التصنيفات:مقالاتي في صحيفة الوقت

باصات «دوارة»

ياسمين خلف

ياسمين خلف عاد مرتادو الباصات الجامعية إلى معاناتهم، مع أول أيام العام الجامعي الجديد الذي بدأ أمس، إذ إن هذه الباصات تبدأ رحلتها إلى الجامعة في السابعة صباحا، ولا تعود أدراجها إلا عند الخامسة مساء، ما يعني 10 ساعات كاملة في الحرم الجامعي، يظل خلالها الطالب مترقبا هذا الموعد المحدد للعودة.
ببساطة مرتادو الباصات هم في الأغلب من الطلبة محدودي الدخل،حيث إن أسرهم غير قادرة على توفير مواصلات خاصة لهم، إما لضيق الوقت أو لتعارضه مع مسؤولياتهم اليومية والوظيفية، وبغض النظر عن كون الطالب يقضي نصف هذه الساعات في المحاضرات والبحث بين أرفف المكتبة، إلا أن من بين هؤلاء من لا يقوى على الصمود 10 ساعات متواصلة يوميا حتى يعود إلى منزله.
فمن بين هؤلاء الطلبة من هو مريض بأمراض مزمنة كالقلب والسكلر والسكري والضغط وغيرها من الأمراض التي تجعله يتلوى أحيانا كثيرة، لكن ليس أمامه سوى الانتظار حتى 5 مساء موعد الفرج ووصول الباص، وفي أحيان كثيرة، وبعد أن يصل الطالب إلى الجامعة متكبدا عناء الطريق الطويل، يفاجأ أن المحاضرة الوحيدة التي جاء من أجلها قد ألغيت لسبب أو آخر، ومن ثم يصبح من المحتم عليه أن يقضي ساعات اليوم في (التسكع) بالجامعة.
لكن، هل هناك من حل لهذه المشكلة؟
قد تكون تجربة الكويت الشقيقة نموذجا للتخلص من هذه المشكلة، إذ وفرت جامعة الكويت باصات تقل الطلبة من كلية إلى أخرى ( لوجودهم في مناطق متعددة) كل نصف ساعة، وكل ساعة بين الكلية وسكن الطلبة، ويطلق عليها (الباصات الدوارة)،مما يتيح الفرصة للطالب في التنقل بسهولة ويسر بين الجامعة والأخرى وبين الكلية ومنزله.
صحيح أن الفكرة تتطلب ميزانية ضخمة، لكن يمكن تطبيقها على نطاق ضيق، كأن توفر باصات كل 3 ساعات أو وضع جدول محايد، يمكن أن ينصف أغلبية الطلبة وخصوصا أولئك الذين يعانون من أمراض أو ظروف خاصة، فضلا عن أن مثل هذا الأمر، سيفتح مجالا آخر للتوظيف لحل المشكلة الرئيسية في البحرين ( البطالة).
إحدى طالبات الجامعة، والتي تبدأ محاضراتها يوميا عند 2 بعد الظهر وتنتهي في 4 عصرا، بررت امتعاضها في ‘’أنها تقضي 5 ساعات متواصلة من دون محاضرات منذ أن تطأ الحرم الجامعي، ناهيك عن أنها تضطر على الأقل إلى الاستيقاظ من الساعة 6 صباحا للحاق بالباص الذي لا يتأخر دقيقة واحدة’’.

ياسمين خلف عاد مرتادو الباصات الجامعية إلى معاناتهم، مع أول أيام العام الجامعي الجديد الذي بدأ أمس، إذ إن هذه الباصات تب...

إقرأ المزيد »

عفوا أين (اليونيفورم)؟!

