نشرت فى : يناير 2008

التجنيس مرة أخرى

ياسمين خلف جاء اليوم الذي يقال لنا «اسكتوا يا بحرينيون ليس لكم الحق حتى في طرح موضوع هو من صميم حياتكم السياسية، وسيقضي على مستقبل أبنائكم لا محالة، اتركونا نعمل ما نشاء في بلدكم»، مشككين في وطنيتنا وجاعلين من أنفسهم قضاة علينا، ولم يتبق غير أن نهدد بسحب جنسيتنا الأم، إن لم نخرس ألسنتنا، بل نقبرها إلى حيث لا رجعة، لنعيش في أرضنا التي ضمت أجداد أجدادنا كالغرباء، وإن كان كثيرون قد بدؤوا يحسون بذلك من غير أن تسحب منهم فعلياً، أليس الفقر في الوطن غربة؟
الأسبوع الماضي طرحت في هذه الزاوية موضوع التجنيس، الذي توقعت سلفاً أن هجمة «طبيعية» ستشن عليّ من قبل المجنسين. نعم، نرفض التجنيس السياسي العشوائي الذي لا يعي حجم الجريمة التي سيوقعها على المملكة إذا ما زادت نسبة الأمية فيها كأحد إفرازاتها المقيتة، وهناك دلائل وبالأرقام تؤكد أن نسبتها ظهرت على السطح بعدما وصلت البحرين إلى مرحلة «لا أمية».
هل تعاني البحرين من قلة عدد السكان لنسعى إلى زيادته وبأسرع وقت ممكن لتعمير الأرض؟ الذي أعرفه أن البحرين اليوم هي ثالث دولة في العالم من حيث الكثافة السكانية مقارنة بمساحة الأرض طبعاً، ألهذا السبب أيضاً أخذت البحرين تستغني عن شكلها الذي عرفناه منذ نعومة أظافرنا كونها جزيرة تحيطها المياه من كل جانب، لتكون يوماً ما اسماً على مسمى، فلا مياه تحيطها كما كان يذكر في كتب «التأريخ».
وهناك أقاويل من أن طلبات الإسكان سجلت أرقاماً كبيرة بسبب التجنيس في عام، كم يا ترى سيكون العدد في السنوات العشر المقبلة، هل سيجد أبناؤنا يوماً «بارقة أمل» للحصول على وحدة إسكانية في ظل هذا الوضع، الذي يمر من سيئ إلى أسوأ؟ الوضع الحالي متأزم لدرجة أن الحصول على وحدة سكنية أو حتى بأضعف الإيمان الاستقلال في سكن منفصل بات كالحلم، هذا من جانب شح الشقق وضيقها ولمحدودية الدخل من جهة أخرى، فاليوم العروس تتوقع أنها ستشارك أهل زوجها المسكن، حتى بات كالوضع الطبيعي، أنتوقع أن تكون حال أبنائنا أفضل مما هي عليه اليوم، «أبصم بالعشر» أن حياة الجحيم في انتظارهم إن لم تصلح الأمور.
يكفينا إذا ما قام آسيوي يتكلم وبلا أدنى احترام مع البحريني، ليقول له «أنا سيم سيم أنت» ليلجم لسان البحريني، تلفتوا حولكم لتروا كم من له اللسان نفسه ويحمل جوازنا «الأحمر».
الحقيقة التي لا يغطيها المنخل هي أن المواطنين بغض النظر عن مذاهبهم في البحرين باتوا يئنون معاً من آثار التجنيس العشوائي، ونحن وإن جأرنا منه فلنا الحق، فلا نريد أن يأتي اليوم الذي يلومنا فيه أبناؤنا على السكوت، فـ «الساكت عن الحق شيطان أخرس»، ولن نكون مثله.

جاء اليوم الذي يقال لنا «اسكتوا يا بحرينيون ليس لكم الحق حتى في طرح موضوع هو من صميم حياتكم السياسية، وسيقضي على مستقبل...

إقرأ المزيد »

