«ما ليهم حل»

ياسمينيات
«ما ليهم حل»
ياسمين خلف

ياسمين خلف

يبدو أن القضايا الاجتماعية التي جعلت من البحرينيين أن يكونوا مطحونين في الحياة، باتت معالجتها أقرب إلى أن تكون مستحيلة في ظل تحليل المسببات والمتسببين فيها.
الفقر الذي تعاني منه شريحة واسعة ”أكبر” بكثير مما يمكن أن يتصورها أصحاب الفلل والسيارات الفارهة، وأقسى مما يصرح بها المسؤولون وإن تواروا خلف ستار، أن البحرين لا تعاني من الفقر ”المدقع” وكل ما في الأمر أن الفقر عندنا ”نسبي”! يا جماعة الخير بلد نفطي ومفتوح على التجارة العالمية ولا يتعدى عدد سكانه 750 ألف نسمة ما بين مواطن وآخر أجنبي، ويعاني الأمرين من الفقر أو إن لم يكن الفقر يعاني من صعوبة العيش بالصورة الكريمة، التي تحفظ له ماء الوجه وتكفيه شر القروض التي لا يعلم هل سيسددها هو أم أبناؤه بعد وفاته! كيف سيكون حالنا إذا ما تجاوز عدد السكان المليون؟ وإن غدا لناظره قريب، فالنمو السكاني بعد سنوات قليلة سيذكرنا بحال اليوم، والذي حتما سيكون أفضل من غيره، إذا ما بقي الحال على ما هو عليه.
كل ذلك توارد في ذهني وأنا أشاهد مسرحية ”ما ليهم حل” والتي للأسف أسدلت ستائرها أمس في مركز السنابس الرياضي والثقافي رغم ما شهدته من إقبال جماهيري كبير، منذ بدء عرضها في ثاني أيام العيد، حتى تجاوز عدد حضورها ألفي شخص، واضطر القائمون عليها إلى إقامة عرضين في اليوم بدلا من عرض واحد كما كان مقررا، ولدرجة أن الجمهور قبل أن يجلس على الأرض بعد أن نفدت التذاكر والكراسي في الصالة، كان الجمهور يضحك من قلبه على مأساته التي بدأوا يرونها كالمرض الخبيث الصعب استئصاله أو حتى علاجه، خصوصا إذا ما كان الطبيب يرفض تقديم العلاج وإن كان موجودا.
وبعيدا عن القضايا الاجتماعية المطروحة بحس فكاهي ”اتموت من الضحك”، وقريبا من العمل الفني، فإن المؤلف والمخرج جابر حسن قد أبدع حقا في العمل، وكذا كان طاقم العمل الذي لم يتجاوز عدده التسعة ممثلين من فرقة العروج المسرحية الشعبية، حيث أدوا عددا من الأدوار بصورة ملفتة وجميلة، ناهيك عن الرقصات التعبيرية الفكاهية، أعترف بأني ذهبت لمشاهدة المسرحية ولم أتوقع أبدا أن أخرج منها بهذا الانطباع، إمكاناتهم بسيطة جدا، ولكنهم تمكنوا من انتزاع الابتسامة انتزاعا من الحضور وجعلوهم يصفقون بين اللحظة والأخرى، فهناك من حضر عدة مرات، لأنه وجد أن في كل يوم يرى مشاهد إضافية بحوار تلقائي خارج عن النص، وهناك من نصح أحبائه لحضورها، فأتمنى من المخرجين والقائمين على المسرح البحريني أن يلتفتوا إلى مثل هذه المواهب الفنية ”المدفونة” والتي ستضيف إلى الفن البحريني لا أن تهدمه كما فعلت مسلسلاتنا الأخيرة.

