Written by: "admin"

عذاري تسقي دارفور هذه المرة

ياسمين خلف يبدو أن البحرين مصرة على ألا تخالف المثل البحريني المشهور بأن ‘’عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب’’ فكل الشواهد تصر على أن من أطلق هذا المثل كان حكيماً لدرجة أنه يتناسب مع كل الأزمنة التي تمر بهذا البلد، الذي وللأسف قد ينسى أهل داره ويذكر أبعد أحبابه.
هذه المرة سقت عذاري دارفور الإقليم السوداني المنكوب، فقررت أن تنشيء مجمعاً بحرينياً ثقافياً، يضم مدرسة ومسجداً ومكتبة ضخمة، ولم تكتفِ بذلك بل وعدت بتعمير عشرات القرى وآلاف المدارس، وكأنها تعلن للعالم أجمع بأننا بلد مكتفٍ داخليا فبدأ ينشر خيراته على من حوله من المحتاجين لكسب الأجر من رب العالمين.
لا أقف أبدا في وجه من أراد فعل الخير، فأنا من أكثر المؤيدين له دون حواجز عرقية ولا مذهبية ولا أي نوع من هذه التفاهات، ولكن ‘’كلنا راعٍ وكلنا مسؤول عن رعيته’’ وقبل أن أفكر في إطعام جاري عليّ أولا أن أتأكد أن أهل داري لا يبيتون ليلهم جياعا ولا يقرصهم البرد ويجدون ما يسترون فيه عوراتهم، وقبل أن أعمر قرى بعيدة، عليّ أن أعمر قرى هذا البلد وقبل أن استنزف الملايين على مشروعات خارج المملكة، عليّ أن أسد الأفواه الجائعة وأنين المرضى الذين لا يجدون بضعة آلاف من الدنانير للعلاج في الخارج، فكم من الأهالي استغنوا عن ماء وجوههم لتقديم طلبا في الشؤون الاجتماعية طلبا لإعانة هزيلة لا تكفي زيارة واحدة للسوق لشراء ‘’ماجلة البيت’’ فهل تكفي 100 دينار أسرة يفوق عددها الأربعة أشخاص أو أكثر؟ هذا بعد الزيادة، فقد كانت لا تتجاوز 70 دينارا لأربعة أشخاص، وماذا كل شهرين مرة؟ وكأنهم غير البشر يحتاجون المال كل شهرين مرة أيعقل هذا؟
ربما وقعت ‘’عذاري’’ في مأزق أحسّت خلاله بالخجل، إذ ما قامت الدول المشاركة في مؤتمر دعم الوضع الإنساني في دارفور بالتبرع لإعادة تعمير هذا الإقليم، ووقفت هي مكتوفة الأيدي ‘’يعني ما تبغي تطلع ناقصة كما نقول بالعامية’’ ولكن أليس من المخجل بل المخزي أن أساعد البعيد وأترك أخاً لي يذوق ويلات الحرمان والفقر في بلد يحسب على الدول الغنية؟ يذكرني هذا الوضع بالمثل البحريني القديم الذي يقول ‘’عجزان عن نخل أبوه، راح يساعد في الجفير’’ والذي أطلقه أحد المزارعين القدماء عندما رفض ابنه مساعدته في أعمال مزرعته أو كما نقول هنا في البحرين ‘’دولابه’’ وفضل أن يساعد أصدقاءه في ذات العمل في منطقة بعيدة عن داره! هذه هو حالنا على الدوام ‘’عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب’’ ولكن علينا ألا ننسى ‘’الأقربون أولى بالمعروف’’.
؟ من أسرة تحرير «الوقت»

يبدو أن البحرين مصرة على ألا تخالف المثل البحريني المشهور بأن ‘’عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب’’ فكل الشواهد تصر على أن...

إقرأ المزيد »