مـــــن الآداب

ياسمين خلف بعيداً عن قضايانا وهمومنا، وقريباً من الهدوء الروحي، قرأت هذا «الإيميل» الذي أحسست من خلاله بنشوة روحية غريبة، جعلت مني أقرأه وأنا مبتسمة، وما أن انتهيت منه حتى تنفست الصعداء وقلت في سري: ليت جميع الناس يعرفون ذلك، فليس منا من هو كامل، جميعنا تملؤنا العيوب، ولو وجدنا من يلفت انتباهنا لها وبأسلوب راق حتماً سنتغير، ولأن كتم العلم ذنب أحببت أن تكون الفائدة للجميع فآثرت نشره عليكم اليوم.
«الإيميل» الذي أتمنى التدقيق في كلماته، يغوص في بعض آداب الحياة التي من بينها آداب الحوار، حيث جاء فيه «فكر كثيراً، واستنتج طويلاً، وتحدث قليلاً، ولا تهمل كل ما تسمعه، فمن المؤكد أنك ستحتاجه في المستقبل»، كما يدعو من خلال آداب الاعتذار إلى «عدم التردد في إبداء الأسف لمن أخطأت في حقه، والنظر لعينيه أثناء ما تنطق بكلمة ”آسف” ليقرأها في عينيك وهو يسمعها بأذنيه، ومن آداب المعاملة ألا تحكم على الشخص من أقربائه فقط، فالإنسان لم يختر والديه فما بالك بأقربائه، وهي للعلم كثيراً ما يتسبب هذا الفعل في ظلم أناس بأفعال غيرهم، ألم يقل الله في محكم كتابه ”ولا تزر وازرة وزر أخرى”؟.
ومن الطريف أنك إن أحببت أن تكون دبلوماسياً ولبقاً محافظاً على آداب الحديث عليك فقط أن تبتسم لمن يسألك عن أمر لا تريد أن تجيب عليه، وترد السؤال بسؤال ”هل تعتقد أنه فعلاً من المهم أن تعرف ذلك؟” كنوع من التهرب عن الإجابة بأسلوب راق، وإن أردت أن تكون أديباً في الكفاح في الحياة عليك إن خسرت جولة في رحلة الحياة ألا تخسر ”التجربة”، انهض فوراً مستبشراً أولى درجات النجاح، ومن أهم آداب الحديث في الهاتف أن تبتسم وأنت تلتقط السماعة، فإن محدثك على الطرف الآخر سيرى ابتسامتك من خلال نبرات صوتك»، وهي نصيحة أجد ثقلها ذهباً، فكثيرون – ولا أعفي نفسي منهم – قد تدفعهم ضغوط الحياة والعمل إلى التجاوب مع الهاتف بشيء من البرود، ولو كلفنا نفسنا قليلاً لكسبنا ببساطة من حولنا.
وتدعو هذه النصائح إلى أن يتزوج المرء من يجيد المحادثة، كأحد أنواع آداب الزواج، بحجة أنه عندما يتقدم العمر بالشخص سيعرف أهمية ذلك عندما يصبح الحديث مع من يحب أهم أولوياته واهتماماته «وقبلها إن أحببت شخصاً اذهب إليه وقل له إنك تحبه، إلا إذا كنت لا تعني ما تقول فعلاً، لأنه سيعرف الحقيقة بمجرد النظر في عينيك».
ومن ضمن أهم ما جاء في آداب الصداقة «ألا تدع الأشياء الصغيرة تدمر صداقتك الغالية مع الآخرين، فالصداقة الحقيقية تاج على الرؤوس، لا يدركه إلا سكان الجدران الخالية والقلوب الخاوية، وللآسف أغلب الصداقات المنهارة أسبابها تافهة لدرجة أن بعضهم لا يعلم بعد حين أي سبب جوهري جعله يتخلى عمن أتخذه أخاً يوماً من الأيام.
وإن أردت أن ترقى بنفسك في الحياة لا تسخر من الآخرين وأحلامهم الوردية الجميلة في نظرهم، خصوصاً من تعتقد أنهم أقل منك، من البسطاء والطيبين، فربما تكون منزلة خادمتك عند الله أسمى وأرفع منك، ومن كثير من علياء القوم، وقد تحظى بشفاعتهم يوم القيامة، ولا تقلل من شأن أحلامهم، فالدنيا من دونها رحلة جافة ومملة مهما يكن الواقع جميلاً، فلا تكن بخيلاً وتمنع غيرك من تلك النعمة».

بعيداً عن قضايانا وهمومنا، وقريباً من الهدوء الروحي، قرأت هذا «الإيميل» الذي أحسست من خلاله بنشوة روحية غريبة، جعلت مني...

إقرأ المزيد »

