حي صغير من أحياء جدحفص
الصاغة يختنقون خلف الهضبة
استطلاع أجرته – ياسمين خلف:
هناك من وراء هضبة واقعة خلف مستشفي جدحفص للولادة يقع فريق الصاغة حيث يعيش بضعة من البحرينيين في منازلهم التي يكادون يختنقون بداخلها من جراء الروائح التي تحاصرهم من كل حدب وصوب، فالحظائر غطت أرضها بعدما غطتها النخيل والخضرة التي تميزت بها تلك القرية شأنها في ذلك شأن القري البحرينية الموجودة هنا وهناك..
ترجلنا في طرقات ذلك الفريق وكان الأول مع سيد عدنان جعفر الذي كان مشغولاً في مراقبة آخر الاضافات علي منزله الجديد الذي لم يتنقل اليه بعد. فقال بعدما ارتسمت ابتسامة علي وجه: انا من قاطني هذه المنطقة، وسوف انتقل لهذا البيت قريباً وهو الاخر في المنطقة ذاتها، الا انني اعاني وبشدة من كمية النفايات التي ترمي ها هنا وهو يشير الي الساحة المقابلة لمنزله ولم يقتصر الأمر علي تلك النفايات، وانما وصل الامر الي رمي الحيوانات الميتة امام منزلي.. تصورا لقد قمت بتنظيف هذه الساحة علي نفقتي الخاصة!! ولكن بعد فترة وليست بطويلة عادت ريما الي عادتها القديمة وجاء البعض ورمي النفايات والحيوانات الميتة في الساحة كما تعودوا !!
ويكمل سيد عدنان بعدما اخرج زفرات تعلن عن نفاد حيلته وقلة وسليته.. وراء منزلي حظيرة تجمع حيوانات عدة منها الغنم والحمير وحتي الكلاب، روائحها نفاذه تثير اشمئزاز من يمر علي المنطقة، وقبل اسبوعين فقط جاء احد اصحاب الحظائر وهو يجر بسيارته بقرة نافقة ، ورماها هنا في الساحة البرية، ولما حاولت ان أكلمه وأبين له خطأ ما يقوم به، لم يعطني اي اهتمام وقال لي وباستهتار وعدم مبالاة ان اردت ان تكلم البلدية وتشتكي فلتفعل فذلك لا يهمني البته!!
المواصلات المدرسية معدومة!!
الشوارع هنا غير مبلطة، ولا توجد قنوات لصرف مياه المجاري والامطار.. ولذلك نعاني من فيضانات بعدما تتساقط علينا الامطار.. تلك كانت احرف نطق بها زكريا الحداد مكملاً ما بداه.. تصوروا هناك مدرسة واحدة ابتدائية للبنات وهي مدرسة سارة والتي يوجد بها الآن ثلاثة فصول فقط، لذا سوف يتم نقل الطالبات الي مدرسة السنابس!! وهذا يعني اننا سنضطر الي نقل بناتنا بمواصلاتنا الخاصة، والسبب يعود الي بعد تلك المدرسة عنا اولاً، وعدم توفير مواصلات من قبل وزارة التربية والتعليم لهذه المناطق ثانياً. والأمر لا يختلف كثيراً بالنسبة لمدارس البنين، فهناك مدرسة واحدة ابتدائية للبنين، وبعد ان ينهي الطالب الصف السادس الابتدائي يتم نقله لمدرسة الديه والتي تعتبر هي الأخري بعيدة وتحتاج الي مواصلات ولا توفرها الوزارة ايضاً!!
لقمة عيشنا في مأزق
يتساءل سيد عدنان يقول: الي من ألجأ وأشكو؟! فانا احد التجار المتضررين من جراء تحويل سوق جدحفص الي قطاع خاص.. فأصحاب الورش و البسطات يضايقون المحلات، فهم يفرشون بسطاتهم من الساعة الواحدة ظهراً حتي ساعات الليل الاولي!!! فلقمة عيشنا في مأزق فمن ينقذنا يا تري؟!
