الفتيات البحرينيات وابتعاثهن للدراسة في الخارج أثره الكبير في نضوج التجرية السياسية للمرأة البحرينية، وزيادة طموحها السياسي.
واذا انتقلنا من الماضي الي الحاضر نجد ان الدستور في بعض مواده أكد علي أن للمواطنين -رجالاً ونساء- حق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق الانتخاب والترشيح ولا يجوز ان يحرم أحد المواطنين من حق الانتخاب او الترشيح، الا وفقاً للقانون ، وكذا الأمر بالنسبة للحقوق السياسية.
وبعد الانفتاح السياسي شهدت المملكة حركة تشريعية متطورة، ولكن ليس بالضرورة ان يتلازم التطور التشريعي مع التطور الفكري والاجتماعي السائد في المجتمع.

الاستفادة من التطور التشريعي

وتستدل المحامية الحلو بما حدث في الانتخابات النيابية رغم وجود قوانين تجيز للمرأة المشاركة في الشأن العام، وتقول ان الفكر الذكوري السائد في المجتمع حال دون وصول اي امرأة الي المجلس النيابي، فقد وصل الفكر عند بعض الناخبين الي التصويت لرجل غير كفؤ لكونه ذكراً، وبالمقابل اسقاط المرأة الكفؤة لمجرد انها انثي.
وتقول مكملة: انني علي يقين انه سيأتي اليوم الذي تلعب المرأة فيه دوراً قيادياً علي الصعيد السياسي ولكن لابد للمرأة ان تحدد الذين يريدون تقليص دورها، ومن الأهمية بمكان استغلال التطور التشريعي الذي يعترف بالمرأة انها كاملة الأهلية ومساوية للرجل في جميع الحقوق والواجبات، والأهم من ذلك ان تنظر المرأة الي نفسها بإيجابية كبيرة.
وعودة للقوانين قالت: انشاء المجلس الأعلي للمرأة بأمر أميري رقم 44 لسنة 2001، يختص بناء علي المادة الثالثة منه بما يلي: اقتراح السياسة العامة في مجال التنمية وتطوير المرأة، وإدماجها في برامج التنمية الشاملة، وتفعيل المواد الواردة في ميثاق العمل الوطني، وتقديم الاقتراحات بالتعديلات، أو ابداء الرأي في مشروعات القوانين، وتمثيل المرأة البحرينية في المحافل الدولية وغيرها من الاختصاصات التي تصب في المصلحة العامة للوطن.
فالمجلس جهاز رسمي تترأسه الشيخة سبيكة بنت ابراهيم آل خليفة، ويتبع المجلس لصاحب الجلالة، وهذا يعطي المجلس امكانيات هائلة في التحرك السريع والايجابي في كل ما يخص شئون المرأة في الجانب السياسي او القانوني او الثقافي او غيرها من الجوانب الأخري، والأمل معقود في خروج المجلس الأعلي من البيروقراطية التي تعاني منها الجهات التي تعمل في حقول المرأة، فجميع الامكانيات متاحة أمام المجلس لدعم المرأة البحرينية في كافة المجالات.

Catwomen
2004-12-11

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.