وزارة تكسير المجاديف

ياسمينيات
وزارة تكسير المجاديف
ياسمين خلف

ياسمين خلف

(هو) لم يقف مكتوف الأيدي، ولم ينتظر في طابور العاطلين عن العمل الذي كان ينتظره، فبعد أن حاز على شهادة الهندسة من جامعة الكويت، قرر أن يبدأ عمله الخاص، فشخصيته المثابرة وبوصف أدق المكافحة كانت تدفعه إلى ذلك دفعا، فقبلها كان يدرس صباحا ويبيع البنك ”حبة الخضرة” على الطرقات، متحديا قسوة الظروف التي عاشها، فقد كان يتيما منذ الصغر، وحالة أهله المادية ضعيفة كما هو حال أغلب البحرينيين، لم يثنه حر ولا برد ولا مطر عن بيع ”البنك” في الطرقات وأمام الإشارات حتى تمكن من خلال أرباحه تلك أن يكمل نصف دينه ويتزوج، ومن يعرفه يغبطه على عزيمته وقدرته على بناء ثروة في عمره هذا والذي لم يتجاوز الثلاثة والثلاثين عاما. وليس معنى ذلك أنه لم يتقدم للشركات للعمل بعد تخرجه، فقد فعلها وهو يدرك أن الفرص شحيحة، ابتسم وواصل طريقه وأخذ يرسم الخرائط الهندسية واستخرج سجلا لمقاولة البناء، ورغم أنه لايزال في بداياته ولم يجن سوى 51 ألف دينار، اشترطت عليه وزارة العمل أن يكون لديه ضمان بنكي بعشرة آلاف دينار، بمعنى تجميد هذا المبلغ ومنعه من التصرف فيه لمدة عام كامل، فسلم أمره للقوانين، بعدها توالت عليه الاشتراطات منها أن يؤجر محلا، دبر أموره واستلف من هنا وهناك، والتوفيق كان في دربه، شيئا فشيا أخذ يتوسع في أعماله، فأراد الدخول في نشاط الدفان البري، ومشروعه هذا يكلفه نحو 081 ألف دينار، كيف لا والسيارة الثقيلة الواحدة منها تكلفه نحو 35 ألف دينار، كل ذلك تدبره من القروض في سبيل المضي في عمله، حول أمره إلى قسم التفتيش في وزارة العمل وهنا بدأت العراقيل تزداد تعقيدا، فمنذ أكثر من شهر والوزارة تقول إن دوره في التفتيش على المكتب لم يأت بعد، وكأن الوقت عندهم لا يعني نقودا، فهو نظير ذلك يدفع للقروض التي على كاهله 0073 دينار شهريا، وعمله لم يبدأ بعد، فالوزارة هي التي تشترط وجود المعدات لإثبات الجدية في النشاط، بمعنى أنها تجعله يدفع قبل حتى أن يعمل.
سؤال: ألا تعاني البحرين من البطالة؟ أليست هي من تدعو إلى خلق فرص للعمل ؟ فلم لا تبدأ من نفسها وتوظف عددا أكبر من المفتشين وتضرب عصفورين بحجر، فهي بذلك ستخلق فرصاً للعمل ”مفتشين جدد” وستيسر على آخرين أعمالهم بل وستدفع غيرهم للخوض في مجال العمل الحر بدلا من الانتظار في طوابير تزداد ولا تتقلص. ألم يعلن عن تضخم البطالة في الفترة الأخيرة؟ من خاض الأعمال الحرة يعرف مدى التعقيد الذي يواجه صاحب العمل من رسوم (على كيف كيفك) تبدأ من الضمان البنكي 01 آلاف دينار، رسوم السجل 021 ديناراً ولغرفة التجارة 57 ديناراً والبلدية 01 دنانير غير الكهرباء ووزارة الصحة، ورسوم الفيزا التي تصل إلى 001 دينار على كل فيزا، ناهيك عن تأجير محل والذي لا يقل إيجاره اليوم في القرى عن 021 ديناراً ويصل لأكثر من 002 دينار إن كان على شارع عام، (للتو عرفت لماذا سميت بالأعمال الحرة ربما لأنها تأتي بالحرة ”بفتح الحاء” في القلب).
بالله عليك يا وزارة العمل أين الدعم الذي يمكن أن تقدميه للشباب الطموح إن كنت تضعين كل هذه العراقيل أمامه؟ ألا تعتبر تلك سياسة لتكسير المجاديف بدلا من أن تسنديه بضمانات يسددها بشكل ميسر؟ يقول (هو) أنه لولا النفس الطويل الذي يملكه ولولا عزيمته لما واصل العمل الحر ذا المشوار المتعب، ولكن كم من شبابنا من يملك النفس ذاته؟ من الظلم أن لا نوفر لهم وظائف محترمة رغم كونهم خريجي جامعات ونضع لهم بالمقابل عراقيل تحبط عزيمتهم بل وتوقعهم في مآزق مالية قد تزج بهم في النهاية إلى غياهب السجون.