ياسمين خلف

ياسمين خلف
يبدأ اليوم العام الدراسي الجديد بعد إجازة صيفية حافلة بالحكايا والقصص والمتعة.
وجوه تضحك فرحة بلقاء الأصدقاء وأخرى تبكي خوفا من مقاعد لم تألفها وأناس لم يروها، مشهد يتكرر سنويا وبات لا يحمل من الجديد شيئا.
الجميل أن يتساوى الطلبة والطالبات في الزي المدرسي، لتعرف من النظرة الخاطفة لأي مرحلة ينتمي هذا الطالب وخصوصا هذه الأيام التي بات صعبا أن تفرق بين طالبة الإعدادي والثانوي بعد ان تناقصت أوتلاشت الفروق البريئة بينهن، للهاث الجميع وراء التزين المبالغ فيه والذي قضى على كل براءة لطالبات المدارس، وعلى رغم هذا وذاك فإن الأمر لا يزال تحت السيطرة بوجود (اليونيفورم) المدرسي.
ولكن ماذا عن طلبة المدارس الثانوية للبنين ألم يحن الوقت لتوحيد الزي المدرسي لهذه المرحلة الدراسية؟ فهذا الزي يحمل بين طياته عددا من الأمور أيسرها أنها تقضي على الفروقات الطبقية بين الطلبة، فلا تميز ذاك المقتدر عن ذاك الفقير، فالقماش ذاته واللون هو هو، ناهيك عن إحساس الطلبة بالالتزام وتدعيم روح الانتظام والنظام بين الطلبة، والأهم كما أعتقد أن الزي الموحد سيمنع الطلبة من التسرب المدرسي ،إذ سيضيق الزي المدرسي قدرتهم على الهرب من الدوام والاندساس بين عامة الأشخاص في الشارع.
فوجود مثلا طالبة بالزي الأزرق في الشارع الساعة العاشرة صباحا يعني أنها 90% أو أكثر هاربة من المدرسة أن لم نكن نظلمها! ويكون من السهل على شرطة الآداب القبض عليها مثلا أو حتى تتبع أمرها لمعرفة أسباب وجودها خارج أسوار المدرسة ،ولكن كيف يمكن للجهات الأمنية التأكد من أن الشاب الذي يقف أمام البرادة أو بالقرب من مدرسة بنات هو ايضا طالب ليس إلا…!
عملية توحيد الزي المدرسي لهذه المرحلة الدراسية ستقلل من العبء المادي على الأهالي وستريح أعصابهم، بحسب إحدى الأمهات التي شكت من تضخم الميزانية المحددة لملابس إبنيها المندرجين ضمن المرحلة الثانوية، فتكرار الملابس ذاتها لم يعد امرا مألوفا حتى مع الأولاد، والظهور بمنظر لائق و(على الموضة) مطلب أساسي، وتوحيد الزي المدرسي سيكون حد السيف الذي سيقطع به تلك الاهتمامات. التفاته صغيرة من وزارة التربية والتعليم يمكن أن تحل المشكل بإصدار قرار بتوحيد الزي المدرسي لطلبة المرحلة الثانوية للبنين، وبقي أن نقول كل عام وأنتم بألف خير يا طلبة وطالبات وهيئة تدريسية بالعام الدراسي الجديد.

ياسمين خلف يبدأ اليوم العام الدراسي الجديد بعد إجازة صيفية حافلة بالحكايا والقصص والمتعة. وجوه تضحك فرحة بلقاء الأصدقاء...

إقرأ المزيد »

طائفية الصناديق «الخيرية»

ياسمين خلف

ياسمين خلف من المؤسف حقا أن تصل الطائفية البغيضة الى فعل الخير والمساعدة ،أن تمد يدك لانتشال إنسان من مصيبة أو ضائقة يعني أنك تسمو على كل ما يجرح فعلك، وتضع نصب عينيك أجرا من الله ليس إلا !
ومن المحزن أن ترى جهارا بأن البعض يقدم مساعدته لأشخاص من دون آخرين لا لأكثرهم عوزا بل لأنهم ينتمون لطائفته الدينية ذاتها، شعارات رنانة هنا وهناك في مملكتنا بأن لا طائفية ولا فرق بين شيعي وسني، وكلها تنسى وتطرح عند أبواب الصناديق الخيرية(كافة) والتي تمتنع عن تقديم المساعدة لمن يخالفهم في المذهب. الحديث يأخذ أبعادا واقعية عندما نجد إن امرأة في التاسعة والعشرين من عمرها تعاني من مجموعة من الأمراض منها السكري والضغط والفشل الكلوي وهشاشة العظام ونزيف في الإثني عشر وتيبس في العضلات ،ومطلقة ولها من الأطفال اثنان لا يتعدى الكبير منهم الثامنة من عمره، ولا تعمل بطبيعة الحال لما تعانيه من مشاكل صحية، ولأنها في منطقة سكنية معروفة بطائفة معينة وهي من طائفة أخرى..تم رفض كل طلبات المساعدة التي تقدمت بها، آخرها حاجتها لإجراء عملية جراحية لا تقوى على تكاليفها، وهي حتى اللحظة لا تقوى على الحركة والصندوق (الخيري) عند موقفه ‘’اذهبي لصناديق طائفتك’’.
نموذج آخر تعدى الطائفية المذهبية الى الطائفية العرقية والجنسية،وهي لطفلة في العاشرة من عمرها، لأم بحرينية، تعاني من مشاكل في الحوض والورك أثر تعذيب والدها السادي لها وهي رضيعة، ولأن والدها طليق أمها يحمل الجنسية الخليجية، ولأنها بطبيعة الحال تتبع جنسية والدها ترفض الصناديق الخيرية مساعدتها والرد البارد كان ‘’اذهبي الى تلك الدولة الخليجية واحصلي على المساعدات منها ‘’والدتها في دوامة منذ سنوات حتى الآن لا تعرف إلي أين تلجأ والى من تذهب. لجأت الى صندوق خيري في مسقط رأسها، ورفض طلبها واقترح عليها الذهاب إلى الصندوق الخيري في المنطقة التي تسكنها، والذي هو الآخر رفض طلبها ونصحها بالبحث عن فاعلي خير، غير الصناديق ‘’الخيرية’’. أيصل بنا الحال في البحرين والتي هي دولة عرفت بسماحة أهلها مع الأديان السماوية كافة أن يعادي بعضنا الآخر بسبب المذهب، ويحجم أهلها عن فعل الخير لاختلاف مذاهبهم؟
فهل من متعض، وهل من سيحرك ساكناً؟.

