افتحوا أعينكم «عالآخر»

ياسمينيات
افتحوا أعينكم «عالآخر»
ياسمين خلف

ياسمين خلف

تسمرت أختي ‘’أم فراس’’ في مكانها واتسعت حدقتا عينيها عندما أخبرتها بطريق الصدفة عن منتجات التبغ التي شاع أخيرا انتشارها بين طلبة المدارس، وازدادت دهشتها عندما قطع حديثنا ابنها فراس ذو الخمسة عشر عاما بأنها ‘’السويكة’’ ليقطع الشك باليقين بأنها فعلا أصبحت هذه المواد معروفة حقا بين طلبة المدارس، والتي هي في حقيقة الأمر ‘’قنبلة موقوتة’’ لا يعرفها الآباء بقدر أبنائهم الطلبة والذين من بينهم من أدمن عليها فعلا وأهاليهم ‘’نايمين في العسل’’.
بعض هذه المواد والتي تأتي على هيئة علكة، تباع في المحلات والأكشاك الصغيرة، واغلبها بالقرب من المدارس، الخطورة في هذه المنتجات أنها رخيصة جدا ومتاحة للجميع ومتوافرة في جميع البرادات الصغيرة وعند الباعة الجائلين، ولها أشكال وأحجام وأنواع مختلفة والذي لا يعرفه الكثيرون بأن إحدى تلك المواد ثبت وجودها في منتجات ‘’المبيد الحشري – promecarb’’ والمسببة في تلف الجهاز العصبي.
ولنقترب أكثر من حجم خطورتها، فإن تلك المواد إذا ما تراكمت في الجسم تسبب عدداً من الأعراض الحادة على مدمنها، والتي منها الآلام الشديدة في البطن وتزايد التعرق والدموع وتسارع دقات القلب، والتبول وقضاء الحاجة من دون تحكم والشعور بالرجفة والصداع الشديد وزغللة في العين، بل وتؤدي إلى الإصابة بشلل بسيط وعدم القدرة على التحكم في العضلات، كما تؤدي كذلك إلى الإصابة بالتشنجات والإغماء والدخول في غيبوبة، والتي تأثر بدورها على عمل القلب والرئتين وقد تسبب في توقف التنفس ‘’يا ساتر يا رب’’. والطامة الكبرى أن المستخدم لهذه العلكة يمكنه أن يخفيها في فمه، ولا يمكن لأحد أن يلحظها خصوصا بأنها لا رائحة لها ولا دخان كالسجائر مثلا، فالطفل قد يدمن عليها، وولي الأمر أو المدرس لن يلحظ وجودها في فمه، بل إن خطورتها قد تزيد عن تدخين السجائر، باعتبار أن أعقاب السجائر يخرج منها الدخان لخارج الجسم، في حين يدخل جميع مكونات هذا المنتج إلى داخل الجسم. ويعني ذلك بأنه وعلى المدى البعيد يدمن الطفل أو المراهق على مادة النيكوتين الموجودة في هذا المنتج فيلجأ تلقائيا إلى التدخين، والذي هو أهم عامل كما نعرف جميعا للإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين والإصابة بالسرطان، كما أن هذا المنتج يؤثر بطرقة مباشرة على اللثة واللسان والأسنان وبالتالي تؤدي إلى الإصابة بالسرطانات في هذه المناطق بالذات. وللأسف المراهق أو الطفل لن يعي هذا كله في الوقت الذي يجد متعته في هذه العلكة التي تشعره بالنشوة.
قبل عامين تقريبا حذرت من هذه المواد التي انتشرت في المدارس وللأسف لازالت الظاهرة موجودة، بشهادة المدرسين وحتى الطلبة الذين منهم من أخذ مغلفات هذه المواد إلى مشرفي المدرسة وحتى أهاليهم، ولكن وكما يقال ‘’لا حياة لمن تنادي’’ لازال نشاط الأكشاك والبردات مستمر ولازال الطلبة يدمنون على هذه المواد بل ينظم إليهم كل عام أعداد أكبر من الطلبة المدمنين على هذه المنتجات التي أغلبها آسيوية، والذي لابد من الالتفات إلى أن الطلبة ‘’يبتكرون’’ عدداً من الطرق لإخفاء هذه المواد وبعضهم أذكى وأخبث مما قد يتصور المدرسون لدرجة أن بعض هذه المواد يمكن بطريقة ما لصقها على السقف لتنتشر رائحتها وهي بالمناسبة تختلف عن تلك التي تمضغ. علينا جميعا الاعتراف أن القضاء على هذه الظاهرة تتطلب منا جميعا التصدي إليها وتحذير الطلبة منها وإيقاع الجزاء المناسب على من تثبت عليه تعاطيها وقبل كل شيء أن يحذر الأهالي ويفتحون عيونهم على أبنائهم ‘’عالآخر’’.

العدد 692 – الأحد 4 محرم 1429 هـ – 13 يناير

ياسمينيات افتحوا أعينكم «عالآخر» ياسمين خلف تسمرت أختي ‘’أم فراس’’ في مكانها واتسعت حدقتا عينيها عندما أخبرتها بطريق الص...

