ياسمينيات
أتقارن زوجتك بـ «عاهرة»!
ياسمين خلف
كانت في حالة انهيار تام، لم تنتصر على دموعها التي جرت غصبا عنها، تمنت له الموت من صميم قلبها، وهل دون الموت ما يبعده عنها؟، سألتني وكأنها تريد إجابة لتجد من يطبطب عليها مؤازراً، يحنو عليها بكلمة بعد أن شعرت بأنها في لحظة فقدت أنوثتها، جرّدت من كل أسلحتها، وإن كنت لا استبعد أنها- بحيلة عقلية لا شعورية- تريد ربما أن تبرر له موقفه لتجد له عذراً، وإن كان على حساب نفسها! فعِشرة الخمسة عشر سنة من الزواج لا تهون عليها، وهي بنت الأصل والحسب والنسب، هل يفضح شيء؟ هل قصرت معه؟ قالت وهي تجهش بالبكاء المرير ‘’لم أعد أحتمله أكثر، نفَسُه كما النار يحرقني بها عندما ينام بجواري، كيف يطلب مني أن أكون زوجته كما كنت قبل أن يفتضح الله أمره أمامي صدفة!، بل وكيف تسوِّل له نفسه ضربي وعلى مرأى من أطفالي دفاعا عن عاهرة.
هي ليست الوحيدة التي طعنت بخنجر في الوريد، هناك كثيرات غيرها، وبالمثل هناك من الرجال من طعنوا بذات الخنجر من زوجاتهن، وقد يكون خنجراً من صنعهم، فالمرأة أو الرجل قد يمهدا السبيل لخيانتهما متى ما أوقعهما حظهما بشريك لا يضع الله أمامه، ولا يهمه غير متعته الشخصية، وكلمة حق يراد بها باطل قد تكون ملائمة لوضع كثير من البيوت، فالرجل متى ما تعرت حقيقة أفعاله قال ‘’هي من دفعتني لهذا الطريق، لم تعد تلك المرأة التي تزوجتها، لا تهتم بنفسها ولا بمظهرها كما كانت’’، وكأنه طفل يغار من طفل آخر، خصوصا إذا ما وضع نفسه في مقارنة ساذجة مع أبنائه ‘’هي تحبهم وتعتني بهم أكثر مني’’ وكأنه يطلب من زوجته التفرغ التام له كوصيفة لا همّ لها غير إسعاده والوقوف على طلباته ومتطلباته، متناسيا أنها بشر قبل كل شيء وأنها تحمل على ظهرها مسؤوليات لا يدركها إلا الأرمل الذي يصرخ من أعماقه بأنه لم يعد يقوى على تربية أطفاله وتلبية احتياجاتهم وحده، وأنه بحاجة إلى زوجة وأم، علها تقوم بتلبية احتياجات أبنائه، فالمرأة اليوم أقرب إلى المرأة الآلية الحديدة، تبدأ يومها وتختمه في حركة متواصلة ورغم ذلك تحاول جاهدة التوفيق بين جميع أدوارها – وأعني هنا الحالات السوية، وأظنها لأغلبية النساء – قد نلومها إن هي أهملت نفسها حد النسيان، ولكن علينا أن نكون منصفين ولا نطلب منها أن تكون خارقة في كل أدوارها، وعلى الزوج تقبل عثراتها بين الحين والآخر، فمن الظلم أن نقارنها بحالها وهي زوجة جديدة لا زال بياض فستان زفافها باقياً في الذاكرة لم يشبْهُ غبار الزمن، وبين وضعها كأم لعدد من الأبناء وموظفة، بل ‘’حرام’’ على الرجل أن يقارن أم أطفاله بـ ‘’عاهرة’’ اتخذت من إمتاع الرجل مهنة فتكابد على التميز والتفنن فيها.
هذا موقف الزوج الخائن، وللزوجة الخائنة مبرراتها التي لا تقل قباحةً عن فعلها وأكثرها تداولاً بأنه ‘’زوجها’’ لاهٍ عنها بالعمل، لا يرجع إلى المنزل إلا وهو منهك، متناسية هي الأخرى بأنه لا يفني عمره هكذا في العمل إلا لسعيه لحياة أفضل وأكثر رفاهية لها ولأبنائهما، فتهدم بيديها بيتها وسعادتها – التي لا تلتفت إليها إلا بعد فوات الأوان.
الخيانة في كل أمور حياتنا غير مبررة في قاموسي ومؤلمة، وتصل إلى حد الوجع عندما تكون من المقربين إلينا، خصوصا إن كانت صادرة ممن وصفهم الله بــ ‘’هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ’’ (البقرة: 187)
1452 الخميس 27 صفر 1431 هـ – 11 فبراير 2010
ياسمينيات أتقارن زوجتك بـ «عاهرة»! ياسمين خلف كانت في حالة انهيار تام، لم تنتصر على دموعها التي جرت غصبا عنها، تمنت له ا...
أحدث التعليقات