ياسمينيات
اسـتـغــــــــلال
ياسمين خلف
شئنا أم أبينا الاستغلاليون يعيشون بيننا، ويتحينون الفرص التي تمكنهم من التهام ما يمكن التهامه والاستفادة قدر الإمكان من كل شيء، ولا يهمهم سوى الأخذ ولا يفكرون يوما بالعطاء، وكأن لسان حالهم يقول نحن ومن بعدنا الطوفان، فهم يعرفون صديقهم إذا ما كان في خير ونعمة ولا يذكرونه إذا ما كان في ضيق وأزمة، فما الذي يجبرهم على تحمل ضيق غيرهم إن لم يجنوا من ورائه مصلحة أيا كان نوعها سواء مادية أو اجتماعية أو غيرها من المصالح الدنيوية، ولهذا قال من قال إن الصديق لا يعرف في الفرح وإنما في الشدة والضيق.
ما دفعني إلى كتابة ما أكتبه هو رؤيتي وبأم عيني كيف يستغل ثلة من البشر شخصا عزيزا علي، وأكاد أقسم أنهم لولا ما يلتهمونه من ورائه ومن أمامه من أموال لما ضحكوا على نكته المكررة ولا ذهبوا أماكن لا يفكرون حتى في زيارتها، ولا يتوقف استغلالهم عند حد معين لتقول إن الحاجة بنت ‘’……’’ وإنما يسعون على قدم وساق إلى الاستفادة والاستغلال حتى وإن اضطرهم إلى إشراك غيرهم في هذا الاستغلال وما أقرب المثال إلى أن يستغل البعض الآخر عن طريق الزوج والأبناء أو حتى الإخوان والأصدقاء المقربون.
ومن المؤلم حقا أن تجد الشخص يعرف تمام المعرفة أنه واقع تحت استغلال، ولكنه يؤثر الصحبة والصداقة على كل ما يملك، ويقبل أن يمثل دور ‘’المغفل’’ على أن يوقف كل تلك المحاولات لا لشيء سوى لإيمانه أن ما يحيكونه من مؤامرات وألاعيب لن تؤثر عليه بقدر ما قد تؤثر عليهم وكأنه يردد قوله جل جلاله ‘’ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين’’ إذ إن السحر لا بد في يوم من الأيام أن ينقلب على الساحر فالله يمهل ولا يهمل.
غريب أمر هؤلاء لا تهمهم عزتهم ولا كرامتهم حتى وإن تعرضوا للمهانة، والأغرب أنهم قد يكونون ‘’بخير’’ وغير مضطرين لأن يكونوا ‘’علكة’’ في أفواه الغير، فالناس من حولهم ليسوا بمغفلين، يحسبون جميع التحركات والهمزات واللمزات، وقد يقولونها جهرا إذا كان صاحبك عسلاً فلا تلتهمه كله! قريب لي اضطرته الظروف إلى السفر للعلاج في الخارج، ولأنه أب لأطفال وزوجته امرأة مغلوب على أمرها، استعان بصديق أو ربما حسبه صديقاً وجعل منه مرافقا له في سفرته العلاجية، أتدرون ما كانت النتيجة؟ ترك الصديق صديقه المريض في المستشفى من اليوم الأول، ‘’وتصرمح’’ في ذاك البلد بعد أن حجز في أغلى فنادقها، وعاد إلى أهله محملا بأغلى ‘’صوغة’’ وهدايا، وكل ذلك من أموال صديقه المريض الذي لم ير من حسبه صديقا إلا مرتين، مرة عند وصولهم لذاك البلد وأخرى عند عودتهم للبحرين.
العدد 534 – الاربعاء 25 رجب 1428 هـ – 8 أغسطس 2007
ياسمينيات
اسـتـغــــــــلال
ياسمين خلف
شئنا أم أبينا الاستغلاليون يعيشون بيننا، ويتحينون الفرص التي تمكنهم من التهام ما يمكن التهامه والاستفادة قدر الإمكان من كل شيء، ولا يهمهم سوى الأخذ ولا يفكرون يوما بالعطاء، وكأن لسان حالهم يقول نحن ومن بعدنا الطوفان، فهم يعرفون صديقهم إذا ما كان في خير ونعمة ولا يذكرونه إذا ما كان في ضيق وأزمة، فما الذي يجبرهم على تحمل ضيق غيرهم إن لم يجنوا من ورائه مصلحة أيا كان نوعها سواء مادية أو اجتماعية أو غيرها من المصالح الدنيوية، ولهذا قال من قال إن الصديق لا يعرف في الفرح وإنما في الشدة والضيق.