خطر دائم يحوق بأبنائنا
واثناء ما كنا نتجول بين الطرقات التي بدت هادئة ساكنة، لولا الروائح التي قضت علي اي متعة كنا نأمل الحصول عليها، استضافتنا أم عادل بطبق من الحلوي بمناسبة عيد الغدير بعدها اخرجت تنهيدة تعبر عن معاناة عاشتها وتتمني ان يوجد لها حل فقالت: ابناؤنا في خطر دائم، الشباب الطائش لا يفكر بالخطر الذي قد يسببه في هذه الطرقات المليئة بالاطفال الذين لا يجدون مكاناً ليلعبوا فيه، لذا نطالب بمرتفعات تحد من سرعة هؤلاء.. تدخل طفل صغير في حديثنا وقال بلهجة عفوية تعبر عن جزء مما يعانيه السيارات تجي شخط علينا !!
تعود لتلتقط خيط الحديث أم عادل لتؤكد علي الروائح المنبعثة من الحظائر والتي تكاد تخنقهم، والحشرات المختلفة التي وجدت مأوي لها في تلك الحظائر، وبدأت تغزو البيوت المحيطة، مسببة أمراضا جلدية لاصحاب تلك البيوت.. مضيفة الي سابق قولها.. ان وجود الخيول في الحوطة يسبب خطراً علي الاطفال المشاغبين بطبعهم، والذين قد يدفعهم الفضول و الشطانة الي القيام بسلوكيات تدفع الخيول الي الهيجان والهرب من الحظيرة.
جزيرة الواق واق
أم علي هي الاخري بدأت بالشكوي والتذمر وعلقت بقولها: كأننا نعيش في جزيرة الواق واق ، فحتي أقل الخدمات والتي من المفترض تواجدها بالقرب منا معدومة ، فالبرادة مثلا بعيدة عنا، وموجودة احدها في قرية طشان كأقرب برادة لمنطقتنا، مما نضطر الي استخدام السيارة لقضاء أبسط الاشياء!!!
تضحك وتكمل: صوتنا علي الانتخابات علي الفاضي!! فلم نر حتي الآن اي تطوير او اي تغيير نحو الافضل، ألم يعدونا بإنشاء حديقة للاطفال؟! اين هي؟ لم تر النور حتي الآن ولا اظنها ستراها!!
مسجد أم ماذا؟!
لفت انتباهنا مبني صغير مصدع.. دلت عليه صنابير المياه في الخارج علي انه مسجد ، وإلا لم نكن لنعلم انه احد بيوت الله ، مبني أكل عليه الدهر وشرب، لم يلق أي اهتمام، فبقي وحيداً معزولاً ينتظر ساعة السقوط!!
ولكن لا نعلم هل سيسقط دونما اي تحرك من آهل المنطقة، أم انه سيسقط لا سمح الله علي أهله!!
حرب الديكة
وكسر الهدوء الذي كان علي المكان اصوات النساء، وهن يغنين ويصفقن طرباً، تعبيراً عن مزحتهم بزفاف احدي بناتهن، وفي طريقنا لمغادرة فريق الصاغة لفت انتباهنا رضي حسن البقالي مع ابنائه، في البداية اعتقدنا انها حرب للديكة ولكنه نفي ذلك وقال: ليست بحرب للديكة بل وهو تدريب لهم وكسر الجمود الذي يكونون عليه، فبهذه الطريقة نمرن الديكة لنبعدهم عن المرض الذي قد يصيبهم جراء عدم حركتها.. بعدها سارعنا الخطي للابتعاد عن تلك القرية التي احاطتنا روائحها من كل جانب، حتي لا تخنقنا، وحتي نوصل صوتنا الي من يهمه الأمر لنقول له.. اهالي جدحفص يختنقون.
روايتان
هناك روايتان حول سبب تسمية هذه القرية بجد حفص اولها تقول ان احد الانجليز قد سكن في المنطقة في بيت جميل ومميز فأطلقوا عليه اسم The Good House وتناقل أهل القرية الاسم وحرفوه الي ان اصبح الاسم جد حفص . والرواية الاخري تقول ان هناك راع اسمه حفص كان يعمل في الرعي وفي الزراعة وكان صاحب المزرعة يقول له جد يا حفص اي بمعني اشتغل واعمل يا حفص، فأطلق علي تلك الأرض التي كان يعمل فيها حفص اسم جدحفص .