همّ يضحِّك وهمّ يبكِّي

ياسمين خلف أو كما يحلو للبعض أن يقول ‘’شر البلية ما يضحك’’ مواطنة تفاجأ بإحضارية من مركز الشرطة تطلب منها الحضور للمركز، وتصعق هناك أن شركة الاتصالات السلكية واللاسلكية «بتلكو» رفعت شكوى عليها لعدم تسديد مبالغ فاتورة الهاتف المتنقل «GSM» المتأخرة، والتي وصلت إلى أكثر من 700 دينار، رغم أنها لا تعلم لا من بعيد ولا من قريب عن هذا الرقم الذي على ما يبدو استخرجه أحد ‘’المجرمين’’ باسمها، حيث إنها تعتقد أن من استخرجه حصل على بطاقتها الشخصية بعدما فقدت محفظتها في مجمع السيف قبل 10 سنوات.
الاحضاريات تتوالى على منزل والدها حيث عنوانها السابق قبل زواجها وانتقالها للسكن في غرفة بمنزل والد زوجها، وأبوها ‘’الشيخ الضرير’’ لا يملك عنوانها ولا يعرف رقم هاتفها لأميته، فكان لها مخرجاً للهرب، وعليه تهربت ولمرات من الحضور للمركز، بعد أن فشلت في إثبات أن خط الهاتف لم تستخدمه واستغل أحدهم هويتها لإصداره ‘’والهذره على ظهرها’’، تقول إنها أم لثلاثة أطفال أصغرهم عمره سنة ونصف وأكبرهم في الرابعة من عمره، وإنها لا تعمل، وزوجها بالمثل عاطل، ولا يملكان قوتهم فما بالكم بدفع فاتورة هاتف تقصم ظهرهم ‘’قصما’’.
الحل الذي تم التوصل إليه عبر المركز هو تقسيط المبلغ على دفعات، بمبلغ يصل إلى 10 دنانير كل شهر، قائل منا سيقول ‘’هينة’’ المبلغ زهيد، ولكنه ليس كذلك على هذه الأسرة المنكوبة، فلا دخل لها فكيف بها بتوفير مبلغ هو في الأساس مبلغ يسد رمق أطفالها ويوفر احتياجاتهم من حفاظات وحليب وخلافه ‘’ورغم أن زوجها استدان من هذا وذاك، ومن أهله وأهلها، إلا أن الديون بدأت تؤرقهم خصوصا أن بعضا من الديّانة بدأ يمل ويطالب بحقه، فتوقفا عن الدفع، فعادت الاحضاريات تتوالى من جديد، فقالت للقاضي، لك الحق في حبسي فأنا لا أملك ما أدفعه، وأفضل هذا الخيار لإسقاط الدين عن كاهلي، إلا أن القاضي رفض حبسها مراعاة لحالتها الصحية حيث كانت حاملاً حينها بطفلها الأخير.
المضحك في الأمر أنها دفعت مبالغ من الدين ولكنها لا تعرف كم بقي منه، وعندما طلبتُ منها الشكوى على من استخدم هويتها «زوجها توصل إليه وتبين أنه يربطها به صلة قرابة بعيدة» قالت ضاحكة وساخرة من وضعها، لا أملك 10 دنانير، فكيف سأوفر 50 دينارا لرفع الشكوى، وبعدها كيف سأسدد أتعاب المحامي، أدفع 10 دنانير أحسن.
الخوف يعتريها من أن يتم إصدار أمر بالقبض عليها، وهي أم وأطفالها صغار بحاجة إليها، كما أنها تخشى نظرة المجتمع إليها، خصوصا إذا ما تم القبض عليها من قبل الشرطة في المنزل، حيث ستكون عرضة للقيل والقال، فهل سيصدق بعض الناس أن سبب القبض عليها فاتورة متأخرة، أم ستلوك الألسن سمعتها؟
تقول إنها غلطة العمر بأنها لم تشتك على فقدانها للمحفظة، واكتفت بإخراج بدل فاقد لبطاقتها الشخصية ورخصة السواقة، وكل ما تطلبه اليوم هو الرأفة بحالها وإسقاط ‘’بتلكو’’ المتبقي من الدين من على كاهلها، لتستطيع النوم بعد أن فقدته، فهل ستسمع ‘’بتلكو’’ استغاثتها؟

أو كما يحلو للبعض أن يقول ‘’شر البلية ما يضحك’’ مواطنة تفاجأ بإحضارية من مركز الشرطة تطلب منها الحضور للمركز، وتصعق هناك...

إقرأ المزيد »

فضيحتنا «بجلاجل»