ياسمين خلف من المؤسف حقا أن تصل الطائفية البغيضة الى فعل الخير والمساعدة ،أن تمد يدك لانتشال إنسان من مصيبة أو ضائقة يعن...

إقرأ المزيد »

ارحمي هؤلاء يا إسكان

لن نفتح الباب لمناقشة أوضاع الكثير من شقق الإسكان من حيث ضيقها من جهة، أو سوء تخطيطها من جهة أخرى ولا من حيث رداءة البعض الآخر منها والتي وان بالغنا قليلا سنقول إنها آيلة للسقوط.
ولكن الأمر لن يشعر به إلا من يعاني فعلا منه، فالنار لا تحرق إلا من يطأها، أو كما يقول آباؤنا (ما تحرق النار إلا رجل واطيها)، فالشقق الإسكانية وخصوصاً تلك التي في الطابقين الثالث والرابع، يعاني قاطنوها الأمرين حتى يصلوا لشققهم.
ٍّوفي حالات كثيرة، قد تكون غائبة عن بال المسئولين في وزارة الأشغال والإسكان، يعاني كبار السن والأطفال والمرضى والنساء الحوامل والذين بالكاد يصلون الى شققهم، من الحر والرطوبة التي تلعب بهم (لعب) خصوصا في هذا الشهر الذي يحرق المسمار في الباب كما يقولون …..
فلو تخيلنا حال تلك المرأة وهي في شهرها التاسع حاملة ما لا يقل عن 15 كيلواً أو أكثر في أحشائها، وكم كيلو أغراض في يدها واليد الأخرى ماسكة طفلها، وهي تصعد الدرج لتصل الى شقتها في الدور الرابع.. فكيف سيكون حالها؟ إن كنا لم نسمع عن امرأة فاجأها المخاض على السلم، فقريبا سيأتينا الخبر. وما حال ذلك الشيخ الكبير الذي يضطر الى صعود السلم إن أراد (التنفيه) عن خاطره ورؤية أصدقائه أو جيرانه في الفريج، من سيحمله لإرجاعه الى شقته مرة أخرى آخر الوقت؟
رجال الإسعاف أنفسهم ذاقوا الأمرين وبحاجة الى جلسات مساج بعد كل بلاغ لإحدى هذه الشقق، فنقل المرضى على الحمالة التي هي أصلا غير مهيأة للانحناء على السلالم، أمر في غاية المشقة بشهادتهم، من منا لم يسمع عن تلك المريضة التي فاق وزنها المئة والعشرين كيلواً وكابد رجال الإسعاف المشقة الكبيرة لإنزالها من شقتها الى سيارة الإسعاف، حتى أنها شكرتهم عبر الصحافة وقالت ‘’أشفقت عليهم فعلا.. كم تكبدوا عناء حملي من الطابق الرابع’’.
شخصيا تألمت كثيرا بعد زيارتي لطفل في الخامسة عشرة من عمره يعاني من ضيق في التنفس، كيف لا وهو الذي يعيش بنصف رئة ويسكن الطابق الرابع! بصوته الطفولي وأسلوبه الذي فاق عمره بكثير قال لا أطلب غير التفاتة من المسؤولين لنقلنا من هذه الشقة الى أخرى في الطابق الأرضي، فأنا لا أقوى على الصعود والنزول!
الحل الوحيد يا ‘’إسكان’’ أن تضيفي مصاعد كهربائية عندما ينخرط مهندسوك في تخطيط الشقق. قد يشكل ذلك إضافات على موازنة الوزارة، لكنه أمر ضروري من اجل الرأفة بالمرضى وكبار السن يا إسكان.