تجنيس أم ….؟

ياسمين خلف وحدهم الأطفال- ربما – من يعرف حقا المعنى الضمني لعملية إعطاء الجنسية لغرباء على الوطن لا يعرفون سوى اسمه، والمصالح التي سيجنونها منه، فتجد ممن لا يتعدى الثالثة يأبى أن ينطق الكلمة بحروفها التامة فينطقها بالشكل الذي يتمنى الكبار أن يجهروا بها، فيحذفون الجيم ويلصقون بها حرف الدال، فتكون شيئ آخر، وهو الواقع الذي لا يمكن نكرانه.
الحادثة المشهورة التي أدخل على أثرها شاب للعناية القصوى بعد عراك في المحافظة الجنوبية، على يد نحو 14 مجنسا يجب أن تكون جرس الإنذار لتفاقم الظاهرة، خصوصا أن حوادث شتى مرت على ذات الشاكلة في عدد من المدارس وإن لم تدخل أحدا العناية القصوى إلا أنها أدخلت عادات وأساليب في التفاهم لا نعرفها نحن البحرينيين، فلغة الضرب بالسكاكين والألواح الخشبية غير موجودة في قاموسنا، وأسلوب العصابات التي يشارك فيها التعصب لم نعتد عليه إن كنا نراه في الحلقات العربية، فهل وجدنا رجالا بشنبات يتحلقون أمام المدارس للهجوم على طالب في الثانوية قبل سنوات قليلة من الآن بسبب مشكلة بين مراهقين؟ القادم أعظم إن لم يتم وضع حد لما آلت إليه البحرين.
عجبي أأصبحنا كما كان يطلق علينا الخليجيون هنود الخليج حقا؟ وإن كان المصطلح يغيظنا نحن البحرينيين إلا أننا لم نعد ننكره مع مرور الوقت، كثيرون يرون أن التعاون القائم بين مملكتنا ودولة قطر الشقيقة على أنه تعاون خليجي مشترك، إلا أنني أراه بادرة تنبئ بالحال الأسوأ، فليس من بيننا من يحب الغربة وإن كانت غربة نسبية لتشابه العادات وأسلوب الحياة، ولكن أن تكون بعيدا في المسافة عمن تحب ويحبونك من أهلك لهي الغربة التي لا نتمناها لأحد، أوصل بنا الحال لأن نكون كالعمالة الأجنبية التي لها مكتب استقدام للذكور وحتى الإناث؟ وآسفة على التشبيه ولكنه دوما يذكرني بمكتب استقدام الخدم، وهي خطوة ستتوسع يوما بعد يوم لتكون مكاتب في جميع الدول الخليجية وربما في الدول العربية والأجنبية في المستقبل الذي لا نعرف هل سنشهده أم لا ولكنه حتما سيكون.
ربما يقال ما علاقة هذا بالتجنيس؟ ولكني أراه إفرازاً. له، المجنس يأتي إلى دارنا ويستحوذ على وظائفنا، لنعلن بعدها عن مشكلة في التوظيف وتفاقم البطالة، المجنس يتمتع بخدماتنا الصحية والتعليمية والإسكانية، حتى باتت تعاني من ضغط كبير على تلك الخدمات، ‘’بيضة وعشة عيال’’، كما نقول بالعامية، فالبيضة الواحدة لا تكفي لإطعام عدد من الأشخاص، فلا يمكن للخدمات أن ترتقي وتتطور إن كانت بالكاد توفر الحد اليسير من الإشباع الخدماتي.
لا أقصد في كلامي ممن عاشوا سنوات طويلة على أرض هذا البلد، ولكنني أقصد أولئك الذين قدمت لهم الجنسية على طبق من ذهب، كالهدية التي استقبلوهم بها قبل أن تطأ أرجلهم هذه الأرض، ولا أعترض لو كانت الجنسية وهبت لعالم أو مخترع أو مبدع تتشرف البحرين أن يحمل أسمها، ولكني أعترض أن وهبت لمن لا يعرف ‘’كوعه من بوعه’’ اسألوا المدرسين في المدارس التي تعج بالمجنسين، ستجدونهم يصرخون من مستوى فهم الطلاب المجنسين بل حتى التعامل مع أهاليهم حيث يجدون صعوبة كبيرة في التفاهم معهم وهم الذين لا يعرفون في الحياة غير الأكل والإنجاب، إذ يكونوا غالبا من قرى نائية في بلدانهم. أكثر ما يحز في نفسي أن أكون في المطار وجمع غفير من المجنسين يحملون في أيديهم الجواز الأحمر وهم الذين يختلفون عنا في كل شيء في الشكل واللهجة وحتى المضمون، حينها فقط أتمنى أن أكون طفلة لا أعرف أن أنطق الكلمة بالشكل الصحيح لأقول ‘’هذا هو التجنيس’’.

وحدهم الأطفال- ربما - من يعرف حقا المعنى الضمني لعملية إعطاء الجنسية لغرباء على الوطن لا يعرفون سوى اسمه، والمصالح التي...

إقرأ المزيد »

الوحدة منا عن «عشر»

ياسمين خلف حالة من فوران الدم الممتزجة بضحكات ساخرة انتابتني وأنا أقرأ تصريحاً من ديوان الخدمة المدنية الذي يعترف بأنه لا يحبذ توظيف الإناث في الوظائف ”الحكومية” وتفضيل الذكور عليهن، والعذر الأقبح من الذنب أنه يعلل ذلك بضعف إنتاجيتهن مقارنة بالذكور، وأعترف أنا بدوري أن الانتصار لبنات جنسي دفعني للكتابة هذه المرة إنصافا للحق.
فمن يقول إن المرأة وخصوصا البحرينية لا تصلح للعمل لضعف الإنتاجية؟ فهي ورغم هذا الافتراء نجدها قد تفوقت في ميادين شتى في العمل، بل تجدها كالمحارب الذي لا يهدأ من صولاته، حتى غدت تتبوأ أعلى المناصب متجاوزة زميلها الرجل بدرجات، بل إن كثيرات منهن يمتلكن مؤهلات علمية نادرة لا تتوافر في أحد من الرجال، وهي الأم والزوجة والموظفة، وعلينا ألا ننكر كذلك أن المرأة قد تكون في بعض المناصب أصلح من نصفها الآخر ”الرجل” كوظيفة الباحثات الاجتماعيات مثلا، حيث طبيعتها العاطفية تلعب دورا لا يمكن التغاضي عنه، الكثير الكثير من رؤساء العمل يشهدون بذلك بل ويبصمون بالعشرة على ذلك، فقليل من الالتفاتة ”المنصفة” سنجد أن الموظفة لا تتهاون في عملها ولا تقصر فيه بل تحاول بكل ما أوتيت من قوة أن تثبت نفسها، حتى غدت الكثيرات منهن محط غيرة زملائها من الرجال والنساء على حد سواء، وهذا لا يعني بتاتا أن المرأة أفضل من الرجل في العمل ولكن أن نلغي كفاءة المرأة لهو الظلم بعينه. ولو سلمنا الأمر لمن يرى بعين شبه عمياء ستكون الوظائف الحكومية من نصيب الرجال دون النساء، وهذا بدوره لن يدفع المرأة إلى أن تلزم منزلها، وتكون ربة منزل فقط، فالظروف الحياتية اليوم تدفعها للعمل لترفع جزءاً من الأعباء الملقاة على كاهل زوجها. فغلاء المعيشة اليوم لا يرحم، فهدفها قبل كل شيء أن توفر لأبنائها سبل العيش الكريم فلن تتهاون بذلك في عملها وستخلص فيه. كما أن الكثيرات يسعين لإثبات أنفسهن عبر التطور الوظيفي، وبذلك فهي وإن فقدت الأمل في نيل وظيفة حكومية بدوامها الصباحي، ستلتحق بالعمل ولكن في القطاع الخاص وبدوامين، يعني أننا بذلك قد حكمنا عليها بالإعدام الذي وإن لم يفض إلى الموت فإنه حتما سينهك المرأة إلى حد لا يعرف معناه الحقيقي إلا أولئك اللواتي لا يجدن وقتا للأكل أو كما يقلن النساء عادة ”لا نجد فرصة لحك رأسنا” ولو كان الأمر بيدي لخصصت الوظائف الحكومية للنساء ”ليست جميعا طبعا” ولكن أغلبها وذلك لقصر ساعات الدوام من جهة، ولمحدودية العمل ”نسبيا” من جهة أخرى، فمن منا ينكر أن بعض الموظفين الرجال يعانون من قلة العمل في الوظيفة الحكومية حتى غدت كالبطالة المقنعة الخانقة!
ديوان الخدمة المدنية ظلم المرأة البحرينية بهذا التصريح وقبل ذلك ظلمها في التطبيق بمنع التوظيف، والذي كنا نستشعره فعلا عندما نجد أن الوظيفة سلمت لذكر رغم تفوق الأنثى في امتحان الوظيفة والمقابلة الشخصية، ورغم كل ذلك أقولها وبصوت جميع بنات جنسي بأن ”الوحدة منا عن عشر” فنحن لسنا بأقل من الرجل في العمل وإن كانت ظروف الحمل والولادة تربك سير عملها حتى غدت هذه المرحلة كالشماعة التي على ما يبدو البعض يعلق عليها ”ظلمه”.