ياسمين خلف يبدو أن ما نعاني منه من مشكلات في البحرين لم تعد مخفية ولم تعد أسرار «بيوت» كما نقول عادة، لا يعرف عنها إلا أهلها، فالجيران بدأوا يسمعون صيحاتنا، بل عجنوا مشكلاتنا خصوصا من هم دائمو الزيارة والتواصل مع المملكة. قبل أسابيع وصلتني رسالة إلكترونية من قارئ إماراتي آثرت أن أنشرها كما هي بعفويتها وما تحمله من واقع لا ننكره بل تجعلنا جميعا نخفي وجوهنا خجلا ونقول أصبحت «فضيحتنا بجلاجل» كما يقول إخواننا المصريون، فغسيلنا منشور أمام جيراننا الخليجيين بل لنقل لكل من يزور المملكة كما يبدو، أترككم مع صلاح وكلماته التي ربما يسمعها من به صمم:
عزيزتي ياسمين خلف
تحية طيبة
أرجو أن تكوني بخير وتمنياتي لكم بالتوفيق ومازلت تبدعين فأنا اقرأ لك مقالاتك وتحقيقاتك عن طريق «النت»، وأحيانا تصلني الصحف من البحرين. وللعلم كنت في زيارة للبحرين الأسبوع الماضي، وترددت في الاتصال بكم فلا أعرف توقيتكم بالضبط ولا ارغب في إزعاجك. فلدي بعض الملاحظات أرجو أن تهتمي بها.
أولاً، لاحظنا في البحرين نحن كمستثمرين أو زوار وسياح، أنه إذا قمنا بالاتصال بأي بدالة حكومية كوزارة التجارة أو العمل مثلا أو التوثيقات لا احد يرد علينا، وإن تم الرد فعن طريق الجهاز «أنسر مشين» أتمنى أن تكتبي عن هذه الملاحظات حتى بتلكو لديكم يتأخرون بالرد كثيرا.
ثانياً، لأول مرة أرى في حياتي سيارات مكشوفة وصغيرة مخصصة لحمل الزبالة، وحتى العمال كل عامل بلباس مختلف عن الآخر ورأينا أن الزبالة تلقى بكل مكان، فأين البلدية وأين السيارات والناقلات المخصصة لحمل ونقل الزبالة؟
ثالثاً، من الصعب في البحرين الحصول على سيارة أجرة (تاكسي)، وإن حصلت فهو «يتفلسف» على السائح والزائر، وإذا كانت الرسوم 4 دنانير مثلا يحسبها ,6 وإذا أعطيته مبلغاً ولك متبق من المبلغ، فغالبا لا يرده. باختصار، لا يوجد نظام وقانون يحكم أجرة التاكسي لديكم.
رابعـاً، نحــن في الإمـارات وقبل سنـوات ـ خصوصـا في رمضــان ـ كـنا نشـاهــد قنــاة البحـــرين الرائعــة بمســلســلاتهـــا كـ «سعدون» و«فرجان لول»، و«نيران» و«الكلمة الطيبة».. كانت لديكم برامج ومسلسلات ممتازة جداً.. جداتنا وأمهاتنا وإخوتنا كنا جميعا نتابعها فأين ذهبت ولماذا اختفت؟ الآن لا نشاهد إلا قصص المخدرات والعربدة والكلام الفاضي، ويخرجون لنا وكأن الرجل أو المرأة في الخليج أناس تافهون لا يعرفون إلا الخمر والمخدرات، ليس بهذه الطريقة نحل مشكلاتنا وليس بهذه الطريقة يجب أن تعرض، فما هو رأيك؟
ختاماً، لولا حبنا للبحرين ما عرضنا هذه الملاحظات، فهم أهلنا وأحباؤنا، كما اننا سبقناكم في إخراج قانون يمنع حبس الصحافي. تحياتي لك وأرجو أن تبدي رأيك في هذه النقاط.
* صلاح – أبوظبي
وقال في مكالمة هاتفية إنه كمستثمر ينزعج كثيرا من عدم رد بدالات الوزارات على اتصالاته، مؤكدا أن ذلك سيجعله وغيره من المستثمرين يهربون من معاملاتهم مع المملكة. صلاح أحد الذين تكلموا، ونقل مشكلاتنا بعيون تراقب من الخارج وترى اللوحة كاملة. يا ترى كم من صلاح لم يتكلم لنا وهرب من المملكة ولم يعد ينصح أحد بزيارتها؟ العلم عند الله. ولكن، على من يعنيه الأمر الالتفات لتلك الملاحظات بدلا من أن نخفي رؤوسنا في الرمال.

يبدو أن ما نعاني منه من مشكلات في البحرين لم تعد مخفية ولم تعد أسرار «بيوت» كما نقول عادة، لا يعرف عنها إلا أهلها، فالجي...

إقرأ المزيد »

اعدموا الطالبة أحسن

ياسمين خلف ما حدث لطالبة العشرين ديناراً، والتي اتهمت دون أن تدري أي جرم ارتكبت مهزلة، لعبت فيها المعلمة أولا دور البطولة، عندما أرادت ‘’ربما’’ أن تجد وسيلة ..أي وسيلة للتقرب إلى الإدارة والظهور بأنها هي وحدها من يخاف على مصلحة البلد، وكأنها طفل أراد أن يحظى بجائزة إذا ما أخبر عن المتسبب في الفوضى في الفصل.
بعدها لعبت المديرة في المسرحية ‘’الهزلية البوليسية’’ دورا أخطر، فتوجهت إلى وزارة التربية والتعليم لتبلغ عن هذه الطالبة والتي تسعى من خلال أوراق شبيهة بالعملة المحلية من فئة العشرين دينارا إلى قلب نظام الحكم أو المساس بأمن الدولة ‘’يا الله وشكبرها من ألفاظ’’، كما قال بعض النواب في أبواقهم الإعلامية، لنجد وفي يومين فقط الدنيا تقوم ولا تقعد على هذه الطالبة التي لم تتجاوز التاسعة عشرة من عمرها بل لنقل لم تتجاوز سني المراهقة بعد.
وزارة التربية والتعليم غير معفية من اللوم، فهي الأخرى كان من الأجدى منها حل المشكلة وإن كانت كبيرة وبالحجم الذي لا يمكننا ‘’استيعابه’’ من خلال تطبيق قانون العقوبات المعتمد لديها عليها أو حتى فصلها لأيام من المدرسة، لتأخذ وزميلاتها درسا، لا أن نجدها هي الأخرى تركض لوزارة الداخلية التي حولتها إلى وحدة مكافحة الجرائم الاقتصادية، لتتحول الطالبة بقدرة قادر بين ليلة وضحاها من طالبة في مدرسة مع قريناتها إلى مجرمة في سجن مع مجرمات وأصحاب السوابق، والتي لو تركت للبعض لأجازوا إعدامها.
لو افترضنا أن الطالبة زورت العملة ‘’كما أطلقت عليها بعض الصحف المحلية بالطالبة المزورة’’ فهل ستوزع العملات هكذا على الطالبات، وتعايد بهن بعشرين دينارا لكل منهن، فالأحرى بها أن تستخدمها لاستعمالاتها الشخصية وتشتري كل ما تقع عليه عيناها من أغلى المحلات، وكيف ستستخدمها إن كانت العملة من النوع الذي لا ينطلي حتى على الأعمى بأنها غير حقيقية، فلا الحجم ولا نوعية الورق ولا حتى اللون كالعملة الأصلية، كما أن الرسومات التي تغطيها والعبارات ‘’الإسلامية’’ واضحة عليها ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تستخدم للتحايل على أي كان غير الأبله والسفيه.
الله يعين الطالبة على ما لاقته في يومين بالحجز، فتدهور نفسيتها وتأثير كل ذلك على مستواها الدراسي ‘’خصوصا أنها في السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية’’ يتحمل وزره كل من أشعل فتيل الفتنة، فـ ‘’الفتنة أشد من القتل’’ ‘’والفتة أكبر من القتل’’ كما جاءت في موضعين مختلفين في كتاب الله الكريم.
كلمة شكر نوجهها إلى النيابة العامة التي لم تعط الأمر حجما أكبر من حجمه ولم تطل فترة الحجز على الطالبة، والتي أعتقد أنها ومنذ تلك اللحظات ستكره، بل ستتعقد من فئة العشرين دينارا وإلى ‘’الأبد’’.