إقرأ المزيد »

قمر بني هاشم

ياسمينيات
قمر بني هاشم
ياسمين خلف

ياسمين خلف

لا يمكن الحديث عن الإمام الحسين بن علي عليهما أفضل الصلاة والسلام من دون ذكر أخيه من أبيه أبي الفضل العباس الملقب بقمر بني هاشم، والذي نعاه أبو الأحرار في واقعة الطف بجملته المشهورة عندما رفعه من على أرض المعركة وهو يحتضر وقال «الآن انكسر ظهري» في إشارة إلى أن العباس كان بمثابة العمود الفقري للإمام الحسين (ع)، وكيف لا وهو الضرغام الذي يهابه العرب آنذاك من فرط شجاعته وإقدامه.
لا أعرف حقيقةً ما الذي يعتريني عندما أقرر أن أكتب عن شخصية عظيمة كعظمة شخصيات أهل بيت النبوة، تتزاحم الكلمات وتتصارع قبل أن تجد طريقها إلى الكتابة، فمهما كتبنا فكأننا نبحر في بحار واسعة لا نهاية لها، فكل ما لدينا يخجل ويتوراى خلف عظمة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام.
منذ كنا نلعب صغاراً ونحن ندرك تماماً بأن أبا الفضل العباس باب الحوائج، وأنه ليخجل من أن يرد من استشفع به عند ربه لقضاء حوائجه، فكنا نقلد أمهاتنا في طقوس النذور كأن نأخذ شمعة من الحسينية على أن نوفي بالنذر في السنة التي تليها إذا ما تحقق مطلبنا و«مرادنا»، أو نعقد ربطة في «الراية» التي تحمل مجسم كف العباس كنوع من الاتفاق بين طرفين، كنا نتوجس من أن ننسى النذر فنقدم ما نستطيع عليه ونحن الأطفال إلى الحسينية ما إن ينجلي محرم ويأتي بعده آخر.
وفي مراهقتنا ارتسم العباس في قلوبنا على أنه أوسم مما نتوقع أو نتخيل، وأن كل الصور التشبيهية لا يمكن أن تصور جماله، ألم يلقب كما عرف عنه بأنه قمر بني هاشم؟ ألم تحلم أمه فاطمة أم البنين بأن فلقة من القمر قد وقعت في حجرها وفسرها المفسرون بأنها ستلد ولداً جميلاً كفلقة القمر؟ حتى أننا ننام ليلة السابع من محرم وكلنا أمل أن نراه ولو في حلمنا لمجرد أن نرى مقدار جماله، تشربنا حبه من أهلنا درسنا مواقفه الرجولية من الكتب ومن خطب المآتم، عرفنا بأنه الرجل الذي لا يهاب الموت في سبيل الانتصار للحق والإسلام ولأخيه سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين عليه السلام، وجدناه الأخ الذي يفدي أخاه بما يملك ويؤثر الغير على نفسه، ألم يصل إلى المشرعة «نهر الفرات» وتمكن من أن يغرف الماء بيده حتى وصلت إلى فمه ليتذكر الأطفال والنسوة في الخيام عطشى وأخاه الحسين الذي جف لسانه وتخشب من العطش، ليرميه ويملأ «القربة» ليحملها إلى أهله؟ ألم يحارب قوم يزيد حتى قطعوا يمينه وشماله وغرزوا السهام في عينه؟ كانوا يعرفون بأنه ليس بالمحارب العادي، فكانوا يخشونه ويحسبون له ألف حساب، ولولا الخديعة لما تمكنوا منه. فسلام عليك يا أبا الفضل العباس والسلام على أبيك وأخيك وعلى جدك رسول الله (ص).

العدد 695 – الاربعاء 7 محرم 1429 هـ – 16 يناير

ياسمينيات قمر بني هاشم ياسمين خلف لا يمكن الحديث عن الإمام الحسين بن علي عليهما أفضل الصلاة والسلام من دون ذكر أخيه من أ...

إقرأ المزيد »

أبد والله ما ننسى حسيناه

ياسمينيات
أبد والله ما ننسى حسيناه
ياسمين خلف

ياسمين خلف

من أشرف نسباً من الإمام الحسين عليه السلام ؟ أبوه الإمام علي ”ع” وأمه فاطمة بنت خاتم الأنبياء الحورية الإنسية، وجده الرسول الأعظم ”ص” وأخوه الإمام الحسن المجتبى”ع” وأخته زينب أم المصائب وذريته التسعة المعصومين، أليس كل ذلك يجعلنا نغبطه على هذه المكانة العالية التي فضله الله بها على خلقه جميعاً؟ وزد على ذلك أنه نشأ في كنف الرسول الأعظم ”ص” فكان هو من تولى رعايته وتربيته، ولازم أباه أمير المؤمنين عليه السلام وحضر مدرسته الكبرى ما يناهز ربع قرن، أيتوقع أن يكون بعد كل ذلك خارجا عن دعوة الإسلام والسلام؟ وهم الذين ذكرهم جل وعلا في محكم كتابه ”انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا”؟
لمصائب أبي عبدالله حرقة في قلوب المؤمنين لن تهدأ أبدا، واسمه يتردد في كل بقعة في هذه الأرض منذ استشهاده وبكاء السماء عليه دما وحتى اللحظة، مرددين ”ابد والله ما ننسى حسينا” حتى أصبحت كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء، يقول أحد المستشرقين أنه مر على قوم في بلد بعيد لا يزال يعيش البدائية، فلا ملابس تسترهم ولا علم ولا ثقافة دخلت عليهم، وأثناء ما كان بينهم ويراقب حياتهم بقصد الدراسة دخل عليهم شهر محرم فوجد قراهم قد اتشحت بالسواد وأخذوا يبكون لشهرين متتاليين، وعندما سألهم عن تفسير لما يقومون بهم قالوا: إن شخصا يدعى حسينا قد قتل ظلما وهو عطشانا وانهم منذ ذلك يقيمون مجالس العزاء ويبكونه حزنا وان كانوا لا يعرفون أكثر من ذلك، وهو دليل على أن ذكر الحسين باقيا ما بقيت الأرض والسماء.
الحسين ضرب مثلا صارخا على بذل النفس وما يملك من أهل بيته في سبيل إعلاء كلمة الحق والإسلام، فبدأ بابنه علي الأكبر الذي كان أشبه الناس خلقا وخُلقا ومنطقا برسول الله محمد ”ص” وختمها بإبنه الطفل الرضيع ذي الستة الأشهر، الذي لم يرحم جيش العدو ضعف بدنه وعطشه فرموه بسهم ذبحه من الوريد إلى الوريد . الحسين لم يبخل على دينه، حتى قال ”إن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني”.. ”ألهذا كانت والدتي رحمها الله تبكي حرقة كلما سمعت اسم الإمام الحسين؟ ألهذا يغص والدي رحمه الله بعبرته وهو يحكي لنا نحن أبناؤه عن سيرة الإمام الحسين في واقعة كربلاء وكيف قتل وغزت جسمه السهام المسمومة وداسته الخيول الأعوجية، وهو حفيد النبي محمد ”ص”؟ أترانا بتجديد الحزن على الحسين وأهل بيته نوفيهم حقهم؟ أعتقد أننا مهما فعلنا يا سيدي يا أبا عبدالله لن نوفيك حقك، ألم يقل المسيحي أنطوان بارا ”لو كان الحسين منا لنشرنا له في كل أرض راية ولأقمنا له في كل أرض منبرا، ولدعونا الناس إلى المسيحية باسم الحسين” وكأنه يقول ضمنا بأنكم يا مسلمون مقصرون لم توفوا الحسين قدره ولم تعرفوا حق مكانته.
فالسلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين، السلام عليك يا ابن سيدة نساء العالمين، أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، وعبدت الله مخلصا، وجاهدت في الله حق جهاده حتى أتاك اليقين فعليك مني السلام ما بقيت وبقي الليل والنهار، وعلى آل بيتك الطيبين الطاهرين، وعظم الله أجوركم باستشهاد سيد شباب أهل الجنة وأهل بيته وأصحابه أجمعين.

