ونعم التربية والله

ياسمينيات
ونعم التربية والله
ياسمين خلف

ياسمين خلف

أم لها من الأولاد ما يزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة، متعلمة ويقال إنها مثقفة ومتدينة، ولكن إن خالطتها وعرفتها عن قرب وأتيت إلى تصرفاتها وقيمتها ستحسبها جاهلة ولا علاقة لها بأبجديات التربية والأخلاق التي تتشدق بها بالكلام وأفعالها تناقضها، فكيف لأم أن تزرع الأخلاق في أبنائها وهي تفتقر لها؟!، وكيف نطالب الأبناء بالتحلي بالأخلاق والتي أقلها معاملة الناس بالحسنى، وآباؤهم يحتاجون إلى من يعلمهم إياها، فتجدهم يترفعون على عباد الله ‘’حتى السلام على رسول الله ما يقولونها’’ ولسانهم لا ينفك عن غيبة علان أو النميمة على فلتان.
لا جدال أن التربية من أصعب المهام، وعليها تقوم أمم وتنهار أخرى ‘’إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا’’ فليس الفخر بالتكاثر، فحتى القطط تنجب، ولكن الفخر بتربية أبناء يشار لهم بالبنان ويدعو لهم الناس القاصي منهم والداني بالخير، ويدعون لآبائهم الذين أحسنوا تربيتهم، لا أن تجد الناس يدعون عليهم وعلى الأرحام التي احتوتهم.
ومن غير الإنصاف أن نقول إن للمستوى التعليمي للآباء دور في التربية، وأقسم بالله أن في سنوات عمري الماضية وجدت عددا ليس باليسير من المتعلمين والمثقفين الذين يخجل المرء من تصرفاتهم وتصرفات أبنائهم، وتتساءل بينك وبين نفسك عن البيئة التي نشأوا عليها وتربوا فيها وعن الآباء التي ربتهم، وفي المقابل وجدت من يستحق أن تنحني له احتراما وهو الذي رباه أبوان يجهلان حتى فك الخط ومدرستهم كانت الحياة والتجربة، وهي طبعا ليست بقاعدة فهناك العكس بالعكس، واعتبار الأمر قاعدة ظلم ننأى عنه، وبيني وبينكم فإن هناك من الأبناء من تكون التربية ‘’خسارة فيهم’’ ومهما بذل الآباء في تربيتهم ستجدهم يعيثون في الأرض فسادا.
رجوعا إلى الأم السالفة الذكر فمن إحدى تصرفاتها التي من المفترض أن تخجل منها وهي الجدة، أنها تجري وراء مصلحتها ‘’مصلحجية يعني بالعامية’’ فأنت الحبيب عندما تكون لها عندك حاجة فتسلم عليك على بعد ميل، ولا تعرفك إن لم تكن لها عندك منفعة وتتهرب منك وتنتظر منك السلام وإلا فلا سلام ولا كلام، وكل ذلك غرسته في أبنائها وبناتها الذين باتوا معروفين بذات الخصلة، قالها
الإخوان المصريون ‘’إإلب القدر على تمها تطلع البنت لمها’’ أي أن البنت نسخة أمها في الأخلاق، فابنتها كذلك، والمضحك المبكي أن الأم صادف أنها كذبت على صديقاتها، وتعذرت عن لقائها اليومي بهن بأنها مشغولة كي لا تخبرهم بأنها تجهز ابنتها في الخارج لزواجها ‘’كذابة بعد’’، وبالمصادفها رأتها إحدى صديقاتها في ذات البلد، فحاولت التهرب إلا أنها لم تفلح وبدلا من أن تحث أبنتها ‘’الراشدة’’ من إلقاء السلام، تغمز لها بالابتعاد كي لا تراها صديقتها، كما لو كانت فتاة مراهقة تجهل أدبيات الأخلاق البسيطة، ولا يعرفون أن من أساء فقد أساء لنفسه، وبقى أن أقول إنه ونعم التربية والله!

