الناس في «حيص بيص»

ياسمينيات
الناس في «حيص بيص»
ياسمين خلف

ياسمين خلف

الغلاء الفاحش أخذ يلتهم كل ما في جيوب المواطنين ويحرق كل ما ادخروه لليوم الأسود، هذا إن كانوا أصلاً يدخرون، فالراتب الهزيل والالتزامات اليومية لا تبقي ولا تذر أي دنانير حُمر، أليس هناك آباء يستلفون حتى من أبنائهم الصغار؟ فكثير من المواطنين أخذوا يحسبون ما يصرفون بالفلس، ويحاسبون الباعة على «الطماطية والخيارة» فلم يعودوا كما كانوا يشترون بالصندوق، بل بالكيلو أو بربع الكيلو، الطريف أن أغلب المواطنين يعرفون وبالضبط سعر كل سلعة استهلاكية قبل وبعد موجة الغلاء التي اجتاحت البحرين، بل ودول العالم بمن فيها طبعاً دول الخليج.
وفيما كان الناس في «حيص وبيص» وجه عاهل البلاد وبموافقة مجلس رئيس الوزراء باعتماد إضافي في الموازنة العامة للدولة للسنة المالية للعام الجاري بقيمة تصل إلى 40 مليون دينار بحريني، كنوع من الحلول الآنية والسريعة لإعانة المواطنين على مواجهة الغلاء في الأسعار، إلا أن عرس المناقشات التي ما أنزل الله بها من سلطان في آلية صرف الملايين الأربعين «طوّل»، ما اعتبره كثير من المواطنين «إهانة» يراد بها إذلال المواطن على «الدنانير الـ 50 التي ستصرف لكل عائلة» وليس كل فرد ولمدة عام كامل، مقارنين بذلك بحالنا وحال دول الخليج التي واجهت الغلاء بالزيادات الدائمة في الرواتب، مشبهين حالهم بحال «الطراروة» «المتسولين» لبضعة دنانير.
بالله عليكم، هل ستكون الدنانير الخمسون الإضافية على الراتب شهرياً (ولمدة عام واحد فقط) درعاً لصد الزيادات التي شهدتها السلع أو مواجهتها؟ ألن تتمكن من أن تطرح رب العائلة وتثخنه بالجراح كذلك؟ كما أن توزيع هذه الملايين على جميع المواطنين فيها نوع من الظلم، بمعنى أن الوزير والوكيل وفلان ابن فلان سيحصلون على 50 ديناراً شهرياً مثلهم مثل «الفرّاش» و«الخمام» (مع احترامي لهم جميعاً)، وبالعربي الفصيح هل ستؤثر تلك الدنانير البخسة على الوزير كما ستؤثر وتخفف من معاناة «الفرّاش»؟
ببداهة، «لا» طبعاً، فلا مقارنة تذكر، فالدنانير الخمسون لدى الأول كما لو كانت ألف دينار لدى الثاني، فحري بمن سيسهم في تحديد آليات الصرف أن يأخذ في حسبانه ذلك، وإنْ حدث وصرفت للجميع من دون استثناء فحري على من يجد نفسه مقتدراً ولن تغنيه تلك الدنانير أن يتعفف عنها لمن ستعينه تلك الدنانير الخمسون على مواجهة الغلاء.
أعود لأقول إن التجنيس العشوائي السياسي الذي أوقعت المملكة نفسها فيه ستجني ثماره هي وأبناء البلد، ومنها ما يحدث اليوم، فلو كان عدد المواطنين أقل لأحدثت الملايين الأربعين أثراً أكبر، أي لصرفت بدل الخمسين، سبعون أو حتى 100 دينار لكل عائلة، من منطلق أن الدولة ذات السكان الأقل يتمتع مواطنوها بالرفاهية أكثر، ماذا عسانا أن نقول إلا «.. والقادم أعظم».