حالة من فوران الدم الممتزجة بضحكات ساخرة انتابتني وأنا أقرأ تصريحاً من ديوان الخدمة المدنية الذي يعترف بأنه لا يحبذ توظي...

إقرأ المزيد »

عذاري تسقي دارفور هذه المرة

ياسمين خلف يبدو أن البحرين مصرة على ألا تخالف المثل البحريني المشهور بأن ‘’عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب’’ فكل الشواهد تصر على أن من أطلق هذا المثل كان حكيماً لدرجة أنه يتناسب مع كل الأزمنة التي تمر بهذا البلد، الذي وللأسف قد ينسى أهل داره ويذكر أبعد أحبابه.
هذه المرة سقت عذاري دارفور الإقليم السوداني المنكوب، فقررت أن تنشيء مجمعاً بحرينياً ثقافياً، يضم مدرسة ومسجداً ومكتبة ضخمة، ولم تكتفِ بذلك بل وعدت بتعمير عشرات القرى وآلاف المدارس، وكأنها تعلن للعالم أجمع بأننا بلد مكتفٍ داخليا فبدأ ينشر خيراته على من حوله من المحتاجين لكسب الأجر من رب العالمين.
لا أقف أبدا في وجه من أراد فعل الخير، فأنا من أكثر المؤيدين له دون حواجز عرقية ولا مذهبية ولا أي نوع من هذه التفاهات، ولكن ‘’كلنا راعٍ وكلنا مسؤول عن رعيته’’ وقبل أن أفكر في إطعام جاري عليّ أولا أن أتأكد أن أهل داري لا يبيتون ليلهم جياعا ولا يقرصهم البرد ويجدون ما يسترون فيه عوراتهم، وقبل أن أعمر قرى بعيدة، عليّ أن أعمر قرى هذا البلد وقبل أن استنزف الملايين على مشروعات خارج المملكة، عليّ أن أسد الأفواه الجائعة وأنين المرضى الذين لا يجدون بضعة آلاف من الدنانير للعلاج في الخارج، فكم من الأهالي استغنوا عن ماء وجوههم لتقديم طلبا في الشؤون الاجتماعية طلبا لإعانة هزيلة لا تكفي زيارة واحدة للسوق لشراء ‘’ماجلة البيت’’ فهل تكفي 100 دينار أسرة يفوق عددها الأربعة أشخاص أو أكثر؟ هذا بعد الزيادة، فقد كانت لا تتجاوز 70 دينارا لأربعة أشخاص، وماذا كل شهرين مرة؟ وكأنهم غير البشر يحتاجون المال كل شهرين مرة أيعقل هذا؟
ربما وقعت ‘’عذاري’’ في مأزق أحسّت خلاله بالخجل، إذ ما قامت الدول المشاركة في مؤتمر دعم الوضع الإنساني في دارفور بالتبرع لإعادة تعمير هذا الإقليم، ووقفت هي مكتوفة الأيدي ‘’يعني ما تبغي تطلع ناقصة كما نقول بالعامية’’ ولكن أليس من المخجل بل المخزي أن أساعد البعيد وأترك أخاً لي يذوق ويلات الحرمان والفقر في بلد يحسب على الدول الغنية؟ يذكرني هذا الوضع بالمثل البحريني القديم الذي يقول ‘’عجزان عن نخل أبوه، راح يساعد في الجفير’’ والذي أطلقه أحد المزارعين القدماء عندما رفض ابنه مساعدته في أعمال مزرعته أو كما نقول هنا في البحرين ‘’دولابه’’ وفضل أن يساعد أصدقاءه في ذات العمل في منطقة بعيدة عن داره! هذه هو حالنا على الدوام ‘’عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب’’ ولكن علينا ألا ننسى ‘’الأقربون أولى بالمعروف’’.
؟ من أسرة تحرير «الوقت»

يبدو أن البحرين مصرة على ألا تخالف المثل البحريني المشهور بأن ‘’عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب’’ فكل الشواهد تصر على أن...