العدد 699- الأحد 11 محرم 1429 هـ – 20يناير

ياسمينيات أبد والله ما ننسى حسيناه ياسمين خلف من أشرف نسباً من الإمام الحسين عليه السلام ؟ أبوه الإمام علي ''ع'' وأمه فا...

إقرأ المزيد »

الرجـــــل

ياسمينيات
الرجـــــل
ياسمين خلف

ياسمين خلف

قليلون هم من تناول الرجل في المواد الإعلامية، فغالبا ما تكون المرأة هي المادة الأكثر تشويقا، ربما لأنها دائما ما توصم بالغموض الذي حتى اللحظة يجهل الرجل ماهيتها كما يعترف الكثيرون بذلك، والفضول دائما يكون، حيث بصيص الأمل الذي يكشف الأسرار، ولكن ماذا عن شقيقها الرجل؟ لم هو دائما وراء الظل؟ رغم إن آدم كما حواء يمر بظروف تكون شخصيته وتعجن نفسيته فيتأثر بها سلوكه، فينثر كل ذلك على من حوله ولاسيما أسرته مع زوجته وأبنائه، صحيح أن حواء تختلف عنه حتى قيل إن آدم من كوكب المريخ وحواء من كوكب الزهرة ”كناية عن الاختلاف” ولكن لا يعني ذلك البتة أن الرجل مخلوق واضح والمرأة المخلوق الذي يتطلب دراسة كما يقول زميلي حسين السلم دائما.
الرجال كما النساء أنواع، تفضحهم المواقف، فكم من رجال تواروا خلف ظهور النساء ليكن الدرع الذي يحتمون فيه، وكم منهم اختفوا فجأة عندما تكشر الظروف أنيابها وتقسو الحياة، لتقوم المرأة بدور الرجل، وقصص البيوت تحكي الكثير، أليس من الظلم حينها أن تشبه المرأة بالرجل ”الضعيف منهم طبعا”؟ ولهذا السبب أعتقد بأن المرأة تغتاظ عندما يطلب منها مثلا أن تكون عند كلمتها فيقال لها ”كلمة رجال” وكأن كلمتهما لا قيمة لها ولا صدق فيها، حتى غدا كل عمل جبار يلصق بالرجل، وكأن المرأة لا ترتقي للعمل البطولي.
وفي المقابل هناك رجال لا تعرف قيمتهم إلا في المواقف الصعبة، فالرجال كما يقال ”مخابر لا مظاهر” فالرجل الحق هو من تجده في أحلك الظروف يقف شامخا كالجبل يواجه ويواجه حتى الرمق الأخير، لا ذاك الذي يبهرك شكله وتتعجب من تصرفاته الرعناء، وان يكون ذا مواقف وشهامة، وهذه الأخيرة أعتقد شخصيا أنها أخذت في الاضمحلال شيئا فشيئا، قد يغيظ كلامي هذا الرجال عموما، ولكن أليس من الأجدى أن نكون صريحين مع أنفسنا فالمواقف الكثيرة التي تمر علينا يوميا تثبت ذلك، فالرجل اليوم أقل شهامة من رجل الأمس الذي نسمع عن مواقفه من الجيل الذي سبقنا، أهي حقوق المرأة التي أسهمت في أن يتخذ الرجل من المرأة موقف الند بالند؟ فبين كلمة وأخرى قال ألم تطالبوا بحقوق المرأة ”هذا الميدان يا حميدان ”أرونا ما أنتن فاعلات، حتى انطبق عليهن المثل الذي يقول ”جنت على نفسها براقش”.
أعجبتني بعض الكلمات والتي حقيقة لا أعرف من قائلها، والتي توضح مدى الاختلاف بين الرجال، حيث يقول :
رجل لا يدري، ويدري أنه لا يدري ،فهو جاهل ”فعلموه”. ورجل لا يدري، ولايدري أنه لا يدري فهو أحمق ”فارفضوه”. ورجل يدري ويدري أنه لا يدري، فهو نائم ‘ف’أيقظوه”. ورجل يدري ويدري أنه يدري، فهو عالم ”فاتبعوه”.

