أغبياء و«هبلان بعد»

ياسمينيات
أغبياء و«هبلان بعد»
ياسمين خلف

ياسمين خلف

لم تترك لي طالبة الثانوية التي نشرت رسالتها في العمود السابق أي فرصة للتعليق على قضية استخدام الألفاظ غير المهذبة من قبل المعلمات للطالبات، فقد كانت رسالتها طويلة ولا تتناسب مع مساحة العمود رغم اقتطاعي لبعض أجزائها، حيث أحببت أن أنشرها كما هي وبأسلوبها، إذ للنفسية دور في انتقاء الكلمات التي أجدها حقاً أقرب إلى توصيل الهدف من الرسالة، وهو ما دفعني إلى نقلها كما هي الأحد الماضي واليوم أعلق عليها.
فهذه الطالبة ليست الوحيدة التي تتعرض إلى الكلمات والألفاظ المهينة، فمثلها المئات، ومنهن ولية أمر علقت على العمود الماضي بأن معلمة ابنتها لا تتوانى من نعتها بـ «الهبلة» حتى أمام أمها (ولية الأمر) ولكن أليس المعلم مربياً؟ أليس من المفترض أن يكون قدوة؟ كيف به أن يوجه كلمات كالسهام، بل كالرصاص الذي يصل مباشرة إلى ذات الطالب، خصوصاً في مثل المرحلة العمرية لطالبتنا هذه، حيث عزة النفس وتكوين الشخصية في أوجها، وكلنا يعرف أثر المراهقة على تفكير المراهق وتصرفاته، المئات من الطلبة يكرهون المادة، بل المدرسة برمتها إذا ما واجهوا مدرساً بهذه الشاكلة، بل إنهم لا ينسون هذا المدرس طيلة حياتهم لما يتركه من ذكرى سيئة في حياتهم.
من منا ولد وهو عالم ولا يحتاج إلى من يعلمه؟ ولو كنا كذلك فلماذا ندخل المدرسة إذاً؟ بغض النظر عن العباقرة طبعاً، فنحن نتكلم عن الناس العاديين، وعليه لمَ «يعصب» المدرسون على الطلبة إن هم لم يتلقوا المعلومة من المرة الأولى، وخصوصاً في المواد التي تحتاج إلى تركيز وفهم كمادة الرياضيات مثلاً، أليس من واجب المدرس أن يعيد الشرح مرة ومرتين وحتى ثلاث مرات؟ ألا يدرك أن الناس قدرات وهناك فروق فردية؟ فهناك طالب يفهمها من المرة الأولى وقد يصحح للمدرس «وتحدث كثيراً»، وهناك في المقابل طلبة يحتاجون إلى أن يعاد عليهم الشرح أكثر من مرة، وقد يكون بصورة فردية أيضاً ليتمكن من الاستيعاب، وهي حقيقة لابد ألا تغيب عن مدرسينا الأفاضل.
الطالبة قالت في رسالتها «لا أتجرأ أن أسألها، أعرف أنها ستحرجني أمام الطالبات» أليست هذه العبارة كفيلة ببيان نتيجة الترهيب والإهانة العلنية للطلبة في الفصول، حيث وصل الأمر بالطالبة إلى ألا تتجرأ بسؤال المدرسة أو حتى أن تقول «عفواً، أنا لم أفهم ممكن أن تعيدي الشرح من فضلك؟» لتتقوقع على نفسها وتقع في حيرة إن هي حوصرت بالأسئلة في الامتحان، فإن هي لم تلجأ إلى الغش رسبت وأعادت المادة أو السنة بالكامل، أهي النتيجة التي يتمناها المدرسون؟ فحتى المدرسون لا يرضيهم أن يجدوا الوجه ذاته في الفصل ذاته ولسنوات عدة «هكذا أعتقد».
ما لم أذكره في رسالتها السابقة أنها تتمنى أن أنشر اسم المعلمة أو حتى حرفاً من اسمها، أتدرون لماذا قالت ذلك؟ تريد أن تحرجها كما أحرجتها وزميلاتها في الفصل عندما تنعتهن وباستمرار بالأغبياء والكسالى، أعتقد أن ذلك كفيل بأن نعرف مدى الشرخ الذي أوجدته المدرسة تلك في نفسية هذه الطالبة، والتي يوماً ما ربما ستكون مدرسة وقد تسقط كل ذلك على طالباتها من دون أن تعي أنها كانت ضحية واليوم مجرمة.