إقرأ المزيد »

همّ يضحِّك وهمّ يبكِّي

ياسمين خلف أو كما يحلو للبعض أن يقول ‘’شر البلية ما يضحك’’ مواطنة تفاجأ بإحضارية من مركز الشرطة تطلب منها الحضور للمركز، وتصعق هناك أن شركة الاتصالات السلكية واللاسلكية «بتلكو» رفعت شكوى عليها لعدم تسديد مبالغ فاتورة الهاتف المتنقل «GSM» المتأخرة، والتي وصلت إلى أكثر من 700 دينار، رغم أنها لا تعلم لا من بعيد ولا من قريب عن هذا الرقم الذي على ما يبدو استخرجه أحد ‘’المجرمين’’ باسمها، حيث إنها تعتقد أن من استخرجه حصل على بطاقتها الشخصية بعدما فقدت محفظتها في مجمع السيف قبل 10 سنوات.
الاحضاريات تتوالى على منزل والدها حيث عنوانها السابق قبل زواجها وانتقالها للسكن في غرفة بمنزل والد زوجها، وأبوها ‘’الشيخ الضرير’’ لا يملك عنوانها ولا يعرف رقم هاتفها لأميته، فكان لها مخرجاً للهرب، وعليه تهربت ولمرات من الحضور للمركز، بعد أن فشلت في إثبات أن خط الهاتف لم تستخدمه واستغل أحدهم هويتها لإصداره ‘’والهذره على ظهرها’’، تقول إنها أم لثلاثة أطفال أصغرهم عمره سنة ونصف وأكبرهم في الرابعة من عمره، وإنها لا تعمل، وزوجها بالمثل عاطل، ولا يملكان قوتهم فما بالكم بدفع فاتورة هاتف تقصم ظهرهم ‘’قصما’’.
الحل الذي تم التوصل إليه عبر المركز هو تقسيط المبلغ على دفعات، بمبلغ يصل إلى 10 دنانير كل شهر، قائل منا سيقول ‘’هينة’’ المبلغ زهيد، ولكنه ليس كذلك على هذه الأسرة المنكوبة، فلا دخل لها فكيف بها بتوفير مبلغ هو في الأساس مبلغ يسد رمق أطفالها ويوفر احتياجاتهم من حفاظات وحليب وخلافه ‘’ورغم أن زوجها استدان من هذا وذاك، ومن أهله وأهلها، إلا أن الديون بدأت تؤرقهم خصوصا أن بعضا من الديّانة بدأ يمل ويطالب بحقه، فتوقفا عن الدفع، فعادت الاحضاريات تتوالى من جديد، فقالت للقاضي، لك الحق في حبسي فأنا لا أملك ما أدفعه، وأفضل هذا الخيار لإسقاط الدين عن كاهلي، إلا أن القاضي رفض حبسها مراعاة لحالتها الصحية حيث كانت حاملاً حينها بطفلها الأخير.
المضحك في الأمر أنها دفعت مبالغ من الدين ولكنها لا تعرف كم بقي منه، وعندما طلبتُ منها الشكوى على من استخدم هويتها «زوجها توصل إليه وتبين أنه يربطها به صلة قرابة بعيدة» قالت ضاحكة وساخرة من وضعها، لا أملك 10 دنانير، فكيف سأوفر 50 دينارا لرفع الشكوى، وبعدها كيف سأسدد أتعاب المحامي، أدفع 10 دنانير أحسن.
الخوف يعتريها من أن يتم إصدار أمر بالقبض عليها، وهي أم وأطفالها صغار بحاجة إليها، كما أنها تخشى نظرة المجتمع إليها، خصوصا إذا ما تم القبض عليها من قبل الشرطة في المنزل، حيث ستكون عرضة للقيل والقال، فهل سيصدق بعض الناس أن سبب القبض عليها فاتورة متأخرة، أم ستلوك الألسن سمعتها؟
تقول إنها غلطة العمر بأنها لم تشتك على فقدانها للمحفظة، واكتفت بإخراج بدل فاقد لبطاقتها الشخصية ورخصة السواقة، وكل ما تطلبه اليوم هو الرأفة بحالها وإسقاط ‘’بتلكو’’ المتبقي من الدين من على كاهلها، لتستطيع النوم بعد أن فقدته، فهل ستسمع ‘’بتلكو’’ استغاثتها؟

أو كما يحلو للبعض أن يقول ‘’شر البلية ما يضحك’’ مواطنة تفاجأ بإحضارية من مركز الشرطة تطلب منها الحضور للمركز، وتصعق هناك...

