ياسمينيات
أطباء «بلا مشاعر»
ياسمين خلف
فليتخيل كل منا نفسه محل بطلة هذه الحادثة عافاكم الله، التي قصدت أحد الأطباء بعد أن عانت لفترة ليست بالقصيرة من آلام المعدة، حيث لم يتوان ”الطبيب” من إخبارها وبأسلوب هزلي بأنها تعاني من السرطان، وطلب منها أن تسرع لإجراء عملية لاستئصال الورم من القولون، مؤكدا لها أنه ليس بأي مرض وإنما ”الخبيث”.
المرأة وهي أم ومتواضعة الثقافة انتفضت فرائصها، وأصيبت بحالة نفسية سيئة جدا، فقدت فيها أكثر من ثلاثين كيلوجراما من وزنها، تقول إن المرض الذي أتعبها لم يوهن قواها بقدر كلام الطبيب، الذي لم يراع حالتها النفسية السيئة أصلا من المرض، وكيف بها إذا ما علمت أنها مصابة بأحد الأمراض القاتلة، زوجها وإخوانها وأبناؤها نالهم من الهم ذاته وانتكست حالتهم الصحية وبدأوا يبكونها ليل نهار.
المضحك المبكي أنها عندما استفسرت منه عن العملية وبالتحديد عن مكان الجراحة وحجمها، أجابها بأن العملية تشبه بالضبط عملية ”فتح البطيخة” بل وقال بالحرف الواحد إنه سيفتح بطنها ويخرج أحشاءها ويستأصل ما يريد منه وأن الجرح سيكون من الرقبة وحتى البطن ”يا له من تشبيه، والأقرب إلى أفلام الرعب”.
المريضة هزتها الكلمات كما هزت أهلها الذين قرروا على وجه السرعة الاقتراض والسفر للعلاج في الخارج، فمن لا يراعي مشاعر المرضى لا يؤمن عنده الجسد، أجرت العملية في إحدى الدول العربية التي باتت مقصدا للبحرينيين، وعلى رغم الكلفة الباهظة والتي وصلت إلى 50 ألف دينار بحريني، إلا أنها راضية تمام الرضا ”الفلوس تروح وتجي لكن الصحة لا تعوض بثمن” تقول إن معاملة الطبيب العربي كانت مختلفة تماما، حيث طمأنها بأن العملية بسيطة ولا تحتاج منها كل هذا القلق، على رغم يقينها التام بأنه كان يخفي عنها الحقيقة، فهي تعلم أنه ورم خبيث، ولكن كانت تحتاج إلى من يدعمها نفسيا لا أن يقتلها نفسيا ويتسبب في انهيار أعصابها، فهي أم وإن لم تكن حياتها تهمها، فإنها حتما لا تتمنى اليتم لأبنائها.
للأسف على شاكلة هذا الطبيب الكثيرون ممن لا يراعون مشاعر المرضى، الذين هم في أمس الحاجة إلى الدعم النفسي من قبل الطبيب أكثر ربما من الأهل، فيجعل من المرض بسيطا وهينا في نظر المريض وإن كان الأخير يعلم حق اليقين بأنها قاتلة لا محالة، كما حدث لتلك المريضة.
ربما كثرة تعامل الأطباء مع مثل هذه الحالات، تلبد من مشاعرهم وتقسي قلوبهم، ولكن عليهم أن يعلموا أن الجزء الأكبر من علاج المرض يكمن في العلاج النفسي، وأن التسرع في تبليغ المرضى بحقيقة دائهم قد لا تنفع بقدر ما تضر، ألا يمكن التدرج في توضيح طبيعة المرض، وسبل التكيف والتعامل معه؟ كما من الأجدى أن يبلغ الأهل قبل المريض بنوع المرض خصوصا القاتل منه، فهم أدرى بالطرق الأسهل في إخباره بالمرض، فلربما فضلوا إخفاء اسم المرض، حفاظا على نفسية المريض، الذي سيخضع حتما للعلاج، تماما كما فعلت صديقتي مع والدتها المرحومة التي عانت من السرطان إلا أنها لم تبلغ بنوع المرض ولا اسمه كي لا تنهار ما تبقى لها من صحة.