ما حدث لطالبة العشرين ديناراً، والتي اتهمت دون أن تدري أي جرم ارتكبت مهزلة، لعبت فيها المعلمة أولا دور البطولة، عندما أر...

إقرأ المزيد »

«ما ليهم حل»

ياسمين خلف يبدو أن القضايا الاجتماعية التي جعلت من البحرينيين أن يكونوا مطحونين في الحياة، باتت معالجتها أقرب إلى أن تكون مستحيلة في ظل تحليل المسببات والمتسببين فيها.
الفقر الذي تعاني منه شريحة واسعة ”أكبر” بكثير مما يمكن أن يتصورها أصحاب الفلل والسيارات الفارهة، وأقسى مما يصرح بها المسؤولون وإن تواروا خلف ستار، أن البحرين لا تعاني من الفقر ”المدقع” وكل ما في الأمر أن الفقر عندنا ”نسبي”! يا جماعة الخير بلد نفطي ومفتوح على التجارة العالمية ولا يتعدى عدد سكانه 750 ألف نسمة ما بين مواطن وآخر أجنبي، ويعاني الأمرين من الفقر أو إن لم يكن الفقر يعاني من صعوبة العيش بالصورة الكريمة، التي تحفظ له ماء الوجه وتكفيه شر القروض التي لا يعلم هل سيسددها هو أم أبناؤه بعد وفاته! كيف سيكون حالنا إذا ما تجاوز عدد السكان المليون؟ وإن غدا لناظره قريب، فالنمو السكاني بعد سنوات قليلة سيذكرنا بحال اليوم، والذي حتما سيكون أفضل من غيره، إذا ما بقي الحال على ما هو عليه.
كل ذلك توارد في ذهني وأنا أشاهد مسرحية ”ما ليهم حل” والتي للأسف أسدلت ستائرها أمس في مركز السنابس الرياضي والثقافي رغم ما شهدته من إقبال جماهيري كبير، منذ بدء عرضها في ثاني أيام العيد، حتى تجاوز عدد حضورها ألفي شخص، واضطر القائمون عليها إلى إقامة عرضين في اليوم بدلا من عرض واحد كما كان مقررا، ولدرجة أن الجمهور قبل أن يجلس على الأرض بعد أن نفدت التذاكر والكراسي في الصالة، كان الجمهور يضحك من قلبه على مأساته التي بدأوا يرونها كالمرض الخبيث الصعب استئصاله أو حتى علاجه، خصوصا إذا ما كان الطبيب يرفض تقديم العلاج وإن كان موجودا.
وبعيدا عن القضايا الاجتماعية المطروحة بحس فكاهي ”اتموت من الضحك”، وقريبا من العمل الفني، فإن المؤلف والمخرج جابر حسن قد أبدع حقا في العمل، وكذا كان طاقم العمل الذي لم يتجاوز عدده التسعة ممثلين من فرقة العروج المسرحية الشعبية، حيث أدوا عددا من الأدوار بصورة ملفتة وجميلة، ناهيك عن الرقصات التعبيرية الفكاهية، أعترف بأني ذهبت لمشاهدة المسرحية ولم أتوقع أبدا أن أخرج منها بهذا الانطباع، إمكاناتهم بسيطة جدا، ولكنهم تمكنوا من انتزاع الابتسامة انتزاعا من الحضور وجعلوهم يصفقون بين اللحظة والأخرى، فهناك من حضر عدة مرات، لأنه وجد أن في كل يوم يرى مشاهد إضافية بحوار تلقائي خارج عن النص، وهناك من نصح أحبائه لحضورها، فأتمنى من المخرجين والقائمين على المسرح البحريني أن يلتفتوا إلى مثل هذه المواهب الفنية ”المدفونة” والتي ستضيف إلى الفن البحريني لا أن تهدمه كما فعلت مسلسلاتنا الأخيرة.

* من أسرة تحرير ”الوقت”

يبدو أن القضايا الاجتماعية التي جعلت من البحرينيين أن يكونوا مطحونين في الحياة، باتت معالجتها أقرب إلى أن تكون مستحيلة ف...