 العدد 660 – الأربعاء 2 ذو الحجة 1428 هـ – 12 ديسمبر 2007

 

ياسمينيات
أغبياء و«هبلان بعد»
ياسمين خلف

ياسمين خلف

لم تترك لي طالبة الثانوية التي نشرت رسالتها في العمود السابق أي فرصة للتعليق على قضية استخدام الألفاظ غير المهذبة من قبل المعلمات للطالبات، فقد كانت رسالتها طويلة ولا تتناسب مع مساحة العمود رغم اقتطاعي لبعض أجزائها، حيث أحببت أن أنشرها كما هي وبأسلوبها، إذ للنفسية دور في انتقاء الكلمات التي أجدها حقاً أقرب إلى توصيل الهدف من الرسالة، وهو ما دفعني إلى نقلها كما هي الأحد الماضي واليوم أعلق عليها.
فهذه الطالبة ليست الوحيدة التي تتعرض إلى الكلمات والألفاظ المهينة، فمثلها المئات، ومنهن ولية أمر علقت على العمود الماضي بأن معلمة ابنتها لا تتوانى من نعتها بـ «الهبلة» حتى أمام أمها (ولية الأمر) ولكن أليس المعلم مربياً؟ أليس من المفترض أن يكون قدوة؟ كيف به أن يوجه كلمات كالسهام، بل كالرصاص الذي يصل مباشرة إلى ذات الطالب، خصوصاً في مثل المرحلة العمرية لطالبتنا هذه، حيث عزة النفس وتكوين الشخصية في أوجها، وكلنا يعرف أثر المراهقة على تفكير المراهق وتصرفاته، المئات من الطلبة يكرهون المادة، بل المدرسة برمتها إذا ما واجهوا مدرساً بهذه الشاكلة، بل إنهم لا ينسون هذا المدرس طيلة حياتهم لما يتركه من ذكرى سيئة في حياتهم.
من منا ولد وهو عالم ولا يحتاج إلى من يعلمه؟ ولو كنا كذلك فلماذا ندخل المدرسة إذاً؟ بغض النظر عن العباقرة طبعاً، فنحن نتكلم عن الناس العاديين، وعليه لمَ «يعصب» المدرسون على الطلبة إن هم لم يتلقوا المعلومة من المرة الأولى، وخصوصاً في المواد التي تحتاج إلى تركيز وفهم كمادة الرياضيات مثلاً، أليس من واجب المدرس أن يعيد الشرح مرة ومرتين وحتى ثلاث مرات؟ ألا يدرك أن الناس قدرات وهناك فروق فردية؟ فهناك طالب يفهمها من المرة الأولى وقد يصحح للمدرس «وتحدث كثيراً»، وهناك في المقابل طلبة يحتاجون إلى أن يعاد عليهم الشرح أكثر من مرة، وقد يكون بصورة فردية أيضاً ليتمكن من الاستيعاب، وهي حقيقة لابد ألا تغيب عن مدرسينا الأفاضل.
الطالبة قالت في رسالتها «لا أتجرأ أن أسألها، أعرف أنها ستحرجني أمام الطالبات» أليست هذه العبارة كفيلة ببيان نتيجة الترهيب والإهانة العلنية للطلبة في الفصول، حيث وصل الأمر بالطالبة إلى ألا تتجرأ بسؤال المدرسة أو حتى أن تقول «عفواً، أنا لم أفهم ممكن أن تعيدي الشرح من فضلك؟» لتتقوقع على نفسها وتقع في حيرة إن هي حوصرت بالأسئلة في الامتحان، فإن هي لم تلجأ إلى الغش رسبت وأعادت المادة أو السنة بالكامل، أهي النتيجة التي يتمناها المدرسون؟ فحتى المدرسون لا يرضيهم أن يجدوا الوجه ذاته في الفصل ذاته ولسنوات عدة «هكذا أعتقد».
ما لم أذكره في رسالتها السابقة أنها تتمنى أن أنشر اسم المعلمة أو حتى حرفاً من اسمها، أتدرون لماذا قالت ذلك؟ تريد أن تحرجها كما أحرجتها وزميلاتها في الفصل عندما تنعتهن وباستمرار بالأغبياء والكسالى، أعتقد أن ذلك كفيل بأن نعرف مدى الشرخ الذي أوجدته المدرسة تلك في نفسية هذه الطالبة، والتي يوماً ما ربما ستكون مدرسة وقد تسقط كل ذلك على طالباتها من دون أن تعي أنها كانت ضحية واليوم مجرمة.

 العدد 660 – الأربعاء 2 ذو الحجة 1428 هـ – 12 ديسمبر 2007

 

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

One Comment on “أغبياء و«هبلان بعد»

  1. تعليق #1
    مااروع إختيارك للمواضيع الهادفه والتي تكشف ما لا يكشفه الكثيرون على السطح , وغلى الأمام يا ياسمينة الصحافة.
    الدكتور حداد الأربعاء 12 ديسمبر 2007
    تعليق #2
    صراحة هذا الموضوع مهم جدا لان يهم المجتمع بالكامل فاذا كان الطالب يلاقي مثل المعلمين فلا حول ولا قوة
    وبصراحة هذا الشيء مر مع اخوي الصغير لان المدرس دائما يضحك عليه في مادة الانجليزي بس في مرة من المرات اخوي رد عليه وقاله انا امي مو انجليزية عشان اتكلم انجليزي انا بحريني واللغة الاصلية عندي العربي طبعا المدرس عصب عليه وبدل ما يعلمة سبه وشتمه واخذاه على المشرف لان يعتبر الرد عليه بمثابة شتيمة والاكثر من جذي ان المشرف عاقب اخوي بعدم حضور الدرس في هذا اليوم!!!!!!!!!!!!!!
    والشيء الاكثر تاثير في النفسية ان هذا المدرس كان يدرس اخوي الاكبر ولما عرف انهم اخوان في كل حصة يقولة اخوك كان شعلة المدرسة وانت ما تسوى شيء ابغي اعرف باي نفسية ممكن الطالب يتقبل هذي المقرنات بينه وبين اخوة وممكن يخلك حتى حقد وعداوة بينهم
    ما اقول الا من واجب وزارة التربية تلاحظ معلمينها وتعطيهم تدريب في الاخلاق والمعاملات قبل تعينهم.
    qmr_bh الأربعاء 12 ديسمبر 2007
    تعليق #3
    السلام عليكم

    أعجبني المقال للأمانة.