العدد 461 – الأحد 10 جمادة الأولى 1428 هـ – 27 مايو 2007
ياسمينيات
أطباء «بلا مشاعر»
ياسمين خلف
فليتخيل كل منا نفسه محل بطلة هذه الحادثة عافاكم الله، التي قصدت أحد الأطباء بعد أن عانت لفترة ليست بالقصيرة من آلام المعدة، حيث لم يتوان ”الطبيب” من إخبارها وبأسلوب هزلي بأنها تعاني من السرطان، وطلب منها أن تسرع لإجراء عملية لاستئصال الورم من القولون، مؤكدا لها أنه ليس بأي مرض وإنما ”الخبيث”.
المرأة وهي أم ومتواضعة الثقافة انتفضت فرائصها، وأصيبت بحالة نفسية سيئة جدا، فقدت فيها أكثر من ثلاثين كيلوجراما من وزنها، تقول إن المرض الذي أتعبها لم يوهن قواها بقدر كلام الطبيب، الذي لم يراع حالتها النفسية السيئة أصلا من المرض، وكيف بها إذا ما علمت أنها مصابة بأحد الأمراض القاتلة، زوجها وإخوانها وأبناؤها نالهم من الهم ذاته وانتكست حالتهم الصحية وبدأوا يبكونها ليل نهار.
المضحك المبكي أنها عندما استفسرت منه عن العملية وبالتحديد عن مكان الجراحة وحجمها، أجابها بأن العملية تشبه بالضبط عملية ”فتح البطيخة” بل وقال بالحرف الواحد إنه سيفتح بطنها ويخرج أحشاءها ويستأصل ما يريد منه وأن الجرح سيكون من الرقبة وحتى البطن ”يا له من تشبيه، والأقرب إلى أفلام الرعب”.
المريضة هزتها الكلمات كما هزت أهلها الذين قرروا على وجه السرعة الاقتراض والسفر للعلاج في الخارج، فمن لا يراعي مشاعر المرضى لا يؤمن عنده الجسد، أجرت العملية في إحدى الدول العربية التي باتت مقصدا للبحرينيين، وعلى رغم الكلفة الباهظة والتي وصلت إلى 50 ألف دينار بحريني، إلا أنها راضية تمام الرضا ”الفلوس تروح وتجي لكن الصحة لا تعوض بثمن” تقول إن معاملة الطبيب العربي كانت مختلفة تماما، حيث طمأنها بأن العملية بسيطة ولا تحتاج منها كل هذا القلق، على رغم يقينها التام بأنه كان يخفي عنها الحقيقة، فهي تعلم أنه ورم خبيث، ولكن كانت تحتاج إلى من يدعمها نفسيا لا أن يقتلها نفسيا ويتسبب في انهيار أعصابها، فهي أم وإن لم تكن حياتها تهمها، فإنها حتما لا تتمنى اليتم لأبنائها.
للأسف على شاكلة هذا الطبيب الكثيرون ممن لا يراعون مشاعر المرضى، الذين هم في أمس الحاجة إلى الدعم النفسي من قبل الطبيب أكثر ربما من الأهل، فيجعل من المرض بسيطا وهينا في نظر المريض وإن كان الأخير يعلم حق اليقين بأنها قاتلة لا محالة، كما حدث لتلك المريضة.
ربما كثرة تعامل الأطباء مع مثل هذه الحالات، تلبد من مشاعرهم وتقسي قلوبهم، ولكن عليهم أن يعلموا أن الجزء الأكبر من علاج المرض يكمن في العلاج النفسي، وأن التسرع في تبليغ المرضى بحقيقة دائهم قد لا تنفع بقدر ما تضر، ألا يمكن التدرج في توضيح طبيعة المرض، وسبل التكيف والتعامل معه؟ كما من الأجدى أن يبلغ الأهل قبل المريض بنوع المرض خصوصا القاتل منه، فهم أدرى بالطرق الأسهل في إخباره بالمرض، فلربما فضلوا إخفاء اسم المرض، حفاظا على نفسية المريض، الذي سيخضع حتما للعلاج، تماما كما فعلت صديقتي مع والدتها المرحومة التي عانت من السرطان إلا أنها لم تبلغ بنوع المرض ولا اسمه كي لا تنهار ما تبقى لها من صحة.