إقرأ المزيد »

«فشـلـتـــــــــونــا»

ياسمين خلف استطاعت المسلسلات البحرينية في ثلاثين يوماً فقط أن تحرج البحرينيين، لا تأليف ولا حوار ولا سيناريو ولا حتى تمثيل مثل باقي الناس، استطاعوا وبجدارة أن يلصقوا بأهل البحرين خصوصاً والخليج عموماً سلوكيات وأخلاقيات بعيدة كل البعد عن الخليجيين ‘’الأصل’’ حتى بات بعض أخواننا العرب يسألون هل أنتم فعلا كذلك يا خليجيين، حياتكم خمر وعربدة ومخدرات وبناتكم في شقق الدعارة؟ كيف نرفع رأسنا إذ كان هذا إعلامنا، كيف نلجم الألسن وبناتنا ترقص وبالثوب ‘’الأحمر’’ أمام الشاشة، كيف نعترض إذا ما كان الحوار إيحائيا والسلوك فاضحا.
للأسف وكأننا في ساحة، الكل فيها يريد أن يكون هو في الصدارة في كم الفضائح التي يمكن أن يكشف الغطاء عنها، لا ننكر هناك ‘’بلاوي’’ في مجتمعنا، شأننا شأن باقي المجتمعات، ولكن أليس من الممكن أن نتناول هذه القضايا بشكل راقٍ لا يخدش الحياء ولا يجعل من يشاهدها أن يغمز للآخر امتعاضاً، أو أن يشيح وجهه خجلاً مما يعرض أو يقال أو أن يثور غضبا ويغلق جهاز التلفاز، أو يغير القناة كي لا يواصل الأطفال والمراهقون مشاهدتهم لهذه المسلسلات ‘’الهابطة’’؟
أقل ما يمكن أن نقوله إنكم ‘’فشلتونا’’ وهذه المسلسلات بعثت في أنفسنا التقزز، فتلك وكأنها ما صدقت وأخذت تلبس الملابس الأقرب إلى أن تكون ملابس سهرة بلا أكمام وفتحة الصدر الواسعة والقصير إلى حد ‘’فوق الركبة’’ وتلك يحملها الممثل في مشهد تعرضها للاغتصاب واضعا يده على أجزاء حساسة من جسمها، وتلك ترقص في شقة الدعارة مع شاب وتأكل من يده بطريقة مقززة ومنفرة، نريد أن نعرف ما الذي خرجنا منه في نهاية هذه المسلسلات، إذا كان هدفها معالجة بعض القضايا؟ ويا ليت كانت الحوادث أو القصص مقنعة، فالمبالغة أفسدت ما قد يمكن أن يكون مقبولا، وما يثير الاستغراب حقا أن عددا من الممثلين القديرين ‘’لوثوا’’ مسيرتهم الفنية بالمشاركة في هذه المسلسلات.
ومما زاد الطين بله أن نهاية إحدى تلك المسلسلات أقرت هكذا بأن الجميع يملك ‘’لحظة ضعف’’ وواقع في الرذيلة لا محالة وأن أدعى المثالية ، وكأنها تقول بأن جميع وقع في الخطيئة ولا تنكروا ذلك.
حان الوقت أكثر من أي وقت مضى لفرض رقابة على المسلسلات قبل بث سمومها على أبنائنا، وأن كانت الرقابة الذاتية هي ‘’الرادع’’ الأساسي الذي نأمل الوصول إليه، ولا أعتقد أن أحدا وحتى المؤلفين والممثلين أنفسهم يقبلون أن تعرض هذه ‘’……..’’ أمام أطفالهم وإن قبلوا، فعلى الدنيا السلام.

استطاعت المسلسلات البحرينية في ثلاثين يوماً فقط أن تحرج البحرينيين، لا تأليف ولا حوار ولا سيناريو ولا حتى تمثيل مثل باقي...

إقرأ المزيد »

جيل لا يقرأ «القرآن»