إقرأ المزيد »

فضيحتنا «بجلاجل»

ياسمين خلف يبدو أن ما نعاني منه من مشكلات في البحرين لم تعد مخفية ولم تعد أسرار «بيوت» كما نقول عادة، لا يعرف عنها إلا أهلها، فالجيران بدأوا يسمعون صيحاتنا، بل عجنوا مشكلاتنا خصوصا من هم دائمو الزيارة والتواصل مع المملكة. قبل أسابيع وصلتني رسالة إلكترونية من قارئ إماراتي آثرت أن أنشرها كما هي بعفويتها وما تحمله من واقع لا ننكره بل تجعلنا جميعا نخفي وجوهنا خجلا ونقول أصبحت «فضيحتنا بجلاجل» كما يقول إخواننا المصريون، فغسيلنا منشور أمام جيراننا الخليجيين بل لنقل لكل من يزور المملكة كما يبدو، أترككم مع صلاح وكلماته التي ربما يسمعها من به صمم:
عزيزتي ياسمين خلف
تحية طيبة
أرجو أن تكوني بخير وتمنياتي لكم بالتوفيق ومازلت تبدعين فأنا اقرأ لك مقالاتك وتحقيقاتك عن طريق «النت»، وأحيانا تصلني الصحف من البحرين. وللعلم كنت في زيارة للبحرين الأسبوع الماضي، وترددت في الاتصال بكم فلا أعرف توقيتكم بالضبط ولا ارغب في إزعاجك. فلدي بعض الملاحظات أرجو أن تهتمي بها.
أولاً، لاحظنا في البحرين نحن كمستثمرين أو زوار وسياح، أنه إذا قمنا بالاتصال بأي بدالة حكومية كوزارة التجارة أو العمل مثلا أو التوثيقات لا احد يرد علينا، وإن تم الرد فعن طريق الجهاز «أنسر مشين» أتمنى أن تكتبي عن هذه الملاحظات حتى بتلكو لديكم يتأخرون بالرد كثيرا.
ثانياً، لأول مرة أرى في حياتي سيارات مكشوفة وصغيرة مخصصة لحمل الزبالة، وحتى العمال كل عامل بلباس مختلف عن الآخر ورأينا أن الزبالة تلقى بكل مكان، فأين البلدية وأين السيارات والناقلات المخصصة لحمل ونقل الزبالة؟
ثالثاً، من الصعب في البحرين الحصول على سيارة أجرة (تاكسي)، وإن حصلت فهو «يتفلسف» على السائح والزائر، وإذا كانت الرسوم 4 دنانير مثلا يحسبها ,6 وإذا أعطيته مبلغاً ولك متبق من المبلغ، فغالبا لا يرده. باختصار، لا يوجد نظام وقانون يحكم أجرة التاكسي لديكم.
رابعـاً، نحــن في الإمـارات وقبل سنـوات ـ خصوصـا في رمضــان ـ كـنا نشـاهــد قنــاة البحـــرين الرائعــة بمســلســلاتهـــا كـ «سعدون» و«فرجان لول»، و«نيران» و«الكلمة الطيبة».. كانت لديكم برامج ومسلسلات ممتازة جداً.. جداتنا وأمهاتنا وإخوتنا كنا جميعا نتابعها فأين ذهبت ولماذا اختفت؟ الآن لا نشاهد إلا قصص المخدرات والعربدة والكلام الفاضي، ويخرجون لنا وكأن الرجل أو المرأة في الخليج أناس تافهون لا يعرفون إلا الخمر والمخدرات، ليس بهذه الطريقة نحل مشكلاتنا وليس بهذه الطريقة يجب أن تعرض، فما هو رأيك؟
ختاماً، لولا حبنا للبحرين ما عرضنا هذه الملاحظات، فهم أهلنا وأحباؤنا، كما اننا سبقناكم في إخراج قانون يمنع حبس الصحافي. تحياتي لك وأرجو أن تبدي رأيك في هذه النقاط.
* صلاح – أبوظبي
وقال في مكالمة هاتفية إنه كمستثمر ينزعج كثيرا من عدم رد بدالات الوزارات على اتصالاته، مؤكدا أن ذلك سيجعله وغيره من المستثمرين يهربون من معاملاتهم مع المملكة. صلاح أحد الذين تكلموا، ونقل مشكلاتنا بعيون تراقب من الخارج وترى اللوحة كاملة. يا ترى كم من صلاح لم يتكلم لنا وهرب من المملكة ولم يعد ينصح أحد بزيارتها؟ العلم عند الله. ولكن، على من يعنيه الأمر الالتفات لتلك الملاحظات بدلا من أن نخفي رؤوسنا في الرمال.

يبدو أن ما نعاني منه من مشكلات في البحرين لم تعد مخفية ولم تعد أسرار «بيوت» كما نقول عادة، لا يعرف عنها إلا أهلها، فالجي...

إقرأ المزيد »