لن نفتح الباب لمناقشة أوضاع الكثير من شقق الإسكان من حيث ضيقها من جهة، أو سوء تخطيطها من جهة أخرى ولا من حيث رداءة البعض...

إقرأ المزيد »

جامعة البحرين والعاطلين..

ياسمين خلف ها قد أقترب العام الدراسي الجديد، وما يقارب الــ 1000 طالب وطالبة ضموا لأعداد العاطلين عن العمل، بعد أن فصلتهم جامعة البحرين، ليزداد الطين بله، وكأن طوابير العاطلين من غير حملة الشهادات الجامعية لا تكفي ليضاف لها المئات من المفصولين.!
لا ننكر أن بعضاً من هؤلاء المفصولين يستحقون الفصل (وكسر أعناقهم على إهمالهم)، ولكن أيعقل أنهم جميعا متخاذلون و(كسالى)، وأن كان ،ألا يقدم ذلك مؤشرا خطرا بأن هناك فجوة ما، لابد من التنبه إليها، وسدها بأسرع وقت ممكن وقبل أن يقع الفأس بالرأس ولا يفيد الندم على اللبن المسكوب ،كأن يكون هناك قصور ما في سياسة الجامعة ذاتها، أو في أسلوب هيئة التدريس، أو حتى في الخطط الدراسية والمناهج. كثير من طلبة الجامعة وإن لم يكن أغلبهم يتذمرون من سياسة الجامعة ويتفقون على أنها تطفيشية بالدرجة الأولى، وكثير منهم يستلم شهادة التخرج كأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة، مرددا <>ما بغينه أنخلص>> وكأن الدراسة أصبحت عبئا لا طريقا للارتقاء ليس الوظيفي فحسب وانما الشخصي كذلك.
نظرة على أحوال هؤلاء المفصولين والذين باتوا اليوم أرقاما في قائمة وزارة العمل ضمن العاطلين، سنجد من بينهم الأكثر حظا بطبيعة الحال وهم من الميسورين، والذين لن يؤثر قرار الفصل إلا على نفسيتهم فقط، إذ أن الانضمام لجامعة خاصة خيارا مطروحا وما أيسره لمن مثلهم. أما المتعسرة ظروفهم (الله يعينهم)، فأما أن يتجهوا الى سوق العمل بالشهادة الثانوية ويقبلوا بالراتب الهزيل، الذي لا أمل في أن (يسمن) وأما أن يكلفوا أهاليهم فوق طاقتهم للانضمام الى تلك الجامعات التي لن ترحم جيوبهم، والخيار الأخير لن يتم إلا مع شبح القروض الذي لا يقل بشاعة عن البطالة ذاتها، وإلا فالأمراض النفسية حتما ستحاصر أولئك المفصولين..
سمعنا عن حالات بعد قرار الفصل أحدها لطالبة من قرية النويدرات في سترة، حيث أصيبت بصدمة أثر علمها بالقرار الصعب، وأصيبت بحالة هستيرية نقلت على أثرها الى قسم الحوادث والطوارئ في مجمع السلمانية الطبي، فلم تتحمل (المسكينة) خبر الفصل خصوصا أنها في السنة الثالثة ولم يتبق لها من الزمن الدراسي غير عام واحد، ومن يضمن أنها تستطيع حتى تحمل كلف الجامعة الخاصة..
تعاون الجهات كافة، الخاصة منها والحكومية، هو أمر مطلوب للقضاء على مشكلة البطالة التي هي أساس معظم مشاكل المجتمع، وجامعة البحرين دورها أساس في تأهيل الطلبة لإثراء سوق العمل بمخرجات قادرة على تيسير دفة العمل لا تعطيله وعرقلته. المشكلة حقا كبيرة، فإذا تم فصل ذات العدد كل عام ولعشر سنوات فان ذلك يعني 10 آلاف شخص من غير حملة الشهادات الجامعية سيضمهم مجتمعنا، ولربما 10 ألاف عاطل من يدري..!

ها قد أقترب العام الدراسي الجديد، وما يقارب الــ 1000 طالب وطالبة ضموا لأعداد العاطلين عن العمل، بعد أن فصلتهم جامعة الب...