ياسمين خلف ها هو شهر رمضان قد انقضى، البعض منا استغله بكثرة الصلاة وقراءة القرآن وفعل الخير، والبعض منا ضيعه هكذا ما بين سهر على البرامج والمسلسلات الهابطة، وبين التسكع في المجمعات، فيما كفى البعض منهم شره، وجعل منه شهرا للنوم وإن كان عبادة.
ما يحز في النفس أن عددا من شبابنا لم يعطر يوما فمه بقراءة القرآن في شهر رمضان، ولا أبالغ في ذلك أبدا، وما قلت ذلك إلا بعد أن سألت عددا من المراهقين ممن هم في الخامسة عشرة والسابعة عشرة في استطلاع شفهي يشبع فضولي، وصدمت حقا عندما قالوا إنهم لم يقرأوا القرآن بتاتا ليس فقط في شهر رمضان وإنما حتى في باقي أيام السنة، مكتفين بالسور المقررة عليهم في المدرسة، وهزوا رؤسهم بأنهم لا يعرفون قراءة القرآن وهم من يصعب عليهم قراءة اللغة العربية، باعتبارهم من طلبة المدارس الخاصة، وقبل أن ينهوا كلامهم قالوا ‘’لسنا الوحيدين فزملاؤنا في الفصل كذلك ‘’، وكأن الأمر طبيعي ولا يستدعي الاستهجان حيث بدا واضحا على محياي.
كلامهم ذلك جعلني أرجع بذاكرتي إلى حيث كنت فيه لا أتعدى التاسعة من عمري أو حتى أقل، وأنا مستلقية على الأرض أمام التلفزيون وأتابع فقرة القرآن الكريم قبل بدء الرسوم المتحركة، وأرتل مع الشيخ عبدالباسط عبد الصمد الآيات حتى حفظناها وبأسلوب ترتيله، حيث كان ترتيله يجعل شعر جسمي يقشعر وهو يقول في سورة المدثر ‘’ما سلككم في سقر (42) قالوا لم نك من المصلين (43) ولم نك نطعم المسكين (44) وكنا نخوض مع الخائضين (45) وكنا نكذب بيوم الدين (46)’’ صدق الله العظيم، وكيف كنت أقول بيني وبين نفسي الحمد لله أصلي وأتصدق على الفقراء ولكن ماذا تعني الآية ‘’وكنا نخوض مع الخائضين’’؟ فأذهب لوالدتي رحمها الله لأستفسر عن المعنى، فتربينا على قراءة القرآن حتى أصبح جزءا من يومنا، لا يمر يوم إلا وقرأنا صفحات وإن كانت معدودة، كنا في المدرسة نتسابق في الفصل على عدد الأجزاء التي نقرأها في رمضان، وكانت معلمة الدين تكافئ من تنتهي أولا بختمة، مما زرعت داخلنا هذه العادة حتى اليوم حيث أتسابق مع أخواتي عليها.
ولكن أن نرى اليوم شبابنا لا يعرف قراءة كتاب الله وهو الذي جعل منه عربيا، ويبحرون في قراءة كل ما تقع عليه أعينهم في المواقع الإلكترونية باللغة الإنجليزية فهو حقا ما يحز في نفسنا، لا نختلف في أن اللغة الإنجليزية ضرورية جدا ومن لا يتقنها اليوم بات أقرب إلى أن يكون أميا في عصر التكنولوجيا، ولكن أن يتركوا اللغة العربية حتى باتت شاقة عليهم ويتكلمون بأحرف متكسرة فهي جريمة ارتكبها أهلهم عليهم قبل أن نحاسبهم على خطأ اقترفوه، فهل نتوقع من أبناء هذا الجيل أن يقرأ القرآن إذ كانوا هم أصلا لا يقرأونه؟ أحقا سنصل إلى اليوم الذي يكون فيه القرآن مهجورا ؟ فإن كنا حقا نحب أبناءنا ونخاف عليهم لابد أن نحميهم وسلحهم بالقرآن لينجحوا في اختبار الدنيا والآخرة، ولا أن نتفاخر بأننا استطعنا أن نجعل منهم أجانب ليس فقط في اللغة وإنما حتى في السلوك، وحتى لا تلومونهم إذا ما أتوا يوما وصرخوا في وجهكم وهم الذين لم يقرأوا يوما قوله تعالى ‘’ولا تقول لهما أف ولا تنهرهما ‘’ صدق الله العظيم.

ها هو شهر رمضان قد انقضى، البعض منا استغله بكثرة الصلاة وقراءة القرآن وفعل الخير، والبعض منا ضيعه هكذا ما بين سهر على ال...

إقرأ المزيد »