العدد 559 – الأحد 20 شعبان 1428 هـ – 2 سبتمبر 2007

ياسمينيات
ونعم التربية والله
ياسمين خلف

ياسمين خلف

أم لها من الأولاد ما يزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة، متعلمة ويقال إنها مثقفة ومتدينة، ولكن إن خالطتها وعرفتها عن قرب وأتيت إلى تصرفاتها وقيمتها ستحسبها جاهلة ولا علاقة لها بأبجديات التربية والأخلاق التي تتشدق بها بالكلام وأفعالها تناقضها، فكيف لأم أن تزرع الأخلاق في أبنائها وهي تفتقر لها؟!، وكيف نطالب الأبناء بالتحلي بالأخلاق والتي أقلها معاملة الناس بالحسنى، وآباؤهم يحتاجون إلى من يعلمهم إياها، فتجدهم يترفعون على عباد الله ‘’حتى السلام على رسول الله ما يقولونها’’ ولسانهم لا ينفك عن غيبة علان أو النميمة على فلتان.
لا جدال أن التربية من أصعب المهام، وعليها تقوم أمم وتنهار أخرى ‘’إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا’’ فليس الفخر بالتكاثر، فحتى القطط تنجب، ولكن الفخر بتربية أبناء يشار لهم بالبنان ويدعو لهم الناس القاصي منهم والداني بالخير، ويدعون لآبائهم الذين أحسنوا تربيتهم، لا أن تجد الناس يدعون عليهم وعلى الأرحام التي احتوتهم.
ومن غير الإنصاف أن نقول إن للمستوى التعليمي للآباء دور في التربية، وأقسم بالله أن في سنوات عمري الماضية وجدت عددا ليس باليسير من المتعلمين والمثقفين الذين يخجل المرء من تصرفاتهم وتصرفات أبنائهم، وتتساءل بينك وبين نفسك عن البيئة التي نشأوا عليها وتربوا فيها وعن الآباء التي ربتهم، وفي المقابل وجدت من يستحق أن تنحني له احتراما وهو الذي رباه أبوان يجهلان حتى فك الخط ومدرستهم كانت الحياة والتجربة، وهي طبعا ليست بقاعدة فهناك العكس بالعكس، واعتبار الأمر قاعدة ظلم ننأى عنه، وبيني وبينكم فإن هناك من الأبناء من تكون التربية ‘’خسارة فيهم’’ ومهما بذل الآباء في تربيتهم ستجدهم يعيثون في الأرض فسادا.
رجوعا إلى الأم السالفة الذكر فمن إحدى تصرفاتها التي من المفترض أن تخجل منها وهي الجدة، أنها تجري وراء مصلحتها ‘’مصلحجية يعني بالعامية’’ فأنت الحبيب عندما تكون لها عندك حاجة فتسلم عليك على بعد ميل، ولا تعرفك إن لم تكن لها عندك منفعة وتتهرب منك وتنتظر منك السلام وإلا فلا سلام ولا كلام، وكل ذلك غرسته في أبنائها وبناتها الذين باتوا معروفين بذات الخصلة، قالها
الإخوان المصريون ‘’إإلب القدر على تمها تطلع البنت لمها’’ أي أن البنت نسخة أمها في الأخلاق، فابنتها كذلك، والمضحك المبكي أن الأم صادف أنها كذبت على صديقاتها، وتعذرت عن لقائها اليومي بهن بأنها مشغولة كي لا تخبرهم بأنها تجهز ابنتها في الخارج لزواجها ‘’كذابة بعد’’، وبالمصادفها رأتها إحدى صديقاتها في ذات البلد، فحاولت التهرب إلا أنها لم تفلح وبدلا من أن تحث أبنتها ‘’الراشدة’’ من إلقاء السلام، تغمز لها بالابتعاد كي لا تراها صديقتها، كما لو كانت فتاة مراهقة تجهل أدبيات الأخلاق البسيطة، ولا يعرفون أن من أساء فقد أساء لنفسه، وبقى أن أقول إنه ونعم التربية والله!

العدد 559 – الأحد 20 شعبان 1428 هـ – 2 سبتمبر 2007

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

One Comment on “ونعم التربية والله

  1. تعليق #1
    تسملي اخد ياسمين كلام ذهب روعه

    تحياتي
    life الأحد 2 سبتمبر 2007
    تعليق #2
    نحتاج الى كتابات من هذا النوع بعد ان فقدنا الاقلام الاجتماعيه واصبح الكل متخصص في الافتاء السياسي على طريقة كل من عمى فتل حبال فهناك قصص في المجتمع يشيب لها الولدان ولكن لا احد من الاخوه او الاخوات الكتاب يتبرع بالقاء الضوء عليها الا نادرا وشكرا ياخت ياسمين على مقالتك التي برائحة الياسمين وننتظر المزيد
    محمد صالح الأحد 2 سبتمبر 2007
    تعليق #3
    الف شكر على كتابة المقال واتمنى لج التوفيق والنجاح
    حجيري 24 الأحد 2 سبتمبر 2007
    تعليق #4
    سلام شوفوا اعمدة احمد العنزور اقل شي فيها 15 صفحه رد لأنه يكتب عن رياضتنا المفضله نادي الفروسيه وما انشهر الوقت الا بأحمد العنزور

    المرعب الأربعاء 5 سبتمبر 2007
    تعليق #5
    حتى اكون صريح
    لم يسبق لي أن أطلعت على أي مقال لك.
    ما دعاني إلى الدخول على مقالك هو صورتك

    لكن حينما دخلت وتشرفت بقرأة المقال وجدت ان جمال قلمك وفكرك قد تفوق على جماللك انتي كأنثى .

    احمد.

    احمد السبت 8 سبتمبر 2007

    رد

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.