 العدد 702- الاربعاء 14 محرم 1429 هـ – 23 يناير

ياسمينيات الرجـــــل ياسمين خلف قليلون هم من تناول الرجل في المواد الإعلامية، فغالبا ما تكون المرأة هي المادة الأكثر تشو...

إقرأ المزيد »

اللهم اجعل كلامي خفيفا عليهم

ياسمينيات
اللهم اجعل كلامي خفيفا عليهم
ياسمين خلف

ياسمين خلف

قد لا يخلو منزل من وجود مراهق أو مراهقة إلا وسمعوا منهم الاسطوانة ذاتها ‘’متى أصل لسن الثامنة عشرة لأحصل على الليسن’’ فتجدهم يعدون أعمارهم شهراً بشهر ويخططون لنوع ولون السيارة التي يريدون اقتناءها، وكأن قيادة السيارة هي أقصى أمنياتهم وآخر أحلامهم. حتما لن يعجب كلامي هذا كل من هم في العمر، أي كل من لم يحصل على ‘’الكجة’’ بعد ولكن أتمنى أن يكون كلامي ‘’خفيف عليهم’’ فما تشهده شوارعنا يوميا من دماء وأرواح لشباب في عمر الزهور كفيل لأن يعوا بأن قرار رفع سن قيادة السيارة أصبح أمرا لابد منه بل وضروريا أكثر من أي وقت مضى وفي صالحهم للمحافظة على أرواحهم، فلا توجد أي عائلة إلا وفقدت أحداً من أبنائها نتيجة التهور في قيادة السيارة، لا نقول إن جميع مرتكبي الحوادث المرورية هم حديثو العهد بالقيادة ولكن نستطيع أن نقول أغلبهم، فإن لم يكونوا متسببين فهم ضحايا.
قريب لي حديث العهد بالقيادة قانونيا ‘’كان يسرق مفاتيح سيارة والده ليجوب بها الأحياء القريبة كغيره من المراهقين الطائشين ‘’قبض عليه رجال المرور ‘’مشكورين’’ نتيجة السرعة الجنونية التي كان يقود بها سيارته، حيث وصلت سرعته وباعترافه إلى 200 كلم في الساعة وخففها عندما تنبه له رجل المرور إلى 160 كلم في الساعة ‘’ما شاء الله عليه’’، يقول إنه كان يعاني من الملل والضيق فلم يجد غير السرعة سبيلا للتخلص مما هو فيه، وكأنه يعترف أنه كان يلقي بنفسه إلى التهلكة، وعلى شاكلة هذا المراهق الذي للتو أتم الثامنة عشرة كثر، ومن يعود إلى منزله سالما محظوظ وإن كان بعضهم يخطفهم الموت خطفا خلال ثوان قضاها في سرعة.
حري بالإدارة العامة للمرور أن ترفع من سن قيادة السيارة إلى الواحد والعشرين عاما،على أن تستثني في ذلك بعض الحالات التي تكون فيها الأسرة بحاجة إلى أن يحصل ابنها على رخصة القيادة لعدم وجود فرد آخر في الأسرة يقود السيارة لقضاء احتياجات الأسرة، وإن كانت الأسر البحرينية اليوم تضم في كل منزل أكثر من 4 إلى 5 سيارات لأبناء راشدين، كما عليها أن تخصص محاضرات للمتقدمين إلى الإدارة للحصول على رخص القيادة تعرض من خلالها أفلاماً واقعية لحوادث مرورية تبين من خلالها تجارب الضحايا الناجين أو حتى لقاءات مع أهالي المتوفين من الحوادث المرورية، ولم لا تحتذي البحرين بتجارب بعض الدول الأجنبية والتي منها رسم هيئة رجل أو امرأة على الأرض التي تشهد فيها حوادث مميتة كنوع من التحذير من السرعة، قد تبدو الفكرة غير مستساغة عند البعض من قبيل أنها قد تثير نوعاً من الخوف أو التشاؤم لدى البعض، ولكن أليس ‘’من خاف سلم’’ كما يقولون؟ كما أن بعض الدول وضعت في كل طريق سريع -حيث تزداد فيها سرعة القيادة لدرجة جنونية لدى الشباب- سيارات حقيقية شهدت حوادث قاتلة.
في أقل من شهر أي منذ بداية العام الجاري فقدت البحرين الكثير من شبابها في حوادث مرورية، وقبلهم المئات في السنوات الماضية، فلا نريد أن نفقد غيرهم، فإن كانوا لا يعون ما للسرعة من مخاطر فعلى الجهات الرسمية أن تضع حدا لذلك وبأقل الإيمان برفع سن قيادة السيارة إلى الحادية والعشرين،’’ و..اللهم اجعل كلامي خفيفاً على من هم دون هذا السن’’.

العدد 706 – الأحد 18 محرم 1429 هـ – 27 يناير

ياسمينيات اللهم اجعل كلامي خفيفا عليهم ياسمين خلف قد لا يخلو منزل من وجود مراهق أو مراهقة إلا وسمعوا منهم الاسطوانة ذاته...