أينك يا وزير التربية عنها؟

ياسمين خلف ما نعرفه جميعا أن أي طالب يتغيب عن المدرسة لأيام يتم متابعة حالته من قبل المدرسة لمعرفة الأسباب وراء ذاك التغيب المفاجئ، ولكن ربما الواقع يقلب الأعراف ليجعل الأمور تسير عكس عقارب الساعة، لتثبت أن الدنيا ومنذ بدء الخليقة تجمع بين الخير والشر. طالبة تتغيب لشهر كامل عن المدرسة والإدارة لا تكلف نفسها عناء الاستفسار من الأهل عن سبب هذا التغيب ‘’ربما لأنها تعرف تماما السبب وأرادت أن يكون طويلاً’’ ولكن مديرة التعليم الثانوي في وزارة التربية والتعليم وضعت له حداً، وعالجت السبب وعادت الطالبة إلى كرسيها الدراسي قبل أيام فقط وهي تشكر على ذلك.
ومن يعرف السبب سيضع يده على رأسه ليقول، الطالبة وهي في الثاني ثانوي لا تزال مراهقة ولا تملك حسن التصرف أو التفكير المتزن، ‘’والشره مو عليها، على اللي يحط باله معاها’’ دخلت الصف في بداية العام الدراسي الجديد، تلفتت يمنة ويسرى لم تجد صديقاتها اللواتي اعتادت عليهن، طلبت النقل من الصف، وهنا بدأت الفصول الأولى للمشكلة، عندما رفض طلبها، باعتبار أنها ستفتح بابا لا يمكن إغلاقه بحسب مديرة المدرسة، أصرت الطالبة على موقفها وكذلك المديرة، رغم أن عددا ليس بقليل من الطالبات في ذات المدرسة تم نقلهن من صفوفهن إلى صفوف أخرى لأسباب متفرقة ‘’ولكنهن نقلن’’. إحداهن تم نقلها لمرتين مراعاة لحالتها النفسية، إلا أن تلك الطالبة ‘’الوحيدة’’ التي رفض طلبها رغم ترجي زوجة أخيها للمديرة وكذلك أخيها، في موقف أشبه بالطرارة. الطالبة حاولت جاهدة ولكنها فشلت فقررت الانتقال من المدرسة ومع ذلك رفض طلبها، مما أدى ذلك إلى انتكاس حالتها النفسية، فباتت لا تذهب للمدرسة لمدة شهر كامل، اعتكفت في المنزل، لا تكلم أحداً ولا حتى تشاهد التلفاز، وإن تكلمت فهي تهلوس مع نفسها، تدهورت حالتها الصحية ولم تعد تأكل ولا تشرب ووجدت من النوم المتواصل طريقة للهرب من واقعها، كل ذلك وإدارة المدرسة متجاهلة ما يحدث رغم علمها اليقين بسبب تغيب الطالبة، من يسأل عن والديها، أقول بأنهما كبيران في السن ولا يقويان على الذهاب للمدرسة لحل المشكلة، وقام بهذا الدور أخوها وزوجته في مرات متفرقة، ولقيا معاملة جافة استفزازية من قبل المديرة، والإشراف يشهد على الواقعة، الطالبة أرجعت للمدرسة قبل أيام فقط ووقعت على ورقة ‘’بيضاء’’ قيل لها إنها ستكون كتعهد لعدم تكرار فعلتها، حيث قيل إنها ‘’صفعت’’ الباب في قسم التسجيل عندما رفضوا نقلها، ولكن كيف توقع الطالبة على ورقة قد يكتب فيها ما قد يدينها يوماً، عندما يريد البعض أن يقلب الموازين ويرجح كفة ميزانه؟ للأسف سبب تعنت المديرة يحمل نَفَسا طائفياً، يعز علينا كثيرا أن نقول ذلك عبر الصحافة ولكن هذا ما يحدث في الحرم المدرسي كما يقسمن من فيها على ذلك، ويتساءلن عن وزير التربية والتعليم عنها، وهي التي كثر اللغط والشكاوى عليها، وعلى مخالفاتها، فإلى متى يصر البعض على أن يدفع بالبحرين إلى الخلف مع هذا النهج في السلوك، وإلى متى يضع البعض أيديهم في آذانهم ليمنعوا وصول قول الحق إلى مسامعهم، وأعينهم تشهد على أمور سيحاسبون يوما على نكرانها؟

* من أسرة تحرير ‘’الوقت’’

ما نعرفه جميعا أن أي طالب يتغيب عن المدرسة لأيام يتم متابعة حالته من قبل المدرسة لمعرفة الأسباب وراء ذاك التغيب المفاجئ،...

إقرأ المزيد »

أنحن فـي عام 2070؟

ياسمين خلف حال بعض القرى من الانقطاعات شبه اليومية للكهرباء والماء لا يسر عدواً ولا حبيب، فليس من المعقول أبدا أن تنقطع الكهرباء والشمس في أوجها فتلهب الأبدان والناس صيام،وليس مقبولا أبدا أن تنقطع المياه عن المنازل والشقق لأيام وصلت مثلا إلى أكثر من ثلاثة أيام متواصلة في قرية عالي مجمع ,742 والعذر يأتي ببرود عبر أسلاك الهاتف بأن خللاً ما حدث والموظفون يصلحونه، وكأننا في العام 2070 وليس في نهاية العام .2007
أبوعلي أحد قاطني هذا المجمع وسئم كغيره من الأهالي من الوضع، ويحق له كل الحق، وهو الذي يعمل بدوام ”الشفتات” وزوجته تعمل ولديهما أطفال، وبحاجة ككل الخلق على هذه الكرة الأرضية إلى أن يستخدم دورة المياه ”آجلكم الله” وأن يستحم، وهذه حاله، أما زوجته فكيف لها أن تطبخ وتغسل الصحون والملابس والماء منقطع وهي التي لا تملك كل الوقت لتدبير أمور المنزل إذ ما كانت المياه متوافرة لساعات معدودة، قد تكون حينها في عملها، وإن صبرا واحتسبا، كيف لهما التعامل مع الأطفال وهما الأكثر حاجة إلى استخدام المياه للنظافة وكيف يذهب الأطفال للمدارس وحالهم رث، أنحن فعلا كما يقولون أو نسمع دولة نفطية أم كلها شائعات لا نطال منها إلا الكلام؟ وهل يتمكن أحد المسؤولين في وزارة الكهرباء والماء أن يعيش دون قطرة ماء واحدة لثلاثة أيام؟ هكذا كان يسأل أبو علي الذي يمثل صوت آلاف من المواطنين.
البعض من الأهالي ممن ذاقوا ويلات الانقطاعات المستمرة في المياه لجؤوا إلى حيلة شراء خزانات كبيرة لتخزين أكبر قدر من المياه واستخدامها متى انقطعت عنهم الإمدادات، ولكن هناك بعض الأسر التي لا تقوى على توفير هذه الخزانات فلا تملك غير خزانات بلاستيكية سعتها طبعا صغيرة، فتجد حماماتها مليئة من كل الأحجام من هذه الخزانات، ومع ذلك فهي لا تكفي مع طول مدة الانقطاع.
تساءلت في السطور الأولى عن العام الذي نعيشه، ومبلغي في ذلك أننا لم نصل بعد إلى العام الذي يتوقع فيه الراصدون أو حتى المتنبئون شح المياه وندرتها لدرجة أن الفرد منا سيوحي شكله بأنه في نهاية الثمانينات رغم أنه لم يتعد الخمسين، وسيعاني من أمراض الكلى بسبب عدم شربه للماء، وسيعتبر من هو في الـ 50 من المعمرين، وبدلا من أن ينصح الأطباء شرب 8 أكواب على الأقل يوميا من الماء، سيكون الترشيد على أوجه ولن يتمكن الأبناء إلا من توفير نصف كوب ماء يوميا، وحتى الأجور ستتحول إلى حصص من المياه بدلا من النقود، وبعد أن كانت النساء يتباهين بشعورهن سيصبحن من ”الصلعان” بلا شعر ليحتفظن بنظافتهن في ظل عدم وجود مياه لا للشرب ولا للاستخدامات الأخرى، هذا السيناريو المخيف لحد الرعب لم نصل إليه بعد ولكننا نستشعره ونذوق بعض وخزاته مع الانقطاع المستمر للمياه فلما تستعجلون علينا البلاء ونحن لا نزال في خير ونعمة.