العدد 461 – الأحد 10 جمادة الأولى 1428 هـ – 27 مايو 2007
One Comment on “أطباء «بلا مشاعر»”
admin
تعليق #1
اختي العزيزة ياسمين اليس المفترض ان يكتب اسم الطبيب والمشفى لاننا شاهدنا وسمعنا الكثير من هذه القضايا يخليك ربي شكرا
بن شملان الأحد 27 مايو 2007
تعليق #2
للأسف ما ذكرتيه لن يستغربه أحد فكل يوم نسمع ل ونرى الكثير من هؤلاء الذين من المفترض أن يكونوا رحمه ونعمه للمريض وليس العكس .
ابو راشد الأحد 27 مايو 2007
تعليق #3
تسلمين أستاذتنا الفاضلة ياسمين خلف على طرحج للموضوع .
بس الله يطول لي عمرج هذا الطبيب بيطري ولا بشري ؟؟ لو كان بشري على الدنيا السلام ..وأقول للوفاق رجاء التسريع في عمل لجنة التحقيق
ويعطيج العافية أستاذتنا .
الفاارس الأحد 27 مايو 2007
تعليق #4
شكرا اختي ياسمين على المقال.ولكن لدي تعليق بسيط وهو
ان على كل طبيب ان يشرح جزء بسيط من العملية للمريض ..حتى يكون المريض متفهم كل الفهم وواعي للموافقه والتوقيع على العمليه…وفي مثل هذه الحاله انا اضع اللوم على الطبيب لأنه لم يعرف كيف يوصل المعلومه ويطمئن مريضه وهو بأسلوبه ايضا قد صعب على نفسه العمليه لأن المريض سوف يكون في حالة توتر وبالتالي زيادة الضغط لديه واحتمال كبير بعدم نجاح العملية بسبب عامل نفسي الا وهو خوف المريض وتوتره.
ماتعليقكِ على كلامي؟
وشكر لكِ
الفرساني الأحد 27 مايو 2007
تعليق #5
سلام خيوووووووووووووووووووو لمادا لا يعطى الموظف سواء كان طبيب او من له علاقه مباشره في التعامل مع الناس او الزبائن دروس خاصه في فن التعامل والملاحظ الان في مملكتنا هو تريد فن في التعامل وتريد كلام منسق وحلو وبسطه وسوالف تعال حبيبي لي الطب الخاص راح تشوف الدئب صار حمل وديع ومع تحياتي اختي ياسمين وبصراحه نحتاج لمثل هالقضايه وايجاد الحلول اليها
سميره الأحد 27 مايو 2007
تعليق #6
الجزع عند المصيبه ( مصيبه أخرى )……………..
قد لا يتوارى على اذهان الناس أن نوع رده الفعل عند سماع أي خبر سواء كان الخبر يحمل مضمون سيئ على حد المتلقي _ أو يحمل مضمون مفرح بالنسبه له .
تختلف أو تتشكل عند المتلقي على طبيعه أو طريقه نوع سرد ناقل الحديث
حقيقه علميه مدروسه))))))
فاليجرب كل منكم هذه التجربه ليتقرب له المثال بطريقه أسهل وأسرع _
* * قم بنقل خبر محزن لصديقك بطريقه مفرحه مستعينِ بكل الأيمائات والتصرفات الداله على الفرح أو الرضى ( وانت تضحك) مثلاً ,
ماذا تلاحظ …..؟
حاول أن تحلل الحاله لدى المتلقي _ ستراه كتالي :
هادئ
منشرح
مرتاح هذا في بدايه الحديث …
أما في نهايته فهو كل آتي :
متضايق _غير فاهم تقريباَ …….؟
حتى يتبين له أن الأمر يستدعي الأخذ والعطاء منه معك . (حتى يفهم منك _
ويستغرب لأن ما تلقاه منك لا يستدعي الفرح أصلاً …
( أي حتى يراجع حساباته مع عقله ) ويفهم …..!!!!
