نستنكر ما تستنكرون

ياسمينيات
نستنكر ما تستنكرون
ياسمين خلف

ياسمين خلف

لسنا مع العنف بأي شكل من أشكاله، ولسنا مع من «يطبل» هنا وهناك ليتقرب من هذا وذاك، ولسنا مع من ينفخ ليشعل نار الفتنة ويؤجج الطائفية التي لا أعرف بالضبط كيف وجدت لها مكاناً بيننا اليوم، رغم التحضر والثقافة التي وصل إليها شعبنا، فالبحريني إنسان مسالم بطبعه ومتسامح مع الأديان الأخرى، فكيف بذاك المسلم مثله والذي يشهد بالشهادتين مثله، أينكر أحدنا ذلك؟ سلوا كبار السن اليوم إذا شهدوا في زمان شبابهم ما نشهده اليوم لتجيبوا على السؤال بحيادية وموضوعية بعيداً عن التشنج والعصبية.
ما حدث في الأيام الأخيرة أثر الحوادث التي مرت بها المملكة، فتحت شهية البعض من الكتاب في عدد من الصحف لنفث سمومهم، وكأنهم يريدون لهذا البلد أن يحترق، كيف لا وهم يرمون الحطب في النار المشتعلة، ويقفون موقف الشيطان يوم القيامة عندما يتبرأ من بني الإنسان الذي أغواه كما جاء في محكم كتاب الله الكريم «كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين» صدق الله العلي العظيم، فما يكتبه «البعض» استفزازي ومحط من قدر ومكانة شريحة واسعة في هذه المملكة، بل يندرج ضمن المزايدة على الولاء لهذا الوطن وتشكيك في ولاء الآخرين، وكأنهم هم وحدهم من يخافون على مصلحة الوطن وغيرهم يريدون النيل منه، «ما هكذا تورد الإبل» كما يقال، فالوضع لا يحتمل هذا التأجيج، فالشباب المستعدون للمشاركة في مثل هذه المظاهرات فقدوا كما يبدو صبرهم، ومثل هذه الكلمات لا أظنها ستعالج الأمر، بل ستزيده سوءاً على سوء، فعندما يستنكر هؤلاء الكتاب ما حدث بأسلوب غير موضوعي ولا يرمي إلى المعالجة بقدر ما يرمي إلى التأجيج والسب والقذف، حينها علينا أن نقول لهم «كفى، فنحن نستنكر ما تستنكرون».
لا أحد منا ينكر بأن المظاهرات وإشعال الحرائق هنا وهناك تثير الفوضى والخوف في نفوس الجميع، وأظن أن أهالي القرى هم الأكثر تضرراً باعتبار أنهم وحدهم من يحاصر في بيوتهم، ومن يختنق من الغازات المسيلة للدموع، ومن يكون خارج منزله ولم يشهد الحوادث بأم عينه حتماً لن يرجع إلى بيته إلا بعد فك الحصار الذي قد يمتد إلى الساعة الثانية أو الثالثة فجراً. لسنا مع المتسبب في ذلك، ولسنا مع الطرق التي تعالج فيها مثل هذه الأمور، خصوصاً أن من بين المتضررين مرضى يعيشون على الأجهزة وآخرون أطفال وعجزة، فلا أحد يتمنى أن يفقد عزيزاً له في طرفة عين، ولا أن تثكل أم بابنها أو حتى تبكيه ليلها مواصلة إياه بصباحها لتقر عينها ويعود من الحجز أو التوقيف.
بعض الشباب المشارك في المظاهرات الأخيرة قال إنه لا يتمنى المشاركة في التخريب والخروج عن القوانين، ولكنه لم يجد غيرها «مستنكرين» صمت علماء الدين الذين كما قالوا، أطبق عليهم السكون في الحوادث الأخيرة! ولاسيما بعد ما تعرضت إليه النساء أمام النيابة العامة.
من بين سطور كلام هؤلاء الشباب أجد شخصياً أن بالإمكان الوصول إليهم وإقناعهم بضرورة الالتزام بالقوانين عبر رجال الدين فكما يبدو فإن شباب اليوم أكثر إصغاء لهم من دون غيرهم، فلم لا يحدث ذلك، حينها فقط يمكنهم إحراج من يحاول «التصيد في الماء العكر».