إقرأ المزيد »

الناس في «حيص بيص»

ياسمينيات
الناس في «حيص بيص»
ياسمين خلف

ياسمين خلف

الغلاء الفاحش أخذ يلتهم كل ما في جيوب المواطنين ويحرق كل ما ادخروه لليوم الأسود، هذا إن كانوا أصلاً يدخرون، فالراتب الهزيل والالتزامات اليومية لا تبقي ولا تذر أي دنانير حُمر، أليس هناك آباء يستلفون حتى من أبنائهم الصغار؟ فكثير من المواطنين أخذوا يحسبون ما يصرفون بالفلس، ويحاسبون الباعة على «الطماطية والخيارة» فلم يعودوا كما كانوا يشترون بالصندوق، بل بالكيلو أو بربع الكيلو، الطريف أن أغلب المواطنين يعرفون وبالضبط سعر كل سلعة استهلاكية قبل وبعد موجة الغلاء التي اجتاحت البحرين، بل ودول العالم بمن فيها طبعاً دول الخليج.
وفيما كان الناس في «حيص وبيص» وجه عاهل البلاد وبموافقة مجلس رئيس الوزراء باعتماد إضافي في الموازنة العامة للدولة للسنة المالية للعام الجاري بقيمة تصل إلى 40 مليون دينار بحريني، كنوع من الحلول الآنية والسريعة لإعانة المواطنين على مواجهة الغلاء في الأسعار، إلا أن عرس المناقشات التي ما أنزل الله بها من سلطان في آلية صرف الملايين الأربعين «طوّل»، ما اعتبره كثير من المواطنين «إهانة» يراد بها إذلال المواطن على «الدنانير الـ 50 التي ستصرف لكل عائلة» وليس كل فرد ولمدة عام كامل، مقارنين بذلك بحالنا وحال دول الخليج التي واجهت الغلاء بالزيادات الدائمة في الرواتب، مشبهين حالهم بحال «الطراروة» «المتسولين» لبضعة دنانير.
بالله عليكم، هل ستكون الدنانير الخمسون الإضافية على الراتب شهرياً (ولمدة عام واحد فقط) درعاً لصد الزيادات التي شهدتها السلع أو مواجهتها؟ ألن تتمكن من أن تطرح رب العائلة وتثخنه بالجراح كذلك؟ كما أن توزيع هذه الملايين على جميع المواطنين فيها نوع من الظلم، بمعنى أن الوزير والوكيل وفلان ابن فلان سيحصلون على 50 ديناراً شهرياً مثلهم مثل «الفرّاش» و«الخمام» (مع احترامي لهم جميعاً)، وبالعربي الفصيح هل ستؤثر تلك الدنانير البخسة على الوزير كما ستؤثر وتخفف من معاناة «الفرّاش»؟
ببداهة، «لا» طبعاً، فلا مقارنة تذكر، فالدنانير الخمسون لدى الأول كما لو كانت ألف دينار لدى الثاني، فحري بمن سيسهم في تحديد آليات الصرف أن يأخذ في حسبانه ذلك، وإنْ حدث وصرفت للجميع من دون استثناء فحري على من يجد نفسه مقتدراً ولن تغنيه تلك الدنانير أن يتعفف عنها لمن ستعينه تلك الدنانير الخمسون على مواجهة الغلاء.
أعود لأقول إن التجنيس العشوائي السياسي الذي أوقعت المملكة نفسها فيه ستجني ثماره هي وأبناء البلد، ومنها ما يحدث اليوم، فلو كان عدد المواطنين أقل لأحدثت الملايين الأربعين أثراً أكبر، أي لصرفت بدل الخمسين، سبعون أو حتى 100 دينار لكل عائلة، من منطلق أن الدولة ذات السكان الأقل يتمتع مواطنوها بالرفاهية أكثر، ماذا عسانا أن نقول إلا «.. والقادم أعظم».

 العدد 709 – الأربعاء 21 محرم 1429 هـ – 30 يناير

ياسمينيات الناس في «حيص بيص» ياسمين خلف الغلاء الفاحش أخذ يلتهم كل ما في جيوب المواطنين ويحرق كل ما ادخروه لليوم الأسود،...

إقرأ المزيد »