والعكس صحيح تماما .
* * حاول أن تنقل خبر (مفرح) بطريقه (حزينه) ستلاحظ كل المتلقين ستبدأ عليهم علامات الحزن والفزع تلقائيا ومن غير تفكير ولا سيطره ومن ولهات سريعه
((((((مع أن ما قلته لم يفهموه بعد))))))؟
وما تقوم بأخباره أياهم ليس بمحزن !!!!
والحقيقه العلميه المضحكه في ذلك تكمن في أن تصرفاتنا تخبر المحيطين بحقيقه عكس (الحقيقه اللفظيه) أي ما نقوم بلفظه .
(وأن عقل المتلقي ) من الناحيه العلميه يستقبل الإيمائات قب ان يستقبل الحديث بسرعه كبيره جداً ويتأثر بها .
(وأننا في الحقيقه في حياتنا العمليه نقوم بأرسال رسائل كثيره لمن هم حولنا تكون مقرونه للحديث الملفوظ هذه الرسائل في الواقع تكن ليست لفظيه _ لكنها محسوسه وتندرج هذه الرسائل تحت
الرسائل الإيمائيه المحسوسه من (قِبل المتلقي)
(والغير مقصوده في غالب الوقت من قِبل المرسل)
لأننا نقوم بها من غير ي أن نشعور.وتكن ملازمه ومناسبه للشعور المأخوذ من الحديث اللفظي .
(((هذ التوضيح ممل بعض الشئ لكنه تفسير لمعلومه مهمه , يجب على الجميع الأحاطه بها علماً , حتى يتعاملوا مع الظروف بأكثر حكمه .
— ومثل ما تفضلت الأخت الفاضله الكاتبه (ياسمين خلف ..
أن يجب على الطبيب أن لا يهمل الناحيه النفسيه لمريضه وأن يجعل مهمة نقل خبر نوع أو وجود المرض على عاتقه فهي نصف أو كل العلاج أن أستطعنا القول وأن لا يتهاون في هذه المهمه التي بدى الكثير من الأطباء التهاون بها .؟
كلمه لطبيب المعني *
أقدام متعبة وضمير مستريح خير من ضمير متعب وأقدام مستريحة …….
كلمه للمريض *
قد لن تستطيع أن تمنع طيور الهم أن تحلق فوق رأسك , لكنك تستطيع أنت تمنعها أن تعشش في رأسك .!
– اعتن بنفسك ولا تيأس .
– فوض أمرك لله المستعان القادر على كل شئ ,استعن به بصدق وأأمل به خير ((*(( فهو عند ظن عبده به ))*))
الهدهد الأحد 27 مايو 2007
تعليق #7
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخت ياسمين المحترمة لقد قرأت مقالك والذي يحمل عنوان أطباء بلا مشاعر وتذكرت معاناتي وأنا في مستشفى السلمانية للولادة حيث كنت على وشك الولادة وذهبوا بي إلى جناح الولادة وجاءت الدكتورة والتي لا تحمل ذرة من المشاعر لتباشر عملية الولادة وعندما عرفت اني حاملة للألتهاب الكبد خلعت القفازات وجعلت تصرخ وتقول لن اولدها لالالالالا لايمكن مما اصبت بهستيريا وفقدت فيها اعصابي وطردتها من غرفة العمليات وجاءت طبيبة ثانية وولدتني وهي تمسح على راسي وتهديء من روعي مع باقي الممرضات الذين استنكروا من فعلها المشين لقد مرت عملية الولادة على خير ولكن تركت جرحا لايندمي الى الآن سامحها الله هذي الطبيبة لا تستاهل هذه المهنة التي تحمل الانسانية فعلا انها طبيبة بلااا مشاعر .
أم علي الأربعاء 30 مايو 2007