 العدد 678 – الأحد 20 ذو الحجة 1428 هـ – 30 ديسمبر

ياسمينيات
نستنكر ما تستنكرون
ياسمين خلف

ياسمين خلف

لسنا مع العنف بأي شكل من أشكاله، ولسنا مع من «يطبل» هنا وهناك ليتقرب من هذا وذاك، ولسنا مع من ينفخ ليشعل نار الفتنة ويؤجج الطائفية التي لا أعرف بالضبط كيف وجدت لها مكاناً بيننا اليوم، رغم التحضر والثقافة التي وصل إليها شعبنا، فالبحريني إنسان مسالم بطبعه ومتسامح مع الأديان الأخرى، فكيف بذاك المسلم مثله والذي يشهد بالشهادتين مثله، أينكر أحدنا ذلك؟ سلوا كبار السن اليوم إذا شهدوا في زمان شبابهم ما نشهده اليوم لتجيبوا على السؤال بحيادية وموضوعية بعيداً عن التشنج والعصبية.
ما حدث في الأيام الأخيرة أثر الحوادث التي مرت بها المملكة، فتحت شهية البعض من الكتاب في عدد من الصحف لنفث سمومهم، وكأنهم يريدون لهذا البلد أن يحترق، كيف لا وهم يرمون الحطب في النار المشتعلة، ويقفون موقف الشيطان يوم القيامة عندما يتبرأ من بني الإنسان الذي أغواه كما جاء في محكم كتاب الله الكريم «كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين» صدق الله العلي العظيم، فما يكتبه «البعض» استفزازي ومحط من قدر ومكانة شريحة واسعة في هذه المملكة، بل يندرج ضمن المزايدة على الولاء لهذا الوطن وتشكيك في ولاء الآخرين، وكأنهم هم وحدهم من يخافون على مصلحة الوطن وغيرهم يريدون النيل منه، «ما هكذا تورد الإبل» كما يقال، فالوضع لا يحتمل هذا التأجيج، فالشباب المستعدون للمشاركة في مثل هذه المظاهرات فقدوا كما يبدو صبرهم، ومثل هذه الكلمات لا أظنها ستعالج الأمر، بل ستزيده سوءاً على سوء، فعندما يستنكر هؤلاء الكتاب ما حدث بأسلوب غير موضوعي ولا يرمي إلى المعالجة بقدر ما يرمي إلى التأجيج والسب والقذف، حينها علينا أن نقول لهم «كفى، فنحن نستنكر ما تستنكرون».
لا أحد منا ينكر بأن المظاهرات وإشعال الحرائق هنا وهناك تثير الفوضى والخوف في نفوس الجميع، وأظن أن أهالي القرى هم الأكثر تضرراً باعتبار أنهم وحدهم من يحاصر في بيوتهم، ومن يختنق من الغازات المسيلة للدموع، ومن يكون خارج منزله ولم يشهد الحوادث بأم عينه حتماً لن يرجع إلى بيته إلا بعد فك الحصار الذي قد يمتد إلى الساعة الثانية أو الثالثة فجراً. لسنا مع المتسبب في ذلك، ولسنا مع الطرق التي تعالج فيها مثل هذه الأمور، خصوصاً أن من بين المتضررين مرضى يعيشون على الأجهزة وآخرون أطفال وعجزة، فلا أحد يتمنى أن يفقد عزيزاً له في طرفة عين، ولا أن تثكل أم بابنها أو حتى تبكيه ليلها مواصلة إياه بصباحها لتقر عينها ويعود من الحجز أو التوقيف.
بعض الشباب المشارك في المظاهرات الأخيرة قال إنه لا يتمنى المشاركة في التخريب والخروج عن القوانين، ولكنه لم يجد غيرها «مستنكرين» صمت علماء الدين الذين كما قالوا، أطبق عليهم السكون في الحوادث الأخيرة! ولاسيما بعد ما تعرضت إليه النساء أمام النيابة العامة.
من بين سطور كلام هؤلاء الشباب أجد شخصياً أن بالإمكان الوصول إليهم وإقناعهم بضرورة الالتزام بالقوانين عبر رجال الدين فكما يبدو فإن شباب اليوم أكثر إصغاء لهم من دون غيرهم، فلم لا يحدث ذلك، حينها فقط يمكنهم إحراج من يحاول «التصيد في الماء العكر».