 العدد 709 – الأربعاء 21 محرم 1429 هـ – 30 يناير

ياسمينيات
الناس في «حيص بيص»
ياسمين خلف

ياسمين خلف

الغلاء الفاحش أخذ يلتهم كل ما في جيوب المواطنين ويحرق كل ما ادخروه لليوم الأسود، هذا إن كانوا أصلاً يدخرون، فالراتب الهزيل والالتزامات اليومية لا تبقي ولا تذر أي دنانير حُمر، أليس هناك آباء يستلفون حتى من أبنائهم الصغار؟ فكثير من المواطنين أخذوا يحسبون ما يصرفون بالفلس، ويحاسبون الباعة على «الطماطية والخيارة» فلم يعودوا كما كانوا يشترون بالصندوق، بل بالكيلو أو بربع الكيلو، الطريف أن أغلب المواطنين يعرفون وبالضبط سعر كل سلعة استهلاكية قبل وبعد موجة الغلاء التي اجتاحت البحرين، بل ودول العالم بمن فيها طبعاً دول الخليج.
وفيما كان الناس في «حيص وبيص» وجه عاهل البلاد وبموافقة مجلس رئيس الوزراء باعتماد إضافي في الموازنة العامة للدولة للسنة المالية للعام الجاري بقيمة تصل إلى 40 مليون دينار بحريني، كنوع من الحلول الآنية والسريعة لإعانة المواطنين على مواجهة الغلاء في الأسعار، إلا أن عرس المناقشات التي ما أنزل الله بها من سلطان في آلية صرف الملايين الأربعين «طوّل»، ما اعتبره كثير من المواطنين «إهانة» يراد بها إذلال المواطن على «الدنانير الـ 50 التي ستصرف لكل عائلة» وليس كل فرد ولمدة عام كامل، مقارنين بذلك بحالنا وحال دول الخليج التي واجهت الغلاء بالزيادات الدائمة في الرواتب، مشبهين حالهم بحال «الطراروة» «المتسولين» لبضعة دنانير.
بالله عليكم، هل ستكون الدنانير الخمسون الإضافية على الراتب شهرياً (ولمدة عام واحد فقط) درعاً لصد الزيادات التي شهدتها السلع أو مواجهتها؟ ألن تتمكن من أن تطرح رب العائلة وتثخنه بالجراح كذلك؟ كما أن توزيع هذه الملايين على جميع المواطنين فيها نوع من الظلم، بمعنى أن الوزير والوكيل وفلان ابن فلان سيحصلون على 50 ديناراً شهرياً مثلهم مثل «الفرّاش» و«الخمام» (مع احترامي لهم جميعاً)، وبالعربي الفصيح هل ستؤثر تلك الدنانير البخسة على الوزير كما ستؤثر وتخفف من معاناة «الفرّاش»؟
ببداهة، «لا» طبعاً، فلا مقارنة تذكر، فالدنانير الخمسون لدى الأول كما لو كانت ألف دينار لدى الثاني، فحري بمن سيسهم في تحديد آليات الصرف أن يأخذ في حسبانه ذلك، وإنْ حدث وصرفت للجميع من دون استثناء فحري على من يجد نفسه مقتدراً ولن تغنيه تلك الدنانير أن يتعفف عنها لمن ستعينه تلك الدنانير الخمسون على مواجهة الغلاء.
أعود لأقول إن التجنيس العشوائي السياسي الذي أوقعت المملكة نفسها فيه ستجني ثماره هي وأبناء البلد، ومنها ما يحدث اليوم، فلو كان عدد المواطنين أقل لأحدثت الملايين الأربعين أثراً أكبر، أي لصرفت بدل الخمسين، سبعون أو حتى 100 دينار لكل عائلة، من منطلق أن الدولة ذات السكان الأقل يتمتع مواطنوها بالرفاهية أكثر، ماذا عسانا أن نقول إلا «.. والقادم أعظم».

 العدد 709 – الأربعاء 21 محرم 1429 هـ – 30 يناير

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

One Comment on “الناس في «حيص بيص»

  1. تعليق #1
    فقط كلمه واحده لا غير

    شكرا
    علي نوح الأربعاء 30 يناير 2008
    تعليق #2
    ما ان اتصفح جريدة الوقت حتى تستوقفني مقالاتك الهادفة والتي تمس الواقع اي من الواقع الذي نعيشة وكانك تتكلمي امام عائلة انتي منهم الاخت ياسمين احيي فيك هذا الشعور الأنساني التي تتلمسين بة معانات المواطنين البحرينيين نعم فالغلاء اخذ ينهش في العضام والاجساد المرهقة من تدني الأجور وعدم الاستفادة من اي زيادة تذكر وان كانت هناك زيادة فقد تكون لاتذكر ضئيلة جداّ لاتحل مشاكل المعيشة كلي أمل بعد اللة من جلالة الملك ان نغير مجرى حياة هذا الشعب العظيم والطيب بأن يتم تغيير جذي في الحياة المعيشية للبحرينين الذين لاينسون جميل من يحسن اليهم وهم شعب من ذهب
    أبوس ترابك وأسجد على أرضك يابحرين
    اعظم تقدير لك بكل الود والاحترام وشكرا جزيلا
    تراب الوطن الأربعاء 30 يناير 2008
    تعليق #3
    سلام عليكم ورحمة الله وبركاته . الله يعطيج العافيه انا بحريني واعيش في الكويت من ذو خمس تعش سنه عندي طلب في الاسكان من 1993 المشكله مو الطلب المشكله اذا جيت البحرين انام في فندق علي شان ئزور اهلي ماعندي مكان ليش مو حرام وان مواطن بحريني مثلي كثريان بس مارح اقول اكثر من هذا انت تعرفين البحرين اكثر مني مشكوره ياسمين علي هذا القالات والله يعطيك العافية وشكرا والله يوفقج
    دعيج خليفه الأربعاء 30 يناير 2008
    تعليق #4
    والقادم أعظم….. مبروك على “أولاد الديره” ..
    فارس الورود الأربعاء 30 يناير 2008
    تعليق #5
    الصراحة اليوم وانا داخل السوبر ماركت قلت باخذ اغراض على السريع واغراض بسيطة بعد الجاري ماانشحن ورحت الكيشر وانصدم بلمبلغ قلنا يالله ندفع هاذي اغراض بسيطة وجذيه والي عنده عائلة كبيرة شسوي
    مشكورة على المقال الاكثر من واقع الصراحة ويعبر عن مايجوف في فادي
    محرقاوي الخميس 31 يناير 2008
    تعليق #6
    لو رحتي السوبر ماركت علشان تاخذين اغراض اساسية ما بتقل عن 50 دينار وهذي اغراض اساسية .. والله يعين اللي عند اطفال يبوون حليب وغير ..
    مشكووورة على المقال وااااااااااااااايد حلو ..
    الله يعطيج الصحة والعافية
    بنت عرب الجمعة 4 أبريل 2008

    رد

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.