العدد 720 – الأحد 2 صفر 1429 هـ – 10 فبراير 2008

ياسمينيات
وزارة تكسير المجاديف
ياسمين خلف

ياسمين خلف

(هو) لم يقف مكتوف الأيدي، ولم ينتظر في طابور العاطلين عن العمل الذي كان ينتظره، فبعد أن حاز على شهادة الهندسة من جامعة الكويت، قرر أن يبدأ عمله الخاص، فشخصيته المثابرة وبوصف أدق المكافحة كانت تدفعه إلى ذلك دفعا، فقبلها كان يدرس صباحا ويبيع البنك ”حبة الخضرة” على الطرقات، متحديا قسوة الظروف التي عاشها، فقد كان يتيما منذ الصغر، وحالة أهله المادية ضعيفة كما هو حال أغلب البحرينيين، لم يثنه حر ولا برد ولا مطر عن بيع ”البنك” في الطرقات وأمام الإشارات حتى تمكن من خلال أرباحه تلك أن يكمل نصف دينه ويتزوج، ومن يعرفه يغبطه على عزيمته وقدرته على بناء ثروة في عمره هذا والذي لم يتجاوز الثلاثة والثلاثين عاما. وليس معنى ذلك أنه لم يتقدم للشركات للعمل بعد تخرجه، فقد فعلها وهو يدرك أن الفرص شحيحة، ابتسم وواصل طريقه وأخذ يرسم الخرائط الهندسية واستخرج سجلا لمقاولة البناء، ورغم أنه لايزال في بداياته ولم يجن سوى 51 ألف دينار، اشترطت عليه وزارة العمل أن يكون لديه ضمان بنكي بعشرة آلاف دينار، بمعنى تجميد هذا المبلغ ومنعه من التصرف فيه لمدة عام كامل، فسلم أمره للقوانين، بعدها توالت عليه الاشتراطات منها أن يؤجر محلا، دبر أموره واستلف من هنا وهناك، والتوفيق كان في دربه، شيئا فشيا أخذ يتوسع في أعماله، فأراد الدخول في نشاط الدفان البري، ومشروعه هذا يكلفه نحو 081 ألف دينار، كيف لا والسيارة الثقيلة الواحدة منها تكلفه نحو 35 ألف دينار، كل ذلك تدبره من القروض في سبيل المضي في عمله، حول أمره إلى قسم التفتيش في وزارة العمل وهنا بدأت العراقيل تزداد تعقيدا، فمنذ أكثر من شهر والوزارة تقول إن دوره في التفتيش على المكتب لم يأت بعد، وكأن الوقت عندهم لا يعني نقودا، فهو نظير ذلك يدفع للقروض التي على كاهله 0073 دينار شهريا، وعمله لم يبدأ بعد، فالوزارة هي التي تشترط وجود المعدات لإثبات الجدية في النشاط، بمعنى أنها تجعله يدفع قبل حتى أن يعمل.
سؤال: ألا تعاني البحرين من البطالة؟ أليست هي من تدعو إلى خلق فرص للعمل ؟ فلم لا تبدأ من نفسها وتوظف عددا أكبر من المفتشين وتضرب عصفورين بحجر، فهي بذلك ستخلق فرصاً للعمل ”مفتشين جدد” وستيسر على آخرين أعمالهم بل وستدفع غيرهم للخوض في مجال العمل الحر بدلا من الانتظار في طوابير تزداد ولا تتقلص. ألم يعلن عن تضخم البطالة في الفترة الأخيرة؟ من خاض الأعمال الحرة يعرف مدى التعقيد الذي يواجه صاحب العمل من رسوم (على كيف كيفك) تبدأ من الضمان البنكي 01 آلاف دينار، رسوم السجل 021 ديناراً ولغرفة التجارة 57 ديناراً والبلدية 01 دنانير غير الكهرباء ووزارة الصحة، ورسوم الفيزا التي تصل إلى 001 دينار على كل فيزا، ناهيك عن تأجير محل والذي لا يقل إيجاره اليوم في القرى عن 021 ديناراً ويصل لأكثر من 002 دينار إن كان على شارع عام، (للتو عرفت لماذا سميت بالأعمال الحرة ربما لأنها تأتي بالحرة ”بفتح الحاء” في القلب).
بالله عليك يا وزارة العمل أين الدعم الذي يمكن أن تقدميه للشباب الطموح إن كنت تضعين كل هذه العراقيل أمامه؟ ألا تعتبر تلك سياسة لتكسير المجاديف بدلا من أن تسنديه بضمانات يسددها بشكل ميسر؟ يقول (هو) أنه لولا النفس الطويل الذي يملكه ولولا عزيمته لما واصل العمل الحر ذا المشوار المتعب، ولكن كم من شبابنا من يملك النفس ذاته؟ من الظلم أن لا نوفر لهم وظائف محترمة رغم كونهم خريجي جامعات ونضع لهم بالمقابل عراقيل تحبط عزيمتهم بل وتوقعهم في مآزق مالية قد تزج بهم في النهاية إلى غياهب السجون.