 العدد 608 – الأحد 10 شوال 1428 هـ – 21 أكتوبر 2007

ياسمينيات
«ما ليهم حل»
ياسمين خلف

ياسمين خلف

يبدو أن القضايا الاجتماعية التي جعلت من البحرينيين أن يكونوا مطحونين في الحياة، باتت معالجتها أقرب إلى أن تكون مستحيلة في ظل تحليل المسببات والمتسببين فيها.
الفقر الذي تعاني منه شريحة واسعة ”أكبر” بكثير مما يمكن أن يتصورها أصحاب الفلل والسيارات الفارهة، وأقسى مما يصرح بها المسؤولون وإن تواروا خلف ستار، أن البحرين لا تعاني من الفقر ”المدقع” وكل ما في الأمر أن الفقر عندنا ”نسبي”! يا جماعة الخير بلد نفطي ومفتوح على التجارة العالمية ولا يتعدى عدد سكانه 750 ألف نسمة ما بين مواطن وآخر أجنبي، ويعاني الأمرين من الفقر أو إن لم يكن الفقر يعاني من صعوبة العيش بالصورة الكريمة، التي تحفظ له ماء الوجه وتكفيه شر القروض التي لا يعلم هل سيسددها هو أم أبناؤه بعد وفاته! كيف سيكون حالنا إذا ما تجاوز عدد السكان المليون؟ وإن غدا لناظره قريب، فالنمو السكاني بعد سنوات قليلة سيذكرنا بحال اليوم، والذي حتما سيكون أفضل من غيره، إذا ما بقي الحال على ما هو عليه.
كل ذلك توارد في ذهني وأنا أشاهد مسرحية ”ما ليهم حل” والتي للأسف أسدلت ستائرها أمس في مركز السنابس الرياضي والثقافي رغم ما شهدته من إقبال جماهيري كبير، منذ بدء عرضها في ثاني أيام العيد، حتى تجاوز عدد حضورها ألفي شخص، واضطر القائمون عليها إلى إقامة عرضين في اليوم بدلا من عرض واحد كما كان مقررا، ولدرجة أن الجمهور قبل أن يجلس على الأرض بعد أن نفدت التذاكر والكراسي في الصالة، كان الجمهور يضحك من قلبه على مأساته التي بدأوا يرونها كالمرض الخبيث الصعب استئصاله أو حتى علاجه، خصوصا إذا ما كان الطبيب يرفض تقديم العلاج وإن كان موجودا.
وبعيدا عن القضايا الاجتماعية المطروحة بحس فكاهي ”اتموت من الضحك”، وقريبا من العمل الفني، فإن المؤلف والمخرج جابر حسن قد أبدع حقا في العمل، وكذا كان طاقم العمل الذي لم يتجاوز عدده التسعة ممثلين من فرقة العروج المسرحية الشعبية، حيث أدوا عددا من الأدوار بصورة ملفتة وجميلة، ناهيك عن الرقصات التعبيرية الفكاهية، أعترف بأني ذهبت لمشاهدة المسرحية ولم أتوقع أبدا أن أخرج منها بهذا الانطباع، إمكاناتهم بسيطة جدا، ولكنهم تمكنوا من انتزاع الابتسامة انتزاعا من الحضور وجعلوهم يصفقون بين اللحظة والأخرى، فهناك من حضر عدة مرات، لأنه وجد أن في كل يوم يرى مشاهد إضافية بحوار تلقائي خارج عن النص، وهناك من نصح أحبائه لحضورها، فأتمنى من المخرجين والقائمين على المسرح البحريني أن يلتفتوا إلى مثل هذه المواهب الفنية ”المدفونة” والتي ستضيف إلى الفن البحريني لا أن تهدمه كما فعلت مسلسلاتنا الأخيرة.

 العدد 608 – الأحد 10 شوال 1428 هـ – 21 أكتوبر 2007

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

One Comment on “«ما ليهم حل»

  1. تعليق #1
    هناك مجموعة كبيرة من الموهوبين لكن للأسف كل شيء في البلد يمشي بشكل طائفي
    الحايكي الأحد 21 أكتوبر 2007
    تعليق #2
    الله يكفينا شر الكرب والشدة اللي تخلي الراجل كلب والمرا قرده
    الدكتور حداد الأحد 21 أكتوبر 2007
    تعليق #3
    السلام عليكم
    الف شكر لج اختي ع هذه المواضيع الجميله والهادفه
    اني متابع كل المواضيع واتمنى لج الاستمرار
    تحياتي
    Abo mohand الأحد 21 أكتوبر 2007
    تعليق #4
    يالله…. اهي جذيه واللي جاي أعظم وأعظم
    ابن المحرق الأحد 21 أكتوبر 2007
    تعليق #5
    الاخت ياسمين / البلد غني وغني جدا ولن يصدق احد ان موارد الدولة شحيحة والدليل ما نراه من بذخ لدى شريحة مستأثرة متنفذة والباقي يرزحون تحت الفقر او الكفاف او الاحتيال على الحياة للعيش فقط ، بينما التصريحات تأتي من هنا وهناك بأن الموارد شحيحة لكي يغض الناس الطرف عن طلب العيش الكريم الموعودين به دون رؤيته ، انا شاب في اواخر العقد الثالث لا أملك سيارة حالي حال الاجنبي ولن نقول البحريني المتنغنغ في النعيم الاجنبي الذي لتوه جاء للبلد والسبب اني مطالب ببناء منزل بعد الزواج والانفاق على اهلي ودفع الفواتير التي لا نهاية لها وتجديد بطاقات والجواز والليسن ووووووو، كل ذلك على كاهلي ، بينما الاجنبي حين قدومه كل ما افعه انا يستلمه هو ممن جلبه للوطن ، ولو كان كما يقولون موارد البلد شحيحة لقبلنا ذلك ولكن ما نراه عكس ذلك فما لنا الا ان نتحسر على حالنا وكما وصفت بأن العلاج موجود ولكن الطبيب يرفض تقديمه حيث الخيرات موجودة ولكن عند التوزيع تكون الغلة من احبوا عوة على الطمع والجشع الذي يهلك صاحبه وفي الاخير يخرج من الدنيا بخرقة بالية وسمعة سيئة .
    ابو احمد الأحد 21 أكتوبر 2007
    تعليق #6
    ((والحين صارت اصابعي الي ما ليها حل ,شيرت)) حقا جلعت أناملي عاجزة عن التعليق. برافوا عليش يا سندريلا الوقت, كنتين مكفية وموفية بحيث الكلام الي دار براسنة أحنة المشاهدين للمسرحية بعد ما أنتهت
    كلة مكتوب بالمقال. وأتمنى رسالتش توصل لقلب كل مسؤل عن المسرح البحريني الي قرب إلى الانهيار .
    رملة الشاطىء الأحد 21 أكتوبر 2007
    تعليق #7
    شكـــــراً لكِ ياأختي العزيزة ياسمين

    صرخة ألم
    صرخة ألم الأحد 21 أكتوبر 2007
    تعليق #8
    عين عذاري تسقي البعيد وتخلي القريـــــــــــب فعلا انطبق هالمثل على المواطنين
    نجلاء الأحد 21 أكتوبر 2007

    رد

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.