 العدد 678 – الأحد 20 ذو الحجة 1428 هـ – 30 ديسمبر

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

One Comment on “نستنكر ما تستنكرون

  1. تعليق #1
    لاإله إلاالله محمدا رسول الله
    لنتذكر دائما هذه الشهادة التي تقهر الأعداء لنتحلى بحنكة وحكمة الأولياء الصالحين لنصلح أنفسنا وأعمالنا وتصرفاتنا قبل أن نحاسب الغير وفوق كل هذا لنكن يدا واحدة في حب الدين ورسول الدين لنصل إلى نهاية واحدة هو إنتصار الدين ورسول الدين .
    الدكتور حداد الأحد 30 ديسمبر 2007
    تعليق #2
    لاتعليق والامور واضحه ولاعذر لمن يعملاعمال شغب بهذه الصوره هناك قنوات اخري للاحتجاج تحياتي
    صلاح الأحد 30 ديسمبر 2007
    تعليق #3
    الاخت الكاتبة ياسمين الحترم المسلم الذي ينطق بالشهادتين بإن لا أله إلأ الله محمد رسول الله هو المسلم الذي سلم المسلمون من لسانة ويد وكف الأذي عن الغير هذا هو المسلم الذي ينطق بالشهادتين ولكن من ينطق بالشهاده بإن لا أله إلأ الله العلي القدير ولايأمن برسالة محمد (ص) اسلامة ناقص
    احمد يوسف احمد الأحد 30 ديسمبر 2007
    تعليق #4
    أحسنتِ… ويا ليتهم يعقلون ما تكتبين.. ويكفون اقلامهم ويتقوا الله.
    بوركتِ لنا…

    فارس الورود الأحد 30 ديسمبر 2007
    تعليق #5
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    طبعاً الكل لا يريد هذا الاحداث التي مرت بها البلاد سابقاً أن تعود لكن بختصار اذا كانت هناك مشكله فلابد النظر الى السبب أو الأسباب. نحن نتكلم عن انفسنا ولكن ربما نجهل أو في بعض الأحيان نتجاهل الظروف التي يمر بها غيرنا واذا اردنا أن نحلل ما أدت اليه الأحداث الأخيره فبكل بساطه نقول ماذا حصل الشعب من حقوق وما هي التطورات التي غيرت من حياة الناس؟ طبعاً للأسف الشديد كلها سلبيه ولا نريد أن ندخل في التفاصيل لأن الجميع يعرفها.البعض يستطيع أن يعيش حياة ميسوره ولكن هناك فئه كبيره من الشعب لا يستطيع أن يأكل حتى الثلاث الوجبات الرئيسية ناهيك عن مشكلة السكن والبطاله و الى آخره وأنا برأيي الناس وصلوا الى درجه انهم لا يستمعون الى اي شخص لانهم فقدوا الثقه من الكل وكل شخص يرى الطريقه التي يعبر فيها هي الطريقه الصحيحه.
    والسلام عليكم

    السيد حسين الموسوي الأحد 30 ديسمبر 2007
    تعليق #6
    الاخت العزيزة / ياسمين خلف المحترمة

    صباح الخير

    اني متابعا جيدا لما تكتبين في جريدة الوقت وقد ترددت كثيرا قبل ان ابعث الرسالة ولكن موضوعين اثاروني – والة وسلم – ونستنكر ماتستنكرون . ارجوا كل الرجاء ان تستمري على مثل ذلك الخط من الكتابة . فان الكثير من الناس يجد ضالتة فية. ارجوا ان اكون قد لا اثقلت عليك .