2003-02-25
حي صغير من أحياء جدحفص
الصاغة يختنقون خلف الهضبة
استطلاع أجرته – ياسمين خلف:
هناك من وراء هضبة واقعة خلف مستشفي جدحفص للولادة يقع فريق الصاغة حيث يعيش بضعة من البحرينيين في منازلهم التي يكادون يختنقون بداخلها من جراء الروائح التي تحاصرهم من كل حدب وصوب، فالحظائر غطت أرضها بعدما غطتها النخيل والخضرة التي تميزت بها تلك القرية شأنها في ذلك شأن القري البحرينية الموجودة هنا وهناك..
ترجلنا في طرقات ذلك الفريق وكان الأول مع سيد عدنان جعفر الذي كان مشغولاً في مراقبة آخر الاضافات علي منزله الجديد الذي لم يتنقل اليه بعد. فقال بعدما ارتسمت ابتسامة علي وجه: انا من قاطني هذه المنطقة، وسوف انتقل لهذا البيت قريباً وهو الاخر في المنطقة ذاتها، الا انني اعاني وبشدة من كمية النفايات التي ترمي ها هنا وهو يشير الي الساحة المقابلة لمنزله ولم يقتصر الأمر علي تلك النفايات، وانما وصل الامر الي رمي الحيوانات الميتة امام منزلي.. تصورا لقد قمت بتنظيف هذه الساحة علي نفقتي الخاصة!! ولكن بعد فترة وليست بطويلة عادت ريما الي عادتها القديمة وجاء البعض ورمي النفايات والحيوانات الميتة في الساحة كما تعودوا !!
ويكمل سيد عدنان بعدما اخرج زفرات تعلن عن نفاد حيلته وقلة وسليته.. وراء منزلي حظيرة تجمع حيوانات عدة منها الغنم والحمير وحتي الكلاب، روائحها نفاذه تثير اشمئزاز من يمر علي المنطقة، وقبل اسبوعين فقط جاء احد اصحاب الحظائر وهو يجر بسيارته بقرة نافقة ، ورماها هنا في الساحة البرية، ولما حاولت ان أكلمه وأبين له خطأ ما يقوم به، لم يعطني اي اهتمام وقال لي وباستهتار وعدم مبالاة ان اردت ان تكلم البلدية وتشتكي فلتفعل فذلك لا يهمني البته!!
المواصلات المدرسية معدومة!!
الشوارع هنا غير مبلطة، ولا توجد قنوات لصرف مياه المجاري والامطار.. ولذلك نعاني من فيضانات بعدما تتساقط علينا الامطار.. تلك كانت احرف نطق بها زكريا الحداد مكملاً ما بداه.. تصوروا هناك مدرسة واحدة ابتدائية للبنات وهي مدرسة سارة والتي يوجد بها الآن ثلاثة فصول فقط، لذا سوف يتم نقل الطالبات الي مدرسة السنابس!! وهذا يعني اننا سنضطر الي نقل بناتنا بمواصلاتنا الخاصة، والسبب يعود الي بعد تلك المدرسة عنا اولاً، وعدم توفير مواصلات من قبل وزارة التربية والتعليم لهذه المناطق ثانياً. والأمر لا يختلف كثيراً بالنسبة لمدارس البنين، فهناك مدرسة واحدة ابتدائية للبنين، وبعد ان ينهي الطالب الصف السادس الابتدائي يتم نقله لمدرسة الديه والتي تعتبر هي الأخري بعيدة وتحتاج الي مواصلات ولا توفرها الوزارة ايضاً!!
لقمة عيشنا في مأزق
يتساءل سيد عدنان يقول: الي من ألجأ وأشكو؟! فانا احد التجار المتضررين من جراء تحويل سوق جدحفص الي قطاع خاص.. فأصحاب الورش و البسطات يضايقون المحلات، فهم يفرشون بسطاتهم من الساعة الواحدة ظهراً حتي ساعات الليل الاولي!!! فلقمة عيشنا في مأزق فمن ينقذنا يا تري؟!