اعدموا الطالبة أحسن

ياسمين خلف ما حدث لطالبة العشرين ديناراً، والتي اتهمت دون أن تدري أي جرم ارتكبت مهزلة، لعبت فيها المعلمة أولا دور البطولة، عندما أرادت ‘’ربما’’ أن تجد وسيلة ..أي وسيلة للتقرب إلى الإدارة والظهور بأنها هي وحدها من يخاف على مصلحة البلد، وكأنها طفل أراد أن يحظى بجائزة إذا ما أخبر عن المتسبب في الفوضى في الفصل.
بعدها لعبت المديرة في المسرحية ‘’الهزلية البوليسية’’ دورا أخطر، فتوجهت إلى وزارة التربية والتعليم لتبلغ عن هذه الطالبة والتي تسعى من خلال أوراق شبيهة بالعملة المحلية من فئة العشرين دينارا إلى قلب نظام الحكم أو المساس بأمن الدولة ‘’يا الله وشكبرها من ألفاظ’’، كما قال بعض النواب في أبواقهم الإعلامية، لنجد وفي يومين فقط الدنيا تقوم ولا تقعد على هذه الطالبة التي لم تتجاوز التاسعة عشرة من عمرها بل لنقل لم تتجاوز سني المراهقة بعد.
وزارة التربية والتعليم غير معفية من اللوم، فهي الأخرى كان من الأجدى منها حل المشكلة وإن كانت كبيرة وبالحجم الذي لا يمكننا ‘’استيعابه’’ من خلال تطبيق قانون العقوبات المعتمد لديها عليها أو حتى فصلها لأيام من المدرسة، لتأخذ وزميلاتها درسا، لا أن نجدها هي الأخرى تركض لوزارة الداخلية التي حولتها إلى وحدة مكافحة الجرائم الاقتصادية، لتتحول الطالبة بقدرة قادر بين ليلة وضحاها من طالبة في مدرسة مع قريناتها إلى مجرمة في سجن مع مجرمات وأصحاب السوابق، والتي لو تركت للبعض لأجازوا إعدامها.
لو افترضنا أن الطالبة زورت العملة ‘’كما أطلقت عليها بعض الصحف المحلية بالطالبة المزورة’’ فهل ستوزع العملات هكذا على الطالبات، وتعايد بهن بعشرين دينارا لكل منهن، فالأحرى بها أن تستخدمها لاستعمالاتها الشخصية وتشتري كل ما تقع عليه عيناها من أغلى المحلات، وكيف ستستخدمها إن كانت العملة من النوع الذي لا ينطلي حتى على الأعمى بأنها غير حقيقية، فلا الحجم ولا نوعية الورق ولا حتى اللون كالعملة الأصلية، كما أن الرسومات التي تغطيها والعبارات ‘’الإسلامية’’ واضحة عليها ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تستخدم للتحايل على أي كان غير الأبله والسفيه.
الله يعين الطالبة على ما لاقته في يومين بالحجز، فتدهور نفسيتها وتأثير كل ذلك على مستواها الدراسي ‘’خصوصا أنها في السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية’’ يتحمل وزره كل من أشعل فتيل الفتنة، فـ ‘’الفتنة أشد من القتل’’ ‘’والفتة أكبر من القتل’’ كما جاءت في موضعين مختلفين في كتاب الله الكريم.
كلمة شكر نوجهها إلى النيابة العامة التي لم تعط الأمر حجما أكبر من حجمه ولم تطل فترة الحجز على الطالبة، والتي أعتقد أنها ومنذ تلك اللحظات ستكره، بل ستتعقد من فئة العشرين دينارا وإلى ‘’الأبد’’.

ما حدث لطالبة العشرين ديناراً، والتي اتهمت دون أن تدري أي جرم ارتكبت مهزلة، لعبت فيها المعلمة أولا دور البطولة، عندما أر...

إقرأ المزيد »

«ما ليهم حل»

ياسمين خلف يبدو أن القضايا الاجتماعية التي جعلت من البحرينيين أن يكونوا مطحونين في الحياة، باتت معالجتها أقرب إلى أن تكون مستحيلة في ظل تحليل المسببات والمتسببين فيها.
الفقر الذي تعاني منه شريحة واسعة ”أكبر” بكثير مما يمكن أن يتصورها أصحاب الفلل والسيارات الفارهة، وأقسى مما يصرح بها المسؤولون وإن تواروا خلف ستار، أن البحرين لا تعاني من الفقر ”المدقع” وكل ما في الأمر أن الفقر عندنا ”نسبي”! يا جماعة الخير بلد نفطي ومفتوح على التجارة العالمية ولا يتعدى عدد سكانه 750 ألف نسمة ما بين مواطن وآخر أجنبي، ويعاني الأمرين من الفقر أو إن لم يكن الفقر يعاني من صعوبة العيش بالصورة الكريمة، التي تحفظ له ماء الوجه وتكفيه شر القروض التي لا يعلم هل سيسددها هو أم أبناؤه بعد وفاته! كيف سيكون حالنا إذا ما تجاوز عدد السكان المليون؟ وإن غدا لناظره قريب، فالنمو السكاني بعد سنوات قليلة سيذكرنا بحال اليوم، والذي حتما سيكون أفضل من غيره، إذا ما بقي الحال على ما هو عليه.
كل ذلك توارد في ذهني وأنا أشاهد مسرحية ”ما ليهم حل” والتي للأسف أسدلت ستائرها أمس في مركز السنابس الرياضي والثقافي رغم ما شهدته من إقبال جماهيري كبير، منذ بدء عرضها في ثاني أيام العيد، حتى تجاوز عدد حضورها ألفي شخص، واضطر القائمون عليها إلى إقامة عرضين في اليوم بدلا من عرض واحد كما كان مقررا، ولدرجة أن الجمهور قبل أن يجلس على الأرض بعد أن نفدت التذاكر والكراسي في الصالة، كان الجمهور يضحك من قلبه على مأساته التي بدأوا يرونها كالمرض الخبيث الصعب استئصاله أو حتى علاجه، خصوصا إذا ما كان الطبيب يرفض تقديم العلاج وإن كان موجودا.
وبعيدا عن القضايا الاجتماعية المطروحة بحس فكاهي ”اتموت من الضحك”، وقريبا من العمل الفني، فإن المؤلف والمخرج جابر حسن قد أبدع حقا في العمل، وكذا كان طاقم العمل الذي لم يتجاوز عدده التسعة ممثلين من فرقة العروج المسرحية الشعبية، حيث أدوا عددا من الأدوار بصورة ملفتة وجميلة، ناهيك عن الرقصات التعبيرية الفكاهية، أعترف بأني ذهبت لمشاهدة المسرحية ولم أتوقع أبدا أن أخرج منها بهذا الانطباع، إمكاناتهم بسيطة جدا، ولكنهم تمكنوا من انتزاع الابتسامة انتزاعا من الحضور وجعلوهم يصفقون بين اللحظة والأخرى، فهناك من حضر عدة مرات، لأنه وجد أن في كل يوم يرى مشاهد إضافية بحوار تلقائي خارج عن النص، وهناك من نصح أحبائه لحضورها، فأتمنى من المخرجين والقائمين على المسرح البحريني أن يلتفتوا إلى مثل هذه المواهب الفنية ”المدفونة” والتي ستضيف إلى الفن البحريني لا أن تهدمه كما فعلت مسلسلاتنا الأخيرة.