الزواج المؤقت عبر الـ CV

ياسمينيات
الزواج المؤقت عبر الـ CV
ياسمين خلف

ياسمين خلف

للسير الذاتية التي يعدها طالبو الوظائف أشكال وأنواع، يتفنن أصحابها فيها بغية شد أصحاب القرار في المؤسسات والشركات للفوز بالوظيفة، إلا أنها تتشابه جميعها في كونها تحمل صورة طالب الوظيفة، أنثى كانت أم ذكرا، فكم منهم حصل على الوظيفة لا بسبب المؤهلات التي يملكها ولا بسبب الشهادات أو الخبرة التي يتمتع بها، بل بسبب الشكل الخارجي الذي غالبا ما يكون الرصيد الأكبر والأوفر للحصول على الوظائف، فإن كانت جميلة أو كان وسيما أصبح ذا حظ عظيم، وإن كانت بعض الشيء دميمة أو شكله قبيحا رميت سيرته الذاتية (CV) في أقرب سلة للمهملات وتجاهلوا طلبه وللأبد، أعتقد أن تلك الحكاية أصبحت من القصص القديمة والمعروفة لدى الكثيرين، فهذا هو الواقع مهما حاول البعض دس رأسه في الرمال كالنعام، ولكن الجديد اليوم، ولنقل الموضة الجديدة هي أن السير الذاتية أصبحت وسيلة لأصحاب القرار في تلك المؤسسات للحصول على صديقات أو حتى زوجات مؤقتات من قبيل زواج المتعة أو المسيار، فأصبحت السير الذاتية بالنسبة إلى الفتيات وبالا وبابا للمشاكل لا بابا للحصول على وظيفة.
أنا كغيري استغربت من هذه الموضة الجديدة، وأصدقكم القول إنني أخرت طرح هذا الموضوع لعدة أشهر، حتى تأكدت شخصيا من فتيات تعرضن لمثل هذا الابتزاز والمهانة، ليست واحدة أو اثنتين بل أكثر من 7 فتيات، وما دام هناك عدد منهن اعترفن بذلك فهذا يعني أن هناك أخريات آثرن الصمت ومتابعة طريقهن في البحث عن وظيفة ضامرات قهرهن وذل الحاجة في أنفسهن، إحداهن قالت إنها تلقت اتصالا من إحدى الشركات تبلغها بموعد المقابلة الشخصية، وكغيرها من العاطلات عن العمل وجدت أن القدر أخيرا قد ابتسم، وفتحت الدنيا أبوابها الوردية، انتقت أحسن ثيابها، وانتظرت يوم المقابلة على أحر من الجمر، حتى حانت دقائق دخولها للمقابلة فبسملت ودخلت على الشخص المكلف بمقابلة طالبي الوظائف، وكما ”هو” توقع كانت جميلة ربما أكثر مما كانت عليه في الصورة الكربونية، كان ودودا معها وأسئلته لم تنم عن كونه جادا في اختبار قدراتها أو شخصيتها كما قالت، وباغتها بسؤال إن ما كانت تقبل بالزواج المؤقت منه، تسمرت هي في مكانها والموقف ألجم قدرتها على الرد عليه، ولكنها في الأخير تمالكت قوتها لتؤكد أنها لم تأت للبحث عن زوج وإنما وظيفة، ولخبثه أكد لها أنها تصلح للوظيفة وسيهاتفها لتحديد موعد توقيع العقد، طالبا منها أن تنسى طلبه بالزواج منه واعتباره أمرا لم يكن، وبالفعل هاتفها ولمرات بعد خروجها من مكتبه مصرا على أن يتزوجها زواجا مؤقتا، حتى أنها كرهت رقم هاتفها الذي يأتي منه اتصال هذا الذئب البشري، وغيرها عدد من فتيات تعرضن لقصص مشابهة.
ما ذنب الفتاة هنا إذا كان العرف أن تقدم السيرة الذاتية للمؤسسات والشركات مرفقة بصورة شخصية ”وبالمناسبة كل الفتيات اللواتي تعرضن للحادثة السابقة هن من المحجبات” وما ذنبهن إن كانت أرقام الاتصال بهن متوافرة، المشكلة باعتقادي ليست بالفتيات هنا بل في النفوس الضعيفة التي تستغل حاجة الفتاة للعمل فيبدأ في سيناريو الاستغلال والابتزاز، ربما نجحت الطريقة مع بعضن ولكن أعتقد أن الكثيرات صددنهم وبقوة فليس كل طير يؤكل لحمه كما يقال، والمفروض أن تتقدم كل فتاة تتعرض لمثل هذا الموقف ببلاغ ضد من تسول له نفسه بذلك لدى مركز الشرطة ليكون عبرة لمن لا يعتبر على أن تنقل الصحف خبر هؤلاء علانية، كثيرات هن من يجد أن الأمر قد لا يستحق، وكثيرات قد يقلن إنهن لا يردن الفضائح فمجتمعنا صغير والجميع يسمع قصص الجميع فيعرفونهم شخصيا، ولكن السكوت يشجع هؤلاء على الاستمرار والتمادي، والساكت عن حقه أيضا شيطان أخرس.

العدد 713- الأحد 25 محرم 1429 هـ – 3 فبراير

ياسمينيات الزواج المؤقت عبر الـ CV ياسمين خلف للسير الذاتية التي يعدها طالبو الوظائف أشكال وأنواع، يتفنن أصحابها فيها بغ...

إقرأ المزيد »

سامحينـا يا «عاليـــة»

سامحينـا يا «عاليـــة»
ياسمين خلف

ياسمين خلف

جوناثان أندرسون طفل في التاسعة من عمره، تمكن وبعمل بطولي غير مسبوق أن ينقذ والدته وينقذ نفسه من حادث مروري مروع كاد أن يتسبب في كارثة مرورية إن صح لنا التعبير لو اصطدمت سيارة والدته بسيارات أخرى، خصوصا أنها كانت تقود السيارة بسرعة كبيرة تصل إلى 112 كيلو متر في الساعة في إحدى الطرق العامة في بريطانيا، والذي لم أشر إليه هو أن الأم أغمي عليها فجأة وهي تقود السيارة وتمكن طفلها ” المتوحد ” من السيطرة على مقود السيارة وأن يوقفها على الطريق العام، معلنا للعالم بأن الأطفال المتوحدين يملكون الكثير وقد يتفوقون حتى على أقرانهم من الأطفال الطبيعيين. أيستطيع أحدكم أن يحفظ دليل الهاتف؟ هم يستطيعون! أيستطيع أحدكم أن يجري عمليات حسابية بالملايين؟ بعضهم يستطيعون!
كثيرون للأسف في مجتمعنا لا يزالون يجهلون معنى أن يكون الطفل متوحدا، حتى بعض أهالي الأطفال المصابين به، والذين عرفوا المرض بعد تشخيص الأطباء لإصابة أطفالهم به، كالميل إلى العزلة والشعور بالضيق من الأصوات وتكرار ذات الحركات وشدة الدقة والترتيب، وغيرها من السلوكيات الظاهرة عليهم، والتي تحول حياتهم وحياة أهاليهم إلى جحيم إن لم يستطيعوا تقديم أقل عون لهم.
القضية التي تعنيننا جميعا دون استثناء في البحرين وليس في بريطانيا أن الأطفال المصابين بالتوحد يواجهون إضافة إلى مرضهم إلى عدم تعاون المجتمع معهم بجميع أطيافه وشرائحه، ولا داعي لأن ننكر ذلك، ألم يطلق مركز عالية للتدخل المبكر والخاص بأطفال التوحد صرخة استغاثة ولمرات للمجتمع بأنه يعاني من عجز شديد في الموازنة، والذي يهدد بإغلاقه، ليعود المتوحدون من الأطفال مرة أخرى إلى العزلة وإلى المستقبل المجهول، ويعود الحزن إلى بيوتهم وإلى قلوب آبائهم الذين سعوا بكل ما لديهم ليعيش أطفالهم كغيرهم من الأطفال ولو جزئيا ولازالوا يعانون.
أول الغيث كان من جلالة الملك الذي سد العجز الحالي للمركز لدفع مرتبات المدرسات المتأخرة منذ سنوات، وكان قدوة لغيره وشجع كلا من شركة إبراهيم خليل كانو وشركة درة البحرين ليتبرعا بـ 12 ألف دينار، في الوقت الذي يكلف تشغيل هذا المركز نحو 25 ألف دينار سنويا، بمعنى أن العجز مستمر والقلق من إغلاق المركز مازال يلوح في الأفق. قائل منا سيقول ”ما باليد حيلة .. الله يكون في عونهم وعون أهاليهم” ولكني أقول ألم نصل إلى أكثر من مليون نسمة؟ أليس نصفهم من البحرينيين؟ يعني 500 ألف نسمة من واجبها الإنساني تقديم العون، وبحسبة بسيطة لو تبرع كلٌ منا بـ 500 فلس فقط لجمعنا للمركز 250 ألف دينار، بمعنى شغلنا المركز وضمنا بقاءه لمدة لا تقل عن 10 سنوات، ألسنا مسلمين؟ أليست الصدقة جزءا من إيماننا وديننا الذي يحثنا عليه؟ إذا لنتكاتف ولو لمرة واحدة، لنضرب مثلا للتكافل المجتمعي في العالم أجمع، وإن لم نستطع فعل ذلك فأرجو منك يا ”عالية” السماح فوجودك لم يعد يذكر الناس بواجبهم الإنساني والمجتمعي، فكان الله في عون أطفال احتموا بك أو ظنوا أنهم سيحتمون بك.