* من أسرة تحرير ”الوقت”

حال بعض القرى من الانقطاعات شبه اليومية للكهرباء والماء لا يسر عدواً ولا حبيب، فليس من المعقول أبدا أن تنقطع الكهرباء وا...

إقرأ المزيد »

أعلنها صراحة أحبك يا «علي»

ياسمين خلف كن على حذر … من الكريم إذا أهنته، ومن العاقل إذا أحرجته، ومن اللئيم إذا أكرمته، ومن الأحمق إذا مازحته، ومن الفاجر إذا عاشرته … إنني ذقت الطيبات كلها، ولم أجد أطيب من العافية، وذقت المرارات كلها، فلم أجد أمر من الحاجة إلى الناس ،ونقلت الحديد والحجر، فلم أجد أثقل من الدين … اعلم أن الدهر يومان، يوم لك ويوم عليك، فإن كان لك فلا تبطر، وإن كان عليك فاصبر، فكلاهما ‘’سينحسر’’، كلمات من ذهب للإمام علي بن أبي طالب ‘’ع’’ نعرفها منذ نعومة أظافرنا كنا نسمعها و كنا لا نفقه معناها وعمقها، ولكننا نقف عندها مشدوهين، ربما هو تأثير الكلمات علينا كونها من أحب الخلق علينا بعد الرسول الأعظم، وربما لأننا نعشق الإمام كما شربنا حبه من أثداء أمهاتنا فيعجبنا قوله، هذا نحن كمسلمين ولكن أن يصل حبه إلى المسيحيين فهذا ما جعلني أقف مشدوهة وأنا في عمري هذا.
كنت حينها في غرفة طبيب مسيحي في الخارج، وكانت كلمات الإمام علي تلك مكتوبة وبخط واضح على لوحة من شجرة الأرز، استغربت حقا من ذلك وانطلق لساني كعادته موجها أسئلته للطبيب، أتعرف هذه الكلمات لمن؟ قالها مؤكدا، بالطبع فهي للإمام علي ومن لا يعرفه؟ هذا الرجل العظيم قدوتي في الحياة وأعشقه رغم كوني مسيحيا، فهو ليس حكرا عليكم أيها المسلمون وتركني مع دهشتي وفرحة غامرة تعتمر قلبي من كلامه.
إيليا كما ذكر اسمه في الإنجيل والتوارة والزبور أو علي الذي اشتق اسمه من اسم الله العلي، حظي بما لم يحظ به أحد غيره، فقد انشقت الكعبة المشرفة لأمه فاطمة بنت أسد لتلده في أطهر بقعة، بيت الله، وبقيت معه لثلاثة أيام في ضيافة الله وتربى في حجر الرسول وقتل في بيت الله وهو يصلي الفجر في رمضان، مآثره عظيمة وأقواله وأفعاله لا تستطيع عندها إلا أن تنحني احتراما، هل هناك من أحد قبله أو بعده استطاع مثلا أن يرتجل خطبة خالية من حرف الألف، وأخرى خالية من النقط كما فعل؟ هل عاش حاكما زاهدا مثله حتى ليقتات في فطوره خبز الشعير مع اللبن والملح؟ وهل وهل وهل … سطوري القليلة بكلماتها التي تتجاوز 400 كلمة بقليل لن توفي هذا الإمام حقه، خصوصا في ذكرى وفاته مسموما بضربة سيف اللعين عبدالرحمن بن ملجم في شهر رمضان، فلو كتبت 400 كتاب عوضا عنها لن أوفيه ولكن علها كلمة تختصر ما لم أتمكن من التعبير عنه بأنني أحبك وأحبك يا علي، فعظم الله أجوركم بوفاة زوج بنت نبي الله المصطفى ‘’ص’’.

كن على حذر ... من الكريم إذا أهنته، ومن العاقل إذا أحرجته، ومن اللئيم إذا أكرمته، ومن الأحمق إذا مازحته، ومن الفاجر إذا...

إقرأ المزيد »