* من أسرة تحرير ”الوقت”

يبدو أن القضايا الاجتماعية التي جعلت من البحرينيين أن يكونوا مطحونين في الحياة، باتت معالجتها أقرب إلى أن تكون مستحيلة ف...

إقرأ المزيد »

«فشـلـتـــــــــونــا»

ياسمين خلف استطاعت المسلسلات البحرينية في ثلاثين يوماً فقط أن تحرج البحرينيين، لا تأليف ولا حوار ولا سيناريو ولا حتى تمثيل مثل باقي الناس، استطاعوا وبجدارة أن يلصقوا بأهل البحرين خصوصاً والخليج عموماً سلوكيات وأخلاقيات بعيدة كل البعد عن الخليجيين ‘’الأصل’’ حتى بات بعض أخواننا العرب يسألون هل أنتم فعلا كذلك يا خليجيين، حياتكم خمر وعربدة ومخدرات وبناتكم في شقق الدعارة؟ كيف نرفع رأسنا إذ كان هذا إعلامنا، كيف نلجم الألسن وبناتنا ترقص وبالثوب ‘’الأحمر’’ أمام الشاشة، كيف نعترض إذا ما كان الحوار إيحائيا والسلوك فاضحا.
للأسف وكأننا في ساحة، الكل فيها يريد أن يكون هو في الصدارة في كم الفضائح التي يمكن أن يكشف الغطاء عنها، لا ننكر هناك ‘’بلاوي’’ في مجتمعنا، شأننا شأن باقي المجتمعات، ولكن أليس من الممكن أن نتناول هذه القضايا بشكل راقٍ لا يخدش الحياء ولا يجعل من يشاهدها أن يغمز للآخر امتعاضاً، أو أن يشيح وجهه خجلاً مما يعرض أو يقال أو أن يثور غضبا ويغلق جهاز التلفاز، أو يغير القناة كي لا يواصل الأطفال والمراهقون مشاهدتهم لهذه المسلسلات ‘’الهابطة’’؟
أقل ما يمكن أن نقوله إنكم ‘’فشلتونا’’ وهذه المسلسلات بعثت في أنفسنا التقزز، فتلك وكأنها ما صدقت وأخذت تلبس الملابس الأقرب إلى أن تكون ملابس سهرة بلا أكمام وفتحة الصدر الواسعة والقصير إلى حد ‘’فوق الركبة’’ وتلك يحملها الممثل في مشهد تعرضها للاغتصاب واضعا يده على أجزاء حساسة من جسمها، وتلك ترقص في شقة الدعارة مع شاب وتأكل من يده بطريقة مقززة ومنفرة، نريد أن نعرف ما الذي خرجنا منه في نهاية هذه المسلسلات، إذا كان هدفها معالجة بعض القضايا؟ ويا ليت كانت الحوادث أو القصص مقنعة، فالمبالغة أفسدت ما قد يمكن أن يكون مقبولا، وما يثير الاستغراب حقا أن عددا من الممثلين القديرين ‘’لوثوا’’ مسيرتهم الفنية بالمشاركة في هذه المسلسلات.
ومما زاد الطين بله أن نهاية إحدى تلك المسلسلات أقرت هكذا بأن الجميع يملك ‘’لحظة ضعف’’ وواقع في الرذيلة لا محالة وأن أدعى المثالية ، وكأنها تقول بأن جميع وقع في الخطيئة ولا تنكروا ذلك.
حان الوقت أكثر من أي وقت مضى لفرض رقابة على المسلسلات قبل بث سمومها على أبنائنا، وأن كانت الرقابة الذاتية هي ‘’الرادع’’ الأساسي الذي نأمل الوصول إليه، ولا أعتقد أن أحدا وحتى المؤلفين والممثلين أنفسهم يقبلون أن تعرض هذه ‘’……..’’ أمام أطفالهم وإن قبلوا، فعلى الدنيا السلام.

استطاعت المسلسلات البحرينية في ثلاثين يوماً فقط أن تحرج البحرينيين، لا تأليف ولا حوار ولا سيناريو ولا حتى تمثيل مثل باقي...

إقرأ المزيد »