    و ربما كبرت الكلمة التي خرجت من دون قصد من فم المعلمة والتقطتها الطالبة لتجعل منها مسمار جحا .
    نحن لا زلنا نعاني هذه المشاكل حتى ونحن مدرسون اتذكر يوما اننا كنا في حصة تدريب وانهال علينا المدرب الأجنبي بكلمات لا تليق بنا .وكلمة المدرسة لا تبرر ما تقوم به طالبات اليوم من أهمال في الدراسة عداه عن التحضير للدروس الذي لم يعد من الضرويات حسب رأي الاغلبية لذلك فاللوم هنا لايقع على المدرسة فقط . إن دفاعي عن المعلمات ليس لأنني معلم ولكن لفهمي لضخامة العمل الذي يقوم به المعلم أو المعلمة في الصف الدراسي وفي المدرسة بشكل عام عزيزي القارئ أعزائي الطلبة … مهنة التدريس مهنة صعبة وهي ليست كباقي المهن بسبب تعرض المدرس لمختلف المواقف والضغوط داخل وخارج الصف عدا ما يحيط به في مجتمعه من قضايا والآم. و موضوع المشاكل المدرسية موضوع ذو شجون و على المدرس أن يجد لها حلاً وغياب دور المشرف وباقي الكودار في المدرسة وغياب التشجيع المستمر للمدرس ودور الاسناد أهم ما يكتنف هذه العملية من صعوبة . وإذا عرفنا ذلك يجب علينا ان نغفر ذلك للمدرس لا أن نهينه في الصحف وعلى رؤوس الملاْ ووجود لغة التسامح ضروري في هذه الحالات والا كان الاجدي بالطالبة ان ترفع على المعلمة قضية اهانة. وتضخيم الامر بهذه الصورة يدل على ان كيدا تعده الطالبة لهذه المدرسة والا فما لزوم تكرار الموضوع. بصراحة أعتقد أن بعض الطالبات بحاجة الى من يعزز فيهم دور النقذ البناء الذي يكون داخل اسوار المدرسة و أن لا يترك لهن المجال لرشق المعلمات عبر الصحف اليومية.
    وكلمة اوجهها للطالبة هناك في داخل المدرسة من يفهمكي ولا داعي لتكبير الموضوع وانتبهي لدراستكي و ستعرفين في المستقبل صعوبة العمل المدرسي اذا ما اصبحت مدرسة بإذن الله . وكلمتي للمدرسة هي أن في الصف الدراسي بعض الحالات الحساسة التي تحتاج رعاية خاصة واستخدام اساليب التعليم المتعددة الحديثة حري بأن يحل المشكلة وخصوصا عند وجود فروق فردية شاسعة بين الطالبات.

    كلنا مخطئون وخيرنا من يصحح اخطاؤه.

    SAMORAI الأربعاء 12 ديسمبر 2007
    تعليق #4
    من الصعوبة أن تنتهي هذه المشاكل ففي العام الماضي توجهت للشكوى على احدى المدرسات في المدرسة الاعدادية بسبب تمييزها للطالبات وعدم احترام الطالبات الا أنها كانت تهدد ان قام احد بالشكوى علي وعندما تحدثت مع المديرة عنها طلبت منها بعدم ذكر اسم المشتكي كي لا تتعرض ابنتي للعقاب من المدرسة وفي اليوم الثاني سألت ابنتي عن رد الفعل المدرسة فقالت بأن المدرسة أخدت تلمح بأنها تعرف من المشتكي وأنها لا تخاف حتى لو أحضروا لها الشرطة
    هذه هي المدرسات
    الصفوي الأربعاء 12 ديسمبر 2007
    تعليق #5
    الله يعطيج الف الف عافية على المقال الحلووو , سلمت يالغالية , وانا اتريا مواضيعج الجيدة
    فاطمة عقيل سبت الأربعاء 12 ديسمبر 2007
    تعليق #6
    يعطيك العافية على هالمواضيع ، وترى في مدرسين وايد يستخدمون ألفاظ مو حلوة مع الطلبة ، حتى أن الطلبة يستغربون منها لانهم ما قط استخدموها في بيوتهم ، لازم وزارة التربية تعاقب المدرسين الي بستخدمون هالألفاظ عشان ما يعلمون أولادنا ألفاظ أحنا ما نحبها ، وشكرررررررا ياسمينة الوقت على مواضيعك الشيقة
    samoor الجمعة 14 ديسمبر 2007

    رد

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.