    كما ارجوا انلا تتاثري بما قد ذكرتيه في المقال بخصوص الرد على والة وسلم انتي اسمى واشرف وانبل ان يقال عنك ذلك .

    وشكرا

    ageel الأحد 30 ديسمبر 2007
    تعليق #7
    بعد التحية والسلام الى الزميلة / ياسمين …. أولا موضوعك جدا رائع بالنسبة لي شخصيا لأنه فعلا موضوع يتناول الذوق الرفيعة في تناول الموضوعات ذات الشأن المجتمع والمصلحة العامة التى يتوافق معها أكبر شريحة من المثقفين والمتابعين …
    ثانيا: فيما يخص هذا الموضوع …اختصر تعليقي بكلمات مختصرة تعبر كل التعبير عن نفسيات هؤلاء الذين يزيدون النار حطبا عندما يرون نــار تشتعل هنا أو هناك ليس بأسم الوطنية والمواطنة الشريفة التى تخاف على عامة الناس وعلى مصالحهم وارواحهم وممتلكتهم …فيا لأسف الشديد حقا …هؤلاء يصطدون في الماء العكر حتى يظهروا اصواتهم بغية الوصول الى مصالح شخصية بحتة دون جدل أو ناقش في ذلك …لأن تاريخهم والمتابع للوضع العام ويراقب هنا وهناك يعرف …من يتكلم ومن سوف يتكلم والى ما سوف يستغلونه ….فالحديث في هؤلاء النوع الوقحة ( معذرة على الكلمة ) …لأنني شخصيا الا ارى منهم الا تمزيق والسعي الى تشردم وتصديع وحدة شعبنا الواحد الموحد أن شاء الله … واخيرا أدعوا لهم بالهدايا وادعوا على شطانهم بالآ يوقهم في مصائب لا يتوقعونها …وتجني عليهم عكس ما كانوا يصبون لـــه ….وسلامي ختامي واستغفر الله العلي العظيم ..
    عبدالجليل المحاري الأحد 30 ديسمبر 2007
    تعليق #8
    شكرا جزيلا اختي العزيزة على هذا المقال القوي ،،

    للأسف هذه الاقلام المأجورة انما تعمل لحساب من يريد ان يدمر الشعب ويدمر الوطن بأكملة ،،

    لا اعتب على الشباب فيما يفعلوة .. بل هم معذروين كل العذر ،، فقد ضاقوا المر والفقر والتشتت وتعبوا مما ضاقوه وضافت بهم السبل

    تحية لقلمكِ اختي الكريمة ــ استمري وكوني على ثقة .. بارك الله بكـم
    بحراني اون لاين الأحد 30 ديسمبر 2007
    تعليق #9
    الاخت الفضلة ياسمين ..
    تحية تقدير..

    لسنا هنا لنكتب اعجابا لم يقف معنا بل لمن يقف مع الحق ونجد لديه شئ من الانصاف .

    نشد على اياديكم ونسأل الله لكم التوفيق ونحن متابعين لكتاباتكم.
    الستراوي الأحد 30 ديسمبر 2007
    تعليق #10
    الاخت ياسمين ,,,

    الشباب حماس و اندفاع و ثورة, وقود يشعل بسرعة فائقة عندما تخترقه شرارة,الوضع في البلد متأزم جداً و ملفاته شائكة جداً لن تستطيع العمائم حلها وحدها ولكنه – اي العمائم- لها تأثير السحر في تهدئة الغضب الشبابي و لكن حينما تعود نوبات الغضب و ذات الملفات لاتزال عالقة, ستلتهم نار الغضب الشبابي كل من لا يشاركها الفوران بما فيهم ” العمامة”
    الرفيق الأثنين 31 ديسمبر 2007

    رد

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.