إقرأ المزيد »

أمي ما هي أم…!

ياسمين خلف لم أكن لأتخيل يوما أن يكون عمودي الأول في جريدة ‘’الوقت ‘’ ان يكون في رثاء والدتي رحمها الله، وبالتحديد في أربعينيتها، أراها الآن وأنا اخط حروف المقال ويداي لا تسعفاني حتى على أن أتنقل بين أزرار الكمبيوتر وهي تنظر إلي بعينيها الواسعتين اللتين تسع طيبة وجمال الكون فيهما وهي تهز إلي رأسها إعجابا وأنا أقول إليها أبيات الشاعر السعودي خالد المريخي، أمي ما هي أم.. أمي كنز حنيه.. حنان الكون كله منوخذ منها..
أتذكر وليت الأيام تعود، المرة الأولى التي قلت لها تلك الأبيات، وكيف أنها للوهلة الأولى زعلت، حيث قلت البيت الأول وبنبرة تمتزج فيها الحسرة والألم وتوقفت، وكأني أقول لها كما فهمت وأردت أن أفهمها بأن أمي ليست كأمهات الغير، وأنا محقه فمن هو في طيبتها !، وكيف انشرحت أساريرها عندما أكملت البيت الأول (أمي كنز حنيه)، حتى باتت تضحك علي وأنا أردد هذه الأبيات حتى أيام وفاتها الأخيرة. حسرة ومرارة تركتها والدتي وألم لن تمحيه أيام عمري المتبقية، من يقول أن الزمان كفيل بنسيانها؟ من يقول أن هناك بعدها من يحمل لي الحب الصادق؟ ألم يرد الى معلوماتك أن يوم وفاة الأم يصرخ ملك في السماء ليقول ‘’ يا عبد مات أول وآخر من أحبك بصدق’’ خمسون دقيقة فقط فصلت رؤيتي إليها وهي تشاركنا مشاهدة التلفاز وبين إعلان وفاتها، ذبلت وهي مازالت نضرة، غسلت وكفنت ودفنت وبقيت خالدة في أعماقنا نحن أبناؤها. لم تشأ أن تتركنا. أنا أعلم ذلك علم اليقين ولكنه قضاء الله، لم تكن حتى تستطيع أن ترانا نبكي أو نحزن فكيف بها سترضى أن يطعننا خنجر فراقها للأبد ليستوطننا الحزن في البقية المتبقية من أعمارنا؟ زارتني في منامي أكثر من خمس مرات وكذلك فعلت لأخواتي، وأقسمت بأنها لن تتركنا وحدنا وأنها معنا (ويقولون أنها ماتت؟) حتى اللحظة أنسى أنها في عداد الأموات وأدعي لها في كل صلاة بأن يطيل الله في عمرها ويغدق عليها الصحة والعافية، ويقولون أنها ماتت ؟… أعود للذكرى لأجدها وهي تقول دائما بأنها تريد أن تموت وهي في صحة وعافية حتى لا ترى يوما تجد فيه نفسها وهي عاجزة عن قضاء احتياجاتها، وكأن الله استجاب إلى دعائها وأماتها وهي كذلك، في الثانية والخمسين من عمرها، رددت إحدى صديقاتها في المقبرة وقت دفنها أنها من الأموات السعيدين، عاشت غنية وماتت قويه بحسب تعبيرها، ماتت بهدوء لم تشأ أن تكلف أحدأً عناء الاهتمام بها.
قبل ستة أشهر بالضبط من وفاتها وبالتحديد في الحادي والعشرين من شهر ديسمبر/ كانون الثاني توفي ابن خالي وزوجته العروسان في حادث سيارة مروع، حزنت عليه حزنا أدمانا نحن أبناءها، بكت عليه حتى جفت عينيها من الدموع لتلحق به في ذات اليوم (الثلثاء) وفي ذات التاريخ، ولم تكتف بذلك لتدفن جنبا الى جنب منه وكأنها أبت أن تعيش في عالم خالى منه.
هو ذاته الباب يطرق علي للمرة الثانية ليشيع إلي خبر وفاة أعز خلق الله علي، والدي ووالدتي رحمهما الله، كرهت الباب وكرهت الغرفة برمتها، دمعتي على والدي لم تجف بعد، صورته لا تجرأ عيناي حتى اللحظة على رؤيتها، وكيف بي وأنا اليوم أضم صورة من حملتني تسعا وأغدقتني حنانا تغبطنني عليه كل صديقاتي إليه؟ قاسية هي الدنيا.. ولكن وكما يقول الشاعر جزى الله المصائب كل خير ولو كانت تشرّقني بريقي فما شوقي لهافا ولكن، تعرفني عدوي من صديقي.
فكم اكتشفت أقنعة لبسها الكثيرون قبل وفاة والدتي وأزالوها أو أزالتها المصيبة لا أدري بالضبط، لأعرف أنهم ليسوا سوى منافقين لم يعد لهم بين قلبي ولا عقلي أي مكان يذكر، وعلى النقيض اكتشفت مدى إخلاص الكثيرين وحبهم من هذه الفاجعة التي ألمت بي.
لا أحزنكم الله في عزيز ولا فرق الله شملكم ولا أراكم مكروها، وشكرا لكل من قدم لنا التعازي في والدتنا، شخصيا أو عبر الهاتف أو من خلال البرقيات.