 العدد 716- الاربعاء 28 محرم 1429 هـ – 6 فبراير

سامحينـا يا «عاليـــة» ياسمين خلف جوناثان أندرسون طفل في التاسعة من عمره، تمكن وبعمل بطولي غير مسبوق أن ينقذ والدته وينق...

إقرأ المزيد »

وزارة تكسير المجاديف

ياسمينيات
وزارة تكسير المجاديف
ياسمين خلف

ياسمين خلف

(هو) لم يقف مكتوف الأيدي، ولم ينتظر في طابور العاطلين عن العمل الذي كان ينتظره، فبعد أن حاز على شهادة الهندسة من جامعة الكويت، قرر أن يبدأ عمله الخاص، فشخصيته المثابرة وبوصف أدق المكافحة كانت تدفعه إلى ذلك دفعا، فقبلها كان يدرس صباحا ويبيع البنك ”حبة الخضرة” على الطرقات، متحديا قسوة الظروف التي عاشها، فقد كان يتيما منذ الصغر، وحالة أهله المادية ضعيفة كما هو حال أغلب البحرينيين، لم يثنه حر ولا برد ولا مطر عن بيع ”البنك” في الطرقات وأمام الإشارات حتى تمكن من خلال أرباحه تلك أن يكمل نصف دينه ويتزوج، ومن يعرفه يغبطه على عزيمته وقدرته على بناء ثروة في عمره هذا والذي لم يتجاوز الثلاثة والثلاثين عاما. وليس معنى ذلك أنه لم يتقدم للشركات للعمل بعد تخرجه، فقد فعلها وهو يدرك أن الفرص شحيحة، ابتسم وواصل طريقه وأخذ يرسم الخرائط الهندسية واستخرج سجلا لمقاولة البناء، ورغم أنه لايزال في بداياته ولم يجن سوى 51 ألف دينار، اشترطت عليه وزارة العمل أن يكون لديه ضمان بنكي بعشرة آلاف دينار، بمعنى تجميد هذا المبلغ ومنعه من التصرف فيه لمدة عام كامل، فسلم أمره للقوانين، بعدها توالت عليه الاشتراطات منها أن يؤجر محلا، دبر أموره واستلف من هنا وهناك، والتوفيق كان في دربه، شيئا فشيا أخذ يتوسع في أعماله، فأراد الدخول في نشاط الدفان البري، ومشروعه هذا يكلفه نحو 081 ألف دينار، كيف لا والسيارة الثقيلة الواحدة منها تكلفه نحو 35 ألف دينار، كل ذلك تدبره من القروض في سبيل المضي في عمله، حول أمره إلى قسم التفتيش في وزارة العمل وهنا بدأت العراقيل تزداد تعقيدا، فمنذ أكثر من شهر والوزارة تقول إن دوره في التفتيش على المكتب لم يأت بعد، وكأن الوقت عندهم لا يعني نقودا، فهو نظير ذلك يدفع للقروض التي على كاهله 0073 دينار شهريا، وعمله لم يبدأ بعد، فالوزارة هي التي تشترط وجود المعدات لإثبات الجدية في النشاط، بمعنى أنها تجعله يدفع قبل حتى أن يعمل.
سؤال: ألا تعاني البحرين من البطالة؟ أليست هي من تدعو إلى خلق فرص للعمل ؟ فلم لا تبدأ من نفسها وتوظف عددا أكبر من المفتشين وتضرب عصفورين بحجر، فهي بذلك ستخلق فرصاً للعمل ”مفتشين جدد” وستيسر على آخرين أعمالهم بل وستدفع غيرهم للخوض في مجال العمل الحر بدلا من الانتظار في طوابير تزداد ولا تتقلص. ألم يعلن عن تضخم البطالة في الفترة الأخيرة؟ من خاض الأعمال الحرة يعرف مدى التعقيد الذي يواجه صاحب العمل من رسوم (على كيف كيفك) تبدأ من الضمان البنكي 01 آلاف دينار، رسوم السجل 021 ديناراً ولغرفة التجارة 57 ديناراً والبلدية 01 دنانير غير الكهرباء ووزارة الصحة، ورسوم الفيزا التي تصل إلى 001 دينار على كل فيزا، ناهيك عن تأجير محل والذي لا يقل إيجاره اليوم في القرى عن 021 ديناراً ويصل لأكثر من 002 دينار إن كان على شارع عام، (للتو عرفت لماذا سميت بالأعمال الحرة ربما لأنها تأتي بالحرة ”بفتح الحاء” في القلب).
بالله عليك يا وزارة العمل أين الدعم الذي يمكن أن تقدميه للشباب الطموح إن كنت تضعين كل هذه العراقيل أمامه؟ ألا تعتبر تلك سياسة لتكسير المجاديف بدلا من أن تسنديه بضمانات يسددها بشكل ميسر؟ يقول (هو) أنه لولا النفس الطويل الذي يملكه ولولا عزيمته لما واصل العمل الحر ذا المشوار المتعب، ولكن كم من شبابنا من يملك النفس ذاته؟ من الظلم أن لا نوفر لهم وظائف محترمة رغم كونهم خريجي جامعات ونضع لهم بالمقابل عراقيل تحبط عزيمتهم بل وتوقعهم في مآزق مالية قد تزج بهم في النهاية إلى غياهب السجون.