خطر دائم يحوق بأبنائنا
واثناء ما كنا نتجول بين الطرقات التي بدت هادئة ساكنة، لولا الروائح التي قضت علي اي متعة كنا نأمل الحصول عليها، استضافتنا أم عادل بطبق من الحلوي بمناسبة عيد الغدير بعدها اخرجت تنهيدة تعبر عن معاناة عاشتها وتتمني ان يوجد لها حل فقالت: ابناؤنا في خطر دائم، الشباب الطائش لا يفكر بالخطر الذي قد يسببه في هذه الطرقات المليئة بالاطفال الذين لا يجدون مكاناً ليلعبوا فيه، لذا نطالب بمرتفعات تحد من سرعة هؤلاء.. تدخل طفل صغير في حديثنا وقال بلهجة عفوية تعبر عن جزء مما يعانيه السيارات تجي شخط علينا !!
تعود لتلتقط خيط الحديث أم عادل لتؤكد علي الروائح المنبعثة من الحظائر والتي تكاد تخنقهم، والحشرات المختلفة التي وجدت مأوي لها في تلك الحظائر، وبدأت تغزو البيوت المحيطة، مسببة أمراضا جلدية لاصحاب تلك البيوت.. مضيفة الي سابق قولها.. ان وجود الخيول في الحوطة يسبب خطراً علي الاطفال المشاغبين بطبعهم، والذين قد يدفعهم الفضول و الشطانة الي القيام بسلوكيات تدفع الخيول الي الهيجان والهرب من الحظيرة.
جزيرة الواق واق
أم علي هي الاخري بدأت بالشكوي والتذمر وعلقت بقولها: كأننا نعيش في جزيرة الواق واق ، فحتي أقل الخدمات والتي من المفترض تواجدها بالقرب منا معدومة ، فالبرادة مثلا بعيدة عنا، وموجودة احدها في قرية طشان كأقرب برادة لمنطقتنا، مما نضطر الي استخدام السيارة لقضاء أبسط الاشياء!!!
تضحك وتكمل: صوتنا علي الانتخابات علي الفاضي!! فلم نر حتي الآن اي تطوير او اي تغيير نحو الافضل، ألم يعدونا بإنشاء حديقة للاطفال؟! اين هي؟ لم تر النور حتي الآن ولا اظنها ستراها!!
مسجد أم ماذا؟!
لفت انتباهنا مبني صغير مصدع.. دلت عليه صنابير المياه في الخارج علي انه مسجد ، وإلا لم نكن لنعلم انه احد بيوت الله ، مبني أكل عليه الدهر وشرب، لم يلق أي اهتمام، فبقي وحيداً معزولاً ينتظر ساعة السقوط!!
ولكن لا نعلم هل سيسقط دونما اي تحرك من آهل المنطقة، أم انه سيسقط لا سمح الله علي أهله!!
حرب الديكة
وكسر الهدوء الذي كان علي المكان اصوات النساء، وهن يغنين ويصفقن طرباً، تعبيراً عن مزحتهم بزفاف احدي بناتهن، وفي طريقنا لمغادرة فريق الصاغة لفت انتباهنا رضي حسن البقالي مع ابنائه، في البداية اعتقدنا انها حرب للديكة ولكنه نفي ذلك وقال: ليست بحرب للديكة بل وهو تدريب لهم وكسر الجمود الذي يكونون عليه، فبهذه الطريقة نمرن الديكة لنبعدهم عن المرض الذي قد يصيبهم جراء عدم حركتها.. بعدها سارعنا الخطي للابتعاد عن تلك القرية التي احاطتنا روائحها من كل جانب، حتي لا تخنقنا، وحتي نوصل صوتنا الي من يهمه الأمر لنقول له.. اهالي جدحفص يختنقون.
روايتان
هناك روايتان حول سبب تسمية هذه القرية بجد حفص اولها تقول ان احد الانجليز قد سكن في المنطقة في بيت جميل ومميز فأطلقوا عليه اسم The Good House وتناقل أهل القرية الاسم وحرفوه الي ان اصبح الاسم جد حفص . والرواية الاخري تقول ان هناك راع اسمه حفص كان يعمل في الرعي وفي الزراعة وكان صاحب المزرعة يقول له جد يا حفص اي بمعني اشتغل واعمل يا حفص، فأطلق علي تلك الأرض التي كان يعمل فيها حفص اسم جدحفص .
2003-02-25
أحدث التعليقات