العدد 720 – الأحد 2 صفر 1429 هـ – 10 فبراير 2008

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

One Comment on “وزارة تكسير المجاديف

  1. تعليق #1
    خسرنا درراستنا عشان السجل
    ابو احمد الأحد 10 فبراير 2008
    تعليق #2
    الأرقام المقلوبة شوهت المقال تماما.
    محمود الأحد 10 فبراير 2008
    تعليق #3
    أحلى ما في الموضوع هو اسلوب تعليقك حول سبب تسمية الأعمال الحره بالحره ……
    ,, يــخــزي عدويـنش يــــا يــاسمينيات,,
    الهدهد الغائب – الذي طال غيابه !!! الأحد 10 فبراير 2008
    تعليق #4
    ربي يعطيج الف عافية

    احس انج صرتين لسان الحال لصاحب المشكلة او لنا عامة كشابات وشباب
    ضياء الكون الأحد 10 فبراير 2008
    تعليق #5
    بصراحة يجب اعادة النظر فى هؤلاءالمفتشين التفلسفين
    لميس خالد الأحد 10 فبراير 2008
    تعليق #6
    بصراحة لب الموضوع جيد ولكن سرد القصة اعتبرها شطحة من الخيال بسبب نقص برائي في كثير من الاساسيات والتفاصيل التي سوف تجعل من الموضوع اكثر من رائع والمهم في الامر ” ان من المفترض يا ام الياسمين والفل ان تكوني اكثر تعميق في سياسية الوزارة ، صحيح ان كل وزارات المملكة ليست بها درجة من التميز والجد في الخدمات للعامة ولكن هذه هي سياسية المملكة ” لا اريد الخروج عن موضوعج ولكن فكري اكثر وستعرفين انك ضيعتي النصيحة بضرب العصفورين …… اتمنى لج كل التوفيق والنجاح .
    صديق الأحد 10 فبراير 2008
    تعليق #7
    ليست هنالك وزارة في الدولة أو شخص في وزارة ما قد يسعى بشكل متعمد ومقصود إلى عرقلة مشروع ما لا سيما وأن هذه المشاريع ستخدم الإقتصاد البحريني أولا وأخيرا ولكن هناك سياسات وقوانين وإجراءات تقيد هذه الوزارات ولا يمكنها التخلي عنها إلا في حالة إيجاد البديل لها
    أما التخلي عنها مرة واحدة فذلك يعني أنها ستلجأ إلى العمل العشوائي الغير منظم وهو الأمر الذي قد يستغله البعض ويستفيد منه وقد يضر بالبعض الآخر ولكنه في النهاية سيضر بالبلد
    نحن مشكلتنا أننا دائما نريد أن نتخطى القوانين والإجراءات كأنها علينا وحدننا وكأننا في سوق مقاصيص وليس في وزارة حكومية

    يوسف الشيخ الأحد 10 فبراير 2008
    تعليق #8
    تحياتي

    تعليقا على ماجاء ذكره في مقالك هذا ولتصحيح عنوان مقالك ((وزارة الملل)) ولتأكيد ماتقولينه وتنقلينه فأنا من الذين لديهم سجل تجاري وأعمل في مجال المقاولات والصيانة وحدث ان تقدمت بطلب عمالة عبر وزارة العمل ولكن طابي ظل يراوح مكانة لأكثر من شهر وبعد أن حفيت قدمي وبعد اتلاف الاعصاب تفضلوا علينا بثلاث رخص عمل, نحن نطالب بأن تأخذ الطلبات اولويتها وليس حسب اهواء وامزجة المسئولين والمحسوبية والواسطة والمحاباة وتقديم طلب وتأخير طلب وضياع كثير من طلبات المراجعين فلقد حدث لي ايضا أن تقدمت بطلب لتحويل محلي لعامل ولكن طلبي ظل يراوح مكانه وبعد ان مضي عليه أكثر من شهر راجعتهم ولكن طلبي اصبح من الطلبات المفقودة وعليه نصحوني بتقديم طلب جديد آخر مع ارفاق رقم الطلب المفقود وعليه قمت بأعداد الطلب من جديد من كشوف الحسابات البنكية وصور للمحل واخرى للتأمينات وغيرها من الاوراق التي يقومون بطلبها منك ولكنني في يوم تقديم الطلب الجديد تفاجأت بطلبي المفقود موجودا لديهم وتمت الموافقة عليه ولكن بعد طلعت الروح. سئوال للمسئولين هل تعتقدون ان مافي رشاوي تندفع من تحت الطاولة وليش ناس ارقام طلباتهم بعد طلبك بعشرة ايام وطلبهم جاهز قبلك، اوجه دعوة للمسئولين ان ينزلون حق الناس ويشوفون اللي صاير ويتركون عنهم بروجهم العاجية.

    جعفر أبوادريس الأحد 10 فبراير 2008

    رد

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.