العدد 720 – الأحد 2 صفر 1429 هـ – 10 فبراير 2008

ياسمينيات وزارة تكسير المجاديف ياسمين خلف (هو) لم يقف مكتوف الأيدي، ولم ينتظر في طابور العاطلين عن العمل الذي كان ينتظره...

إقرأ المزيد »

كل عام وأنتم بحب

ياسمينيات
كل عام وأنتم بحب
ياسمين خلف

ياسمين خلف

ساعات ويتحول عالمنا إلى عالم أحمر اللون، فعيد الحب رغم أنه مسيحي الفكرة إلا أنه استطاع أن يضرب كل أنواع التمييز بين الديانات والطوائف عرض الحائط، فلا أحد منا ينكر أن جميع شعوب العالم من أقصاها إلى أقصاها تحتفل بيوم الرابع عشر من شهر فبراير/ شباط كعيد للعشاق، رغم أصوات المعارضين من المسلمين لهذا العيد على أنه بدعة، وأن كل بدعة ضلالة وأن كل ضلالة في النار، ورغم تشديد بعض الدول الإسلامية قوانينها لمن يحتفل بهذا اليوم، لدرجة منع بيع الورود أو الهدايا في هذا اليوم بالذات ومعاقبة من تسول له نفسه بشراء دب صغير ليهديه إلى محبوبته.
لا نختلف، أعياد المسلمين معروفة هما عيدا الفطر والأضحى ولكن ما المانع من الاحتفال بيوم يذيب الجليد ويقرب القلوب بين الناس، فعيد الحب لا يقتصر على تلك النظرة الضيقة على أنه عيد للعشاق ”رجل وامرأة”، بل إنه عيد لكل المحبين، يهدي خلالها الزوج الزوجة وقد يهدي الابن أبيه أو أمه، وقد تهدي الأخت أختها، بل حتى الأصدقاء قد يهدون بعضهم البعض الهدايا وبطاقات التهنئة أو حتى ”مسجا” قصيرا يعبر عن صفاء القلوب وعن المشاعر الطيبة التي تجمعهم وأمنيات سعيدة يتمنونها لبعض، ما المانع إن كان الهدف منه تقوية العلاقات بين الأشخاص، بل قد تعيد علاقات إلى سابق عهدها بعد قطيعة وخلاف، بالله عليكم وبكل صدق وأمانة هل كل ما نقوم به في حياتنا اليوم إسلامي بحت لا تشوبه أفكار غربية أو دخيلة؟
لا نؤيد بطبيعة الحال استغلال هذه المناسبة أو هذا اليوم في انتشار الأخلاقيات غير السوية التي تأتي بدريعة الحب، فهذا ما لا نقصده أبدا، ولكن تضييق الخناق على الشباب والمراهقين بجعل مجرد تبادل التهنئة لفظيا منكرا وفعلا محرما، وتبادل الهدايا من البدع، التي ستجرهم يوم القيامة إلى النار كونهم أتوا ببدع أمر لا أأيده إطلاقا، ألم يدعوننا نبينا محمد (ص) إلى تبادل الهدايا ”تهادوا تحابوا” فلماذا نحرم من تبادل الهدايا، إذ ما كان الأمر لا يعدوا تبادل التهاني والأمنيات السعيدة والهدايا في هذا اليوم، قائلا سيقول لما هذا اليوم بالذات، لما السير على نهج القسيس فالنتاين مبتدع هذا العيد، ونحن نقول لا مانع فلنحدد نحن العرب والمسلمين إذا يوما لتبادل الهدايا وكلمات الحب والتقدير لا لشيء سوى لتجديد العلاقات وكسر الروتين، وأكاد أجزم أن الأمر لن يفرق عند مؤيدي هذا الاحتفال فهم يبحثون عن مناسبة للتعبير عن مشاعرهم فالحب لا يعرف يوما محددا ولا يرتبط بتاريخ معين، فمن يحب يجد كل أيامه أعيادا للحب.
ولأني أحببتكم يا قرائي فلكم مني أطيب الأماني وكل عام وأنتم بحب وسلام.

العدد 723 – الأربعاء 5 صفر 1429 هـ – 13 فبراير 2008

ياسمينيات كل عام وأنتم بحب ياسمين خلف ساعات ويتحول عالمنا إلى عالم أحمر اللون، فعيد الحب رغم أنه مسيحي الفكرة إلا أنه اس...

إقرأ المزيد »