لم أكن لأتخيل يوما أن يكون عمودي الأول في جريدة ‘’الوقت ‘’ ان يكون في رثاء والدتي رحمها الله، وبالتحديد في أربعينيتها، أ...

إقرأ المزيد »

وما أدراك ما “كورونا”

١٧ مارس ٢٠٢٠م

ربما فات أوان ذلك، ولكن ولكي لا تتكرر الحادثة، علينا أن نقول أن من الخطأ الأكبر أن يتم السماح للمسافرين القادمين من الدول الموبؤة دخول المملكة قبل انقضاء فترة حضانة أي مرض معدي دون البقاء في الحجر الصحي، فما حدث بالنسبة للطلبة القادمين من الصين كان اشبه بالقنبلة الموقوتة التي حفظ الله أهاليهم قبل غيرهم من الإصابة بالمرض. إذ كان من الأحوط استقبالهم من باب الطائرة، ونقلهم مباشرة إلى العزل الصحي وخضوعهم للفحوصات اللازمة وبقائهم في الحجر حتى انتهاء فترة نشاط الفيروس بدلاً من توجههم لمنازلهم. نتفهم قسماً شوقهم لأهاليهم، ولكن الأهم من ذلك سلامتهم وحياتهم.


استعداد وزارة الصحة للتعامل مع الحالات ومواجهة هذا الوباء العالمي جميل، ولكن الأجمل لو فكرنا بالمستقبل، فبدلاً من أن يكون الحجر الصحي في العاصمة كمنطقة مأهولة بالسكان، لما لا يتم تجهيز مستشفى بعيد عن الناس، كاختيار جزيرة صغيرة من جزر المملكة البعيدة نسبياً، حيث تتوافر فيها الشمس التي يحتاجها المرضى، وتحيطهم المياه التي وبلاشك سترفع من معنوياتهم وتساهم في علاجهم. وتجهيز المستشفى بشكل لا يدفع الناس إلى الخوف من العزل والإحساس بالنبوذ، واعتبرها رحلة استجمام علاجية. ويمكن تفعيل خطة الوزارة في استخدام الهيلوكوبتر في نقل المصابين أو الطاقم الطبي والصحي منها وإليها. قد يكون اقتراحاً يجده البعض من الأمنيات التي ترتقي للأحلام بعيدة المنال، ولكنها ليست كذلك إن عزمت الوزارة في إحداث نقلة نوعية في خدماتها وتعاملها مع المرضى، خصوصاً أن الوزارة صرحت مؤخراً بوضع قائمة من 105 أمراض سارية، منها 7 أمراض تستوجب التعامل معها بشكل طارئ، بل وصارم لعزل المرضى، مع تحديد أماكن عزل خارج المستشفيات لخطورتها.


لا نقلل من خطورة المرض، ولكن حجم الرعب الذي دب في الناس قد يكون مبالغ فيه، خصوصاً إن التزم الناس بالاحتياطات الوقائية من المرض، كالابتعاد عن المصافحة، والأحضان والقبل التي هي وسيلة شعبية في الترحيب، وتكرار غسل اليدين بالطريقة الصحيحة، والتقليل من ارتياد المناطق المزدحمة وتغطية الفم والأنف عند العطاس أو السعال وتجنب لمس الوجه.


ياسمينة: حفظكم الله من كل مكروه.

١٧ مارس ٢٠٢٠م ربما فات أوان ذلك، ولكن ولكي لا تتكرر الحادثة، علينا أن نقول أن من الخطأ الأكبر أن يتم السماح للمسافرين ال...

إقرأ المزيد »