ما دفعني إلى كتابة ما أكتبه هو رؤيتي وبأم عيني كيف يستغل ثلة من البشر شخصا عزيزا علي، وأكاد أقسم أنهم لولا ما يلتهمونه من ورائه ومن أمامه من أموال لما ضحكوا على نكته المكررة ولا ذهبوا أماكن لا يفكرون حتى في زيارتها، ولا يتوقف استغلالهم عند حد معين لتقول إن الحاجة بنت ‘’……’’ وإنما يسعون على قدم وساق إلى الاستفادة والاستغلال حتى وإن اضطرهم إلى إشراك غيرهم في هذا الاستغلال وما أقرب المثال إلى أن يستغل البعض الآخر عن طريق الزوج والأبناء أو حتى الإخوان والأصدقاء المقربون.
ومن المؤلم حقا أن تجد الشخص يعرف تمام المعرفة أنه واقع تحت استغلال، ولكنه يؤثر الصحبة والصداقة على كل ما يملك، ويقبل أن يمثل دور ‘’المغفل’’ على أن يوقف كل تلك المحاولات لا لشيء سوى لإيمانه أن ما يحيكونه من مؤامرات وألاعيب لن تؤثر عليه بقدر ما قد تؤثر عليهم وكأنه يردد قوله جل جلاله ‘’ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين’’ إذ إن السحر لا بد في يوم من الأيام أن ينقلب على الساحر فالله يمهل ولا يهمل.
غريب أمر هؤلاء لا تهمهم عزتهم ولا كرامتهم حتى وإن تعرضوا للمهانة، والأغرب أنهم قد يكونون ‘’بخير’’ وغير مضطرين لأن يكونوا ‘’علكة’’ في أفواه الغير، فالناس من حولهم ليسوا بمغفلين، يحسبون جميع التحركات والهمزات واللمزات، وقد يقولونها جهرا إذا كان صاحبك عسلاً فلا تلتهمه كله! قريب لي اضطرته الظروف إلى السفر للعلاج في الخارج، ولأنه أب لأطفال وزوجته امرأة مغلوب على أمرها، استعان بصديق أو ربما حسبه صديقاً وجعل منه مرافقا له في سفرته العلاجية، أتدرون ما كانت النتيجة؟ ترك الصديق صديقه المريض في المستشفى من اليوم الأول، ‘’وتصرمح’’ في ذاك البلد بعد أن حجز في أغلى فنادقها، وعاد إلى أهله محملا بأغلى ‘’صوغة’’ وهدايا، وكل ذلك من أموال صديقه المريض الذي لم ير من حسبه صديقا إلا مرتين، مرة عند وصولهم لذاك البلد وأخرى عند عودتهم للبحرين.
العدد 534 – الاربعاء 25 رجب 1428 هـ – 8 أغسطس 2007
One Comment on “اسـتـغــــــــلال”
admin
تعليق #1
صباح الياسمينات
وعن الموضوع المطروح أتمنى ان ترتبين مسلسل وفخم بهالخصوص يتناول جميع أمثلة وقضايا وأشكال وعواقب الإستغلال لأنه كما لايخفى عليك الدرجة اللي وصل له المجتمع من عواقب هالموضوع والناس اللي وصلت لمراكز ماتستحقها ولا تستحق حتى القلم الي تخط فيه توقيعها .
الدكتور حداد الأربعاء 8 أغسطس 2007
تعليق #2
للأسف كلام الاخت ياسمين صحيح 100%
وقد انتشرت هذه الظاهرة ( ظاهرة الاستغلال ) في المجتمع البحريني
أبو خليل0 الأربعاء 8 أغسطس 2007
تعليق #3
شكرا يا صحفيتنا المتميزة على طرحك لهذا الموضوع ، أنا ضحية من ضحايا إستغلال صديق لي ، قربته مني حتى كان لي الأخ إلى أن أيقنت أنه صديق مصلحةفتركتة رغم مرارة الفراق ، ولكن هذا حال الدنيا . وشكرا من الأعماق على هذا الطرح
سمير بدر السبت 11 أغسطس 2007
تعليق #4
كل الاحترام لكل كتاباتكم فهي تنم عن وعي كبير ودراية عالية بالطبيعة البشرية فمنها المستغل بكسر الغين ومنها المستغل بفتح الغين ومنها من لا هذا ولا ذاك بل الخير في قلوبهم والحب فيهم لبني البشر وابناء جلدتهم واخيرا اشكركم على هذه المقالات الطيبة
انس عياش الثلاثاء 28 أغسطس 2007